هو لغة الضم والجمع ومنه تناكحت الأشجار إذا تمايلت وانضم بعضها إلى بعض .
وشرعا عقد يتضمن إباحة وطء بلفظ إنكاح أو تزويج أو ترجمة .
والعرب تستعمله بمعنى العقد والوطء جميعا لكنهم إذا قالوا نكح فلان فلانة أو بنت فلان أو أخته أرادوا تزوجها وعقد عليها وإذا قالوا نكح زوجته أو امرأته لم يريدوا إلا المجامعة .
قال الثعلبي وقال ابن القطان له ألف اسم وقال علي بن جعفر اللغوي له ألف وأربعون اسما .
وكثرة الأسماء تدل على شرف المسمى وسيأتي ما يدل لذلك .
ولأصحابنا في موضوعه الشرعي ثلاثة أوجه أصحها أنه حقيقة في العقد مجاز في الوطء كما جاء به في القرآن والأخبار ولا يرد على ذلك قوله تعالى " حتى تنكح زوجا غيره " لأن المراد العقد والوطء مستفاد من خبر الصحيحين حتى تذوقي عسيلته .
والثاني أنه حقيقة في الوطء مجاز في العقد وبه قال أبو حنيفة وهو أقرب إلى اللغة والأول أقرب إلى الشرع .
قال الزمخشري وهو من علماء الحنفية لم يرد النكاح في القرآن إلا بمعنى العقد لأن كونه بمعنى الوطء من باب التصريح ومن أراد به الكناية عنه أتى بلفظ الملامسة أو المماسة .
وأورد عليه قوله تعالى " الزاني لا ينكح إلا زانية " فالمراد به الوطء كما قاله في الكفاية في باب الرجعة .
وقال الراغب يستحيل أن يكون النكاح حقيقة في الجماع ويكنى به عن العقد لأن الجماع يستقبح من ذكره كما يستقبح من فعله والعقد لا يستقبح أي فلا يكنى بالأقبح عن غيرة ولأنه يصح نفيه عن الوطء إذ يقال في الزنا سفاح لا نكاح .
ويقال في السرية ليست مزوجة ولا منكوحة .
وصحة النفي دليل المجاز والثالث حقيقة فيهما بالاشتراك كالعين وحمل على هذا النهي في قوله تعالى " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن " عن العقد وعن الوطء بملك اليمين معا على استعمال المشترك في معنييه .
وفائدة الخلاف بيننا وبين الحنفية تظهر فيمن زنى بامرأة فإنها تحرم على والده وولده عندهم لا عندنا قاله الماوردي والروياني .
وفيما لو علق الطلاق على النكاح فإنه يحمل على العقد عندنا لا الوطء إلا إن نوى حكاه الرافعي في آخر الطلاق عن ( 3 / 124 ) البوشنجي .
وعقد النكاح لازم من جهة الزوجة وكذا من جهة الزوج على الأصح .
وهل هو ملك أو إباحة وجهان ويظهر أثر الخلاف فيمن حلف لا يملك شيئا وهو متزوج وفيما لو وطئت الزوجة بشبهة إن قلنا ملك فالمهر له وإلا فلها .
واختار المصنف عدم الحنث في الأولى إذا لم يكن له نية إذ لا يفهم منه الزوجية وأما في الثانية فالمهر لها فظهر أن الراجح هو الثاني .
وهل كل من الزوجين معقود عليه أو المرأة فقط وجهان أوجههما الثاني .
والأصل في حله الكتاب والسنة وإجماع الأمة فمن الكتاب قوله تعالى " فانكحوا ما طاب لكم من النساء " وقوله تعالى " وأنكحوا الأيامى منكم " .
ومن السنة قوله A من أحب فطرتي فليستسن بسنتي ومن سنتي النكاح وقوله A تناكحوا تكثروا رواهما الشافعي بلاغا وقوله A الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة رواه مسلم وقوله A من رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه على شطر دينه أي لأن الفرج واللسان لما استوى في إفساد الدين جعل كل واحد شطرا .
قال الأطباء ومقاصد النكاح ثلاثة حفظ النسل وإخراج الماء الذي يضر احتباسه ونيل اللذة وهذه الثالثة هي التي في الجنة إذ لا تناسل هناك ولا احتباس .
قال البلقيني والنكاح شرع من عهد آدم A واستمرت مشروعيته بل هو مستمر في الجنة ولا نظير له فيما يتعبد به من العقود بعد الإيمان قال قلت ذلك بفتح الكريم المنان اه " .
وقد جرت عادة أصحابنا بتخصيص هذا الكتاب بذكر الخصائص الشريفة أوله لأنها في النكاح أكثر منها في غيره وقد ذكرت منها أشياء كثيرة ينشرح الصدر بها في شرح التنبيه فلا أطيل بذكره هاههنا ولكن أذكر منها طرفا يسيرا تبركا ببركة صاحبها عليه أفضل الصلاة والسلام فإن ذكرها مستحب .
قال في الروضة ولا يبعد القول بوجوبها لئلا يرى الجاهل بعض الخصائص في الخبر الصحيح فيعمل به أخذا بأصل التأسي فوجب بيانها لتعرف وهي أربعة أنواع أحدها الواجبات وهي أشياء كثيرة منها الضحى والوتر والأضحية والسواك والمشاورة .
والنوع الثاني المحرمات وهي أيضا كثيرة منها الزكاة والصدقة ومعرفة الخط والشعر وخائنة الأعين وهي الإيماء بما يظهر خلافه دون الخديعة في الحرب ونكاح الأمة ولو مسلمة النوع الثالث التخفيفات والمباحات وهي كثيرة أيضا منها تزويج من شاء من النساء لمن شاء ولو لنفسه بغير إذن من المرأة ووليها متوليا الطرفين وزوجه الله تعالى وأبيح له الوصال وصفي المغنم ويحكم ويشهد لولده ولنفسه وأبيح له نكاح تسع وقد تزوج A بضع عشرة ومات عن تسع .
قال الأئمة وكثرة الزوجات في حقه A للتوسعة في تبليغ الأحكام عنه الواقعة سرا مما لا يطلع عليه الرجال ونقل محاسنه الباطنة فإنه A تكمل له الظاهر والباطن .
النوع الرابع الفضائل والإكرام وهي كثيرة جدا منها تحريم منكوحاته على غيره سواء أكن موطوءات أم لا مطلقات أم لا باختيارهن أم لا وتحريم سراريه وهن إماؤه الموطوءات بخلاف غير الموطوءات وتفضيل زوجاته على سائر النساء على ما يأتي وثوابهن وعقابهن مضاعف وهن أمهات المؤمنين فلا يقال لهن أمهات المؤمنات بخلافه A فإنه أب للرجال والنساء وأما قوله تعالى " ما كان محمد أبا أحد من رجالكم " فمعناه ليس أحد من رجالكم ولد صلبه ويحرم سؤالهن إلا من وراء حجاب وأفضلهن خديجة ثم عائشة وأفضل نساء العالمين مريم بنت عمران إذ قيل بنبوتها ثم فاطمة بنت رسول الله A ثم خديجة ثم عائشة ثم آسية امرأة فرعون وأما خبر الطبراني خير نساء العالمين مريم بنت عمران ثم خديجة بنت خويلد ثم فاطمة بنت محمد A ثم آسية امرأة فرعون فأجاب عنه ابن العماد بأن خديجة إنما فضلت فاطمة باعتبار الأمومة لا باعتبار السيادة وهو A خاتم النبيين وأفضل الخلق على الإطلاق وخص بأنه أول النبيين خلقا وبتقديم نبوته فكان نبيا وآدم منجدل في طينته وبتقدم أخذ الميثاق عليه وبأنه أول من قال بلى وقت " ألست بربكم " وبخلق آدم وجميع المخلوقات لأجله وبكتابة اسمه الشريف على العرش والسموات والجنان وسائر ما في الملكوت وبشق صدره الشريف في أحد القولين وبجعل خاتم النبوة بظهره بإزاء قلبه وبحراسة السماء من استراق السمع والرمي بالشهب وبإحياء أبويه حتى آمنا به وأكرم A بالشفاعات الخمس يوم القيامة أولها العظمى في الفصل بين أهل الموقف حين يفزعون إليه بعد الأنبياء الثانية في إدخال خلق الجنة بغير حساب الثالثة في ناس استحقوا دخول النار فلا يدخلونها الرابعة في ناس دخلوا ( 3 / 125 ) النار فيخرجون الخامسة في رفع درجات ناس في الجنة وكلها ثبتت في الأخبار وخص منها بالعظمى ودخول خلق من أمته الجنة بغير حساب وهي الثانية قال في الروضة ويجوز أن يكون خص بالثالثة والخامسة أيضا .
