المعنوية " الأظهر أن الملك في رقبة الموقوف " على معين أو جهة " ينتقل إلى الله تعالى " وفسر المصنف انتقاله إلى الله تعالى بقوله " أي ينفك عن اختصاص الآدمي " ذكر وأنثى وإلا فجميع الموجودات له سبحانه وتعالى في كل الأوقات .
قال الإمام في الشامل لا يتصور في حق العباد ملك الرقاب وإن أطلق توسعا فالمالك في الحقيقة هو الله تعالى .
وقوله " فلا يكون للواقف ولا للموقوف عليه " أشار به إلى القولين الآخرين .
وجه بقاء الملك للواقف أنه حبس الأصل وسبل الثمرة وذلك لا يوجب زوال ملكه ووجه الثالث الإلحاق بالصدقة .
فإن قيل الوقف يثبت بشاهد ويمين وهو يدل لهذين القولين وأن حقوق الله تعالى لا تثبت إلا بشاهدين .
أجيب بأن المقصود بالثبوت هو الربع وهو حق آدمي ولو جعل البقعة مسجدا أو مقبرة انفك اختصاص الآدمي قطعا ومثلها بأن المقصود بالثبوت هو الريع وهو حق آدمي ولو جعل البقعة مسجدا أو مقبرة انفك اختصاص الآدمي قطعا .
ومثلها الرباط والمدرسة ونحوهما .
ومنافعه .
أي الموقوف على معين عند الإطلاق " ملك للموقوف عليه " وفسر المصنف هذا الملك بقوله " يستوفيها بنفسه وبغيره بإعارة وإجارة " كسائر الأملاك ولكن لا يؤجر إلا إذا كان ناظرا أو أذن له الناظر في ذلك ( 2 / 390 ) نعم للناظر منعه من سكنى الدار الموقوفة عليه ليؤجرها للعمارة إن اقتضاها الحال لأنه إذا لم يمنعه لربما أدى ذلك إلى الخراب .
وفهم من تجويز الإعارة الإجارة بدون أجرة المثل وبه صرح الإمام فإن كان الوقف على جهة كالفقراء لم يملك الموقوف عليه المنفعة بل الانتفاع أو قيد بشيء كما لو وقف دارا على أن يسكنها معلم الصبيان بالقرية مثلا ليس له أن يسكنها غيره بأجرة ولا بغيرها .
وقضية هذا منع إعارتها وهو كذلك وإن جرت عادة الناس بالمسامحة بإعارة بيت المدرس ونحوه وقد نقل أن المصنف لما ولي دار الحديث وفيها قاعة للشيخ لم يسكنها وأسكنها غيره فلو قال الواقف لتشغل ويعطى المعلم غلتها لم يسكنها كما في الروضة وأصلها عن فتاوى القفال وغيره .
ولو حصل من استيفاء المنفعة نقص في عين الموقوف كرصاص الحمام واستوفى الموقوف عليه الأجرة لزمه قيمة ما أذهبته النار من الرصاص مما قبضه من الأجرة وصرفه في مثله قاله في المطلب تفقها قال الدميري وعليه عمل الناس .
تنبيه : .
أفهم قوله للموقوف عليه أن الواقف لا ينتفع بشيء من الوقف لكن يستثنى منه ما لو وقف شخص ملكه مسجدا أو مقبرة أو بئرا فله أن يصلي فيه ويدفن فيه ويستقي منه .
ويملك الأجرة .
للموقوف كما لو أجر ملكه لأنها من المنافع .
تنبيه : .
قد يفهم هذا أن الناظر لو أجر الوقف سنين بأجرة معجلة أن له صرفها إليه في الحال وقد مر الكلام على ذلك في كتاب الإجارة فمن شاء فليراجعه .
و .
يملك أيضا " فوائده " الحاصلة بعد الوقف عند الإطلاق أو شرط أنها للموقوف عليه " كثمرة " وأغصان ونحوه مما يعتاد قطعه لأنها كالثمرة بخلاف ما لا يعتاد قطعه .
نعم إن شرط قطع الأغصان التي لا يعتاد قطعها مع ثمارها كانت له قاله الإمام .
أما الثمرة الموجودة حال الوقف فهي للواقف إن كانت مؤبرة وإلا فقولان قاله الدارمي .
وينبغي أن تكون للموقوف عليه .
وصوف .
