مع الإخوة والأخوات بالتفصيل المذكور في قوله " إذا اجتمع جد " أو أبوه " وإخوة " بكسر الهمزة وضمها " وأخوات " فإن كانوا لأم سقطوا كما مر في فصل الحجب وإن كانوا " لأبوين أو لأب " لم يسقطوا به على الصحيح .
ثم اعلم أن القول في ميراث الجد مع الإخوة خطير في الفرائض ومسائله كثيرة الاختلاف فيما بين الصحابة Bهم فمن بعدهم وكانوا يحذرون من الخوض فيها وورد في حديث أجرأكم على قسم الجد أجرأكم على النار .
قال الدارقطني كما نقله عنه القاضي أبو الطيب لا يصح رفعه وإنما هو عن عمر أو علي Bهما .
وروي عن علي Bه أنه قال من سره أن يقتحم جراثيم جهنم فليقض في الجدة والإخوة .
وعن ابن مسعود Bه سلوني عما شئتم من عصباتكم ولا تسألوني عن الجد والإخوة لا حياه الله ولا بياه قال الماوردي وأول من ورث الجد مع الإخوة في الإسلام عمر Bه .
ثم بعد اختلافهم أجمعوا على أن الإخوة لا تسقط الجد قال ابن عبد البر لم يخالف إلا فرقة من المعتزلة واختلفوا بعد ذلك على مذهبين أحدهما أن الجد بمنزلة الأب فيحجب الإخوة والأخوات وهو قول أبي بكر وابن عباس وعائشة وجماعة من الصحابة والتابعين رضي الله تعالى عنهم وهو مذهب أبي حنيفة لأنه يسمى أبا ولأنه يأخذ السدس مع الابن وابن الابن كالأب فأسقط الإخوة .
والمذهب الثاني أنه يشارك الإخوة وهو قول عمر وعثمان وزيد بن ثابت وجماعة من الصحابة والتابعين رضي الله تعالى عنهم أجمعين وبه قال الائمة الثلاثة ولذلك قال المصنف " فإن لم يكن معهم ذو " أي صاحب " فرض فله الأكثر من ثلث " جميع " المال و " من " مقاسمتهم كأخ " أما أخذ الثلث ( 3 / 22 ) فلأن له مع الأم مثلي ما لها والإخوة لا ينقصونها عن السدس فلا ينقصونه عن مثليه ولأن الإخوة لا ينقصون أولاد الأم عن الثلث فبالأولى الجد لأنه يحجبهم .
وأما المقاسمة فلأنه كالأخ في إدلائه بالأب وإنما أخذ الأكثر لأنه قد اجتمع فيه جهتا الفرض والتعصيب فأخذ بأكثرهما فإن استوى له الأمران فالفرضيون يعبرون فيه بالثلث لأنه أسهل .
ومقتضى التشبيه أن له مع الأخوات مثل حظ الأنثيين وهو كذلك .
والمقاسمة خير له من ثلث المال فيما إذا كانوا دون مثليه وذلك في خمس صور أن يكون مع الجد أخ أو أخت أو أختان أو ثلاث أخوات أو أخ وأخت والثلث خير له من المقاسمة فيما إذا زادوا على مثليه .
ولا تنحصر صوره في عدد فيصدق ذلك بخمس أخوات وأخوين وأخت أو ثلاث أخوات وأخ ونحو ذلك مما لا ينحصر .
ويستوي له الثلث والمقاسمة في ثلاث صور أن يكون معه أخوان أو أربع أخوات أو أخ وأختان .
فإن أخذ .
الجد " الثلث فالباقي لهم " للذكر مثل حظ الأنثيين كما لو لم يكن معهم جد " وإن كان " معهم ذو فرض يتصور إرثه معهم وهو البنات وبنات الابن والأم والجدات والزوجان " فله الأكثر من سدس التركة و " من " ثلث الباقي " بعد الفرض " و " من " المقاسمة " بعد الفرض .
أما السدس فلأنه لا ينقص عنه مع الأولاد فمع الإخوة أولى وأما ثلث الباقي فلأنه لو لم يكن معه صاحب فرض لأخذ جميع ثلث المال فإذا خرج قدر الفرض مستحقا أخذ ثلث الباقي وكأن الفرض تلف من المال أما المقاسمة فلما سبق من تنزيله منزلة أخ .
وضابط معرفة الأكثر من الثلاثة أنه إن كان الفرض نصفا فما دونه فالقسمة أغبط إن كان لإخوة دون مثلية وإن زادوا على مثليه فثلث الباقي أغبط وإن كانوا مثليه استويا وقد تستوي الثلاثة .
وإن كان الفرض ثلثين فالقسمة أغبط إن كان معه أخت وإلا فله السدس وإن كان الفرض بين النصف والثلثين كنصف وثمن فالقسمة أغبط مع أخت أو أخ أو أختين فإن زادوا فله السدس .
وقد لا يبقى .
بعد الفرض " شيء " للجد " كبنتين وأم وزوج " مع جد وإخوة فالمسألة من إثني عشر .
وتعول بسهم بقية فرض من نقص فرضه وحينئذ " فيفرض له سدس " اثنان " ويزاد في العول " إلى خمسة عشر " وقد يبقى " للجد بعد الفرض " دون سدس كبنتين وزوج " مع جد وإخوة هي من اثني عشر للبنتين الثلثان ثمانية وللزوج الربع ثلاثة يبقى للجد سهم " فيفرض له " سدس .
وتعال .
المسألة بواحد على إثني عشر .
وقد يبقى .
للجد " سدس كبنتين وأم " مع جد وإخوة هي من ستة للبنتين أربعة وللأم واحد ويبقى واحد " فيفوز به الجد وتسقط الإخوة " والأخوات " في هذه الأحوال " الثلاثة لأنهم عصبة وقد استغرق المال أهل الفرض .
ولو كان مع الجد إخوة وأخوات لأبوين .
بالواو بلا ألف قبلها بخلاف ما سبق أول الفصل فإنه معطوف ب أو لأن الكلام هناك فيما إذا كان معه أحدهما والكلام هنا في اجتماعهما .
