هو بفتح الصاد وكسرها ما وجب بنكاح أو وطء أو تفويت بضع قهرا كرضاع ورجوع شهود سمي بذلك لإشعاره بصدق رغبة باذله في النكاح الذي هو الأصل في إيجاب المهر .
ويجمع جمع قلة على أصدقة وجمع كثرة على صدق وله ثمانية أسماء مجموعة في قول الشاعر صداق ومهر نحلة وفريضة حباء وأجر ثم عقر علائق وزاد بعضهم الطول في بيت فقال مهر صداق نحلة وفريضة طول حباء عقر أجر علائق لقوله تعالى " ومن لم يستطع منكم طولا " وزاد بعضهم عاشرا وهو النكاح لقوله تعالى " وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا " .
وقيل الصداق ما وجب بتسمية في العقد والمهر ما وجب بغير ذلك .
والأصل في الباب قبل الإجماع قوله تعالى " وآتوا النساء صدقاتهن نحلة " أي عطية من الله مبتدأة والمخاطب بذلك الأزواج عند الأكثرين وقيل الأولياء لأنهم كانوا في الجاهلية يأخذونه ويسمونه نحلة لأن المرأة تستمتع بالزوج كاستمتاعه بها أو أكثر فكأنها تأخذ الصداق من غير مقابل .
وقوله تعالى " وآتوهن أجورهن " .
وقوله A لمريد التزويج .
التمس ولو خاتما من حديد رواه الشيخان .
نسن تسميته في العقد .
لأنه A لم يخل نكاحا عنه ولأنه أدفع للخصومة ولئلا يشبه نكاح الواهبة نفسها له A .
ويؤخذ من هنا أن السيد إذا زوج عبده أمته أنه يستحب ذكر المهر وهو ما في الروضة تبعا لبعض نسخ الشرح الكبير إذ لا ضرر في ذلك وإن خالف في ذلك بعض المتأخرين .
ولو أخلى .
سيدها " في داره بيتا " لها " وقال للزوج تخلو بها فيه " ولا أخرجها من داري " يلزمه إجابته " " في الأصح " لأن الحياء والمروءة يمنعانه من دخولها ولو فعل ذلك لم تلزمه نفقة بلا خلاف .
ويسن أن لا ينقص المهر عن عشرة دراهم خروجا من خلاف أبي حنيفة وأن لا يزيد على خمسمائة درهم كأصدقة بناته A وزوجاته وأما إصداق أم حبيبة أربعمائة دينار فكان من النجاشي إكراما له A .
ويسن أن لا يدخل بها حتى يدفع إليها شيئا من الصداق خروجا من خلاف من أوجبه .
ويجوز إخلاؤه منه .
بالأجماع لكن مع الكراهة كما صرح به الماوردي والمتولي وغيرهما .
تنبيه : .
كان الأولى أن يقول ويجوز إخلاؤه منها .
أي التسمية فإن النكاح لا يخلو من المهر إلا في مسائل مستثناة قد مر الكلام عليها وإنما تخلو منه التسمية ولهذا عبر في الروضة بقوله ويجوز إخلاؤه عن تسمية لمهر .
وقد تجب التسمية لعارض في صور الأولى إذا كانت الزوجة غير جائزة التصرف أو مملوكة لغير جائز التصرف .
الثانية إذا كانت جائزة التصرف وأذنت لوليها أن يزوجها ولم تفوض فزوجها هو أو وكيله .
الثالثة إذا كان الزوج غير جائز التصرف وحصل الاتفاق في هذه الصورة على أقل من مهر الزوجة وفيما عداها على أكثر منه فيتعين تسميته بما يقع الاتفاق عليه .
ولا يجوز إخلاؤه منه .
و .
لا تتقدر صحة الصداق بشيء لقوله تعالى " أن تبتغوا بأموالكم " فلم يقدره وقوله A التمس ولو خاتما من حديد .
بل ضابطه كل " ما صح " كونه " مبيعا " عوضا أو معوضا عينا أو دينا أو منفعة كثيرا أو قليلا ما لم ينته في القلة إلى حد لا يتمول " صح " كونه " صداقا ومالا " فلا .