وشعر ووبر وريش " ولبن وكذا الولد " الحادث بعد الوقف يملكه الموقوف عليه عند الإطلاق أو عند شرط الولد له " في الأصح " كالثمرة واللبن .
والثاني يكون وقفا .
تبعا لأمه ولو كانت حاملا عند الوقف فولدها وقف على الثاني وكذا على الأول بناء على أنه يعلم وهو الأصح ومثله الصوف ونحوه كما بحثه شيخنا .
تنبيه : .
محل ملكه لولد الأمة إذا كان من نكاح أو زنا فإن كان من وطء شبهة فهو حر وعلى الواطىء قيمته وتكون ملكا للموقوف عليه إن جعلنا الولد ملكا له وإلا فيشترى بها عبد ويوقف كما قالاه .
وظاهره أنه لا فرق بين أن يكون الولد ذكرا أو أنثى وهو كذلك وإن قال الإسنوي إنما يشترى به عبد إذا كان الولد ذكرا وإلا فأنثى كما لو قتل الموقوف لأن الولد حين انعقاده لم يكن صالحا للوقفية بخلاف الأمة الموقوفة إذا قتلت فشراء العبد بالقيمة أولى لأنه خير من الأمة ويكسبه ما لا تكسبه فهو أصلح للوقف .
وخرج بعند الإطلاق وقف دابة لركوب ففوائدها من در ونحوه للواقف لأنها لم تدخل في الوقف .
والحيوان الموقوف للإنزاء لا يستعمل في غير الإنزاء نعم لو عجز عن الإنزاء جاز استعمال الواقف له في غيره كما قاله الأذرعي .
ولو ماتت البهيمة .
الموقوفة " اختص بجلدها " لأنه أولى بها من غيره فإن اندبغ ولو بنفسه كما بحثه شيخنا عاد وقفا .
قال في الدقائق وعبرت بالاختصاص لأن النجس لا يوصف بأنه مملوك .
وإن قطع بموت البهيمة الموقوفة المأكولة جاز ذبحها للضرورة وهل يفعل الحاكم بلحمها ما يراه مصلحة أو يباع ويشترى بثمنه دابة من جنسها وتوقف وجهان رجح الأول ابن المقري والثاني صاحب الأنوار وهو كما قال شيخنا أولى بالترجيح .
فإن لم يقطع بموتها لم يجز ذبحها وإن خرجت عن الانتفاع كما لا يجوز إعتاق العبد الموقوف .
وقضية كلام الروضة أنه لا يجوز بيعها حية وهو كذلك كما صححه المحاملي و الجرجاني وإن قال الماوردي بالجواز .
وله .
أي الموقوف عليه " مهر " وطء " الجارية إذا وطئت بشبهة " أو زنا بها مكرهة أو غير مميزة " أو نكاح إن صححناه " أي نكاحها " وهو الأصح " إذا زوجها الحاكم من غير الواقف والموقوف عليه وأذن له الموقوف عليه لأنه ( 2 / 391 ) من جملة الفوائد كالثمرة .
ويحرم على الوافق والموقوف عليه وطء الأمة الموقوفة ولا يلزم الموقوف عليه الإذن في تزويجها وإن طلبته منه لأن الحق له .
ولا يحل له نكاحها بل لو وقفت عليه زوجته انفسخ نكاحه إن قبل الوقف على القول باشتراط القبول .
ولا يحل نكاحها للواقف أيضا وإذا وطئها الموقوف عليه لا يلزمه المهر ولا قيمة ولدها الحادث بتلفه أو بانعقاده حرا لأن المهر ولد الموقوفة الحادث له ويلزمه الحد حيث لا شبهة كالواقف ولا أثر لملكه المنفعة وهذا هو المعتمد كما جرى عليه ابن المقري في روضه .
وسيأتي في باب الوصية إن شاء الله تعالى أن الموصى له بمنفعة أمة إذا وطئها لا حد عليه والفرق بينه وبين الموقوف عليه .
تنبيه : .
قول المصنف إن صححناه لا مفهوم له لأنه إذا لم يصح كان وطء شبهة وقد قال إن المهر له في ذلك .
أما إذا زنى بها مطاوعة وهي مميزة فلا مهر لها .
والمذهب أنه .
أي الموقوف عليه وكذا الواقف " لا يملك قيمة العبد " مثلا " الموقوف إذا " تلف تحت يد ضامنه لرقبته أو " أتلف " سواء أتلفه أجنبي أم الواقف أم الموقوف عليه تعديا .