وهو أول من يقرع باب الجنة وأول شافع وأول مشفع أي من يجاب شفاعته فنسأل الله تعالى بمنه وكرمه أن يشفعه فينا ويدخلنا معه الجنة ويفعل ذلك بأهلينا ومشايخنا وإخواننا ومحبينا وسائر المسلمين .
ولما كان النكاح من سننه A قال المصنف C تعالى " هو مستحب لمحتاج إليه " بأن تتوق نفسه إلى الوطء ولو خصيا كما اقتضاه كلام الإحياء .
يجد أهبته .
وهي مؤنة من مهر وكسوة فصل التمكين ونفقة يومه وإن كان متعبدا تحصينا لدينه ولما فيه من بقاء النسل وحفظ النسب وللاستعانة على المصالح ولخبر الصحيحين يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء بالمد أي قاطع والباءة بالمد لغة الجماع والمراد به هنا ذلك وقيل مؤن النكاح والقائل بالأول رده إلى معنى الثاني إذ التقدير عنده من استطاع منكم الجماع لقدرته على مؤن النكاح فليتزوج ومن لم يستطع لعجزه عنها فعليه بالصوم وإنما قدره بذلك لأن من لم يستطع الجماع لعدم شهوته لا يحتاج إلى الصوم لدفعها .
وروى الإمام أحمد وابن أبي شيبة وابن عبد البر عن عكاف بن وداعة أنه أتى النبي A فقال له ألك زوجة يا عكاف قال لا قال ولا جارية قال لا قال وأنت صحيح موسر قال نعم والحمد لله فقال فأنت إذا من إخوان الشياطين إن كنت من رهبان النصارى فالحق بهم وإن كنت منا فاصنع كما نصنع فإن من سنتنا النكاح شراركم عزابكم وإن أرذل موتاكم عزابكم وإنما لم يجب لقوله تعالى " فانكحوا ما طاب لكم من النساء " إذ الواجب لا يتعلق بالاستطابة ولقوله تعالى " مثنى وثلاث ورباع " ولا يجب العدد بالإجماع ولقوله " أو ما ملكت أيمانكم " .
ورد السبكي الأول بأنه ليس المراد بالآية المستطاب وإنما المراد الحلال لأن في النساء محرمات وهن في قوله تعالى " حرمت عليكم أمهاتكم " الآية .
وقيل هو فرض كفاية على الأمة لا يسوغ لجماعتهم الإعراض عنه لبقاء النسل وقيل يجب إذا خاف الزنا .
قال المصنف وهذا الوجه لا يتجه بل يخير بينه وبين التسري .
ورد بأن قائله لحظ الكمال بالإحصان الذي يمتنع به من الوقوع في الزنا خوف الرجم وهو مفقود في التسري .
وقيل يجب إذا نذره حيث كان مستحبا ورد بأن النذر إنما يصح فيما يستقل به المكلف والنكاح لا يستقل به لتوقفه على رضا الولي إذا كانت مجبرة وعلى رضا الولي والمرأة إذا كانت غير مجبرة وهو في حال النذر غير قادر على إنشاء النكاح وبأن النكاح عقد والعقود لا تثبت في الذمة وما لا يثبت في الذمة لا يتصور التزامه بالنذر وقد ذكروا في كتاب النكاح أنه لا يتصور ثبوته في الذمة وذلك فيما إذا قال أعتقتك على أن تنكحيني فقبلت فإنه لا يلزمها أن تتزوج به لأن النكاح لا يثبت في الذمة .
وقيل يجب فيما إذا كان تحته امرأتان فظلم واحدة بترك القسم ثم طلقها قبل أن يوفيها حقها من نوبة الضرة ليوفيها حقها من نوبة المظلومة بسببها ورد بأن هذه دعوى تحتاج إلى دليل فإن هذا الطلاق أحد أنواع البدعي وقالوا في الطلاق البدعي إنه يستحب فيه الرجعة .
ويستثنى من إطلاق المصنف ما لو كان في دار الحرب فإنه لا يستحب له النكاح وإن اجتمعت فيه الشروط كما نص عليه الشافعي رضي الله تعالى عنه وعلله بالخوف على ولده من الكفر والاسترقاق .
تنبيه : .
إطلاق المصنف لا يشمل المرأة بدليل قوله يجد أهبته وصرح في التنبيه بإلحاقها بالرجل في حال الحاجة وعدمها فقال فإن كانت لا تحتاج إلى النكاح أي وهي تتعبد كره لها أن تتزوج أي لأنها تتقيد بالزوج وتشتغل عن العبادة وإن كانت محتاجة إليه أي لتوقانها إلى النكاح أو إلى النفقة أو خائفة من اقتحام الفجرة أو لم تكن متعبدة استحب لها أن تتزوج أي لما في ذلك من تحصين الدين وصيانة الفرج والترفه بالنفقة وغيرها .
وبذلك علم أن ما قيل إنه يستحب لها النكاح مطلقا مردود .
والضمائر في قول المصنف هو و إليه و أهبته إن أراد بها العقد أو الوطء أو ب إليه العقد لم يصح وإن أراد ب هو و أهبته العقد و ب القبول لأن التفاصيل المذكورة من كراهة وغيرها إنما هي فيه لا في العقد المركب الذي هو النكاح .
فإن فقدها .
بفتح القاف أي عدم الأهبة " استحب " له " تركه " لقوله تعالى " وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله " إليه الوطء صح لكن فيه تعسف والشارح فسر النكاح ( 3 / 126 ) بالتزوج الذي هو ولمفهوم قوله A من استطاع منكم الباءة فليتزوج والذي في الروضة وأصلها الأولى أن لا ينكح وهي دون عبارة الكتاب في الطلب كما قال ابن النقيب ونظر فيه وأشد منها في الطلب قوله في شرح مسلم بكراهة النكاح .
ولو قال المصنف لم يستحب كان أخصر وأظهر في المراد " ويكسر " إرشادا " شهوته بالصوم " للخبر السابق .
قالوا والصوم يثير الحركة أولا فإذا دام سكنت وإن لم تنكسر شهوته تزوج قال عمر Bه ما رأيت مثل من ترك النكاح بعد قوله تعالى " إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله " .
وروى الترمذي ثلاث حق على الله أن يعينهم منهم الناكح يريد أن يستعفف .
وفي مراسيل أبي داود أنه A قال من ترك التزوج مخافة العيلة فليس منا .
وأجيب عن قوله تعالى " وليستعفف " بحملها على من لم يجد من يتزوجه ولا يكسرها بكافور ونحوه لأنه نوع من الخصاء وقال البغوي يكره أن يحتال لقطع شهوته ونقله في المطلب عن الأصحاب وقيل يحرم وجزم به في الأنوار .
والأولى حمل الأول على ما إذا لم يغلب على ظنه قطع الشهوة بالكلية بل تغيرها في الحال ولو أراد إعادتها باستعمال ضد تلك الأدوية لأمكنه ذلك .
والثاني على القطع لها مطلقا .
فإن لم يحتج .
للنكاح بأن لم تتق نفسه له من أصل الخلقة أو لعارض كمرض أو عجز " كره " له " إن فقد الأهبة " لما فيه من التزام ما لا يقدر على القيام به من غير حاجة .
وحكم الاحتياج للتزويج لغرض صحيح غير النكاح كخدمة وتأنس كالاحتياج للنكاح كما بحثه الأذرعي وفي الإحياء ما يدل عليه .
تنبيه : .
محل الكراهة فيمن يصح نكاحه مع عدم الحاجة أما من لا يصح مع عدم الحاجة كالسفيه فإنه يحرم عليه النكاح حينئذ قاله البلقيني .
وإلا .