فإن عقد بما لا يتمول ولا يقابل بمتمول فسدت التسمية ورجع لمهر المثل ومثل له الصيمري بالنواة والحصاة وقشر البصلة وقمع الباذنجانة فإن قيل يستثنى من الضابط ما لو جعل رقبة العبد صداقا لزوجته الحرة وما لو جعل أم الولد صداقا عن الولد وما لو جعل أحد أبوي الصغيرة صداقا لها فإنه يصح ببيع هذه المذكورات ولا يصح جعلها صداقا بل يبطل النكاح في الصورة الأولى لأنه قارنه ما يضاده وفي الباقي يصح بمهر المثل .
أجيب بصحة ما جعلها صداقا في الجملة والغرض بيان ما يصح ( 3 / 221 ) إصداقه وإنما امتنع فيها لعارض .
واستثنى أيضا ما لو أصدقها دينا له على غيرها فإنه لا يصح على النص مع صحة بيعه ممن هو عليه .
وهذا إنما يأتي على ما جرى عليه المصنف في هذا الكتاب أن بيعه لغير من هو عليه باطل أما ما جرى عليه في زيادة الروضة من صحته لغير من هو عليه فيصح كونه صداقا .
واستثنى أيضا ما لو جعل ثوبا لا يملك غيره صداقا لتعلق حق الله تعالى به من وجوب ستر العورة به وهذا مردود فإنه إن تعين الستر به لم يصح بيعه ولا جعله صداقا والأصح كل منهما .
واستثنى أيضا الجواهر والقسي فإن الشيخ أبا حامد قال لا يجوز السلم فيها كما لا يجوز جعلها صداقا وهذا مردود أيضا فإنه لا يصح بيعها في الذمة ولا إصداقها ويصح بيعها وإصداقها إن كانت معينة والضابط منطبق عليه .
واستثنى من عكس الضابط ما لو أصدقها ما عليها أو على عبدها من قصاص فإنه يصح ولا يصح بيعه .
وإذا أصدقها عينا .
يمكن تقويمها كعبد موصوف " فتلفت " تلك العين " في يده " قبل القبض " ضمنها " وإن عرضها عليها وامتنعت من قبضها " ضمان عقد " لأنها مملوكة بعقد معاوضة فأشبهت المبيع في يد البائع .
وفي قول ضمان يد .
كالمعار والمستام لعدم انفساخ النكاح بالتلف .
أما إذا لم يمكن تقويم عين الصداق فهو مضمون ضمان عقد قطعا كما في الروضة وأصلها في الكلام على الصداق الفاسد أن الفاسد فيما لو أصدقها عبدا أو ثوبا غير موصوف قالا فالتسمية فاسدة وعليه مهر المثل قطعا .
تنبيه : .
إنما فرض المصنف كالروضة وأصلها الخلاف في العين مع أنه لا يختص بها .
لأنه أكثر ما يظهر أثر الخلاف المتقدم فيها .
والفرق بين ضماني العقد واليد في الصداق أنه على الأول يضمن بمهر المثل وعلى الثاني بالبدل الشرعي وهو المثل إن كان مثليا والقيمة إن كان متقوما .
ثم فرع المصنف على القولين مسائل فقال " فعلى الأول ليس لها بيعه " أي المذكور من العين ولا غير البيع من سائر التصرفات الممتنعة ثم " قبل قبضه " كالمبيع .
وعلى الثاني يجوز .
ومما يتفرع على القولين الإقالة فيصح على الأول دون الثاني وهي مسألة نفيسة ذكرها القاضي الحسين .
تنبيه : .
لو عبر المصنف بالتصرف في العين لشمل ما قدرته ومع هذا يرد عليه ما لو كان دينا فإنه لا يجوز الاعتياض عنه على الأصح .
ولو تلف في يده .
