بضم الخاء من الخلع بفتحها وهو النزع لأن كلا من الزوجين لباس الآخر قال تعالى " هن لباس لكم وأنتم لباس لهن " فكأنه بمفارقة الآخر نزع لباسه .
و " وهو " في الشرع " فرقة " بين الزوجين " بعوض " مقصود راجع لجهة الزوج " بلفظ طلاق أو خلع " كقوله طلقتك أو خالعتك على كذا فتقبل وسيأتي صحته بكنايات الطلاق .
فالمراد بقوله بلفظ طلاق لفظ من ألفاظه صريحا كان أو كناية ولفظ الخلع من ذلك كما سيأتي وصرح به لأنه الأصل في الباب .
وخرج ب مقصود الخلع بدم ونحوه فإنه رجعي ولا مال .
ودخل ب راجع لجهة الزوج وقوع العوض للزوج ولسيده وما لو خالعت بما ثبت لها من قود أو غيره وخرج به ما لو علق الطلاق بالبراءة من مالها على غيره فيصح رجعيا .
والأصل في الباب قبل الإجماع قوله تعالى " فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه " والأمر به في خبر البخاري في امرأة ثابت بن قيس بقوله له أقبل الحديقة وطلقها تطليقة وهو أول خلع وقع في الإسلام .
والمعنى فيه أنه لما جاز أن يملك الزوج الانتفاع بالبضع بعوض جاز أن يزيل ذلك الملك بعوض كالشراء والبيع فالنكاح كالشراء والخلع كالبيع .
وأيضا فيه دفع الضرر عن المرأة غالبا ولكنه مكروه لما فيه من قطع النكاح الذي هو مطلوب الشرع لقوله A أبغض الحلال إلى الله تعالى الطلاق قال في التنبيه إلا في حالتين إحداهما أن يخافا أو أحدهما أن لا يقيما حدود الله أي ما افترضه في النكاح لقوله تعالى " ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا " الآية وذكر الخوف في الآية جرى على الغالب لأن الغالب وقوع الخلع في حالة التشاجر ولأنه جاز حالة الخوف وهي مضطرة إلى بذل المال ففي حالة الرضا أولى وبالقياس على الإقالة في البيع .
الحالة الثانية أن يحلف بالطلاق الثلاث على فعل شيء لا بدله منه أي كالأكل والشرب وقضاء الحاجة فيخلعها ثم يفعل الأمر المحلوف عليه ثم يتزوجها فلا يحنث لانحلال اليمين بالفعلة الأولى إذ لا يتناول إلا الفعلة الأولى وقد حصلت .
فإن خالعها ولم يفعل المحلوف عليه فيه قولان أصحهما أنه يتخلص من الحنث فإذا فعل المحلوف عليه بعد النكاح لم يحنث لأنه تعليق سبق هذا النكاح فلم يؤثر فيه كما إذا علق الطلاق قبل النكاح فوجدت الصفة بعد النكاح .
تنبيه : .
ظاهر كلامهم حصول الخلاص بالخلع ولو كان المحلوف على فعله مقيدا بمدة وهو كذلك وخالف في ذلك بعض المتأخرين قال السبكي دخلت على ابن الرفعة فقال لي استفنيت عمن حلف بالطلاق الثلاث لا بد أن يفعل كذا في هذا الشهر فخالع في الشهر فأفتيت بتخلصه من الحنث ثم ظهر لي أنه خطأ ووافقني البكري على التخلص فبينت له أنه خطأ .
قال السبكي ثم سألت الباجي ولم أذكر له كلام ابن الرفعة فوافقه .
قال ثم رأيت في الرافعي في آخر الطلاق إنه لو قال إن لم تخرجي في هذه الليلة من هذه الدار فأنت طالق ثلاثا فخالع مع أجنبي من الليل وجدد النكاح ولم تخرج لم يقع الطلاق لأن الليل كله محل اليمين ولم يمض الليل وهي زوجة له حتى يقع الطلاق وأنه لو كان بين يديه ( 3 / 263 ) تفاحتان فقال لزوجته إن لم تأكلي هذه التفاحة اليوم فأنت طالق ثلاثا ولأمته إن لم تأكلي هذه الأخرى اليوم فأنت حرة فاشتبهت تفاحة الطلاق وتفاحة العتق فذكر طريقين عن بعض الأصحاب في الخلاص .
ثم قال فلو خالع زوجته ذلك اليوم وباع الأمة ثم جدد النكاح واشترى الأمة خلص وظاهر هذين الفرعين لمخالف لما قاله ابن الرفعة والباجي اه " .
وهو كما قال فالمعتمد إطلاق كلام الأصحاب .
وذكرت في شرح التنبيه صور أخرى ولا يكره الخلع فيها فليراجعه من أراد .
وأركان الخلع خمسة ملتزم لعوض وبضع وعوض وصيغة وزوج وبدأ به فقال " شرطه " أي ركنه " زوج يصح " أي ينفذ " طلاقه " يعني أن يكون الزوج يصح طلاقه بأن يكون بالغا عاقلا مختارا كما سيأتي في بابه وذلك لأن الخلع طلاق فالزوج ركن لا شرط وكونه يصح طلاقه شرط في الزوج فلا يصح من صبي ومجنون ومكره كطلاقهم .
فلو خالع عبد .
ولو مدبرا " أو محجورا عليه بسفه صح " بإذن ودونه بمهر المثل أو أقل إذ لكل منهما أن يطلق مجانا فبعوض أولي .
ووجب دفع العوض .
عينا كان أو دينا " إلى مولاه " أي العبد ويملكه مولاه قهرا وإن لم يأذن كسائر أكسابه .
ويستثنى من إطلاقه المكاتب فإنه يجب التسليم إليه لاستقلاله .
والمبعض إن خالع وبينه وبين سيده مهايأة وقبض في نوبته صح وأما في نوبة سيده فلا يقبض شيئا وإن لم يكن مهايأة قبض ما يخص حريته والعبد المأذون على أحد وجهين في الحاوي بلا ترجيح يقبض أيضا ما خالع به .
ووليه .
