وما يعول منها وقسمة التركة " إن كانت الورثة عصبات قسم المال " وما ألحق به من الاختصاصات بينهم " بالسوية إن تمحضوا ذكورا " كبنتين أو إخوة أو أعمام لغير أم أو بينهم سواء النسب والولاء " أو " تمحضوا " إناثا " كثلاث معتقات أعتقن عبدا بينهن بالسوية وهذا لا يتصور إلا في الولاء فإن ( 3 / 31 ) تفاوت الملك تفاوت الإرث بحسبه وقد يتصور أيضا في النسب في مسائل الرد .
وإن اجتمع .
من النسب " الصنفان " من ذكور وإناث كابنين وبنتين " قدر كل ذكر " منهم " انثيين " ولا يقال يقدر للأنثى نصف نصيب لئلا ينطق بالكسر لأنهم اتفقوا على عدم النطق به .
وقوله " وعدد رؤوس المقسوم عليهم " خبر مقدم لمبتدأ مؤخر وهو " أصل المسألة " أي أصلها هو العدد الذي يخرج منه سهامها فهي من عدد رؤوس العصبة الذكور والإناث في الولاء على ما مر .
وإن كانوا ذكورا وإناثا في النسب كابنين وبنتين فأضف عدد الذكور وأضف إليه عدد الإناث تكن المسألة من ستة وقس على هذا .
وهذا في غير الولاء أما الولاء فإن لم يحصل فيه تفاوت في الملك فعدد رؤوس المعتقين أصل المسألة سواء أكانوا ذكورا أم إناثا أم مجتمعين وإن تفاوتوا فأصل مسألتهم من مخرج المقادير كالفروض كما قاله الزركشي .
و .
الورثة " إن كان فيهم " مع العصبات " ذو " أي صاحب " فرض " واحد كبنت وعم " أو ذوا " بالتثنية " فرضين " مثلا " متماثلين " في الفرض والمخرج كأم وأخ لأم وأخ لأب أو في المخرج فقط كشقيقتين وأختين لأم وعم " فالمسألة " التي فيها ذلك الكسر أي أصلها يكون " من مخرج ذلك الكسر " لأن الفروض الستة كسور مضافة لمعدود وهو التركة فإن لم يكن في المسألة عصبة فالمسألة أيضا من مخرج ذلك الكسر ففي زوج وأخت شقيقة أو لأب هي أيضا من اثنين وتسمى هاتان المسألتان بالنصفيتين إذ ليس في الفرائض شخصان يرثان المال مناصفة فرضا غيرهما وباليتيمتين إذ ليس في الفرائض نظيرهما ولو كان في المسألة فروض كان الحكم كذلك .
ثم أعلم أن المخرج هو أقل عدد يصح منه ذلك الكسر وهو مفعل بمعنى المكان فكأنه موضع تخرج منه سهام المسألة صحيحة الذي هو أصلها .
والكسر أصله مصدر وأطلق هنا على الكسر المراد به الجزء وهو ما دون الواحد .
فمخرج النصف اثنان والثلث ثلاثة والربع أربعة والسدس ستة والثمن ثمانية .
لأن أقل عدد له نصف صحيح اثنان وكذا الباقي .
وكلها مشتقة من أسماء العدد لفظا ومعنى إلا النصف فلم يشتق من اسم العدد ولو اشتق منه لقيل له ثني بضم أوله كما قيل في غيره من ثلث وربع إلى عشر وإنما اشتق من التناصف فكأن المقتسمين تناصفا واقتسما بالسوية .
تنبيه : .
سكوته عن الثلثين يفهم أنه ليس جزءا برأسه وهو كذلك وإنما هو تضعيف الثلث .
وإن كان .
في المسألة " فرضان مختلفا المخرج " بقلة أو كثرة " فإن تداخل مخرجاهما فأصل المسألة " حينئذ " أكثرهما كسدس وثلث " كما في مسألة أم وأخ لأم وعم هي من ستة لأن أكثر الفرضين فيها عددا هو السدس والثلث داخل فيه والمتداخلان عددان مختلفان أقلهما جزء من الأكثر لا يزيد على نصفه كثلاثة من تسعة أو ستة .
وإن .
كان في المسألة فرضان و " توافقا " بجزء من الأجزاء " ضرب وفق أحدهما في الآخر والحاصل " من الضرب هو " أصل المسألة كسدس وثمن " كما في مسألة أم وزوجة وابن " فالأصل " أي أصل كل مسألة اجتمع فيها ما ذكر " أربعة وعشرون " حاصل ضرب وفق أحد المخرجين في الآخر وهو نصف الستة أو الثمانية في كامل الآخر .
والوفق مأخوذ من الموافقة .
وإن .
كان في المسألة فرضان و " تباينا " مخرجا " ضرب كل " منهما " في كل " منهما " والحاصل " من الضرب " الأصل " للمسألة " كثلث وربع " كما في مسألة أم وزوجة وأخ لأبوين فثلث الأم وربع الزوجة ( 3 / 32 ) متباينان .
فالأصل .
أي أصل كل مسألة اجتمع فيها ما ذكر " اثنا عشر " حاصل ضرب أحد المخرجين وهو الثلث أو الربع في الآخر والمتباينان هما العددان اللذان ليس بينهما موافقة بجزء من الأجزاء .
فالأصول .
أي مخارج الفروض مفردة ومركبة عند المتقدمين " سبعة إثنان وثلاثة وأربعة وستة وثمانية وإثنا عشر وأربعة وعشرون " لأن الفروض المذكورة في القرآن لا يخرج حسابها إلا من هذه السبعة .
وإنما انحصرت المخارج في سبعة والفروض ستة لأن الفروض لها حالتان حالة انفراد وحالة تركيب ففي حالة الانفراد يحتاج إلى خمسة مخارج وهي النصف والثلث والربع والسدس والثمن ويسقط الثلثان لأن مخرجهما الثلث وهو واحد من ثلاثة وفي حال التركيب يحتاج إلى مخرجين لأن التركيب لا يخرج عن أربعة أحوال التماثل والتداخل والتوافق والتباين فإن كان مع التماثل كسدس وسدس أو التداخل كسدس وثلث لم يحتج مجموعهما إلى مخرج لأن أحد العددين أو أكثرهما أصل المسألة وإن كان مع التوافق أو التباين احتاج إلى مخرج لجميع الفروض بضرب وفق أحدهما أو جملته في كامل الآخر فاحتجنا إلى مخرجين آخرين أحدهما إثنا عشر وهو مع التوافق تركيب الربع والسدس ومع التباين تركيب الربع والثلث أو الثلثين لأنه أقل عدد له ربع وسدس أو ربع وثلث أو ربع وثلثان .
والثاني أربعة وعشرون وهو مع التوافق تركيب الثمن والسدس ومع التباين تركيب الثمن والثلثين لأنه أقل عدد له ثمن وسدس وثلثان ولا يتصور اجتماع الثمن والثلث فظهر انحصار المخارج في السبعة المذكورة .
وزاد بعض المتأخرين عليها أصلين آخرين في مسائل الجد والإخوة ثمانية عشر وستة وثلاثين فأولهما كأم وجد وخمسة إخوة لغير أم وإنما كانت من ثمانية عشر لأن أقل عدد له سدس صحيح وثلث ما يبقى هو هذا العدد .
والثاني كزوجة وأم وجد وسبعة إخوة لغير أم وإنما كانت من ستة وثلاثين لأن أقل عدد له ربع وسدس صحيحان وثلث ما يبقى هو هذا العدد .
والمتقدمون يجعلون ذلك تصحيحا واستصوب الإمام وغيره طريق المتأخرين وقال في الروضة هو المختار الأصح الجاري على القواعد لأنه أخصر .
واحتج له المتولي بأنهم اتفقوا في زوج وأبوين أن تكون المسألة من ستة ولولا إقامة الفريضة من النصف وثلث ما يبقى لقالوا هي من اثنين للزوج واحد يبقى واحد وليس له ثلث صحيح فيضرب مخرج الثلث في اثنين فتصير ستة وأقره المصنف على هذا الاحتجاج لكن قال في المطلب إنه غير سالم من النزاع فإن جماعة من الفرضيين ذكروا أن أصلها من اثنين اه " .
وعلى تسليم ذلك يفرق بأن ثلث ما يبقى في هذه المسألة فرض أصلي ولا كذلك في حق الجد .
واعتذر الإمام عن القدماء بأنهم إنما لم يعدوهما مع ما سبق لأن الأصول موضوعة على المقدرات المنصوصة وهي المجمع عليها وثلث ما يبقى من المسألتين ليس منصوصا ولا متفقا عليه قال والأمر فيه قريب .
وقال بعضهم طريقة القدماء أصل وطريقة المتأخرين استحسان .
تنبيه : .
لما كان الإثنا عشر والأربعة والعشرون زائدين على الأصول الخمسة السابقة حسن الإتيان بالفاء في قوله فالأصول .
ثم شرع في بيان ما يعول من هذه الأصول فقال " والذي يعول منها " ثلاثة " الستة " وضعفها وضعف ضعفها فالستة تعول أربع مرات أوتارا وأشفاعا " إلى سبعة كزوج وأختين " لغير أم للزوج ثلاثة ولكل أخت اثنان فعالت بسدسها ونقص لكل واحد سبع ما نطق له به .
قيل وهي أول فريضة عالت في الإسلام في زمن عمر رضي الله تعالى عنه فجمع الصحابة وقال لهم فرض الله تعالى للزوج النصف وللأختين الثلث فإن بدأت بالزوج لم يبق للأختين حقهما وإن بدأت بالأختين لم يبق للزوج حقه فأشيروا علي فأشار عليه العباس رضي الله تعالى عنه بالعول وقال أرأيت لو مات رجل وترك ستة دراهم ولرجل عليه ثلاثة ولآخر أربعة أليس تجعل المال سبعة أجزاء فقال نعم فقال العباس هو ذاك فأجمع الصحابة عليه .
و .
تعول الستة أيضا " إلى ثمانية كهم " أي كزوج وأختين " وأم " فيزاد عليها سهم واحد للأم فتعول بمثل ثلثها .
