" إذا عرف " ملتقطها للتملك " سنة " على العادة أو دونها على ما مر جاز له التملك .
لم يملكها .
بذلك " حتى يختاره " أي التملك " بلفظ " من ناطق يدل على التملك " كتملكت " ما التقطته لأنه تمليك مال ببدل فافتقر إلى ذلك كالشفيع ويملكه بذلك ولو لم يتصرف فيه كالقرض .
وهذا فيما يملك وأما غيره كالكلب والخمر فلا بد فيه من اختيار نقل الاختصاص الذي كان لغيره لنفسه كما قاله ابن الرفعة .
أما الأخرس فتكفي إشارته المفهمة كسائر عقوده كما قاله الزركشي وكذا الكناية مع النية والظاهر كما قال شيخنا أن ولد اللقطة كاللقطة إن كانت حاملا عند التقاطها وانفصل منها قبل تملكها وإلا ملكه تبعا لأمه وعليه يحمل قول من قال إنه يملك بعد التعريف لأمه أي وتملكها .
وقيل تكفي .
بعد التعريف " النية " أي تجديد قصد التملك من غير لفظ لفقد الإيجاب .
وقيل .
قال الأذرعي وهو ظاهر نص الأم والمختصر " يملك " اللقطة " بمضي السنة " بعد التعريف اكتفاء بقصده عند الأخذ للتملك بعد التعريف .
تنبيه : .
لا فرق عندنا في جواز تملك اللقطة بين الهاشمي وغيره ولا بين الفقير وغيره .
وقال أبو حنيفة لا يجوز تملكها لمن لا تحل له الصدقة .
وقال مالك لا يجوز تملكها للفقير خشية ضياعها عند طلبها .
ويستثنى من التملك مسائل لا يتأتى فيها التملك منها الجارية التي تحل للملتقط فإنه لا يتملكها بناء على أنه لا يصح التقاطها للتملك كما مر لأنه لا يجوز له استقراضها على الراجح فعلى هذا تلتقط للحفظ فقط وفي تعريفها الخلاف السابق .
فإن قيل ينبغي أن تعرف وبعد الحول تباع ويتملك ثمنها كما لو التقط ما يتسارع إليه الفساد فإنه يبيعه ويتملك ثمنه بعد المدة .
أجيب بأنه إنما يتبع في ذلك مصلحة المالك وقد لا يكون له مصلحة في بيع الأمة .
ومنها ما لو دفعها إلى الحاكم وترك التعريف والتملك ثم ندم وأراد أن يعرف ويتملك فإنه لا يمكن لأنه أسقط حقه قاله في زيادة الروضة .
ومنها ما لو أخذ للخيانة كما مر .
ومنها لقطة الحرم كما سيأتي .
فإن تملك .
الملتقط اللقطة " فظهر المالك " لها وهي باقية بحالها ولم يتعلق بها حق لازم يمنع بيعها كما في القرض " واتفقا على رد عينها " أو بدلها " فذاك " ظاهر إذ الحق لا يعدوهما ويجب على الملتقط ردها إلى مالكها إذا علمه ولم يتعلق بها حق لازم قبل طلبه في الأصح كما قاله الرافعي في باب الوديعة ومؤنة الرد على الملتقط لأنه قبض العين لغرض نفسه .
أما إذا حصل الرد قبل تملكها فمؤنة الرد على مالكها كما قاله الماوردي " وإن أرادها المالك وأراد الملتقط العدول إلى بدلها أجيب المالك في الأصح " كالقرض بل أولى ولخبر الصحيحين فإن جاء صاحبها يوما من الدهر فأدها إليه .
والثاني يجاب الملتقط لأنه ملكها كما قيل به في القرض .
تنبيه : .
لو جاء المالك وقد بيعت اللقطة بشرط الخيار أو كان خيار المجلس باقيا كان له الفسخ وأخذها إن لم يكن الخيار للمشتري فقط كما جزم به ابن المقري لاستحقاقه الرجوع لعين ماله مع بقائه أما إذا كان الخيار للمشتري فقط فلا رجوع له كالبائع وكذا لو تعلق بها حق رهن أو كتابة .
وإذا ردها الملتقط سليمة أو معيبة مع الأرش لزم المالك القبول ويتعين ردها بالزوائد المتصلة وإن حدثت بعد التملك تبعا للأصل بل لو حدثت قبله ثم انفصلت ردها كنظيره من الرد بالعيب وغيره فلو التقط حائلا فحملت قبل تملكها ثم ولدت رد الولد مع الأم .
أما الزوائد المنفصلة الحادثة بعد التملك فهي للملتقط لحدوثها على ملكه ومقتضى هذا أن الأمة لو ولدت عنده رقيقا أنه يجوز التفريق ( 2 / 416 ) قال الزركشي وفيه نظر اه .
