وغيره وفيه اصطلاحان أحدهما وهو أضبط ينقسم إلى سني وبدعي وجرى عليه المصنف حيث قال " الطلاق سني وبدعي " وثانيهما وهو أشهر ينقسم إلى سني وبدعي ولا ولا فإن طلاق الصغيرة والآيسة والمختلعة والتي استبان حملها منه وغير المدخول بها لا سنة فيه ولا بدعة .
تنبيه : .
قسم جمع الطلاق إلى واجب كطلاق المولي وطلاق الحكمين في الشقاق إذا رأياه ومندوب كطلاق زوجة حالها غير مستقيم كسيئة الخلق أو كانت غير عفيفة .
ومكروه كمستقيمة الحال .
وأشار الإمام إلى المباح بطلاق من لا يهواها ولا تسمح نفسه بمؤونتها من غير استمتاع بها .
وحرام كطلاق البدعي كما قال " ويحرم البدعي " لحصول الضرر به كما سيأتي .
وهو ضربان .
أحدهما " طلاق " من شخص " في حيض ممسوسة " أي موطوءة ولو في الدبر ومثلها من استدخلت ماءه المحترم بالإجماع كما نقله الماوردي قال شيخنا ولو في عدة طلاق رجعي وهي تعتد بالأقراء .
وهذه الغاية إنما تأتي على رأي مرجوح وهو أن الرجعية تستأنف أما على المعتمد فلا لأنه لا تطويل عليها نبه على ذلك البكري في حاشيته .
وحرمة هذا لمخالفته لقوله تعالى " فطلقوهن ( 3 / 308 ) لعدتهن " أي في الوقت الذي يشرعن فيه في العدة وزمن الحيض لا يحسب من العدة والمعنى فيه تضررها بطول العدة فإن بقية الحيض لا تحسب منها .
والنفاس كالحيض لشمول المعنى المحرم له كما في الروضة وأصلها هنا وإن خالفا ذلك في باب الحيض .
تنبيه : .
شمل إطلاقه ما لو ابتدأ طلاقها في حال حيضها ولم يكمله حتى طهرت فيكون بدعيا وبه صرح الصيمري والأوجه أنه ليس ببدعي لما سيأتي من أنه لو قال أنت طالق مع أو في آخر حيضك فسني في الأصح لاستعقابه الشروع في العدة .
ويستثنى من الطلاق في الحيض صور منها الحامل إذا حاضت فلا يحرم طلاقها كما يأتي لأن عدتها بالوضع .
ومنها ما لو كانت الزوجة أمة وقال سيدها إن طلقك الزوج اليوم فأنت حرة فسألت الزوج الطلاق لأجل العتق فطلقها لم يحرم فإن دوام الرق أضر بها من تطويل العدة وقد لا يسمح به السيد بعد ذلك أو يموت فيدوم أسرها بالرق قاله الأذرعي بحثا وهو حسن .
ومنها طلاق المتحيرة فليس بسني ولا بدعي .
ومنها طلاق الحكمين في صورة الشقاق ومنها طلاق المولى إذا طولب وإن توقف فيه الرافعي .
ومنها ما لو طلقها في الطهر طلقة ثم طلقها في الحيض ثانية والمراد من الطلاق في الحيض المنجز فلو علقه بدخول دار مثلا فليس ببدعي لكن ينظر إلى وقت الدخول فإن وجد في حال الطهر فسني وإلا فبدعي لكن لا إثم فيه قال الرافعي ويمكن أن يقال إن وجدت الصفة باختياره أثم بإيقاعه في الحيض كإنشائه الطلاق فيه قال الأذرعي وهو ظاهر لا شك فيه وليس في كلامهم ما يخالفه .
وقيل إن سألته .
زوجته طلاقها في حيضها " لم يحرم " لرضاها بتطويل العدة والأصح التحريم لإطلاق قوله تعالى " فطلقوهن لعدتهن " 1 " ولأنه A لما أنكر الطلاق في الحيض لم يستفصل .
ولو علق الطلاق باختيارها فأتت به في حال الحيض مختارة قال الأذرعي فيمكن أن يقال هو كما لو طلقها بسؤالها أي فيحرم وهو ظاهر .