وإدخال الكاف على الضمير ( 3 / 33 ) المنفصل لغة قليلة وعبارة المحرر كهؤلاء وهو صحيح .
ومن صور العول للثمانية زوج وأم وأخت لأبوين أو لأب وتسمى هذه المسألة بالمباهلة من البهل وهو اللعن وقيل إنها أول فريضة أعيلت في زمن عمر وكان ابن عباس صغيرا فلما كبر أظهر الخلاف بعد موت عمر وجعل للزوج النصف وللأم الثلث وللأخت ما بقي ولا عول حينئذ فقيل له لم لم تقل هذا لعمر فقال كان رجلا مهابا فهبته ثم قال إن الذي أحصى رمل عالج عددا لم يجعل في المال نصفا ونصفا وثلثا ذهب النصفان بالمال فأين موضع الثلث ثم قال له علي هذا لا يغني عنك شيئا لو مت أو مت لقسم ميراثنا على ما عليه الناس من خلاف رأيك قال فإن شاءوا فلندع أبناءنا وأبنائهم ونساءنا ونساءهم وأنفسنا وأنفسهم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين فسميت المباهلة بذلك .
و .
تعول الستة أيضا " إلى تسعة كهم " أي زوج وأختين وأم " وأخ لأم " فعالت بمثل نصفها .
وإلى عشرة كهم .
أي المذكورين في التسعة " وآخر لأم " فتعول بمثل ثلثيها وتسمى هذه بأم الفروخ بالخاء لكثرة سهامها العائلة والشريحية لأن شريحا قضى فيها بذلك .
ومتى عالت إلى أكثر من سبعة لا يكون الميت إلا امرأة لأنها لا تعول إلى ذلك إلا بزوج .
ولما فرغ من عول الستة إلى أربع مرات شرع في عول ضعفها فقال " والإثنا عشر " تعول ثلاث مرات أوتارا .
المرة الأولى بنصف سدسها " إلى ثلاثة عشر كزوجة وأم وأختين " لغير أم .
و .
المرة الثانية بربعها " إلى خمسة عشر كهم " أي المذكورين " وأخ لأم و " المرة الثالثة بربعها وسدسها إلى " سبعة عشر كهم " أي المذكورين في خمسة عشر " و " أخ " آخر لأم " .
ومن صورها أم الأرامل وهي ثلاث زوجات وجدتان وأربع أخوات لأم وثمان إخوات لأب فهؤلاء سبعة عشر أنثى متساويات سميت بذلك لكثرة ما فيها من الأرامل وتسمى أيضا الدينارية الصغرى لأن الميت خلف فيها سبعة عشر دينارا حصل لكل واحدة منهن دينار .
وإنما أعلت هذه بالأوتار فقط لأنه لا بد فيها من ربع وهو ثلاثة والذي ينضم إليه الثلثان وهما ثمانية أو ثلث وهو أربعة أو نصف وهو ستة فإذا انضم الفرد للزوج كان وترا لا شفعا بخلاف الستة فإنها تعول شفعا ووترا كما مر لأن الوتر يشفع فيها بوتر آخر فتصير شفعا .
ولما فرغ من عول الضعف إلى ثلاث مرات ولا يتصور إلا والميت رجل كما أفهمه تمثيل المصنف قال السهيلي وليس في العدد الأصم ما يكون أصلا للمسألة إلى الثلاثة عشر والسبعة عشر لأنهما أصل من مسائل العول شرع في عول ضعف ضعفها فقال " والأربعة والعشرون " تعول عولة واحدة وترا فقط بثمنها " إلى سبعة وعشرين كبنتين وأبوين وزوجة " ومر في مسألة الحمل تسمية هذه بالمنبرية وغير هذه الثلاثة لا عول فيه لأن الأصول قسمان تام وناقص فالتام هو الذي يعول وهو الذي إذا اجتمعت أجزاؤه الصحيحة كانت مثله أو أزيد فالستة تامة لأن لها سدسا وثلثا ونصفا تساوت لأن المجموع ستة والإثنا عشر والأربعة والعشرون زائدان لأن الأول له سدس وربع وثلث ونصف فالمجموع خمسة عشر .
والثاني له ثمن وسدس وربع وثلث ونصف فالمجموع ثلاثة وثلاثون والناقص هو الذي إذا اجتمعت أجزاؤها كانت أقل منه وهو ما عدا هذه الثلاثة .
والعول زيادة في مسألة أصحاب فروض لا يمكن إسقاط بعضهم وتضييق الفرض عليهم فتعال ليدخل النقص جملة واحدة على الجميع ولا يتصور في مسائل العول وجود عاصب .
ثم شرع في بيان النسبة بين العددين فقال " وإذا تماثل العددان " كثلاثة وثلاثة مخرجي الثلث والثلثين كما في مسألة ولدي أم وأختين لغير أم " فذاك " ظاهر أن يقال فيهما متماثلان ويكتفي بأحدهما ويجعل أصل المسألة وحقيقة المتماثلين أنهما إذا سلط أحدهما على الآخر أفناه مرة واحدة .
وإن اختلفا وفني الأكثر بالأقل .
عند إسقاطه من الأكثر " مرتين فأكثر ( 3 / 34 ) فمتداخلان كثلاثة مع ستة أو تسعة " أو خمسة عشر فإن الستة تفنى بإسقاط الثلاثة مرتين والتسعة بإسقاطها ثلاث مرات والخمسة عشر بإسقاطها خمس مرات لأنها خمسها .
وسميا بذلك لدخول الأقل في الأكثر فيكون الأكثر مدخولا فيه وإن اقتضى اللفظ دخول كل منهما في الآخر إذ ليس ذلك بمراد وحكم المتداخل أنه يكتفي بالأكبر ويجعل أصل المسألة .
وإن .
أي وإن اختلفا و " لم يفنهما إلا عدد ثالث فمتوافقان بجزئه " أي الثالث " كأربعة وستة " بينهما موافقة " بالنصف " لأنك إذا سلطت الأربعة على الستة يبقى منها إثنان سلطهما على الأربعة مرتين تفنى بينهما فقد حصل الإفناء باثنين وهو عدد غير الأربعة والستة فهما متوافقان بجزء الإثنين وهو النصف .
وإن فني بثلاثة فالموافقة بالثلث وهكذا إلى العشرة فالبعشر لأن العبرة بنسبة الواحد إلى العدد الذي وقع به الإفناء فما كانت نسبته إليه كانت الموافقة بتلك النسبة ونسبة الواحد إلى الإثنين النصف وإلى الثلاثة الثلث وإن كان للعدد المفني أكثر من عشرة فالتوافق حينئذ بالأجزاء كجزء من أحد عشر جزءا أو نحو ذلك إلى ما لا نهاية له .
فإن أفنى عددين أكثر من عدد واحد فهما متوافقان بأجزاء ما في ذلك العدد من الآحاد كالإثني عشر والثمانية عشر تفنيهما الستة والثلاثة والإثنان فهما متوافقان بالأسداس والأثلاث والأنصاف .
والعمل والاعتبار في ذلك بالجزء الأقل فيعتبر في هذا المثال السدس وفي المتوافقان بالأخماس والأعشار العشر وعلى هذا القياس .
وحكم المتوافقين أن تضرب وفق أحدهما في كامل الآخر والحاصل أصل المسألة .
وإن .
أي وإن اختلفا ولم يفن أكثرهما بأقلهما ولا بعدد ثالث بأن " لم يفنهما إلا واحد " وليس بعدد بل هو مبدؤه " تباينا كثلاثة وأربعة " لأنك إذا أسقطت الثلاثة من الأربعة يبقى واحد فإذا سلطته على الثلاثة فنيت به وسميا متباينين لأن فنائهما بمباينهما وهو الواحد لأنهما عددان والواحد ليس بعدد كما مر .
وحكم المتباينين أنك تضرب أحد العددين في الآخر فانحصر حينئذ نسبة كل عددين أحدهما إلى الآخر في هذه الأربعة التماثل والتداخل والتوافق والتباين .
و .
العددان " المتداخلان متوافقان " كثلاثة مع ستة أو تسعة فالثلاثة داخلة في كل من الستة والتسعة موافقة لهما بالثلث .
ولا .
عكس أي ليس كل متوافقين متداخلين فقد يكونان متوافقين ولا يدخل أحدهما في الآخر كستة مع ثمانية لأن شرط التداخل أن لا يزيد على نصف ما دخل فيه .
وإنما عرف المصنف في هذه الأحوال الأربعة توطئة لبيان التصحيح المترجم له بقوله فرع أي في تصحيح المسائل فإن تصحيحها موقوف على معرفة النسب الأربع .
وإنما ترجم بالفرع لأنه مرتب على ما قبله والمراد بتصحيحها بيان كيفية العمل في القسمة بين المستحقين من أقل عدد بحيث يسلم الحاصل لكل منهم من الكسر ولذلك سمي بالتصحيح .
إذا عرفت .
أيها الطالب لتصحيح المسألة " أصلها وانقسمت السهام " في تلك المسألة " عليهم " أي الورثة " فذاك " ظاهر لا يحتاج لضرب كزوج وثلاثة بنين هي من أربعة لكل منهم واحد وكزوجة وثلاثة بنين وبنت هي من ثمانية للزوجة واحد وللبنت واحد ولكل ابن اثنان " وإن انكسرت " تلك السهام " على صنف " منهم سهامه " قوبلت " سهامه " بعدده " أي رؤوس ذلك الصنف الذي انكسر عليه .
فإن تباينا .
أي السهام والرؤوس " ضرب عدده في المسألة " إن لم تعل وفيها " بعولها إن عالت " فما اجتمع صحت منه المسألة مثاله بلا عول زوجة وأخوان هي من أربعة للزوجة أربعة أسهم وللأخوين ثلاثة أسهم منكسرة عليهما فاضرب عددهما في المسألة وهو أربعة تبلغ ثمانية ومنها تصح ومثالها بالعول زوج وخمس أخوات لغير أم أصلها من ستة وتعول إلى سبعة للزوج ثلاثة وللأخوات أربعة وهي لا تصح عليهن ولا توافق فاضرب عددهن وهو خمسة في المسألة بعولها وهو سبعة تبلغ ( 3 / 35 ) خمسة وثلاثين ومنها تصح .
