أو كفره بتبعية الدار وغيرها " إذا وجد لقيط بدار الإسلام " بأن سكنها المسلمون " و " إن كان " فيها أهل ذمة " أو معاهدون كما قاله الماوردي وغيره " أو " وجد لقيطا " بدار فتحوها " أي المسلمون " وأقروها " قبل ملكها " بيد كفار صلحا " أي على جهته " أو " أقرها المسلمون بيد كفار " بعد ملكها " عنوة " بجزية " أو كانوا يسكنونها ثم جلاهم الكفار عنها " وفيها مسلم " في الصور الأربع يمكن أن يولد للمسلم ذلك اللقيط ولو كان المسلم أسيرا منتشرا أو تاجرا أو مجتازا أو نفاه " حكم بإسلام اللقيط " في المسائل الأربع تغليبا للإسلام وفي مسند الإمام أحمد و الدارقطني الإسلام يعلو ولا يعلى عليه .
تنبيه : .
قوله وفيها أهل ذمة ليس بقيد كما يعلم مما قدرته تبعا للروضة .
وقضية كلامه أن يحكم بإسلام اللقيط في دار الإسلام مطلقا وإن لم يكن فيها مسلم وليس مرادا كما يعلم مما قدرته أيضا فقد قال الدارمي إنما يحكم بإسلامه إذا كان في القرية مسلم أما لو كان جميع من فيها كفارا فهو كافر .
وقضية كلامه أيضا أن المعطوف على دار الإسلام ليس دار إسلام وليس مرادا فقد صرح في أصل الروضة أن الجميع دار إسلام .
وإذا وجد اللقيط بدار الإسلام ولا مشرك فيها كالحرم فهو مسلم ظاهرا وباطنا كما قاله الماوردي وإلا ففي الظاهر " وإن وجد " اللقيط " بدار كفار " وهي دار الحرب " فكافر " ذلك اللقيط " إن لم يسكنها مسلم " إذ لا مسلم يحتمل إلحاقه به .
ثم إن كان أهل البقعة مللا جعل من أقربهم إلى الإسلام .
تنبيه : .
ظاهر كلامه أن المجتاز لا أثر له لكن قال الفوراني إذا اجتاز بها مسلم فهو مسلم .
ويؤخذ مما مر أنه إن أمكن كونه منه فهو مسل وإلا فلا .
وإن سكنها مسلم كأسير .
وتاجر يمكن أن يكون ولده " فمسلم في الأصح " تغليبا للإسلام فإن أنكره ذلك المسلم قبل في نفي نسبه دون إسلامه كما مرت الإشارة إليه .
والثاني كافر تغليبا للدار .
تنبيه : .
قال الإمام الخلاف في أسير ينتشر إلا أنه ممنوع من الخروج من البلد أما المحبوس في المطمورة فيتجه أنه لا أثر له كما لا أثر للمجتاز اه .
وهو ظاهر كما قاله بعض المتأخرين إذا لم يكن في المحبوسين امرأة .
وحاصله حيث أمكن كونه منه حكم بإسلامه فلا بد أن يكون المسلم بها وقت العلوق .
أما إذا طرقها مسلم ثم بعد شهر مثلا وجد بها منبوذ لا يحكم بإسلامه لاستحالة كونه منه .
ولو وجد اللقيط ببرية فمسلم حكاه شارح التعجيز عن جده وهو ظاهر إذا كانت برية دارنا أو برية لا يد لأحد عليها أما برية دار الحرب لا يطرقها مسلم فلا .
وولد الذمية من الزنا ليس بمسلم قال ابن حزم الظاهر مسلم والظاهر كما قال شيخي خلافه لأن هذا مقطوع النسب عنه وسيأتي التنبيه : على ذلك .
و .