أي المحجور عليه بسفه كسائر أمواله فإن سلمت العوض إلى السفيه بغير إذن الولي وهو دين لم تبرأ ويسترده منه نعم إن بادر الولي فأخذه منه برئت كما في الشامل والبحر فإن تلف في يده فلا ضمان في الحال ولا بعد رشده .
وهل يبرأ فيما بينه وبين الله تعالى وجهان في الحاوي أوجههما لا أو وهو عين وعلم الولي أخذها منه .
فإن تركها حتى تلفت فهل يضمن أو لا وجهان أوجههما الأول كما قاله بعض المتأخرين .
وإن لم يعلم الولي فتلفت فهي مفرطة فتضمن مهر المثل لا قيمة العين والتسليم إلى العبد كالسفيه لكن المختلع له مطالبته بعد العتق بما تلف تحت يده بخلاف السفيه لا يطالب أصلا كما مر .
أما قبضها بإذن فيصح ولو علق بالدفع إليه كأن قال إن دفعت إلي كذا فأنت طالق كان لها أن تدفعه إليه لا إلى وليه لأنه فيما مر ملكه قبل الدفع وفي هذه إنما يملكه إليه وعلى وليه المبادرة إلى أخذه منه فإن لم يأخذه منه حتى تلف فلا غرم فيه على الزوجة كما نقله الأذرعي عن الماوردي ولو دفعته إلى وليه لم تطلق لعدم وجود المعلق عليه .
تنبيه : .
أسقط المصنف من المحرر خلع المفلس لتقدمه في بابه .
ثم شرع في الركن الثاني وهو الملتزم فقال " وشرط قابله " أي الخلع أو ملتمسه ليصح خلعه من زوجة أو أجنبي " إطلاق تصرفه في المال " بكونه مكلفا غير محجور عليه أي بالنسبة لثبوت المال أما الطلاق فلا يعتبر في قابله ذلك بل صحة عبارته فقط .
وللحجر أسباب خمسة ذكر المصنف منها ثلاثة الرق والسفه والمرض وأسقط الصبا والجنون لأن الخلع معهما لغو ولو كانت المختلعة مميزة كما جرى عليه ابن المقري لانتفاه أهلية القبول فلا عبرة بعبارة الصغيرة والمجنونة بخلاف السفيهة وجعل البلقيني المميزة كالسفيهة .
ثم شرع في السبب الأول فقال " فإن اختلعت أمة بلا إذن سيد " لها مطلق التصرف " بدين " في ذمتها " أو عين ماله " أي السيد أو عين مال أجنبي أو عين غير مملوكة كخمر " بانت " في الجميع لوقوعه بعوض فاسد .
تنبيه : .
محل ذلك إذا نجز الطلاق فإن قيده بتمليك تلك العين لم تطلق كما قاله الماوردي .
وللزوج في ذمتها .
إذا بانت " مهر مثل في صورة العين " لأنه المراد حينئذ " وفي قول قيمتها " إن كانت متقومة وإلا فمثلها .
ولو عبر بالبدل كما عبر به الرافعي لكان أعم .
وفي صورة الدين المسمى .
كما في الروضة وأصلها كما يصح التزام الرقيق ( 3 / 264 ) بطريق الضمان ويتبع به بعد العتق .
وفي قول مهر مثل .
ورجحه في المحرر والشرح الصغير كما لو تزوج العبد بغير إذن سيده ووطىء .
تنبيه : .
أشار بقوله في ذمتها إلى أنه يتبعها بعد العتق ولا مطالبة له الآن قطعا وتأخير المطالبة إلى العتق واليسار ثبت بالشرع فلا تضر جهالة وقته .
ولو خالعت الأمة بمال وشرطته بعد عتقها فسد ورجع بمهر المثل بعد العتق قال السبكي وهذا عجيب لأنه شرط يوافق مقتضى العقد ويفسده .
وإن أذن .
السيد لها في الاختلاع ولو كانت سفيهة كما هو مقتضى نص الأم " وعين " لها من ماله " عينا له " لها تختلع بها " أو قدر " لها " دينا " في ذمتها كالدينار " فامتثلت تعلق " الزوج " بالعين " في صورتها " وبكسبها في " صورة " الدين " وبما في يدها من مال التجارة إن كانت مأذونة كمهر العبد في النكاح المأذون فيه وإن لم تكن مكتسبة ولا مأذونة ففي ذمتها تتبع به بعد عتقها ويسارها ولا يكون السيد بإذنه في الخلع بالدين ضامنا له كمهر النكاح في العبد المأذون فيه .
وإن أطلق .
السيد " الإذن " لأمته فلم يذكر عينا ولا دينا " اقتضى مهر المثل من كسبها " ومما بيدها من مال التجارة إن كانت مأذونة كما لو أذن لعبده في النكاح .
واحترز بقوله فامتثلت عما إذا زادت على المأذون فيه أو على مهر المثل عند الإطلاق فالزيادة تطالب بها بعد العتق .
ويستثنى من التعليق بالعين ما لو أذن لها أن تخلع وهي تحت حر أو مكاتب برقبتها فإنه لا يصح إذ لو صح لقارنت الفرقة ملك الرقبة لأن العوضين يتساويان وملك المنكوحة يمنع وقوع الطلاق كما لو علق طلاق زوجته وهي أمة غير مدبرة مملوكة لأبيه بموته فمات لم تطلق لأن ملك الزوج لها حالة موت أبيه يمنع وقوع الطلاق فلو كانت مدبرة طلقت لعتقها بموت الأب .
هذا كله في القنة أما المبعضة فإن خالعت على ما ملكته فهي كالحرة أو على ما يملكه السيد لم يصح وكانت كالأمة وإن خالعت على الأمرين صارت الصفقة جامعة لأمرين حكمهما على ما يوجب تفريق الصفقة .
وأما المكاتبة فالأصح أنها كالقنة في جميع ما مر كما صححه المصنف كالرافعي في باب الكتابة تبعا للجمهور واقتضاه كلام الرافعي هنا .
وما وقع في أصل الروضة هنا من أن المذهب والمنصوص أن خلعها بإذن كهو بلا إذن لا يطابق ما في الرافعي بل قال في المهمات إنه غلط .