واعلم أن الضرب عند أهل الحساب تضعيف أحد العددين بقدر ما في الآخر من الآحاد .
وإن توافقا .
أي سهام الصنف مع عدد رؤوسه " ضرب وفق عدده " أي الصنف " فيها " أي في أصل المسألة إن تعل وفيها بعولها إن عالت " فما بلغ صحت منه " مثالها بلا عول أم وأربعة أعمام وهي من ثلاثة للأم سهم وسهمان للأعمام لا تصح عليهم ولكن توافق بالنصف فاضرب اثنين في ثلاثة بستة ومنها تصح .
ومثالها بالعول زوج وأبوان وست بنات هي من إثني عشر وتعول إلى خمسة عشر ونصيب البنات لا يصح عليهن ولكن يوافق بالنصف فاضرب وفقهن وهو ثلاثة في خمسة عشر تبلغ خمسة وأربعين ومنها تصح .
وإن انكسرت .
تلك السهام " على صنفين قوبلت سهام كل صنف بعدده " أي الصنف المنكسر عليهم .
فإن توافقا .
أي السهام والعدد في الصنفين أو أحدهما " رد الصنف " الموافق " إلى وفقه وإلا " بأن تباين السهام والعدد في الصنفين أو أحدهما " ترك " الصنف المباين بحاله " ثم " بعد ذلك " إن تماثل عدد الرؤوس " في الصنفين برد كل منهما إلى وفقه أو ببقائه على حاله أو برد أحدهما وبقاء الآخر " ضرب أحدهما " أي العددين المتماثلين " في أصل المسألة " إن لم تعل و " بعولها إن عالت .
وإن تداخلا " أي العددان " ضرب أكثرهما " فيما ذكر " وإن توافقا ضرب وفق أحدهما في الآخر ثم الحاصل في المسألة " إن لم تعل وبعولها إن عالت .
وإن تباينا ضرب أحدهما في الآخر ثم الحاصل .
من الضرب " في " أصل " المسألة " إن لم تعل وبعولها إن عالت .
فما بلغ .
الضرب في كل مما ذكر " صحت منه " المسألة .
وحاصل ذلك أن بين سهام الصنفين وعددهما توافقا وتباينا وتوافقا في أحدهما وتباينا في الآخر فهذه ثلاثة أحوال وإن بين عددهما تماثلا وتداخلا وتوافقا وتباينا فهذه أربعة أحوال .
والحاصل من ضرب ثلاثة في أربعة إثنا عشر فكل حالة من الثلاثة لها أربع مسائل وأنا أسرد لك أمثلتها لتتدرب على هذا الفن كما فعله الشارح أمثلة الحالة الأولى وهي فيما إذا كان بين الصنفين وعددهما توافق أم وستة إخوة لأم وثنتا عشرة أختا لأب هي من ستة وتعول إلى سبعة للإخوة سهمان يوافقان عددهم بالنصف فيرد إلى ثلاثة وللأخوات أربعة أسهم توافق عددهن بالربع فيرد إلى ثلاثة وتضرب إحدى الثلاثتين في سبعة تبلغ إحدى وعشرين ومنه تصح .
أم وثمانية إخوة لأم وثمان أخوات لأب ترد عدد الإخوة إلى أربعة والأخوات إلى اثنتين وهما متداخلان فتضرب الأربعة في سبعة تبلغ ثمانية وعشرين ومنه تصح .
أم وإثنا عشر أخا لأم وست عشرة أختا لغير أم ترد عدد الإخوة إلى ستة والأخوات إلى أربعة وتضرب نصف أحدهما في الآخر يبلغ إثني عشر تضرب في سبعة تبلغ أربعة وثمانين ومنه تصح .
أم وستة إخوة لأم وثمان أخوات لأب ترد عدد الإخوة إلى ثلاثة والأخوات إلى اثنتين وهما متباينان فتضرب أحدهما في الآخر تبلغ ستة تضرب في سبعة تبلغ اثنين وأربعين ومنه تصح .
أمثلة الحالة الثانية وهي فيما إذا كان بين سهام الصنفين وعددهما تباين ثلاث بنات وثلاثة إخوة لأب هي من ثلاثة والعددان متماثلان يضرب أحدهما في ثلاثة تبلغ تسعة ومنه تصح .
ثلاث بنات وستة إخوة لغير أم العددان متداخلان تضرب أكثرهما وهو ستة في ثلاثة تبلغ ثمانية عشر ومنه تصح .
تسع بنات وستة إخوة لغير أم العددان متوافقان بالثلث يضرب ثلث أحدهما في الآخر تبلغ ثمانية عشر تضرب في ثلاثة تبلغ أربعة وخمسين ومنه تصح .
ثلاث بنات وأخوان لغير أم العددان متباينان تضرب أحدهما في الآخر تبلغ ستة تضرب في ثلاثة تبلغ ثمانية عشر ومنه تصح .
أمثلة الحالة الثالثة وهي فيما إذا كان بين سهام الصنفين وعددهما توافق في أحدهما وتباين في الآخر ست بنات وثلاثة إخوة لغير أم ترد عدد البنات إلى ثلاثة وتضرب إحدى الثلاثتين في ثلاثة تبلغ تسعة ومنه تصح ( 3 / 36 ) أربع بنات وأربعة إخوة لغير أم ترد عدد البنات إلى اثنين وهما داخلان في الأربعة فتضربهما في ثلاثة تبلغ إثني عشر ومنه تصح .
ثمان بنات وستة أخوة لغير أم ترد عدد البنات إلى أربعة وهي توافق الستة بالنصف فتضرب نصف أحدهما في الآخر تبلغ إثني عشر تضرب في ثلاثة تبلغ ستة وثلاثين ومنه تصح .
أربع بنات وثلاثة إخوة لأب ترد عدد البنات إلى إثنين وهما مع الثلاثة متباينان تضرب أحدهما في الآخر تبلغ ستة تضرب في ثلاثة تبلغ ثمانية عشر ومنه تصح .
ويقاس على .
جميع " هذا " المذكور في انكسار السهام على صنفين " الانكسار " فيها " على ثلاثة أصناف " كجدتين وثلاثة إخوة لأم وعمين أصلها من ستة وتصح من ستة وثلاثين " و " الانكسار فيها على أصناف " أربعة " كزوجتين وأربع جدات وثلاثة إخوة لأم وعمين أصلها من إثني عشر وتصح من اثنين وسبعين .
ولا يزيد الانكسار .
في غير الولاء والوصية " على ذلك " أي أربعة أصناف بدليل الاستقراء لأن الورثة في الفريضة الواحدة لا يزيدون على خمسة أصناف عند اجتماع كل الورثة كما علم مما مر في اجتماع من يرث من الرجال والنساء ومن الخمسة الزوج والأب والأم ولا تعدد في كل منهم وحينئذ فنصيبه صحيح عليه جزما .
أما الولاء والوصية فيزيد الكسر فيهما على أربعة أصناف .
فإذا أردت .
بعد تصحيح المسألة " معرفة نصيب كل صنف " من الورثة " من مبلغ " سهام " المسألة فاضرب نصيبه " أي الصنف " من أصل المسألة " بعولها إن عالت " فيما ضربته فيها فما بلغ " الضرب " فهو نصيبه " أي الصنف " ثم تقسمه " أي ما بلغ بالضرب " على عدد الصنف " ومثل لذلك في المحرر بجدتين وثلاث أخوات لغير أم وعم لغير أم هي من ستة وتصح بضرب ستة فيها تبلغ ستة وثلاثين للجدتين واحد في ستة بستة لكل واحدة ثلاثة وللأخوات أربعة في ستة بأربعة وعشرين لكل أخت ثمانية وللعم واحد في ستة بستة .
وإذا أردت معرفة نصيب كل صنف من الورثة قبل عمل المسألة فاضرب نصيب ذلك الوارث في أعداد غيره من بقية الورثة فما بلغ فهو نصيب كل وارث ففي المثال المذكور تضرب نصيب الجدتين وهو واحد في أعداد الأخوات وهو ثلاثة بثلاثة ثم في العم وهو واحد بثلاثة وهو ما لكل جدة وهكذا وهذا الطريق خاص بمباينة السهام للرؤوس وكل من الرؤوس للآخر .
ولما فرغ من تصحيح المسائل بالنسبة لميت واحد شرع في تصحيحها بالنسبة لأكثر منه وترجم لذلك بقوله فرع في المناسخات فهي نوع من تصحيح المسائل .
والنسخ لغة إبطال الشيء وإزالته يقال نسخت الشمس الظل إذا أذهبته وحلت محله .
واصطلاحا أن يموت أحد الورثة قبل قسمة التركة .
وسمي هذا مناسخة لانتقال المال فيه من واحد إلى آخر وهو من عويص الفرائض .
فإذا " مات " شخص " عن ورثة فمات أحدهم قبل القسمة " لتركته نظرت " فإن لم يرث " الميت " الثاني غير " كل " الباقين " من ورثة الميت الأول " وكان إرثهم " أي الباقين " منه " أي الميت الثاني " كإرثهم من " الميت " الأول جعل " حالهم بالنظر إلى الحساب والاختصار فيه لا لكونه واجبا شرعا " كأن " الميت " الثاني لم يكن " من ورثة الأول " وقسم " المتروك " بين الباقين " من الورثة " كإخوة وأخوات " لغير أم " أو بنين وبنات مات بعضهم عن الباقين " لأن المال صار إليهم بطريق واحد فكأن الذين ماتوا بعد الأول ( 3 / 37 ) لم يكونوا فلو مات عن أربعة بنين وأربع بنات ثم مات منهم ابن فالمسألة الأولى من إثني عشر لكل ابن سهمان ولكل بنت سهم فإن مات ابن منهم صارت المسألة على عشرة .
فإن ماتت بنت عمن بقي صارت على تسعة فإن مات ابن عمن بقي صارت على سبعة فإن ماتت بنت عمن بقي صارت على ستة فإن مات ابن عمن بقي صارت على أربعة فإن ماتت بنت عمن بقي صارت على ثلاثة وكأن الميت لم يخلف غير ابن وبنت فله سهمان ولها سهم واحد .
