التحريم يطلق في العقد بمعنى التأثيم وعدم الصحة وهو المراد بالتبويب ويطلق بمعنى التأثيم مع الصحة كما في نكاح المخطوبة على خطبة الغير ومراده بهذه الترجمة ذكر موانع النكاح كما عبر بها في الروضة وهي قسمان مؤبد وغير مؤبد ومن الأول وإن لم يذكره الشيخان اختلاف الجنس فلا يجوز للآدمي نكاح جنية كما قاله العماد بن يونس وأفتى به ابن عبد السلام خلافا للقمولي قال تعالى " هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها " وقال تعالى " يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها " .
وروى ابن أبي الدنيا مرفوعا نهى عن نكاح الجن .
والمؤبد غير اختلاف الجنس له أسباب ثلاثة قرابة ورضاع ومصاهرة ولضابط المحرمات بالنسب والرضاع ضابطان الأول تحرم نساء القرابة إلا من دخلت تحت ولد العمومة أو ولد الخؤولة .
والثاني يحرم على الرجل أصوله وفصول أول أصوله وأول فصل من كل أصل بعد الأصل الأول فالأصول الأمهات والفصول البنات وفصول أول الأصول الأخوات وبنات الأخ وبنات الأخت وأول فصل من كل أصل بعد الأصل الأول العمات والخالات .
والضابط الثاني للأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني .
والأول لتلميذه الأستاذ أبي منصور البغدادي .
قال الرافعي وهو أرجح لإيجازه ونصه على الإناث بخلاف الثاني ولمجيئه على نمط قوله تعالى " إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك " فدل على أن ما عداهن من الأقارب ممنوع .
وقد بدأ بالسبب الأول وهو القرابة ويحرم بها سبع .
وقد شرع في الأول منها فقال " تحرم الأمهات " بضم الهمزة وكسرها مع فتح الميم وكسرها جمع أم وأصلها أمهة قاله الجوهري .
قال شيخنا ومن نقل عنه أنه قال جمع أمهة أصل أم فقد تسمح .
ويشير بذلك إلى الرد على الشارح .
ويحتمل أن الجوهري وقع له عبارتان .
وقال بعضهم الأمهات للناس والأمات للبهائم .
وقال آخرون يقال فيهما أمهات وأمات لكن الأول أكثر في الناس والثاني أكثر في غيرهم ويمكن رد الأول إلى هذا وسيأتي إن شاء الله تعالى تحرير ذلك آخر الكتاب .
والمراد تحريم العقد عليهن وكذا يقدر في الباقي .
و .
ضابط الأم هو " كل من ولدتك " فهي أمك حقيقة " أو ولدت من ولدك " ذكرا كان أو أنثى كأم الأب وإن علت وأم الأم كذلك " فهي أمك " مجازا .
وإن شئت قلت كل أنثى ينتهي إليها نسبك بواسطة أو بغيرها وهذا تفسير الأمهات بالنسب وإلا فقد يحرم النكاح بالأمومة لا من هذه الجهة .
ودليل التحريم في الأمهات وفي بقية السبع الآتية قوله تعالى " حرمت وذلك في زوجات النبي A أمهات ( 3 / 175 ) المؤمنين عليكم أمهاتكم " الآية .
و .
الثاني " البنات " جمع بنت .
و .
ضابطها هو " كل من ولدتها " فبنتك حقيقة " أو ولدت من ولدها " ذكرا كان أو أنثى كبنت ابن وإن نزل وبنت بنت وإن نزلت " فبنتك " مجازا .
وإن شئت قلت كل أنثى ينتهي إليك نسبها بالولادة بواسطة أو بغيرها .
ولما كانت المخلوقة من ماء الزنا قد يتوهم أنها بنت الزاني فتحرم عليه دفع هذا التوهم بقوله " قلت والمخلوقة من " ماء " زناه " سواء أكانت المزني بها مطاوعة أم لا سواء تحقق أنها من مائه أم لا " تحل له " لأنها أجنبية عنه إذ لا حرمة لماء الزنا بدليل انتفاء سائر أحكام النسب من إرث وغيره عنها .
فلا تتبعض الأحكام كما يقول به الخصم فإن منع الإرث بإجماع كما قاله الرافعي .
وقيل تحرم عليه مطلقا وقيل تحرم عليه إن تحقق أنها من مائه بأن أخبره بذلك نبي كأن يكون في زمن عيسى عليه السلام .
وعلى الأول يكره نكاحها .
واختلف في المعنى المقتضي للكراهة فقيل للخروج من الخلاف قال السبكي وهو الصحيح .
وقيل لاحتمال كونها منه فإن تيقن أنها منه حرمت وهو اختيار جماعة منهم الروياني .
ولو أرضعت المرأة بلبن الزاني صغيرة فكبنته قاله المتولي .
ويحرم على المرأة .
وعلى سائر محارمها " ولدها من زنا والله أعلم " بالإجماع كما أجمعوا على أنه يرثها والفرق أن الابن كالعضو منها وانفصل منها إنسانا ولا كذلك النطفة التي خلقت منها البنت بالنسبة للأب .
تنبيه : .
سكت المصنف C تعالى عن المنفية باللعان وحكمها أنها تحرم على نافيها ولو لم يدخل بأمها لأنها لا تنتفي عنه قطعا بدليل لحوقها به لو أكذب نفسه ولأنها ربيبة في المدخول بها وتتعدى حرمتها إلى سائر محارمه .
وفي وجوب القصاص عليه بقتله لها والحد بقذفه لها والقطع بسرقة مالها وقبول شهادته لها وجهان أوجههما كما قال شيخي لا كما يقتضي كلام الروضة تصحيحه وإن قيل إن ذلك إنما وقع في نسخ الروضة السقيمة .
قال البلقيني وهل يأتي الوجهان في انتقاض الوضوء بمسها وجواز النظر إليها والخلوة بها أو لا إذ لا يلزم من ثبوت الحرمة المحرمية كما في الملاعنة وأم الموطوءة بشبهة وبنتها والأقرب عندي ثبوت المحرمية اه " .
