وهو الركن الثالث .
والملتقط نوعان أحدهما حيوان وثانيهما جماد وقد شرع في النوع الأول فقال " الحيوان المملوك " بأثر يدل على الملك كوسم وتعليق قرط " الممتنع من صغار السباع " كالنمر والفهد والذئب .
ثم فصل امتناع الحيوان بقوله " بقوة " يمتنع بها " كبعير " كبير " وفرس " وبغل وحمار " أو " يمتنع " بعدو " أي جري " كأرنب وظبي أو " يمتنع بسبب " طيران كحمام " وهو كل ما عب وهدر كقمري ويمام " إن وجد " هذا الحيوان " بمفازة " وهي المهلكة سميت بذلك على القلب تفاؤلا بالفوز .
فللقاضي .
أو منصوبه " التقاطه للحفظ " على مالكه لا للتملك لأن له ولاية على أموال الغائبين وكان ل عمر رضي الله تعالى عنه حظيرة يحفظ فيها الضوال رواه مالك .
وكذا لغيره .
أي القاضي من الآحاد التقاطه للحفظ أيضا " في الأصح " المنصوص في الأم لئلا يأخذه خائن .
والثاني لا إذ لا ولاية للآحاد على مال الغير .
تنبيه : .
محل الخلاف كما قاله الدارمي إذا لم يعرف مالكه فإن عرفه وأخذه ليرده عليه كان في يده أمانة جزءا حتى يصل إليه .
قال السبكي وينبغي أن يكون محل أخذ الحاكم إذا خشي عليه الضياع أما إذا أمن عليه فلا ينبغي أن يتعرض له حتى يأتي صاحبه .
قال الأذرعي وهذا أحسن في غير الحاكم اه .
وهو ظاهر .
ويحرم التقاطه .
أي الحيوان الممتنع في الأمن " لتملك " على كل أحد لما مر في حديث زيد في ضالة الإبل ما لك ولها دعها وقيس الباقي عليها بجامع إمكان رعيها في البرية بلا راع فمن أخذه للتملك ضمنه ولا يبرأ برده إلى موضعه ويبرأ بدفعه إلى القاضي على ( 2 / 410 ) الأصح في الشرح والروضة .
أما زمن النهب والفساد فيجوز أخذه للتملك في صحراء وغيرها .
تنبيه : .
تعبير المصنف أولا بالمملوك يخرج صورا منها الكلب ومنها الهدي ومنها الموقوف ومنها الموصى بمنفعته أبدا وقد مر الكلام على ذلك .
وإن وجد بقرية .
أو بلدة أو ما قرب من ذلك " فالأصح جواز التقاطه للتملك " لأنه في العمران يضيع بامتداد اليد الخائنة إليه بخلاف المفازة فإن طروقها لا يعم .
والثاني المنع كالمفازة لإطلاق الحديث .
وأجاب الأول بأن سياقه يقتضي المفازة بدليل دعها ترد الماء وترعى الشجر .
تنبيه : .
يستثنى من جواز الإلتقاط للتملك صور منها لقطة الحرم كما سيأتي .
ومنها الجارية التي تحل له فإنه لا يتملكها بناء على أنه لا يجوز اقتراضها .
وما .
أي والحيوان الذي " لا يمتنع منها " أي صغار السباع " كشاة " وعجل ونصل من الحيوان المأكول وكسير خيل وإبل " يجوز " لقاض وغيره " التقاطه للتملك في القرية " ونحوها " والمفازة " صونا له عن الخونة والسباع لقوله في الحديث السابق في الشاة هي لك أو لاءخيك أو للذئب .
ويتخير .
فيما لا يمتنع " آخذه " بمد الهمزة بخطه " من مفازة " بين ثلاث خصال كما بينها بقوله " فإن شاء عرفه وتملكه " وينفق عليه مدة التعريف فإن أراد الرجوع استأذن الحاكم فإن لم يجده أشهد كما سبق في نظيره .
أو .
أي وإن شاء " باعه " مستقلا إن لم يجد حاكما وبإذنه إن وجده في الأصح .
وحفظ ثمنه وعرفها .
أي اللقطة التي باعها وكان تعريفها بمكان يصلح للتعريف " ثم تملكه " أي الثمن .
تنبيه : .
إنما لم يقل وعرفه لئلا يتوهم عود الضمير للثمن مع أنه لا يعرف .
أو .
أي وإن شاء " أكله " متملكا له " وغرم قيمته إن ظهر مالكه " وذكر المصنف التعريف في الخصلتين الأوليين دون الثالثة كالصريح في أنه لا يجب بعد أكلها تعريفه وهو الظاهر عند الإمام لأنه لا فائدة فيه وصححه في الشرح الصغير .