والظاهر أنه لا يجوز نظير ما في التفريق بالفسخ وتقدم فيه خلاف .
وتقدم في الرد بالعيب أن الحمل الحادث بعد الشراء كالمنفصل فيكون الحادث هنا بعد التملك للملتقط .
وإن .
جاء المالك وقد " تلفت " تلك اللقطة حسا أو شرعا بعد التملك " غرم مثلها " إن كانت مثلية " أو قيمتها " إن كانت متقومة لأنه تمليك يتعلق به العوض فأشبه البيع والقيمة تعتبر " يوم التملك " لها لأنه يوم دخول العين في ضمانه وقيل يوم المطالبة بها .
تنبيه : .
قال ابن الرفعة وقضية قولهم إنه يملك اللقطة كملك القرض أن يكون الواجب فيما له مثل صوري رد المثل في الأصح .
قال الأذرعي ولا يبعد الفرق بين البابين اه .
ولعل الفرق أن المالك في القرض دفع ماله باختياره فنفسه مطمئنة على أن المقترض يرد له مثل ما أخذ .
وأما اللقطة فالقيمة فيها قد تكون في يوم التملك أكثر من قيمة المردود فيفوت ذلك على المالك فيتضرر به وحينئذ يظهر أن الفرق بين البابين أظهر .
ولو قال الملتقط للمالك بعد التلف كنت أمسكتها لك وقلنا بالأصح أنه لا يملكها إلا باختيار التملك لم يضمنها وكذا لو قال لم أقصد شيئا فإن كذبه المالك في ذلك صدق الملتقط بيمينه لأن الأصل براءة ذمته .
أما التلف قبل التملك من غير تفريط فلا ضمان فيه على الملتقط كالمودع ولو عين الملتقط البدل عند إباحة إتلاف اللقطة كأكل الشاة الملتقطة في المفازة فتلفت سقط حق المالك بتلف القيمة أي والمثل للصورة كما نقله الرافعي في الكلام على الطعام عن نص الأصحاب .
هذا كله في المملوك أما الإختصاصات كالخمر المحترمة والكلب النافع فلا يضمن أعيانها ولا منافعها .
وإن .
جاء وقد " نقصت بعيب " أو نحوه حدث بعد تملكها " فله " أي مالكها " أخذها مع الأرش في الأصح " لأن الكل مضمون فكذا البعض لأن الأصل المقرر أن ما ضمن كله بالتلف ضمن بعضه عند النقص .
ولم يخرج عن هذا إلا مسألة الشاة المعجلة فإنها تضمن بالتلف وإن نقصت لم يجب أرشها .
والثاني لا أرش له وله على الوجهين الرجوع إلى بدلها سليمة .
ولو أراد المالك بدلها وقال الملتقط أضم إليها الأرش وأردها أجيب الملتقط على الأصح .
وإذا ادعاها رجل .
مثلا " ولم يصفها " بصفاتها السابقة " ولا بينة " له بها مما يثبت بها الملك كالشاهد واليمين ولم يعلم الملتقط أنها له " لم تدفع إليه " لحديث لو أعطي الناس بدعواهم الحديث فإن أقام بينة بذلك عند الحاكم كما قاله في الكفاية ولا يكفي إخبارها للملتقط أو علم أنها له وجب عليه دفعها إليه وعليه العهدة لا إن ألزمه بتسليمها بالوصف حاكم " وإذا وصفها " مدعيها وهو واحد بما يحيط بجميع صفاتها " وظن ملتقطها صدقه جاز " له " الدفع إليه " جزما عملا بظنه بل نص الشافعي على استحبابه .
ولا يجب على المذهب .
لأنه مدع يحتاج إلى بينة كغيره .
وفي وجه من الطريق الثاني يجب لأن إقامة البينة عليها قد تعسر .
أما إذا وصفها جماعة فقال القاضي أبو الطيب أجمعنا على أنها لا تسلم إليهم .
ولو ادعاها اثنان وأقام كل منهما بينة بأنها له تعارضتا .
تنبيه : .
احترز بقوله وظن صدقة عما إذا لم يغلب على الظن صدقة فإنه لا يجب الدفع اتفاقا ولا يجوز على المشهور .
ولو تلف اللقطة فشهدت البينة على وصفها ثبتت ودفع إليه بدلها كما حكاه ابن كج عن النص ولو قال له المالك تعلم أنها لي فله أن يحلف أنه لا يعلم ذلك قاله الرافعي .
فإن دفع .
اللقطة لواصفها بمجرد الوصف من غير إجبار حاكم يراه " فأقام آخر بينة بها " أي بأنها ملكه وأنها لا تعلم أنها انتقلت منه كما قاله الشيخ أبو حامد وغيره " حولت " من الأول " إليه " لأن البينة حجة توجب الدفع فقدمت على الوصف المجرد .