والأوجه حرمة النظر والخلوة بها احتياطا وعدم نقض الوضوء بمسها للشك كما يؤخذ مما قدمته في باب أسباب الحدث .
ولو تزوج ولد إنسان بلقيطة أو مجهولة نسب فادعى أبوه بنوة تلك الزوجة بالشروط المذكورة في الإقرار فإن صدقة الولد والزوجة ثبت النسب وانفسخ النكاح ثم ان كان ذلك قبل الدخول فلا شيء لها أو بعده فلها مهر المثل وإن كذباه ولا بينة للأب ثبت نسبها ولا ينفسخ .
قال المازني وفيه وحشة .
قال القاضي في فتاويه وليس لنا من يطأ أخته في الإسلام إلا هذا .
وقيس به ما لو تزوجت بمجهول النسب فاستلحقه أبوها ثبت نسبه ولا ينفسخ النكاح إن لم تصدقه الزوجة وإن أقام الأب بينة في الصورة الأولى ثبت النسب وانفسخ النكاح وحكم المهر كما تقدم وإن لم يكن بينة وصدقته الزوجة فقط لم ينفسخ النكاح لحق الزوج لكن لو أبانها لم يجز له بعد ذلك تجديد نكاحها لأن إذنها شرط وقد اعترفت بالتحريم .
وأما المهر فيلزم الزوج لأنه يدعي ثبوته عليه لكنها تنكره فإن كان قبل الدخول فنصف المسمى أو بعده فكله وحكمها في قبضه كمن أقر لشخص بشيء وهو ينكره وتقدم حكمه في باب الإقرار .
فلو وقع الاستلحاق قبل التزويج لم يجز للابن نكاحها .
و .
الثالث " الأخوات " جمع أخت .
وضابطها كل من ولدها أبواك أو أحدهما فأختك .
و .
الرابع والخامس " بنات الإخوة و " بنات " الأخوات " من جميع الجهات وبنات أولادهم وإن سفلن .
تنبيه : .
كان ينبغي تأخير بنات الإخوة والأخوات عن العمات والخالات تأسيا بالقرآن .
و .
السادس " العمات " من كل جهة .
سواء كن لأب وأم أم لا .
و .
السابع " الخالات " كذلك " و " أشار لضابط العمة بقوله " كل ( 3 / 176 ) من هي أخت ذكر ولدك " بلا واسطة فعمتك حقيقة أو بواسطة كعمة أبيك " فعمتك " مجازا وقد تكون العمة من جهة الأم كأخت أبي الأم .
وأشار لضابط الخالة بقوله " أو " أي وكل من هي " أخت أنثى ولدتك " بلا واسطة فخالتك حقيقة أو بواسطة فخالة أمك " فخالتك " مجازا .
وقد تكون الخالة من جهة الأب كأخت أم الأب .
ثم شرع في السبب الثاني وهو الرضاع فقال " ويحرم هؤلاء السبع بالرضاع أيضا " للآية ولخبر الصحيحين يحرم من الرضاع ما يحرم من الولادة وفي رواية من النسب وفي أخرى حرموا من الرضاعة ما يحرم من النسب .
و .
ضابط أمك من الرضاع هو " كل من أرضعتك أو أرضعت من أرضعتك " أو صاحب اللبن " أو " أرضعت " من ولدك " بواسطة أو غيرها " أو ولدت مرضعتك " بواسطة أو غيرها " أو " ولدت " ذا " أي صاحب " لبنها " وهو الفحل بواسطة أو غيرها .
فأم رضاع .
في الصور المذكورة .
وقس .
على ذلك " الباقي " من السبع المحرمة بالرضاع مما ذكر .
فضابط بنت الرضاع هو كل امرأة ارتضعت بلبنك أو لبن من ولدته بواسطة أو غيرها أو أرضعتها امرأة ولدتها بواسطة أو وغيرها وكذا بناتها من نسب أو رضاع وإن سفلن .
وضابط أخت الرضاع هو كل من أرضعتها أمك أو أرضعت بلبن أبيك أو ولدتها مرضعتك أو ولدها الفحل .
وضابط عمة الرضاع هو كل أخت للفحل أو أخت ذكر ولد الفحل بواسطة أو غيرها من نسب أو رضاع .
وضابط خالة الرضاع هو كل أخت للمرضعة أو أخت أنثى ولدت المرضعة بواسطة أو غيرها من نسب أو رضاع .
وضابط بنات الإخوة وبنات الأخوات من الرضاع هو كل أنثى من بنات أولاد المرضعة والفحل من الرضاع والنسب وكذا كل أنثى أرضعتها أختك أو أرضعت بلبن أخيك وبناتها وبنات أولادها من نسب أو رضاع .
ولا يحرم عليك من أرضعت أخاك .
أو أختك ولو كانت من النسب حرمت لأنها إما أم أو موطوءة أب .
و .
لا من أرضعت " نافلتك " وهو ولد ولدك ولو كانت أم نسب حرمت عليك لأنها بنتك أو موطوءة ابنك .
ولا أم مرضعة ولدك و .
لا " بنتها " أي بنت المرضعة ولو كانت المرضعة أم نسب كانت موطوءتك فتحرم أمها عليك وبنتها .
فهذه الأربعة يحرمن في النسب ولا يحرمن في الرضاع فاستثناها بعضهم من قاعدة يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب .
قال في زيادة الروضة قال المحققون لا حاجة إلى استثنائها لأنها ليست داخلة في الضابط ولهذا لم يستثنها الشافعي والجمهور ولا استثنيت في الحديث لأن أم الأخ لم تحرم لكونها أم أخ وإنما حرمت لكونها أما أو حليلة أب ولم يوجد ذلك في الصورة الأولى وكذا القول في باقيهن اه " .
وذكر الرافعي نحوه في كتاب الرضاع .
وقال الإمام قوله A يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب من جوامع الكلم فإنه شامل لقواعد حرمة الرضاع لا يغادر منها شيئا ولا يتطرق إليه تأويل ولا حاجة فيه إلى تتمة بتصرف قائس قال وهذا مستمر لا قصور فيه ولو استثناء منه .
