اللفظية والأصل فيها أن شروط الواقف مرعية ما لم يكن فيها ما ينافي الوقف .
فإذا تلفظ الواقف في صيغة وقفه بحرف عطف يقتضي تشريكا أو ترتيبا عمل به كما أشار المصنف إلى ذلك بقوله " قوله " أي الشخص " وقفت " كذا " على أولادي وأولاد أولادي يقتضي التسوية " في أصل الإعطاء والمقدار " بين الكل " وهو جميع أفراد الأولاد وأولادهم ذكرهم وأنثاهم لأن الواو لمطلق الجمع لا للترتيب كما هو الصحيح عند الأصوليين ونقل عن إجماع النحاة ومن جعلها للترتيب كما حكاه الماوردي في باب الوضوء عن أكثر الأصحاب ينبغي كما قال ابن الرفعة تقديم الأولاد .
ولو جمعهم بالواو ثم قال ومن مات منهم فنصيبه لولده فمات أحدهم اختص ولده بنصيبه وشارك الباقين فيما عداه .
تنبيه : .
إدخال أل على كل جائز عند الأخفض والفارسي ومنعه الجمهور نظرا إلى أن إضافة كل معنوية فلا تجامعها .
وكذا .
يسوي بين الكل " لو زاد " على أولاد أولادي قوله " ما تناسلوا " أي أولاد الأولاد وكأنه قال عليهم وعلى أعقابهم ما تناسلوا .
فإن قيل قوله ما تناسلوا لا يقتضي تسوية ولا ترتيبا وإنما يقتضي التعميم .
أجيب بأنه يقتضي التعميم بالصفة المتقدمة وهي التسوية فيكون بمنزلة قوله وإن سفلوا .
أو .
زاد على ما ذكر قوله " بطنا بعد بطن " أو نسلا بعد نسل فإنه أيضا يقتضي التسوية بين الجميع فيشارك البطن الأسفل البطن الأعلى كقوله ما تناسلوا .
وهذا ما جرى عليه البغوي و الفوراني و العبادي ووجه بأن بعد تأتي بمعنى مع كما في قوله تعالى " والأرض بعد ذلك دحاها " أي مع ذلك على أحد الأقوال .
وذهب الجمهور إلى أن قوله بطنا بعد بطن للترتيب كقوله الأعلى فالأعلى وصححه السبكي تبعا لابن يونس قال وعليه هو للترتيب بين البطنين فقط فينتقل بانقراض الثاني لمصرف آخر إن ( 2 / 387 ) ذكره الواقف وإلا فمنقطع الآخر .
قال الإسنوي و الرافعي لم يمعن النظر في هذه المسألة فإنه نقل الترتيب عن بعض أصحاب الإمام وهو مقطوع به في كلام الإمام نفسه .
وعد جماعة من الأصحاب القائلين بالترتيب ثم قال وما ذكره الشيخان من اقتضاء التسوية باطل من جهة البحث أيضا فإن لفظة بعد في اقتضاء الترتيب أصرح من ثم و الفاء وغيرهما وقد جزما باقتضاء الترتيب فما نحن فيه أولى .
قال ابن العماد وما قاله الإسنوي من أن بعد أصرح من ثم والفاء في الترتيب خطأ مخالف لنص القرآن العظيم فقد قال تعالى " ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم مناع للخير معتد أثيم عتل بعد ذلك زنيم " قال المفسرون أي مع ما ذكر من أوصافه زنيم واستدل بغير ذلك من القرآن ومن كلام العرب .
والمقصود من ذلك إنما هو إظهار الحق لأن العلماء أئمة الهدى وبهم نقتدي فلا يظن فيهم غير ذلك فظهر بهذا أن ما جرى عليه الشيخان هو المعتمد .
فإن قيل قد صرحا في باب الطلاق بأنه لو قال لزوجته غير المدخول بها أنت طالق طلقة بعدها طلقة أنها تبين بالأولى ولا تقع الثانية ولو كانت بعد بمعنى مع وقع طلقتان كما لو قال طلقة معها طلقة .