ثم شرع في السبب الثاني فقال " وإن خالع " بعد الدخول " سفيهة " أي محجورا عليها بسفه بلفظ الخلع كأن قال خالعتك على ألف " أو قال طلقتك على ألف فقبلت طلقت رجعيا " ولغا ذكر المال لأنها ليست من أهل التزامه وإن أذن لها الولي وليس لوليها صرف مالها في مثل ذلك .
وخرج ب بعد الدخول ما إذا كان قبله فإنه يقع بائنا ولا مال قال المصنف في نكته وهو واضح .
وب محجور عليها ما إذا سفهت بعد رشدها ولم يحجر عليها فإنه يصح تصرفها على الأصح .
تنبيه : .
محل وقوع الطلاق إذا لم يعلق الطلاق على شيء أما لو قال لها إن أبرأتني فأنت طالق فقالت في الحال أبرأتك لم يقع الطلاق صرح به الخوارزمي في الكافي كما نقله البلقيني عنه واعتمده وإن أفتى السبكي بوقوع الطلاق إذ لا وجه له لأن الصفة المعلق عليها وهي الإبراء لم توجد فلا يقع الطلاق .
وللبلقيني في صورة التعليق بالإعطاء احتمالان أرجحهما عنده أنها لا تطلق بالإعطاء وهو كذلك فإنه لا يحصل به الملك .
والثاني أنه لو سلخ الإعطاء عن معناه الذي هو التمليك إلى معنى الإقباض فتطلق رجعيا .
فإن لم تقبل لم تطلق .
هو تصريح بمفهوم ما قبله لأن الصفة تقتضي القبول فأشبهت الطلاق المعلق على صفة ولا بد من حصولها .
ولو قال لرشيدة ومحجور عليها بسفه خالعتكما بألف فقبلت إحداهما فقط لم يقع طلاق على واحدة منهما لأن الخطاب معهما يقتضي القبول منهما فإن قبلتا بانت الرشيدة لصحة التزامها بمهر المثل للجهل بما يلزمها من المسمى وطلقت السفيهة رجعيا لما مر .
ثم شرع في السبب الثالث فقال " ويصح اختلاع المريضة " أي التي مرضت " مرض الموت " لأن لها صرف مالها ( 3 / 265 ) في أغراضها وملاذها بخلاف السفيهة كما للمريض أن ينكح أبكارا بمهور أمثالهن من غير حاجة .
ولا يحسب من الثلث إلا .
قدر " زائد على مهر مثل " بخلاف مهر المثل وأقل منه فمن رأس المال لأن التبرع إنما هو بالزائد فهو كالوصية للأجنبي ولا يكون كالوصية للوارث لخروجه بالخلع عن الإرث إلا أن يكون وارثا بجهة أخرى غير الزوجية كابن عم أو معتق .
فإن قيل قد جعلوا خلع المكاتب تبرعا وإن كان بمهر المثل أو أقل فهلا كان المريض كذلك أجيب بأن تصرف المريض أتم ولهذا وجب عليه نفقة الموسرين بخلاف المكاتب .
ويصح خلع المريض مرض الموت بدون مهر المثل لأن البضع لا يبقى للوارث لو لم يخالع .
ثم شرع في الركن الثالث وهو البضع وشرطه أن يملكه الزوج فقال " و " يصح اختلاع " رجعية في الأظهر " لأنها في حكم الزوجات في كثير من الأحكام .
والثاني لا لعدم الحاجة إلى الافتداء لجريانها إلى البينونة .
ويستثنى كما قال الزركشي ما لو عاشر الرجعية معاشرة الأزواج بلا وطء وانقضت الأقراء أو الأشهر وقلنا يلحقها الطلاق ولا يراجعها وهو الأصح كما سيأتي فينبغي أن لا يصح خلعها لأنها بائن إلا في الطلاق .
لا بائن .
بخلع أو غيره فلا يصح خلعها إذ لا يملك بضعها حتى يزيله وحكى الماوردي فيه إجماع الصحابة قال ولو قالت طلقني واحدة بألف فقال أنت طالق واحدة وطالق ثالثها فإن أراد بالعوهما الأولى وقعت دون الأخيرتين أو الثانية وقعت الأوليان دون الثالثة أو الثالثة وقعت الثلاث .
والخلع في الردة من الزوجين أو أحدهما وفي إسلام أحد الزوجين الوثنيين بعد الدخول موقوف .
ثم شرع في الركن الرابع وهو العوض فقال " ويصح عوضه " أي الخلع " قليلا وكثيرا دينا وعينا ومنفعة " لعموم قوله تعالى " فلا جناح عليهما فيما افتدت به " ولأنه عقد على منفعة البضع فجاز بما ذكر كالصداق .
ويستثنى من إطلاقه المنفعة صورتان إحداهما الخلع على أنه بريء من سكناها ففي البحر يقع الطلاق ولا يجوز البدل لأن إخراجها من المسكن حرام فلها السكنى وعليها مهر المثل .
ثانيتهما الخلع على تعليم شيء من القرآن فقضية قولهم في الصداق حيث قالوا بالتعذر أنه لا يصح .
و .
يشترط في العوض شروط الثمن من كونه متمولا معلوما مقدورا على تسليمه فعلى هذا " لو خلع بمجهول " كأحد العبدين " أو خمر " معلومة أو نحوها مما لا يتملك " بانت بمهر مثل " لأنه المراد عند فساد العوض " وفي قول ببدل الخمر " وهو قدرها من العصير كالقولين في إصداقها .
تنبيه : .
أشار بالتمثيل بالخمر إلى النجس المقصود فخرج ما لا يقصد كالدم فإنه يقع رجعيا لأنه لم يطمع في شيء قال الرافعي .
وقد يتوقف في هذا فإن الدم قد يقصد لأغراض .
ورده ابن الرفعة بأغراض تافهة كالعدم .
ولا يخفى أن خلع الكفار بعوض غير مال صحيح كما أنكحتهم فإن وقع إسلام بعد قبضه كله فلا شيء له عليها أو قيل قبض شيء منه فله مهر المثل أو بعد قبض بعضه فالقسط .