وقد نظم بعضهم هذه الصور التي ذكرها المصنف فقال أربع هن في الرضاع حلال وإذا ما نسبتهن حرام جدة ابن وأخته ثم أم لأخيه وحافد والسلاموزاد الجرجاني على هذه الأربعة ثلاث صور أم العم والعمة وأم الخال والخالة وأخو الابن فإنهن يحرمن في النسب لا في الرضاع .
وصورة الأخيرة في امرأة لها ابن ثم ابنها ارتضع من امرأة أجنبية لها ابن فذلك الابن أخو ابن المرأة المذكورة ولا يحرم عليها أن تتزوج بهذا الذي هو أخ لابنها .
ولا .
يحرم عليك " أخت أخيك " وقوله ( 3 / 177 ) من نسب ولا رضاع " متعلق بأخت لا بأخ .
وهي .
في النسب " أخت أخيك لأبيك لأمه " أي الأخ وصورته أن يكون لك أخ لأب وأخت لأم فله أن ينكح أختك من الأم .
وصورته في الرضاع أن ترضعك امرأة وترضع صغيرة أجنبية منك فلأخيك نكاحها .
وعكسه .
في النسب أخت أخيك لأمك لأبيه بأن كان لأبي أخيك بنت من غير أمك فيجوز لك نكاحها وفي الرضاع أن ترضع امرأة أخاك وترضع معه صغيرة أجنبية منك فيجوز لك نكاحها .
تنبيه : .
صورة العكس مزيدة على المحرر والروضة كأصلها .
ثم شرع في السبب الثالث وهو المصاهرة فقال " وتحرم " عليك " زوجة من ولدت " بواسطة أو غيرها وإن لم يدخل ولدك بها لإطلاق قوله تعالى " وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم " .
أو .
زوجة من " ولدك " بواسطة أو غيرها أبا أو جدا من قبل الأب أو الأم وإن لم يدخل والدك بها لإطلاق قوله " ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف " قال في الأم يعني في الجاهلية قبل علمكم بتحريمه .
من نسب أو رضاع .
هو راجع لهما معا أما النسب فللآية وأما الرضاع فللحديث المتقدم .
فإن قيل إنما قال الله تعالى " وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم " فكيف حرمت حليلة الابن من الرضاعة أجيب بأن المفهوم إنما يكون حجة إذا لم يعارضه منطوق وقد عارضه هنا منطوق قوله A يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب .
فإن قيل ما فائدة التقييد في الآية حينئذ أجيب بأن فائدة ذلك إخراج حليلة المتبنى فلا يحرم على المرء زوجة من تبناه لأنه ليس بابن له حقيقة .
وأمهات زوجتك .
بواسطة أو بغيرها " منهما " أي من نسب أو رضاع سواء أدخل بها أم لا لإطلاق قوله تعالى " أمهات نسائكم " .
وكذا بناتها .
بواسطة أو غيرها " إن دخلت بها " في عقد صحيح أو فاسد لإطلاق قوله تعالى " وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم " وذكر الحجور خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له فإن قيل لم أعيد الوصف إلى الجملة الثانية ولم يعد إلى الجملة الأولى وهي " وأمهات نسائكم " مع أن الصفات عقب الجمل تعود إلى الجميع أجيب بأن نسائكم الثاني مجرور بحرف الجر ونسائكم الأول مجرور بالمضاف وإذا اختلف العامل لم يجز الإتباع وتعين القطع .
واعترض بأن المعمول الجر وهو واحد .
تنبيه : .
قضية كلام الشيخ أبي حامد وغيره أنه يعتبر في الدخول أن يقع في حياة الأم فلو ماتت قبل الدخول ووطئها بعد موتها لم تحرم بنتها لأن ذلك لا يسمى دخولا وإن تردد فيه الروياني .
فإن قيل لم لم يعتبروا الدخول في تحريم أصول البنت واعتبروا في تحريمها الدخول أجيب بأن الرجل يبتلى عادة بمكالمة أمها عقب العقد لترتيب أموره فحرمت بالعقد ليسهل ذلك بخلاف بنتها .
وتقييد التحريم بالدخول يفهم تحريم الثلاث الأول بمجرد العقد وهو كذلك كما مر بشرط صحة العقد فلا يتعلق بالعقد الفاسد حرمة المصاهرة كما لا يتعلق به حل المنكوحة .
والحاصل أن من حرم بالوطء لا يعتبر فيه صحة العقد كالربيبة .
ومن حرم بالعقد وهي الثلاث الأول فلا بد فيه من صحة العقد نعم لو وطىء في العقد الفاسد في الثلاث الأول حرم بالوطء فيه لا بالعقد .
وظاهر كلام المصنف أن الربيبة لا تحرم باستدخال أمها ماء الزوج وليس مرادا إذ في الروضة وأصلها الجزم بأن استدخال الماء يثبت المصاهرة إذا كان محترما بأن كان ماء زوجها ومقتضاه تحريم الربيبة وإن خالف في ذلك البلقيني .
وظاهر كلامه أيضا حل البنت المنفية باللعان إذا لم يدخل بالملاعنة لأنها بنت زوجة لم يدخل بها ولم يثبت كونها بنتا له وليس مرادا بل الأصح تحريمها لأنها لا تنتفي عنه قطعا كما مرت الإشارة إليه .
وعلم من كلامه عدم تحريم بنت زوج الأم أو البنت أو أمه وعدم تحريم أم زوجة الأب أو الابن أو بنتها أو زوجة الربيب أو الراب لخروجهن عن المذكورات .
و .
كل " من وطىء " في الحياة وهو واضح " امرأة بملك " سواء أكانت محرمة عليه على التأبيد أم لا " حرم عليه أمهاتها وبناتها وحرمت " هي " على آبائه وأبنائه ( 3 / 178 ) تحريما مؤبدا بالإجماع ولأن الوطء بملك اليمين نازل منزلة عقد النكاح .
وكذا الموطوءة .
الحية " بشبهة في حقه " كأن ظنها زوجته أو أمته أو وطىء بفاسد شراء أو نكاح تحرم عليه أمهاتها وبناتها .