وحينئذ " فحكم الجد ما سبق " من خير الأمرين إن لم يكن معه ذو فرض وخير الأمور الثلاثة إن كان معه " و " لكن في صورة اجتماعها " يعد " أي يحسب " أولاد الأبوين " بالرفع بخطه فاعل يعد " عليه " أي الجد " أولاد الأب " بالنصب بخطه مفعول يعد " في القسمة " أي يدخلونهم في العدد على الجد إذا كانت المقاسمة خيرا له .
فإذا أخذ .
الجد " حصته " وهي الأكثر مما سبق " فإن كان في أولاد الأبوين ذكر " واحد فأكثر " فالباقي لهم " للذكر مثل حظ الأنثيين .
وسقط أولاد الأب .
لأن أولاد الأبوين يقولون للجد كلانا إليك سواء فنزاحمك ( 3 / 23 ) بإخوتنا ونأخذ حصتهم .
كما أن الإخوة يردون الأم من الثلث إلى السدس والأب يحجبهم ويأخذ ما نقصوا من الأم .
فإن قيل قياس ذلك أن الأخ من الأم مع الجد والأخ الشقيق أن يقول الجد أنا الذي أحجبه فأزحمك به وآخذ حصته .
أجيب بأن الإخوة جهة واحدة فجاز أن ينوب أخ عن أخ والإخوة والجدودة جهتان مختلفان فلا يجوز أن يستحق الجد نصيب الآخر وبأن ولد الأب المعدود على الجد ليس بمحروم أبدا بل يأخذ قسطا مما قسم له في بعض الصور كما سيأتي .
ولو عد الجد الأخ من الأم على الأخ من الأبوين كان محروما أبدا فلا يلزم من تلك المعادة هذه المعادة ففي جد وشقيق وأخ لأب هي من ثلاثة للجد سهم والباقي للشقيق ويسقط الأخ للأب .
وفي جد وشقيقتين وأخ لأب هي من ستة للجد اثنان والباقي وهو الثلثان للشقيقتين وترجع لثلاثة والأولى أن تجعل ابتداء من ثلاثة للجد واحد وللشقيقتين اثنان ويسقط الأخ للأب على كلا التقديرين .
وفي جد وشقيق وشقيقة وأخت لأب هي من ستة عدد رؤوسهم وتصح من ثمانية عشر للجد ستة وللشقيق ثمانية وللشقيقة أربعة والأولى أن تجعل من ثلاثة للجد واحد يفضل اثنان للشقيق والشقيقة فنضرب ثلاثة في ثلاثة بتسعة للجد ثلاثة وللشقيق أربعة وللشقيقة اثنان وتسقط الأخت للأب على كلا التقديرين .
وهذه المسائل وأشباهها تسمى بالعادة .
وإلا .
أي وإن لم يكن في أولاد الأبوين ذكر بل إناث " فتأخذ الواحدة " منهن مع ما خصها مع الجد بالقسمة " إلى " تكملة " النصف إن وجدته " ففي جد وشقيقة وأخ لأب هي من خمسة وتصح من عشرة للجد أربعة وللشقيقة خمسة يفضل واحد للأخ من الأب وتسمى هذه المسألة بعشرية زيد .
فإن لم تجده كجد وأم وزوجة وشقيقة وأخ لأب فتقتصر الشقيقة على ما فضل لها ولا تزاد عليه .
و .
تأخذ " الثلثان فصاعدا " مع ما خصهما مع الجد بالقسمة " إلى " تكملة " الثلثين " إن وجدتا ذلك .
ففي جد وشقيقتين وأخ لأب هي من ستة للجد سهمان والباقي للشقيقتين ولا شيء للأخ للأب فإن لم تجد الثلثين بل الناقص عنهما اقتصرنا على الناقص كجد وشقيقتين وأخت لأب هي من خمسة للجد سهمان والباقي للشقيقتين وهو دون الثلثين فلا يزاد عليه .
وهذا يدل على أن ذلك بالتعصيب وإلا لزيدتا وأعيلت .
ولا يفضل عن الثلثين شيء .
لأن للجد الثلث كما مر فإذا مات عن شقيقتين وأخ لأب وجد فللجد الثلث والباقي وهو الثلثان للشقيقتين وهو تمام فرضهما .
وقد يفضل عن النصف .
شيء " فيكون " الفاضل " لأولاد الأب " كما مر في عشرية زيد .
والجد .
حكمه " مع أخوات كأخ فلا يفرض لهن معه " كما لا يفرض لهن مع الإخوة .
ولا تعال المسألة بسببهن ولكن قد يفرض للجد معهن وتعال المسألة بسببه كما مر في قوله فيفرض له سدس ويزاد في العول لأنه صاحب فرض بالجدودة فيرجع إليه للضرورة .
ثم استثنى من قوله فلا يفرض لهن قوله " إلا في الأكدرية " سميت بذلك لنسبتها إلى أكدر وهو اسم السائل عنها أو المسؤول أو الزوج أو بلد الميتة أو لأنها كدرت على زيد مذهبه لأنه لا يفرض للأخت مع الجد ولا يعيل مسائل الجد وهنا فرض وأعال وعلى هذا فينبغي تسميتها مكدرة لا أكدرية .
وقيل لأن زيدا كدر على الأخت ميراثها لأنه أعطاها النصف ثم استرجعه منها وقيل غير ذلك .
وهي زوج وأم وجد وأخت لأبوين أو لأب .
هي من ستة " فللزوج " منها " نصف " وهو ثلاثة " وللأم " منها " ثلث " وهو اثنان لعدم من يحجبها عنه " وللجد " منها " سدس " وهو واحد لعدم من يحجبه " وللأخت نصف " وهو ثلاثة لعدم من يسقطها منه ومن يعصبها فإن الجد لو عصبها نقص حقه وهو السدس فتعين الفرض لها .
فتعول .
بنصيب الأخت وهو ثلاثة إلى تسعة .
ثم .