قال الأذرعي لكن الذي يفهمه إطلاق الجمهور أنه يجب أيضا قال ولعل مراد الإمام أنها لا تعرف بالصحراء لا مطلقا اه .
وهذا هو الظاهر .
تنبيه : .
التخيير بين هذه الخصال ليس تشهيا بل عليه فعل الأحظ كما بحثه الإسنوي وغيره قياسا على ما يمكن تجفيفه .
وزاد الماوردي خصلة رابعة وهي تملكه في الحال وتبقيته حيا لدر ونسل قال لأنه لما استباح تملكه مع استهلاكه فأولى أن يستبيح تملكه مع استبقائه .
وظاهر كلام الأصحاب منعها لأن الأولى عللت بالقياس على غيرها وأما الثانية فلأنه إذا جاز الأكل فالبيع أولى وأما الثالثة فبالإجماع كما حكاه ابن عبد البر .
والقيمة المعتبرة قيمة يوم الأخذ إن أخذ للأكل وقيمة يوم التملك إن أخذ للتعريف كما حكاه عن بعض الشيوخ وأقراه .
فإن أخذ من العمران فله الخصلتان الأوليان .
بضم الهمزة وبمثناة تحتية وهما الإمساك والبيع .
لا الثالثة .
وهي الأكل " في الأصح " وعبر في الروضة بالأظهر .
والثاني له الأكل أيضا كما في الصحراء .
وأجاب الأول بأنه إنما أبيح له الأكل في الصحراء لأنه قد لا يجد فيها من يشتريه بخلاف العمران ويشق النقل إليه .
أما غير المأكول كالجحش الصغير ففيه الخصلتان الأوليان ولا يجوز تملكه في الحال بل بعد تعريفه وإذا أمسك لقطة الحيوان وتبرع بالإنفاق فذاك وإن أراد الرجوع أنفق بإذن الحاكم فإن لم يجده أشهد .
تنبيه : .
المراد بالعمران الشارع والمساجد ونحوها لأنها مع الموات محال اللقطة كما علم من تعريف اللقطة .
ويجوز أن يلتقط عبدا لا يميز .
في زمن أمن أو نهب كسائر الأموال ومميزا وقت نهب بل قد يجب الإلتقاط إن تعين طريقا لحفظ روحه ولا يجوز التقاط المميز في الأمن لا في مفازة ولا في غيرها لأنه يستدل فيه على سيده فيصل إليه .
فإن قيل صورة التقاط ( 2 / 411 ) العبد غير المميز مشكلة لما سيأتي في باب اللقيط أن من لا يعرف رقه ولا حريته أنه محكوم بحريته فكيف يلتقط وإن عرف رقه ببينة عرف مالكه فكيف صورة المسألة أجيب بأن الرق يعرف بعلامة كعلامة الحبشة والزنج أو أنه عرف رقه وجهل مالكه ثم وجده ضالا وكذلك يأتي هذا في معرفة كون الأمة مجوسية .
تنبيه : .
خرج بقول المصنف عبدا الأمة فإنها إن حلت للملتقط لم يجز أن يلتقطها للتملك بل للحفظ وإن لم تحل له كمجوسية ومحرم جاز له التقاطها وقد مرت الإشارة إلى ذلك .
ويؤخذ من كلامهم أن في التقاط الرقيق الخصلتين الأولتين وينفق عليه مدة الحفظ من كسب فإن لم يكن له كسب فعلى ما مر آنفا في غير الرقيق .
وإذا بيع ثم ظهر المالك وقال كنت أعتقته قبل قوله وحكم بفساد البيع على الأظهر في الشرح والروضة .
والتقييد بالعتق قد يوهم عدم تصديقه فيما عداه كالبيع والهبة لأجل ما يتخيل من قوة العتق وليس مرادا بل سائر التصرفات المزيلة للملك كذلك كما ذكراه قبيل الصداق .
ثم شرع في النوع الثاني فقال " و " أن " يلتقط غير الحيوان " وهو الجماد سواء أكان مالا كالنقود والثياب أم غير مال كجلد ميتة لم يدبغ وخمر محترمة للاختصاص أو الحفظ .
فإن كان .
مما " يسرع فساده كهريسة " وعنب لا يتزبب ورطب لا يتتمر تخير آخذه بين خصلتين " فإن شاء باعه " استقلالا إن لم يجد حاكما وبإذنه إن وجده أخذا مما مر .
