وشرط الناظر ووظيفته " إن شرط الواقف النظر " على وقفه " لنفسه أو غيره " واحدا كان أو أكثر " اتبع " شرطه سواء فوضه له في حال حياته أم أوصى به لأنه المتقرب بالصدقة فيتبع شرطه كما يتبع في مصارفها وغيرها .
ولو جعل ولاية وقفه لفلان فإن مات فلفلان جاز .
وقد كان عمر رضي الله تعالى عنه يلي أمر صدقته ثم جعله إلى حفصة تليه ما عاشت ثم يليه أولو الرأي من أهلها رواه أبو داود ولقبول المشروط له النظر حكم قبول الوكيل بجامع اشتراكهما في التصرف وفي جواز الامتناع منهما بعد قبولهما فلا يشترط قبوله لفظ .
وإلا .
أي وإن لم يشرطه لأحد " فالنظر للقاضي على المذهب " لأن له النظر العام فكان أولى بالنظر فيه ولأن الملك في الوقف لله تعالى والطريق الثاني ينبني على أقوال الملك والخلاف في الروضة كأصلها وجهان .
ولو بنى مسجدا ببلد ووقف عليه وقفا ببلد آخر ولم يشرط النظر لأحد وقلنا بالمذهب إن النظر للحاكم كان النظر على المسجد لحاكم بلده وعلى الموقوف لحاكم بلده .
ووقع بعد تولية القضاة الأربعة فتوى فيمن شرط النظر لزيد ثم لحاكم المسلمين بدمشق .
وأفتى الفزاري بأن النظر المشروط للحاكم لا يختص بحاكم معين ونوزع في ذلك واختار السبكي اختصاص الشافعي بالنظر في الأوقاف التي شرطت للحاكم والتي سكت عن نظرها والتي آل نظرها إلى الحاكم قال لأن القاضي الشافعي وهو المفهوم عرفا عند الإطلاق فمتى قيل القاضي من غير تعيين فهو الشافعي وإن أريد غيره قيدوه وقد استقر ذلك في الديار المصرية وبسط القول في ذلك .
وشرط الناظر العدالة .
وإن كان الوقف على معينين رشداء لأن النظر ولاية كما في الوصي والقيم .
قال السبكي ويعتبر في منصوب الحاكم العدالة الباطنة وينبغي أن يكتفي في منصوب الواقف بالظاهرة كما في الأب وإن افترقا في وفور شفقة الأب وخالف الأذرعي فاعتبر فيه الباطنة أيضا والأول أوجه .
و .
شرطه أيضا " الكفاية " وفسرها في الذخائر بقوة الشخص وقدرته وعلى التصرف فيما هو ناظر عليه فإن اختلت إحداهما نزع الحاكم الوقف منه وإن كان المشروط له النظر الواقف .
وقضية كلام الشيخين أن الحاكم يتولاه استقلالا فيوليه من أراد وأن النظر لا ينتقل لمن بعده إذا شرط الواقف النظر لإنسان بعد آخر أي إلا أن ينص عليه الواقف كما قاله السبكي وغيره فإن زال الاختلال عاد نظره إن كان مشروطا في الوقف منصوصا عليه بعينه كما ذكره المصنف في فتاويه وإن اقتضى كلام الإمام خلافه وما في الفتاوى يدل على أنه لا ينفذ عزله من نفسه ولا من غيره وهو كذلك من غيره أو من نفسه إذا تعين ( 2 / 394 ) .
تنبيه : .
في ذكر الكفاية كفاية عن قوله " والإهتداء إلى التصرف " ولذلك حذفه من الروضة كأصلها وحينئذ فعطف الاهتداء على الكفاية من عطف التفسير أو يقال أفرده بالذكر لكونه المهم من الكفاية .
ولو كان له النظر على مواضع فأثبت أهليته في مكان ثبت في باقي الأماكن من حيث الأمانة ولا يثبت من حيث الكفاية إلا إن ثبتت أهليته في سائر الأوقاف قاله ابن الصلاح وهو كما قال الدميري ظاهر إذا كان الباقي فوق ما أثبت أهليته فيه أو مثله بكثرة مصارفه وأعماله فإن كان أقل فلا .
ولا يتصرف الناظر إلا على وجه النظر والاحتياط لأنه ينظر في مصالح الغير فأشبه ولي اليتيم .
ووظيفته .