بأن وجد الأهبة مع عدم حاجته للنكاح ولا علة به " فلا " يكره له لقدرته عليه ومقاصد النكاح لا تنحصر في الجماع " لكن العبادة " أي التخلي لها في هذه الحالة " أفضل " له من النكاح إذا كان يقطعه عنها اهتماما بها .
وفي معنى التخلي للعبادة التخلي للاشتغال بالعلم كما قاله الماوردي بل هو داخل فيها .
تنبيه : .
قضية كلامه أن النكاح ليس بعبادة بل هو مباح بدليل صحته من الكافر ولو كان عبادة لما صح منه .
ورد بأنه إنما صح من الكافر وإن كان عبادة لما فيه من عمارة الدنيا كعمارة المساجد والجوامع والعتق فإن هذه تصح من المسلم وهي منه عبادة ومن الكافر وليست منه عبادة ويدل لكونه عبادة أمر النبي A .
والعبادة تتلقى من الشرع وفي فتاوى المصنف إن قصد به طاعة من ولد صالح أو إعفاف فهو من عمل الآخرة ويثاب عليه وإلا فهو مباح اه " .
وينزل الكلامان على هذا .
واستثني من ذلك نكاح النبي A فإنه عبادة مطلقا وفائدته نقل الشريعة التي لا يطلع عليها إلا النساء .
قلت .
كما قاله الرافعي في الشرح " فإن لم يتعبد " فاقد الحاجة للنكاح واجد الأهبة الذي لا علة به " فالنكاح " له " أفضل " من تركه " في الأصح " كيلا تفضي به البطالة والفراغ إلى الفواحش .
والثاني تركه أفضل منه للخطر في القيام بواجبه .
وفي الصحيح اتقوا الله واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت من النساء .
فإن وجد الأهبة و .
لكن " به علة كهرم " وهو كبر السن " أو مرض دائم أو تعنين " دائم أو كان ممسوحا " كره " له " والله أعلم " لعدم الحاجة إليه مع منع المرأة من التحصين أما من يعن في وقت دون وقت فلا يكره له وإن أفهم عدم تقييد المصنف له خلافة والتعنين مصدر عن أي تعرض فكأنه يتعرض للنكاح ولا يقدر عليه .
ثم شرع في الصفات المطلوبة في المنكوحة فقال " ويستحب دينة " لخبر الصحيحين تنكح المرأة لأربع لمالها ولجمالها ولحسبها .
أي وهو زيادة النسب ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك ( 3 / 127 ) أي استغنت إن فعلت أو افتقرت إن خالفت والمراد بالدين الطاعات والأعمال الصالحات والعفة عن المحرمات " بكر " لحديث جابر هلا أخذت بكرا تلاعبها وتلاعبك متفق عليه .
وروى ابن ماجة عليكم بالأبكار فإنهن أعذب أفواها أي ألين كلمة و أنتق أرحاما أي أكثر أولادا وأرضى باليسير .
وروى أبو نعيم عن شجاع بن الوليد قال كان فيمن كان قبلكم رجل حلف لا يتزوج حتى يستشير مائة نفس وإنه استشار تسعة وتسعين رجلا واختلفوا عليه فقال بقي واحد وهو أول من يطلع من هذا الفج فآخذ بقوله ولا أعدوه فبينما هو كذلك إذ طلع عليه رجل راكب قصبة فأخبره بقصته فقال له النساء ثلاثة واحدة لك وواحدة عليك وواحدة لا لك ولا عليك فالبكر لك وذات الولد من غيرك عليك والثيب لا لك ولا عليك .
ثم قال أطلق الجواد فقال له أخبرني بقصتك فقال أنا رجل من علماء بني إسرائيل مات قاضينا فركبت هذه القصبة وتبالهت لأخلص من القضاء .
قال في الإحياء وكما يستحب نكاح البنت يسن أن لا يزوج ابنته إلا من بكر لم يتزوج قط لأن النفوس جبلت على الإيناس بأول مألوف ولهذا قال A في خديجة إنها أول نسائي .
نسيبة أي طيبة الأصل لما في خبر الصحيحين ولحسبها .
وأما خبر تخيروا لنطفكم ولا تضعوها إلا في الأكفاء فقال أبو حاتم الرازي ليس له أصل وقال ابن الصلاح له أسانيد فيها مقال ولكن صححه الحاكم .
ليست قرابة قريبة .
هذا من نفي الموصوف المقيد بصفة فيصدق بالأجنبية والقرابة البعيدة .
وهي أولى منها واستدل الرافعي لذلك تبعا للوسيط بقوله A لا تنكحوا القرابة القريبة فإن الولد يخلق ضاويا أي نحيفا وذلك لضعف الشهوة غير أنه يجيء كريما على طبع قومه .
قال ابن الصلاح ولم أجد لهذا الحديث أصلا معتمدا قال السبكي فينبغي أن لا يثبت هذا الحكم لعدم الدليل .
وقد زوج النبي A عليا بفاطمة رضي الله تعالى عنهما وهي قرابة قريبة اه " .
وما ذكر من أن غير القريبة أولى وهو ما صرح به في زيادة الروضة لكن ذكر صاحب البحر والبيان أن الشافعي نص على أنه يستحب له أنه لا يتزوج من عشيرته وعلله الزنجاني بأن من مقاصد النكاح اتصال القبائل لأجل التعاضد والمعاونة واجتماع الكلمة اه " .
والأولى حمل كلام الشافعي رضي الله تعالى عنه على عشيرته الأقربين ولا يشكل ذلك بتزوج النبي A زينب مع أنها بنت عمته لأنه تزوجها بيانا للجواز ولا بتزوج علي فاطمة رضي الله تعالى عنها لأنها بعيدة في الجملة إذ هي بنت ابن عمه وأيضا بيانا للجواز .
تنبيه : .
لو أبدل المصنف ليست بقولهغير كان مناسبا للصفات المتقدمة .
وبقي عليه من صفات المنكوحة أمور ذكرت منها كثيرا في شرح التنبيه منها أن تكون ولودا لخبر تزوجوا الولود الودود فاني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة رواه أبو داود والحاكم وصحح إسناده ويعرف البكر ولودا بأقاربها .
وأن تكون جميلة لخبر الحاكم خير النساء من تسر إذا نظرت وتطيع إذا أمرت ولا تخالف في نفسها ومالها .
قال الماوردي لكنهم كرهوا ذات الجمال البارع فإنها تزهو بجمالها وإن الإمام أحمد قال لبعض أصحابه ولا تغال في المليحة فإنها قل أن تسلم لك وأن تكون عاقلة .
قال الإسنوي ويتجه أن يراد بالعقل هنا العقل العرفي وهو زيادة على مناط التكليف اه " .
والمتجه كما قال شيخنا أن يراد أعم من ذلك وأن لا يكون لها مطلق يرغب في نكاحها وأن لا تكون شقراء فقد أمر الشافعي الربيع أن يرد الغلام الأشقر الذي اشتراه له وقال ما لقيت من أشقر خير قط وقصته مع الأشقر الذي أضافه في عوده من اليمن مشهورة .
وأن تكون ذات خلق حسن وأن تكون خفيفة المهر لما روى الحاكم عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن النبي A قال أعظم الناس بركة أيسرهن صداقا وقال عروة أول شؤم المرأة أن يكثر صداقها .
وهذه الصفات كلها قل أن يجدها الشخص في نساء الدنيا وإنما توجد في نساء الجنان فنسأل الله تعالى أن لا يحرمنا منهن .
ويسن أن لا يزيد على امرأة واحدة من غير حاجة ظاهرة .
قال ابن العماد ويقاس بالزوجة في هذا السرية لكن منع القفال والجويني التسري في زماننا لعدم التخميس .
نعم مسبي الكفار بعضهم من بعض يجوز ( 3 / 128 ) للمسلم شراؤها ووطؤها إذ لا خمس على الكافر .
قال الغزي ولو اشترى جارية ثم اشترى من وكيل بيت المال ما يخصه من الخمس اتجه الحل .
قال الأذرعي ولو أعفته واحدة لكنها عقيم استحب له نكاح ولود ويسن أن يتزوج في شوال وأن يدخل فيه وأن يعقد في المسجد وأن يكون مع جمع وأن يكون أول النهار لخبر اللهم بارك لأمتي في بكورها .
