وما يشطره وما يذكر معهما .
الفرقة .
في الحياة " قبل وطء منها " هو متعلق بالفرقة أي الفرقة الحاصلة من جهة الزوجة قبل الدخول بها كإسلامها بنفسها أو بالتبعية كإسلام أحد أبويها كما جزم به الرافعي في باب المتعة أو فسخها بعيبه أو بعتقها تحت رقيق أو ردتها أو رضاعها زوجة له صغيرة " أو " لا من جهتها بل " بسببها كفسخه بعيبها تسقط المهر " المسمى ابتداء .
والمفروض الصحيح ومهر المثل في كل ما ذكر لأنها إن كانت هي الفاسخة فهي المختارة للفرقة فكأنها أتلفت المعوض قبل التسليم فسقط العوض .
كما لو أتلفت المبيع قبل التسليم وإن كان هو الفاسخ بعينها فكأنها هي الفاسخة .
فإن قيل ينبغي إذا كان إسلامها تبعا لإسلام أحد أبويها أن المهر يجب عليه عليه لإفساده نكاح غيره كما يجب على المرضعة إذا أفسدت برضاعها النكاح .
أجيب بأنه لو وجب عليه الغرم لنفر عن الإسلام بخلاف المرضعة وأيضا المرضعة قد تأخذ أجرة رضاعها فينجبر ما تغرمه بخلاف المسلم .
تنبيه : .
قضية إطلاق الشيخين وغيرهما فسخه بعيبها أنه لا فرق بين المقارن للعقد والحادث وهو كذلك وإن قيده الماوردي بالمقارن وجعل الحادث كالطلاق .
وما لا .
أي والتي لا يكون منها ولا بسببها " كطلاق " وخلع ولو باختيارها كأن فوض الطلاق إليها فطلقت نفسها أو علقه بفعلها ففعلت " وإسلامه " ولو تبعا " وردته ولعانه وإرضاع أمه " لها " أو " إرضاع " أمها " له وهو صغير " يشطره " أي بنصف المهر أما في الطلاق فلآية " وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن " .
وأما الباقي فبالقياس عليه .
تنبيه : : ات الأول قوله كطلاق قال الأذرعي يدخل فيه البائن والرجعي اه " .
واعترض قوله الرجعي بأن الكلام فيما قبل الدخول وأجيب بتصور الرجعة باستدخالها المني .
الثاني في تعبيره بالإرضاع دون الرضاع إشارة إلى اعتبار الفعل فلو دبت زوجته الصغيرة وارتضعت أمه لم تستحق الشطر لانفساخه بفعلها .
الثالث ذكره الإمام مثال لا قيد فلو أرضعت ابنته زوجة له صغيرة أو أرضعت بنت زوجة زوجا صغيرا لها كان الحكم كذلك .
الرابع سكت عما لو ارتدا معا هل هو كردتها فلا يشطره أو كردته فيشطره وجهان صحح الأول الروياني والنسائي والأذرعي وغيرهم وصحح الثاني المتولي والفارقي وابن أبي عصرون وغيرهم وهو أوجه وعبارة الرافعي في المتعة ولو ارتدا معا ففي وجوبها وجهان كالوجهين في التشطير والأصح المنع .
وفهم الزركشي أن التصحيح راجع للمسألتين قال شيخنا والظاهر رجوعه للمتعة فقط ولهذا عبر القمولي بقوله والأصح أنها لا تجب .
فإن قيل لم جعلتم عيبها كفسخها لكونه سبب الفسخ ولم تجعلوا عيبه كفسخه أجيب بأن الزوج بذل العوض في مقابلة منافعها .
فإن كانت معيبة فالفسخ من مقتضى العقد إذ لم يسلم له حقه والزوجة لم تبذل شيئا في مقابلة منافع الزوج والعوض الذي ملكته سليم فكان مقتضاه أن لا فسخ لها إلا أن الشارع أثبت لها الفسخ دفعا للضرر عنها فإذا اختارته لزمها رد البدل كما لو ارتدت وشراؤها زوجها يسقط جميع المهر قال الكمال بن أبي شريف لأنه دين لم يقبضه والسيد لا يثبت له ( 3 / 235 ) على رقيقه مال .
أما إذا كان عينا أو دينا وقبضته وأداه العبد من كسبه أو أداه عنه السيد من ماله فإنه يرجع إلى سيده ولو اشتراها تشطر ولو طلقها على أن لا تشطير لغا الشرط كما لو أعتق ونفى الولاء .