تبعية الدار ضعيفة وحينئذ " من حكم بإسلامه بالدار فأقام ذمي " أو معاهد أو مستأمن كما قاله الزركشي " بينة بنسبه لحقه " لأنه كالمسلم في النسب " وتبعه في الكفر " وارتفع ما ظنناه من إسلامه لأن الدار حكم باليد والبينة أقوى من اليد المجردة هذا إن شهد عدلان وإن شهد أربعة من النسوة ففي الحكم بتبعيته في الكفر وجهان حكاهما الدارمي وكذا لو ألحقه القائف .
ويؤخذ من العلة التبعية ومن قوله " وإن اقتصر على الدعوى " بأنه إبنه " فالمذهب أنه لا يتبعه في الكفر " وإن لحقه في النسب لأنا حكمنا بإسلامه فلا تغير بمجرد دعوى كافر ويجوز كونه ولده من مسلمة بوطء شبهة ويحال ( 2 / 423 ) بينهما كما يحال بين الصبي المميز إذا وصف الإسلام وبين أبيه وسيأتي هل ذلك واجب أو مندوب .
والطريق الثاني فيه قولان ثانيهما يتبعه في الكفر كالنسب .
ويحكم .
أيضا " بإسلام الصبي بجهتين أخريين " غير تبعية الدار " لا تفرضان في اللقيط " وإنما ذكرا في بابه استطرادا .
إحداهما .
وهي أقواهما " الولادة فإذا كان أحد أبويه مسلما وقت العلوق فهو " أي الصبي أي الصغير الشامل للأنثى والخنثى " مسلم " بإجماع وتغليبا للإسلام ولا يضر ما يطرأ بعد العلوق منهما من درجة .
فإن بلغ .
الصغير المسلم بالتبعية لأحد أبويه " ووصف كفرا " بأن أعرب به عن نفسه كما في المحرر " فمرتد " لأنه مسلم ظاهرا وباطنا .
ولو علق بين كافرين ثم أسلم أحدهما .
قبل بلوغه " حكم بإسلامه " حالا سواء أسلم أحدهما قبل وضعه أم بعده قبل تمييزه أم بعده وقبل بلوغه لقوله تعالى " والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم " .
تنبيه : .
قول المصنف ثم أسلم أحدهما بوهم قصره على الأبوين وليس مرادا بل في معنى الأبوين الأجداد والجدات وإن لم يكونوا وارثين وكان الأقرب حيا .
فإن قيل إطلاق ذلك يقتضي إسلام جميع الأطفال بإسلام أبيهم آدم E .
أجيب بأن الكلام في جد يعرف النسب إليه بحيث يحصل بينهما التوارث وبأن التبعية في اليهودية والنصرانية حكم جديد وإنما أبواه يهودانه أو ينصرانه .
والمجنون المحكوم عليه بكفره كالصغير في تبعية أحد أصوله في الإسلام إن بلغ مجنونا وكذا إن بلغ عاقلا ثم جن في الأصح .
وتقدم عن ابن حزم الظاهري أن المسلم إذا زنى بكافرة يكون الولد مسلما يرده قولهم أسلم أحد أبويه وهذا ليس كذلك .
ويدخل في قول المصنف بين كافرين الأصليان والمرتدان على ترجيحه من أن ولد المرتدين مرتد كما سيأتي في كتاب الردة أما على ترجيح الرافعي من أنه مسلم فلا يدخل ذلك .
فإن بلغ ووصف .
بعد بلوغه " كفرا فمرتد " في الأظهر لسبق الحكم بإسلامه فأشبه من أسلم بنفسه ثم ارتد .
وفي قول كافر أصلي .
لأنه كان محكوما بكفره وأزيل ذلك الحكم بالتبعية فإذا استقل انقطعت فيعتبر بنفسه .
تنبيه : .
محل الخلاف المذكور إذا لم يصدر منه بعد البلوغ وصف الإسلام فإن وصفه ثم وصف الكفر فمرتد قطعا .