وإذا قصد نكاحها .
ورجا رجاء ظاهرا أنه يجاب إلى خطبته كما قاله ابن عبد السلام " سن نظره إليها " لقوله A للمغيرة بن شعبة وقد خطب امرأة انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما المودة والألفة رواه الترمذي وحسنه والحاكم وصححه .
ومعنى يؤدم أي يدوم فقدم الواو على الدال وقيل من الأدم مأخوذ من إدام الطعام لأنه يطيب به حكي الماوردي الأول عن المحدثين والثاني عن أهل اللغة ووقته .
قبل الخطبة .
وبعد العزم على النكاح لأنه قبل العزم لا حاجة إليه وبعد الخطبة قد يفضي الحال إلى الترك فيشق عليها .
ومراده بخطب في الخبر عزم على خطبتها لخبر أبي داود وغيره إذا ألقى الله في قلب امرىء خطبة امرأة فلا بأس أن ينظر إليها .
وإن لم تأذن .
هي ولا وليها اكتفاء بإذن الشارع ولئلا تتزين فيفوت غرضه ولكن الأولى أن يكون بإذنها خروجا من خلاف الإمام مالك فإنه يقول بحرمته بغير إذنها فإن لم تعجبه سكت ولا يقول لا أريدها لأنه إيذاء .
وله تكرير نظره .
إن احتاج إليه ليتبين هيئتها فلا يندم بعد النكاح إذ لا يحصل الغرض غالبا بأول نظرة .
قال الزركشي ولم يتعرضوا لضبط التكرار ويحتمل تقديره بثلاث لحصول المعرفة بها غالبا وفي حديث عائشة رضي الله تعالى عنها أريتك في ثلاث ليال اه " .
والأولى أن يضبط بالحاجة وسواء أكان بشهوة أم غيرها كما قاله الإمام والروياني وإن قال الأذرعي في نظره بالشهوة نظر .
ولا ينظر .
من الحرة " غير الوجه والكفين " ظهرا وبطنا لأنها مواضع ما يظهر من الزينة المشار إليها في قوله تعالى " ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها " .
والحكمة في الاقتصار على ذلك أن في الوجه ما يستدل به على الجمال وفي اليدين ما يستدل به على خصب البدن .
أما الأمة ولو مبعضة فينظر منها ما عدا ما بين السرة والركبة كما صرح به ابن الرفعة وقال إنه مفهوم كلامهم قال الزركشي وبه صرح في البحر .
وإن لم يتيسر نظره إليها بعث امرأة أو نحوها تتأملها وتصفها له لأنه A بعث أم سليم إلى امرأة وقال انظري عرقوبها وشمي عوارضها رواه الحاكم وصححه .
ويؤخذ من الخبر أن للمبعوث أن يصف للباعث زائدا على ما ينظره فيستفيد بالبعث ما يستفيده بنظره .
وتقييد البعث بعدم التيسر ذكره القاضي وأطلقه غيره وهو أوجه .
ويسن للمرأة أيضا أن تنظر من الرجل غير عورته إذا أرادت تزويجه فإنه يعجبها منه ما يعجبه منها وتستوصف كما مر في الرجل .
تنبيه : .
قد علم مما تقرر أن كلا من الزوجين ينظر من الآخر ما عدا عورة الصلاة وخرج بالنظر المس فلا يجوز إذ لا حاجة إليه " .
فائدة : .
أفتى بعض المتأخرين بأنه إذا تعذر نظر المخطوبة ولها أخ أو ابن أمرد يحرم نظره وكان يشبهها أنه يجوز نظر الخاطب إليه اه " .
ويتعين أن يكون محل ذلك عند أمن الفتنة .
وأن لا يكون بشهوة ولا يقال إن ذلك منزل منزلة النظر إليها لأن المخطوبة محل التمتع في الجملة .
ويحرم نظر فحل بالغ .
عاقل مختار ولو شيخا وعاجزا عن الوطء ومخنثا وهو المتشبه بالنساء " إلى عورة حرة كبيرة " وهي من بلغت حدا تشتهى فيه لا البالغة " أجنبية " للناظر بلا خلاف لقوله تعالى " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم " والمراد بالعورة ما سبق في الصلاة وهي ما عدا الوجه والكفين .
وخرج بالفحل الممسوح وسيأتي لكن يرد عليه المجبوب وهو مقطوع الذكر فقط والخصي وهو من بقي ذكره دون أنثييه والخنثى المشكل فإن حكمهم كالفحل .
وبالبالغ الصبي .
وسيأتي حكم المراهق .
وبالحرة الأمة وستأتي .
وبالأجنبية المحرم وسيأتي .
وكان ينبغي أن يزيد عاقلا مختارا كما قدرته ليخرج المجنون والمكره .
وكذا وجهها وكفيها .
من كل يد فيحرم نظر رؤوس أصابع كفيها إلى المعصم ظهرا وبطنا " عند خوف فتنة " تدعو إلى ( 3 / 129 ) الاختلاف بها لجماع أو مقدماته بالإجماع كما قال الإمام .
ولو نظر إليهما بشهوة وهي قصد التلذذ بالنظر المجرد وأمن الفتنة حرم قطعا .
وكذا .
يحرم النظر إليهما " عند الأمن " من الفتنة فيما يظهر له من نفسه من غير شهوة " على الصحيح " ووجهه الإمام باتفاق المسلمين على منع النساء من الخروج سافرات الوجوه .
وبأن النظر مظنة الفتنة ومحرك للشهوة وقد قال تعالى " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم " واللائق بمحاسن الشريعة سد الباب والإعراض عن تفاصيل الأحوال كالخلوة بالأجنبية .
والثاني لا يحرم ونسبه الإمام للجمهور والشيخان للأكثرين وقال في المهمات إنه الصواب لكون الأكثرين عليه .
وقال البلقيني الترجيح بقوة المدرك والفتوى على ما في المنهاج اه " .
ولو عبر بالفاء كان أنسب .
وما نقله الإمام من الاتفاق على منع النساء أي منع الولاة لهن معارض بما حكاه القاضي عياض عن العلماء أنه لا يجب على المرأة ستر وجهها في طريقها وإنما ذلك سنة .
وعلى الرجال غض البصر عنهن للآية وحكاه المصنف عنه في شرح مسلم وأقره عليه .
وقال بعض المتأخرين إنه لا تعارض في ذلك بل منعهن من ذلك لا لأن الستر واجب عليهن في ذاته بل لأن فيه مصلحة عامة وفي تركه إخلال بالمروءة اه " .
وظاهر كلام الشيخين أن الستر واجب لذاته فلا يتأتى هذا الجمع وكلام القاضي ضعيف .
وحيث قيل بالجواز كره وقيل خلاف الأولى وحيث قيل بالتحريم وهو الراجح هل يحرم النظر إلى المتنقبة التي لا يتبين منها غير عينيها ومحاجرها أو لا قال الأذرعي لم أر فيه نصا والظاهر أنه لا فرق لاسيما إذا كانت جميلة فكم في المحاجر من خناجر اه " .
وهو ظاهر .
تنبيه : .
ظاهر كلام المصنف أن وجهها وكفيها غير عورة وإنما ألحقا بها في تحريم النظر وبه صرح الماوردي في كتاب الصلاة فقال عورتها مع غير الزوج كبرى وصغرى فالكبرى ما عدا الوجه والكفين والصغرى ما بين السرة والركبة فيجب ستر الكبرى في الصلاة وكذا عن الرجال الأجانب والخناثى والصغرى عن النساء وإن قربن وكذا عن رجال المحارم والصبيان .
وقال السبكي إن الأقرب إلى صنع الأصحاب أن وجهها وكفيها عورة في النظر لا في الصلاة .
وإطلاقه الكبيرة يشمل العجوز التي لا تشتهى وهو الأرجح في الشرح الصغير وهو المعتمد لأن لكل ساقطة لاقطة .
وقال الروياني يجوز النظر إلى وجهها وكفيها لقوله تعالى " والقواعد من النساء " واختاره الأذرعي .