وعرفه .
أي المبيع بعد بيعه " ليتملك ثمنه " بعد التعريف ولا يعرف الثمن .
وهذه الخصلة أولى من الخصلة المذكورة في قوله " وإن شاء تملكه في الحال وأكله " وغرم قيمته سواء أوجده في مفازة أم عمران .
وقيل إن وجده في عمران وجب البيع .
لتيسره أو امتنع الأكل وهو قياس ما سبق في الشاة من تصحيح منع الأكل ومنهم من قطع بالأول .
وفرق بينه وبين الشاة بأن الطعام قد يفسد قبل أن يظفر بالمشتري فتمس الحاجة إلى أكله وإذا جوزنا الأكل فأكل وجب التعريف في العمران بعده .
وإن كان في الصحراء قال الإمام فالظاهر أنه لا يجب وقد مر الكلام فيه ولا يجب إفراز القيمة المغرومة من ماله نعم لا بد من إفرازها عند تملكها لأن ملك الدين لا يصح قاله القاضي .
وإن أمكن بقاؤه .
أي ما يسرع فساده لكن " بعلاج " فيه " كرطب يتجفف " أي يمكن تجفيفه ولبن يصير أقطا " فإن كانت الغبطة في بيعه بيع " جميعه بإذن الحاكم إن وجده وإلا استقلالا كما يؤخذ مما مر .
أو .
كانت الغبطة " في تجفيفه وتبرع به الواجد " له أو غيره " جففه " لأنه مال غيره فروعي فيه المصلحة كولي اليتيم .
وإلا بيع بعضه .
بقدر ما يساوي التجفيف " لتجفيف الباقي " طلبا للأحظ .
وخالف هذا الحيوان حيث بيع جميعه لأن نفقته تتكرر فيؤدي إلى أن يأكل نفسه .
تنبيه : .
قوله الواجد ليس بقيد كما تقرر وظاهر كلامه أن مراعاة الأغبط واجبة وكلام الأصحاب مصرح به .
قال الأذرعي والأقرب أنه لا يستقل بعمل الأغبط في ظنه بل يراجع القاضي فإن استوى الأمران بيع كما بحثه بعض المتأخرين لما في البيع من قلة الكلفة .
ومن أخذ لقطة للحفظ أبدا .
وهو أهل لذلك " فهي أمانة " في يده وكذا درها ونسلها لأنه يحفظها لمالكها فأشبه المودع .
فإن دفعها إلى القاضي لزمه القبول .
حفظا لها على صاحبها وكذا من أخذ للتملك ثم بدا له فإن أراد دفعها إلى الحاكم يلزمه القبول بخلاف الوديعة من غير ضرورة لا يلزمه القبول لقدرة المودع على الرد إلى المالك .
ولم يوجب الأكثرون .
من الأصحاب " التعريف والحالة هذه " وهي أخذ اللقطة للحفظ أبدا لأن الشرع إنما أوجبه لما جعل له التملك بعده .
ورجح الإمام و الغزالي وغيرهما وجوبه وهذا هو المعتمد كما صححه ( 2 / 412 ) المصنف في شرح مسلم وقال في زيادة الروضة إنه الأقوى المختار وفي كلام المصنف إشارة إليه بعزوه عدم التعريف إلى الأكثرين ولم يقل على الأصح كعادته وقال الأذرعي الصحيح الوجوب لأن كتمانها يفوتها على صاحبها .
فإن قيل مالكها ينشدها فيعلم به آخذها للحفظ .
أجيب بأنها قد تسقط من عابر سبيل وممن لا يمكنه ذلك لعارض مرض أو جنون أو حبس أو موت أو غيرها وإن أراد التخلص من تعب التعريف دفعها إلى حاكم أمين وإذا عرفها ثم بدا له قصد التملك عرفها سنة من يومئذ ولا يعتد بما عرفه قبل على الأصح سواء قلنا بوجوب التعريف أم لا .
فلو قصد بعد ذلك .
الأخذ الذي للحفظ أبدا وكذا بعد الأخذ للتملك " خيانة " فيما التقطه " لم يصر " بمجرد قصد الخيانة " ضامنا في الأصح " حتى يتحقق ذلك القصد بالفعل كالمودع .
والثاني يضمن .
وخرج ب قصد ما لو فعل الخيانة فإنه يصير ضامنا أو جزما .
تنبيه : .