تنبيه : .
إنما قدم المصنف الإخوة على البنين لأن العمل فيهم باق ابتداء ودواما فإذا خلف إخوة وأخوات ثم مات أحدهم فالورثة في المسألتين بالأخوة بخلاف البنين فإنه إذا مات عن ابنين وبنات ثم مات بعضهم فالإرث في الأولى بالبنوة وفي الثانية بالأخوة .
وأفهم تصويره المسألة بالعصبة أنه لا يأتي في غيرهم وليس مرادا بل يأتي في غير العصبة أيضا كما سيأتي تمثيله بجدتين وثلاث أخوات متفرقات وفي الفرض والتعصيب كأم وإخوة لأم ومعتق ثم مات أحد الإخوة عن الباقين .
وإن لم ينحصر إرثه أي الميت الثاني " في الباقين " إما لأن الوارث غيرهم أو لأن غيرهم يشركهم فيه " أو انحصر " فيهم " واختلف قدر الاستحقاق " لهم من الميت الأول والثاني " فصحح مسألة الأول ثم " صحح " مسألة الثاني ثم " بعد تصحيحهما ينظر " إن انقسم نصيب الثاني من مسألة الأول على مسألته فذاك " ظاهر كزوج وأختين لغير أم ماتت إحداهما عن الأخرى وعن بنت المسألة الأولى من ستة وتعول إلى سبعة والثانية من اثنين ونصيب ميتهما من الأولى إثنان ينقسم عليهما .
وإلا .
أي وإن لم ينقسم نصيب الثاني من الأولى على مسألته نظرت " فإن كان بينهما " أي مسألة الثاني ونصيبه " موافقة ضرب وفق مسألته " أي الثاني " في مسألة الأول " كجدتين وثلاث أخوات متفرقات ثم ماتت الأخت للأم عن أخت لأم هي الشقيقة في الأولى وعن أختين لأبوين وعن أم أم هي إحدى الجدتين في الأولى أصل المسألة الأولى من ستة وتصح من إثني عشر والثانية من ستة ونصيب ميتها من الأولى سهم في ثلاثة بثلاثة وللوارثة في الثانية سهم منها في واحد بواحد وللأخت للأبوين في الأبوين في الأولى ستة منها في ثلاثة بثمانية عشر ولها من الثانية سهم في واحد بواحد وللأخت للأب في الأولى سهمان في ثلاثة بستة وللأختين للأبوين في الثانية أربعة منها في واحد بأربعة .
فإن قيل لم لا ورثت الأختان في الأولى أيضا أجيب بأن ذاك كان لمانع وجد لهما عند الأولى كرق وكان زائلا عند الثانية " وإلا " أي وإن لم يكن بينهما موافقة بل مباينة فقط وإن أوهم دخول التماثل والتداخل أيضا تحت قوله وإلا ضربت " كلها " أي الثانية " فيها " أي الأولى " فما بلغ " الضرب " صحتا " أي المسألتان " منه ثم " تقول " من له شيء من " المسألة " الأولى أخذه مضروبا فيما ضرب فيها " من وفق المسألة الثانية أو كلها " ومن له شيء من " المسألة " الثانية أخذه مضروبا في نصيب الثاني من الأولى أو " أخذه مضروبا " في وفقه إن كان بين مسألته ونصيبه وفق " كزوجة وثلاثة بنين وبنت ماتت البنت عن أم وثلاثة إخوة وهم الباقون من الأولى المسألة الأولى من ثمانية والثانية تصح من ثمانية عشر ونصيب ميتها من الأولى سهم لا يوافق مسألته فتضرب في الأولى تبلغ مائة وأربعة وأربعين للزوجة من الأولى سهم في ثمانية عشر بثمانية عشر ومن الثانية ثلاثة في واحد بثلاثة ولكل ابن من الأولى سهمان في ثمانية عشر بستة وثلاثين ومن الثانية خمسة في واحد بخمسة وما صحت منه المسألتان صار كمسألة أولى فإذا مات ثالث عمل في مسألته ما عمل في الثاني وهكذا فإذا صحت الأولى ثم الثانية وجعلتهما كمسألة ( 3 / 38 ) واحدة كما تقدم بيانه فصحح الثالثة وانظر بينها وبين سهام الميت الثالث وهو ما خصه من التصحيح فإن صحت عليها فذاك وإن لم تصح فإن كان بينهما موافقة رددت الثالثة إلى وفقها والسهام إلى وفقها وضربت وفق الثالثة التي صارت ثانية في كل التصحيح فما بلغ صحت منه .
وإن كان بينهما مباينة فاضرب كل الثالثة في كل التصحيح فما بلغ صحت منه .
ثم من له شيء من التصحيح يأخذه مضروبا في وفق الثالثة في صورة الموافقة أو في كلها في صورة المباينة وقد صارت الثلاث واحدة فإن فرض هناك ميت رابع صحح مسألته وأعملها على هذا القياس .
فلو ماتت امرأة عن زوج وأم وثلاث بنات ثم مات الزوج عن ابنين ثم ماتت الأم عن أخ وأخت لأب فتعول الأولى من إثني عشر وتعول إلى ثلاثة عشر وتصح من تسعة وثلاثين للزوج تسعة وللأم ستة وللبنات أربعة وعشرون لكل واحدة ثمانية والثانية من اثنين ونصيب الميت الثاني من الأولى تسعة لا يصح على مسألته ولا يوافق فاضرب الثانية وهي إثنان في الأولى يحصل ثمانية وسبعون ومنها تصح المسألتان .
ثم من له شيء من الأولى أخذه مضروبا فيما ضرب فيها وهو اثنان ومن له شيء في الثانية أخذه مضروبا في نصيب مورثه من المسألة الأولى فتقول كان للأم من الأولى ستة في إثنين بإثني عشر وكان لكل ميت من الثلاثة من الأولى ثمانية في إثنين بستة عشر وكان لكل ابن من الثانية سهم في تسعة بتسعة والمسألة الثالثة من ثلاثة ونصيب الميت مما صحت منه الأولتان إثنا عشر تنقسم على مسألتها للأخ ثمانية وللأخت أربعة فقد صحت المسائل الثلاث مما صحت منه الأولتان .
ولك أن تصحح كل مسألة برأسها وتقابل نصيب كل ميت بمسألته فمن انقسم نصيبه على مسألته فلا اعتداد بمسألته ومن لم ينقسم حفظت مسألته بتمامها إن لم توافق نصيبه أو وفقها إن توافقا وفعلت بها كما يفعل بأعداد الأصناف المنكسرة عليهم سهامهم من المسألة الواحدة فما حصل ضربته في المسألة الأولى فما حصل قسمته فتضرب ما لكل واحد من الأولى في العدد المضروب فيها فما خرج فهو له إن كان حيا ولورثته إن كان ميتا .
خاتمة قد يذكر في المناسخات ما يستحيل وجوده فليتفطن له كما لو قيل زوج وأربع بنات وعم ثم لم تقسم التركة حتى ماتت إحدى البنات وخلفت أما ومن في المسألة وهذا مستحيل لأن أم البنت هي الميتة الأولى فيستحيل كونها موجودة بعد ذلك .
وكذا إذا قيل أبوان وابنتان لم تقسم التركة حتى ماتت إحدى البنتين وخلفت من في المسألة فيقال الميت الأول ذكر أم أنثى ويقال إن المأمون لما أراد أن يولي يحيى بن أكثم القضاء سأله عن هذه المسألة فقال له يا أمير المؤمنين الأول كان ذكرا أم أنثى فولاه القضاء وقال إذا عرفت الفرق عرفت الجواب .
وذلك لأنه إن كان رجلا فالأب وارث في المسألة الثانية لأنه أبو الأب وإلا فغير وارث لأنه أبو الأم فإذا كان الميت الأول رجلا صحت من أربعة وخمسين .
بيان ذلك أن مسألة الميت الأول من ستة للأبوين السدسان وللبنتين الثلثان لكل واحدة سهمان ومسألة الميت الثاني وهي إحدى البنتين من ستة أيضا للجدة سهم يفضل خمسة بين الجد للأب وبين الأخت أثلاثا وهي لا ثلث لها صحيح فتضرب ثلاثة في ستة بثمانية عشر ومنها تصح وبينها وبين سهام الميتة وهما اثنان موافقة بالنصف فتردها إلى نصفها تسعة وتضربها في ستة تبلغ أربعة وخمسين فتعمل فيها مما عرفت .
وإن كان أنثى صحت من ثمانية عشر بيانه أن مسألة الميت الأول من ستة كما مر ومسألة الميت الثاني من ستة أيضا والجد أبو الأم لا يرث فتأخذ الجدة سهما والأخت ثلاثة والباقي لبيت المال بشرطه وإلا فيرد عليهما بالنسبة وبين مسألة الميت الثاني وسهامه موافقة بالنصف فتردها إلى ثلاثة وتضربها في ستة تبلغ ثمانية عشر فتعمل فيها بما مر .
ولما شاركت الوصايا الفرائض في التعليق بما بعد الموت ذكرها عقبها فقال .
كتاب الوصايا .
ولكن تقديمها أنسب لأن الإنسان يوصي ثم يموت فتقسم تركته وهي جمع وصية كهدايا وهدية قال الشارح ( 3 / 39 ) بمعنى الإيصاء أي لا تشمل الوصاية فإن الباب معقود لهما والإيصاء يعم الوصية والوصايا لغة والتفرقة بينهما من إصطلاح الفقهاء وهي تخصيص الوصية بالتبرع المضاف لما بعد الموت والوصاية بالعهد إلى من يقوم على من بعده .
والوصية لغة الإيصال من وصى الشيء بكذا وصله به لأن الموصي وصل خير دنياه بخير عقباه .
وشرعا تبرع بحق مضاف ولو تقديرا لما بعد الموت وليس التبرع بتدبير ولا تعليق عتق وإن التحقا بها حكما كالتبرع المنجز في مرض الموت أو الملحق به .
والأصل فيها قبل الإجماع قوله تعالى في أربعة مواضع من المواريث " من بعد وصية يوصى بها " وأخبار كخبر الصحيحين ما حق امرىء مسلم له شيء يوصي به يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده أي ما الحزم أو ما المعروف من الأخلاق إلا هذا فقد يفجؤه الموت .