بعد ذلك " يقتسم الجد والأخت نصيبهما " وهما الأربعة من التسعة " أثلاثا له الثلثان " ولها ( 3 / 24 ) الثلث فانكسرت على مخرج الثلث فاضرب ثلاثة في تسعة تبلغ سبعة وعشرين للزوج تسعة وللأم ستة وللجد ثمانية وللأخت أربعة .
وإنما قسم الثلث بينهما لأنه لا سبيل إلى تفضيلها على الجد كما في سائر صور الجد والإخوة ففرض لها بالرحم وقسم بينهما بالتعصيب رعاية للجانبين .
فإن قيل قياس كونها عصبة بالجد أن تسقط وإن رجع الجد إلى الفرض ألا ترى أنهم قالوا في بنتين وأم وجد وأخت للبنتين الثلثان وللأم السدس وللجد السدس وتسقط الأخت لأنها عصبة مع البنات ومعلوم أن البنات لا يأخذن إلا الفرض أجيب بأن ذلك عصوبة من وجه وفريضة من وجه فالتقدير باعتبار الفرضية والقسمة باعتبار العصوبة .
وأيضا إنما يصح هذا أن لو كانت الأخت عصبة مع الجد والجد صاحب فرض كما أن الأخت عصبة مع البنت والبنت صاحبة فرض وليس كذلك بل الأخت عصبة بالجد وهو عصبة أصالة وإنما يحجب إلى الفرض بالولد وولد الإبن .
ولو كان بدل الأخت أخ سقط أو أختان فللأم السدس ولهما السدس الباقي ولا عول ولم تكن أكدرية .
ولو سقط من هذه المسألة الزوج كان للأم الثلث فرضا وقاسم الجد الأخت في الثلثين فتكون المسألة من ثلاثة للأم واحد والباقي لا ثلث له فاضرب ثلاثة في الثلاثة أصل المسألة تبلغ تسعة للأم ثلاثة أتساع وللجد أربعة أتساع وللأخت تسعان .
ولو كان بدل الأخت مشكل فالأسوأ في حق الزوج والأم أنوثته وفي حق المشكل والجد ذكورته وتصح من أربعة وخمسين .
وهذه المسألة يعايابها من وجهين أحدهما أن يقال لنا أربعة من الورثة أخذ أحدهم ثلث المال وآخر ثلث الباقي وآخر ثلث باقي الباقي وآخر الباقي .
الثاني أن يقال لنا أربعة من الورثة أخذ أحدهم جزءا من المال وآخر نصف ذلك الجزء وآخر نصف الجزءين وآخر نصف الأجزاء .
فإن قيل يرد على حصر المصنف الاستثناء في هذه الصورة أن الأخت يفرض لها النصف والثلثان للثنتين في المعادة .
أجيب بأن الفرض هناك إنما هو اعتبار وجود الأخ لا بالجد وهذه المسألة من الملقبات .
ومنها المشركة وقد تقدمت ومنها الخرقاء بالمد وهي أم وأخت لغير أم وجد للأم الثلث والباقي بين الجد والأخت أثلاثا فتصح المسألة من تسعة وسميت بذلك لتخرق أقوال الصحابة فيها وتلقب أيضا بغير ذلك فإن من الملقبات ما له لقب واحد ومنها ما له أكثر وغايته عشرة .
وقد أكثر الفرضيون من التلقيبات ولا نهاية لها ولا حسم لأبوابها وقد ذكرت منها جملا كثيرة في شرح التنبيه .
ولهم مسائل أخر تسمى بالمعاياة قال الجوهري المعاياة هي أن تهتدي لشيء لا يهتدى له منها ما لو قالت امرأة إن ولدت ذكرا ورث وورثت أو أنثى لم ترث ولم أرث فهي بنت ابن الميت وزوجة ابن ابنه الآخر وهناك بنتا صلب فالباقي بعد الثلثين بين القائلة وابنها أثلاثا وإن ولدت أنثى فلا شيء لها لاستغراق الثلثين مع عدم المعصب .
ومنها رجلان كل منهما عم الآخر هما رجلان نكح كل منهما أم الآخر فولد لكل منهما ابن فكل ابن هو عم الآخر لأمه .
ومنها رجلان كل منهما خال الآخر هما رجلان نكح كل منهما بنت الآخر فولد لهما ابنان فكل ابن هو خال الآخر وقد ذكرت منها أيضا جملا كثيرة في الشرح المذكور فلا نطيل بذكرها .
ثم شرع المصنف C تعالى في ذكر الموانع وهي خمسة مترجما لها ولما يذكر معها بفصل فقال .
فصل لا يتوارث مسلم وكافر .
هذا أحدها وهو اختلاف الدين لخبر الصحيحين لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم ولانقطاع الموالاة بينهما .
وانعقد الإجماع على أن الكافر لا يرث المسلم .
واختلفوا في توريث المسلم منه فالجمهور على المنع وقيل نرثهم كما ننكح نساءهم ولا ينكحون نساءنا .
وفرق الأول بأن التوارث مبني على الموالاة والمناصرة ولا موالاة بين المسلم والكافر بحال وأما النكاح فمن نوع الاستخدام .
ولا فرق بين الولاء والنسب على المنصوص في الأم والمختصر وغيرهما .
وأجمع عليه أصحاب الشافعي رضي الله تعالى عنه وعنهم .
تنبيه : .
عبارة المحرر لا يرث المسلم الكافر وبالعكس .
وهي أوضح من عبارة المصنف لأنه نفي التوارث بينهما من الجانبين بخلاف تعبير المصنف فإنه نفى التوارث بينهما وهو صادق بانتفاء أحدهما وهو حاصل بالإجماع في أن ( 3 / 25 ) الكافر لا يرث المسلم فليس فيه تنصيص على أن المسلم لا يرث الكافر وهي مسألة خلاف بين العلماء .
فإن قيل يرد على المصنف ما لو مات كافر عن زوجة حامل ووقفنا الميراث فأسلمت ثم ولدت فإن الولد يرث منه مع حكمنا بإسلامه تبعا لأمه .