أما إذا أتلفه الموقوف عليه بلا تعد فلا ضمان ومن ذلك كما في زيادة الروضة الكيزان المسبلة على أحواض الماء وكذا الكتب الموقوفة على طلب العلم مثلا فلا ضمان على من تلف في يده شيء منها بلا تعد وإن تعدى ضمن ومن التعدي استعماله في غير ما وقف له .
بل يشترى بها .
أي بالقيمة " عبد " مثله فلا يشترى أمة بقيمته ولا عبد بقيمة أمة ولا صغير بقيمة كبير ولا عكسه على أقوى الوجهين كما رجحه المصنف .
ليكون وقفا مكانه .
مراعاة لغرض الواقف من استمرار الثواب وتعلق حق البطن الثاني وما بعده به .
تنبيه : .
الذي يتولى الشراء والوقف هو الحاكم ولا فرق بين أن يكون للوقف ناظر خاص أو لا وهو كذلك خلافا للزركشي في الشق الأول بناء على أن الموقوف ملك لله تعالى .
وأشار المصنف بقوله ليكون وقفا إلى أنه لا يصير وقفا حتى يقفه الحاكم .
وفرق بينه وبين المبني في عمار الجدران الموقوفة وترميمها حيث يصير وقفا بالبناء لجهة الوقف بأن العبد الموقوف مثلا قد فات بالكلية والأرض الموقوفة باقية والطين والحجر المبني بهما كالوصف التابع .
فإن تعذر .
شراء عبد بقيمة التالف " فبعض عبد " لأنه أقرب إلى مقصود الواقف بخلاف الأضحية حيث لا يشترى بقيمتها شقص شاة لتعذر التضحية به وقيل يملك القيمة الموقوف عليه بناء على أن الملك له وينتهي الوقف له .
والطريق الثاني القطع بشراء عبد بها إلخ .
فإن تعذر الشقص ففيه ثلاثة أوجه أحدها يبقى البدل إلى أن يتمكن من شراء شقص .
ثانيها يكون ملكا للموقوف عليه ثالثها يكون لأقرب الناس إلى الواقف وهذا أقربها .
ولو جنى الموقوف جناية توجب قصاصا اقتص منه وفات الوقف كما لو مات وإن وجب بجنايته مال أو قصاص وعفي على مال فداه الواقف بأقل الأمرين من قيمته والأرش وإن مات العبد بعد الجناية ولا يتعلق المال برقبته لتعذر بيعه وله إن تكررت الجناية منه حكم أم الولد .
وإن مات الواقف ثم جنى العبد أفدي من كسبه في أحد وجهين يظهر ترجيحه والوجه الآخر من بيت المال كالحر المعسر ولا يفتدى من تركة الواقف لأنها انتقلت إلى الوارث .
ولو .
تعطلت منفعة الموقوف بسبب غير مضمون كأن " جفت الشجرة " أو قلعها ريح أو سيل أو نحو ذلك ولم يمكن إعادتها إلى مغرسها قبل جفافها " لم ينقطع الوقف على المذهب " وإن امتنع وقفها ابتداء لقوة الدوام .
تنبيه : .
لو عبر كالمحرر والروضة وأصلها بالأصح كان أولى فإن المقابل وجه يقول إن الوقف ينقطع وينقلب ملكا للواقف أو وارثه لا طريقة .
بل ينتفع بها .
حاله كونها " جذعا " بإجارة وغيرها إدامة للوقف في عينها .
ولا تباع ولا توهب للخبر السابق أول الباب " وقيل تباع " لتعذر الإنتفاع كما شرطه الواقف .
والثمن .
على هذا حكمه " كقيمة العبد " المتلف على ما سبق فيه .
فإن لم يمكن الإنتفاع بها إلا باستهلاكها بإحراق أو نحوه ففيه خلاف قيل تصير ( 2 / 392 ) ملكا للموقوف عليه لكنها لا تباع ولا توهب بل ينتفع بعينها كأم الولد ولحم الأضحية وصحح هذا ابن الرفعة و القمولي وجرى عليه ابن المقري في روضه ونقل أصله عن اختيار المتولي " .
قد يفهم هذا أن الناظر لو أجر الوقف سنين بأجرة معجلة أن له صرفها إليه في الحال وقد مر الكلام على ذلك في كتاب الإجارة فمن شاء فليراجعه .