ويجوز خلعها فيه .
أي الحيض أو النفاس لإطلاق قوله تعالى " فلا جناح عليهما فيما افتدت به " ولحاجتها إلى الخلاص بالمفارقة حيث افتدت بالمال وليس هذا بسني ولا بدعي كما مر .
لا أجنبي .
فلا يجوز خلعه في الحيض أو النفاس " في الأصح " لأنه لم يعلم فيه وجدان حاجتها إلى الخلاص بالمفارقة .
ومقابل الأصح احتمال للإمام لا وجه محقق إلا أن يثبت عمن تقدم الإمام أنه يجوز لأن الظاهر أن الأجنبي إنما بذل لحاجتها إلى الخلاص .
تنبيه : .
لو أذنت للأجنبي أن يختلعها يظهر أن يقال إن كان بمالها فكاختلاعها وإلا فهو كاختلاعه .
ولو قال أنت طالق مع .
أو في " آخر حيضك فسني في الأصح " لاستعقابه الشروع في العدة والثاني بدعي لمصادفته الحيض " أو " أنت طالق " مع " أو في " آخر طهر " عينه " لم يطأها فيه فبدعي على المذهب " المنصوص كما في الروضة والمراد به الراجح لأنه لا يستعقب العدة .
والثاني سني لمصادفته الطهر .
و .
الضرب الثاني للبدعي " طلاق في طهر وطىء فيه " في قبل وكذا في دبر على الأصح وفي الروضة أن استدخالها ماءه أي المحترم كالوطء .
ونائب فاعل وطىء قوله " من قد تحبل " لعدم صغرها ويأسها .
و .
الحال أنه " لم يظهر حمل " منها لأنه قد يندم لو ظهر حمل فإن الإنسان قد يطلق الحائل دون الحامل وعند الندم قد لا يمكنه التدارك فيتضرر الولد وخرج بمن قد تحبل الصغيرة والآيسة فإنه لا سنة ولا بدعة في طلاقهما كما مر وب لم يظهر حمل ما لو ظهر وسيذكره واستدخالها ماءه مع علمه به كما قاله الأذرعي كالوطء لاحتمال حدوث الحمل منه وكذا الوطء في الدبر على الأصح .
تنبيه : .
سكت المصنف عن ضرب ثالث للبدعي مذكور في الروضة وهو في حق من له زوجتان وقسم لإحداهما ثم طلق الأخرى قبل المبيت عندها .
ولو نكح حاملا من زنا ثم دخل بها ثم طلقها نظر إن لم تحض فبدعي لأنها لا ( 3 / 309 ) تشرع في العدة إلا بعد الوضع والنفاس وإلا فإن طلقها في الطهر فسني أو في الحيض فبدعي كما يؤخذ من كلامهم .
وأما الموطوءة بشبهة إذا حبلت منه ثم طلقها طاهرا فإنه بدعي .
فلو وطىء حائضا وطهرت فطلقها فبدعي .
أيضا " في الأصح " لاحتمال علوقها بذلك .
والثاني ليس ببدعي لأن بقية الحيض تشعر بالبراءة .
ودفع باحتمال أن تكون البقية مما دفعته الطبيعة أولا وهيأته للخروج .
تنبيه : .
صورة المسألة أن يطلقها قبل أن يمسها في الطهر وأشار المصنف إلى هذا بفاء التعقيب .
و .
الموطوءة في الطهر " يحل خلعها " كالحائض على الصحيح فيستثنى حينئذ من تحريم الطلاق في طهر جامع فيه .
و .
يحل " طلاق من ظهر حملها " وإن كانت تحيض لأن بأخذ العوض وظهور الحمل ينعدم احتمال الندم .
تنبيه : .
قد علم طلاق البدعي وطلاق غير البدعي والسني وأما الطلاق السني فهو طلاق مدخول بها في طهر لم يجامعها فيه ولا في حيض قبله وليست بحامل ولا صغيرة ولا آيسة وهي تعتد بالأقراء وذلك لاستعقابها الشروع في العدة .
ومن طلق .