وخرج بقيد الحياة الفرقة بالموت لما مر من أن الموت مقرر للمهر ومن صور الموت ما لو مسخ أحدهما حجرا فإن مسخ أحدهما حيوانا فإن كان الزوج وكان قبل الدخول ففي التدريب أنه يحصل الفرقة ولا يسقط شيء من المهر إذ لا يتصور عوده للزوج لانتفاء أهلية تملكه للورثة لأنه حي فيبقى للزوجة قال ويحتمل تنزيل مسخه حيوانا بمنزلة الموت اه " .
الأول أوجه ولكن قوله فيبقى للزوجة الأوجه أن يكون نصفه تحت يد الحاكم حتى يموت الزوج فيعطى لوارثه أو يرده الله كما كان فيعطى له .
قال وإن مسخت الزوجة حيوانا حصلت الفرقة من جهتها وعاد كل المهر للزواج اه " .
وهذا ظاهر .
ويستثنى من إطلاقه ما لو زوج أمته بعبده ثم أعتقها أو أحدهما ثم طلق قبل الدخول فلا تشطير إذ لا مهر ولا يرد قتل الزوجة الحرة نفسها أو الزوج نفسه لأن المراد هنا ارتفاع النكاح مع بقائهما .
نعم يرد عليه إذا كانت الفرقة من مالكها إذا كانت أمة فإنه يسقط المهر وليس ذلك منهما ولا بسببها كما إذا كانت الأمة زوجة أصل أو فرع فوطئها مالكها أو أرضعت المالكة أمتها المزوجة الرقيق .
ثم قيل معنى التشطير أن له .
أي الزوج " خيار الرجوع " في النصف إن شاء رجع فيه وتملكه وإن شاء تركه كالشفيع لأنه لا يدخل في الملك بغير اختيار سوى الإرث وهذا الخيار كما يقتضيه كلام الرافعي حيث جعله كخيار الواهب .
والصحيح عوده .
أي نصف الصداق المعين إلى الزوج " بنفس الطلاق " لظاهر الآية السابقة .
هذا إن دفعه الزوج أو وليه من أب أو جد الأذرعي إنه الذي أورده أكثر العراقيين .
وغير الطلاق من الصور السابقة كالطلاق .
ويستثنى من إطلاق المصنف ما إذا سلم العبد الصداق من كسبه أو أداء السيد من ماله ثم طلق قبل الدخول فإن النصف يعود إلى السيد .
ولو باعه أو أعتقه ثم طلق فالعائد للمشتري في الأولى وللعتيق في الثانية .
أما إذا كان الصداق دينا فعلى الصحيح يسقط نصفه بالطلاق وعلى مقابله بالاختيار .
ولو أدى الدين والمؤدى باق تعين حقه في نصفه .
هذا كله إذا لم يحصل في الصداق نقص ولا زيادة " فلو زاد بعده " أي الطلاق أو ما ذكره معه " فله " أي الزوج كل الزيادة إذا عاد إليه كل الصداق أو نصفها إذا عاد إليه النصف لحدوثها في ملكه .
سواء أكانت متصلة أو منفصلة فإن نقص بعد الفراق ولو بلا عدوان وكان بعد قبضه فله كل الأرش أو نصفه فإن ادعت حدوث النقص قبل الطلاق صدقت بيمينها .
ثم ما ذكره المصنف فيما إذا تغير الصداق بعد الطلاق وأشار إلى تغييره قبله بقوله " وإن " فارق لا بسببها كأن " طلق والمهر تالف " بعد قبضه " فنصف بدله " له " من مثل " في المثلي " أو قيمة " في المتقوم لأنه لو كان باقيا لأخذ نصفه فإن مات رجع بنصف بدله كما في الرد بالعيب .
تنبيه : .
التعبير بنصف القيمة قال الإمام فيه تساهل وإنما هو قيمة النصف وهي أقل من ذلك ومال إليه ابن الرفعة والسبكي وغيرهما .
وقد نبه الأذرعي على أن الشافعي والجمهور قد عبروا بكل من العبارتين وهذا منهم يدل على أن مؤداهما عندهم واحد بأن يراد بنصف القيمة نصف قيمة كل من النصفين منفردا لا منضما إلى الآخر فيرجع بقيمة النصف أو بأن يراد بقيمة النصف قيمته منضما لا منفردا فيرجع بنصف القيمة وهو ما صوبه في الروضة هنا رعاية للزوج كما روعيت الزوجة في ثبوت الخيار لها فيما يأتي .
وإن كان المهر باقيا بحاله فليس لها إبداله وإن أداه عما في ذمته إلا برضاه .
وإن تعيب في يدها .