بآفة سماوية " وجب مهر مثل " على القولين الأول لانفساخ عقد الصداق حتى لو كان رقيقا لزمه تجهيزه بخلافه على الثاني لا ينفسخ فيتلف على ملكها فيلزمها تجهيزه وعليه بدله من مثل أو قيمة .
ويعتبر أقصى القيم من الإصداق إلى التلف لاستحقاق التسليم في كل وقت من ذلك .
تنبيه : .
لو طالبته بالتسليم فامتنع لم ينتقل إلى ضمان اليد كما صححاه وقيل ينتقل ونسبه الزركشي إلى نص البويطي .
وإن أتلفته .
أي الزوجة " فقابضه " لحقها على القولين إذا كانت أهلا لأنها أتلفت حقها وإن كانت غير رشيدة فلا لأن قبضها غير معتد به .
وتقدم في البيع أنه لو كان المبيع عبدا فقتله المشتري لصياله عليه فلم يكن قبضا فليكن هنا كذلك .
وإن أتلفه أجنبي .
يضمن الإتلاف " تخيرت " أي الزوجة " على المذهب " بين فسخ الصداق وإبقائه كما مر نظيره في البيع .
فإن فسخت الصداق أخذت من الزوج مهر مثل .
على القول الأول ويدل الصداق من مثل أو قيمة على الثاني ويأخذ الزوج الغرم من المتلف .
وإلا .
بأن لم تفسخه " غرمت المتلف " بكسر اللام المثل أو القيمة وليس لها مطالبة الزوج على القول الأول ولها تغريمه على الثاني وهو يرجع على المتلف .
ومقابل المذهب أنها لا تتخير ويكون الحكم كما لو تلف بآفة سماوية .
ونوزع المصنف في حكاية الخلاف طريقين والمنقول أنه قولان أما إذا لم يضمن الأجنبي بالإتلاف كحربي أو مستحق قصاص على الرقيق الذي جعل صداقا أو نحو ذلك كإتلاف الإمام له لحرابة فكالآفة المساوية " وإن أتلفه الزوج فكتلفه " بآفة سماوية " وقيل كأجنبي " أي كإتلافه ( 3 / 222 ) وقد مر حكمهما .
ولو أصدق .
ها " عبدين فتلف أحدهما " بآفة سماوية أو بإتلاف الزوج " قبل قبضه انفسخ " عقد الصداق " فيه " على القول الأول " لا في الباقي على المذهب " من خلاف تفريق الصفقة المتقدم قبيل باب الخيار " ولها الخيار " فيه لعدم سلامة المعقود عليه .
فإن فسخت .
عقد الصداق " فمهر مثل " لها " وإلا " بأن أجازت " فحصة التالف منه " أي من مهر المثل مع الباقي وعلى الثاني لا ينفسخ عقد الصداق ولها الخيار فإن فسخت رجعت لقيمة العبدين وإن أجازت في الباقي رجعت لقيمة التالف .
أما إذا أتلفته الزوجة فقابضة لقسطه أو أجنبي فتتخير فإن فسخت طالبت الزوج بمهر المثل وإن أجازت طالبت الأجنبي بالبدل كما علم ذلك مما مر .
ولو تعيب .
الصداق المعين في يد الزوج بآفة سماوية كعمى العبد أو بجناية غير الزوجة كقطع يده " قبل قبضه تخيرت " أي الزوجة " على المذهب " بين فسخ الصداق وإبقائه .
تنبيه : .
قضية كلامه أن ذلك مفرع على ضمان العقد ولا خلاف في ثبوت الخيار حينئذ فكيف يقول على المذهب ولا يصح أن يقال إنه فرعه على القولين كما صرح به الإمام وغيره لأن قوله " فإن فسخت فمهر المثل وإلا " بأن أجازت " فلا شيء لها " غير المعيب كالمشتري يرضى بالعيب مختص بضمان العقد وعلى مقابلة لها إن فسخت بذل الصداق وإن أجازت فلها أرش العيب .
نعم على الأول لها الأرش أيضا فيما إذا عيبه أجنبي وليس لها مطالبة الزوج وعلى مقابله لها مطالبته .