متى صار الملتقط ضامنا في الدوام بحقيقة الخيانة أو بقصدها ثم أقلع وأراد أن يعرفها ويتملك كان له ذلك على الأصح في أصل الروضة وبه جزم القاضي الحسين وهذا بخلاف ما إذا قصد الخيانة ابتداء كما قال " وإن أخذه بقصد الخيانة فضامن " عملا بقصده المقارن لفعله " وليس له بعده " أي الأخذ خيانة " أن يعرف ويتملك " بعد التعريف " على المذهب " نظرا للإبتداء كالغاصب .
وفي وجه من الطريق الثاني له ذلك نظرا لوجود صورة الإلتقاط ولو سلمها للحاكم برىء من الضمان كما هو شأن الغاصب .
وإن أخذ ليعرف ويتملك .
بعد التعريف " فأمانة مدة التعريف وكذا بعدها ما لم يختر التملك في الأصح " كما قبل مدة التعريف .
والثاني وبه قال الإمام و الغزالي تصير مضمونة عليه إذا كان غرم التملك مطردا كالمستام .
وفرق الأول بأن المستام مأخوذ لحظ آخذه حين أخذه بخلاف اللقطة .
تنبيه : .
بقي من أحوال المسألة ما إذا أخذ لا بقصد خيانة ولا أمانة أو بقصد أحدهما ونسيه وحكمهما أن لا تكون مضمونة وله التملك بشرطه اتفاقا قاله الإمام وتابعاه .
ويعرف .
الملتقط بفتح الياء بخطه من المعرفة وهي العلم " جنسها " أي اللقطة من قد أو غيره ونوعها من كونها أشرفية أو فلورية " وصفتها " من صحة وتكسر ونحوهما " وقدرها " بكيل أو وزن أو ذرع أو عد " وعفاصها " بكسر العين بخطه وهو الوعاء من جلد وغيره قال الخطابي وأصله الجلد الذي يلبس رأس القارورة ثم أطلق على الوعاء توسعا .
ووكاءها .
بكسر الواو والمد بخطه وهو ما يربط به من خيط أو غيره لخبر زيد السابق وقيس بما فيه غيره وليعرف صدق واصفها وهذه المعرفة تكون عقب الأخذ كما قاله المتولي وغيره وهي سنة كما قاله الأذرعي وغيره وهو المعتمد كما هو قضية كلام الجمهور وفي الكافي أنها واجبة وجرى عليه ابن الرفعة .
ويندب كتب الأوصاف قال الماوردي وأنها التقطها في وقت كذا .
ثم يعرفها .
بضم أوله وكسر ثالثه المشدد من التعريف وهذا واجب إن قصد التملك قطعا وإلا فعلى ما سبق .
ويستثنى من التعريف كما قاله المصنف في نكته تبعا للجيلي ما لو كان السلطان ظالما بحيث يعلم أو يغلب على الظن أنه إذا عرفها أخذها فلا يجوز التعريف حينئذ بل تكون أمانة في يده وقضيته أنه لا يتملك بعد السنة وهو كذلك كما صرح به الغزالي في فتاويه وإن كان مقتضى كلام ابن الصباغ أنه يتملك بعدها .
تنبيه : .
أفهم قوله ثم يعرفها أمرين أحدهما أن المبادرة بالتعريف عقب الإلتقاط لا تجب وهو كذلك على الأصح في أصل الروضة وقال البلقيني محل جواز التأخير ما لم يغلب على ظن الملتقط أنه يفوت معرفة المالك بالتأخير فإن غلب على ظنه ذلك وجب البدار ولم يتعرضوا له اه .
ويجوز أن يلتقط عبدا لا يميز .
في زمن أمن أو نهب كسائر الأموال ومميزا وقت نهب بل قد يجب الإلتقاط إن تعين طريقا لحفظ روحه ولا يجوز التقاط المميز في الأمن لا في مفازة ولا في غيرها لأنه يستدل فيه على سيده فيصل إليه .
وهذا ظاهر .
وإذا لم يوجب المبادرة ينبغي كما قال بعض المتأخرين أن يؤرخ وجدان اللقطة في تعريفه ويسنده إلى وقته حتى يكون ذلك في معاوضة ما جرى من التأخير المنسي .
الثاني أنه يتعين تعريفها بنفسه وليس مرادا بل له ذلك بمأذونه أيضا ولكن لا يسلمها له .
ويشترط كون المعرف عاقلا غير ( 2 / 413 ) مشهور بالخلاعة والمجون وهو أن لا يبالي الإنسان بما صنع قاله الجوهري .
قال ابن الرفعة ولا يشترط فيه العدالة إذا حصل الوثوق بقوله .