قبل الفراق " فإن قنع " الزوج " به " أي النصف معيبا فلا أرش له كما لو تعيب المبيع في يد البائع " وإلا " بأن لم يقنع به فإن كان متقوما " فنصف قيمته سليما ( 3 / 236 ) وإن كان مثليا فمثل نصفه لأنه لا يلزمه الرضا بالمعيب فله العدول إلى بدله .
وإن تعيب .
بآفة سماوية " قبل قبضها " له وقنعت به " فله نصفه ناقصا بلا " أرش ولا " خيار " لأنه حالة نقصه كان من ضمانه .
فإن عاب .
بأن صار ذا عيب " بجناية " من أجنبي تضمن جنايته " وأخذت أرشها " أو عفت عن أخذه قياسا على ما قالوه في هبة الصداق " فالأصح أنه له نصف الأرش " مع نصف العين لأنه بدل الفائت .
والثاني لا شيء له من الأرش كالزيادة المنفصلة .
فإن كانت الجناية من الزوج أو منها أو من أجنبي لا يضمن فلا يخفى حكمه مما سبق أول كتاب الصداق في إتلاف جميعه .
تنبيه : .
لو تلف البعض في يدها كأحد الثوبين أخذت نصف الموجود ونصف بدل المفقود .
ولها زيادة منفصلة .
حدثت بعد الإصداق كثمرة وولد وأجرة لأنها حدثت في ملكها والطلاق إنما يقطع ملكها من حين وجوده لا من أصله وسواء أحدثت في يده أم يدها ويختص الرجوع بنصف الأصل .
نعم إن كانت الزيادة ولد أمة لم يميز فليس له ذلك وإن رضيت الزوجة بل يرجع بقيمة نصف الأمة لحرمة التفريق فإن كان مميزا أخذ نصفها فإن نقصت قيمتها بالولادة في يدها فله الخيار أو في يده أخذ نصفها ناقصا فإن كان الولد حملا عند الإصداق رجع في نصفه إن رضيت مع نصف الأم وإلا فقيمة نصف يوم الانفصال مع قيمة نصفها .
ولها خيار في .
زيادة " متصلة " كسمن وتعلم حرفة وليس خيارها فورا بل إن طلبه الزوج كلفت فورا إختيار أحد الأمرين وهو ما ذكره بقوله " فإن شحت " فيها " فنصف قيمة " المهر بأن يقوم بغير زيادة ويعطى الزوج نصفه " بلا زيادة " عليه لأن الزيادة غير مفروضة ولا يمكن الرد دونها فجعل المفروض كالهالك .
وإن سمحت .
بها " لزمه القبول " للزيادة وليس له طلب بدل النصف لأن حقه مع زيادة لا تتميز ولا تفرد بالتصرف بل هي تابعة .
فلا تعظم فيها المنة .
تنبيه : .
الزيادة المتصلة لا أثر لها في سائر الأبواب إلا هنا وفرقوا بفروق منها أن الزوج متهم بالطلاق بخلاف غيره .
ومنها وهو الذي عول عليه الأكثرون أن هذا العود ابتداء تملك لا فسخ بخلاف العود في غير الصداق فإنه فسخ وهو يرفع العقد من أصله أو حينه فإن رفع من أصله فكأن لا عقد أو من حينه فالفسخ شبيه بالعقد والزيادة تتبع الأصل في العقد فكذا في الفسخ ولكون العود هنا ابتداء تمليك لا فسخا لو أمهر العبد من كسبه ثم عتق ثم طلق عاد الشطر إليه لا إلى السيد ولو كان على سبيل الفسخ لعاد إلى الذي خرج عن ملكه وقضية هذا الفرق أنهما لو تقابلا في الصداق أو رد بعيب أنه يرجع إلى الزوجة بزيادته وإطلاقهم ينافيه .
وإن زاد .
المهر " ونقص " إما بسبب واحد " ككبر عبد " بحيث تنقص قيمته " وطول نخلة " بحيث يؤدي إلى هرمها وقلة ثمرها فالنقص في العبد من حيث القيمة لأن الصغير يدخل على النساء ولا يعرف الغوائل ويقبل التأديب والرياضة والزيادة فيه بأنه أقوى على الشدائد والأسفار وأحفظ لما يستحفظ .
والنقص في النخلة من حيث إن ثمرتها تقل فإن لم تقل فطولها زيادة محضة والزيادة فيها بكثرة الحطب .
و .
إما بسببين نحو " تعلم صنعة " مقصودة في العبد " مع " عيب نحو " برص " وعور " فإن اتفقا " أي الزوجان على الرجوع " بنصف العين " فذاك لأن الحق لا يعدوهما " وإلا فنصف قيمة " العين خالية عن الزيادة والنقص لأنه العدل ولا تجبر هي على دفع نصف العين للزيادة ولا هو على قبوله للنقص .
