بضم اللام وفتح القاف .
وحكى ابن مالك فيها أربع لغات لقاطة ولقطة بضم اللام وسكون القاف ولقطة بضم اللام وفتح القاف ولقط بفتح اللام والقاف بلا هاء ونظمها في بيت فقال لقاطة ولقطة ولقطه ولقط لاقط قد لقطه ويقال اللقطة بفتح القاف اسم للملتقط بكسرها أيضا .
وهي لغة ما وجد على تطلب قال تعالى " فالتقطه آل فرعون " .
وشرعا ما وجد في موضع غير مملوك من مال أو مختص ضائع من مالكه سقوط أو غفلة ونحوها لغير حربي ليس بمحرز ولا ممتنع بقوته ولا يعرف الواجد مالكه .
فخرج بغير المملوك ما وجد في أرض مملوكة فإنه لمالك الأرض إن ادعاه وإلا فلمن ملك منه وهكذا حتى تنتهي إلى المحي فإن لم يدعه فحينئذ يكون لقطة .
وبسقوط أو غفلة ما إذا ألقت الربح ثوبا في حجره مثلا أو ألقى في حجره هارب كيسا ولم يعرفه فهو مال ضائع يحفظه ولا يتملكه .
وفرقوا بينها وبين المال الضائع بأن الضائع ما يكون محرزا بحرز مثله كالموجود في مودع الحاكم وغيره من الأماكن المغلقة ولم يعرف مالكه واللقطة ما وجد ضائعا بغير حرز .
واشتراط الحرز فيه دونها إنما هو للغالب وإلا فمنه ما لا يكون محرزا كما مر في إلقاء الهارب ومنها ما يكون محرزا كما لو وجد درهما في أرض مملوكة أو في بيته ولا يدري أوهو له أو لمن دخل بيته فعليه كما قال القفال أن يعرفه لمن يدخل بيته .
وبغير حربي ما وجد بدار الحرب وليس بها مسلم فهو غنيمة يخمس وليس لقطة وما خرج ببقية الحد واضح .
ودخل فيه صحة التقاط الهدي وفائدته جواز التصرف فيه بالنحر بعد التعريف والموقوف وفائدته تملك منافعه بعد التعريف .
ويرد عليه ولد اللقطة فإنه ليس بضائع والركاز الذي هو دفين الإسلام يصح لقطة وليس مالا ضائعا والخمر غير المحترمة فيصح التقاطها ولا مال ولا اختصاص .
وإنما ذكر المصنف اللقطة بعد الهبة لأن كلا منهما تمليك بلا عوض وذكرهما في التنبيه : بعد إحياء الموات لأن كلا منهما تمليك من الشارع ولو ذكرت عقب القرض لكان مناسبا لأنه يسلك بها مسلكه والشرع أقرضه الملتقطة .
والأصل فيها قبل الإجماع الآيات الآمرة بالبر والإحسان إذ في أخذها للحفظ والرد بر وإحسان وخبر الصحيحين عن زيد بن خالد الجهني .
أن النبي A سئل عن لقطة الذهب أو الورق فقال أعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها سنة فإن لم تعرفها فاستنفقها ولتكن وديعة عندك فإن جاء صاحبها يوما من الدهر فأدها إليه وإلا فشأنك بها وسئل عن ضالة الإبل فقال ما لك ولها دعها فإن معها حذاءها وسقاءها ترد الماء وتأكل الشجر حتى يلقاها ربها وسئل عن الشاة فقال خذها فإنما هي لك أو لاخيك أو للذئب .
وفي الإلتقاط معنى الأمانة والولاية من حيث أن الملتقط أمين فيما التقطه والشرع ولاه حفظه كالولي في مال الطفل وفيه معنى الإكتساب من حيث أن له التملك بعد التعريف وهو المغلب لأنه مآل الأمر .
وأركانها ثلاثة التقاط وملتقط بكسر القاف وملتقط بفتحها .
وقد شرع في الأول فقال " يستحب الإلتقاط لواثق بأمانة نفسه " وهو ظاهر نص المختصر لما فيه من البر وفي خبر مسلم والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه ( 2 / 407 ) ويكره تركه كما قاله المتولي وغيره لئلا يقع في يد خائن وإنما لم يجب لأنها أمانة أو كسب وكل منهما لا يجب ابتداء .
وقيل يجب .
عليه ونص عليه في الأم والمختصر صيانة للمال عن الضياع .
وقال ابن سريج إن غلب على ظنه ضياعه وجب وإلا فلا .