وعلى القول الأول لا تنقض الأحكام الجارية عليه قبل الحكم بردته من إرث وغيره من الأحكام حتى لا يرد ما أخذه من تركة قريبه المسلم ولا يأخذ من تركة قريبه الكافر ما حرمناه منه ولا يحكم بأن إعتاقه عن الكفارة لم يقع مجزئا لأنه كان مسلما باطنا وظاهرا بخلاف ما إذا قلنا إنه كافر أصلي فإن مات قبل البلوغ وقبل الإفصاح بشيء لم ينقض ما حكم به من أحكام إسلامه في الصبا بخلاف ما إذا قلنا إنه كافر أصلي لو أعرب بالكفر وإن حكم بإسلامه تبعا للدار فبلغ وأفصح بالكفر فأصلي لا مرتد فيقر على كفره وينقض ما أمضيناه من أحكام الإسلام مما جرى في الصغر وبعد البلوغ وقبل الإفصاح بشيء وهذا معنى قولهم تبعية الدار ضعيفة الجهة .
الثانية إذا سبى مسلم طفلا .
أو مجنونا " تبع السابي " له " في الإسلام " فيحكم بإسلامه ظاهرا وباطنا " إن لم يكن معه أحد أبويه " لأن له عليه ولاية وليس معه من هو أقرب إليه منه فتبعه كالأب .
قال الإمام وكأن السابي لما أبطل حريته قلبه قلبا كليا فعدم عما كان وافتتح له وجود تحت يد السابي وولاية فأشبه تولده بين الأبوين المسلمين وسواء أكان السابي بالغا عاقلا أم لا أما إذا سبي مع أحد أبويه فإنه لا يتبع السابي جزما ومع كون أحد أبوي الطفل معه أن يكونا في جيش واحد وغنيمة واحدة لا أن مالكهما واحد بل يتبع أحد أبويه في دينه وإن اختلف سابيهما لأن تبعة الأصل أقوى من تبعية السابي فكان أولى بالإستتباع ( 2 / 424 ) ولا يؤثر موت الأصل بعد لأن التبعية إنما تثبت في ابتداء السبي .
ولو سباه ذمي .
وحمله كما قال البغوي إلى دار الإسلام أو مستأمن كما قاله الدارمي " لم يحكم بإسلامه في الأصح " لأن كونه من أهل دار الإسلام لم يؤثر فيه ولا في أولاده فكيف يؤثر في مسبيه ولأن تبعية الدار إنما تؤثر في حق من لا يعرف حاله ولا نسبه نعم هو على دين سابيه كما ذكره الماوردي وغيره .
والثاني يحكم بإسلامه تبعا للدار .
تنبيه : .
استشكل حكاية المصنف الخلاف بأن الذمي إذا انفرد بأخذه بأن سرقه وقلما يختص به ولا يخمس فينبغي القطع بالأصح وإن قلنا إنه غنيمة للمسلمين وهو المذهب ويد الذمي نائبة عنهم فينبغي القطع بإسلامه وجوز ابن الرفعة جريان الخلاف في هذه الحالة لتعارض يده وحقهم .
ولو سباه مسلم وذمي حكم بإسلامه تغليبا لحكم الإسلام ذكره القاضي وغيره .
ولو سبى الذمي الصبي أو المجنون وباعه لمسلم أو باعه المسلم الذي سباه مع أحد أبويه في جيش واحد ولو دون أبويه من مسلم لم يتبع المشتري لفوات وقت التبعية لأنها إنما تثبت ابتداء .
ولو بلغ المحكوم بإسلامه تبعا للسابي ووصف كفرا كان كالمحكوم بإسلامه تبعا لأحد أصوله .
ولو جنى اللقيط بإسلامه خطأ أو شبه عمد فموجبها في بيت المال إذ ليس له عاقلة خاصة أو عمدا وهو بالغ عاقل اقتص منه وإلا فالدية مغلظة في ماله كضمان ماله أتلفه فإن لم يكن مال ففي ذمته .