وزراعة الأرض نقص .
محض لأنها تستوفي قوة الأرض غالبا فإن ( 3 / 237 ) اتفقا على رد نصف العين وترك الزرع إلى الحصاد فذاك قاله الإمام وعليه إبقاؤه بلا أجرة لأنها زرعت ملكها الخالص .
وإن لم يتفقا رجع بنصف قيمة الأرض بلا زراعة .
وحرثها .
إذا كانت معدة للزراعة كما صرح به في المحرر " زيادة " لأنه هيأها للزرع المعدة له أما المعدة للبناء فحرثها نقص لأنه يشعثها فإن رضي الزوج بالناقصة أجبرت على تسليمها له لأنها دون حقه .
فإن قيل لم أطلق المصنف ذلك مع أن التقييد في المحرر أجيب بأنه إنما أطلق لقرينة تقدم الزرع فأشعر بأن الكلام في أرض للزراعة .
وحمل أمة وبهيمة زيادة .
لتوقع الولد " ونقص " للضعف حالا وخوف الموت ما لا ولرداءة لحم البهيمة المأكولة ولهذا رجح المصنف أنها لا تجزىء في أضحية .
وقيل البهيمة .
أي حملها " زيادة " محضة لانتفاء خطر الولادة فيها غالبا بخلاف الإماء .
تنبيه : .
لو أصدقها حائلا فحملت في يده وولدت في يدها ونقصت قيمتها بالولادة فهل النقص من ضمانة ولها الخيار لأن السبب وجد في يده أو من ضمانها وله الخيار لأن النقص حصل عندها وجهان قال الرافعي لا يخفى نظائرها أي كقتل المبيع بردة سابقة على قبضه وقضيته أنه من ضمانه .
وإطلاع نخل .
أي لم يؤبر بعد الإصداق " زيادة متصلة " أي كالمتصلة فتمنع الزوج من الرجوع القهري لحدوثه في ملكها فإن رضيت الزوجة بأخذ الزوج نصف النخل مع الطلع أجبر عليه كالسمن في البهيمة بخلاف الثمرة المؤبرة كما سيأتي .
وإن طلق وعليه .
أي النخل المصدق " تمر " حدث طلعه بعد الإصداق " مؤبرة " بأن تشقق طلعه " لم يلزمها قطفه " أي قطعه ليرجع الزوج في نصف النخل لأنه حدث في ملكها فتستحق إبقاءه إلى الجداد .
ولو طلق بعد وقت جداد الثمرة لزمها قطعه ليأخذ نصف النخل الشجر وكذا لو جرت العادة بقطعه أخضر كالحصرم كما يفهمه إطلاقهم قال الأذرعي وفيه احتمال ظاهر .
فإن قطفت .
أو قالت له ارجع وأنا أقطفه عن النخل " تعين نصف النخل " إن لم يحصل نقص بقطعه ككسر غصن ولم يمتد زمن قطعه لزوال المانع .
ولو رضي .
الزوج " بنصف النخل وتبقية الثمر إلى جداده أجبرت في الأصح ويصير النخل " بعد إجبارها " في يدهما " كسائر الأملاك المشتركة إذ لا ضرر عليها في ذلك والثاني لا تجبر ورجحه جمع وقال الأذرعي إنه الأصح أو الصحيح لأنه قد يمنعها السقي إن أرادته لتنمية الثمرة عند إضراره بالشجر .
تنبيه : .
مراد المصنف ما إذا قبض النصف شائعا بحيث برئت من ضمانه فلو قال أنا أرضى بنصف النخل وأؤخر الرجوع إلى بعد الجداد فلها الامتناع وإن أبرأها عن الضمان بأن قال ارجع ويكون نصيبي وديعة عندك وقد أبرأتك من ضمانه لأن نصيبه يكون مضمونا عليها ولا عبرة بالإبراء المذكور لأن الإبراء من ضمان العين مع بقائها باطل .
ولو رضيت به .
أي بما ذكر من أخذ الزوج نصف النخل وتبقية الثمر إلى جداده " فله الامتناع " منه ولا يجبر عليه " و " له " القيمة " أي طلبها لأن حقه يثبت معجلا فلا يؤخر إلا برضاه والتأخير بالتراضي جائز لأن الحق لهما ولا يلزم فلو بدا لأحدهما الرجوع عما رضي به جاز لأن ذلك وعد لا يلزم .
ولو وهبته نصف الثمار ليشتركا في الشجر والثمر هل يجبر على القبول أو لا وجهان قال في أصل الروضة أصحهما الأول .