أجيب بأنه كان محكوما بكفره يوم موت أبيه وقد ورث مذ كان حملا ولهذا نقل السبكي عمن هو منسوب إلى التحقيق في الفقه موثوق به من معاصريه أن لنا جمادا يملك وهو النطفة واستحسنه السبكي .
قال الدميري وفيه نظر إذا الجماد ما ليس بحيوان ولا كان حيوانا .
فإن قيل قياس ذلك أن الأخ من الأم مع الجد والأخ الشقيق أن يقول الجد أنا الذي أحجبه فأزحمك به وآخذ حصته .
و .
ثانيها الردة كما قال و " لا يرث مرتد " بحال إذ لا سبيل إلى توريثه من مثله لأن ما خلفه فيء ولا من كافر أصلي للمنافاة بينهما لأنه لا يقر على دينه وذاك يقر ولا من مسلم للخبر المار وإن عاد إلى الإسلام بعد موت مورثه .
وما ادعاه ابن الرفعة من أنه إذا أسلم بعد موت مورثه أنه يرثه رده السبكي وقال إنه مصادم للحديث وخرق للإجماع قال وممن نقل الإجماع على أن المرتد لا يرث من المسلم شيئا وإن أسلم بعد ذلك الأستاذ أبو منصور البغدادي .
ولا يورث .
بحال بل ماله يكون فيئا لبيت المال سواء اكتسبه في الإسلام أم في الردة لكن لو قطع شخص طرف مسلم مع المكافأة فارتد المقطوع ومات سراية وجب قود الطرف ويستوفيه من كان وارثه لولا الردة ومثله حد القذف .
والزنديق كالمرتد فلا يرث ولا يورث وهو من لم يتدين بدين وكذا نصراني تهود أو نحوه .
ويرث الكافر الكافر .
على حكم الإسلام " وإن اختلفت ملتهما " كيهودي من نصراني ونصراني من مجوسي ومجوسي من وثني وبالعكوس لأن جميع ملل الكفر في البطلان كالملة الواحدة قال تعالى " فماذا بعد الحق إلا الضلال " فإن قيل كيف يتصور إرث اليهودي من النصراني وعكسه فإن الأصح أن من انتقل من ملة إلى ملة لا يقر أجيب بتصور ذلك في الولاء والنكاح وفي النسب أيضا فيما إذا كان أحد أبويه يهوديا والآخر نصرانيا إما بنكاح أو وطء شبهة فإنه يخير بينهما بعد البلوغ كما قاله الرافعي قبيل نكاح المشرك حتى لو كان له ولدان واختار أحدهما اليهودية والآخر النصرانية جعل التوارث بينهما بالأبوة والأمومة والأخوة مع اختلاف الدين .
لكن المشهور .
وعبر في الروضة بالمذهب وبه قطع الأكثرون " أنه لا توارث بين حربي وذمي " لانقطاع الموالاة بينهما .
والمعاهد والمستأمن كالذمي فالتوارث بينهما وبينه وبين كل منهما لعصمته .
ولو عبر بالمعاهد كان أولى لأنه إذا كان لا توارث بين الحربي وبينه فلا توارث بينه وبين الذمي بالأولى .
والثاني يتوارثان لشمول الكفر لهما .
و .
ثالثها الرق وهو لغة العبودية والشيء الرقيق وشرعا عجز حكمي يقوم بالإنسان بسبب الكفر .
فعليه " لا يرث من فيه رق " من قن ومدبر ومكاتب وأم ولد ومبعض لأنه لو ورث لكان الملك للسيد وهو أجنبي من الميت .
واحتج السهيلي لذلك بقوله تعالى " يوصيكم الله في أولادكم " الآية فإن اللام فيه للملك والرقيق لا يملك .
وفي المبعض وجه أنه يرث بقدر ما فيه من الحرية وهو مخالف لنقل الشافعي في اختلاف الحديث الإجماع على عدم توريثه لأنه ناقص بالرق في النكاح والطلاق والولاية فلم يرث كالقن .
ولا يورث أيضا الرقيق كله كما صرح به في المحرر واستغنى المصنف عنه بقوله " والجديد أن من بعضه حر " إذا مات عن مال ملكه ببعضه الحر " يورث " عنه ذلك المال لأنه تام الملك عليه كالحر فيرثه عنه قريبه الحر أو معتق بعضه وزوجته ولا شيء لسيده لاستيفاء حقه مما اكتسبه بالرقية .
والقديم أنه لا يورث ويكون ما ملكه لمالك الباقي .
تنبيه : .
استثني من كون الرقيق لا يورث كافر له أمان وجبت له جناية حال حريته وأمانة ثم نقض الأمان فسبي واسترق وحصلت السراية بالموت في حال رقه فإن قدر الأرش من القيمة لورثته على الأصح .
قال الزركشي وليس لنا رقيق كله يورث إلا هذا .
و .
رابعها القتل فعليه " لا " يرث " قاتل " من مقتوله مطلقا لخبر الترمذي وغيره .
وليس للقاتل شيء أي من الميراث ولأنه لو ورث لم يؤمن أن يستعجل الإرث بالقتل فاقتضت المصلحة حرمانه ولأن القتل قطع الموالاة وهي سبب الإرث .
وسواء أكان القتل عمدا أم غيره مضمونا أم لا بمباشرة أم لا قصد مصلحته كضرب الأب ( 3 / 26 ) والزوج والمعلم أم لا مكرها أم لا .
وقيل إن لم يضمن .
بضم أوله أي القتل كأن وقع قصاصا أو حدا " ورث " القاتل لأنه قتل بحق ويحمل الخبر على غير ذلك المعنى .
تنبيه : .
قد يفهم كلام المصنف أن غير المضمون يمنع الإرث ولو بسبب وليس مرادا فإن المرأة لو ماتت من الولادة لم يضمنها مع أنه يرثها .
وقد يفهم أن المقتول يرث من قاتله ولا خلاف فيه كما قاله الدارمي وغيره وصورته بأن يخرج مورثه ثم يموت الجارح ثم يموت المجروح من تلك الجراحة .