وتحرم على آبائه وأبنائه كما يثبت في هذا الوطء النسب ويوجب العدة وسواء كانت كما ظن أم لا .
قيل أو حقها .
بأن ظنته كما ظن مع علمه بالحال .
وحاصل هذا الوجه أنه يكتفي بقيام الشبهة من أحد الجانبين .
أما الميتة فلا تثبت حرمة المصاهرة بوطئها كما جزم به الرافعي في الرضاع وأما الخنثى فلا تثبت حرمة المصاهرة بوطئه لاحتمال كون العضو زائدا قاله أبو الفتوح .
تنبيه : .
قد يشعر تشبيه وطء الشبهة بملك اليمين أن وطء الشبهة يوجب التحريم والمحرمية وليس مرادا بل التحريم فقط فلا يحل للواطىء بشبهة النظر إلى أم الموطوءة وبنتها ولا الخلوة والمسافرة بهما ولا مسهما كالموطوءة بل أولى فلو تزوجها بعد ذلك ودخل بها ثبتت المحرمية أيضا كما يقتضيه كلامهم وما صححه من عدم تأثيره في حقها هو بالنسبة للتحريم لا المهر .
وتحقيق أحكام هذه المسألة أن شبهة الواطىء فقط تثبت حرمة المصاهرة والنسب والعدة لا المهر وشبهة الموطوءة فقط توجب المهر فقط لا المصاهرة والعدة والنسب .
ودخل تحت قوله في حقه صورتان الشبهة في حق الزوجة والزوج معا وفي حق الزوج فقط وخرج عنه صورتان شبهتها فقط وعدم شبهته .
لا المزني بها .
فلا يثبت بزناها حرمة المصاهرة فللزاني أم من زنى بها وبنتها ولابنة وأبيه نكاحها هي لأن الله تعالى امتن على عباده بالنسب والصهر فلا يثبت بالزنا كالنسب .
تنبيه : .
استثني زنا المجنون فإنه يثبت به المصاهرة ولا حاجة إليه كما قال ابن شهبة فإن الصادر من المجنون صورة زنا لا زنا حقيقة لأنه ليس عليه إثم ولا حد .
ولو لاط شخص بغلام لم يحرم على الفاعل أم الغلام وبنته .
وليست مباشرة .
كلمس وقبلة " بشهوة " في زوجة وأمة أو أجنبية لكن بشبهة كما لو مس امرأة على فراشه ظنها زوجته .
كوطء في الأظهر .
لأنها لا توجب العدة فكذا لا توجب الحرمة .
والثاني أنها كالوطء بجامع التلذذ بالمرأة ولأنه استمتاع يوجب الفدية على المحرم فكان كالوطء وبهذا قال جمهور العلماء .
تنبيه : .
تقييد الشهوة من زيادته على المحرر قال في الدقائق ولا بد منه أما اللمس بغيرها فلا أثر له في التحريم عند المعظم .
قال الزركشي ويرد على المصنف لمس الأب جارية ابنه فإنها تحرم لما له من الشبهة في ملكه أي فيجري فيها الخلاف بخلاف لمس الزوجة ذكره الإمام .
وتثبت العدة والمصاهرة والنسب فقط باستدخال ماء زوج وكذا أجنبي أو سيد بشبهة دون الإحصان والتحليل وتقرير المهر ووجوبه للمفوضة والغسل والمهر في صورة الشبهة .
واختلف في ثبوت الرجعة بذلك والذي جزم به ابن المقري هنا تبعا لأصله عدم ثبوتها وهو مخالف لجزمهما بثبوتها في الكلام على التحليل وعلى الفسخ بالعنة وعليه اقتصر في الشرح الصغير وهو الأصح كما في المهمات قال ونقل الماوردي عن بعض الأصحاب أنه يشترط في التحريم باستدخال ماء الزوج وجود الزوجية حال الإنزال والاستدخال .
ومقتضاه أنه يشترط في ماء الأجنبي قيام الشبهة في الحالين والمراد من ذلك أن يكون الماء محترما فيهما ولا يثبت ذلك ولا غيره باستدخال ما زنا الزوج أو السيد .
وهي .
في النسب " أخت أخيك لأبيك لأمه " أي الأخ وصورته أن يكون لك أخ لأب وأخت لأم فله أن ينكح أختك من الأم .
وعند البغوي يثبت جميع ذلك كما لو وطىء زوجته يظن أنه يزني بها .
وأجيب بأن الوطء في زوجته بظنه المذكور ليس زنا في نفس الأمر بخلافه في مسألتنا .
ولو اختلطت .
امرأة " محرم " لشخص من نسب أو رضاع أو مصاهرة أو محرمة عليه بلعان أو نفي أو توثن أو غيرها كما صرح به الجرجاني " بنسوة قرية كبيرة " غير محصورات " نكح منهن " جوازا باجتهاد وغيره لأنا لو منعناه لتضرر بالسفر وربما انحسم عليه باب النكاح فإنه وإن سافر إلى بلدة أخرى لم يؤمن مسافرتها إليها وهذا كما لو اختلط صيد مملوك بصيود مباحة غير محصورة لا يحرم الاصطياد .
تنبيه : .
قضية قوله نكح منهن أنه لا ينكح الجميع وبه جزم الجرجاني .
وهل ينكح إلى أن تبقى واحدة أو إلى أن يبقى عدد محصور حكى الروياني عن والده فيه احتمالين وقال الأقيس عندي الثاني اه " .
وهذا هو الأوجه .
وفرق ( 3 / 179 ) بين هذا وبين ما صححه المصنف في نظيره من الأواني من ترجيح الأول بأن ذلك يكفي فيه الظن بدليل صحة الطهر والصلاة بمظنون الطهارة وحل تناوله مع القدرة على متيقنها أي في محصور وغيره بخلاف النكاح .
وقوله محرم الدائر على الألسنة أنه بفتح الميم وينبغي ضبطه بالضم مع تشديد الراء فإن الحكم لا يختص بالأول كما مرت الإشارة إليه فإن من حرمت بالجمع أو بالعدة كذلك .