ولو خلعها على عين فتلفت قبل القبض أو خرجت مستحقة أو معيبة فردها أو فاتت منها صفة مشروطة فردها رجع عليها بمهر المثل والعوض في يدها كالمهر في يده في أنه مضمون ضمان عقد وقيل ضمان يد .
ومحل البينونة بالمجهول إذا لم يكن فيه تعليق أو علق بإعطاء مجهول يمكن إعطاؤه مع الجهالة .
أما إذا قال إن أبرأتني من صداقك أو من دينك فأنت طالق فأبرأته وهي جاهلة به لم تطلق لأن الإبراء لم يصح فلم يوجد ما علق عليه الطلاق قاله السبكي وهو المعتمد وكلام الماوردي يوافقه وفي كلام القفال ما يدل عليه وفي كلام ابن الصلاح ما يخالفه وجرى عليه في الأنور فقال لو قال إن أبرأت فأنت طالق فابرأته جاهلة به لم تطلق بخلاف إن أبرأتني .
ومحل وقوع الطلاق عند التعليق بالبراءة من الصداق أو الدين إذا كان معلوما أما إذا لم يتعلق بذلك الدين زكاة فإن تعلقت به الزكاة وأبرأته لم يقع الطلاق لأن الطلاق معلق على البراءة من جميع الدفن والدين قد استحق بعضه الفقراء فلا تصح البراءة من ذلك البعض فلم توجد الصفة كما لو باع المال الذي تعلقت به الزكاة بعد الحول فإنه يبطل في قدرها نبه عليه ابن العماد وهو حسن وإن نظر فيه بعضهم " .
فائدة : .
الإبراء من جهة المبرىء تمليك ومن وجهة المبرإ إسقاطه فيشترط على الأول دون الثاني هذا إذا لم يؤل ( 3 / 266 ) الأمر فيه إلى معارضة كما هنا وإلا فيشترط علمهما .
قال الزركشي في قواعده أما في الخلع فلا بد من علم الزوج بمقدار ما أبرأته منه قطعا لأنه يؤول إلى المعارضة قال وقد غلط في هذه المسألة جماعة وأخذوا بظاهر كلام الأصحاب أنه لا يشترط علم المبرأ على إطلاقه .
ويستثنى من البينونة بالخمر ما لو خالع مع غير الزوجة من أب أو أجنبي على هذا الخمر أو المغصوب أو عبدها هذا أو على صداقها ولم يصرح بنيابة ولا استقلال بل أطلق فيقع رجعيا وليس لنا صورة تقع بسبب ذلك رجعيا ولا مهر سواها .
فرع لو خالعها .
بما في كفها ولم يكن فيه شيء ففي الرافعي عن الوسيط وقوع الطلاق رجعيا وعن غيره وقوعه بائنا ثم قال ويشبه أن يكون الأول فيما إذا كان عالما بالحال والثاني فيما إذا ظن أن في كفها شيئا .
وقال المصنف المعروف الذي أطلقه الجمهور وقوعه بائنا بمهر المثل وصوبه في فتاويه وهذا موافق لما نقلاه في فتاوى البغوي وأقراه من ترجيح أنها تبين بمهر المثل فيما لو خالعها ببقية مهرها ولم يكن بقي منه شيء ووجه ما جرى عليه المصنف الجوجري بأن ما في بما في كفها نكرة أو موصولة وكلاهما بمعنى شيء وإسناده إلى كفها يشبه إسناد الإقرار بشيء يرفعه فيلغو .
فإن قيل هذا يشكل بوقوعه رجعيا في خلع بدم .
أجيب بأن الدم لا يقصد كما مر فذكره صارف للفظ عن العوض بخلاف خلعها على ما في كفها ولو مع علمه بأنه لا شيء فيه إذ غايته إنه كالسكوت عن ذكر العوض وهو لا يمنع البينونة ووجوب مهر المثل .
ولو خالعها بمعلوم ومجهول فسد المسمى ووجب مهر المثل بخلاف الخلع على صحيح وفاسد معلوم نشأ فاسده من غير الجهالة فيصح في الصحيح ويجب في الفاسد ما يقابله من مهر المثل .
و .
يجوز " لهما " أي الزوجين " التوكيل " في الخلع لأنه عقد معاوضة كالبيع وهذا واضح وإنما ذكر توطئة لبيان مخالفة الوكيل .
فلو قال .
الزوج " لوكيله خالعها بمائة " من دراهم مثلا معلومة " لم ينقص " وكيله " منها " لأنه مأذون فيه .
وأفهم جواز الزيادة عليها وهو كذلك إن كانت من جنسها قطعا كمائة وعشرة وكذا من غيره على الأصح كمائة ثوب .
فإن قيل ينبغي أن لا يصلح فيما إذا زاد كما لو قال بعه من زيد بكذا فباعه بأكثر لأنه قد يقصد محاباته .
أجيب بأن الخلع إنما يقع غالبا عند الشقاق ومع ذلك يبعد قصد المحاباة .
وإن أطلق .
الإذن لوكيله كخلعها بمال أو سكت عنه " لم ينقص عن مهر المثل " لأنه المرد وله أن يزيد عليه من جنسه وغيره كما مر .
فإن نقص فيهما .
بأن خالع بدون المائة في الأولى وبدون مهر المثل في الثانية نقصا فاحشا وهو ما لا يحتمل غالبا " لم تطلق " للمخالفة كما لا ينفذ بيعه في مثل هذا .
وفي قول يقع .
الطلاق " بمهر مثل " لفساد المسمى بنقصه عن المأذون فيه والمراد ورجحه في أصل الروضة وتصحيح التنبيه في الثانية ونقله الرافعي عن الأكثرين بخلاف الأولى للمخالفة فيها لصريح الإذن وهذا هو المعتمد كما قال الإسنوي إن الفتوى عليه .
تنبيه : .
يلتحق بنقصانه عن المسمى أو مهر المثل ما لو خالع بمؤجل أو بغير نقد البلد .
ولو قالت لوكيلها اختلع بألف .
من الدراهم مثلا " فامتثل نفذ " لوقوعه كما أمرته وكذا إن اختلع بأقل من ألف كما في المحرر وحذفه المصنف لأنه يفهم من باب أولى .