ثم أشار إلى مكان التعريف بقوله " في الأسواق " عند قيامها في بلد 4 الإلتقاط " و " في " أبواب المساجد " عند خروج الناس " ونحوها " من المجامع والمحافل ومحال الرجال ومناخ الأسفار لأن ذلك أقرب إلى وجود صاحبها .
ويجب التعريف في الموضع الذي وجدها فيه وليكثر منه فيه لأن طلب الشيء في مكانه أكثر .
خرج بقوله أبواب المساجد المساجد فيكره التعريف فيها كما جزم به في المجموع وإن أفهم كلام الروضة التحريم إلا المسجد الحرام فلا يكره التعريف فيه اعتبارا بالعرف ولأنه مجمع الناس ومقتضى ذلك أن مسجد المدينة والأقصى كذلك .
ولو أراد سفرا استناب بإذن الحاكم من يحفظها ويعرفها فإن سافر بها أو استناب بغير إذن الحاكم مع وجوده ضمن لتقصيره .
وإن التقط في الصحراء .
وهناك قافلة تبعها وعرف فيها إذ لا فائدة في التعريف في الأماكن الخالية .
فإن لم يرد ذلك ففي بلدة يقصدها قربت أو بعدت سواء أقصدها ابتداء أم لا حتى لو قصد بعد قصده الأول بلدة أخرى ولو بلدته التي سافر منها عرف فيها ولا يكلف العدول عنها إلى أقرب البلاد إلى ذلك المكان .
وقوله " سنة " أي من يوم التعريف بيان لمدة التعريف لخبر زيد المار وقيس بما فيه غيره .
والمعنى في ذلك أن السنة لا يتأخر فيها القوافل غالبا وتمضي فيها الفصول الأربعة قال ابن أبي هريرة ولأنه لو لم يعرف سنة لضاعت الأموال على أربابها ولو جعل التعريف أبدا لامتنع من الإلتقاط فكأن في السنة نظرا للفريقين معا .
وشرط ذلك في الأموال الكثيرة وأما القليلة فستأتي .
ولو التقط اثنان لقطة عرفها كل واحد نصف سنة كما قال السبكي إنه الأشبه وإن خالف في ذلك ابن الرفعة لأنها لقطة واحدة والتعريف من كل منهما لكلها لا لنصفها لأنها إنما تقسم بينهما عند التملك .
قال الزركشي ويستثنى من إيجاب السنة لقطة دار الحرب وقضية نص الشافعي الإكتفاء بتعريفها هناك فإن لم يجد من يعرفها ردت إلى المغنم .
تنبيه : .
قد يتصور التعريف سنتين وذلك إذا قصد الحفظ فعرفها سنة ثم قصد التملك فإنه لا بد من تعريفه سنة من حينئذ كما مرت الإشارة إليه .
ولا يجب أن يستوفي السنة بالتعريف كل يوم بل " على العادة " زمانا ومكانا وقررا " يعرف أولا " أي أول سنة التعريف " كل يوم " مرتين " طرفي النهار " لا ليلا ولا وقت القيلولة " ثم " يعرف " كل يوم مرة ثم كل أسبوع " مرة أو مرتين كما في المحرر " ثم كل شهر " مرة تقريبا في الجميع بحيث لا ينسى أن الأخير تكرير الأول كما في الشرحين والروضة .
وإنما جعل التعريف في الأزمنة الأول أكثر لأن تطلب المالك فيها أكثر وسكتا في الروضة وأصلها عن بيان المدة في ذلك وفي المهذب ذكر الأسبوع في المدة الأولى قال الشارح ويقاس بها الثانية .
قال الزركشي قيل ومرادهم أنه يعرف كل يوم من هذه المدة ثلاثة أشهر .
ولو مات الملتقط في أثناء السنة بنى وارثه على ذلك كما بحثه الزركشي .
ولا تكفي .
في التعريف " سنة متفرقة في الأصح " في المحرر وعبارته والأحسن لأن المفهوم من السنة في الخبر التوالي كما لو حلف لا يكلم زيدا سنة وعلى هذا إذا قطع التعريف مدة استأنف ولا يبني .
قلت الأصح تكفي .
السنة المفرقة في التعريف " والله أعلم " لإطلاق الخبر وكما لو نذر صوم سنة فإنه يجوز تفريقها .
وعلى هذا لا بد أن يبين في التعريف زمان الوجدان حتى يكون ذلك في مقابلة ما جرى من التأخير كما قاله الإمام قال وتساهل بعض أصحابنا فجعل التاريخ مستحبا .
ويقول في تعريفها كما في التنبيه : من ضاع له شيء