لا بمحصورات .
فإنه لا ينكح منهن احتياطا للأبضاع مع انتفاء المشقة باجتنابهن بخلاف الصورة الأولى فلو خالف وفعل لم يصح في الأصح لمنعنا له من ذلك إذ من الشروط كما سبق أن يعلم أنها حلال ويشكل عليه كما قال ابن شهبة أنه لو زوج أمة مورثة ظانا حياته فبان ميتا صح ولو تزوج امرأة المفقود بعد التربص فبان ميتا صح على الجديد وقد يجاب عن الصورة الأولى بأن الشك في الزوج هل هو مالك أو لا وهو لا يضر إذا تبين أنه مالك كما لو زوج أخ خنثى أخته وتبينت ذكورته فإنه لا يضر كما مر .
وعن الثانية بأن بعض الأئمة يرى ذلك فإذا تبين أنه كان في نفس الأمر كذلك صح .
وهذا التفصيل يأتي فيما لو أراد الوطء بملك اليمين أيضا .
قال الإمام والمحصور ما سهل على الآحاد عده دون الولاة .
وقال الغزالي غير المحصور كل عدد لو اجتمع في صعيد واحد لعسر على الناظر عده بمجرد النظر كألف وما سهل كالعشرين فمحصور قال وما بينهما يلحق بأحدهما بالظن وما شك فيه استفتي فيه القلب .
وقال الأذرعي وغيره ينبغي التحريم عند الشك عملا بالأصل .
وخرج ب محرم ما لو اختلطت زوجته بأجنبيات فلا يجوز له وطء واحدة منهن مطلقا ولو باجتهاد إذ لا مدخل للاجتهاد في ذلك ولأن الوطء إنما يباح بالعقد لا بالاجتهاد .
ولو طرأ مؤبد تحريم على نكاح قطعه .
أي منع دوامه " كوطء " الواضح " زوجة ابنه " بنون أو بمثناة تحتية بخطه حيث كتب كلمة معا على ابنه أو أم زوجة نفسه أو بنتها " بشبهة " فينفسخ به نكاحها كما يمنع انعقاده ابتداء سواء كانت الموطوءة محرما للواطىء قبل العقد عليها كبنت أخيه أم لا .
قال شيخنا ولا يعتبر بما نقل من بعضهم من تقييد ذلك بالشق الثاني .
تنبيه : .
احترز بطروه على النكاح عما إذا طرأ على ملك اليمين كوطء الأب جارية ابنه فإنها تحرم على الابن أبدا ولا ينقطع على الابن ملكه إذا لم يوجد من الأب إحبال ولا شيء عليه بمجرد تحريمها لأن مجرد الحل في ملك اليمين ليس بمتقوم وإنما القصد الأعظم منه المالية وهي باقية أما الخنثى فلا ينفسخ بوطئه النكاح .
فرع لو عقد شخص على امرأة .
وابنه على بنتها وزفتا إليهما بأن زفت كل منهما إلى غير زوجها فوطىء كل منهما الأخرى غلطا انفسخ النكاحان لأن زوجة الأب موطوءة ابنه وأم موطوءته بالشبهة وزوجة الابن موطوءة أبيه وبنت موطوءته ولزم كلا منهما لموطوءته مهر المثل وعلى السابق منهما بالوطء لزوجته نصف المسمى لأنه الذي رفع نكاحها فهو كما طلقها قبل الدخول .
وهل يلزم الثاني نصف المسمى لزوجته أو لا أوجه أحدها لا إذ لا صنع له وثانيها نعم إذ لا صنع لها .
وثالثها وهو كما قال شيخنا الأوجه يجب لصغيرة لا تعقل ومكرهة ونائمة لأن الانفساخ حينئذ غير منسوب إليها فكان كما لو أرضعت زوجته الكبيرة الصغيرة ينفسخ نكاحهما وللصغيرة نصف المسمى على الزوج ويرجع على السابق بنصف مهر المثل لأنه فوت عليه نكاحها لا بمهر المثل ولا بما غرم كما في الرضاع .
ولا يجب لعاقلة مطاوعة في الوطء ولو غلطا كما لو اشترت حرة زوجها قبل الدخول فإن وطئا معا فعلى كل منهما لزوجته نصف المسمى ويرجع كل منهما على الآخر في أحد وجهين يظهر كما قال شيخي ترجيحه بنصف ما كان يرجع به لو انفرد ويهدر نصفه لأنها حرمت بفعلهما كنظيره في الاصطدام .
ولو أشكل الحال ولم يعلم سبق ولا معية وجب للموطوءة مهر المثل وانفسخ النكاحان ولا رجوع لأحدهما على الآخر ولزوجة كل منهما نصف المسمى ولا يسقط بالشك كما قاله ابن الصباغ ولو نكح الشخص جاهلا امرأة وبنتها مرتبا فالنكاح الثاني باطل وإن وطىء الثانية فقط عالما بالتحريم فنكاح الأولى بحاله لأن وطء الزنا لا أثر له أو جاهلا به بطل نكاح الأولى لأنها أم الموطوءة بشبهة أو بنتها ولزمه للأولى نصف المسمى وحرمت عليه أبدا لما مر وللموطوءة مهر مثل وحرمت عليه أبدا إن كانت هي الأم لأنها ( 3 / 180 ) أم زوجته وإن كانت البنت فلا تحرم أبدا لأنها ربيبة امرأة لم يدخل بها إلا إن كان قد وطىء الأم لأنها حينئذ بنت موطوءته .
ثم شرع في القسم الثاني وهو ما لا يتأبد تحريمه وهي ثلاثة أنواع وقد بدأ بالأول منها .
فقال " ويحرم " ابتداء دواما " جمع " امرأتين بينهما قرابة أو رضاع لو فرضت إحداهما ذكرا حرم تناكحهما كجمع " المرأة وأختها أو عمتها أو خالتها من رضاع أو نسب " ولو بواسطة لقوله تعالى " وأن تجمعوا بين الأختين " ولخبر لا تنكح المرأة على عمتها ولا العمة على بنت أخيها ولا المرأة على خالتها ولا الخالة على بنت أختها لا الكبرى على الصغرى ولا الصغرى على الكبرى رواه الترمذي وغيره وصححوه ولما فيه من قطعية الرحم .