وفي تسليم الوكيل الألف بغير إذن جديد وجهان أوجبهما كما قاله بعض المتأخرين المنع .
وإن زاد .
وكيلها على ما سمعته له " فقال اختلعها بألفين " مثلا " من مالها بوكالتها بانت " على النص " ويلزمها مهر مثل " لفساد المسمى بزيادته على المأذون فيه سواء أكان زائدا على ما سمعت للوكيل أم ناقصا .
وفي قول .
يلزمها " الأكثر منه " أي مهر المثل " ومما سمته " للوكيل لأن مهر المثل إن كان أكثر فهو المرجوع إليه عند فساد المسمى فإن كان الذي سمته أكثر فقد رضيت به .
تنبيه : .
ما ذكره المصنف في حكاية هذا القول تبع فيه المحرر والصواب فيه ما جوازه في الشرح والروضة أنه ( 3 / 267 ) الأكثر مما سمته هي ومن أقل الأمرين من مهر المثل ومما سماه الوكيل .
ولو قال المصنف ما لم يزد مهر المثل على مسمى الوكيل فإن زاد وجب ما سماه لاستقام فلو كان مهر المثل ألفين وسمعت ألفا فسمى الوكيل ألفا وخمسمائة لزمها على قضية ما في الكتاب وعلى القول الثاني ألفان وعلى ما في الشرح والروضة ألف وخمسمائة ولا يطالب وكيلها بما لزمها إلا إن ضمن كأن يقول على أني ضامن فيطالب بما سمي وإن زاد على مهر المثل .
وإن .
لم يقل الوكيل في الصورة المتقدمة بوكالتها بل " أضاف الوكيل الخلع إلى نفسه فخلع أجنبي " وهو صحيح كما سيأتي .
والمال عليه .
ولا شيء عليها منه لأن إضافته إلى نفسه إعراض عن التوكيل واستبداد بالخلع مع الزوج .
وإن أطلق .
الوكيل الخلع بأن لم يضفه إليه ولا إليها وقد نواها " فالأظهر أن عليها ما سمت " لالتزامها إياه " وعليه الزيادة " لأنها لم ترض بأكثر مما سمته فعلى كل منها في الصورة المذكورة ألف .
لكن يطالب بما سماه لأنه التزمه بعقده ثم يرجع بما سمته إذا غرمه وللزوج مطالبتها بما لزمها .
والثاني عليها أكثر الأمرين مما سمته ومنه مهر المثل ما لم يزد على مسمى الوكيل كما مر وعليه التكملة إن نقص عنه .
ولو أضاف الوكيل ما سمته إليها والزيادة إلى نفسه ثبت المال كذلك .
ولو أطلقت التوكيل بالاختلاع فكأنها قدرت مهر المثل فلا يزيد الوكيل عليه فإن زاد عليه وجب مهر مثل وعليه ما زاد كما لو زاد على المقدر .
واو خالع وكيلها الزوج بنحو خمر كخنزير ولو بإذنها فيه نفذ لأنه وقع بعوض مقصود لزمها مهر المثل لفساد العوض .
وإن خالع وكيل الزوج بنحو خمر كان قد وكله بذلك نفذ أيضا بمهر المثل لما مر نعم إن خالف وكيله فأبدل خمرا وكله بالخلع بها بخنزير لغا لأنه غير مأذون فيه .
ويجوز توكيله .
أي الزوج في الخلع ولو من مسلمة " ذميا " أو غيره ولو عبر بالكافر كان أولى لأنه قد يخالع المسلمة أو يطلقها ولو كان وثنيا ألا ترى أنها لو أسلمت وتخلف وخالعها في العدة أو طلقها ثم أسلم حكم بصحة الخلع والطلاق " و " يجوز توكيله " عبدا " وإن لم يأذن السيد " ومحجورا عليه بسفه " وإن لم يأذن الولي إذ لا يتعلق بالوكيل هنا عهدة .
ولا يجوز .
بمعنى لا يصح " توكيل محجور عليه " بسفه " في قبض العوض " لأنه ليس أهلا له فإن وكله وقبض كان الزوج مضيعا لما له ويبرأ المخالع بالدفع قاله في التتمة وأقراه وحمله السبكي وغيره على عوض معين أو غير معين وعلق الطلاق بدفعه .
فإن كان في الذمة لم يصح القبض لأن ما في الذمة لا يتعين إلا بقبض صحيح فإذا تلف كان على الملتزم وبقي حق الزوج في ذمته .
تنبيه : .
كلام المصنف يفهم امتناع توكيل الزوجة لهؤلاء وليس على إطلاقه بل يجوز توكيلها الكافر والعبد وإن لم يأذن له السيد فإن أضاف المال إليها فهي المطالبة به وإن أطلق ولم يأذن السيد في الوكالة طولب بالمال بعد العتق وإذا غرمه رجع به على الزوجة إذا قصد الرجوع وإن أذن السيد في الوكالة تعلق المال بكسب العبد ونحوه فإذا أدى من ذلك رجع به عليها .
وأما المحجور عليه بسفه فلا يصح أن يكون وكيلا عنها وإن أذن له الولي إلا إذا أضاف المال إليها فتبين ويلزمها إذ لا ضرر عليه في ذلك فإن أطلق وقع الطلاق رجعيا كاختلاع السفيهة .
والأصح .
المنصوص " صحة توكيله " أي الزوج " امرأة بخلع " أي في خلع " زوجته أو طلاقها " لأنه يصح أن تطلق المرأة نفسها فيما إذا فوض طلاق نفسها إليها وهو توكيل أو تمليك كما سيأتي فإن كان توكيلا فهو ما نحن فيه وإن كان تمليكا فمن صح أن يملك شيئا صح توكيله فيه .
والثاني لا يصح لأنها لا تستقل بالطلاق .
تنبيه : .
أفهم كلامه أن توكيل الزوجة امرأة في خلعها صحيح قطعا وهو كذلك .
ويستثنى من إطلاقه ما لو أسلم على أكثر من أربع ثم وكل امرأة في طلاق بعضهن فإنه لا يصح لتضمنه الاختيار للنكاح ولا يصح توكيلها للاختيار في النكاح فكذا اختيار الفراق .