ولخبر ابن ماجه المحروم من حرم الوصية من مات على وصية مات على سبيل وسنة وتقى وشهادة ومات مغفورا له وكانت أول الإسلام واجبة بكل المال للوالدين والأقربين بقوله تعالى " كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا " أي مالا " الوصية " الآية ثم نسخ وجوبها بآيات المواريث وبقي استحبابها في الثلث فأقل لغير الوارث وإن قل المال وكثر العيال .
والأفضل تقديم القريب غير الوارث وتقديم المحرم منهم ثم ذي رضاع ثم صهر ثم ذي ولاء ثم جوار كما في صدقة التطوع المنجزة وأهل الخير والمحتاجون ممن ذكر أولى من غيرهم .
أما الوارث فلا يستحب الوصية له وهي واجبة على من عليه حق الله تعالى كزكاة وحج أو حق لآدميين كوديعة ومغصوب إذا لم يعلم بذلك من يثبت بقوله بخلاف ما إذا كان به من يثبت بقوله فلا تجب الوصية به .
قال الأذرعي إذا لم يخش منهم كتمانه كالورثة الموصى له اه " .
وهو حسن وينبغي كما قال الإسنوي أنه يكتفي بالشاهد الواحد .
وصدقة الشخص صحيحا ثم حيا أفضل من صدقته مريضا وبعد الموت لخبر الصحيحين أفضل الصدقة أن تتصدق وأنت صحيح شحيح تأمل الغنى ونخشى الفقر ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا .
وأركان الوصية أربعة موص وموص له وموصى به وصيغة وذكرها المصنف على هذا الترتيب وبدأ بالأول فقال " تصح وصية كل مكلف حر " مختار بالإجماع لأنها تبرع " وإن كان كافرا " ولو حربيا كما قاله الماوردي وإن استرق بعدها وماله عندنا بأمان كما بحثه الزركشي .
تنبيه : .
شمل إطلاقه المرتد فتصح وصيته .
نعم إن مات أو قتل كافرا بطلت وصيته لأن ملكه موقوف على الأصح ومن عليه دين مستغرق فتصح وصيته كما يؤخذ من كلام القاضي .
وكذا محجور عليه بسفه .
تصح وصيته " على المذهب " لصحة عبارته ونقل فيه ابن عبد البر والأستاذ أبو منصور وغيرهما الإجماع .
وإنما أفرده المصنف مع دخوله في المكلف الحر بالذكر للخلاف فيه .
والطريق الثاني قولان أحدهما لا تصح للحجر عليه فالسفيه بلا حجر تصح وصيته جزما وخرج بالسفيه حجر الفلس فتصح الوصية معه جزما كما قاله القاضي حسين .
ثم شرع في محترز قوله مكلف فقال " لا مجنون " ومعتوه ومبرسم " ومغمى عليه وصي " فلا تصح وصية كل منهم إذ لا عبارة لهم .
وأما السكران المتعدى بسكره فإنه في رأي المصنف غير مكلف وتصح وصيته .
واستثنى الزركشي من المغمى عليه ما لو كان سببه سكرا عصى به وكلامه منتظم فتصح وصيته .
وفي قول تصح .
الوصية " من صبي مميز " كما نص عليه في الإملاء ورجحه جمع من الأصحاب ولأنها لا تزيل ملكه في الحال وتفيد الثواب بعد الموت .
وأفهم كلامه أن غير المميز لا تصح وصيته جزما .
وبه صرح المتولى والدارمي .
ثم شرع في محترز قوله حر فقال " ولا رقيق " فلا تصح وصيته .
سواء أكان قنا أم مدبرا أم مكاتبا لم يأذن له سيده أم أم ولد لأن الله تعالى جعل الوصية حيث التوارث والرقيق لا يورث فلا يدخل في الأمر بالوصية .
وقيل إن .
أوصى في حال رقه ثم " عتق ثم مات صحت " لأن عبارته صحيحة وقد أمكن العمل بها والصحيح المنع لعدم أهليته حينئذ .
أما إذا أذن للمكاتب سيده فتصح وصيته لصحة تبرعه بالإذن وبه صرح الصيمري ( 3 / 40 ) .
تنبيه : .
قضية إطلاقهم بطلان وصية المبعض قال الأذرعي ولم أر فيه نصا وقياس التوريث عنه الصحة اه " .
فتصح فيما يستحقه ببعضه الحر لأنه يورث عنه .
قال شيخنا وظاهر أن محله في غير العتق لأن العتق يستعقب الولاء والمبعض ليس من أهله اه " .
والذي يظهر كما قال شيخي الصحة لأن الرق ينقطع بالموت والعتق لا يكون إلا بعده .
ثم شرع في الركن الثاني وهو الموصى له فقال " وإذا أوصى لجهة عامة فالشرط " في الصحة " أن لا تكون " الجهة " معصية كعمارة كنيسة " للتعبد فيها ولو ترميما وكتابة التوراة والإنجيل وقراءتهما وكتابة كتب الفلسفة والنجوم وسائر العلوم المحرمة ومن ذلك الوصية لدهن سراج الكنيسة تعظيما لها أما إذا قصد انتفاع المقيمين والمجاورين بضوئها فالوصية جائزة وإن خالف في ذلك الأذرعي .
سواء أوصى بما ذكر مسلم أم كافر بل قيل إن الوصية ببناء الكنيسة من المسلم ردة .
ولا تصح أيضا الوصية ببناء موضع لبعض المعاصي كالخمارة .
وإذا انتفت المعصية فلا فرق بين أن يكون قربة كالفقراء أو بناء المساجد وعمارة قبور الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وألحق الشيخ أبو محمد بها قبور العلماء والصالحين لما فيه من إحياء الزيارة والتبرك بها .
أو مباحة لا تظهر فيها القربة كالوصية للأغنياء وفك أسارى الكفار من المسلمين لأن القصد من الوصية تدارك ما فات في حال الحياة من الإحسان فلا يجوز أن تكون معصية .
تنبيه : .
أطلق المصنف منع الوصية بعمارة الكنيسة ومحله في كنيسة للتعبد كما قيدت به كلامه أما كنيسة تنزلها المارة أو موقوفة على قوم ليسكنوا بها أو تحمل أجرتها للنصارى فيجوز نص عليه في كتاب الجزية .
وحكى الماوردي وجها أنه إن خص نزولها بأهل الذمة حرم واختاره السبكي .
ولو أوصى ببنائها لنزول المارة والتعبد لم يصح في أحد وجهين يظهر ترجيحه تغليبا للحرمة .
أو .
أوصى " لشخص " أي معين ولو عبر به بدلا عن الشخص كما فعل في الوقف لكان أولى ليدخل ما إذا تعدد إفراده كزيد وعمرو وبكر .
فالشرط .
عدم المعصية كما يؤخذ من التعليل السابق .
وخرج بالمعين الوصية لأحد الرجلين فلا تصح نعم إن كان بلفظ العطية ك أعطوا العبد لأحد الرجلين صح كما حكاه الرافعي عن المهذب والتهذيب وغيرهما تشبيها بما إذا قال لوكيله بعه لأحد الرجلين و " أن يتصور له الملك " عند موت الموصي ولو بمعاقدة وليه .
وقضية هذا إنها لا تصح لميت لكن ذكر الرافعي في باب التيمم أنه لو أوصى بماء لأولى الناس به وهناك ميت قدم على المتنجس أو المحدث الحي على الأصح وهذه في الحقيقة ليست وصية لميت بل لوارثه لأنه هو الذي يتولى أمره .
تنبيه : .
مقتضى هذا التقسيم أنه لا بد من ذكر الموصى له معينا أو عاما لكن كلام الرافعي في باب الوقف يقتضي الاتفاق على أنه لا يشترط .
وقال في زوائد الروضة هنا لو قال أوصيت بثلث مالي لله تعالى صرف في وجوه البر ذكره صاحب العدة وقال هو قياس قول الشافعي .
ويؤخذ من اعتبار تصور الملك اشتراط كون الموصى به مملوكا للموصى فتمتنع الوصية بمال الغير وهو قضية كلام الرافعي في الكتابة لكنه هنا حكي وجهين .
قال المصنف وقياس الباب الصحة أي يصير موصى به إذا ملكه قبل موته وهو المعتمد وإن نوزع في ذلك .
ولو أرسل الوصية ولا شيء له صح كما قاله الرافعي في الركن الخامس من الطلاق كالنذر وكذا لو علق بملكه له كأن قال أوصيت به لفلان إن ملكته فصير موصى به إذا ملكه فإن كان يملك بعضه صحت قطعا .
قال القاضي أبو الطيب ويؤخذ منه أيضا أن الوصية لا تصح لجني وبه صرح ابن قدامة الحنبلي لأنه لا يملك بالتمليك وهو موافق لمن منع نكاح الجنية وسيأتي ذلك إن شاء الله تعالى في كتاب النكاح .
ثم فرع المصنف على تصور الملك قوله " فتصح " الوصية " لحمل " موجود ولو نطفة كما يرث بل أولى لصحة الوصية لمن يرث كالمكاتب .
أما لو قال لحملها الذي سيحدث فالأصح البطلان .
وتنفذ .
بمعجمة " إن انفصل " الحمل " حيا " حياة مستقرة فلو انفصل ميتا ولو بجناية فلا شيء له كما لا يرث " وعلم ( 3 / 41 ) وجوده عندها " أي الوصية " بأن انفصل لدون ستة أشهر " منها لأنها أقل مدة الحمل فإذا خرج قبلها علم أنه كان موجودا عند الوصية وسواء أكان لها زوج أم سيد أم لا .
فإن انفصل لستة أشهر فأكثر .
منها " والمرأة فراش زوج أو سيد لم يستحق " الموصى به لاحتمال حدوثه بعد الوصية والأصل عدمه عندها فلا يستحق بالشك .
فإن لم تكن .
أي المرأة الآن " فراشا " لزوج أوسيد " وانفصل " الحمل " لأكثر من أربع سنين فكذلك " أي لم يستحق الحمل الموصى له لعدم وجوده عند الوصية .