والمنافع الفائتة في يد الزوج لا يضمنها .
وإن طلبت .
منه الزوجة " التسليم " للصداق " فامتنع " منه " ضمن " على قول " ضمان العقد " كما لو أنفق ذلك من البائع فقول الزركشي والصواب عند الامتناع من التسليم التضمين وأما على ضمان اليد فيضمنها من وقت الامتناع بأجرة المثل فحيث لا امتناع لا ضمان على القولين .
وكذا .
المنافع " التي استوفاها " الزوج " بركوب " الدابة أصدقها " ونحوه " كلبس ثوب أو استخدام رقيق أصدقه لا يضمنها " على المذهب " بناء على أن جنايته كالآفة وهو الأصح كما مر .
ومقابل المذهب يضمنها بأجرة المثل بناء على أن جنايته كجناية الأجنبي أو بناء على ضمان اليد .
وإن زاد الصداق زيادة متصلة أو منفصلة فهي ملك للزوجة .
ولها حبس نفسها .
ولو بلا عذر " لنقبض المهر المعين والحال " كله أو بعضه في العقد أو الفرض الصحيح كما سيأتي دفعا لضرر فوات البضع فيجب عليه تأديته قال A أول ما يسئل عنه المؤمن من ديونه صداق زوجته وقال من ظلم زوجته في صداقها لقي الله تعالى يوم القيامة وهو زان .
تنبيه : .
قد يفهم كلامه أن المفوضة ليس لها ذلك قبل الفرض والمسيس وليس مرادا لما سيأتي وفرض المصنف ذلك المالكة لأمرها .
وأما غيرها لصغر أو جنون أو سفه فحبسها لوليها فإن رأى المصلحة في الترك فعله .
وأما الأمة فحبسها لسيده أو وليه هذا في غير المكاتبة كتابة صحيحة وأما هي فقال الأذرعي يشبه أن يجري في منع سيدها خلاف من الخلاف في تبرعاتها ويحتمل أن يكون لها ذلك وإن أبى السيد قطعا اه " .
والأوجه أنه ليس له المنع .
ويستثنى صور لا حبس فيها الأولى إذا عتق السيد الأمة وأوصى لها بصداقها فليس لها حبس نفسها لأن الاستحقاق هنا بالوصية لا بالنكاح .
الثانية أم الولد إذا زوجها السيد ثم مات وعتقت وصار الصداق للوارث فليس له حبسها إذ لا ملك له فيها ولا لها لأن الصداق ليس لها .
الثالثة الأمة المزوجة إذا باعها السيد أو أعتقها بعد استحقاقه لصداقها فالمهر له ولا حبس لخروجها عن ملكه " لا المؤجل " فلا تحبس نفسها بسببه لرضاها بالتأجيل .
فلو حل ( 3 / 223 ) الأجل .
قبل التسلم " لنفسها للزوج " فلا حبس في الأصح " لوجو تسليمها نفسها قبل الحلول فلا يرتفع لحلول الحق وهذا ما حكاه في الشرح الكبير عن أكثر الائمة وهو المعتمد .
والثاني لها الحبس كما لو كان حالا ابتداء ورجحه القاضي أبو الطيب وقال إن الأول غلط .
وصوبه في المهمات هنا وفي البيع اعتمادا على نص نقله عن المزني .
قال الأذرعي وقد راجعت كلام المزني فوجدته من تفقهه ولم ينقله عن الشافعي .
ولو .
تنازع الزوجان في البداءة بالتسليم كأن " قال كل " منهما للآخر " لا أسلم حتى تسلم " أي قال الزوج لا أسلم المهر حتى تسلمي نفسك وقالت هي لا أسلمها حتى تسلم إلي المهر " ففي قول يجبر هو " على تسليم الصداق أولا لأن استرداده ممكن بخلاف البضع " .
تنبيه : .
تنبيه : .
تنبيه : .
تنبيه : .
تنبيه : .
تنبيه : .