وحمل النصين على ذلك واختاره السبكي وقال لا يتحقق القول بعدم الوجوب في هذه الصورة عن أحد والنقل أمانة فإنا لو سئلنا عمن قال به لم نجد من ننقله عنه .
ولا يستحب .
الإلتقاط قطعا " لغير واثق " بأمانة نفسه في المستقبل وهو في الحال آمن خشية الضياع أو طرو الخيانة .
و .
لكن " يجوز " له الإلتقاط " في الأصح " لأن خيانته لم تتحقق والأصل عدمها وعليه الإحتراز .
والثاني لا يجوز خشية استهلاكها .
تنبيه : .
أفهم كلامه كغيره حرمة الإلتقاط لمن علم من نفسه الخيانة وبه صرح ابن سراقة فقال يحرم عليه أخذها وقد صرحوا به في نظيره من الوديعة .
ويكره .
الإلتقاط تنزيها كما عزاه في الروضة وأصلها للجمهور " لفاسق " لئلا تدعوه نفسه إلى الخيانة وقيل تحريما كما في البسيط قال الرافعي وهو شاذ أو مؤول .
واعترض بأنه ظاهر كلام كثير من العراقيين .
والمذهب أنه لا يجب الإشهاد على الإلتقاط .
كالوديعة سواء أكان لتملك أم حفظ كما يقتضيه كلام الرافعي لكن يسن وقيل يجب لحديث أبي داود من التقط فليشهد ذا أو ذوي عدل ولا يكتم ولا يغيب وحمله الأول على الندب .
والطريق الثاني القطع بأنه لا يجب .
ويذكر في الإشهاد بعض صفات اللقطة ليكون في الإشهاد فائدة وفائدته أنه ربما طمع فيها بعد ذلك فإذا أشهد أمن ولا يستوعبها لئلا يتوصل إليها كاذب بل يصفها للشهود بأوصاف يحصل بالإشهاد بها فائدة ويكره استيعابها كما ذكره القمولي عن الإمام وجزم به صاحب الأنوار " .
تنبيه : .
محل استحباب الإشهاد إذا لم يكن السلطان ظالما يخشى أنه إذا علم بها أخذها وإلا فيمتنع الإشهاد وكذا التعريف كما جزم به المصنف في نكت التنبيه : .
ثم شرع في الركن الثاني والمغلب فيه الإكتساب لا الولاية لأنه مآل الأمر كما مر فقال " و " المذهب " أنه يصح التقاط الفاسق " والمرتد إن قلنا لا يزول ملكه وهو الأصح والسفيه " والصبي " والمجنون " والذمي في دار الإسلام " وفي معناه المستأمن والمعاهد كما بحثه الزركشي كاصطيادهم واحتطابهم .
وشرط الإمام في صحة التقاط الصبي التمييز قال الأذرعي ومثله المجنون .
والطريق الثاني تخريجه على أن المغلب في اللقطة الإكتساب فيصح أو الولاية والأمانة فلا يصح .
قال الأذرعي والمراد بالفاسق الذي يوجب فسقه حجرا عليه في ماله اه .
والظاهر أنه لا فرق .
قال الزركشي لا يقال إن مسألة الفاسق مكررة مع قوله قبله ويكره لفاسق فإن المراد بالصحة هنا أن أحكام اللقطة هل يثبت له وأن معناه الأخذ أما التقاط الذمي بدار الكفار فلا يجري عليه حكمنا .
وخرج به الحربي يجدها في دار الإسلام فإنها تنزع منه بلا خلاف أي ومن أخذها منه كان له تعريفها وتملكها كما هو ظاهر كلامهم وقيل تكون غنيمة للمسلمين قال المحاملي .
وأما المرتد فترد لقطته على الإمام وتكون فيئا إن مات مرتدا فإن أسلم فحكمه كالمسلم .
ثم الأظهر أنه .
أي الملتقط " ينزع " أي ينزعه القاضي " من الفاسق ويوضع عند عدل " لأن مال ولده لا يقر في يده فكيف مال الأجانب .
والثاني لا لأن له حق التملك أي إن أمنت غائلته ولكن يضم إليه عدل مشرف وأجرة العدل على القولين في بيت المال كما في الأنوار تبعا للدارمي فإن لم يكن فمن الواجد الفاسق .
و .
الأظهر " أنه لا يعتمد تعريفه بل يضم إليه " عدل " رقيب " خشية من التفريط في التعريف .