أو لدونه .
أي دون الأكثر وهو الأربع فأقل استحق في الأظهر كما يثبت النسب ولأن الظاهر وجوده عند الوصية .
والثاني لا يستحق لاحتمال العلوق بعد الوصية من وطء شبهة أو زنا .
ورد بأن الأصل عدم ذلك ووطء الشبهة نادر وفي تقدير الزنا إساءة ظن .
نعم لو لم تكن فراشا قط لم تستحق شيئا قاله السبكي تفقها ونقله غيره عن الأستاذ أبي منصور وهو كما قال الزركشي ظاهر في الفاسقة ونحوها دون غيرها .
تنبيه : .
ما ذكره المصنف من إلحاق الستة أشهر بما فوقها والأربع سنين بما دونها هو ما ذكره في أصل الروضة وغيره وهو المعتمد وإن صوب الإسنوي وغيره إلحاق الستة بما دونها معللا ذلك بأنه لا بد من تقدير زمن يسع لحظتي الوطء والوضع كما ذكروه في العدد .
وقد رد ما صوبه بأن لحظة الوطء إنما اعتبرت جريا على الغالب من أن العلوق لا يقارن أول المدة وإلا فالعبرة بالمقارنة فالسنة على هذا ملحقة بما فوقها كما جرى عليه المصنف هنا وعلى الأول بما دونها كما قالوه في المحل الآخر .
وبذلك علم أن كلا صحيح وأن التصويب سهو وإن جرى ابن المقري على أن الأربعة ملحقة بما فوقها فقدر عليه أيضا بأنا أثبتنا النسب فيها كما مر فلا تبعض الأحكام .
ولو انفصل توأم لدون ستة أشهر من الوصية ثم آخر لدونها من الولادة استحقا وإن زاد ما بين الوصية وبين الثاني على ستة أشهر والمرأة فراش لأنهما حمل واحد ولو قال أوصيت لحمل هند من زيد اعتبر مع ما مر ثبوت نسبه بالشرع من زيد حتى لو ثبت منه ثم نفاه باللعان لم يستحق لعدم ثبوت النسب بخلاف ما لو اقتصر على الوصية لحمل فلانة .
ويقبل الوصية للحمل وليه ولو وصيا بعد الانفصال حيا فلو قبل قبله لم يكف كما جرى عليه ابن المقري وقيل يكفي كمن باع مال أبيه يظن حياته فبان ميتا وصححه الخوارزمي .
وإن أوصى .
لحر فرق لم تكن الوصية لسيده مطلقا بل متى عتق فهي له وإن مات رقيقا كانت الوصية فيئا في الأظهر على قياس ما ذكروه في مال من استرق بعد نقض أمانة قاله الزركشي .
والثاني لورثة الموصي .
وأن أوصى " لعبد " لغيره وليس بمكاتب ولا مبعض " فاستمر رقه " إلى موت الموصي " فالوصية لسيده " عند موت الموصي والقبول أي تحمل على ذلك لتصح لكن بشرط قبول العبد لها وإن نهاه سيده عن القبول ولا يكفي قبول سيده لأن الخطاب لم يكن معه بل مع العبد هذا إذا كان العبد أهلا للقبول وإلا قبل السيد كولي الحر بل أولى لأن الملك له على كل حال وقيل يوقف الحال إلى تأهله للقبول .
تنبيه : .
محل صحة الوصية للعبد إذا لم يقصد الموصي تمليكه فإن قصده قال في المطلب لم تصح كنظيره في الوقف وفرق السبكي بأن الاستحقاق هنا منتظر فقد يعتق العبد قبل موت الموصي فتكون له أولا فلمالكه بخلافه ثم فإنه ناجز وليس العبد أهلا لملك .
وقضية هذا الفرق أنه لو قال وقفت هذا على زيد ثم على عبد فلان وقصد تمليكه صح له لأن استحقاقه منتظر .
ويقيد كلامهم بالوقف على الطبقة الأولى وهو كما قال شيخنا متجه لأنه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع .
وإن عتق .
كله " قبل موت الموصي " أو باعه كله كذلك " فله " في الأولى لأن الوصية تمليك بعد الموت وهو حر حينئذ وللمشتري في الثانية لأنه سيده وقت الموت والقبول .
فإن عتق بعده أو باع بعضه فقياس ما قالوا فيما إذا أوصى لمبعض ولا مهايأة بينه وبين سيده أن الموصى به بينهما أنه هنا بينهما أيضا في الأولى وبين السيدين في الثانية وإن كان بين المبعض وسيده مهايأة أو بين السيدين وأوصى أو وهب له فلصاحب النوبة ( 3 / 42 ) يوم الموت في الوصية ويوم القبض في الهبة ولو خصص بها نصفه الحر أو الرقيق أو أحد السيدين تخصص .
وإن عتق .
أو بيع بعد موت الموصي والقبول فالملك للمعتق أو البائع .
وإن عتق أو بيع " بعد موته " أي الموصي " ثم قبل " الوصية " بني " الكلام في هذه المسألة " على أن الوصية بم تملك " إن قلنا بالموت بشرط القبول وهو الأظهر أو بالموت فقط فهي للمعتق أو البائع وإن قلنا بالقبول فقط فللعتيق في الأولى والمشتري في الثانية .
ولو عتق مع الموت فالملك للعتيق لأنه حر وقت الملك .
أما إذا أوصى لعبد نفسه فإن أوصى له برقبته صح وإن أوصى له بثلث ماله نفذت الوصية في ثلث رقبته لأنه من ماله وعتق ذلك الثلث وباقي الثلث من سائر أمواله وصية لمن بعضه ملك للوارث وبعضه حر .
وإن أوصى له بمال ثم أعتقه فهو له أو باعه للمشتري وإلا بأن مات وهو في ملكه فوصية لوارث وسيأتي حكمها .
ولو أوصى له بثلث ماله وشرط تقديم عتقه فأزمع عتقه بباقي الثلث .
وتصح الوصية لأم ولده لأنها تعتق بموته ومكاتبه لأنه مستقل بالملك ومدبره كالقن فإن عتق المكاتب فهي له وإلا فوصية لوارث لأنه المالك له وقت الملك أو عتق المدبر .
وخرج عتقه مع وصيته من الثلث استحقها وإن لم يخرج منه إلا أحدهما قدم العتق فعتق كله ولا شيء له بالوصية .
وإن لم يف الثلث بالمدبر عتق منه بقدر الثلث وصارت الوصية لمن بعضه للوارث .
وإن أوصى لدابة .
لغيره " وقصد تمليكها أو أطلق فباطلة " هذه الوصية جزما لأن مطلق اللفظ للتمليك والدابة لا تملك بخلاف الإطلاق للعبد فإنه ينتظم معه الخطاب ويأتي معه القبول وربما عتق قبل موت الموصى فيثبت له الملك بخلاف الدابة .
تنبيه : .
قد جزموا هنا بالبطلان وذكروا في إطلاق الوقف عليها وجهين قال الرافعي فيشبه مجيئهما هنا .
وقد يفرق بأن الوصية تمليك محض فينبغي إضافته إلى من يملك بخلاف الوقف .
قال المصنف والفرق أصح .
قال الزركشي وقياس ما مر في صحة الوقف على الخيل المسبلة صحة الوصية لها أي عند الإطلاق بل أولى .
وإن قال ليصرف في علفها .
بسكون اللام وفتحها بخطه الأول مصدر والثانية للمأكول .
فالمنقول .
وعبر في الروضة بالظاهر المنقول " صحتها " لأن علفها على مالكها فهو المقصود بها كالوصية لعمارة داره فإنها له لأن عمارتها عليه فهو المقصود بها هذا ما نقله الرافعي عن البغوي والغزالي وغيرهما .
ومقابل المنقول احتمال للرافعي فإنه قال وقد تقدم في نظيره من الوقف وجهان فيشبه أن هذا مثله وعبارة المحرر فالظاهر الصحة .
قال في الدقائق ومراده بالظاهر ما ذكرناه من أنه المنقول لا أنه ناقل الخلاف في صحتها اه " .
وعلى المنقول يشترط قبول مالك الدابة والدار أيضا كسائر الوصايا .
ثم يتعين صرفه في الأولى لعلفها وفي الثانية لعمارتها كما بحثه شيخنا دعاية لغرض الموصي ويتولى الإنفاق عليها الوصي أو نائبه من مالك أو غيره ثم القاضي أو نائبه كذلك فلو باعها مالكها انتقلت الوصية للمشتري قال المصنف كما في العبد وقال الرافعي هي للبائع قال السبكي وهو الحق إن انتقلت بعد الموت وإلا فالحق أنه للمشتري وهو قياس العبد في التقديرين .
وقضيته أنه فهم أن المصنف قائل بأنها للمشتري مطلقا وليس مرادا بل قوله كما في العبد يقتضي أنه قائل بالتفصيل وعليه لو قبل البائع ثم باع الدابة فظاهر أنه يلزمه صرف ذلك لفعلها وإن صارت ملك غيره .
وتصح .
الوصية من كل مسلم أو كافر " لعمارة " أو مصالح " مسجد " إنشاء وترميما لأنه قربة وفي معنى المسجد المدرسة والرباط المسبل والخانقاه وقيد في الكافي وغيره المسجد بالموجود فإن أوصى لمسجد سيبنى لم تصح جزما وهو نظير ما جزم به الرافعي فيما إذا وقف على مسجد سيبنى .
وكذا إن أطلق .
الوصية للمسجد ونحوه ك أوصيت له بكذا يصح " في الأصح وتحمل على عمارته ومصالحه " لأن العرف يحمله على ذلك ويصرفه قيمه في أهمها باجتهاد .
والثاني يبطل لأنه لا يملك كالدابة .
ورده الإمام بأن الوصية للدابة نادر مستنكر في العرف فتعين اعتبار اللفظ ( 3 / 43 ) .
تنبيه : .
سكت المصنف عما إذا قال أردت تمليك المسجد .
ونقل الرافعي عن بعضهم أن الوصية باطلة .
ثم قال ولك أن تقول سبق أن للمسجد ملكا وعليه وقفا وذلك يقتضي صحة الوصية .