قال ابن شهبة وقد استدل بذهاب أنس مع النبي A إلى أم أيمن وبعده انطلق إليها أبو بكر رضي الله تعالى عنه وكان سفيان يدخل على رابعة اه " .
وهذا لا دليل فيه إذ لا يلزم من ذلك النظر .
وصوت المرأة ليس بعورة ويجوز الإصغاء إليه عند أمن الفتنة وندب تشويهه إذا قرع بابها فلا تجيب بصوت رخيم بل تغلظ صوتها بظهر كفها على الفم .
ولا ينظر .
الفحل " من محرمه " الأنثى من نسب أو رضاع أو مصاهرة ما " بين سرة وركبة " منها أي يحرم نظر ذلك إجماعا .
ويحل .
بغير شهوة نظر " ما سواه " أي المذكور وهو ما عدا ما بين السرة والركبة لأن المحرمية معنى يوجب حرمة المناكحة فكانا كالرجلين والمرأتين فيجوز النظر إلى السرة والركبة لأنهما ليسا بعورة بالنسبة لنظر المحرم .
فهذه العبارة أولى من عبارة ابن المقري تبعا لغيره بما فوق السرة وتحت الركبة .
وقيل .
إنما يحل نظر " ما يبدو " منها " في المهنة فقط " لأن غيره لا ضرورة إلى النظر إليه والمراد بما يبدو في المهنة الوجه والرأس والعنق واليد إلى المرفق والرجل إلى الركبة .
والمهنة بفتح الميم وكسرها الخدمة وأنكر بعضهم كسرها .
تنبيه : .
قد علم من كلامه أن نظره إلى ما يبدو في حال المهنة جائز قطعا وإلى ما بين السرة والركبة حرام قطعا والخلاف فيما بين ذلك .
ولا فرق في المحرم بين الكافر وغيره نعم إن كان الكافر من قوم يعتقدون حل المحارم كالمجوس امتنع نظرها له ونظره إليها نبه عليه الزركشي .
والأصح حل النظر بلا شهوة .
وإن كان مكرها " إلى الأمة " وإن كانت أم ولد " إلا ما بين سرة وركبة " فلا يحل لأن ذلك عورتها في الصلاة فأشبهت الرجل .
والثاني يحرم إلا ما يبدو في المهنة إذ لا حاجة إليه .
والثالث يحرم نظرها كلها كالحرة وسيأتي ترجيحه .
وشمل إطلاقه بلا شهوة الحل وإن خاف الفتنة وليس مرادا بل ( 3 / 130 ) الوجه ما قاله الأذرعي أنه يحرم النظر قطعا حينئذ أما النظر بشهوة فحرام قطعا لكل منظور إليه من محرم وغيره غير زوجته وأمته قال الشارح والتعرض له هنا في بعض المسائل ليس للاختصاص بل لحكمة تظهر بالتأمل اه " .
ونقل عنه أنه قال ما هو مظنة الشهوة غالبا قيد بالعدم وما لا فلا وقيل إنما قيد بذلك في الأمة لأنها لنقصها عن الحرة قد يتساهل في النظر إليها فدفع ذلك بالتقييد المذكور .
و .
الأصح حل النظر " إلى صغيرة " لا تشتهى لأنها ليست في مظنة الشهوة .
والثاني يحرم لأنها من جنس الإناث .
قال ابن الصلاح حكاية الخلاف في وجه الصغيرة التي لا تشتهى يكاد أن يكون خرقا للإجماع .
إلا الفرج .
فلا يحل نظره .
قال الرافعي كصاحب العدة اتفاقا .
ورده في الروضة بأن القاضي جوزه جزما فليس ذلك اتفاقا بل فيه خلاف لا أنه رد الحكم كما فهمه ابن المقري فصرح بالجواز .
وأما فرج الصغير فكفرج الصغيرة على المعتمد وإن قال المتولي بجواز النظر إليه إلى التمييز وتبعه السبكي على ذلك .
واستثنى ابن القطان الأم زمن الرضاع والتربية لمكان الضرورة وهو ظاهر وينبغي أن تكون المرضعة غير الأم كالأم .
و .
الأصح " أن نظر العبد " الفحل العفيف كما قاله البغوي وغيره غير المبعض والمشترك والمكاتب " إلى سيدته " العفيفة كما قاله الواحدي وغيره " و " أن " نظر ممسوح " إلى أجنبية سواء أكان حرا أم لا وهو ذاهب الذكر والأنثيين " كالنظر إلى محرم " فيحل نظرهما بلا شهوة نظر المحرم أما الأولى فلقوله تعالى " أو ما ملكت أيمانهن " ولقوله A لفاطمة رضي الله تعالى عنها وقد أتاها ومعه عبد قد وهبه لها وعليها ثوب إذا قنعت به رأسها لم يبلغ رجليها وإذا غطت به رجليها لم يبلغ رأسها فلما رآها النبي A وما تلقى قال إنه ليس عليك بأس إنما هو أبوك وغلامك رواه أبو داود وأما في الثانية فلقوله تعالى " أو التابعين غير أولي الإربة " أي الحاجة إلى النكاح .
والثاني يحرم نظرهما كغيرهما والمراد بالإربة الإماء والمغفلون الذين لا يشتهون النساء فخرج بذلك الفاسق وإن كان فسقه بغير الزنا خلافا لابن العماد والمبعض .
قال الماوردي لا يختلف أصحابنا أنه مع سيدته كالأجنبي والمكاتب كما نقله في الروضة عن القاضي وأقره .
ولا فرق بين أن يكون معه وفاء النجوم أو لا خلافا للقاضي في الشق الثاني وقيل إنه كالقن ونقل عن نص الشافعي وقال الزركشي فتجب الفتوى به .
فإن قيل يشكل على الأول جواز نظر السيد إلى مكاتبته .
أجيب بأن المالكية أقوى من المملوكية .
وينبغي كما قال الزركشي تقييد الجواز في الممسوح بأن يكون مسلما في حق المسلمة فإن كان كافرا منع على الأصح لأن أقل أحواله أن يكون كالمرأة الكافرة .
و .
الأصح " أن المراهق " وهو بكسر الهاء من قارب الحلم حكمه في نظره للأجنبية " كالبالغ " فيلزم الولي منعه منه ويلزمها الاحتجاب منه كالمجنون في ذلك لظهوره على العورات وقد قال تعالى " أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء " .
والثاني له النظر كالمحرم .
أما الدخول على النساء الأجانب بغير استئذان فإنه جائز إلا في دخوله عليهن في الأوقات الثلاثة التي يضعن فيها ثيابهن فلا بد من استئذانه في دخوله فيها عليهن الآية " ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم " وأما غير المراهق فقال الإمام إن لم يبلغ حدا يحكي ما يراه فكالعدم أو بلغه من غير شهوة فكالمحرم أو بشهوة فكالبائع .
تنبيه : .
نقل الماوردي الاتفاق على أنه لا يلزم العبد الاستئذان أي على سيدته إلا في الأوقات الثلاثة وسببه كثرة الحاجة إلى الدخول والخروج والمخالطة .
ويحل .
بلا شهوة عند أمن الفتنة " نظر رجل إلى رجل " اتفاقا " إلا ما بين سرة وركبة " فيحرم ولو من ابن وسيد لأنه عورة ولا فرق بين أن يكون في حمام أو غيره .
ونقل القاضي حسين عن علي رضي الله تعالى عنه أن الفخذ في الحمام ليس بعورة .
ويحرم نظر أمرد .
وهو الشاب الذي لم تنبت لحيته ولا يقال لمن أسن ولا شعر بوجهه أمرد بل يقال له ثط بالثاء المثلثة " بشهوة " بالإجماع .
ولا يختص هذا بالأمرد كما مر بل النظر إلى الملتحي وإلى النساء المحارم بالشهوة حرام قطعا وإنما ذكره توطئة لما بعده وضابط الشهوة فيه كما قاله في الإحياء أن كل من تأثر بجمال صورة الأمرد بحيث يظهر من نفسه الفرق بينه وبين الملتحي فهذا لا يحل له النظر ( 3 / 131 ) وقال السبكي المراد بالشهوة أن يكون النظر لقصد قضاء وطر بمعنى أن الشخص يحب النظر إلى الوجه الجميل ويلتذ به .