والثاني يعتمد من غير رقيب لأنه الملتقط .
قال في الكفاية ومؤنة التعريف عليه على القولين .
وظاهر كلام الرافعي أن الفاسق يعرف والعدل يراقبه وفي الكفاية عن الماوردي أن الأمين هو الذي يعرف .
وقال القاضي أبو الطيب و المحاملي وغيرهما يجتمعان على التعريف ويمكن حمل ذلك عليه وإذا تم التعريف فللملتقط التملك على كل قول .
قال الماوردي ويشهد عليه الحاكم بغرمها إذا جاء صاحبها وإذا لم يتملكها تركت بيد الأمين ( 2 / 408 ) .
تنبيه : .
اقتصار المصنف على الفاسق قد يوهم أنه لا ينزع من يد الذمي بل يقر في يده وليس مرادا ففي الروضة كأصلها إلحاقه بالفاسق ويلحق به أيضا المرتد والمستأمن والمعاهد .
قال الماوردي ولو كان الملتقط أمينا لكنه ضعيف لا يقدر على القيام بها لم تنزع منه .
وعضده الحاكم بأمين يقوي به على الحفظ والتعريف .
وينزع الولي .
وجوبا " لقطة الصبي " والمجنون والسفيه لحقهم وحق المالك وتكون يده نائبة عنهم كما ناب عنهم في مالهم ويعرف " ها الولي لا من مال الصبي والمجنون والسفيه بل يرفع الأمر إلى الحاكم ليبيع جزءا من اللقطة لمؤنة التعريف وهذا مستثنى من كون مؤنة التعريف على المتملك .
تنبيه : .
أفهم كلام المصنف أن تعريف الصبي لا يصح ومثله المجنون وأما السفيه فيصح تعريفه ولا بد من إذن وليه كما قال الزركشي .
ويتملكها للصبي .
ونحوه " إن رأى ذلك " مصلحة " حيث يجوز الإقتراض له " لأن التملك في معنى الإقتراض فإن لم يره مصلحة له حفظه أمانة أو دفعه إلى القاضي .
و .
على صحة التقاط الصبي والمجنون والسفيه " يضمن الولي إن قصر في انتزاعه " أي الملتقط " حتى تلف في يد الصبي " ومن ذكر معه أو أتلفه كل منهم لتقصيره كما لو قصر في حفظ ما احتطبه قال الزركشي إلا أن يكون وليه الحاكم فالأشبه عدم ضمانه اه .
وفيه نظر .
فإن لم يقصر في انتزاعها ضمن الصبي ومن ذكر معه بالإتلاف لا بالتلف بلا تقصير ويعرف التالف المضمون ويتملك للصبي ونحوه القيمة بعد قبض الحاكم لها .
أما ما في الذمة فلا يمكن تملكه لهم ولو لم يعلم بها الولي حتى بلغ الصبي أو أفاق المجنون أو رشد السفيه كان كما لو وجدها بعد زوال الحجر سواء استأذن الحاكم فأقرها في يده أم لا كما هو أحد احتمالين للصيمري يظهر ترجيحه .
والأظهر بطلان التقاط العبد .
إذا لم يأذن له فيه السيد ولم ينهه لأن اللقطة أمانة وولاية ابتداء وتمليك انتهاء وليس هو من أهلهما .
والثاني صحته ويكون لسيده كاحتطابه واصطياده فإن أذن له كقوله متى وجدت لقطة فأتني بها صح جزما وإن نهاه امتنع جزما عند الإصطخري وقواه المصنف وطرد غيره فيه القولين .
والإذن في الإكتساب إذن في الإلتقاط في أحد وجهين يظهر ترجيحه كما يؤخذ من كلام الزركشي .
ويستثنى من بطلان التقاط العبد نثر الوليمة فإنه يصح ويملكه سيده كما في الروضة آخر الوليمة وكذا الحقير كتمرة وزبيبة وهذا في الحقيقة لا يستثنى من اللقطة لأن هذا لا تعريف فيه ولا تملك فهو كالإحتطاب والإصطياد .
و .
على بطلان التقاطه " لا يعتد بتعريفه " لأنه غير ملتقط ويضمن الملتقط في رقبته وعلى صحة التقاطه يعتد بتعريفه ولو بغير إذن سيده في الأصح وليس له بعد التعريف أن يتملكه لنفسه بل يتملكه لسيده بإذنه ولا يصح بغير إذنه .
والمدبر ومعلق العتق وأم الولد كالقن إلا أن الضمان في أم الولد يتعلق بسيدها لا برقبتها علم سيدها أم لا .