وإن رضيت بذلك فإن الطبع يتغير وإليه أشار A في خبر النهي عن ذلك بقوله إنكم إذا فعلتم ذلك قطعتم أرحامهن كما رواه ابن حبان وغيره .
فإن .
خالف " جمع " بين من يحرم الجمع بينهما كأختين " بعقد بطل " نكاحهما إذ لا أولوية لإحداهما عن الأخرى " أو مرتبا ف " الأول صحيح " والثاني " باطل لأن الجمع حصل به هذا إذا علم عين السابق فإن لم يعلم بطلا وإن علم ثم اشتبه وجب التوقف كما في نكاح الوليين من اثنين فإن وطىء الثانية جاهلا بالحكم استحب أن لا يطأ الأولى حتى تنقضي عدة الموطوءة وخرج بالرضاع والنسب الجمع بالمصاهرة فجمع المرأة وأم زوجها أو بنته من أخرى لا يحرم لأن حرمة الجمع بينهما وإن حصلت بفرض أم الزوج ذكرا في الأولى وبفرض بنته ذكرا في الثانية ليس بينهما قرابة ولا رضاع بل مصاهرة وليس فيها رحم يحذر قطعها .
قال الرافعي وقد يستغنى عن قيد القرابة والرضاع بأن يقال يحرم الجمع بين كل امرأتين أيتهما قدرت ذكرا حرمت عليه الأخرى فإن أم الزوج وإن حرمت عليها زوجة الابن لو قدرت ذكرا لكن زوجة الابن لو قدرت ذكرا لم تحرم عليه الأخرى بل تكون أجنبية عنه اه " .
فإن قيل يرد على هذا السيدة وأمتها لصدق الضابط بهما مع جواز الجمع بينهما لعبد وكذا الحر إذا تزوج أمة بشروطه ثم نكح حرة عليها .
أجيب بأن المتبادر بقرينة المقام من التحريم المؤبد المقتضي لمنع النكاح فتخرج هذه لأن التحريم فيها قد يزول .
وبأن السيدة لو فرضت ذكرا حل له وطء أمته بالملك وإن لم يحل له نكاحها .
ويجوز الجمع بين بنت الرجل وربيبته وبين المرأة وربيبة زوجها من امرأة أخرى وبين أخت الرجل من أمه وأخته من أبيه إذ لا تحرم المناكحة بتقدير ذكورة إحداهما ولو اشترى زوجته الأمة جاز له أن يتزوج أختها وأربعا سواها لأن ذلك الفراش قد انقطع .
ومن حرم جمعهما بنكاح حرم .
جمعهما أيضا " في الوطء بملك " أو ملك ونكاح وإن لم يعلم من كلامه لأنه إذا حرم العقد فلأن يحرم الوطء أولى لأنه أقوى " لا ملكهما " أي الجمع بينهما في الملك كشراء أختين وامرأة وخالتها فإنه جائز بالإجماع ولأنه لا يتعين للوطء ولهذا يجوز أن يشتري أخته ونحوها بخلاف النكاح .
فإن وطىء .
طائعا أو مكرها " واحدة " منهما ولو في الدبر أو مكرهة أو جاهلة " حرمت الأخرى حتى يحرم الأولى " بمحرم " كبيع " وعتق لكلها أو بعضها " أو نكاح " أي تزويجها " أو كتابة " صحيحة لئلا يحصل الجمع المنهي عنه فإن وطىء الثانية قبل تحريم الأولى أثم ولم تحرم الأولى إذ الحرام لا يحرم الحلال لكن يستحب أن لا يطأ الأولى حتى يستبرىء الثانية لئلا يجمع الماء في رحم أختين " لا حيض وإحرام " وردة فإنها لا تزيل الملك ولا الاستحقاق .
وكذا رهن .
مقبوض " في الأصح " لأنه يملك الوطء بإذن المرتهن .
والثاني يكفي الرهن كالتزويج .
فإن لم يكن قبض لم تحل الثانية جزما .
فلو عاد الحل برد المبيعة وطلاق المنكوحة وعجز المكاتبة فإن لم يطأ الثانية بعد فله الآن وطء من شاء منهما .
وإن كان قد وطئها لم يطأ العائد حتى تحرم الأخرى لأن الثانية في هذه الحالة كالأولى .
تنبيه : .
يشترط أن تكون كل منهما مباحة على انفرادها فلو كانت إحداهما مجوسية أو نحوها كمحرم فوطئها جاز له وطء الأخرى .
نعم لو ملك أما وبنتها فوطىء إحداهما حرمت الأخرى مؤبدا كما علم مما مر .
ولو باع الموطوءة بشرط ( 3 / 181 ) الخيار قال الشيخان فحيث يجوز له وطؤها لا تحل له الأخرى وحيث لا فوجهان وقال الإمام الوجه عندي القطع بالحل اه " .
وهو ظاهر .
ولو ملك شخص أمة وخنثى أخوين فوطئه جاز له عقبه وطء الأمة ولو اشترى جاريتين فادعيا أن بينهما أخوة بالرضاع ففي فتاوى البغوي للسيد أن يعتمدهما والاختيار أن لا يجمع بينهما ولو أقرت الأمة أن سيدها أخوها من الرضاع لم يقبل بعد التمكين .
وفيما قبله وجهان ذكرهما الرافعي في الرضاع وقياس الزوجة في دعواها ذلك أنها تقبل .
ولو " ملكها " أي الأمة وطئها أم لا " ثم نكح " من يحرم الجمع بينها وبينها كأن نكح " أختها " الحرة أو عمتها أو خالتها " أو عكس " أي نكح امرأة ثم ملك من يحرم الجمع بينها وبينها كأن ملك أختها " حلت المنكوحة " في المسألتين " دونها " أي المملوكة ولا كانت موطوءة لأن فراش النكاح أقوى إذ يتعلق به الطلاق والظهار والإيلاء وغيرها بخلاف الملك .
