فعيل بمعنى مفعول كجريح وقتيل ويسمى ملقوطا باعتبار أنه يلقط ومنبوذا باعتبار أنه ينبذ إذا ألقي في الطريق ونحوه ويسمى دعيا أيضا .
والأصل فيه مع ما يأتي قوله تعالى " وتعاونوا على البر والتقوى " وقوله تعالى ( 2 / 418 ) وافعلوا الخير " .
وأركان اللقيط الشرعي ثلاثة التقاط ولقيط وملتقط .
وقد بدأ بالركن الأول فقال " التقاط " أي أخذ " المنبوذ " بالمعجمة " فرض كفاية " لقوله تعالى " ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا " إذ بإحيائها يسقط الحرج عن الناس فإحياؤهم بالنجاة من العذاب ولأنه آدمي محترم فوجب حفظه كالمضطر إلى طعام غيره بل أولى لأن البالغ العاقل ربما احتال لنفسه .
وفارق اللقطة حيث لا يجب التقاطها بأن المغلب عليها الإكتساب والنفس تميل إليه فاستغنى بذلك عن الوجوب كالنكاح والوطء فيه .
فلو لم يعلم بالمنبوذ إلا واحد لزمه أخذه فلو لم يلتقطه حتى علم به غيره فهل يجب عليهما كما لو علما معا أو على الأول فقط أبدى ابن الرفعة فيه احتمالين قال السبكي والذي يجب القطع به أنه يجب عليهما .
ويجب الإشهاد عليه .
أي التقاطه " في الأصح " وإن كان ظاهر العدالة خوفا من أن يسترقه .
والثاني لا يجب اعتمادا على الأمانة كاللقطة .
وأجاب الأول بأن الغرض منها المال والإشهاد في التصرف المالي مستحب ومن اللقيط حريته ونسبه فوجب الإشهاد كما في النكاح وبأن اللقطة يشيع أمرها بالتعريف ولا تعريف في اللقيط ويجب الإشهاد أيضا على ما معه تبعا له ولئلا يتملكه .
وقيد الماوردي وجوب الإشهاد عليه وعلى ما معه بالملتقط بنفسه .
أما من سلمه الحاكم له فالإشهاد مستحب له فقط قال شيخنا وهو ظاهر .
وأما الركن الثاني وهو اللقيط فهو صغير منبوذ في شارع أو مسجد أو نحو ذلك لا كافل له معلوم ولو مميزا لحاجته إلى التعهد .
وإن أفهم التعبير بالمنبوذ اختصاصه بغير المميز فإن المنبوذ وهو الذي ينبذ دون التمييز ونبذه في الغالب إما لكونه من فاحشة خوفا من العار أو للعجز عن مؤنته فإن فقد النبذ رد إلى القاضي لقيامه مقام كافله فيسلمه إلى من يقوم به كما يقوم بحفظ مال الغائبين أو وجد له كافل ولو ملتقطا رد إليه .
وخرج بالصبي البالغ لاستغنائه عن الحفظ .
نعم المجنون كالصبي وإنما ذكروا الصبي لأنه الغالب قاله السبكي وغيره .
ثم شرع في الركن الثالث وهو الملتقط فقال " وإنما تثبت ولاية الإلتقاط " أي حضانة اللقيط " لمكلف حر " ذكر أو أنثى ولكن الإناث أليق بها .
غني أو فقير " مسلم " إن كان اللقيط محكوما بإسلامه " عدل " لأنها ولاية على الغير فاعتبر فيها الأوصاف المذكورة كولاية القضاء فإن كان محكوما بكفره بالدار فللكافر التقاطه لأنه من أهل الولاية عليه .
تنبيه : .
مقتضى كلامهم جواز التقاط اليهودي للنصراني وعكسه وهو كذلك كالإرث وإن قال ابن الرفعة لم أره منقولا .
وقوله " رشيد " مستغنى عنه بعدل كما يستغنى عن مكلف بعدل ومراده العدالة الباطنة والظاهرة ليدخل المستور كما يؤخذ من قوله الآتي .
ويقدم عدل على مستور ولا تفتقر ولاية الإلتقاط إلى إذن الحاكم لكن يستحب دفعه إليه .
نعم لو وجده فأعطاه غيره لم يجز حتى يدفعه إلى الحاكم كما قاله الدارمي .
