وفي غيرها إذا " قال " لزوجته " أنت طالق وأشار بأصبعين أو بثلاث " ولم يقل هكذا " لم يقع عدد إلا بنية " له عند قوله طالق لأن الطلاق لا يتعدد إلا بلفظ أو نية ولم يوجد واحد منهما ولا اعتبار بالإشارة هنا ( 3 / 327 ) .
تنبيه : .
أفهم قوله لم يقع عدد وقوع واحدة وهو كذلك لأن الواحد ليس بعدد .
فإن قال مع ذلك .
القول أو الإشارة " هكذا طلقت في " إشارة أصبع طلقة وفي إشارة " أصبعين طلقتين وفي " إشارة " ثلاث " من الأصابع " ثلاثا " وإن لم ينو لأن الإشارة بالأصابع في العدد بمنزلة النية وفي الحديث الشهر هكذا وهكذا وأشار بأصابعه الكريمة وخنس إبهامه في الثالثة وأراد تسعة وعشرين .
فدل على أن اللفظ مع الإشارة يقوم مقام اللفظ بالعدد .
تنبيه : .
لا بد أن تكون الإشارة مفهمة للطلقتين أو الثلاث كالنظر للأصابع أو تحريكها أو ترديدها وإلا فقد يعتاد الإنسان الإشارة بأصابعه الثلاث في الكلام فلا يظهر الحكم بوقوع العدد إلا بقرينة قاله الإمام وأقراه .
ولو قال بعد ذلك أردت واحدة لم يقبل .
وخرج بقوله مع ذلك ما لو قال أنت هكذا وأشار بأصابعه الثلاث ولم يقل طالق فإنها لا تطلق وإن نوى الطلاق كما في زيادة الروضة لأن اللفظ لا يشعر بطلاق .
فإن قال أردت بالإشارة .
بالثلاث الأصبعين " المقبوضتين صدق بيمينه " ولم يقع أكثر من طلقتين لاحتمال الإشارة بهما فإن قال أردت إحداهما لم يصدق لأن الإشارة صريحة في العدد كما مر فلا يقبل خلافها .
ولو عكس فأشار بأصبعين وقال أردت بالإشارة الثلاث المقبوضة صدق بطريق الأولى لأنه غلظ على نفسه .
ولو كانت الإشارة بيد مجموعة ولم ينو عددا وقع واحدة كما بحثه الزركشي .
ولو قال أنت الثلاث ونوى الطلاق لم يكن شيئا ذكره الماوردي وغيره .
ولو قال أنت طالق أشار بأصبعه ثم قال أردت بها الأصبع دون الزوجة لم يقبل ظاهرا قطعا ولم يدين على الأصح .
ثم أشار بفروع من فروع ابن الحداد " و " هو ما " لو قال عبد " لزوجته " إذا مات سيدي فأنت طالق طلقتين وقال " له " سيده إذا مت " أنا " فأنت حر فعتق " كله " به " أي بموت سيده " فالأصح أنها لا تحرم " عليه الحرمة الكبرى " بل له الرجعة " في عدتها " وتجديد " النكاح بعد انقضائها " قبل زوج " آخر لأن وقوع الطلقتين وعتق العبد معلقان معا بالموت فوقعا معا والعتق كما لا يتقدم الطلاق لم يتأخر .
فإذا وقعا معا غلب جانب الحرية لتشوف الشارح إليها فكان العتق مقدما .
والثاني تحرم فلا تحل له إلا بمحلل لأن العتق لم يتقدم وقوع الطلاق .
وخرج ب عتق جميعه ما لو عتق بعضه بأن لم يخرج من الثلث ولم يجز الوارث فإنها تبين بالطلقتين لأن المبعض كالقن في عدد الطلقات .
تنبيه : .
لا تختص المسألة بموت السيد بل يجري الخلاف في كل صورة تعلق عتق العبد به .
ووقوع طلقتين على زوجته بصفة واحدة كما لو قال العبد إذا جاء الغد فأنت طالق طلقتين وقال السيد إذا جاء الغد فأنت حر فإذا جاء الغد عتق وطلقت طلقتين ولا تحرم عليه قطعا لأن العتق سبق وقوع الطلاق .
ولو علق السيد عتقه بموته وعلق العبد الطلقتين بآخر جزء من حياة سيده ثم مات سيده انقطعت الرجعة واشترط المحلل قطعا لتقدم الطلاق على العتق .