أجيب بأن قوله بطنا بعد بطن تقدم عليه ما هو صريح في التعميم وهو وقفت على أولادي إلخ وتعقيبه بالبعدية ليس صريحا في الترتيب وإنما القصد به إدخال سائر البطون حتى لا يصير الوقف منقطع الآخر .
تنبيه : .
قوله بطنا منصوب على الحال بمعنى مر تبين ويجوز رفعه مبتدأ ومسوغه وصف محذوف تقديره منهم فهو كقوله تعالى " وطائفة " أي منهم وانتصاب بعد على أنه ظرف لمحذوف أي كائنا بطن .
ولو قال .
وقفت كذا " على أولادي ثم أولاد أولادي ثم أولادهم ما تناسلوا أو " قال وقفت كذا " على أولادي وأولاد أولادي الأعلى فالأعلى " منهم " أو الأول فالأول " منهم أو الأقرب فالأقرب منهم " فهو للترتيب " فيما ذكر لدلالة اللفظ عليه فلا يأخذ بطن وهناك بطن أقرب منه آخر كما صرح به البغوي وغيره .
تنبيه : .
لا وجه لتخصيص ما تناسلوا بالأولى مع أنه لا حاجة إليه فيها بل إن ذكره فيها وفي البقية لم يكن التأبيد والترتيب خاصين بالطبقتين الأولتين وإلا اختصا بهما كما صرح به القاضي وغيره ويكون بعدهما منقطع الآخر .
قال السبكي وقد يتوقف في الصورة الأولى بعد البطن الثالث لعدم ذكر ثم فيه إلا أن يقال قوله ما تناسلوا يقتضي التعميم بالصفة المتقدمة وهي تقديم الأولاد ثم أولادهم على غيرهم فيتم ذلك في كل بطن ولا بأس به اه .
وقد مرت الإشارة إلى ذلك .
ولو جاء ب ثم للبطن الثاني وبالواو فيما بعده من البطون كأن قال وقفت على أولادي ثم أولاد أولادي وأولاد أولاد أولادي كان الترتيب للبطن الثاني دونهم عملا ب ثم وبالواو فيهم وإن عكس بأن جاء بالواو في البطن الثاني وب ثم فيما جاء بعده كان الترتيب لهم دونه .
تنبيه : .
قوله الأول فالأول بكسر اللام فيهما بخطه وهو إما على البدل وإما على إضمار فعل أي وقفته على الأول فالأول .
ولا يدخل أولاد الأولاد في الوقف على الأولاد في الأصح .
المنصوص عليه في البويطي لأنه لا يقع عليه اسم الولد حقيقة إذ يصح أن يقال في ولد ولد الشخص ليس ولده .
والثاني يدخلون لقوله تعالى " يا بني آدم " .
وقوله A ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا .
فإن قيل كان ينبغي ترجيح هذا على قاعدة الشافعي في حمل اللفظ على حقيقته ومجازه .
أجيب بأن شرطه على قاعدة إرادة المتكلم له والكلام هنا عند الإطلاق .
والثالث يدخل أولاد البنين لانتسابهم إليه .
قال A أنا ابن عبد المطلب دون أولاد البنات .
تنبيه : .
محل الخلاف إذا وجد النوعان فلو قال وقفت على أولادي ولم يكن له إلا أولاد أولاد حمل اللفظ عليهم لوجود القرينة وصيانة لكلام المكلف عن الإلغاء فلو حدث له ولد فالظاهر كما قال شيخنا الصرف له لوجود الحقيقة وأنه يصرف لهم معه كالأولاد في الوقف ويحتمل أن يختص بذلك وإلا وجه الأول ومحله عند الإطلاق فلو أراد جميعهم دخل أولاد الأولاد قطعا أو قال وقفت على أولادي لصلبي لم يدخلوا قطعا .