ثم شرع في ذكر محترزات ما تقدم فذكر محترز حر في قوله " ولو التقط " رقيق " عبد " أو أمة مدبر أو معلق عتقه بصفة أو أم ولد أو مكاتب " بغير إذن سيده انتزع " اللقيط " منه " لأن الحضانة تبرع وليس هو من أهلها " فإن علمه " أي السيد " فأقره عنده أي التقط بإذنه فالسيد " هو " الملتقط " وهو نائبه في الأخذ والتربية إذ يده كيده ولا بد أن يكون أهلا للترك في يده .
قال الماوردي وهذا قبل الرفع إلى الحاكم أما بعده فيدفعه إلى من يراه إذ لا حق للسيد فيه اه .
وفي الحالة الثانية نظر إذ السيد هو الملتقط .
ولو قال السيد للمكاتب التقط لي فالسيد هو الملتقط وهو المبعض إذا التقط في نوبته وجهان أصحهما عدم الصحة كما قاله الروياني لأن الحضانة ولاية ولا ولاية للمبعض بخلاف اللقطة فإن لم يكن بينه وبين السيد مهايأة أو التقط في نوبة السيد فالتقاطه كالقن كما صرح به الماوردي وذكر محترز مكلف عدل رشيد في قوله " ولو التقط صبي " أو مجنون " أو فاسق أو محجور عليه " بسفه " أو كافر مسلما انتزع منه " لعدم أهلية الصبي والمجنون وتهمة الفاسق ( 2 / 419 ) والمحجور عليه بسفه وعدم ولاية الكافر على المسلم والمنتزع منهم هو الحاكم كما قاله شارح التعجيز .
وخرج ب مسلم المحكوم بكفره فإنه يقر بيده كما مر وكذا بيد المسلم كما سيأتي .
ولو ازدحم اثنان .
كل منهما أهل لالتقاطه " على أخذه " متعلق ب ازدحم وذلك بأن يقول كل منهما أنا آخذه " جعله الحاكم عند من يراه منهما أو " عند من يراه " من غيرهما " لأنه لا حق لهما قبل أخذه فيفعل الأحظ له .
وإن سبق واحد .
منهما " فالتقطه منع الآخر من مزاحمته " لقوله A من سبق إلى ما لم يسبق إليه أحد فهو أحق به رواه أبو داود .
وخرج بقوله فالتقطه ما لو سبق إلى الوقوف عنده ولم يأخذه فإنه لا حق له .
وإن التقطاه معا .
أي في زمن واحد وإن لم يجب ذلك في معنى مع لأنها تأتي بمعنى جميع " وهما أهل " لالتقاطه " فالأصح أنه يقدم غني على فقير " لأنه قد يواسيه بماله .
ولو تفاوتا في الغنى لم يقدم أغناهما .
نعم لو كان أحدهما بخيلا والآخر جوادا فقياس تقديم الغني أن يقدم الجواد لأن حفظ اللقيط عنده أكثر وظاهر أنه يقدم الغني على الفقير وإن كان الغني بخيلا .
والثاني يستوي الغني والفقير لأن نفقة اللقيط لا تجب على ملتقطه .
و .
يقدم " عدل " باطنا بكونه مزكى عند حاكم " على مستور " أي عدل ظاهرا بأن لم يعلم فسقه ولم يعلم تزكيته عند حاكم أما العدل عند الله فلا يعلمه إلا الله .
ويقدم الحر على المكاتب لكماله والبلدي على البدوي .
ويستوي المسلم والكافر في التقاط المحكوم بكفره وقيل يقدم المسلم وقيل الكافر ولا تقدم المرأة على الرجل وإن قدمت في الحضانة .
تنبيه : .
لو ازدحم على أخذ لقيط ببلد أو قرية ظاعن إلى بادية أو قرية وآخر مقيم فالمقيم أولى لأنه أرفق به وأحوط لنسبه لا على ظاعن يظعن به إلى بلد أخرى بل يستويان بناء على أنه يجوز للمنفرد نقله إلى بلده كما سيأتي .
واختار المصنف تقديم قروي مقيم بالقرية على بلدي ظاعن ونقله عن ابن كج لكن منقول الأصحاب أنهما مستويان كما نقله هو تبعا للرافعي .
ويقدم حضري على بدوي إذا وجداه بمهلكة ويستويان فيه إذا وجداه بمحلة أو قبيلة أو نحو ذلك .