قال المصنف وهو الأفقه والأرجح .
وقال ابن الرفعة في كلام الرافعي في اللقطة ما يفهم جواز الهبة للمسجد .
قال ابن الملقن وبه صرح القاضي في تعليقه والكعبة في ذلك كالمسجد كما صرح به في البيان نقلا عن الشيخ أبي علي قال ويصرف في عمارتها وقيل إلى ساكن مكة .
وينبغي كما قال ابن شهبة إلحاق الكسوة بالعمارة فإنها من جملة المصالح وكذا ما أوصى به للضريح النبوي على ساكنه أفضل الصلاة والسلام يحمل على ما يختص به دون الأشياء الخارجة عنه كما ذكره السبكي في حرمه فإنها قد تدخل في الوصية للحرم .
و .
تصح الوصية " لذمي " بما يصح تملكه له كما يجوز التصدق عليه ففي الحديث الصحيح .
في كل كبد حراء أجر وعن البيهقي أن صفية رضي الله تعالى عنها أوصت لأخيها بألف دينار وكان يهوديا أما ما لا يصح تملكه له كالمصحف والعبد المسلم فلا تصح الوصية له به .
وفي معنى الذمي المعاهد والمستأمن كما قاله في التتمة .
وكذا حربي .
معين سواء أكان بدارنا أم لا بما له تملكه لا كسيف ورمح .
و .
كذا " مرتد " معين لم يمت مرتدا تصح الوصية لكل منهما " في الأصح " كالهبة والصدقة .
والثاني المنع للأمر بقتلهما فلا معنى للوصية لهما كالوقف عليهما .
وفرق الأول بأن الوقف يراد للدوام وهما مقتولان بكفرهما بخلاف الوصية فإن مات مرتدا تبين بطلان الوصية .
تنبيه : .
مسألة المرتد مزيدة على المحرر من غير تمييز وقضية كلام الإمام أنه لو لحق بدار الحرب وامتنع منا لا تصح الوصية له قطعا وهو كما قال الزركشي متجه وعلم مما تقرر أنه لا يشترط في الوصية للذمي التعيين بخلاف الحربي والمرتد فتصح لأهل الذمة دون أهل الحرب والردة فلا تصح لهما كما صرح به ابن سراقة ولو أوصى لمن يرتد بطلت أو لمسلم فارتد لم تبطل قاله الماوردي .
وقياسه البطلان فيمن لو أوصى لمن يحارب .
و .
كذا " قاتل " ولو تعديا تصح الوصية له " في الأظهر " لأنها تمليك بعقد فأشبهت الهبة وخالفت الإرث .
والثاني المنع لأنه مال يستحق بالموت فأشبه الإرث .
وصورته أن يوصى لجارحه ثم يموت أو لإنسان فيقتله ومن ذلك قتل سيد الموصى له الموصي لأن الوصية لعبد وصية لسيده كما مر فلو أوصى لمن يقتله أو يقتل غيره تعديا فباطلة كما في الكفاية في الأولى ومثلها الثانية أو بحق فيظهر فيها الصحة كما بحثه الزركشي في الثانية ومثلها الأولى .
و .
تصح الوصية وإن لم تخرج من الثلث " لوارث " خاص غير حائز بغير قدر إرثه " في الأظهر إن أجاز باقي الورثة " المطلقين التصرف وقلنا بالأصح إن أجازتهم تنفيذ لقوله A لا وصية لوارث إلا أن تجيز الورثة رواه البيهقي بإسناد قال الذهبي صالح وقياسا على الوصية لأجنبي بالزائد على الثلث .
والقول الثاني باطلة وإن أجازوها لإطلاق قوله A لا وصية لوارث رواه أصحاب السنن وصححه الترمذي .
وخرج ب خاص الوارث العام كما لو أوصى لإنسان بشيء ثم انتقل إرثه لبيت المال فإن ذلك يصرف إليه والوصية صحيحة ولا تحتاج إلى إجازة الإمام قطعا .
و ب غير حائز ما لو أوصى لحائز بماله كله فإنها باطلة على الأصح في التتمة و ب غير قدر إرثه ما لو أوصى لوارث بقدر إرثه فإن فيه تفصيلا يأتي بين المشاع .
والمعين و ب المطلقين التصرف ما لو كان فيهم صغير أو مجنون أو محجور عليه بسفه فلا تصح منه الإجازة ولا من وليه كما قاله الماوردي قال ولا ضمان عليه إن أجاز ما لم تقبض الوصية فإن قبضت صار ضامنا لقدر ما أجازه من الزيادة .
تنبيه : .
في معنى الوصية للوارث الوقف عليه وإبراؤه من دين عليه أو هبته شيئا فإنه يتوقف على إجازة بقية الورثة .
نعم يستثنى من الوقف صورة واحدة وهي ما لو وقف ما يخرج من الثلث على قدر نصيبهم كمن له ابن وبنت وله دار تخرج من ثلثه فوقف ثلثيهما على الابن وثلثها على البنت فإنه ينفذ ولا يحتاج إلى إجازة في الأصح فليس للوارث إبطاله ولا إبطال شيء منه لأن تصرفه في ثلث ماله نافذ فإذا تمكن من قطع حق الوارث عن الثلث بالكلية فتمكنه من وقفه عليه أولى " .
فائدة : .
من الحيل في الوصية للوارث أن يقول أوصيت لزيد بألف إن تبرع لولدي بخمسمائة مثلا .
فإن قيل ( 3 / 44 ) لزمه دفعها إليه .
و .
بقية الورثة " لا عبرة بردهم وإجازتهم " الوصية " في حياة الموصي " فلمن رد الوصية في حياته الإجازة بعد موته وعكسه إذ لا استحقاق لهم ولا للموصى له قبل موته وقد يبرأ وقد يموت الموصى له قبله ولا أثر للإجازة أيضا بعد الموت مع جهل قدر المال الموصى به كالإبراء عن مجهول .
نعم إن كانت الوصية بمعين كعبد وقالوا بعد إجازتهم ظننا كثرة المال وأن العبد خارج من ثلثه فبان قليلا أو تلف بعضه أو دين على الميت صحت إجازتهم فيه ولا يقبل قولهم لأن العبد معلوم والجهالة في غيره فإن كانت الوصية بغير معين وادعى المجيز الجهل بقدر التركة كأن قال كنت اعتقدت قلة المال وقد بان خلافه صدق بيمينه في دعوى الجهل إن لم تقم بينة بعلمه بقدر المال عند الإجازة وتنفذ الوصية فيما ظنه فإن أقيمت لم يصدق ونفذت الوصية في الجميع .
والعبرة في كونه .
أي الموصى له " وارثا " أو غير وارث " بيوم " أي وقت " الموت " فلو أوصى لأخيه فحدث له ابن قبل موته صحت .
أو أوصى لأخيه وله ابن فمات قبل موت الموصي فهي وصية لوارث .
والوصية لكل وارث بقدر حصته .
شائعا من نصف أو غيره كأن أوصى لكل من بنيه الثلاثة بثلث ماله " لغو " لأنه يستحقه بغير وصية .
وخرج بقوله لكل وارث ما لو أوصى لبعضهم بقدر حصته كأن أوصى لأحد بنيه الثلاثة بثلث ماله فإنه يصح ويتوقف على الإجازة فإن أجيز أخذه وقسم الباقي بينهم بالسوية .
و .
الوصية لكل وارث " بعين هي قدر حصته " كأن أوصى لأحد ابنيه بعبد قيمته ألف وللآخر بدار قيمتها ألف وهما ما يملكه " صحيحة " كما لو أوصى ببيع عين من ماله لزيد " و " لكن " تفتقر إلى الإجازة في الأصح " لاختلاف الأغراض بالأعيان ومنافعها .
والثاني لا يفتقر إليها لأن حقوقهم في قيمة التركة لا في عينها إذ لو باعها المريض بثمن مثلها صح وإن لم يرضوا بذلك .
والدين كالعين فيما ذكر كما بحثه بعض المتأخرين .
ثم شرع في الركن الثالث وهو الموصى به ويشترط كونه مقصودا يحل الانتفاع به ويقبل النقل فلا تصح بما لا يقصد كدم ولا بما لا يحل الانتفاع به كمزمار ولا بما لا يقبل النقل كقصاص وحق شفعة إذا لم يبطل بالتأخير لعذر كتأجيل الثمن وحد قذف وإن قبلت الانتقال بالإرث لأنها لا تقبل النقل .
نعم تصح الوصية بالقصاص لمن هو عليه والعفو عنه في المرض كما حكاه البلقيني عن تعليق الشيخ أبي حامد ومثله حد القذف وحق الشفعة فقال " وتصح " الوصية " ب " بالمجهول ك " الحمل " الموجود في البطن منفردا عن أمه أو معها وعبد من عبيده وبما لا يقدر على تسليمه كالطير الطائر والعبد الآبق لأن الموصى له يخلف الميت في ثلثه كما يخلفه الوارث في ثلثيه فلما جاز أن يخلف الوارث الميت في هذه الأشياء جاز أن يخلفه الموصى له .
قال في المجموع اتفق أصحابنا على جواز الوصية باللبن في الضرع والصوف على ظهر الغنم صرح به البغوي وقال يجز الصوف على العادة وما كان موجودا حال الوصية للموصى له وما حدث للوارث فلو اختلفا في قدره فالقول قول الوارث بيمينه .
ويشترط .
في صحة الوصية بالحمل " انفصاله حيا لوقت يعلم وجوده عندها " أي الوصية كما سبق في الوصية له ويرجع في حمل البهيمة إلى أهل الخبرة .
أما إذا انفصل ميتا فإن كان حمل أمة وانفصل بجناية مضمونة ولم تبطل الوصية وتنفذ من الضمان لأنه انفصل متقوما فتنفذ في بدله بخلاف ما لو أوصى بحمل فانفصل ميتا بجناية فإنها تبطل لأنه ليس أهلا لذلك .
وإن كان حمل بهيمة فانفصل بجناية أو بغيرها أو حمل أمة وانفصل بلا جناية مضمونة لم يستحق الموصى له شيئا وإنما استحق في حمل الأمة دون حمل البهيمة فيما إذا انفصلا بجناية لأن ما وجب في جنين الأمة بدله فيكون للموصى له وما وجب في جنين البهيمة بدل ما نقص منها فيكون للوارث وإذا كان في المفهوم تفصيل لم يرد .