طلاقا " بدعيا " ولم يستوف عدد الطلاق " سن له الرجعة " ما لم يدخل الطهر الثاني إن طلقها في طهر جامعها فيه .
أما إذا طلقها في الحيض فإلى آخر الحيضة التي طلقها فيها كما قاله ابن قاضي عجلوان في تصحيحه على المنهاج .
ثم .
بعد الرجعة " إن شاء طلق بعد " تمام " طهر " لخبر الصحيحين أن ابن عمر رضي عنهما طلق زوجته وهي حائض فذكر ذلك عمر للنبي A فقال مره فليراجعها ثم يطلقها طاهرا أي قبل أن يمسها إن أراد كما صرح بذلك في بعض رواياتهما .
تنبيه : .
إنما لم يقل بوجوب الرجعة كمذهب مالك لأن النبي A لم يأمره وإنما أمر أباه أن يأمره والأمر بالأمر بالشيء ليس أمرا بذلك الشيء لقوله A مروهم بالصلاة لسبع سنين كذا قالوه .
فإن قيل قوله فليراجعها أمر منه A .
أجيب بأن المراد فليراجعها لأجل أمرك فيكون الوجوب لأجل الوالد .
وظاهر كلام المصنف أن ترك الرجعة ليس بمكروه وبه صرح الإمام قال في الروضة وفيه نظر وينبغي كراهته لصحة الخبر فيها ولدفع الإيذاء اه " .
وهو ضربان .
أحدهما " طلاق " من شخص " في حيض ممسوسة " أي موطوءة ولو في الدبر ومثلها من استدخلت ماءه المحترم بالإجماع كما نقله الماوردي قال شيخنا ولو في عدة طلاق رجعي وهي تعتد بالأقراء .
ورد الاستناد إلى الخبر لأنه لا نهي فيه .
وإذا راجع فهل يرتفع الإثم حكى المصنف عن جماعة أن الإثم يرتفع واستظهره .
وإذا راجع والبدعة لحيض فالسنة أن لا يطلقها في الطهر منه لئلا يكون المقصود من الرجعة مجرد الطلاق وإن كانت البدعة لطهر جامعها فيه أو في حيض قبله ولم يبن حملها ووطىء بعد الرجعة فيه فلا بأس بطلاقها في الثاني وإن لم يراجعها إلا بعد الطهر أو راجعها فيه ولم يطأها سن له أن يطلقها في الطهر الثاني لئلا تكون الرجعة للطلاق وهذا فيمن طلق غير من لم تستوف دورها من القسم بخلاف من طلق هذه للزوم الرجعة له ليوفيها حقها كذا قيل وظاهر كلامهم أنه يستحب لأن الرجعة في معنى النكاح وهو لا يجب .
ولو قال لحائض .
ممسوسة أو نفساء " أنت طالق للبدعة وقع " الطلاق " في الحال " وإن كانت في ابتداء الحيض لاتصاف طلاقها به .
أو .
قال لحائض لم يطأها في ذلك الحيض أنت طالق " للسنة فحين " أي فيقع الطلاق حين " تطهر " من الحيض أو النفاس بأن تشرع في الطهر ولا يتوقف على الاغتسال لوجود الصفة قبله .
تنبيه : .
لا بد من الانقطاع من شروعها في عدة المطلق فلو وطئها في آخر الحيض واستدام إلى انقطاعه فإنها لا تطلق لاقتران الطهر بالجماع وكذا لو لم يستدم كما يؤخذ من قوله فلو وطىء حائضا وطهرت فطلقها فبدعي في الأصح وكذا لو وطئت بشبهة في دوام زوجتيه وحينئذ لا يقع طلاق فيه لأنه بدعي بل يتأخر وقوعه إلى طهر تشرع فيه في عدته .
أو .
قال " لمن في طهر لم تمس فيه " بوطء منه وهي مدخول بها " أنت طالق للسنة وقع في الحال " لوجود ( 3 / 310 ) الصفة .
وإن مست .