قال الأذرعي ويقدم البصير على الأعمى والسليم على المجذوم والأبرص إن قيل بأهليتهم للإلتقاط .
فإن استويا .
في الصفات المعتبرة وتشاحا " أقرع " بينهما على النص لعدم الأولوية ولو كان اللقيط مميزا واختار أحدهما بخلاف تخيير الصبي المميز بين أبويه لتعويلهم ثم على الميل الناشىء عن الولادة وهو معدوم هنا .
ولا يهايأ بينهما للإضرار باللقيط ولا يترك في يدهما لتعذر أو تعسر الاجتماع على الحضانة .
وقد كانت القرعة في الكفالة في شرع من قبلنا في قصة مريم قال تعالى " إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم " أي اقترعت الأحبار على كفالتها بإلقاء أقلامهم ولم يرد في شرعنا ما يخالفه وتقدم الكلام على ذلك هل يكون شرعا لنا أم لا .
وليس للقارع ترك حقه للآخر وإن خالف في ذلك الماوردي كما أنه ليس للمنفرد نقله إلى غيره ولو ترك حقه قبل القرعة انفرد به الآخر .
وإذا وجد بلدي .
أو قروي أو بدوي " لقيطا ببلد " أو قرية " فليس له نقله إلى بادية " لخشونة عيشها وتفويت العلم والدين والصنعة وقيل لضياع النسب ولا فرق بين السفر به للنقلة وغيرها كما قال المتولي وأقراه .
نعم لو قربت البادية من البلد أو القرية بحيث يسهل المراد منها جاز النقل إليها لانتفاء العلة صرح به في أصل الروضة .
ويمتنع أيضا نقله من بلدة إلى قرية لما مر .
تنبيه : .
البادية خلاف الحاضرة لأن الحاضرة المدن والقرى والريف والقرية هي العمارة المجتمعة فإن كبرت سميت بلدا وإن عظمت سميت مدينة والريف هي الأرض التي فيها زرع وخصب .
والأصح أن له .
أي الملتقط " نقله " أي اللقيط " إلى بلد آخر " بناء على العلة الأولى سواء كانت وطن الملتقط أم لا سافر إليها لنقلة أم لا كما يقتضيه إطلاقه وصرح به المتولي .
والثاني يمتنع بناء على العلة الثانية ( 2 / 420 ) .
تنبيه : .
محل الخلاف عند أمن الطريق وتواصل الأخبار فإن كان مخوفا أو انقطعت الأخبار بينهما لم يقر اللقيط في يده قطعا .
ولم يفرق الجمهور بين مسافة القصر ودونها وجعل الماوردي الخلاف في مسافة القصر وقطع فيما دونها بالجواز ومنعه في الكفاية فما عليه الجمهور هو المعتمد .
و .
الأصح " أن للغريب " المختبر أمانته " إذا التقط ببلد أن ينقله إلى بلده " بهاء الضمير بخطه للمعنى الأصح لتقارب المعيشة .
والثاني لا للمعنى الثاني وهو ضياع النسب .
تنبيه : .
محل الخلاف في الغريب المختبر أمانته كما مر فإن جهل حاله لم يقر بيده قطعا مع أن هذه المسألة لا حاجة لذكرها لدخولها في المسألة قبلها والنقل من بادية إلى بادية ومن قرية إلى قرية كالنقل من بلد إلى بلد .
وإن وجده .
أي اللقيط بلدي " ببادية " في حلة أو قبيلة " فله نقله إلى " قرية وإلى " بلد " يقصده لأنه أرفق به وقيل وجهان بناء على العلتين فإن كانت البادية في مهلكة فله نقله لمقصده قطعا .
وإن وجده .
قروي أو " بدوي ببلد فكالحضري " فإن أراد المقام به أقر بيده أو نقله إلى بلد أو بادية فعلى ما تقدم .
أو .
وجده البدوي " ببادية أقر بيده " وإن كان أهل حلته ينتقلون لأنها في حقه كبلدة أو قرية .
وقيل إن كانوا ينتقلون للنجعة .
بضم النون وسكون الجيم وهي الإنتقال في طلب المرعى وغيره " لم يقر " لأن فيه تضييعا لنسبه .