و .
خامسها إبهام وقت الموت فعليه " لو مات متوارثان بغرق " أو حرق " أو هدم أو في " بلاد " غربة معا أو جهل أسبقهما " علم سبق أو جهل " لم يتوارثا " أي لم يرث أحدهما من الآخر لأن من شرط الإرث تحقق حياة الوارث بعد موت المورث كما مر وهو هنا منتف والجهل بالسبق صادق بأن يعلم أصل السبق ولا يعلم عين السابق وبأن لا يعلم سبق أصلا وصور المسألة خمس العلم بالمعية العلم بالسبق وعين السابق الجهل بالمعية والسبق الجهل بعين السابق مع العلم بالسبق التباس السابق بعد معرفة عينه .
ففي الصورة الأخيرة يوقف الميراث إلى البيان أو الصلح وفي الصورة الثانية تقسم التركة " و " في الثلاثة الباقية " مال " أي تركة " كل " من الميتين بغرق ونحوه " لباقي ورثته " لأن الله تعالى إنما يورث الأحياء من الأموات وهنا لا تعلم حياته عند موت صاحبه فلا يرث كالجنين إذا خرج ميتا ولأنا إن ورثنا أحدهما فقط فهو تحكم وإن ورثنا كلا من صاحبه تيقنا الخطأ لأنهما إن ماتا معا ففيه توريث ميت من ميت أو متعاقبين ففيه توريث من تقدم ممن تأخر وحينئذ فيقدر في حق كل ميت أنه لم يخلف الآخر .
تنبيه : .
كان الأولى التعبير بقوله لم يرث أحدهما من الآخر كعبارة التنبيه .
فإن استبهام تاريخ الموت مانع من الحكم بالإرث لا من نفس الإرث .
وقوله لم يتوارثا ليس بخاص فإنه لو كان أحدهما يرث من الآخر دون عكسه كالعمة وابن أخيها كان الحكم كذلك .
وحاصل ما ذكر المصنف من الموانع خمسة كما تقرر وأهمل الدور الحكمي وهو أن يلزم من توريثه عدم توريثه كما لو أقر الأخ بابن أخيه الميت فإنه يثبت نسبه ولا يرث وقد ذكره في الإقرار .
وقال ابن الهائم في شرح كافيته الموانع الحقيقية أربعة القتل والرق واختلاف الدين والدور وما زاد عليها فتسميته مانعا مجاز وقال في غيره إنها ستة الأربعة المذكورة والردة واختلاف العهد وأن ما زاد عليها مجاز .
وانتفاء الإرث معه لا لأنه مانع بل الانتفاء الشرط كما في جهل التاريخ أو السبب كما في انتفاء النسب وهذا أوجه .
وعد بعضهم من الموانع النبوة لخبر الصحيحين نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركنا صدقة .
والحكمة فيه أن لا يتمنى أحد من الورثة موتهم لذلك فيهلك .
وأن لا يظن بهم الرغبة في الدنيا وأن يكون ما لهم صدقة بعد وفاتهم توفيرا لأجورهم .
وتوهم بعضهم من كونها مانعة أن الأنبياء لا يرثون كما لا يورثون وليس كذلك فإن الناس في الإرث على أربعة أقسام منهم من يرث ويورث وعكسه فيهما ومنهم من يورث ولا يرث وعكسه .
فالأول كزوجين وأخوين .
والثاني كرقيق ومرتد .
والثالث كمبعض وجنين في غرته فقط فإنها تورث عنه لا غيرها .
والرابع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فإنهم يرثون ولا يورثون كما تقرر .
ولما فرغ من موانع الميراث شرع في موجبات التوقف عن الصرف في الحال وهي أربعة أحدها الشك في النسب ولم يذكره المصنف كأن يدعي اثنان ولدا مجهولا نسبه صغيرا كان أو مجنونا ويموت الولد قبل إلحاقه بأحدهما فيوقف ميراث كل منهما منه ويصرف للأم نصيبها إن كانت حرة وإن مات أحد المدعيين وقف ميراث الولد ويعمل في حق قريبه بالأسوأ .
الثاني والثالث والرابع الشك في الوجود والحمل والذكورة .
وبدأ بالأول من هذه الثلاثة فقال " ومن أسر " أي أسره كفار أو غيرهم " أو فقد وانقطع خبره " وله مال وأريد الإرث منه " ترك " أي وقف " ماله " ولا يقسم " حتى تقوم بينة بموته أو " ما يقوم مقام البينة بأن " تمضي مدة " يعلم أو " يغلب على الظن أنه ( 3 / 27 ) أي المفقود " لا يعيش فوقها " فلا يشترط القطع بأنه لا يعيش أكثر منها وإذا مضت المدة المذكورة " فيجتهد القاضي " حينئذ " ويحكم بموته " لأن الأصل بقاء الحياة فلا يورث إلا بيقين .
أما عند البينة فظاهر وأما عند مضي المدة مع الحكم فلتنزيله منزلة قيام البينة .
تنبيه : .
أفهم كلامه أن هذه المدة لا تتقدر وهو الصحيح .
وقيل مقدرة بسبعين سنة وقيل بثمانين وقيل بتسعين وقيل بمائة وقيل بمائة وعشرين لأنها العمر الطبيعي عند الأطباء وأنه لا بد من اعتبار حكم الحاكم فلا يكفي مضي المدة من غير حكم بموته لكن بحث الرافعي أن القسمة حيث وقعت بالحاكم تضمنت الحكم بموته ومقتضاه أن تصرف الحاكم حكم حتى لا يجوز نقضه وفي هذه المسألة اضطراب .
وقال السبكي في باب إحياء الموات الصحيح عندي وفاقا للقاضي أبي الطيب أنه ليس بحكم للشك .
ثم أشار لفائدة الحكم بقوله " ثم يعطي ماله من يرثه وقت " إقامة البينة أو " الحكم " بموته فإنه فائدة الحكم فمن مات قبل ذلك ولو بلحظة لم يرث منه شيئا لجواز موته فيها .