عند الإطلاق أو تفويض جميع امور " العمارة والإجارة وتحصيل الغلة وقسمتها " على مستحقيها وحفظ الأصول والغلات على الاحتياط لأنه المعهود في مثله .
تنبيه : .
أفتى ابن عبد السلام بأن المدرس هو الذي ينزل الفقهاء ويقرر جامكياتهم وأنه ليس للناظر إلا تحصيل الريع وقسمته على المنزلين .
وهذا قد يخالفه قول المصنف بعد وللواقف عزل من ولاه ونصب غيره والناظر قائم مقام الواقف فإنه قد أقامه مقام نفسه فكيف يقال بتقديم غيره عليه وكيف يقال الناظر يولي المدرس وهو ينزل الطلبة فالمدرس فرع الناظر فكيف يقدم الفرع على الأصل وهذا هو المعتمد كما صوبه الزركشي وغيره .
فإن فوض إليه بعض هذه الأمور لم يتعده .
اتباعا للشرط كالوكيل .
ولو شرط الواقف للناظر شيئا من الريع جاز جاز وإن زاد على اجرة مثله كما صرح به الماوردي بخلاف ما لو كان النظر له وشرط لنفسه فإنه لا يزيد على أجرة المثل كما مرت الإشارة إليه فإن لم يذكر الواقف للناظر أجرة فلا أجرة له على الصحيح كالغسال ونحوه فلو رفع الناظر الأمر الى الحاكم ليقرر له أجرة فهو كما إذا تبرم الولي بحفظ مال الطفل فرفع الأمر الى القاضي ليثبت له أجره ولو ادعى متولى الوقف صرف الريع للمستحقين فإن كانوا معينين فالقول قولهم ولهم مطالبته بالحساب وإن كانوا غير معينين فهل للإمام مطالبته بالحساب أولا وجهان حكاهما شريح في أدب القضاء أوجههما الأول ويصدق في قدر ما أنفقه عند الاحتمال فإن اتهمه الحاكم حلفه والمراد كما قال الأذرعي اتفاقه فيما يرجع الى العادة وفي معناه الصرف الى الفقراء ونحوهم من الجهات العامة بخلاف اتفاقه على الموقوف عليه المعين فلا يصدق فيه لأنه لم يأتمنه ولو فوض الواقف النظر لاثنين لم يستقل أحدهما بالتصرف ما لم ينص عليه ولو جعل النظر لعدلين من أولاده وليس فيهم إلا عدل نصب الحاكم آخر وإن شرطه للأرشد من أولاده فالأرشد فأثبت كل منهم أنه الأرشد اشتركوا في النظر بلا استقلال إن وجدت الأهلية فيهم لأن الأرشدية قد سقطت بتعارض البينات فيها وبقي أصل الرشد وإن وجدت الأرشدية في بعض منهم اختص بالنظر عملا بالبينة ويدخل في الأرشد من أولاد أولاده الأرشد من أولاد البنات لصدقه به ولو قال الواقف جعلت النظر لفلان وله أن يقوض النظر الى من أراد ففوض النظر الى شخص فهو يزول نظر المفوض أو يكون المفوض إليه وكيلا عن المفوض وفائدة ذلك لنه لو مات المفوض هل يتقي النظر للفوض إليه أو مات المفوض إليه هل يعود للمفوض أولا يدل للأول ما في فتاوي المصنف إذا شرط الواقف النظر لإنسان وجعل له أن يسند الى من شاء وكذلك سند بعد سند فأسند الى انسان فهل للمسند عزل المسند إليه أولا وهل يعود للنظر الى المسند أولا ولو أسند المسند أو المسند إليه الى ثالث فهل للأول عزله اولا أجاب ليس للمسند عزل المسند إليه ولا مشاركته ولا يعود النظر إليه بعد موته وليس له ولا للثاني عزل الثالث الذي أسند إليه الثاني وللواقف الناظر عزل من أي شخص ولاه النظر ونصب غيره مكانه كما يعزل الموكل وكيله وينصب غيره وكان المتولى نائبا عنه أما غير الناظر فلا يصح منه تولية ولا عزل بل هي للحاكم .
تنبيه : .