ثم فرع المصنف على القولين مسائل فقال " فعلى الأول ليس لها بيعه " أي المذكور من العين ولا غير البيع من سائر التصرفات الممتنعة ثم " قبل قبضه " كالمبيع .
محل هذا إذا كانت مهيأة للاستمتاع كما في الروضة وأصلها لا كمريضة ومحرمة .
قال الأذرعي ولا يختص هذا بهذا القول بل هو معتبر على كل قول حتى لو بذلت نفسها وبها مانع من إحرام أو غيره لم يجبر صرح به العراقي شارح المهذب .
وفي قول لا إجبار .
على كل منهما لاستوائهما في ثبوت الحق لكل منهما على الآخر وحينئذ " فمن " بادر و " سلم " منهما " أجبر صاحبه " على التسليم " والأظهر يجبران فيؤمر " الزوج " بوضعه " أي المهر " عند عدل وتؤمر " الزوجة " بالتمكين فإذا سلمت " نفسها " أعطاها العدل المهر " لما فيه من فصل الخصومة قال الإمام فلو هم بالوطء بعد أن تسلمت المهر فامتنعت فالوجه استرداده .
تنبيه : .
أشعر اقتصاره على الأقوال الثلاثة أنه لا يجيء قول بإجبار الزوجة وهو كذلك كما صرح به الإمام لفوات البضع عليها بالتسليم .
واستشكل ابن الرفعة القول الأول المرجح بالوضع عند عدل بأنه إن كان نائبا عن الزوجة فالمجبر الزوج وهو القول الأول وإن لم يكن نائبها فقد أجبرت أولا ولا قائل به كما مر .
وأجاب بأنه نائب عنها كما قال الأصحاب لكنه ممنوع من تسليم المهر إليها وهي ممنوعة من التصرف فيه قبل التمكين بخلافه على القول الأول فإنها تتصرف فيه بمجرد قبضه .
وأجاب آخر بأنه نائبهما واستشهد له بمقتضى كلام الأصحاب المذكور .
وأجاب آخر بأنه نائبهما ولا محظور في إجباره لزوال العلة المقتضية لعدم إجبارها .
وأجاب آخر بأنه نائب الشرع لقطع الخصومة بينهما وهذا أولى .
فرع يجب عليه نفقتها .
بقولها إذا سلم المهر ومكنت لأنها حينئذ ممكنة .
ولو بادرت .
أي الزوجة " فمكنت " أي الزوج " طالبته " بالمهر على كل قول لأنها بذلت ما في وسعها ولها حينئذ أن تستقل بقبض الصداق بغير إذن الزوج كنظيره في البيع .
فإن لم يطأ امتنعت .
أي جاز لها الامتناع من تمكينه " حتى يسلم " المهر لأن القبض في النكاح بالوطء دون التسليم " وإن وطئ " ها بتمكينها منه مختارة مكلفة ولو في الدبر " فلا " كما لو تبرع البائع بتسليم المبيع ليس له استرداد ليحبسه .
أما إذا وطئت مكرهة أو غير مكلفة لصغر أو جنون فلها الامتناع لعدم الاعتداد بتسليمها .
نعم لو سلم الولي المجنونة أو الصغيرة لمصلحة فينبغي كما في الكفاية أنه لا رجوع لها وإن كملت كما لو ترك الولي الشفعة لمصلحة ليس للمحجور عليه الأخذ بها بعد زوال الحجر على الأصح بخلاف ما لو سلمها لغير مصلحة بل المحجور عليها لسفه لو سلمت نفسها ورأى الولي خلافه فينبغي كما قال شيخنا أن يكون له الرجوع وإن وطئت " ولو بادر " الزوج " فسلم " المهر " فلتمكن " زوجها وجوبا إذا طلبه لأنه فعل ما عليه .
فإن امتنعت .
أي الزوجة من تمكين زوجها " بلا عذر " منها " استرد " المهر منها " إن قلنا " بالمرجوح " أنه يجبر " على التسليم أولا لأنه لم يتبرع .
أما إذا قلنا بالراجح وهو أنه لا يجبر أولا لم يسترد لأنه تبرع بالمبادرة فكان كتعجيل الدين المؤجل ( 3 / 224 ) .