قال فإذا نظر ليلتذ بذلك الجمال فهو النظر بشهوة وهو حرام .
قال وليس المراد أن يشتهي زيادة على ذلك من الوقاع ومقدماته فإن ذلك ليس بشرط بل زيادة في الفسق .
قال وكثير من الناس لا يقدمون على فاحشة ويقتصرون على مجرد النظر والمحبة ويعتقدون أنهم سالمون من الإثم وليسوا بسالمين .
ولو انتفت الشهوة وخيف الفتنة حرم النظر أيضا كما حكياه عن الأكثرين قال ابن الصلاح وليس المعنى بخوف الفتنة غلبة الظن بوقوعها .
بل يكفي أن لا يكون ذلك نادرا .
قلت وكذا بغيرها .
وإن أمن الفتنة " في الأصح المنصوص " لأنه مظنة الفتنة فهو كالمرأة إذ الكلام في الجميل الوجه النقي البدن كما قيد به في المصنف في التبيان ورياض الصالحين وغيرهما بل هو أعظم إثما من الأجنبية لأنه لا يحل بحال .
وقد ذكر عن أبي عبد الله الجلاء قال كنت أمشي مع أستاذي يوما فرأيت حدثا جميلا فقلت يا أستاذي ترى أيعذب الله هذه الصورة فقال ونظرت سترى غبه قال فنسيت القرآن بعد ذلك بعشرين سنة .
وسمى السلف الصالح المرد الأنتان لأنهم مستقذرون شرعا .
والثاني لا يحرم وإلا لأمر المرد بالاحتجاب كالنساء .
وأجيب بأنهم لم يؤمروا بالاحتجاب للمشقة عليهم فيه وفي ترك الأسباب اللازمة له وعلى غيرهم غض البصر عند توقع الفتنة قال السبكي وهو ظاهر وإنما الصعب إيجاب الغض مطلقا كما يقوله المصنف ويرده أحوال الناس ومخالطتهم الصبيان من عصر الصحابة إلى الآن مع العلم بأنهم لم يؤمروا بغض البصر عنهم في كل حال كالنساء بل عند توقع الفتنة .
ونازع في المهمات في العزو للنص وقال الصادر من الشافعي على ما بينه في الروضة إنما هو إطلاق يصح حمله على حالة الشهوة اه " .
وقال الشيخ أبو حامد لا أعرف هذا النص للشافعي كما نبه عليه ابن الرفعة ولم يذكره البيهقي في معرفته ولا سننه ولا مبسوطه وتبعه المحاملي على عدم معرفة النص .
وقال البلقيني ما صححه المصنف لم يصرح به أحد وليس وجها ثانيا فإن الموجود في كتب الأصحاب أنه إن لم يخف فتنة لا يحرم قطعا فإن خاف فوجهان وما ذكره عن النص مطعون فيه ولعله وقع للشافعي ذلك عند شهوة أو خوف فتنة وأما عند عدم الشهوة وعدم خوف الفتنة فإنه لا يحرم النظر بلا خلاف وهذا إجماع من المسلمين ولا يجوز أن ينسب إلى الشافعي ما يخرق الإجماع اه " .
وقال الشارح لم يصرح هو أعني المصنف ولا غيره بحكايتها في المذهب اه " .
فعلم من هذا كله أن ما قاله المصنف من اختياراته لا أنه المذهب .
ومحل الخلاف إذا لم يكن محرما للناظر ولا مملوكا له فإنه لا يحرم نظره إليهما عند الأمن وعدم الشهوة بلا خلاف .
وحيث قيل بحرمة النظر إليه حرمت الخلوة به قال في المجموع في صلاة الجماعة هذا قياس المذهب فإنها أفحش وأقرب إلى المفسدة .
والأصح عند المحققين .
الشيخ أبي حامد والقاضي أبي الطيب والمحاملي والجرجاني والعمراني قال في الروضة وهو مقتضى إطلاق الأكثرين وهو أرجح دليلا " أن الأمة " في حرمة النظر إليها " كالحرة " في حرمة نظرها مطلقا " والله أعلم " لاشتراكهما في الأنوثة وخوف الفتنة .
ففي الإماء التركيات ونحوهن من خوف الفتنة أشد من كثير من الحرائر .
قال البلقيني في تصحيحه وما ادعاه المصنف أنه الأصح عند المحققين لا يعرف .
وهو شاذ مخالف لإطلاق نص الشافعي في عورة الأمة ومخالف لما عليه جمهور أصحابه اه " .
وهذا ما عليه عمل الناس ولكن الأول أحوط لما مر .
وما روي عن عمر رضي الله تعالى عنه من أنه رأى أمة متنقبة فقال أتتشبهين بالحرائر يالكاع فمحمول على الإماء المبتذلات البعيدات عن الشهوة أو أنه رضي الله تعالى عنه قصد نفي الأذى عن الحرائر .
لأن الإماء كن يقصدن للزنا قال تعالى " ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين " وكانت الحرائر تعرف بالستر فخشي أنه إذا استترت الإماء حصل الأذى للحرائر فأمر الإماء بالتكشف ويحترزن في الصيانة من أهل الفجور .
والمرأة .
البالغة حكمها " مع المرأة " مثلها في النظر " كرجل " أي كنظر رجل " ورجل " فيما سبق فيجوز مع الأمن ما عدا ما بين السرة والركبة ويحرم مع الشهوة وخوف الفتنة .
عنها لقوله تعالى " أو نسائهن " فلو جاز لها النظر لم يبق للتخصيص " والأصح تحريم نظر " كافرة " ذمية " أو غيرها " إلى مسلمة ( 3 / 132 ) فتحتجب المس فائدة وصح عن عمر رضي الله تعالى عنه أنه منع الكتابيات دخول الحمام مع المسلمات ربما تحكيها للكافر .
والثاني لا يحرم نظرا إلى اتحاد الجنس كالرجال فإنهم لم يفرقوا فيهم بين نظر الكافر إلى المسلم والمسلم إلى المسلم .
نعم على الأول يجوز أن ترى منها ما يبدو عند المهنة على الأشبه في الروضة كأصلها وهو المعتمد وقيل الوجه والكفين فقط ورجح البلقيني أنها معها كالأجنبي وصرح به القاضي وغيره .
تنبيه : .
محل ذلك في كافرة غير محرم للمسلمة وغير مملوكة لها أما هما فيجوز لهما النظر إليها كما أفتى به المصنف في المملوكة وبحثه الزركشي في المحرم وهو ظاهر .
وظاهر إيراد المصنف يقتضي أن التحريم على الذمية وهو صحيح إن قلنا إن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة وهو الأصح وإذا كان حراما على الكافرة حرم على المسلمة التمكين منه .
وأما نظر المسلمة إليها فمقتضى كلامهم جوازه وهو المعتمد لفقد العلة المذكورة في الكافرة وإن توقف في ذلك الزركشي وقول ابن عبد السلام والفاسقة مع العفيفة كالكافرة مع المسلمة رده البلقيني والرد ظاهر وإن جزم به الزركشي .
و .
الأصح " جواز نظر المرأة " البالغة الأجنبية " إلى بدن " رجل " أجنبي سوى ما بين سرته وركبته إن لم تخف فتنة " ولا نظرت بشهوة لما في الصحيحين عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها نظرت إلى الحبشة وهم يلعبون في المسجد ولأن ما سوى ما بينهما ليس بعورة منه في الصلاة .
قلت الأصح التحريم .
أي تحريم نظرها تبعا لجماعة من الأصحاب وقطع به في المذهب وغيره " كهو " أي كنظر الأجنبي " إليها والله أعلم " لقوله تعالى " وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن " .
وقد روي عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها قالت كنت عند ميمونة عند رسول الله A إذ أقبل ابن أم مكتوم فقال النبي A احتجبا منه فقلت يا سول الله أليس هو أعمى لا يبصر فقال أفعمياوان أنتما ألستما تبصرانه .
رواه الترمذي وقال حديث صحيح .
تنبيه : .
قضية كلامه أنه يحرم على المرأة أن تنظر إلى وجه الرجل وكفيه عند الأمن على الأصح .
قال الجلال البلقيني وهذا لم يقل به أحد من الأصحاب واتفقت الأوجه على جواز نظرها إلى وجه الرجل وكفيه عند الأمن من الفتنة اه " .