ولو وكلا .
أي الزوجان معا " رجلا " في الخلع " تولى طرقا " منه أي أيهما شاء ( 3 / 268 ) والطرف الآخر يتولاه أحد الزوجين أو وكيله ولا يتولى الطرفين كما في البيع وغيره .
وقيل .
يتولى " الطرفين " لأن الخلع يكفي فيه اللفظ من أحد الجانبين كما لو قال إن أعطيتني ألفا فأنت طالق فأعطته ذلك يقع الطلاق خلعا .
ثم شرع في الركن الخامس وهو الصيغة وتنقسم إلى صريح وكناية معبرا عنه بفصل فقال فصل " الفرقة بلفظ الخلع طلاق " ينقص العدد كلفظ الطلاق لأن الله تعالى ذكره بين طلاقين في قوله " الطلاق مرتان " الآية فدل على أنه ملحق بهما ولأنه لو كان فسخا لما جاز على غير الصداق إذ الفسخ يوجب استرجاع البدل كما أن الإقالة لا تجوز بغير الثمن .
وفي قول فسخ لا ينقص عددا .
ويجوز تجديد النكاح بعد تكرره من غير حصر لأنها فرقة حصلت بمعاوضة فتكون فسخا كشراء زوجته وهذا القول منسوب إلى القديم وفي قول نص عليه في الأم أنه لا يحصل به شيء لا فرقة طلاق ولا فسخ .
وخرج بلفظ الخلع الفرقة بلفظ الطلاق إذا كان بعوض فإنه يكون طلاقا قاطعا وكذا إن قصد بلفظ الخلع الطلاق أو اقترن بلفظ الخلع طلاقا ك خالعتك على طلقة بألف .
قال الفوراني وإذا نوى بالخلع عددا إن جعلناه طلاقا وقع ما نواه أو فسخا فلا لأنه لا يتعدد .
فعلى الأول .
وهو أن الخلع طلاق " لفظ الفسخ " ك فسخت نكاحك بكذا فقبلت " كناية " فيه لأنه لم يرد في القرآن ولم يستعمل عرفا فيه فلا يكون صريحا فلا يقع الطلاق فيه بلا نية .
تنبيه : .
ليس المراد أن لفظ الفسخ كناية في لفظ الخلع إذ اللفظ لا يكنى به عن لفظ آخر بل المراد أنه كناية في الفرقة بعوض التي يعبر عنها بلفظ الخلع ويحكم عليها بأنها طلاق .
والمفاداة .
ك فاديتك بكذا حكمها " كخلع " في صراحته الآتية " في الأصح " لورود لفظة المفاداة في القرآن ولم يشتهر على لسان حملة الشريعة .
ولفظ الخلع صريح .
في الطلاق فلا يحتاج معه لنية لأنه تكرر على لسان حملة الشرع لإرادة الفراق فكان كالتكرر في القرآن وهذا ما صرح به البغوي والنسائي وصاحب الأنوار والإسنوي والبلقيني وظاهره أنه لا فرق بين أن يذكر معه مال أم لا .
وفي قول .
هو " كناية " فيه يحتاج لنية الطلاق حظا له عن لفظ الطلاق المتكرر في القرآن ولسان حملة الشريعة ولأن صرائح الطلاق منحصرة في ألفاظ ليس هذا منها .
وهذا ما نص عليه في مواضع من الأم وقال القاضي الحسين وغيره إنه ظاهر المذهب وظاهره أنه لا فرق بين أن يذكر معه مال أم لا والأصح كما في الروضة أن الخلع والمفاداة أن ذكر معهما المال فهما صريحان في الطلاق لأن ذكره يشعر بالبينونة وإلا فكنايتان " فعلى الأول " وهو صراحة الخلع " لو جرى بغير ذكر ماله " مع زوجته بنية التماس قبولها ولم ينف العوض كأن قال خالعتك أو فاديتك ونوى التماس قبولها فقبلت بانت و " وجب مهر مثل في الأصح " لاطراد العرف بجريان ذلك بعوض فيرجع عند الإطلاق إلى مهر المثل لأنه المرد كالخلع بمجهول فإن جرى مع أجنبي طلقت مجانا كما لو كان معه العوض فاسد ولو نفى العوض فقال خالعتك بلا عوض وقع رجعيا وإن قبلت ونوى التماس قبولها فإن لم تقبل لم تطلق وإن قبلت ولم يضمر التماس جوابها ونوى الطلاق وقع رجعيا ولا مال .
تنبيه : .
قضية كلام المصنف وقوع الطلاق جزما وهو مخالف لما مر عن الروضة من كونه كناية على الأصح كذا نبه عليه ابن النقيب وغيره .
قال الجلال البلقيني والحق أنه منافاة بينهما فإنه ليس في المنهاج صريح مع عدم ذكر المال فلعل مراده أنه جرى بغير ذكر مال مع وجود مصحح له وهو اقتران النية اه " .
وهو جمع حسن ( 3 / 269 ) لأن الجمع إذا أمكن كان أولى من تضعيف أحد الجانبين مع أن ظاهر إطلاق الكتاب ليس مرادا قطعا إذ لا بد من هذه القيود المذكورة التي قيدت بها كلامه .
ويصح .
الخلع على قول الطلاق والفسخ " بكنايات الطلاق " أي بكل منها وسيأتي معظمها في بابه " مع النية " للطلاق من الزوجين معا فإن لم ينويا أو أحدهما لم يصح .
و .
يصح الخلع أيضا بالترجمة عنه " بالعجمية " وغيرها من اللغات نظرا للمعنى .
ولو قال .
الزوج لزوجته " بعتك نفسك بكذا " كألف " فقالت " فورا " اشتريت " أو نحوه كقبلت " فكناية خلع " سواء جعلناه خلعا أم فسخا بخلاف ما لم يذكر كذا أو لم يكن القبول على الفور .
قال الزركشي و الدميري وهو مستثنى من قاعدة ما كان صريحا في بابه ووجد نفاذا في موضوعه لا يكون كناية في غيره اه " .