تنبيه : .
أهمل المصنف محل التسليم وهو منزل الزوج وقت العقد كما ذكره في التنبيه فإن انتقل عن بلد العقد فزائد المؤنة عليه فلو تزوج رجل بغزة امرأة بالشام سلمت نفسها بغزة اعتبارا بمحل العقد فإن طلبها إلى مصر فنفقتها من الشام إلى غزة عليها ثم من غزة إلى مصر عليه .
وهل تلزمه مؤنة الطريق من الشام إلى غزة أم لا قال الحناطي في فتاويه نعم .
وحكى الروياني فيه وجهين أحدهما نعم لأنها خرجت بأمره والثاني لا لأن تمكينها إنما يحصل بغزة قال وهذا أقيس .
وأما من غزة إلى مصر فعليه .
ولو طلب الزوج تسليمها فادعى الولي موتها وأنكر الزوج صدق الزوج بيمينه حتى لا يسلمه المهر ويكلف الولي إقامة البينة بموتها ويلزم الزوج مؤنة تجهيزها لأن الأصل بقاء الحياة .
ولو استمهلت .
هي أو وليها " لتنظف ونحوه " كإزالة وسخ وشعر عانة وشعر إبط " أمهلت " وجوبا على الأظهر ولو قبضت المهر وقيل قطعا " ما يراه قاض " كيوم أو يومين سواء أكانت طاهرا أم حائضا أم نفساء .
ولا يجاوز ثلاثة أيام .
بلياليها لأن الغرض من ذلك يحصل فيها ولأنها أقل الكثير وأكثر القليل .
لا لينقطع حيض .
أو نفاس فلا تمهل لذلك بل تسلم للزوج حائضا ونفساء لأنها محل للاستمتاع في الجملة وإنما تعذر نوع منه كالقرناء والرتقاء قال الغزالي إلا إذا علمت من عادته أنه يغشاها في الحيض فلها الامتناع من مضاجعته ولو كانت مدة الحيض لا تزيد على مدة الإمهال للتنظيف ونحوه أمهلت كما قاله في التتمة .
ولا تسلم صغيرة .
لا تحتمل الوطء " ولا مريضة " ولا من بها هزال تتضرر بالوطء معه " حتى يزول مانع وطء " لأنه يحمله فرط الشهوة على الجماع فتتضرر به .
تنبيه : .
شمل إطلاقه ما لو قال الزوج سلموها لي ولا أطؤها حتى تحتمله وهو الأصح المنصوص كما قاله الأذرعي وغيره وجزم به الإمام والمتولي وإن كان ثقة إذ لا يؤمن من هيجان الشهوة .
وقال البغوي يجاب الثقة في المريضة دون الصغيرة وجرى عليه ابن المقري .
والمراد كراهة التسليم كما صرح به في الروضة كأصلها في الصغيرة ومثلها المريضة .
ويحرم وطء من لا تحتمل الوطء لصغر أو جنون أو مرض أو هزال أو نحو ذلك لتضررها به وتمهل حتى تطيق فلو سلمت له صغيرة لا توطأ لم يلزمه تسلمها لأنه نكح للاستمتاع لا للحضانة وإذا تسلمها لم يلزمه تسليم المهر كالنفقة .
وإن سلمه عالما بحالها أو جاهلا ففي استرداده وجهان أوجههما عدم الاسترداد كما يؤخذ من كلام الشيخين .
ولو سلمت إليه المريضة أو النحيفة لم يجز له الامتناع كما ليس له أن يخرجها من داره إذا مرضت ويجب عليه نفقتها فإن خافت النحيفة الإفضاء لو وطئت لعبالة الزوج لم يلزمها التمكين من الوطء فيتمتع بغيره أو يطلق ولا فسخ له بذلك بخلاف الرتق أو القرن فإنه يمنع الوطء مطلقا والنحافة لا تمنع وطء نحيف مثلها وليست بعيب أيضا نعم إن أفضاها كل أحد فله الفسخ لأنه حينئذ كالرتق .