والبدوي ساكن البادية والحضري ساكن الحضارة وهي خلاف البادية والبلدي ساكن البلد والقروي ساكن القرية .
ونفقته .
أي اللقيط ومؤنة حضانته ليست على الملتقط بل " في ماله " كغيره " العام كوقف على اللقطاء " والوصية لهم .
فإن قيل كيف يصح الوقف عليهم ووجودهم لا يتحقق بخلاف الوقف على الفقراء أجيب بأن الجهة لا يشترط فيها الوجود وإلا لم يصرف إلى من حدث .
فإن قيل قد يتوقف في هذا الجواب ويقال لا بد من وجود من يمكن الصرف إليه .
أجيب بأن الموقوف عليه الجهة ويكفي إمكانها .
تنبيه : .
إضافة المال إلى اللقيط فيه تجوز فإنه في الحقيقة ليس هو ماله بل مال الجهة العامة ولكن المراد أنه يصرف إليه منه وإن لم يكن ملكه لعموم كونه لقيطا أو موصى له وقد يكون المال له بخصوصه كالوقف عليه نفسه أو الهبة أو الوصية له ويقبل له القاضي من ذلك ما يحتاج إلى القبول .
أو .
نفقة اللقيط في ماله " الخاص وهو ما اختص به كثياب ملفوفة عليه " وملبوسة له كما صرح به في المحرر وأسقطه من الروضة لفهمه مما ذكر بطريق الأولى .
ومفروشة تحته .
ومغطى بها ودابة مشدودة في وسطه أو عنانها بيده أو راكبا عليها " وما في جيبه من دراهم وغيرها " كذهب وحلي " ومهده " وهو سريره الذي هو فيه " ودنانير منثورة فوقه و " منثورة " تحته " لأن له يدا واختصاصا كالبالغ والأصل الحرية ما لم يعرف غيرها .
تنبيه : .
قضية كلام المصنف وغيره التخيير في الإنفاق عليه من العام والخاص وهو كذلك وإن قال في التوشيح لم أجد فيه نقلا وقال بعض المتأخرين الأفقه تقديم الخاص فلا ينفق من العام إلا عند فقد الخاص .
وإن وجد في دار .
ونحوها كحانوت ولا يعرف لها مستحق ليس فيها غيره " فهي " أي الدار ونحوها " له " ليد ولا مزاحم وإن وجد فيها غيره كلقيطين أو لقيط وغيره فهي لهما كما لو كانا على دابة فلو ركبها أحدهما ومسك الآخر زمامها فهي للراكب فقط لتمام الإستيلاء .
وفي الروضة عن ابن كج عن أنها بينهما قال الأذرعي وجه والمذهب الصحيح أن اليد للراكب ولو كان على الأرض وزمامها بيده أو مربوطة فيه فهي له وكل ما على الدابة التي حكم بأنها له .
ولا يحكم له ببستان وجد فيه في أحد وجهين يظهر ترجيحه كما رجحه بعض المتأخرين بخلاف الدار لأن سكناها تصرف والحصول في البستان ( 2 / 421 ) ليس تصرفا ولا سكنى .
وقضية هذا التعليل أنه إذا كان يسكن عادة يكون كالدار .
ولا يحكم له بضيعة وجد فيها كما قال في الروضة ينبغي القطع بأنه لا يحكم له بها .
تنبيه : .
المراد بكون ما ذكر له صلاحية التصرف فيه ودفع المنازع له لا أنه طريق للحكم بصحة ملكه ابتداء فلا يسوغ للحاكم بمجرد ذلك أن يقول ثبت عندي أنه ملكه نبه على ذلك الزركشي .
وليس له .
أي اللقيط " مال مدفون " ولو كان " تحته " وفيه رقعة مكتوب فيها أن الدفين له لأن الكبير العاقل لو كان جالسا على أرض تحتها دفين لم يحكم له به وحكم هذا المال إن كان من دفين الجاهلية فركاز وإلا فلقطة .
نعم إن حكم بأن المكان له فهو له مع المكان كما صرح به الدارمي وغيره .
قال الأذرعي ولو وجد خيط متصل بالدفين مربوط ببعض بدنه أو ثيابه وجب الجزم بأنه يقضى له به ولا شك فيه إذا انضمت الرقعة إليه .
وكذا ثياب وأمتعة .