بوطء منه " فيه " ولم يظهر حملها فحين تطهر " بعد حيض " يقع الطلاق لشروعها حينئذ في حال السنة " أو " قال لمن في طهر أنت طالق " للبدعة ففي الحال " يقع الطلاق " إن مست فيه " أو في حيض قبله ولم يظهر حملها لوجود الصفة " وإلا " بأن لم تمس في هذا الطهر ولو في حيض قبله وهي مدخول بها " فحين تحيض " يقع الطلاق .
تنبيه : .
قضية كلامه وقوع الطلاق بظهور أول الدم وبه صرح المتولي فإن انقطع لدون يوم وليلة ولم يعد تبين أن طلاقها لم يقع وبما تقرر أنه لو وطئها بعد التعليق في ذلك الطهر أنه يقع الطلاق لصدق الصفة ومعلوم أن هذا فيمن لها حالتا سنة وبدعة فلو قال لصغيرة ممسوسة أو كبيرة غير ممسوسة وقع في الحال على الأصح ولغا الوصف .
واللام هنا للتعليل لا للتأقيت لعدم تعاقب الحالين فيكون كقوله لرضا زيد .
ولو .
وصف الطلاق بصفة مدح كأن " قال " لزوجته " أنت طالق طلقة حسنة أو أحسن الطلاق " أو أفضله أو أعدله أو أكمله " أو أجمله " أو نحو ذلك " فكالسنة " أي فكقوله أنت طالق للسنة فإن كانت في حيض لم يقع حتى تطهر أو في طهر لم تمس فيه وقع في الحال أو مست فيه وقع حين تطهر بعد حيض .
تنبيه : .
لو نوى بذلك طلاق البدعة لأنه في حقها أحسن لسوء خلقها فإن كان في زمن البدعة قبل لأنه غلظ على نفسه أو السنة لم يقبل ظاهرا ويدين .
أو .
وصف الطلاق بصفة ذم كأنت طالق " طلقة قبيحة أو أقبح الطلاق " أو أسمجه أو أفضحه أو أفظعه أو أشره " أو أفحشه " أو نحو ذلك " فكالبدعة " أو فكقوله أنت طالق للبدعة .
فإن كانت في حيض أو في طهر مست فيه وقع في الحال وإلا فحين تحيض .
ولو نوى بذلك طلاق السنة لقبحه في حقها لحسن خلقها وكانت في زمن البدعة دين ولم يقبل ظاهرا ولا يخالف هذا ما لو قال لذات سنة وبدعة في حال البدعة أنت طالق طلاقا سنيا الآن أو في حال السنة أنت طالق طلاقا بدعيا وقال أردت الوقوع في الحال فإنه لم يقع في الحال لأن النية إنما تعمل فيما يحتمل اللفظ صريحا وإذا تنافيا لغت النية وعمل باللفظ لأنه أقوى .
ولو خاطب بقوله للسنة وما ألحق به أو للبدعة وما ألحق به من ليس طلاقها سنيا ولا بدعيا كالحامل والآيسة وقع في الحال ويلغو ذكر السنة والبدعة .
تنبيه : .
اللام فيما يعهد انتظاره وتكرره للتوقيت كأنت طالق للسنة أو للبدعة ممن لها سنة وبدعة وفيما لا يعهد انتظاره وتكرره للتعليل كطلقتك لرضا زيد أو لقدومه أو للبدعة وهي صغيرة أو حامل أو نحوها ممن لا سنة لها ولا بدعة طلقت في الحال وإن لم يرض زيدا أو لم يقدم .
وإن نوى بها التعليق لم يقبل ظاهرا ويدين .
ولو قال في الصغيرة أو نحوها أنت طالق لوقت البدعة أو لوقت السنة ونوى التعليق قبل لتصريحه بالوقت وإن لم ينوه وقع الطلاق في الحال كما مر .
فروع لو قال أنت طالق برضا زيد أو بقدومه تعليق كقوله إن رضي أو قدم .
ولو قال لمن لها سنة وبدعة أنت طالق لا لسنة كقوله أنت طالق للبدعة وقوله أنت طالق لا للبدعة كقوله أنت طالق للسنة وقوله سنة الطلاق أو طلقة سنة كقوله للسنة وقوله بدعة الطلاق أو طلقة بدعية كقوله للبدعة .