فإن تلفت عنده .
أي الواصف للقطة " فلصاحب البينة " بأن اللقطة له " تضمين الملتقط " لأنه سلم ما لم يكن له تسليمه أما إذا ألزمه بالدفع حاكم يراه فلا ضمان عليه ( 2 / 417 ) لعدم تقصيره " و " له مطالبة " المدفوع إليه " اللقطة لأنه أخذ ما لم يكن له أخذه .
نعم لو كانت اللقطة قد أتلفها الملتقط بعد التملك ثم ادعاها بعد وصفها فسلم إليه البدل ثم جاء آخر فأقام بينة بها لم يرجع على المدفوع إليه لتلفه في يده لأن الذي حصل في يده مال الملتقط لا مال المدعي .
و .
إذا كان له تغريم المدفوع إليه ف " القرار عليه " لتلفه في يده .
نعم لو كان الملتقط قد أقر للواصف بالملك ثم غرم صاحب البينة الملتقط لم يرجع على المدفوع إليه لأنه يزعم أن المدعي ظلمه والمظلوم لا يرجع على غير ظالمه .
ولما كان كلام المحرر في تملك اللقطة شاملا للقطة الحرم أشار المصنف لإخراجها بقوله " قلت " كما قال الرافعي في الشرح " لا تحل لقطة الحرم " وفي الروضة وأصلها مكة وحرمها " للتملك " بل للحفظ أبدا " على الصحيح " المنصوص لخبر الصحيحين إن هذا البلد حرمه الله لا يلتقط لقطته إلا من عرفها وفي رواية للبخاري لا تحل لقطته إلا لمنشد قال الشافعي رضي الله تعالى عنه أي لمعرف ففرق A بينها وبين غيرها وأخبر أنها لا تحل إلا للتعريف .
ولم يوقت في التعريف بسنة كغيرها فدل على أنه أراد التعريف على الدوام وإلا فلا فائدة في التخصيص .
والمعنى فيه أن حرم مكة شرفها الله تعالى مثابة للناس يعودون إليه المرة بعد الأخرى فربما يعود مالكها من أجلها أو يبعث في طلبها فكأنه جعل ماله به محفوظا عليه كما غلظت الدية فيه .
والثاني تحل .
والمراد بالخبر تأكيد التعريف لها سنة لئلا يظن الإكتفاء بتعريفها في الموسم لكثرة الناس فيه .
تنبيه : .
محل الخلاف في المتمول أما غيره فيستبد به واجدة كما هو ظاهر وإن لم أر من تعرض له .
وكان ينبغي للمصنف أن يعبر كعبارة الروضة المتقدمة ليخرج حرم المدينة الشريفة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام فإنه ليس كحرم مكة كما اقتضاه كلام الجمهور وصرح به الدارمي و الروياني وإن سوى بينهما البلقيني وليست لقطة عرفة ومصلى إبراهيم كلقطة الحرم وحكايته الخلاف وجهين موافق للروضة ومخالف للشرحين في حكايته قولين .
ويجب تعريفها .
عند التقاطها للحفظ للخبر المار .
وقوله " قطعا " زيادة على الرافعي في الشرح " والله أعلم " ولا يجيء فيه الوجه المتقدم فيمن التقط للحفظ .
ونقل في زيادة الروضة عن الأصحاب أنه يلزم الملتقط الإقامة للتعريف أو دفعها للحاكم قال ابن المقري وقد يجيء هذا التخيير في كل ما التقط للحفظ .
خاتمة لو أخذ اللقطة اثنان فترك أحدهما حقه من الإلتقاط للآخر لم يسقط وإن أقام كل منهما بينة بأنه الملتقط ولم يسبق تاريخ لهما تعارضتا .
ولو سقطت من الملتقط لها فالتقطها آخر فالأول أولى بها منه لسبقه .
ولو أمر واحد آخر بالتقاط لقطة رآها فأخذها فهي للآمر إن قصده الآخر ولو مع نفسه وإلا فهي له ولا يشكل هذا بما مر في الوكالة من عدم صحتها في الإلتقاط لأن ذلك في عموم الإلتقاط وهذا في خصوص لقطة وجدت فالأمر يأخذها استعانة مجردة على تناول شيء معين .
وإن رآها مطروحة فدفعها برجله وتركها ضاعت لم يضمنها لأنها لم تحصل في يده .
ولو أخذ خمرا أراقها صاحبها فتخللت عنده ملكها بلا تعريف لها وقيل تخللها عليه إذا جمعها إراقتها إلا إذا علم أنها محترمة فيعرفها كالكلب المحترم