ولا يجامع النكاح حلها لغيره إجماعا بخلاف الملك فلا يندفع الأقوى بالأضعف بل يدفعه .
و .
يحل " للعبد امرأتان " فقط لأن الحكم بن عيينة نقل إجماع الصحابة فيه رواه البيهقي ولأنه على النصف من الحر ولأن النكاح من باب الفضائل فلم يلحق العبد فيه بالحر كما لم يلحق الحر بمنصب البنوة في الزيادة على أربع .
والمبعض كالقن كما صرح به أبو حامد والماوردي وغيرهما " و " يحل " للحر أربع فقط " لقوله تعالى " فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع " ولقوله A ل غيلان وقد أسلم وتحته عشر نسوة أمسك أربعا وفارق سائرهن رواه ابن حبان والحاكم وغيرهما وصححوه .
وإذا امتنع في الدوام ففي الابتداء أولى " .
فائدة : .
ذكر ابن عبد السلام أنه كان في شريعة موسى عليه السلام الجواز من غير حصر تغليبا لمصلحة الرجال وفي شريعة عيسى عليه السلام لا يجوز غير واحدة تغليبا لمصلحة النساء وراعت شريعة نبينا محمد A وعلى سائر الأنبياء مصلحة النوعين .
وقد تتعين الواحدة للحر وذلك في كل نكاح توقف على الحاجة كالسفيه والمجنون والحر الناكح الأمة .
وقال بعض الخوارج الآية تدل على جواز تسع مثنى باثنين وثلاث بثلاث ورباع بأربع ومجموع ذلك تسع وبعض منهم تدل على ثمانية عشر مثنى اثنين اثنين وثلاث ثلاثة ثلاثة ورباع أربعة أربعة ومجموع ذلك ما ذكره وهذا خرق للإجماع .
فإن نكح .
الحر " خمسا " مثلا " معا " أي بعقد وهو منصوب على الحال أو العبد ثلاثا كذلك " بطلن " إذ ليس إبطال نكاح واحدة بأولى من الأخرى فبطل الجميع كما لو جمع بين الأختين .
ويستثنى ما لو كان فيهن أو في ست للحر وأربع للرفيق أختان مثلا فإنه يبطل فيهما ويصح في الباقي عملا بتفريق الصفقة وإنما بطل فيهما معا لأنه لا يمكن الجمع بينهما .
ولا أولوية لإحداهما على الأخرى فإن كانتا في أكثر من ذلك كأن كانتا في سبع للحر أو خمس للعبد بطل الجميع وفي معنى الأختين ما لو كان فيهن من لا تحل له كمحرمة وملاعنة ووثنية ومجوسية " أو " نكحهن " مرتبا فالخامسة " للحر والثالثة للعبد بطل نكاحها لأن الزيادة على العدد الشرعي حصل بها .
فرع لو عقد على .
ست على ثلاث معا واثنتين معا وواحدة وجهل السابق من العقود فنكاح الواحدة صحيح بكل تقدير لأنها لا تقع إلا أولى أو ثالثة أو رابعة فإنها لو تأخرت عن العقدين كان ثانيهما باطلا فيصح نكاحها قال ابن الحداد ونكاح الباقيات باطل لأن كلا من عقدي الفريقين يحتمل كونه متأخرا عن الآخر فيبطل والأصل عدم الصحة وغلطه الشيخ أبو علي فقال أحد العقدين صحيح وهو السابق منهما ولا تعرف عينه فيوقف نكاح الخمس ويؤاخذ الزوج بنفقتهن مدة التوقف لأنهن محبوسات لأجله ويسئل عن البيان .
وقول ابن الحداد كما قال ابن المقري هو قياس ما سبق من أنه إذا وقع على امرأة عقدان وجهل السابق منهما بطل العقدان وهنا قد أشكل السابق منهما وإلى هذا أشار الإسنوي في المهمات وهذا هو المعتمد وإن فرق بعضهم بأن المعقود عليه ثم واحدة والزوج متعدد ولم يعهد جوازه أصلا بلا ممنوع منه وهنا بالعكس وقد عهد جوازه .
فاغتفر فيه ما لم يغتفر في ( 3 / 182 ) ذلك .
وتحل الأخت .
ونحوها كالعمة " و " الزائدة " الخامسة " أو غيرها " في عدة بائن " لأنها أجنبية منه " لا رجعية " لأنها في حكم الزوجة فلا تحل له حتى تنقضي عدتها وفي معناها المتخلفة عن الإسلام والمرتدة بعد الدخول بهما ما بقيت العدة .
ولو ادعى أنها أخبرته بانقضاء عدتها وأنكرت وأمكن انقضاؤها فله نكاح أختها وأربع سواها لزعمه انقضاءها ولا يقبل في إسقاط نفقتها .
ولو وطئها حد لما ذكر أو طلقها لم يقع لذلك .
وإذا طلق الحر ثلاثا .
سواء أوقعهن معا أم لا معلقا كان ذلك أم لا قبل الدخول أم لا " أو العبد " أو المبعض " طلقتين " كذلك " لم تحل له حتى تنكح " زوجا غيره ولو عبدا أو مجنونا " وتغيب بقبلها " لا في غيره كدبرها كما لا يحصل به التحصين " حشفته " ولو كان عليها حائل كأن لف عليها خرقة فإنه يكفي تغييبها كما يكفي في تحصينها .
أو قدرها .
من فاقدها .
سواء أولج هو أم نزلت عليه في يقظة أو نوم أو أولج فيها وهي نائمة .
ومعلوم أنه لا بد أن يطلقها وتنقضي عدتها كما صرح به في المحرر وأسقطه المصنف لوضوحه والتقييد بالقبل من زيادته .
قال الإمام والمعتبر الحشفة التي كانت لهذا العضو لأنه تعالى علق الحل بالنكاح وهو إنما يتناول النكاح الصحيح بدليل ما لو حلف لا ينكح لا يحنث بما ذكر .
وكونه .
المخصوص .
بشرط الانتشار .