وإن قتل خطأ أو شبه عمد ففيه دية كاملة عملا بظاهر الحرية توضع في بيت المال وأرش طرقه له .
وإن قتل عمدا فللإمام أن يعفو على مال لا مجانا لأنه خلاف مصلحة المسلمين أو يقتص لا بعد البلوغ وقبل الإفصاح بالإسلام بل تجب ديته كما صححه المصنف وصوبه في المهمات ويقتص لنفسه في الطرف إن أفصح بالإسلام بعد بلوغه فيحبس قاطعه قبل البلوغ له إلى البلوغ والإفاقة ويأخذ الولي ولو حاكما لا وصي الأرش لمجنون فقير لا لغني ولا لصبي غني أو فقير فلو أفاق المجنون وأراد رد الأرش ليقتص منه منع .
ولما فرغ المصنف من إسلام التبعية شرع في إسلام المباشر فقال " ولا يصح إسلام صبي مميز استقلالا على الصحيح " المنصوص في القديم والجديد كما قاله الإمام لأنه غير مكلف فأشبه غير المميز والمجنون وهما لا يصح إسلامهما اتفاقا كما سيأتي ولأن نطقه بالشهادتين إما خبر وإما إنشاء فإن كان خبرا فخبره غير مقبول وإن كان إنشاء فهو كعقوده وهي باطلة .
والثاني يصح إسلامه حتى يرث من قريبه المسلم لأنه A دعا عليا رضي الله تعالى عنه إلى الإسلام قبل بلوغه فأجابه ولأنه لا يلزم من كونه غير مكلف به أنه لا يصح منه كالصلاة والصوم وسائر العبادات قال المرعشي وهو الذي أعرفه في مذهب الشافعي .
وأجاب الأول عن قصة علي رضي الله تعالى عنه بأنه كان بالغا عند إسلامه كما نقله القاضي أبو الطيب عن الإمام أحمد رضي الله تعالى عنه فعلى تقدير ثبوته فلا كلام وعلى عدم تقديره فقد ذكر البيهقي في المعرفة أن الأحكام إنما صارت معلقة بالبلوغ بعد الهجرة قال السبكي وهو صحيح لأن الأحكام إنما أنيطت بخمسة عشر عام الخندق فقد تكون منوطة قبل ذلك بسن التمييز والقياس على الصلاة ونحوها لا يصح لأن الإسلام لا ينتفل به وعلى هذا يحال بينه وبين أبويه الكافرين لئلا يفتنوه وهذه الحيلولة مستحبة على الصحيح في الشرح والروضة هنا فيتلطف بوالديه ليؤخذ منهما فإن أبيا فلا حيلولة وقيل إنها واجبة واختاره السبكي احتياطا للإسلام .
ولا تمنعه من الصلاة والصوم وغيرهما من العبادات كما قاله الزركشي أخذا من كلام الشافعي .
ويدخل بإسلامه الجنة إذا أسره كما أظهره ويعبر عنه بصحة إسلامه باطنا لا ظاهرا أي بالنسبة إلى الآخرة دون الدنيا .
فإن بلغ ثم وصف الكفر هدد وطولب بالإسلام فإن أصر رد إليهما .
واحترز المصنف بالمميز عن غيره من صبي ومجنون فلا يصح إسلامهما قطعا وأنه يصح إسلام المكلف بالنطق للناطق والإشارة للعاجز عن النطق قطعا وكالمكلف المتعدي بسكر .
وفي أطفال الكفار إذا ماتوا ولم يتلفظوا بالإسلام خلاف منتشر والأصح أنهم يدخلون الجنة لأن كل مولود يولد على الفطرة فحكمهم حكم الكفار في الدنيا فلا يصلى عليهم ولا يدفنون في مقابر المسلمين وحكمهم حكم المسلمين في الآخرة لما مر ( 2 / 425 )