وقوله وقت كذا جزما به وفي البسيط قبيل الحكم .
قال السبكي ويشبه أن لا يكون خلافا محققا فإن الحكم إظهار فيقدر موته قبيله بأدنى زمان وقولهم من مات قبل الحكم بلحظة لم يرثه لا ينافي ما قلناه فإنه وإن لم يفصل بينهما زمان فكموتهما معا .
قال وهذا إذا أطلق الحكم .
فإن أسنده إلى ما قبله لكون المدة زادت على ما يغلب على الظن أنه لا يعيش فوقه وحكم بموته من تلك المدة السابقة فينبغي أن يعطي من كان وارثا له ذلك الوقت وإن كان سابقا على الحكم .
قال ولعله مرادهم وإن لم يصرحوا به اه " .
ومثل الحكم في ذلك البينة بل أولى .
ولا يدفع الحاكم منه إلا لوارث ذي فرض لا يسقط بيقين وهو الأبوان والزوج أو الزوجة .
تنبيه : .
أراد المصنف بغلبة الظن نفس الظن كما قاله بعض المحققين قال وإنما عبروا بهذه العبارة للتنبيه على أن الغلبة أي الرجحان مأخوذ في ماهية الظن .
ولما فرغ من حكم لإرث من المفقود شرح في حكم إرثه من غيره فقال " ولو مات من يرثه المفقود " قيل إقامة البينة أو الحكم بموته " وقفنا " كل التركة إن لم يكن له وارث غير المفقود وإلا وقفنا " حصته " فقط حتى يتبين أنه كان عند الموت حيا أو ميتا .
تنبيه : .
كان الأولى للمصنف أن يقول من يرث منه ليناسب قوله حصته كما علم من التقدير أو يقال إن حصته الكل أو البعض ولكن ينافيه قوله " وعملنا في الحاضرين بالأسوأ " فمن يسقط بالمفقود لا يعطى شيئا حتى يتبين حاله ومن ينقص منهم حقه بحياته أو موته قدر فيه موته ومن لا يختلف نصيبه بهما أعطيه فهذه ثلاثة أحوال فالأول كزوج مفقود وأختين لأب وعم حاضرين إن كان الزوج حيا للأختين أربعة من سبعة وسقط العم أو ميتا فلهما سهمان من ثلاثة والباقي للعم فيقدر في حقهم حياته .
والثاني كجد وأخ لأبوين وأخ لأب مفقود فيقدر في حق الجد حياته فيأخذ الثلث وفي حق الأخ للأبوين موته فيأخذ النصف ويبقى السدس إن تبين موته فللجد أو حياته فللأخ .
والثالث كابن مفقود وبنت وزوج حاضرين للزوج والربع بكل حال .
تنبيه : .
لو تلف الموقوف للغائب ثم حضر أخذ ما دفع للحاضرين وقسم ما بين الكل على حسب إرثهم كما صرحوا به في نظير المسألة وهو نظير مسألتي الحمل والخنثى إذا بانت حياة الحمل وذكورة الخنثى .
ثم شرع في السبب الثاني من أسباب التوقف وهو الشك في الحمل فقال " ولو خلف حملا يرث " بكل تقدير بعد انفصاله بأن مات عن زوجة حامل منه " أو قد يرث " على تقدير دون تقدير .
أما على تقدير الذكورة فكمن مات عن حمل زوجة أخيه لأبيه أو عمه أو معتقه فإن الحمل إن كان ذكرا في الصور الثلاث ورث وإلا فلا .
وأما على تقدير الأنوثة فكمن مات عن زوج وأخت شقيقة وحمل من الأب فإنه إن كان الحمل ذكرا لا يرث شيئا لاستغراق أهل الفرض المال وإن كان ( 3 / 28 ) أنثى فلها السدس .
عمل بالأحوط في حقه .
أي الحمل " وحق غيره " قبل انفصاله على ما سيأتي .
والحمل بفتح المهملة اسم لما في البطن وبكسرها اسم لما يحمل على رأس أو ظهر وحكى ابن دريد في حمل الشجرة وجهين .
ومر أن الحمل يرث قبل ولادته ولكن شرط استقرار ملكه للإرث ولادته حيا كما قال " فإن انفصل " كله " حيا لوقت يعلم وجوده عند الموت " أي موت مورثه بأن انفصل لدون ستة أشهر إذا كانت فراشا أو أقل من أكثر مدة الحمل إذا كانت خلية " ورث " لثبوت نسبه .
فلو انفصل بعضه حيا ثم مات فكانفصاله ميتا في الإرث وسائر الأحكام إلا في مسألتين كما قاله الإسنوي إحداهما في الصلاة عليه إذا صاح أو استهل ثم مات قبل أن ينفصل الثانية إذا حز إنسان رقبته أي وفيه حياة مستقرة كما قاله الأذرعي قبل أن ينفصل فيجب القصاص بشرطه أو الدية كما يعلم من بابها .
وتعلم الحياة مستقرة باستهلاله صارخا أو بعطاسه أو التثاؤب أو التقام الثدي أو نحو ذلك .
وإلا .
بأن انفصل ميتا بنفسه أو بجناية جان أو حيا حياة غير مستقرة أو حياة مستقرة لوقت لا يعلم وجوده عند الموت " فلا " يرث لأنه في الصورة الأولى معدوم وفي الثانية كالمعدوم وفي الثالثة منتف نسبه عن الميت .
بيانه .
أن يقال " إن لم يكن " في المسألة " وارث سوى الحمل أو كان " ثم " من " أي وارث " قد يحجبه " الحمل " وقف " في الصورتين " المال " وما ألحق به إلى انفصاله احتياطا .
وإن كان .
في المسألة " من " أي وارث " لا يحجبه " أي الحمل " وله " سهم " مقدر أعطية " حالة كونه " عائلا إن أمكن " في المسألة " عول كزوجة حامل وأبوين .