قد يقتضي كلامه أن له العزل بلا سبب وبه صرح السبكي في فتاويه فقال أنه يجوز للواقف وللناظر الذي من جهته عزل المدرس ونحوه إذا لم يكن مشروطا في الوقف لمصلحة ولغير مصلحة لأنه كالوكيل المأذون له في ( 2 / 295 ) اسكان هذا الدار لفقير فله أن يسكنها من شاء من الفقراء إذا سكنها فقير مدة فله أن يخرجه ويسكن غير لمصلحة ولغير مصلحة وليس تعينه لذلك يصيره كأنه مراد الواقف حتى يمتنع تغيره وبسط في ذلك فإن قبل في زوائد الروضة قبيل باب القسمة من الماوردي أنه إذا ارادوا لي الأمر اسقاط بعض الأجناد المثبتين في الديوان بسبب جاز أو بغير سبب فلا وإذا كان هذا في النظر العام ففي النظر الخاص المقتضي للاحتياط أولي أجيب بأن الأجناد المثبتين في الديوان قدربطوا أنفسهم علي الجهاد وهو من فروض الكفايات ومن شرع فيه أو ربط نفسه عليه لا يجوز إخراجه بغير سبب بخلاف الوقف فإنه خارج عن فروض الكفايات وقال البلقيني عزل الناظر للمدرس من غير طريق مسوغ لا ينفذ ويكون قادحا في نظره وقال الزركشي في خادمه لا يبعد أن ينفذ وإن كان عزله غير جائز وقال في شرحه على المنهاج في القضاء لا ينعزل أصحاب الوظائف الخاصة كالإمامة والإقراء والتصوف والتدريس والطلب والنظر من غير سبب كما أفتى به كثير من المتأخرين منهم ابن رزين فقال من تولي تدريسا لا يجوز عزله بمثله ولا بدونه ولا ينعزل بذلك اه وهذا هو الظاهر ثم استثني المصنف من جواز العزل قوله إلا أن يشرط الواقف لشخص نظره حال الوقف فليس له عزله ولو لمصلحة لأنه لا تغيير لما شرطه كما ليس لغير ذلك ولأنه لا نظر له حينئذ وليس له عزل من شرط تدريسه أو فوض إليه حال الوقف ولو لمصلحة كما لو وقف على أولاده الفقراء لا يجوز تبديلهم بالأغنياء بخلاف من جعل له ذلك بعد تمام الوقف فإن له عزله كما نقله الشيخان من فتاوي البغوي وأقراه لكن ينبغي كما قال شيخنا تقييده في تفويض التدريس بما إذا كانت جنحة ولو عزل الناظر بالشرط نفسه أو فسق فتولية غيره الى الحاكم إلا الى الواقف إذ لا نظر له بعد أن جعل النظر في حال الوقف لغيره فإن شرط النظر حال الوقف لزيد بعد انتقال الوقف من عمرو الى الفقراء فعزل زيد نفسه من النظر أو استناب فيه غيره قبل انتقال الوقف من عمرو الى الفقراء لم يصح العزل ولا الاستنابة لأنه غير ناظر في الحال ولا يملك الواقف عزل زيد في الحال ولا من بعده كما علم مما مر وإذا أجر الناظر العين الموقوفة على غيره مدة بأجرة مثله فزادت الأجرة في المدة أو ظهر طالب بالزيادة عليها لم ينفسخ العقد في الأصح لأن العقد قد جرى بالغبطة في وقته فأشبه ما إذا باع الولى مال الطفل ثم ارتفعت القيم بالأسواق أو ظهر طالب بالزيادة والثاني ينفسخ إذا كان للزيادة وقع والطالب ثقة لتبين وقوعه على خلاف الغبطة أما إذا أجر العين الموقوفة عليه فإنه يصح قطعا ولو بدون أجرة المثل كما لو أجر المطلق به أو أجر الناظر الوقوف على غيره بدون أجرة المثل فإنه لا يصح قطعا وأفتى ابن الصلاح فيما إذا أجر الناظر الوقف مدة معلومة بأجرة معلومة وشهد شاهدان أنها اجرة المثل حالة العقد ثم تغيرت الأحوال وطرأت أسباب توجب زيادة أجرة المثل أنه يتبين بطلان العقد ويتبين خطأ الشاهدين بأجرة المثل لأن تقويم المنافع في مدة ممتدة إنما يصح إذا استمر الحال الوجودة حالة