فلو أخذه .
أي الملتقط " سيده " أو أجنبي " منه " أي العبد " كان التقاطا " له وإن لم يأذن السيد للأجنبي ويسقط عن العبد الضمان .
وفي معنى أخذ السيد إقراره اللقطة في يد العبد إن كان أمينا إذ يده كيده فإن استحفظه وهو غير أمين أو أهمله تعلق الضمان بالعبد وسائر أموال السيد حتى لو هلك العبد لا يسقط الضمان ولو أفلس السيد قدم صاحب اللقطة في العبد على سائر الغرماء .
تنبيه : .
قوله أخذه سيده قد يفهم أنه لو أعتق العبد بعد أن التقط لا يأخذه منه وهو كذلك وللعتيق تملكها وكأنه التقط بعد الحرية .
قلت .
كما قال الرافعي في الشرح " المذهب صحة التقاط المكاتب كتابة صحيحة " كالحر لأنه مستقل بالملك والتصرف فيعرف ويتملك .
والقول الثاني لا يصح لما فيه من التبرع والحفظ وليس هو من أهله فهو كالقن لكن لا يأخذها السيد منه وإن أوهمته عبارة المصنف بل يأخذها القاضي ويحفظها إذ لا ولاية للسيد عليه .
والطريق الثاني القطع بالصحة كالحر .
وعلى الأول لو تملكها المكاتب بعد تعريفها فإن تلفت كان بدلها في كسبه .
ولا يقدم مالكها به على الغرماء في أحد وجهين استظهره شيخنا وينبغي جريانهما كما قال الزركشي في الحر المفلس أو ( 2 / 409 ) الميت فلو عجز نفسه قبل تملك اللقطة لم يأخذها السيد لأن التقاط المكاتب لا يقع لسيده ولا ينصرف إليه وإن كان التقاطه اكتسابا لأن له يدا كالحر فليس للسيد ولا لغيره أخذها منه بل يحفظها الحاكم للمالك .
أما المكاتب كتابة فاسدة فلا يصح التقاطه بغير إذن سيده كالقن .
و .
المذهب صحة التقاط " من بعضه حر " وبعضه رقيق لأنه كالحر في الملك والتصرف والذمة وقيل على القولين في القن .
و .
على الأول " هي " أي اللقطة " له ولسيده " فيعرفانها ويتملكانها .
هذا إن لم تكن مهايأة " فإن كانت مهايأة " بالهمز أي مناوبة " فلصاحب النوبة في الأظهر " بناء على دخول الكسب النادر في المهايأة وهو الأصح .
والثاني تكون بينهما بناء على عدم دخوله فيها .
فعلى الأظهر من وقعت في توبته عرفها وتملكها والإعتبار بوقت الإلتقاط على الأصح .
تنبيه : .
هل يحتاج إلى إذن السيد فيما إذا كانت مهايأة وفيما إذا لم تكن مهايأة أو لا لم أر من تعرض لذلك وظاهر كلامهم أنه في نوبة سيده كالقن أنه لا بد من إذنه وأما في نوبة نفسه فهو كالحر .
وأما إذا لم تكن مهايأة فيظهر من كلامهم أنه لا يحتاج إلى إذن تغليبا للحرية .
وكذا حكم سائر .
أي باقي " النادر من الأكساب " الحاصلة للمبعض كالوصية والهبة والركاز والصدقة وكذا زكاة الفطر في الأصح لأن مقصود المهايأة أن يختص كل واحد بما وقع في نوبته .
و .
حكم النادر من " المؤن " كأجرة طبيب وثمن دواء وأجرة حمام إلحاقا للغرم بالغنم فالأكساب لمن حصلت في نوبته والمؤن على وجد سبها في نوبته في الأظهر فيهما .
ومقابله يشتركان فيهما لأن النادرة مجهولة وربما لا تخطر بالبال عند التهايؤ ولا ضرورة إلى إدخالها .
إلا أرش الجناية .
الموجودة من المبعض أو عليه كما شملته عبارة المصنف وبحثه الزركشي في نوبة أحدهما فلا يختص أرشها بصاحب النوبة بل يكون الأرش بين المبعض والسيد جزما " والله أعلم " لأن الأرش يتعلق بالرقبة وهي مشتركة ونقل الإمام في باب صدقة الفطر اتفاق العلماء عليه .
وإذا لم تكن مهايأة فيشتركان في سائر النادر من الأكساب والمؤن