لها ثمن ولهما سدسان عائلات " بمثناة فوقه آخره أي الثمن والسدسان لاحتمال أن الحمل بنتان .
فأصل هذه المسألة من أربعة وعشرين وتعول لسبعة وعشرين فيدفع للزوجة منها ثلاثة وللأبوين ثمانية ويوقف الباقي .
فإن كان بنتين كان لهما أو ذكرا فأكثر أو ذكرا وأنثى فأكثر كمل للزوجة الثمن بغير عول وللأبوين السدسان كذلك والباقي للأولاد وتسمى هذه المسألة بالمنبرية لأن عليا رضي الله تعالى عنه كان يخطب على المنبر وكان أول خطبته الحمد لله الذي يحكم بالحق قطعا ويجزي كل نفس بما تسعى وإليه المآب والرجعى فسئل حينئذ عن هذه المسألة فقال ارتجالا صار ثمن المرأة تسعا ومضى في خطبته يعني أن هذه المرأة كانت تستحق الثمن فصارت تستحق التسع .
وإن لم يكن له .
أي من لا يحجبه الحمل سهم " مقدر كأولاد لم يعطوا " في الحال شيئا بناء على أن الحمل لا يتقدر بعدد وهو الصحيح لعدم انضباطه لأنه وجد خمس في بطن كما حكاه الشافعي رضي الله تعالى عنه أن شيخا باليمن أخبره أنه ولد له خمسة بطون في كل بطن خمسة واثني عشر في بطن قاله الشيخان .
وحكي الماوردي أنه وجد سبعة في بطن وأن من أخبره ذكر أنه صارع أحدهم فصرعه وكان يعير به ويقال صرعك سبع رجل .
وحكي في المطلب عن القاضي الحسين عن محمد عن الهيثم أن بعض سلاطين بغداد أتت زوجته بأربعين ولدا في بطن كل واحد منهم مثل الأصبع وأنهم عاشوا وركبوا الخيل مع أبيهم في بغداد .
قال الأذرعي وفي هذا بعد اه " .
ولا بعد فيه ولا في أكثر منه فإن قدرة الله تعالى لا يعجزها شيء .
وقيل أكثر الحمل أربعة .
بحسب الوجود عند قائله لأنه يتبع في مثله الوجود كما في الحيض .
وهذا أكثر ما وجد عند هذا القائل .
وحينئذ " فيعطون " أي الأولاد " اليقين " أي فيوقف ميراث أربعة ويقسم الباقي وتقدر الأربعة ذكورا مثاله خلف ابنا وزوجة حاملا فلها الثمن ولا يدفع للابن شيء على الأول ويدفع إليه خمس الباقي على الثاني وعليه يتمكن الذين صرف إليهم حصتهم من التصرف فيها على أصح الوجهين وإلا لم تدفع إليهم .
ثم شرع في السبب الثالث من أسباب التوقف .
وهو الشك في الذكورة .
فقال " والخنثى المشكل " أي الملتبس أمره وهو بضم أوله وكسر ثالثه مأخوذ ( 3 / 29 ) من قولهم تخنث الطعام إذا اشتبه أمره فلم يخلص طعمه المقصود وشارك طعم غيره سمي الخنثى بذلك لاشتراك الشبهين فيه وهو على ضربين أحدهما أن لا يكون له فرج رجل ولا فرج امرأة بل يكون له ثقبة يخرج منها البول ولا يشبه فرج واحد منهما .
الثاني وهو أشهرهما ما له آلة الرجال والنساء .
إن لم يختلف إرثه .
بذكورته وأنوثته " كولد أم ومعتق فذاك " ظاهر فيدفع إليه نصيبه .
وإلا .
بأن اختلف إرثه بهما " فيعمل باليقين في حقه " أي الخنثى " و " في " حق غيره ويوقف المشكوك فيه حتى يتبين " حاله ولو بإخباره .
ولا دلالة على اتضاحه بمعنى الضرب الأول للبول فيه بل يوقف أمره حتى يصير مكلفا فيختبر بمثله قاله البغوي ونقله عند المصنف في مجموعه .
قال الإسنوي ولا ينحصر ذلك في الميل بل يعرف أيضا بالحيض والمني المتصف بصفة أحد النوعين .
وأما بمعنى الضرب الثاني فيتضح بالبول من فرج فإن بال من فرج الرجال فرجل أو من فرج النساء فامرأة أو منهما فالسبق لأحدهما .
فإن اتفقا ابتداء اتضح بالتأخر لا الكثرة وتزريق وترشيش فإن اتفقا ابتداء وانقطاعا وزاد أحدهما أو زرق أو رشش فلا اتضاح .
ويتضح أيضا بحيض وإمناء إن لاق بواحد من الفرجين وسواء أخرج منه أم منهما بشرط التكرر .
ولو بال أو أمني بذكره وحاض بفرجه أو بال بأحدهما وأمنى بالآخر فمشكل ولا أثر للحية ولا لنهود ثدي ولا لتفاوت أضلع .
فإن عدم الدال السابق اختبر بعد بلوغ وعقل فإن مال بإخباره إلى النساء فرجل أو إلى الرجال فامرأة .
ولا يكفي إخباره قبل بلوغه وعقله ولا بعدهما مع وجود شيء من العلامات السابقة لأنها محسوسة معلومة الوجود وقيام الميل غير معلوم فإنه ربما يكذب في إخباره .
والذي يتصور أن يكون خنثى من الورثة ثمانية الولد وولده الابن والأخ وولده والعم وولده والمعتق وعصباته .
قال الصيمري ومن ألقى عليك أبا خنثى أو أم خنثى فقد ألقى محالا .
قال ابن المنذر وقد أجمع كل من يحفظ عنه العلم أن الخنثى يرث من حيث يبول وروي مرفوعا عن النبي A لكنه ضعيف .
فإن ورث على أحد التقديرين دون الآخر لم يدفع إليه شيء ووقف ما يرثه على ذلك التقدير ففي زوج وأب وولد خنثى للزوج الربع وللأب سدس وللخنثى النصف ويوقف الباقي بينه وبين الأب .