ودابة " موضوعة بقربه " ليست له " في الأصح " لأن يده لا تثبت إلا على ما اتصل به بخلاف الموجود بقرب المكلف فإنه يحكم بملكه له لأن له رعاية .
والثاني أنها له عملا بالظاهر .
وعلى الأول لو حكم بأن المكان له كان ذلك له مع المكان كما يؤخذ مما مر وصرح به المصنف في نكته .
وخرج بقربه البعيدة عنه فلا تكون له جزما .
تنبيه : .
لم يتعرضوا لضبط القرب قال السبكي والمحال عليه فيه العرف .
فإن لم يعرف له .
أي اللقيط " مال " عام ولا خاص " فالأظهر أنه ينفق عليه من بيت المال " من سهم المصالح بلا رجوع كما صرح به في الروضة لأن عمر رضي الله تعالى عنه استشار الصحابة Bهم في ذلك فأجمعوا على أنها في بيت المال وقياسا على البالغ المعسر بل أولى .
والثاني المنع بل يقترض عليه من بيت المال أو غيره لجواز أن يظهر له مال .
فإن لم يكن .
في بيت المال شيء أو كان وثم ما هو أهم من ذلك كسد ثغر يعظم ضرره لو ترك أو حالت الظلمة دونه اقترض له الإمام من المسلمين في ذمة اللقيط كالمضطر إلى الطعام فإن تعذر الإقتراض " قام المسلمون بكفايته قرضا " بالقاف بخطه حتى يثبت لهم الرجوع بما أنفقوا على اللقيط ويقسطها الإمام على الأغنياء منهم ويجعل نفسه منهم فإن تعذر استيعابهم لكثرتهم قسطها على من رآه منهم باجتهاده فإن استووا في اجتهاده تخير فإن ظهر له سيد رجعوا عليه أو ظهر له إذا كان حرا مال أو اكتسبه فالرجوع عليه أو قريب رجع عليه .
فإن قيل نفقة القريب تسقط بمضي الزمان فكيف يطالب بها قريبه أجيب بأن النفقة وقعت قرضا بإذن الحاكم والحاكم إذا اقترض النفقة على من تلزمه ثبت الرجوع بها ولا تسقط بمضي الزمان كما صرح به المصنف وغيره في بابها فإن لم يظهر له مال ولا قريب ولا كسب ولا للرقيق سيد فالرجوع على بيت المال من سهم الفقراء أو الغارمين بحسب ما يراه الإمام .
وإن حصل في بيت المال شيء قبل بلوغه ويساره قضي منه وإن حصل له مال مع بيت المال معا فمن ماله وسواء فيما ذكر اللقيط المحكوم بإسلامه أم بكفره على الأصح وإن صحح في الكفاية خلافه تبعا للماوردي .
وفي قول .
يقوم المسلمون بكفايته " نفقة " لأنه محتاج عاجز وإن قام بها بعضهم اندفع الحرج عن الباقين .
تنبيه : .
قوله قرضا و نفقة منصوبان بنزع الخافض أي بالقرض والنفقة أو على التمييز أي من جهة القرض والنفقة .
وللملتقط الاستقلال بحفظ ماله .
أي اللقيط " في الأصح " لأنه مستقل بحفظ المالك فماله أولى ومحله كما قال الأذرعي في العدل الذي يجوز إيداع مال اليتيم عنده .
والثاني يحتاج إلى إذن القاضي .
وعلى الأول ليس له مخاصمة من نازعه فيه إلا بولاية من الحاكم .
ولا ينفق عليه منه .
أي من مال اللقيط " إلا بإذن القاضي " لأن ولاية المال لا تثبت لقريب غير الأب والجد فالأجنبي أولى فإن أنفق بغير إذنه ضمن .
وقوله " قطعا " تبع فيه الإمام وليس في الروضة وأصلها بل فيهما وجه حكاه ابن كج أنه إن أنفق بغير إذنه لم يضمن ومقتضاه أن إذن القاضي ليس شرطا وقد حكى ( 2 / 422 ) الرافعي الخلاف في الدعاوي وحكاه الماوردي هنا .
تنبيه : .
محل وجوب مراجعة الحاكم إذا وجده فإن لم يجده أنفق وأشهد وجوبا .
وقول ابن الرفعة كل مرة فيه حرج والظاهر أنه لا يكلف ذلك فإن لم يشهد مع الإمكان ضمن