ولو علق زوج الأمة طلاقها وهي غير مدبرة بموت سيدها وهو وارثه فمات السيد انفسخ النكاح ولم تطلق وإن كانت مكاتبة أو كان على السيد دين لأنها بموته تنتقل إليه كلها أو بعضها فينفسخ النكاح فلا يصادف الطلاق محلا أما المدبرة فتطلق إن عتقت بموت سيدها ولو بإجارة الوارث العتق .
ولو نادى إحدى زوجتيه .
مثلا كحفصة " فأجابته الأخرى " كعمرة " فقال " لها " أنت طالق وهو يظنها المناداة لم تطلق المناداة " جزما لأنها لم تخاطب بالطلاق وظن خطابها به لا يقتضي وقوعه عليها .
وتطلق المجيبة في الأصح .
لخطابها بالطلاق .
والثاني لا لانتفاء قصدها وخرج ب يظنها ما لو علم أن المجيبة غير المناداة فإن قصد طلاقها طلقت فقط أو المناداة وحدها حكم بطلاقها أما المناداة فظاهرا وباطنا وأما المخاطبة فظاهرا ويدين .
ولو علق .
طلاقها بغير كلما " بأكل رمانة " ك إن أكلت رمانة فأنت طالق " وعلق ( 3 / 328 ) ثانيا " بنصف " من رمانة كأن أكلت نصفها فأنت طالق " فأكلت رمانة فطلقتان " لوجود الصفتين لأنه يصدق أنها أكلت نصف رمانة وأكلت رمانة لكنه يشكل على قاعدة أن النكرة المعادة غير الأولى فإن كان التعليق ب كلما طلقت ثلاثا لأنها أكلت رمانة مرة ونصف رمانة مرتين ولو علق بأكل رمانة فأكلت نصفي رمانتين لم يحنث وكذا لو أكلت ألف حبة مثلا من ألف رمانة وإن زاد ذلك على عدد رمانة لأن ما ذكر ليس رمانة .
فروع لو قال أنت طالق إن أكلت هذا الرغيف وأنت طالق إن أكلت نصفه وأنت طالق إن أكلت ربعه فأكلت الرغيف طلقت ثلاثا .
ولو قال إن كلمت رجلا فأنت طالق وإن كلمت زيدا فأنت طالق وإن كلمت فقيها فأنت طالق فكلمت زيدا وكان فقيها طلقت ثلاثا .
ولو قال إن لم أصل ركعتين قبل زوال شمس اليوم فأنت طالق فصلاهما قبل الزوال وقبل أن يتشهد زالت الشمس وقع الطلاق .
والحلف .
بفتح المهملة وكسر اللام بخطه ويجوز سكونها لغة القسم وهو " بالطلاق " أو غيره " ما تعلق به حث " على فعل " أو منع " منه لنفسه أو غيره " أو تحقيق خبر " ذكره الحالف أو غيره ليصدق الحالف فيه .
فإذا قال .
لزوجته " إن " أو إذا " حلفت بطلاق " منك " فأنت طالق " هذا مثال للتعليق على الحلف " ثم قال " بعد هذا " إن لم تخرجي " فأنت طالق وهذا مثال لحثها على الفعل وهو مزيد على المحرر " أو إن خرجت " فأنت طالق وهذا مثال لمنعها من الفعل " أو إن لم يكن الأمر كما قلت فأنت طالق " وهذا مثال لتحقيق الخبر " وقع " الطلاق " المعلق بالحلف " في هذه الأمثلة حالا لأن ما قاله حلف بأقسامه السابقة كما تقرر .
ويقع الآخر .
مآلا " إن وجدت صفته " وبقيتكم العدة كما قاله في المحرر .
ولا يخفى أن ذلك في المدخول بها فإن غير المدخول بها تبين بوقوع المعلق بالحلف .
ولو قال .
بعد التعليق بالحلف " إذا طلعت الشمس أو جاء الحجاج " أو نحوه كإن جاء رأس الشهر " فأنت طالق لم يقع المعلق بالحلف " إذ لا حث فيه ولا منع ولا تحقيق خبر بل هو محض تعليق على صفة فإذا وجدت وقع الطلاق المعلق عليها .
تنبيه : .
تعبيره بالحجاج مشعر بأنه لو مات واحد منهم أو انقطع لعذر لم يوجد المعلق عليه واستبعده بعضهم وقال الظاهر أن المراد الجنس وهل ينظر في ذلك للأكثر أو لما يطلق عليه اسم الجمع أو إلى جميع من بقي منهم ممن يريد الرجوع احتمالان اه " .