قد يفهم هذا أن الناظر لو أجر الوقف سنين بأجرة معجلة أن له صرفها إليه في الحال وقد مر الكلام على ذلك في كتاب الإجارة فمن شاء فليراجعه .
قد يفهم هذا أن الناظر لو أجر الوقف سنين بأجرة معجلة أن له صرفها إليه في الحال وقد مر الكلام على ذلك في كتاب الإجارة فمن شاء فليراجعه .
قد يفهم هذا أن الناظر لو أجر الوقف سنين بأجرة معجلة أن له صرفها إليه في الحال وقد مر الكلام على ذلك في كتاب الإجارة فمن شاء فليراجعه .
ولكن اقتصار المصنف على ما ذكره كالحاوي الصغير يقتضي أنها لا تصير ملكا بحال قال شيخنا وهو المعتمد الموافق للدليل وكلام الجمهور اه .
والأول أوجه .
فإن قيل يلزم عليه التنافي إذ القول بأن الوقف لا يبطل ويعود ملكا متنافيان .
أجيب بأن معنى عوده ملكا أنه ينتفع به ولو باستهلاك عينه كالإحراق ومعنى عدم بطلان الوقف أنه ما دام باقيا لا يفعل ما يفعل بسائر الأملاك من بيع ونحوه كما مر وإذا كان كذلك فلا تنافي بين بقاء الوقف وعوده ملكا بل قيل إن الموقوف ملك للموقوف عليه في حال الانتفاع به .
ولو كان البناء والغراس موقوفا في أرض مستأجرة وصار الريع لا يفي بالأجرة أو يفي بها فقط أفتى ابن الأستاذ بأنه يلتحق بما لا ينتفع به إلا باستهلاكه أي بإحراق ونحوه فيقلع وينتفع بعينه إن أمكن وإلا صرف إلى الموقوف عليه اه .
وهذا مما يؤيد ما مر .
ثم قال وإن كان الغراس مما ينتفع بعينه بعد القلع وانتهت مدة الإجارة واختار المؤجر قلعه فيظهر عدم صحة الواقف ابتداء اه .
وهذا ممنوع لما مر أنه يصح وقف الرياحين المغروسة وعلل بأنها تبقى مدة .
ولو اشترى بناء على أرض محتكرة ولم يستأجرها ثم وقف البناء قال الزركشي فالظاهر أنه إن كان ثم ريع وجبت منه الأجرة وإلا لم يلزم الواقف أجرة لما بعد الوقف وللمالك مطالبته بالتفريغ اه .
وإذا قلع يأتي فيه التفصيل المتقدم .
وإذا انقلعت أشجار الموقوف أو انهدم بناؤه أجرت أرضه لما لا يراد دوامه كزرعها ولما يراد كغرس وشرط قلعه عند انتهاء المدة وغرست الأرض أو بنيت بأجرتها الحاصلة بإيجارها بعد انقضاء مدة الإجارة .
والأصح جواز بيع حصر المسجد .
الموقوفة " إذا بليت وجذوعه إذا انكسرت " أو أشرفت على ذلك كما في الروضة وأصلها ولو اقتصر عليه المصنف لفهم حكم المنكسر بطريق الأولى .
ولم تصلح إلا للإحراق .
لئلا تضيع ويضيق المكان بها من غير فائدة فتحصيل نزر يسير من ثمنها يعود إلى الوقف أولى من ضياعها ولا تدخل بذلك تحت بيع الوقف لأنها صارت في حكم المعدومة .
وهذا ما جرى عليه الشيخان وهو المعتمد وعلى هذا يصرف ثمنها في مصالح المسجد .
قال الرافعي والقياس أن يشترى بثمن الحصير حصير لا غيرها قال ويشبه أنه مرادهم اه .
وهو ظاهر إن أمكن وإلا فالأول .
وكالحصر في ذلك نحاتة الخشب وأستار الكعبة إذا لم يبق فيها نفع ولا جمال .
والثاني لا يباع ما ذكر إدامة للوقف في عينه ولأنه يمكن الانتفاع به في طبخ جص أو آجر .
قال السبكي وقد تقوم قطعة من الجذوع مقام آجرة وقد تقوم النحاتة مقام التراب ويختلط به .
قال الأذرعي ولعله أراد مقام التبن الذي يستعمل في الطين وجرى على هذا جمع من المتأخرين .