ويصح القبول هنا وفيما مر قبل الوضع بناء على أن الحمل يعلم وهو الراجح .
قال الماوردي ولو قال إن ولدت أمتي ذكرا فهو وصية لزيد أو أنثى فوصية لعمرو جاز وكان على ما قال سواء ولدتهما معا أو مرتبا وإن ولدت ( 3 / 45 ) خنثى فقيل لا حق فيه لواحد منهما وقيل إنه موقوف بينهما حتى يصطلحا أي وهذا أوجه كما قاله الأذرعي .
و .
تصح الوصية " بالمنافع " المباحة وحدها مؤقتة ومؤبدة ومطلقة والإطلاق يقتضي التأبيد لأنها أموال مقابلة بالأعواض كالأعيان .
وتصح بالعين دون المنفعة وبالعين لواحد والمنفعة لآخر .
وإنما صحت في العين وحدها لشخص مع عدم المنفعة فيها لإمكان صيرورة المنفعة له بإجازة أو إباحة أو نحو ذلك قال الزركشي ولا يصح استثناء منفعة العين إلا في الوصية ولو قبل الموصى له بالعين ورد الموصى له بالمنفعة عادت إلى الورثة لا إلى الموصى له بالعين كما قاله ابن الرفعة ولم يتعرض الشيخان لهذه المسألة " وكذا " تصح " بثمرة أو حمل سيحدثان في الأصح " لأن الوصية احتمل فيها وجوه من الغرر رفقا بالناس وتوسعة فتصح بالمعدوم كما تصح بالمجهول ولأن المعدوم يصح تملكه بعقد السلم والمساقاة والإجارة فكذا بالوصية .
والثاني لا يصح لأن التصرف يستدعي متصرفا فيه ولم يوجد .
وعلى الأول إذا أوصى مما يحدث هذا العام أو كل عام عمل به .
وإن أطلق فقال أوصيت بما يحدث فهل يعم كل سنة أو يختص بالسنة الأولى قال ابن الرفعة الظاهر العموم وسكت عليه السبكي وهو ظاهر .
وإذا قلنا بالصحة في الحمل فولدته لدون ستة أشهر لم يكن موصى به لأنه كان موجودا وإنما أوصى بما سيحدث أو لأكثر من أربع سنين كان موصى به أو بينهما وهي ذات زوج صحت وإلا فلا قاله الماوردي .
تنبيه : .
تثنية الضمير بعد العطف ب أو مذهب كوفي أما البصري فيفرده فكان الأحسن للمصنف أن يقول سيحدث .
و .
تصح " ب " المبهم ك " أحد عبديه " لأن الوصية تحتمل الجهالة فلا يؤثر الإبهام وتعين الوارث .
فإن قيل لم صحت هنا ولم تصح في أوصيت لأحد الرجلين كما مر أجيب بأنه يحتمل في الموصى به ما لا يحتمل في الموصى له ولهذا صحت بحمل سيحدث لا لحمل سيحدث ولو قال أوصيت لفلان وهناك من يشاركه في الاسم التحق بأحد الرجلين .
قال القاضي ولو أوصى بأحد شيئين يملك أحدهما انصرف إليه .
و .
تصح بنجوم الكتابة وإن لم تكن مستقرة وبالمكاتب وإن لم يقل عجز نفسه وبعبد غيره وإن لم يقل أن ملكته كما مرت الإشارة إليه وإن خالف في ذلك بعض المتأخرين .
و " بنجاسة يحل الانتفاع بها ككلب معلم " لثبوت الاختصاص فيها وانتقالها بالإرث ونحوه ومثل الكلب المعلم الكلب القابل للتعليم ولو جروا والفهد ونحوه والكلب المتخذ لحراسة الدور ونحوها لجواز اقتناء ذلك .
وخرج ما لا يحل الانتفاع به كخنزير وكلب عقور .
تنبيه : .
إن كان الموصى له بالكلب المنتفع به في صيد أو حراسة زرع أو نعم صاحب صيد أو زرع أو نعم فظاهر وإلا فقضية ما صححه المصنف في مجموعه من أنه يمتنع عليه اقتناؤه عدم الصحة قال الأذرعي وهو الأقرب وقضية إطلاق المصنف هنا الصحة وهو كما قال شيخي الأقرب وينقله إلى من ينتفع به .
و .
تصح بنحو " زبل " مما ينتفع به كسماد وجلد ميتة قابل للدباغ وزيت نجس وميتة لطعم الجوارح كما نقله القاضي أبو الطيب عن الأصحاب .
وظاهر كلامه أنه لا فرق بين زيل الكلب والخنزير وغيرهما وهو كذلك وإن قال الزركشي ينبغي استثناء زبل الأولين .
قال في المجموع ويكره اقتناء السرجين لتربية الزرع " و " تصح بنحو " خمر محترمة " كنبيذ وهي ما عصرت بقصد الخلية أو لا بقصد الخمرية على الخلاف في تفسيرها .
وظاهر كلام المصنف أنه لا فرق بين المستحكمة وغيرها وهو كذلك وإن قال ابن الرفعة في المستحكمة بالبطلان .
أما غير المحترمة فلا تصح الوصية بها لوجوب إراقتها .
ولو أوصى بكلب من كلابه .
التي يحل أن ينتفع بها أو من ماله وله عند موته كلاب يحل أن ينتفع بها " أعطي " الموصى له " أحدها " والخيرة للوارث وإن لم يكن الكلب مالا في الثانية لأن المنتفع به من الكلاب مقتنى وتعتوره الأيدي كالأموال فقد يستعار له اسم المال ولا يلزم الوارث أن يعطى الموصى له من الكلاب ما يناسبه وإن جزم الدارمي بأنه يعطيه ما يليق به " فإن لم يكن له كلب " يحل الانتفاع به عند موته " لغت " وصيته لتعذر شراء كلب لأنه ليس بمال ولا يلزم الوارث اتهابه .
قال الرافعي ( 3 / 46 ) ويمكن أن يقال لو تبرع به متبرع وأراد تنفيذ الوصية جاز كما لو تبرع بقضاء دينه انتهى .
ولبعد هذا لم ينظروا إليه .
فإن كان له كلب عند الوصية وفقد ثم تجدد له كلب فعلى الخلاف في أن العبرة بوقت الوصية أو الموت والأقرب كما قال الأذرعي الصحة نظرا إلى حالة الموت .
ولو كان له مال وكلاب ووصى بها .
كلها " أو ببعضها فالأصح نفوذها " أي الوصية " وإن كثرت " تلك الكلاب " وقل المال " ولو دانقا إذ المعتبر أن يبقى للورثة ضعف الموصى به وقليل من المال خير من الكلاب إذ لا قيمة لها .
والثاني بقدر أن لا مال له وتنفذ في ثلث الكلاب .
وعلى الأول لو لم يكن له مال وله كلاب وأوصى بها كلها نفذ في ثلثها فقط عددا لا قيمة إذ لا قيمة لها أو كلب فقط وأوصى به نفذ في ثلثه ولو أوصى بكلبين من أربعة نفذ في واحد وثلث .
ولو أوصى بثلث ماله لزيد وبالكلاب لعمرو لم يعطى عمرو إلا ثلثها لأن ما يأخذ الورثة من الثلثين هو حظهم بسبب الثلث الذي نفذت فيه الوصية فلا يجوز أن يحسب عليهم من أخرى في وصية غير المتمول .
تنبيه : .
غير الكلاب من النجاسة التي يحل الانتفاع بها كالكلاب في نفوذ الوصية وإن كثر وقل المال كما صرح به ابن المقري .
ولو كان له أجناس من كلاب وخمر محترمة وشحم ميتة ووصى بواحد منها اعتبر الثلث بفرض القيمة لا بالعدد ولا بالمنفعة لأنه لا تناسب بين الرؤوس ولا المنفعة .
ولو أوصى بطبل وله طبل لهو .
كالكوبة ضيق الوسط واسع الطرفين " وطبل يحل الانتفاع به كطبل حرب " وهو ما يضرب به للتهويل " و " طبل حجيج وهو ما يضرب للإعلام بنزول وارتحال وطبل باز " حملت " أي الوصية " على " الطبل " الثاني " ليصح إذ الظاهر أنه يقصد الثواب وهو فيما تصح الوصية به .
فإن قيل لو أوصى بعود وله عود لهو لا يصح لمباح وعود مباح فإن الوصية تبطل ولم تحمل على المباح فهلا كان هنا كذلك أجيب بأن مطلق العود ينصرف في الاستعمال لعود اللهو والطبل يقع على الجميع فإن لم يكن له إلا طبول لا تصح الوصية بها لغت " ولو أوصى بطبل اللهو لغت " لأنه معصية " إلا أن صلح لحرب أو حجيج " ونحوهما كطبل البازي أو منفعة أخرى مباحة لإمكان تصحيح الوصية فيما يتناوله لفظها وسواء أصلح على هيئته أم بعد تغير يبقى معه اسم الطبل فإن لم يصلح إلا بزوال اسم الطبل لغت .
تنبيه : .
ما ذكره من الإستثناء محله عند الإطلاق فإن قال الموصي أردت به الانتفاع على الوجه الذي عمل له لم يصح كما جزم به في الوافي واستظهره الزركشي .
ولو أوصى بقوس حمل على القوس الذي لرمي الأسهم من نبل وهي السهام الصغار ونشاب وهي السهام الفارسية وحسبان وهي سهام صغار ترمى بمجرى في القوس دون قوس البندق والندف .
ولو قال من قسي ولم يكن له قوس سهام بل قوس بندق أو ندف حمل عليه فإن كانا له حمل على قوس البندق لأنه أقرب إلى الفهم فإن عين قوسا تعين ولو قال أعطوه ما يسمى قوسا تخير الوارث بين الجميع كما صوبه المصنف ولا يتناول القوس الوتر لأنها تسمى قوسا بدونه بخلاف السهم فإنه يتناول الريش والنصل لثبوتهما فيه