فرع لو أصدقها نخلة .
مع ثمرتها ثم طلقها قبل الدخول ولم يرد الصداق رجع في نصف الجميع وإن قطعت الثمرة لأن الجميع صداق ويرجع أيضا في نصف الكل من أصدق نخلة مطلعة وطلق وهي مطلعة فإن أبرت ثم طلق رجع في نصف الشجرة وكذا في نصف الثمرة إن رضيت لأنها قد زادت وإلا أحد نصف الشجرة مع نصف قيمة الطلع ( 3 / 238 ) .
تنبيه : .
تناثر نور الشجر وظهور ما يبرز بلا نور كالتأبير .
ومتى ثبت خيار له .
بسبب نقص الصداق " أو لها " بسبب زيادته أولهما باجتماع الأمرين " لم يملك نصفه حتى يختار ذو " أي صاحب " الاختيار " إن كان لأحدهما وإن كان لهما اعتبر توافقهما .
تنبيه : .
قد سبق أن هذا الاختيار ليس على الفور لكن إذا طلبه الزوج كلفت الزوجة اختيار أحدهما .
ولا يعين الزوج في طلبه عينا ولا قيمة لأن التعيين يناقض تفويض الأمر إليها بل يطالبها بحقه عندها .
فإن امتنعت من الاختيار لم تحبس ونزعت منها العين فإن أصرت بيع منها بقدر الواجب فإن تعذر بيع الجميع وتعطى الزائد .
وإن استوى نصف العين ونصف القيمة أعطي نصف العين ومتى استحق الرجوع في العين استقل به .
ومتى رجع بقيمة .
المهر في المتقوم لهلاك الصداق أو غيره " اعتبر الأقل من " قيمة المهر " يومي الإصداق والقبض " لأن قيمته يوم الإصداق إن كانت أقل فالزيادة بعد ذلك حدثت في ملكها لا تعلق للزوج بها فلا تضمنها وإن كانت قيمة يوم القبض أقل فما نقص قبل ذلك فهو من ضمانه فلا رجوع به عليها .
تنبيه : .
قضية كلام المتن كالروضة عدم اعتبار الحالة المتوسطة .
وقياس ما مر من البيع والثمن اعتبار الأقل بين اليومين أيضا وهو المعتمد كما يؤخذ من التعليل ومن تعبير التنبيه وغيره بالأقل من يوم العقد إلى يوم القبض ونقل عن النص أن الواجب قيمة يوم القبض وزعم الإسنوي أنه المفتى به وأجاب غيره بأن النص مفروض في الزيادة والنقص الحاصلين بين القبض والتلف والكلام هنا مفروض في الحاصل من ذلك بين الإصداق والقبض .
ويستثنى من إطلاق المصنف ما لو تلف الصداق بعد الطلاق في يدها فإنها تضمنه بقيمة يوم التلف لأن ملكه تلف تحت يد ضامنه كالمبيع التالف تحت يد المشتري بعد الفسخ .
فروع لو أصدقها حليا فكسرته أو انكسر وأعادته كما كان ثم فارق قبل الدخول لم يرجع فيه إلا برضاها لزيادته بالصنعة عندها وكذا لو أصدقها نحو جارية هزلت ثم سمنت عندها كعبد نسي صنعة ثم تعلمها عندها بخلاف ما لو أصدقها عبدا فعمي عندها ثم أبصر فإنه يرجع بغير رضاها كما لو تغيب بغير ذلك في يدها ثم زال العيب ثم فارقها .
فإن لم ترض الزوجة برجوع الزوج في الحلي المعاد رجع بنصف وزنه تبرا ونصف قيمة صنعته وهي أجرة مثلها من نقد البلد وإن كان من جنسه كما في الغصب فيما لو أتلف حليا وهذا ما جرى عليه ابن المقري وهو المعتمد وإن فرق بعض المتأخرين بين هذا الباب وبين باب الغصب بأنه هناك أتلف ملك غيره فكلفناه رد مثله مع الأجرة والمرأة إنما كسرت ملك نفسها فتدفع نصف قيمة الحلي بهيئته التي كانت من نقد البلد وإن كان من جنسه .
ولو أصدقها إناء ذهب أو فضة فكسرته وأعادته أو لم تعده لم يرجع مع نصفه بالأجرة إذ لا أجرة لصنعته .
ولو نسيت المغصوبة الغناء عند الغاصب لم يضمنه لأنه محرم وإن صح شراؤها بزيادة للغناء على قيمتها بلا غناء وهو محمول على غناء يخاف منه الفتنة .
و .