ولو قال لمن طلاقها بدعي إن كنت في حال سنة فأنت طالق فلا طلاق ولا تعليق ولو قال لها في حال البدعة أنت طالق طلاقا سنيا الآن أو في حال السنة أنت طالق طلاقا بدعيا الآن وقع في الحال للإشارة إلى الوقت ويلغو اللفظ .
ولو قال أنت طالق للسنة إن قدم فلان وأنت طاهر فإن قدم وهي طاهر طلقت للسنة وإلا فلا تطلق إلا في الحال ولا إذا طهرت .
أو .
جمع في الطلاق بين صفتي مدح وذم ولم ينو شيئا كأن قال أنت طالق طلقة " سنة بدعية أو " طلقة " حسنة قبيحة " وهي ذات أقراء أو أنت طالق لا للسنة ولا للبدعة " وقع " الطلاق " في الحال " ويلغو ذكر الصفتين لتضادهما فإن فسر كل صفة بمعنى في قول سنة بدعية أو حسنة قبيحة فقال أردت حسنة من حيث الوقت وقبيحة من حيث العدد حتى يقع الطلاق الثلاث ( 3 / 311 ) قبل وإن تأخر الوقوع لأن ضرر وقوع العدد أكثر من فائدة تأخر الوقوع .
فروع لو قال لزوجته أنت طالق ثلاثا بعضهن للسنة وبعضهن للبدعة فإن كانت ممن لا سنة لها ولا بدعة كالصغيرة طلقت في الحال ثلاثا كما لو وصفها كلها بالسنة أو البدعة وإن كانت ذات أقراء طلقت طلقتين في الحال وطلقة ثالثة في الحال الثاني لأن التبعيض يقتضي التشطير ثم يسري .
فإن قال أردت إيقاع طلقة في الحال وطلقتين في الحال الثاني صدق بيمينه ولو أراد إيقاع بعض كل طلقة في الحال وقع الثلاث في الحال بطريق التكميل .
ولو قال أنت طالق ثلاثا بعضهن للسنة وسكت وهي في حال السنة أو البدعة وقع في الحال واحدة فقط لأن البعض ليس عبارة عن النصف وإنما حمل فيما مر على التشطير لإضافة البعضين إلى الحالين فيسوى بينهما .
ولو قال أنت طالق خمسا بعضهن للسنة وبعضهن للبدعة طلقت ثلاثا في الحال أخذا بالتشطير والتكميل .
ولو قال أنت طالق طلقتين طلقة للسنة وطلقة للبدعة وقع طلقة في الحال وفي المستقبل طلقة .
وإن قال أنت طالق طلقتين للسنة والبدعة وقع الطلقتان في الحال لأن قوله للسنة والبدعة وصف للطلقتين في الظاهر فيلغو للتنافي ويبقى الطلقتان .
وقوله لها طلقتك طلاقا كالثلج أو كالنار يقع في الحال ويلغو التشبيه المذكور خلافا لمن قال إن قصد التشبيه بالثلج في البياض وبالنار في الإضاءة طلقت في زمن السنة أو التشبيه بالثلج في البرودة وبالنار في الحرارة والإحراق طلقت في زمن البدعة .
ولا يحرم جمع الطلقات .
لأن عويمر العجلاني لما لاعن امرأته عند رسول الله A طلقها ثلاثا قبل أن يخبره A أنها تبين باللعان متفق عليه فلو كان إيقاع الثلاث حراما لنهاه عن ذلك ليعلمه هو ومن حضره ولأن فاطمة بنت قيس شكت للنبي A أن زوجها طلقها ألبتة .
قال الشافعي Bه يعني والله أعلم ثلاثا ولم نعلم أن النبي A نهى عن ذلك وقد فعله جمع من الصحابة وأفتى به آخرون اه " .
وكما لا يحرم جمعها لا يكره ولكن يسن الاقتصار على طلقتين في القرء لذات الأقراء وفي شهر لذات الأشهر ليتمكن من الرجعة أو التجديد إن ندم فإن لم يقتصر على ذلك فليفرق الطلقات على الأيام ويفرق على الحامل طلقة في الحال ويراجع وأخرى بعد النفاس والثالثة بعد الطهر من الحيض وقيل يطلقها في كل شهر طلقة .