وأجاب الأول بأنه لا نظر لإمكان الإنتفاع في هذه الأمور لأن ذلك نادر لندرة اصطناع هذه الأشياء لبعض المساجد فضلا عن جميعها .
أما الحصر الموهوبة أو المشتراة للمسجد فإنها تباع للحاجة .
واحترز بقوله إلا للإحراق عما إذا أمكن أن يتخذ منها ألواح وأبواب فلا تباع قطعا .
تنبيه : .
جدار الدار الموقوفة المنهدم إذا تعذر بناؤه كالتالف فيأتي فيه ما مر .
ولو انهدم مسجد وتعذرت إعادته .
أو تعطل بخراب البلد مثلا " لم " يعد ملكا ولم " يبع بحال " كالعبد إذا عتق ثم زمن ولم ينقض إن لم يخف عليه لإمكان الصلاة فيه ولإمكان عوده كما كان قال المتولي الريع جاز وإن زاد على أجرة مثله كما صرح به الماوردي بخلاف ما لو كان النظر له وشرط لنفسه فإنه لا يزيد على أجرة المثل كما مرت الإشارة إليه فإن لم يذكر الواقف للناظر أجرة فلا أجرة له على الصحيح كالغسال ونحوه فلو رفع الناظر الأمر إلى الحاكم ليقرر له أجرة فهو كما إذا تبرم الولي بحفظ مال الطفل فرفع الأمر إلى القاضي ليثبت له أجرة .
ولو ادعى متولي الوقف صرف الريع للمستحقين فإن كانوا معينين فالقول قولهم ولهم مطالبته بالحساب وإن كانوا غير معينين فهل للإمام مطالبته بالحساب أو لا وجهان حكاهما شريح .
في أدب القضاء أوجههما الأول ويصدق في قدر ما أنفقه عند الاحتمال فإن اتهمه الحاكم حلفه .
والمراد كما قال الأذرعي اتفاقه فيما يرجع إلى العادة وفي معناه الصرف إلى الفقراء ونحوهم من الجهات العامة بخلاف اتفاقه على الموقوف عليه المعين فلا يصدق فيه لأنه لم يأتمنه .
ولو فوض الواقف النظر لاثنين لم يستقل أحدهما بالتصرف ما لم ينص عليه .
ولو جعل النظر لعدلين من أولاده وليس فيهم إلا عدل نصب الحاكم آخر .
وإن شرطه للأرشد من أولاده فالأرشد فأثبت كل منهم أنه الأرشد اشتركوا في النظر بلا استقلال إن وجدت الأهلية فيهم لأن الأرشدية قد سقطت بتعارض البينات فيها وبقي أصل الرشد وإن وجدت الأرشدية في بعض منهم اختص بالنظر عملا بالبينة ويدخل في الأرشد من أولاد أولاده الأرشد من أولاد البنات لصدقه به .
ولو قال الواقف جعلت النظر لفلان وله أن يفوض النظر إلى من أراد ففوض النظر إلى شخص فهل يزول نظر المفوض أو يكون المفوض إليه وكيلا عن المفوض وفائدة ذلك أنه لو مات المفوض هل يبقى النظر للمفوض إليه أو مات المفوض إليه هل يعود للمفوض أو لا يدل للأول ما في فتاوى المصنف إذا شرط الواقف النظر لإنسان وجعل له أن يسند إلى من شاء وكذلك سند بعد سند فأسند إلى إنسان فهل للمسند عزل المسند إليه أو لا وهل يعود للنظر إلى المسند أو لا ولو أسند المسند أو المسند إليه إلى ثالث فهل للأول عزله أو لا أجاب ليس للمسند عزل المسند إليه ولا مشاركته ولا يعود النظر إليه بعد موته وليس له ولا للثاني عزل الثالث الذي أسند إليه الثاني .
وللواقف .
الناظر " عزل من " أي شخص " ولاه " النظر " ونصب غيره " مكانه كما يعزل الموكل وكيله وينصب غيره وكان المتولي نائبا عنه أما غير الناظر فلا يصح منه تولية ولا عزل بل هي للحاكم .
تنبيه : .