اعلم أن كل عمل يستأجر عليه كتعليم قرآن وخياطة وخدمة وبناء يجوز جعله صداقا كما يجوز جعله ثمنا فعلى هذا " لو أصدق " ها " تعليم قرآن " لها بنفسه وفي تعليمه كلفة لا كثم نظر أو تعليم حديث أو خط أو شعر أو نحوه مما يصح الاستئجار على تعليمه " وطلق " أو فارق بغير طلاق كردته وحده " قبله " أي التعليم بعد دخول أو قبله " فالأصح تعذر تعليمه " لأنها صارت محرمة عليه ولا يجوز اختلاؤه بها .
والثاني لا يتعذر بل يعلمها من وراء حجاب في غير خلوة إن أمكن .
وأجاب الأول بأنا لا نأمن الوقوع في التهمة والخلوة المحرمة لو جوزنا ذلك قال الرافعي وليس سماع الحديث كذلك فإنا لو لم نجوزه لضاع وللتعليم بدل يرجع إليه اه " .
فإن قيل الأجنبية يباح النظر إليها للتعليم وهذه صارت أجنبية فهلا جاز تعليمها أجيب بأن كلا من الزوجين قد تعلقت آماله بالآخرة وحصل بينهما نوع ود فقويت التهمة فامتنع التعليم لقرب الفتنة بخلاف الأجنبي فإن قوة الوحشة بينهما اقتضت جواز التعليم .
وقيل المراد بالتعليم ( 3 / 239 ) الذي يجوز النظر له هو التعليم الواجب كقراءة الفاتحة فما هنا محله في غير الواجب ورجح هذا السبكي وقيل التعليم الذي يجوز النظر له خاص بالأمرد بخلاف الأجنبية ورجحه الشارح والمعتمد الأول .
تنبيه : .
أفهم تعليلهم السابق أنها لو لم تحرم الخلوة بها كأن كانت صغيرة لا تشتهى أو صارت محرما له برضاع أو نكحها ثانيا لم يتعذر التعليم وهو كذلك كما جزم به البلقيني .
وبما تقرر علم أن المراد بالتعذر ما يشمل التعسر وإلا فالتعليم من وراء حجاب بحضرة من تزول معه الخلوة ممكن وعلى هذا لو تيسر في هذه الحالة التعليم في مجلس كسورة قصيرة فالظاهر أنه لا تعذر كما في النهاية وصوبه السبكي وإن كان ظاهر كلام الجمهور بقاء التعذر أما ما لا كلفة فيه كتعليم لحظة أو كلمة ك ثم نظر فإنه لا يصح كما في نظيره في الإجارة .
وخرج بتعليمها بنفسه ما لو أصدقها التعليم في ذمته وفارق قبله فلا يتعذر التعليم بل يستأجر محرما أو امرأة أو نحوهما يعلمها الكل إن فارق بعد الوطء والنصف إن فارق قبله .
ولو لم يحسن الزوج التعليم لما شرط تعليمه لم يصح إصداقه إلا في الذمة فإن شرط أن يتعلم ثم يعلمها لم يصح لأن العمل متعلق بعينه والأعيان لا تؤجل .
ولو أرادت تعليم غيرها لم يلزم الزوج الإجابة لاختلاف الناس في الحفظ والفهم .
فروع لو أصدق زوجته الكتابية تعليم قرآن صح إن توقع إسلامها وإلا فلا كتعليم التوراة والإنجيل لها أو لمسلمة فإنه لا يصح إذ لا يجوز الاشتغال بهما لتبديلهما .
ولو أصدقها التوراة والإنجيل وهما كافران فأسلما أو ترافعا إلينا بعد التعليم فلا شيء لها سواء أو قبله وجب لها مهر مثل .
ولو أصدق زوجته تعليم فقه أو شعر أو نحوه مما ليس بمحرم أو أصدقها رد عبدها من موضع معلوم صح .
ولو أصدقها تعليم عبدها أو ولدها أو ختانه صح إن وجب عليها لوجوب ذلك عليها وإلا فلا ولو أصدقها تعليم الفاتحة صح وإن تعين عليه التعليم .
ولو أصدق الكتابية تعليم الشهادتين أو هي أو غيرها أداء شهادة لم يصح فإن كان في تعليمها كلفة أو محل القاضي المؤدى عنده الشهادة بعيدا يحتاج فيه إلى ركوب فالظاهر الصحة كما قاله الأذرعي .
ويجب .
على الأصح عند تعذر التعليم " مهر مثل " على الزوج إن طلق " بغير وطء ونصفه " إن طلق " قبله " أي الوطء جريا على القاعدة .