تنبيه : .
أفهم كلام المصنف وقوع الثلاث عند جمعهن وعليه اقتصر الائمة وحكي عن الحجاج بن أرطأة وطائفة من الشيعة والظاهرية أنه لا يقع منها إلا واحدة واختاره من المتأخرين من لا يعبأ به فأفتى به واقتدى به من أضله الله تعالى واحتجوا بما رواه مسلم عن ابن عباس Bهما كان الطلاق الثلاث على عهد رسول الله A وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر واحدة ثم قال عمر إن الناس قد استعجلوا ما كانوا فيه على أناة فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم .
وعلى تقدير صحة هذا الحديث أجيب عنه بجوابين أحدهما وهو محكي عن أبي ذرعة الرازي أن معناه أن الطلاق المعتاد في الزمن الأول كان طلقة واحدة وصار الناس في زمن عمر Bه يوقعون الثلاث دفعة واحدة فنفذه عليهم فيكون إخبارا عن اختلاف عادة الناس لا عن تغير حكم في مسألة واحدة ومعناه كان الطلاق الثلاث الذي يوقعونه الآن دفعة إنما كان في الزمن الأول يوقعونه واحدة فقط واعتمد هذا الشيخ علاء الدين النجاري الحنفي وقال إن النص مشير إلى هذا من لفظ الاستعجال يعني أنه كان للناس أناة أي مهلة في الطلاق فلا يوقعون إلا واحدة واحدة فاستعجل الناس وصاروا يوقعون الثلاث دفعة واحدة وإلا إذا كان معنى الحديث أن إيقاع الثلاث دفعة واحدة كان في الزمن الأول إنما يقع واحدة واحدة وهكذا في الزمن الثاني قبل التنفيذ فما الذي استعجلوه .
الجواب الثاني أنه محمول على من فرق اللفظ فقال أنت طالق أنت طالق أنت طالق فكانوا أولا يصدقون في إرادة التأكيد لقلة الخيانة فيهم فلما كان زمن عمر Bه ورأى تغير الأحوال لم يقبل إرادة التأكيد وأمضاه على الاستئناف .
قال المصنف في شرح مسلم وهذا أصح الأجوبة وقال السبكي إنه أحسن محامل الحديث اه " .
ولا فرق في وقوع الثلاث بين أن يكون ذلك منجزا أو معلقا وقد وجدت صفته حلفا كان أو غير حلف قال السبكي وابتدع بعض ( 3 / 312 ) الناس في زماننا فقال إن كان التعليق على وجه اليمين لا يقع به الطلاق وتجب به كفارة يمين وهذه بدعة في الإسلام لم يقلها أحد منذ بعث النبي A إلى زماننا هذا .
قال الزركشي واللام في الطلقات للعهد الشرعي وهي الثلاث فلو طلق أربعا قال الروياني عزر وظاهر كلام ابن الرفعة أنه يأثم اه " .
وهذا ليس بظاهر لأن الزيادة ملغاة فلا يترتب عليه بالتلفظ بها شيء .
ولو قال .
لزوجته " أنت طالق ثلاثا " واقتصر عليه " أو ثلاثا للسنة وفسر " الثلاث في الصورتين " بتفريقها على أقراء لم يقبل " ظاهرا على الصحيح المنصوص لأن دعواه تقتضي تأخير الطلاق ويقتضي لفظة تنجيزه في الأولى مطلقا وفي الثانية إن كانت المرأة طاهرة وحين تطهر إن كانت حائضا ولا سنة في التفريق .
إلا ممن يعتقد تحريم الجمع .
للثلاث دفعة كالمالكي فيقبل ظاهرا لأن الظاهر من حاله أن لا يقصد ارتكاب محظور في معتقده .
تنبيه : .
قضية كلام المصنف عود الاستثناء إلى الصورتين وهو كذلك وإن كان ما ذكره المتولي وتبعه المحرر إنما هو في الثانية فقط .
والأصح .