وفي ولد خنثى وأخ يصرف إلى الولد النصف ويوقف الباقي .
وفي ولد خنثى وبنت وعم يعطى الخنثى والبنت الثلثين بالسوية ويوقف الباقي الخنثى والعم فإن مات مشكلا تعين الاصطلاح .
ولو اتفق الذين وجد المال بينهم على تساو أو تفاوت جاز أي إذا لم يكن فيهم محجور عليه وإلا فلا يجوز للولي أن يصالح عنه بأنقص مما يستحقه .
قال الإمام ولا بد أن يجري بينهم تواهب وإلا لبقي المال على صورة التوقف وهذا التواهب لا يكون إلا عن جهالة لكنها تحتمل للضرورة .
ولو أخرج بعضهم نفسه من البين ووهبه لهم على جهل بالحال جاز أيضا كما قالاه .
ومن اجتمع فيه جهتا فرض وتعصيب كزوج وهو معتق أو .
زوج هو " ابن عم ورث بهما " فيأخذ النصف بالزوجية والآخر بالولاء أو بنوة العم لأنه وارث بسببين مختلفين فأشبه ما لو كانت القرابتان في شخصين .
واحترز بقوله جهتا فرض عن الأب حيث يرث بالفرض والتعصيب فإنه بجهة واحدة وهي الأبوة " قلت " أخذا من الرافعي في الشرح " فلو وجد في نكاح المجوس أو الشبهة بنت هي أخت " لأب بأن وطىء بنته فأولدها بنتا ثم ماتت العليا فقد خلفت أختا من أب وهي بنتها " ورثت بالبنوة " فقط .
وقيل بهما .
أي البنوة والأخوة " والله أعلم " فتستغرق المال إذا انفردت .
ورد بأنهما قرابتان يورث بكل منهما منفردين فيورث بأقواهما مجتمعين لأنهما كالأخت لأبوين لا ترث النصف بأخوة الأب والسدس بإخوة الأم .
وهذا استدراك على قول المحرر في جهتي الفرض والتعصيب ورث بهما ولذلك استغنى أن يقول في الأخت لأب .
وهذا الاستدراك مستدرك إذ ليس مع الأخت في هذه الصورة بنت حتى تكون الأخت مع البنت عصبة وإنما الأخت نفسها هي البنت فكيف تعصب نفسها ( 3 / 30 ) .
تنبيه : .
لو ذكر المصنف عبارة المحرر لم يحتج لهذه الزيادة .
لأنه قال وإذا اجتمعت قرابتان لا يجتمعان في الإسلام قصدا لم يرث بهما وذلك يشمل الفرضين والفرض والتعصيب وإن كان مثاله يخص الثاني .
واحترز بقوله قصدا عن وطء الشبهة فإنهما يجتمعان .
ولو اشترك اثنان في جهة عصوبة وزاد أحدهما .
على الآخر " بقرابة أخرى كابني عم أحدهما أخ لأم فله السدس " فرضا " والباقي بينهما " سواء بالعصوبة .
وصورة هذه المسألة أن يتعاقب أخوان على امرأة وتلد لكل واحد منهما ابنا ولأحدهما ابن من غيرها فابناه ابنا عم الآخر وأحدهما أخوه لأمه .
فلو كان معهما .
أي ابني العم المذكورين " بنت فلها نصف والباقي بينهما سواء " لأن إخوة الأم تسقط بالبنت .
وقيل يختص به .
أي الباقي " الأخ " كما قال ابن الحداد لأن البنت منعت من الأخذ بقرابة الأم وإذا لم تأخذ بها ترجحت عصوبته كأخ لأبوين مع أخ لأب .
ومن اجتمع فيه جهتا فرض ورث بأقواهما فقط .
لا بهما لما سبق والقوة بأن تحجب إحداهما الأخرى " حجب حرمان " أو نقصان " أو " بأن " لا تحجب " إحداهما أصلا بالبناء للمفعول بخطه والأخرى قد تحجب .
أو .
بأن تحجب ولكن " تكون " إحداهما " أقل حجبا " فهنا ثلاثة أمور " ف " .
الأمر " الأول " وهو حجب الحرمان " كبنت هي أخت لأم بأن يطأ مجوسي " أمه أو مسلم بشبهة أمه " فتلد بنتا " فترث هذه البنت من أبيها بالبنتية لا بالأختية لأن أخوة الأم ساقطة بالبنتية ولا تكون هذه الصورة إلا والميت رجل .
ومن صور حجب النقصان أن ينكح المجوسي بنته فتلد بنتا ويموت فقد خلف بنتين إحداهما زوجة فلهما ثلثا ما ترك ولا عبرة بالزوجية لأن البنت تحجب الزوجة من الربع إلى الثمن .
و .
الأمر " الثاني " وهو أن لا تحجب إحداهما أصلا " كأم هي أخت لأب بأن يطأ " من ذكر " بنته فتلد بنتا " ثم تموت فترث والدتها منها بالأمومة لا بالأختية للأب لأن الأم لا تحجب حرمانا أصلا والأخت تحجب .
و .
الأمر " الثالث " وهو أن تكون إحداهما أقل حجبا " كأم أم هي أخت " لأب " بأن يطأ " من ذكر " هذه البنت الثانية فتلد ولدا فالأولى " أي البنت الأولى نسبتها لهذا الولد " أم أمه وأخته " لأبيه فإذا مات الولد ورثت منه البنت الأولى بالجدودة دون الأختية لأن الجدة للأم أقل حجبا من الأخت لأن الجدة لا يحجبها إلا الأم وأما الأخت فيحجبها جماعة كما مر .
ولا يورثوهن بالزوجية قطعا لبطلانها كما قاله الشيخان هنا لكنهما ما حكيا عن البغوي في كتاب النكاح أن منهم من بنى التوارث على الخلاف في صحة أنكحتهم .
تنبيه : .
سكت المصنف عن اجتماع عصوبتين في شخص كأخ هو معتق لقلة فائدته لأن إحدى الجهتين تغني عن الأخرى