وأظهرهما الثاني .
فروع لو قال إن أو إذا قدم زيد فأنت طالق وقصد منعه وهو ممن يبالي بحلفه فحلف وإن قصد التعليق أو أطلق أو كان التعليق بفعل من لا يبالي بحلفه كالسلطان فتعليق .
ولو تنازعا في طلوع الشمس فأنكره وادعته فقال إن طلعت فأنت طالق فحلف ولو قال الزوج طلعت الشمس فقالت لم تطلع فقال إن لم تطلع فأنت طالق طلقت في الحال لأن غرضه التحقيق فهو حلف .
ولو قال للمدخول بها إن حلفت بطلاقك فأنت طالق ثم أعاده أربعا وقع بالثانية طلقة لأنه قد حلف وتنحل اليمين الأولى وبالثانية طلقة بحكم اليمين الثانية وتنحل اليمين الثانية وبالرابعة طلقة بحكم الثالث وتنحل الثانية .
ولو قيل له استخبارا أطلقتها .
أي زوجتك " فقال نعم " أو نحوها مما يرادفها كأجل وجير " فإقرار " صريح " به " أي الطلاق لأن التقدير نعم طلقتها فإن كان كاذبا فهي زوجته باطنا .
فإن قال أردت .
طلاقا " ماضيا وراجعت " بعده " صدق بيمينه " في ذلك لاحتماله .
واحترز بقوله وراجعت عما إذا قال أبنتها وجددت النكاح فإن حكمه كما مر فيما لو قال أنت طالق أمس وفسر بذلك " وإن قيل " له " ذلك ( 3 / 329 ) القول المتقدم وهو أطلقت زوجتك " التماسا لإنشاء فقال نعم " أو نحوها مما يرادفها " فصريح " في الإيقاع حالا لأن نعم ونحوه قائم مقام طلقتها المراد لذكره في السؤال " وقيل " هو " كناية " يحتاج لنية لأن نعم ليست معدودة من صرائح الطلاق .
فإن قيل الأول مشكل لحصرهم صرائح الطلاق في ثلاثة وبقولهم إن الكناية لا تصير صريحا بالتماس طلاق .
أجيب بأن السؤال معاد في الجواب فكأنه قال نعم طلقتها ولهذا كان صريحا في الإقرار .
هذا إذا اقتصر على نعم فإن قال نعم طلقت فهو صريح قطعا وإن اقتصر على طلقت فقيل هو كناية لأن نعم تتعين للجواب وقوله طلقت مستقل بنفسه فكأنه قال ابتداء طلقت واقتصر عليه وهو لو قال ذلك ابتداء لم يقع عليه شيء وقيل كنعم والأول أوجه كما قاله شيخنا .
تنبيه : .
لو جهل حال السؤال فالظاهر أنه استخبار كما قاله الزركشي .
فروع لو قال شخص لآخر فعلت كذا فأنكر فقال إن كنت فعلت كذا فامرأتك طالق فقال نعم وكان قد فعله لم يقع الطلاق كما في فتاوى القاضي وجعله البغوي استدعاء طلاق فيكون كما لو قيل له طلقت امرأتك مستدعيا منه طلاقها فقال نعم والأول أوجه .
ولو قيل له إن جاء زيد فامرأتك طالق فقال نعم لم يكن تعليقا .
ولو قيل له ألك زوجة فقال لا لم تطلق وإن نوى لأنه كذب محض وهذا ما نقله في أصل الروضة عن نص الإملاء وقطع به كثير من الأصحاب .
ثم ذكر تفقها ما حاصله أنه كناية على الأصح وبه صرح المصنف في تصحيحه وأن لها تحليفه أنه لم يرد طلاقها وعليه جرى الأصفوني والحجازي في اختصارهما كلام الروضة والأول أوجه كما جرى عليه ابن المقري في روضه .
ولو قيل له أطلقت ثلاثا فقال قد كان بعض ذلك فليس إقرارا بالطلاق لاحتمال جريان تعليق أو وعد أو مخاصمة تؤول إليه فلو فسر بشيء من ذلك قبل .
ولو قال لزوجته ما أنت لي بشيء كان لغوا لا يقع به طلاق وإن نوى .
ولو قال امرأتي طلقها زوجها ولم تتزوج غيره طلقت