قد يقتضي كلامه أن له العزل بلا سبب وبه صرح السبكي في فتاويه فقال إنه يجوز للواقف وللناظر الذي من جهته عزل المدرس ونحوه إذا لم يكن مشروطا في الوقف لمصلحة ولغير مصلحة لأنه كالوكيل المأذون له في إسكان هذه الدار لفقير فله أن يسكنها من شاء من الفقراء وإذا سكنها فقير مدة فله أن يخرجه ويسكن غيره لمصلحة ولغير مصلحة وليس تعينه لذلك يصيره كأنه مراد الواقف حتى يمتنع تغييره وبسط في ذلك .
فإن قيل في زوائد الروضة قبيل باب القسمة عن الماوردي أنه إذا أراد ولي الأمر إسقاط بعض الأجناد المثبتين في الديوان بسبب جاز أو بغير سبب فلا وإذا كان هذا في النظر العام ففي النظر الخاص المقتضي للإحتياط أولى .
أجيب بأن الأجناد المثبتين في الديوان قد ربطوا أنفسهم على الجهاد وهو من فروض الكفايات ومن شرع فيه أو ربط نفسه عليه لا يجوز إخراجه بغير سبب بخلاف الوقف فإنه خارج عن فروض الكفايات .
وقال البلقيني عزل الناظر للمدرس من غير طريق مسوغ لا ينفذ ويكون قادحا في نظره .
وقال الزركشي في خادمه لا يبعد أن ينفذ وإن كان عزله غير جائز .
وقال في شرحه على المنهاج في باب القضاء لا ينعزل أصحاب الوظائف الخاصة كالإمامة والإقراء والتصوف والتدريس والطلب والنظر من غير سبب كما أفتى به كثير من المتأخرين منهم ابن رزين فقال من تولى تدريسا لا يجوز عزله بمثله ولا بدونه ولا ينعزل بذلك اه .
وهذا هو الظاهر .
ثم استثنى المصنف من جواز العزل قوله " إلا أن يشرط " الواقف لشخص " نظره حال الوقف " فليس له عزله ولو لمصلحة لأنه لا تغيير لما شرطه كما ليس لغيره ذلك ولأنه لا نظر له حينئذ .
وليس له عزل من شرط تدريسه أو فوض إليه حال الوقف ولو لمصلحة كما لو وقف على أولاده الفقراء لا يجوز تبديلهم بالأغنياء بخلاف من جعل له ذلك بعد تمام الوقف فإن له عزله كما نقله الشيخان عن فتاوى البغوي وأقراه لكن ينبغي كما قال شيخنا تقييده في تفويض التدريس بما إذا كانت جنحة .
ولو عزل الناظر بالشرط نفسه أو فسق فتولية غيره إلى الحاكم لا إلى الواقف إذ لا نظر له بعد أن جعل النظر في حال الوقف لغيره .
فإن شرط النظر حال الوقف لزيد بعد انتقال الوقف من عمرو إلى الفقراء فعزل زيد نفسه من النظر أو استناب فيه غيره قبل انتقال الوقف من عمرو إلى الفقراء لم يصح العزل ولا الإستنابة لأنه غير ناظر في الحال ولا يملك الواقف عزل زيد في الحال ولا من بعده كما علم مما مر .
وإذا أجر الناظر .
العين الموقوفة على غيره مدة بأجرة مثله " فزادت الأجرة في المدة أو ظهر طالب بالزيادة " عليها " لم ينفسخ العقد في الأصح " لأن العقد قد جرى بالغبطة في وقته فأشبه ما إذا باع الولي مال الطفل ثم ارتفعت القيم بالأسواق أو ظهر طالب بالزيادة .
والثاني ينفسخ إذا كان للزيادة وقع والطالب ثقة لتبين وقوعه على خلاف الغبطة .
أما إذا أجر العين الموقوفة عليه فإنه يصح قطعا ولو بدون أجرة المثل كما لو أجر المطلب به أو أجر الناظر الموقوف على غيره بدون أجرة المثل فإنه لا يصح قطعا .
وأفتى ابن الصلاح فيما إذا أجر الناظر الوقف مدة معلومة بأجرة معلومة وشهد شاهدان أنها أجرة المثل حالة العقد ثم تغيرت الأحوال وطرأت أسباب توجب زيادة أجرة المثل أنه يتبين بطلان العقد ويتبين خطأ الشاهدين بأجرة المثل لأن تقويم المنافع في مدة ممتدة إنما يصح إذا استمر الحال الموجودة حالة التقويم التي هي حالة العقد وليس هذا التقويم كتقويم السلعة الحاضرة .