ولو علمها ثم طلقها فإن كان بعد الدخول فقد استوفت حقها ولا رجوع وإن كان قبل الدخول رجع إلى نصف أجرة مثل التعليم .
تنبيه : .
لو أصدقها تعليم سورة من القرآن أو جزء منه اشترط تعيين المصدق وعلم الزوج والولي بالمشروط تعليمه فإن لم يعلما أو أحدهما وكلا أو أحدهما من يعلمه ولا يكفي التقدير بالإشارة إلى المكتوب في أوراق المصحف .
ولا يشترط تعيين الحرف الذي يعلمه لها كقراءة نافع فبعلمها ما شاء كما في الإجارة ونقل عن البصريين أنه يعلمها ما غلب قراءة أهل البلد وهو كما قال الأذرعي حسن وإن لم يكن فيها أغلب علمها ما شاء فإن عين الزوج والولي حرفا تعين فإن خالف وعلمها حرفا غيره فمتطوع به فيلزمه تعليم الحرف المعين عملا بالشرط .
ولو أصدقها تعليم قرآن أو غيره شهرا صح لا تعليم سورة في شهر كما في الإجارة .
ولو أطلق .
قبل وطء وبعد قبض الصداق " وقد زال ملكها عنه " ببيع أو غيره كهبة مقبوضة " فنصف بدله " من مثل أو قيمة فإن قيل هلا كان له نقض تصرفها كالشفيع أجيب بأن حق الشفيع كان موجودا حين تصرف المشتري فلذلك تسلط على نقضه والزوج لا حق له عند التصرف وإنما حدث حقه بالطلاق بل حقه ضعف من حق الولد في الرجوع لأن استحقاق الوالد الرجوع موجود عند تصرف الولد فإذا امتنع الرجوع بعد زوال ملك الولد فتعذره بزوال ملك الزوجة أولى .
تنبيه : .
أفهم كلامه أنه لم يزل ملكها عنه أن الحكم بخلافه وهو كذلك إن لم يحصل فيه زيادة ونحوها مما يمنع الرجوع قهرا ولم يتعلق به حق لازم للغير كرهن مقبوض فيمنع الرجوع فيه .
والبيع بشرط الخيار إن كان للمشتري وحده رجع الزوج إلى نصف البدل لانتقال الملك بذلك وإلا فله نصف العين وأما الإجارة أو التزويج منها للصداق فعيب ينقص القيمة بذلك فيتخير الزوج بين رجوعه بنصف القيمة ورجوعه بنصف الصداق مسلوب المنفعة مدة الإجارة ( 3 / 240 ) فإن صبر الزوج في صورة الرهن والإجارة والتزويج بأن قال مع اختيار رجوعه بإذن المرتهن في صورته أنا أصير إلى انفكاك الرهن وانقضاء مدة الإجارة وزوال الزوجية فلها الامتناع لما عليها من خطر الضمان حتى يقبض هو المرهون والمستأجر والمزوج وتسلم العين المصدقة للمستحق لها لتبرأ الزوجة من الضمان فليس لها حينئذ الامتناع لانتفاء العلة .
ولو وصت بعتق العبد المصدق رجع الزوج فيه لأن الوصية ليست بحق لازم .
ولو دبرته أو علقت عتقه بصفة رجع إن كانت معسرة لما ذكر ويبقى النصف الآخر مدبرا أو معلقا عتقه بصفة لا إن كانت موسرة .
لأنه قد ثبت له مع قدرة الزوجة على الوفاء حق الحرية والرجوع يفوته بالكلية وعدم الرجوع فيه لا يفوت حق الزوج بالكلية .
فإن قيل التدبير لا يمنع فسخ البائع ولا رجوع الأصل الواهب في هبته لفرعه فهلا كان هنا كذلك أجيب بأن الثمن عوض محض ومنع الرجوع في الواهب يفوت الحق بالكلية بخلاف الصداق فيهما .
فرع لو طلقها قبل الدخول .
وهو محرم والصداق صيد عاد إليه نصفه لأن الطلاق لا ينشأ لاجتلاب الملك فأشبه الإرث وامتنع عليه إرساله للشركة بخلاف ما لو ارتدت قبل الدخول فإن الصيد يرجع إلى ملكه ويلزمه إرساله لأن المحرم ممنوع من إمساك الصيد .
فإن كان .
المهر " زال " عن ملكها " وعاد " إلى ملكها ثم طلقها قبل الدخول " تعلق " حق الزوج " بالعين " العائدة " في الأصح " لأنه لا بد له من بدل فعين ماله أولى .
والثاني لا لأن الملك في العين مستفاد من جهة غير الصداق .