ويدل له حديث عائشة المار لكن المصنف أجاب عنه في شرح مسلم بأنه ليس فيه أنها نظرت إلى وجوههم وأبدانهم وإنما نظرت للعبهم وحرابتهم ولا يلزمه منه تعمد النظر إلى البدن وإن وقع بلا قصد صرفته في الحال .
وأجاب عنه غيره بأن ذلك لعله كان قبل نزول الحجاب أو كانت عائشة رضي الله تعالى عنها لم تبلغ مبلغ النساء إذ ذاك وفي وجه ثالث أنها تنظر منه ما يبدو في المهنة فقط إذ لا حاجة إلى غيره وقواه بعضهم لعموم البلوى في نظرهن في الطرقات إلى الرجال ويستثنى على ما صححه المصنف ما إذا قصدت نكاحه فلها النظر إليه قطعا بل يندب كما مر وقول المصنف كهو إليها قد يقتضيه .
ونظرها إلى محرمها .
حكمه " كعكسه " وهو نظر الرجل إلى محرمه فتنظر منه بلا شهوة ما عدا ما بين السرة والركبة وقيل ما يبدو منه في المهنة فقط .
تنبيه : .
عبارة الروضة لا يحرم إلا ما بين السرة والركبة على المذهب وبه قطع المحققون وقيل كنظره إليها وهذا الذي ضعفه هو الذي جزم به هنا .
وأما الخنثى المشكل فيعامل بالأشد فيجعل مع النساء رجلا ومع الرجال امرأة إذا كان في سن يحرم فيه نظر الواضح كما جزم به المصنف في باب الأحداث من المجموع ولا يجوز أن يخلو به أجنبي ولا أجنبية .
ولو كان مملوكا لامرأة فهو معها كعبدها وقيل يستصحب فيه حكم الصغر ويؤيده تصحيح المجموع أنه يغسله بعد موته الرجال والنساء وأجاب الأول بضعف الشهوة بعد الموت بخلافها قبله .
ثم شرع المصنف C تعالى في ضابط ما يحرم منه فقال " ومتى حرم النظر حرم المس " لأنه أبلغ منه في اللذة وإثارة الشهوة بدليل أنه لو مس فأنزل أفطر ولو نظر فأنزل لم يفطر فيحرم مس الأمرد كما يحرم نظره وأولى ودلك الرجل فخذ الرجل بلا حائل ( 3 / 133 ) ويجوز من فوق إزار إن لم يخف فتنة ولم تكن شهوة .
وأورد على هذا الضابط صورا طردا وعكسا فمن الأول ما أبين من أجنبية فإنه يحرم نظره لا مسه .
ومنه حلقة دبر زوجته وأمته فيحرم نظره عند الدارمي لا مسه وهذا ضعيف .
ومنه ما لو أمكن الطبيب معرفة العلة بالمس دون النظر فإنه يباح المس لا النظر .
ومن الثاني المحرم فإنه يحرم مس بطن أمه وظهرها وغمز ساقها ورجلها كما في الروضة لكنه مخالف لما في شرح مسلم للمصنف من الإجماع على جواز مس المحارم وجمع بينهما بحمل الأول على مس الشهوة والثاني على مس الحاجة والشفقة وهو جمع حسن لكن يبقى ما إذا لم تكن شهوة ولا حاجة ولا شفقة قال السبكي وبينهما مراتب متفاوتة فما قرب إلى الأول ظهر تحريمه وما قرب إلى الثاني ظهر جوازه اه " .
والذي ينبغي عدم الحرمة عند عدم القصد فقد قبل A فاطمة وقبل الصديق الصديقة .
فإن قيل إن ذلك كان للشفقة .
أجيب بأن الثابت إنما هو انتفاء الشهوة وما عدا ذلك يصدق بما ذكرناه .
تنبيه : .
عبارة الشرح والروضة والمحرر وحيث حرم النظر حرم المس قال السبكي وهي أحسن من عبارة الكتاب لأن حيث اسم مكان والمقصود هنا أن المكان الذي يحرم نظره يحرم مسه و متى اسم زمان فهو ليس مقصودا هنا .
قال ابن النقيب وقد يقال إن الزمان أيضا مقصود فإن الأجنبية يحرم نظرها فإذا عقد عليها جاز فإذا طلقها حرم وكذلك الطفلة على العكس وكذلك يستثنى زمان المداواة والمعاملة ونحوهما .
و .
اعلم أن ما تقدم من حرمة النظر والمس هو حيث لا حاجة إليهما وأما عند الحاجة فالنظر والمس " مباحان لفصد وحجامة وعلاج " ولو في فرج للحاجة الملجئة إلى ذلك لأن في التحريم حينئذ حرجا فللرجل مداواة المرأة وعكسه وليكن ذلك بحضرة محرم أو زوج أو امرأة ثقة إن جوزنا خلوة أجنبي بامرأتين وهو الراجح كما سيأتي في العدد إن شاء الله تعالى .
ويشترط عدم امرأة يمكنها تعاطي ذلك من امرأة وعكسه كما صححه في زيادة الروضة وأن لا يكون ذميا مع وجود مسلم وقياسه كما قال الأذرعي أن لا تكون كافرة أجنبية مع وجود مسلمة على الأصح صرح به في الكفاية .
ولو لم نجد لعلاج المرأة إلا كافرة ومسلما فالظاهر كما قال الأذرعي أن الكافرة تقدم لأن نظرها ومسها أخف من الرجل بل الأشبه عند الشيخين كما مر أنها تنظر منها ما يبدو عند المهنة بخلاف الرجل .
تنبيه : .
رتب البلقيني ذلك فقال فإن كانت امرأة فيعتبر وجود امرأة مسلمة فإن تعذرت فصبي مسلم غير مراهق فإن تعذر فصبي غير مراهق كافر فإن تعذر فامرأة كافرة فإن تعذرت فمحرمها المسلم فإن تعذر فمحرمها الكافر فإن تعذر فأجنبي مسلم فإن تعذر فأجنبي كافر اه " .
والمتجه تأخير المرأة الكافرة عن المحرم بقسميه وقيد في الكافي الطبيب بالأمين فلا يعدل إلى غيره مع وجوده كما قاله الزركشي وشرط الماوردي أن يأمن الافتتان ولا يكشف إلا قدر الحاجة كما قاله القفال في فتاويه .
وفي معنى الفصد والحجامة نظر الخائن إلى فرج من يختنه ونظر القابلة إلى فرج التي تولدها .
ويعتبر في النظر إلى الوجه والكفين مطلق الحاجة وفي غيرهما ما عدا السوءتين تأكدها بأن يكون مما يبيح التيمم كشدة الضنى كما نقلاه عن الإمام وقضية هذا كما قال الزركشي أنه لو خاف شيئا فاحشا في عضو باطن امتنع النظر وفيه نظر .
وفي السوءتين مزيد تأكدها بأن لا يعد التكشف بسببها هتكا للمروءة كما نقلاه عن الغزالي وأقراه .
قلت ويباح النظر .
من الأجنبي للأمرد وغيره " لمعاملة " من بيع وغيره " وشهادة " تحملا وأداء حتى يجوز النظر إلى الفرج للشهادة على الزنا والولادة وإلى الثدي للشهادة على الرضاع .
هذا إن قصد به الشهادة فإن قال تعمدت النظر لغير الشهادة فسق وردت شهادته إن قال حانت مني التفاتة بلا تعمد فرأيته قبل .
وإذا نظر إليها وتحمل الشهادة عليها كلفت الكشف عن وجهها عند الأداء إن لم يعرفها في نقابها فإن عرفها لم يفتقر إلى الكشف قاله الماوردي .
قال الزركشي وقضيته تحريم النظر حينئذ اه " .
وهو ظاهر .
ويجوز النظر إلى عانة ولد الكافر لينظر هل أنبت أم لا ويجوز للنسوة أن ينظرن إلى ذكر الرجل إذا ادعت المرأة عبالته وامتنعت ( 3 / 134 ) من التمكين .
تنبيه : .