للآلة وإن ضعف الانتشار واستعان بأصبعه أو أصبعها ليحصل ذوق العسيلة الآتي في الخبر بخلاف ما لم ينتشر لشلل أو عنة أو غيرهما فالمعتبر الانتشار بالفعل لا بالقوة على الأصح كما أفهمه كلام الأكثرين وصرح به الشيخ أبو حامد وصاحبا المهذب والبيان وغيرهم حتى لو أدخل السليم ذكره بأصبعه بلا انتشار لم يحل كالطفل فما قيل إن الانتشار بالفعل لم يقل به أحد ممنوع كما قاله شيخنا .
و .
لا بد أيضا من " صحة النكاح " فلا يحلل الوطء في النكاح الفاسد ولا ملك اليمين ولا وطء الشبهة لأنه تعالى علق الحل بالنكاح وهو إنما يتناول النكاح الصحيح بدليل ما لو حلف لا ينكح لا يحنث بما ذكر " وكونه " أي الزوج " ممن يمكن جماعه لا طفلا " لا يتأتى منه ذلك أو يتأتى منه وهو رقيق لأن نكاحه إنما يتأتى بالإجبار وقد مر أنه ممتنع .
على المذهب فيهن .
وفي وجه قول قطع الجمهور بخلافه أنه يحصل التحليل بلا انتشار لشلل أو غيره لحصول صورة الوطء وأحكامه وأنكره بعضهم .
ويكفي الوطء في النكاح الفاسد لأن اسم النكاح يتناوله وفي وجه نقل الإمام اتفاق الأصحاب على خلافه أن الطفل الذي لا يتأتى منه الجماع يحلل وإنما حرمت عليه إلى أن تتحلل تنفيرا من الطلاق الثلاث ولقوله تعالى " فإن طلقها " أي الثالثة " فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره " مع خبر الصحيحين عن عائشة رضي الله تعالى عنها جاءت امرأة رفاعة الفرظي إلى النبي A فقالت كنت عند رفاعة فطلقني فبت طلاقي فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير وإن ما معه مثل هدبة الثوب فقال أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك والمراد بها عند اللغويين اللذة الحاصلة بالوطء وعند الشافعي وجمهور الفقهاء الوطء نفسه سمي بذلك تشبيها له بالعسل بجامع اللذة .
وقيس بالحر غيره بجامع استيفاء ما يملكه من الطلاق .
تنبيه : .
قوله لا طفلا قد يفهم أنه لا يشترط في الزوجة ذلك بل وطؤها محلل وإن كانت طفلة لا يمكن جماعها وبه صرح في أصل الروضة وجزم في الذخائر بالمنع كالطفل ونقله الأذرعي عن نص الشافعي وصوبه والمعنى يدفعه لأن القصد بذلك التنفير كما مر وهو حاصل بذلك بخلاف غيبوبة حشفة الطفل .
ويكفي وطء محرم بنسك وخصي ولو كان صائما أو كانت حائضا أو صائمة أو مظاهرا منها أو معتدة من شبهة وقعت في نكاح المحلل أو محرمة بنسك لأنه وطء زوج في نكاح صحيح ولا يكفي جماع رجعية وإن راجعها ولا معتدة لردة منه أو منها وإن أسلم المرتد في العدة وتتصور العدة بلا وطء بأن استدخلت ماءه ثم طلقها أو استدخلته ثم ارتدت ثم وطئها فهذا الوطء لا يحل لوجوده في حال ضعف النكاح .
ويشترط في تحليل البكر الافتضاض كما نقلاه وأقراه وحكي عن النص وإن أوله بعضهم .
وتحل ( 3 / 183 ) كتابية لمسلم بوطء مجوسي ووثني في نكاح نقرهم عليه عند ترافعهم إلينا .
ولو نكح .
الزوج الثاني " بشرط " أنه " إذا وطىء طلقها " قبل الوطء أو بعده " أو بانت " منه " أو فلا نكاح " بينهما وشرط ذلك في صلب العقد " بطل " أي لم يصح النكاح لأنه شرط يمنع دوام النكاح فأشبه التأقيت فإن تواطأ العاقدان على شيء من ذلك قبل العقد ثم عقدا بعد ذلك القصد بلا شرط كره خروجا من خلاف من أبطله ولأن كل ما لو صرح به أبطل إذا أضمر كره ومثله لو تزوجها بلا شرط وفي عزمه أن يطلقها إذا وطئها .
ولو تزوجها على أن يحللها للأول صح كما جزم به الماوردي لأنه لم يشرط الفرقة بل شرط مقتضى العقد .
فإن نكحها بشرط أن يطأها أو لا يطأها إلا نهارا أو إلا مرة مثلا بطل النكاح أي لم يصح إن كان الشرط من جهتها لمنافاته مقصود العقد فإن وقع الشرط منه لم يضر لأن الوطء حق له فله تركه والتمكن حق عليها فليس لها تركة .
وللرافعي هنا إشكال ذكرته مع جوابه في شرح التنبيه .
وفي التطليق قول .
أن شرطه لا يبطل ولكن يبطل الشرط والمسمى ويجب مهر المثل ولو تزوجها على أن لا تحل له لم يصح لإخلاله بمقصود العقد وللتناقض أو على أنه لا يملك البضع وأراد الاستمتاع فكشرط أن لا يطأها وإن أراد ملك العين لم يضر لأنه تصريح بمقتضى العقد .
تتمة يقبل قول المطلقة ثلاثا في التحليل بيمينها عند الإمكان وإن أكذبها الثاني في وطئه لها لأنها مؤتمنة على فرجها والوطء مما يعسر إقامة البينة عليه .
نعم إن حلف الثاني أنه لم يطأ لم يلزمه إلا نصف المهر فقط ويقبل قولها أيضا بيمينها عند الإمكان في انقضاء عدتها وللأول تزويجها وإن ظن كذبها لكن يكره فإن قال هي كاذبة منع من تزويجها إلا إن قال بعده تبين لي صدقها ولو حرمت عليه زوجته الأمة بإزالة ما يملكه عليها من الطلاق ثم اشتراها قبل التحليل لم يحل له وطؤها لظاهر القرآن