التقويم التي هي حالة العقد وليس هذا التقويم كتقويم السلعة الحاضرة قال الأذرعي وهذا مشكل جدا والذي يقع في النفس إنما ينظر الى أجرة المثل التى تنتهى إليها الرغبات حالة العقد في جميع المدة المعقود عليها مع قطع النظر عما عساه يتجدد لأن ذلك يؤدي الى سد باب إجارة الأوقاف والزهد فيها لأن الدنيا لا تبقى على حالة واحدة وأطال في رد ذلك وما قاله لاخفاء فيه خاتمة نفقة الوقوف ومؤن تجهيزه وعمارته من حيث شرطها الواقف من ماله أو من مال الوقف وإلا فمن منافع الموقوف ككسب العبد وغلة العقار فإذا تعطلت منافعه فالنفقة ومؤن التجهيز لا العمارة في بيت المال وأو الدرس شرط الواقف وجعل الترتيب بين أرباب الوقف أو المقادير بأن لم يعلم هل سوى الواقف بينهم أو فضل قسمت الغلة بينهم بالسوية لعدم الأولوية وإذا تنازعوا في شرطه ولا بينة ولأحدهم بد صدق بيمينه لاعتضاد دعواه باليد فإن كان الواقف حيا عمل بقوله بلا يمين أو ميتا فوارثه فإن لم يكن فناظره من جهة الواقف لا المنصوب من جهة ( 2 / 396 ) الحاكم ولو وجد الوارث والناظر فالناظر كما قاله الاذرعي ولو وقف على قبيله كالطالبين ثأجزاء لاثة منهم فإن قال وقفت على أولاد علي وجعفر وعقيل اشت من كل منهم .
ويدخل في الوقف على الفقراء الغرباء وفقراء أهل البلد .
وللناظر الإقتراض في عمارة الوقف بإذن الإمام فلو نبتت شجرة بمقبرة فثمرتها مباحة للناس تبعا للمقبرة وصرفها إلى مصالح المقبرة أولى من تبقيتها للناس لا ثمر شجرة غرست للمسجد فيه فليست مباحة بلا عوض بل يصرف الإمام عوضها لمصالح المسجد .
وإنما خرجت الشجرة عن ملك غارسها هنا بلا لفظ للقرينة الظاهرة وخرج بغرسها للمسجد غرسها مسبلة فيجوز أكلها بلا عوض وكذا إن جهلت نيته حيث جرت العادة به .
وتقطع الشجرة من المسجد إن رآه الإمام بل إن جعل البقعة مسجدا وفيها شجرة فللإمام قطعها .
وإن أدخلها الواقف في الوقف والوقف أمانة في يد الموقوف عليه فإن استعمله في غير ما وقف له ضمنه فإن انكسر القدر بلا تعد فإن تطوع أحد بإصلاحه فذاك وإلا أعيد صغيرا ببعضه فإن تعذر فقصعة أو مغرفة أو نحوها ولا حاجة إلى إنشاء وقف ولو وقف دهنا لإسراج المسجد به أسرج كل الليل إلا أن لا يتوقع حضور أحد ينتفع به انتفاعا جائزا .
قال الدميري واقعة عن السبكي قال لي ابن الرفعة أفتيت ببطلان خزانة كتب وقفها واقف لتكون في مكان معين في مدرسة الصالحية بمصر لأن ذلك المكان مستحق لغير تلك المنفعة .
قال السبكي ونظيره إحداث منبر في مسجد لم يكن فيه فإنه لا يجوز وكذا إحداث كرسي مصحف مؤبد يقرأ فيه كما يفعل بالجامع الأزهر وغيره لا يصح وقفه لما تقدم من استحقاق تلك البقعة لغير هذه الجهة قال والعجب من قضاة يثبتون وقف ذلك شرعا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا .
وسئل السبكي عن رجل وقف أرضا بها أشجار موز والعادة أن شجر الموز لا يبقى أكثر من سنة فزالت الأشجار بعد أن نبتت من أصولها أشجار ثم أشجار على ممر الزمان فأجاب الأرض وما فيها من أصول الموز وفراخه وقف وما نبت بعد ذلك من الفراخ ينسحب عليه حكم الوقف ولا يحتاج إلى إنشاء وقف بخلاف العبد الموقوف إذا قتله واشترى بقيمته عبدا آخر فإنه يحتاج إلى إنشاء وقف كما تقدم والفرق أن العبد قد فات بالكلية والأرض الموقوفة باقية