وهذا الخلاف من فروع قاعدة الزائل العائد هل هو كالذي لم يزل أو كالذي لم يعد وله نظائر كثيرة مختلفة الترجيح منها لو زال ملك الولد عما وهبه له أصله ثم عاد لم يرجع الأصل في الأصح وفرق بأن حق الأصل انقطع بزوال ملك الولد فلم يعد وحق الزوج لم ينقطع بدليل رجوعه في البدل فعاد بالرجوع .
ولو وهبته له .
بلفظ الهبة بعد قبضها له والمهر عين " ثم طلق " أو فارق بغير طلاق كردة قبل الدخول " فالأظهر أن له نصف بدله " من مثل أو قيمة لأنه ملك المهر قبل الطلاق من غير جهة الطلاق .
والثاني لا شيء له لأنها عجلت له ما يستحق بالطلاق فأشبه تعجيل الدين قبل الدخول ومنع الأول كونه تعجيلا لحقه فإنها لو صرحت بالتعجيل لم يصح .
وخرج بما ذكر ما لو لم تهبه بلفظ الهبة بل باعته له محاباة فإنه يرجع بنصفه قطعا وإن كانت المحاباة في معنى الهبة وما لو وهبه له قبل قبضه فإن الهبة باطلة على المذهب وإن كان في كلام الشارح ما يوهم خلافه وسيأتي هبة الدين .
تنبيه : .
لو قال بدل نصفه كما عبر به بعد كان أولى .
وعلى هذا .
الأظهر " لو وهبته النصف " من المهر " فله نصف الباقي " وهو الربع " وربع بدل كله " لأن الهبة وردت على مطلق النصف فيشيع لراجع فيما أخرجته وما أبقته وهذا يسمى قول الإشاعة وكان الأولى أن يقول بدل ربع كله كما مر .
وفي قول .
له " النصف الباقي " لأنه بالنصف استحق النصف بالطلاق وقد وجده فيأخذه وتنحصر هبتها في نصيبها وهذا يسمى قول الحصر فرجوع الزوج بالنصف لا خلاف فيه بل الخلاف في كيفية الرجوع به .
وفي قول يتخير بين بدل نصف كله أو نصف الباقي وربع بدل كله .
لأن في الرجوع بنصف الباقي وبدل نصف الآخر تبعيضا للتشطير على الزوج فخير .
تنبيه : .
كان الأولى أن يقول كالمحرر والروضة نصف بدل كله وكان الأولى أيضا إسقاط ألف أو لأن بين إنما تكون بين شيئين ولكن إثباتها يقع كما قال بعضهم في كلام الفقهاء لا عن قصد .
ولو كان .
المهر " دينا " لها على زوجها " فأبرأته " منه ثم طلقها قبل الدخول " لم يرجع عليها " بشيء " على المذهب " لأنها لم تأخذ منه مالا ولم تتحصل منه على شيء بخلافها في هبة العين والطريق الثاني طرد قولي الهبة .
ولو قبضت الدين ثم وهبته له فالمذهب أنه كهبة العين .
وليس لولي عفو عن صداق .
لموليته " على الجديد " كسائر ديونها والقديم له ذلك بناء على أنه ( 3 / 241 ) الذي بيده عقدة النكاح .
وحمله الجديد على الزوج لتمكنه من رفعه بالفرقة فيعفو عن حقه ليسلم لها كل المهر إذ لم يبق للولي بعد العقد عقدة .
تنبيه : .
للقديم شروط وهي أن يكون الولي أبا أو جدا لمكان شفقتهما وأن يكون قبل الدخول وأن تكون بكرا صغيرة عاقلة وأن يكون بعد الطلاق وأن يكون الصداق دينا في ذمة الزوج لم يقبض .
تتمة لو خالعها قبل الدخول على غير الصداق استحقه وله نصف الصداق .
وإن خالعها على الصداق كله صح في نصيبها دون نصيبه ويثبت له الخيار إن جهل التشطير .
فإذا فسخ عوض الخلع رجع عليها بمهر المثل وإلا فنصف الصداق .
وإن خالعها على النصف الباقي لها بعد الفرقة صار كل الصداق له نصفه بعوض الخلع ونصفه بالتشطير .
وإن أطلق النصف بأن لم يقيده بالباقي ولا بغيره وقع العوض مشتركا بينهما فلها عليه ربع المسمى وله عليها ثلاثة أرباعه بحكم التشطير وعوض الخلع ونصف مهر المثل بحكم ما فسد من الخلع .
وإن خالعها على أن لا تبعة له عليها في المهر صح وجعلناه على ما يبقى لها منه