قال الأذرعي وهذا مشكل جدا والذي يقع في النفس أنما ينظر إلى أجرة المثل التي تنتهي إليها الرغبات حالة العقد في جميع المدة المعقود عليها مع قطع النظر عما عساه يتجدد لأن ذلك يؤدي إلى سد باب إجارة الأوقاف والزهد فيها لأن الدنيا لا تبقى على حالة واحدة .
وأطال في رد ذلك وما قاله لا خفاء فيه .
خاتمة نفقة الموقوف ومؤن تجهيزه وعمارته من حيث شرطها للواقف من ماله أو من مال الوقف وإلا فمن منافع الموقوف ككسب العبد وغلة العقار فإذا تعطلت منافعه فالنفقة ومؤمن التجهيز لا العمارة في بيت المال .
ولو اندرس شرط الواقف وجهل الترتيب بين أرباب الوقف أو المقادير بأن لم يعلم هل سوى الواقف بينهم أو فاضل قسمت الغلة بينهم بالسوية لعدم الأولوية .
وإذا تنازعوا في شرطه ولا بينة ولأحدهم يد صدق بيمينه لاعتضاد دعواه باليد فإن كان الواقف حيا عمل بقوله بلا يمين أو ميتا فوارثه فإن لم يكن فناظره من جهة الواقف لا المنصوب من جهة الحاكم .
ولو وجد الوارث والناظر فالناظر كما قاله الأذرعي .
وتصرف غلة وقفه لأقرب المساجد إليه أي إذا لم يتوقع عوده وإلا حفظ كما قاله الإمام .
وهذا أولى من قول الماوردي تصرف إلى الفقراء والمساكين ومن قول الروياني إنه كمنقطع الآخر .
فإن خيف عليه نقض وبنى الحاكم بنقضه مسجدا آخر إن رأى ذلك وإلا حفظه .
وبناؤه بقربه أولى ولا يبني به بئرا كما لا يبني بنقض بئر خربت مسجدا بل بئرا أخرى مراعاة لغرض الواقف ما أمكن .
ولو وقف على قنطرة وانحرق الوادي وتعطلت القنطرة واحتيج إلى قنطرة أخرى جاز نقلها إلى محل الحاجة .
وغلة وقف الثغر هو الطرف الملاصق من بلادنا بلاد الكفار إذا حصل فيه الأمن يحفظه الناظر لاحتمال عوده ثغرا .
ويدخر من زائد غلة المسجد ( 2 / 393 ) على ما يحتاج إليه ما يعمره بتقدير هدمه ويشتري له بالباقي عقارا ويقفه لأنه أحفظ له لا بشيء من الموقوف على عمارته لأن الواقف وقف عليها .
فرع تقدم عمارة الموقوف .
على حق الموقوف عليهم لما في ذلك من حفظ الوقف ويشرف ريع الموقوف على المسجد وقفا مطلقا أو على عمارته في البناء والتجصيص المحكم والسلم والبواري للتظليل بها والمكانس ليكنس بها والمساحي لينقل بها التراب وفي ظلة تمنع إفساد خشب الباب بمطر ونحوه إن لم يضر بالمارة وفي أجرة قيم لا مؤذن وإمام وحصر ودهن لأن القيم يحفظ العمارة بخلاف الباقي .
فإن كان الوقف لمصالح المسجد صرف من ريعه لمن ذكر لا في التزويق والنقش بل لو وقف عليها لم يصح كما مرت الإشارة إليه ولا يصرف لحشيش السقف ما عين لحشيش الحصر ولا عكسه .
ولأهل الوقف المهايأة لا قسمته وإن قلنا القسمة إفراز لما فيه من تغيير شرط الواقف ولا تغييره عن هيئته كجعل البستان دارا أو حماما إلا أن يشرط الواقف العمل بالمصلحة فيجوز التغيير بحسبها عملا بشرطه .
قال السبكي والذي أراه تغييره في غير ذلك بثلاثة شروط أن يكون يسيرا لا يغير مسمى الوقف وأن لا يزيل شيئا من عينه بل ينقل نقضه من جانب إلى جانب وأن يكون فيه مصلحة للوقف .
وعليه ففتح شباك الطبرسية في جدار الجامع الأزهر لا يجوز إذ لا مصلحة للجامع فيه وكذا فتح أبواب الحرم لأنه إنما هو لمصلحة السكان