هذا كله إذا لم يخف فتنة فإن خافها لم ينظر إلا إن تعين عليه فينظر ويضبط نفسه وسيأتي إن شاء الله تعالى ذلك في كتاب الشهادات .
وقوله " وتعليم " مزيد على الروضة وأصلها بل على غالب كتب المذهب .
قال السبكي كشفت عن هذه المسألة كتب المذهب وعد منها إثني عشر مصنفا فلم أجدها .
وإنما يظهر فيما يجب تعلمه وتعليمه كالفاتحة وما يتعين تعليمه من الصنائع المحتاج إليها بشرط التعذر من وراء حجاب وأما غير ذلك فكلامهم يقتضي المنع ومنهم المصنف حيث قال في الصداق ولو أصدقها تعليم قرآن وطلق قبله فالأصح تعذر تعليمه اه " .
وقال الشارح وهو أي التعليم للأمرد خاصة لما سيأتي اه " .
ويشير بذلك إلى مسألة الصداق .
والمعتمد أنه يجوز النظر للتعليم للامرد وغيره واجبا كان أو مندوبا وإنما منع من تعليم الزوجة لأن كلا من الزوجين تعلقت آماله بالآخر فصار لكل منهما طمعة في الآخر فمنع عن ذلك .
ونحوها .
أي المذكورات كجارية يريد الرجل شراءها أو عبد تريد المرأة شراءه وكالحاكم يحلف المرأة ويحكم عليها كما قاله الجرجاني .
قال الأذرعي وقياسه جوازه عند الحكم لها اه " .
وهو ظاهر وإنما ينظر في جميع ما تقدم " بقدر الحاجة والله أعلم " لأن ما جاز للضرورة يقدر بقدرها فينظر في المعاملة إلى الوجه فقط كما جزم به الماوردي وغيره وفيما إذا اشترى جارية أو اشترت عبدا ما عدا ما بين السرة والركبة .
قال الماوردي ولا يزاد على النظرة الواحدة إلا إن يحتاج إلى ثانية للتحقق فيجوز .
وقضية هذا أنه إذا عرفها بالنظر إلى بعض وجهها لم يكن له أن يستوعب جميع وجهها وهو ما قاله الماوردي وغيره وإن قال في البحر أنه يستوعبه .
تنبيه : .
كل ما حرم نظره متصلا حرم نظره منفصلا .
كشعر عانة ولو من رجل وقلامة ظفر حرة ولو من يديها .
وتجب مواراته على ما اقتضاه كلام القاضي لئلا ينظر إليه أحد واستبعد الأذرعي الوجوب قال والإجماع الفعلي في الحمامات على طرح ما تناثر من امتشاط شعور النساء وحلق عانات الرجال اه وليس في كلام الشيخين ما يدل على الوجوب فالأوجه ما قاله الأذرعي .
وأما إذا أبين شعر من رأس أمة أو شيء من ظفرها فهو مبني على حل نظره قبل انفصاله وقد تقدم الخلاف في ذلك .
وللزوج النظر إلى كل بدنها .
أي زوجته في حال حياتها كعكسه ولو إلى الفرج ظاهرا وباطنا لأنه محل تمتعه ولكن يكره لكل منهما نظر الفرج من الآخر ومن نفسه بلا حاجة وإلى باطنه أشد كراهة .
قالت عائشة رضي الله تعالى عنها ما رأيت منه ولا أرى مني أي الفرج .
وأما خبر النظر إلى الفرج يورث الطمس أي العمى كما ورد كذلك فرواه ابن حبان وغيره في الضعفاء بل ذكره ابن الجوزي في الموضوعات وخالفه ابن الصلاح وحسن إسناده وقال أخطأ من ذكره في الموضوعات .
ومع ذلك هو محمول على الكراهة كما قاله الرافعي .
وخص الفارقي الخلاف بغير حالة الجماع وجرى عليه الزركشي والدميري وهو ممنوع فإن الحديث المذكور مصرح بحالة الجماع واختلفوا في قوله يورث العمى فقيل في الناظر وقيل في الولد وقيل في القلب .
وشمل كلامهم الدبر وقول الإمام والتلذذ بالدبر بلا إيلاج جائز صريح فيه وهو المعتمد كما مرت الإشارة إليه وإن خالف في ذلك الدارمي وقال بحرمة النظر إليه .
ويستثنى زوجته المعتدة عن وطء الغير بشهية فإنه يحرم عليه نظر ما بين السرة والركبة ويحل ما سواه على الصحيح .
قال السبكي والخلاف الذي في النظر إلى الفرج لا يجري في مسه لانتفاء العلة هذا هو الظاهر وإن لم يصرحوا به .
وقال سأل أبو يوسف أبا حنيفة عن مس الرجل فرج زوجته وعكسه فقال لا بأس به وأرجو أن يعظم أجرهما .
قال الزركشي ولا يجوز للمرأة أن تنظر إلى عورة زوجها إذا منعها منه بخلاف العكس لأنه يملك التمتع بها بخلاف العكس اه " .
وهذا ظاهر وإن توقف فيه بعض المتأخرين .
أما نظر كل منهما إلى الآخر بعد الموت فهو كالمحرم كما في المجموع وقد مرت الإشارة إليه في كتاب الجنائز .
والأمة كالزوجة في النظر فلكل منهما ومن سيدها أن ينظر إلى الآخر ولو إلى الفرج مع الكراهة لا المحرمة عليه بكتابة وتزويج ( 3 / 135 ) وشركة وكفر كتوثن وردة وعدة من غيره ونسب ورضاع ومصاهرة ونحو ذلك فيحرم عليه نظره منها إلى ما بين سرة وركبة دون ما زاد .
قال البلقيني وما ذكره الشيخان في المشتركة ممنوع والصواب فيها وفي المبعضة والمبعض بالنسبة إلى سيدته أنهم كالأجانب ومع ذلك فالمعتمد ما ذكره الشيخان .
أما المحرمة بعارض قريب الزوال كحيض ورهن فلا يحرم نظره إليها .
تتمة يحرم اضطجاع رجلين أو امرأتين في ثوب واحد إذا كانا عاريين وإن كان كل منهما في جانب من الفراش لخبر مسلم لا يفضي الرجل إلى الرجل في الثوب الواحد ولا المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد ويجب التفريق بين ابن عشر سنين وإخوته وأخواته في المضجع واحتج له الرافعي بخبر مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع ولا دلالة فيه كما قاله السبكي وغيره على التفريق بينهم وبين آبائهم .
ومحل الوجوب عند العري كما قاله شيخي وهو واضح لأن ذلك معتبر في الأجانب .
فما بالك بالمحارم خصوصا الآباء والأمهات " .
فائدة : .
أفاد السبكي عن أبي عبد الله بن الحاج وكان رجلا صالحا عالما أنه كان يذكر أنه يكره النوم في الثياب وأن السنة العري عند النوم أي ويتغطى بثيابه أو بغيرها .
وتسن مصافحة الرجلين والمرأتين لخبر ما من مسلمين يلتقيان يتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يتفرقا رواه أبو داود وغيره .
نعم على ما تقدم من حرمة نظر الأمرد الجميل تحرم مصافحته لما مر أن المس أبلغ من النظر .
قال العبادي وتكره مصافحة من به عاهة كجذام أو برص وتكره المعانقة والتقبيل في الرأس ولو كان المقبل أو المقبل صالحا للنهي عن ذلك رواه الترمذي إلا لقادم من سفر أو تباعد لقاء عرفا فسنة للاتباع رواه الترمذي أيضا .
ويأتي في تقبيل الأمرد ما مر .
ويسن تقبيل الطفل ولو ولد غيره شفقة للاتباع رواه البخاري وغيره .
ولا بأس بتقبيل وجه الميت الصالح لما مر في الجنائز ويسن تقبيل يد الحي الصالح ونحوه من الأمور الدينية كعلم وشرف وزهد ويكره ذلك لغناه أو نحوه من الأمور الدنيوية كشوكته ووجاهته .
ويكره حني الظهر مطلقا لكل أحد من الناس أما السجود له فحرام وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك في باب تارك الصلاة ويسن القيام لأهل الفضل من علم أو صلاح أو شرف أو نحو ذلك إكراما لا رياء وتفخيما قال في الروضة وقد ثبت فيه أحاديث صحيحة