وهذا ممنوع بل هو من جزئيات القاعدة فإنه لم يوجد نفاذه في موضوعه إذ موضوعه المحل المخاطب .
ولو قال بعتك طلاقك بكذا أو قالت بعتك ثوبي مثلا بطلاق كناية أيضا .
ثم شرع فيما اشتمل عليه الخلع من شوائب العقود بقوله " وإذا بدأ " الزوج بالهمز بمعنى ابتدأ " بصيغة معاوضة كطلقتك أو خالعتك بكذا " كألف فقبلت " وقلنا الخلع " في الصورة الثانية " طلاق " وهو الراجح كما مر " فهو معاوضة " لأخذه عوضا في مقابلة ما يخرجه عن ملكه " فيها شوب تعليق " لتوقف وقوع الطلاق فيه على قبول المال أما إذا قلنا الخلع فسخ فهو معاوضة محضة من الجانبين إذ لا مدخل للتعليق فيها بل هو كابتداء البيع .
و .
على المعاوضة " له الرجوع قبل قبولها " لأن هذا شأن المعاوضات " يشترط قبولها " أي المختلعة الناطقة " بلفظ غير منفصل " بكلام أجنبي أو زمن طويل كما في سائر العقود فتقول قبلت أو اختلعت أو نحوه فلا يصح القبول بالفعل بأن تعطيه القدر .
أما الخرساء فتكفي إشارتها المفهمة .
ويشترط كون القبول على وفق الإيجاب " فلو اختلف إيجاب وقبول كطلقتك بألف فقبلت بألفين وعكسه " كطلقتك بألفين فقبلت بألف " أو طلقتك ثلاثا بألف فقبلت واحدة بثلث ألف فلغو " في المسائل الثلاث للمخالفة كما في البيع ويفارق ما لو قال إن أعطيتني ألفا فأنت طالق فأعطته ألفين حيث يقع الطلاق بأن القبول جواب الإيجاب فإذا خالفه في المعنى لم يكن جوابا والإعطاء ليس جوابا وإنما هو فعل فإذا أتت بألفين فقد أتت بألف ولا اعتبار بالزيادة قاله الإمام .
ولو قال طلقتك ثلاثا بألف فقبلت واحدة فالأصح وقوع الثلاث و .
الأصح أيضا " وجوب ألف " لأن الزوج مستقل بالطلاق والزوجة إنما يعتبر قبولها بسبب المال فإذا قبلت المال اعتبر في الطلاق جانب الزوج .
وهذا بخلاف ما لو باع عبدين بألف فقبل أحدهما بألف فإنه لا يصح لأن مقصود المشتري الملك ولم يحصل والطلاق لا يدخل في ملك المرأة .
والثاني يقع واحدة بألف نظرا إلى قبولها والثالث لا يقع شيء لاختلاف الإيجاب والقبول .
وإن بدأ .
الزوج " بصيغة تعليق " في الإثبات " كمتى أو متى ما " بزيادة ما للتأكيد أو أي حين أو زمان أو وقت " أعطيتني " كذا فأنت طالق " فتعليق " محض من جانبه ولا نظر فيه إلى شبهة المعاوضة لأنه من صرائح ألفاظ التعليق فيقع الطلاق عند تحقق الصفة كسائر التعليقات وحينئذ " فلا رجوع له " قبل الإعطاء كالتعليق الخالي عن العوض في نحو إن دخلت الدار فأنت طالق .
ولا يشترط .
فيه " القبول لفظا " لأن الصيغة لا تقتضيه " ولا الإعطاء " فورا " في المجلس " أي مجلس التواجب وهو كما في المحرر وأهمله ( 3 / 270 ) المصنف ما يرتبط به الإيجاب بالقبول دون مكان العقد فمتى وجد الإعطاء طلقت وإن زادت على ما ذكره لدلالة اللفظ على الزمان وعمومه في سائر الأوقات ولو قيد في هذه بزمان أو مكان تعين وخرج بالإثبات ما إذا بدأ بصيغة تعليق بمتى ونحوها في النفي كقوله متى لم تعطني كذا فأنت طالق فهو للفور لأن متى ونحوها في النفي تقتضي الفور وبالزوج المرأة فإنها لو قالت متى طلقتني فلك علي ألف اختص الجواب بمجلس التواجب .
وفرق الغزالي بينهما بأن الغالب على جانبه التعليق وعلى جانبها المعاوضة .
وإن قال إن .
بكسر الهمزة " أو إذا أعطيتني " كذا فأنت طالق " فكذلك " أي فتعليق لا رجوع له فيه قبل الإعطاء ولا يشترط القبول لفظا ولا الإعطاء في المجلس لأنهما من حروف التعليق كمتى .
وخرج ب إن المكسورة المفتوحة فإن بها يقع الطلاق في الحال بائنا لأنها للتعليل قاله الماوردي قال وكذلك الحكم في إذ لأنها لماضي الزمان ولكن قياس ما رجحه المصنف في تعليق الطلاق الفرق بين النحوي وغيره كما سيأتي تحريره .
لكن يشترط .
في التعليق المذكور " إعطاء على الفور " في مجلس التواجب لأنه قضية العوض في المعاوضات وإنما تركت هذه القضية في متى ونحوها لأنها صريحة في جواز التأخير مع كون المغلب في ذلك من جهة الزوج معنى التعليق بخلاف جانب الزوجة كما مر .
تنبيه : .
محل الفور في الحرة أما إذا كانت الزوجة أمة والمشروط غير خمر كأن قال إن أعطيتني ألفا فأنت طالق فلا يشترط الإعطاء فورا لأنها لا تقدر على الإعطاء إلا من كسبها وهو متعذر في المجلس غالبا فإن أعطته ألفا ولو من غير كسبها ومال السيد طلقت بائنا لوجود الصفة ورد الزوج الألف لمالكها وتعلق مهر المثل بذمتها تطالب به إذا عتقت .
فإن قيل نقل الرافعي عن البغوي أنه لو قال لزوجته الأمة إن أعطيتيني ثوبا فأنت طالق لم تطلق إذا أعطته ثوبا لأنها لا تملكه فكان ينبغي أن يكون هنا كذلك .