على عدم القبول " أنه يدين " فيما نواه لأنه لو وصل اللفظ بما يدعيه لانتظم فيعمل به في الباطن إن كان صادقا بأن يراجعها وحينئذ يجوز له وطؤها ولها تمكينه إن ظنت صدقه فإن ظنت كذبه لم تمكنه .
وفي ذلك قال الشافعي Bه له الطلب وعليها الهرب وإن استوى عندها الطرفان فإن كره لها تمكينه وإذا صدقته ورآهما الحاكم مجتمعين فرق بينهما في أحد وجهين رجحه في الكفاية .
والتدين لغة أن يكله إلى دينه وقال الأصحاب هو أن لا تطلق فيما بينه وبين الله إن كان صادقا إلا على الوجه الذي نواه غير أنا لا نصدقه في الظاهر .
والوجه الثاني لا يدين لأن اللفظ بمجرده لا يحتمل المراد والنية إنما تعمل فيما يحتمله اللفظ .
ويدين .
أيضا على الأصح " من قال " لزوجته " أنت طالق وقال أردت إن دخلت " الدار " أو إن شاء زيد " طلاقك لأنه لو صرح به لانتظم .
تنبيه : .
قد يوهم كلامه أن قوله أردت إن شاء الله أنه كذلك والصحيح أنه لا يدين .
قال الرافعي وفرقوا بينه وبين غيره من التعليقات أن التعليق بمشيئة الله تعالى يرفع حكم اليمين جملة فلا بد فيه من اللفظ بخلاف التعليق بالدخول وبمشيئة زيد فإنه لا يرفعه بل يخصصه بحال دون حال فأثرت فيه النية وشبهوه بالفسخ لما كان رافعا للحكم لم يجز إلا باللفظ والتخصيص يجوز بالقياس كما يجوز باللفظ .
تنبيه : .
إنما ينفعه قصد هذا الاستثناء باطنا إذا عزم عليه قبل التلفظ بالطلاق فإن حدثت له النية بعد الفراغ من الكلمة فلا حكم لها فإن أحدثها في أثناء الكلمة فوجهان كما في نية الكناية وحدها نقلاه في الباب الأول عن المتولي وأقراه ومر في الكناية أنه يكفي .
ولو .
أتى الزوج بلفظ عام وأراد بعض أفراده كأن " قال نسائي طوالق أو " قال " كل امرأة لي طالق وقال أردت بعضهن " بالنية كفلانة وفلانة دون فلانة " فالصحيح " وعبر في الروضة بالأصح " أنه لا يقبل " منه ذلك " ظاهرا " لأن اللفظ عام متناول لجميعهن فلا يمكن من صرف مقتضاه بالنية " إلا بالقرينة " تشعر بإرادة الاستثناء " بأن " أي كأن " خاصمته " زوجته " وقالت " له " تزوجت " علي " فقال " لها منكرا لذلك " كل امرأة لي طالق " أو نسائي طوالق " وقال أردت غير المخاصمة " لي فيقبل في ذلك للقرينة الدالة على صدقه .
والثاني يقبل مطلقا لأن استعمال العام في بعض أفراده شائع .
والثالث لا يقبل مطلقا ونقلاه عن الأكثرين وحينئذ فما رجحاه هنا مخالف لما التزمه الرافعي من تصحيح ما عليه الأكثر ولا يحسن تعبيره بالصحيح ( 3 / 313 ) وهذا التفصيل يجري في كل موضع قلنا إنه يدين فيه كما صرحوا به فيما إذا قال طالقا من وثاقي إن كان حلها منه قبل وإلا فلا وفي الصور المذكورة آنفا .
تنبيه : .
أشعر قوله بعضهن بفرض المسألة فيمن له غير المخاصمة فلو لم يكن له غيرها طلقت كما بحثه بعضهم قياسا على ما لو قال كل امرأة لي طالق إلا عمرة ولا امرأة له غيرها فإنها تطلق كما في الروضة وأصلها عن فتاوى القفال وأقراه بخلاف قوله النساء طوالق إلا عمرة ولا امرأة له غيرها والفرق أنه في هذه الصور لم يضف النساء لنفسه