ومن أفضى امرأة بوطء امتنع عليه العود حتى تبرأ فإن ادعى الزوج البرء وأنكرت أو قال ولي الصغيرة لا تحتمل الوطء وأنكر الزوج عرضت على أربع نسوة ثقات فيهما .
أو رجلين محرمين للصغيرة أو ممسوحين .
ولو ادعت النحيفة بقاء ألم بعد الاندمال وأنكر الزوج صدقت بيمينها لأنه لا يعرف إلا منها .
ويستقر المهر .
على الزوج " بوطء " ولو في الدبر بتغييب حشفة أو قدرها من مقطوعها سواء أوجب بنكاح أو فرض كما في المفوضة " وإن حرم " الوطء " كحائض " لاستيفاء مقابله .
والقول قول الزوج في الوطء بيمينه .
فإن قيل لا بد في الاستقرار مع الوطء من قبض العين لأن المشهور أن الصداق قبل القبض مضمون ضمان عقد كالمبيع فكما قالوا إن المبيع قبل القبض غير مستقر وإن كان الثمن قد قبض فكذلك الصداق .
أجيب بأن المراد بالاستقرار هنا الأمن من سقوط كل المهر أو بعضه بالتشطير وفي البيع الأمن من الانفساخ والمبيع إذا تلف قبل القبض انفسخ البيع والصداق المعين إذا تلف قبل القبض لم يسقط المهر بل يجب بدل البضع وهو مهر المثل على ضمان العقد وبدل العين على ضمان اليد فافترق البابان وشمل المهر المسمى ومهر المثل لكن يشترط لتقرير المسمى بالوطء أن لا يحصل انفساخ النكاح بسبب سابق على الوطء فلو فسخ بعيب سابق على الوطء سقط ووجب مهر المثل ( 3 / 225 ) فرع قد يسقط المهر .
بعد استقراره كما لو اشترت الحرة زوجها بعد الدخول والصداق باق فإنه يسقط في أحد وجهين لأنه لا يجب للسيد على عبده مال والصحيح أنه يبقى في ذمته وإن لم يثبت للسيد على عبده دين ابتداء لأن الدوام أقوى منه .
و .
يستقر المهر أيضا " بموت أحدهما " قبل الوطء في النكاح الصحيح لإجماع الصحابة Bهم ولأنه لا يبطل به النكاح بدليل التوارث وإنما هو نهاية له ونهاية العقد كاستيفاء المعقود عليه بدليل الإجارة .
تنبيه : .
دخل في كلامه ما لو قتل أحدهما الآخر ولكن تقدم أن الأمة لو قتلت نفسها أو قتلها سيدها أو قتلت الأمة أو الحرة زوجها قبل الدخول لم يستقر المهر فهي مستثناة .
وخرج بالوطء والموت غيرهما فلا يستقر بمباشرة فيما دون الفرج ولا باستدخال مني ولا بإزالة بكارة بغير آلة الجماع و " لا بخلوة في الجديد " لقوله تعالى " وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن " الآية والمراد بالمس الجماع وكما لا يلتحق ذلك بالوطء في سائر الأحكام من حد وغسل ونحوهما .
والقديم يستقر بالخلوة في النكاح الصحيح حيث لم يكن مانع حسي كرتق ولا شرعي كحيض لأنها حينئذ مظنة الوطء .
فإن قيل يدل لهذا ما رواه الإمام أحمد عن زرارة بن أبي أوفى أنه قال قضى الخلفاء الراشدون المهديون أن من أغلق بابا وأرخى سترا فقد وجب المهر ووجبت العدة .
أجيب بأن هذا منقطع لأن زرارة لم يدرك الخلفاء رضي الله تعالى عنهم .
أما النكاح الفاسد فلا يستقر بها قطعا .
فرع لو أعتق مريض أمته .
التي لا يملك غيرها وتزوجها وأجازت الورثة العتق استمر النكاح ولا مهر قاله في البيان وبينت وجهه في شرح التنبيه