أجيب بأن الثوب مبهم لا يمكن تمليكه بخلاف الألف درهم مثلا فإنه يمكن تمليكها في الجملة لغيرها فقوي الإبهام في الأول وهذا أولى من تضعيف أحد الجانبين .
وقضية التعليل إلحاق المبعضة والمكاتبة بالحرة وهو ظاهر فإن كان المشروط خمرا اشترط الإعطاء فورا وإن لم تملك الخمر لأن يدها ويد الحرة عليه سواء وقد تشتمل يدها عليه .
وإن بدأت .
أي الزوجة " بطلب طلاق " سواء أكان على جهة التعليق نحو إن أو متى أو لم يكن على جهته ك طلقني على كذا " فأجاب " الزوج قولها فورا " فمعاوضة " من جانبها لأنها تملك البضع بما تبذله من العوض " فيها شوب جعالة " لأنها تبذل المال في مقابلة ما يستقل به الزوج وهو الطلاق فإذا أتى به وقع الموقع وحصل غرضها كالعامل في الجعالة " فلها الرجوع قبل جوابه " لأن هذا حكم المعاوضات والجعالات جميعا .
ويشترط فور لجوابه .
في محل التواجب في الصيغ السابقة المقتضية فورا وغيرها كالتعليق ب متى تغليبا للمعاوضة من جانبها بخلاف جانب الزوج وقد تقدم الفرق بينهما فإن طلق متراخيا كان مبتدئا لا يستحق عوضا ويقع الطلاق حينئذ رجعيا .
نعم لو صرحت بالتراخي لم يشترط الفور كما قاله الزركشي قال ولم يذكروه ونقل عن البيان أنها لو قالت خالعتك بكذا فقال قبلت لم تطلق لأن الإيقاع إليه .
تنبيه : .
سكوت المصنف عن تطابق الإيجاب والقبول هنا يدل على أنه لا يشترط وهو كذلك فلو قالت طلقني بألف فطلقها بخمسمائة وقع بها على الصحيح لأنه سامح ببعض ما طلبت أن يطلقها عليه .
ولو طلبت .
من الزوج " ثلاثا " يملكها عليها " بألف فطلق طلقة بثلثه فواحدة " تقع " بثلثه " تغليبا لشوب الجعالة كما لو قال إن رددت عبيدي الثلاث فلك ألف فرد واحدا استحق ثلث الألف ولو طلق طلقتين استحق ثلثي الألف ولو طلقها طلقة ( 3 / 271 ) ونصفا استحق نصف الألف كما في زيادة الروضة .
قال الأذرعي ولو قال أنت طالق ولم يذكر عددا ولا نواه فالظاهر أنه يحمل على الواحدة ولو لم يملك عليها إلا طلقة استحق الألف لأنه أفادها البينونة الكبرى .
تنبيه : .
لو حذف المصنف ب ثلثه كان أولى فإنه لو اقتصر على قوله طلقتك واحدة استحق الثلث وكان يعلم حكم التقييد من باب أولى وأيضا فيه إبهام أنه إذا لم يعد ذكر المال يقع رجعيا وهو وجه ضعيف .
وإذا خالع أو طلق .
زوجته " بعوض " صحيح أو فاسد سواء جعلنا الخلع طلاقا أم فسخا " فلا رجعة " له عليها لأنها بذلت المال لتملك بعضها فلا يملك الزوج ولاية بالرجوع إليه .
فإن شرطها عليها .
كخالعتك أو طلقتك بدينار على أن لي عليك الرجعة " فرجعي " يقع في المسألتين لأن شرط الرجعة والمال متنافيان فيسقطان ويبقى مجرد الطلاق وقضيته ثبوت الرجعة ولا حاجة بعد رجعي لقوله " ولا مال " ولو عبر بالمذهب لكان أولى لنقله في الروضة القطع به عن الجمهور .
وفي قول .
يقع الطلاق " بائن بمهر مثل " لأن الخلع لا يفسد بفساد العوض كالنكاح .
وكلامه يشعر بأن هذا القول منصوص وقال الشيخ أبو حامد وغيره إنه مخرج .
تنبيه : .
قد يدخل في كلامه ما لو خالعها بعوض على أنه متى شاء رده وكان له الرجعة وقد نص الشافعي فيه على البينونة بمهر المثل لأنه رضي بسقوط الرجعة هنا ومتى سقطت لا تعود .
ولو قالت .
له " طلقني بكذا وارتدت " عقب هذا القول " فأجاب " قولها فورا نظرت " إن كان " الارتداد " قبل دخول أو بعده وأصرت " على الردة " حتى انقضت العدة بانت بالردة ولا مال " ولا طلاق لانقطاع النكاح بالردة في الحالتين " وإن أسلمت فيها " أي العدة بان صحة الخلع " وطلقت بالمال " المسمى وقت جوابه لبيان صحة الخلع وتحسب العدة من وقت الطلاق فلو تراخت الردة أو الجواب اختلفت الصيغة .
تنبيه : .
لو وقعت الردة مع الجواب قال السبكي الذي يظهر على بينونتها بالردة ولم أر للأصحاب كلاما في ذلك .
وقال شيخنا في منهجه إذا أجاب قبل الردة أو معها طلقت ووجب المال وهذا أوجه .
ولو ارتد الزوج بعد سؤالها فحكمه كردتها بعد سؤالها .
ولا يضر .
في الخلع " تخلل كلام يسير " عرفا " بين إيجاب وقبول " فيه قال الشارح كما في مسألة الارتداد اه " .
وهذا بخلاف البيع وتقدم الفرق بينهما أنه هناك بخلاف الكثير فيضر لإشعاره بالإعراض .
تنبيه : .
محل كون الكثير مضر إذا صدر من المخاطب المطلوب منه الجواب فإن صدر من المتكلم ففيه وجهان كالإيجاب والقبول في النكاح اقتضى إيراد الرافعي أن المشهور أنه لا يضر ثم حكى عن البغوي التسوية بينهما واعتمد هذا شيخي واستدل له بتمثيل الشارح لليسير بالارتداد فإنه من جانب المتكلم فمفهومه أنه لو كان كثيرا أضر