ولو قال وقفت على أولادي ( 2 / 388 ) ولم يكن له إلا ولد فقط اختص به على الأصح .
ويدخل أولاد البنات .
قريبهم وبعيدهم " في الوقف على الذرية و " على " النسل و " على " العقب " بكسر القاف بخطه ويجوز إسكانها وهو ولد الرجل الذي يبقى بعده قاله القاضي عياض .
و .
على " أولاد الأولاد " لصدق اللفظ بهم .
أما في الذرية فلقوله تعالى " ومن ذريته داود وسليمان " إلى أن ذكر عيسى وليس هو إلا وله البنت والنسل والعقب في معناه .
إلا أن يقول على من ينتسب إلي منهم .
أي من أولاد الأولاد فلا يدخل أولاد البنات لأنهم لا ينتسبون إليه بل إلى آبائهم .
فإن قيل قال A في الحسن بن علي إن ابني هذا سيد .
أجيب بأنه من خصائصه A أن أولاد بناته ينسبون إليه كما ذكروه في النكاح .
فإن قيل قضية كلامهم دخول أولاد البنين سواء أكان الواقف رجلا أم امرأة وهو مشكل في المرأة لقولهم في النكاح وغيره إنه لا مشاركة بين الأم والابن في النسب .
أجيب بأن ذكر الإنتساب في المرأة هنا لبيان الواقع لا للإخراج فيدخل أولاد البنات أيضا وإلا يلزم إلغاء الوقف أصلا فالعبرة فيها بالنسبة اللغوية لا الشرعية ويكون كلام الفقهاء محمولا على وقف الرجل .
تنبيه : .
يدخل الخنثى في الوقف على البنين والبنات لأنه لا يخرج عنهم والاشتباه إنما هو في الظاهر .
نعم إنما يعطي المتيقن إذا فاضل بين البنين والبنات ويوقف الباقي إلى البيان ولا يدخل في الوقف على أحدهما لاحتمال أنه من الصنف الآخر .
وظاهر هذا كما قال الإسنوي أن المال يصرف إلى من عينه من البنين أو البنات وليس مرادا لأنا لم نتيقن استحقاقهم لنصيب الخنثى بل يوقف نصيبه إلى البيان كما في الميراث وقد صرح به ابن المسلم .
ولا يدخل في الوقف على الولد المنفي باللعان على الصحيح لانتفاء نسبه عنه فلو استلحقه بعد نفيه دخل جزما .
والمستحقون في هذه الألفاظ لو كان أحدهم حملا عند الوقف لم يدخل على الأصح لأنه قبل الانفصال لا يسمى ولدا فلا يستحق غلة مدة الحمل فلو كان الموقوف نخلة فخرجت ثمرتها قبل خروج الحمل لا يكون له من تلك الثمرة شيء .
فإن قيل هلا استحق كالميراث أجيب بأن المعتبر هنا تسميته ولدا وهو لا يسمى كما مر بخلاف الإرث وأما بعد الانفصال فيستحق قطعا وكذا الأولاد الحادث علوقهم بعد الوقف يستحقون إذا انفصلوا على الصحيح .
ولو وقف على بني تميم دخل فيهم البنات لأنه يعبر به عن القبيلة بخلاف العكس .
ولا يدخل الأخوات في الوقف على الإخوة كما جزم به في الروضة وأصلها في آخر الوصية وإن قال الماوردي بدخولهن .
ولو وقف على مواليه وله معتق .
بكسر التاء " ومعتق " بفتح التاء " قسم " الموقوف " بينهما " نصفين على الصنفين لا على عدد الرؤوس على الراجح .
وقيل يبطل .
لما فيه من الإجمال .
ولا يمكن حمل اللفظ على العموم لاختلاف معناهما وترجيح الأول من زيادته وصححه في زيادة الروضة أيضا ونص عليه الإمام الشافعي في البويطي .
وخرج بقوله وله معتق ومعتق ما إذا لم يوجد إلا أحدهما فإنه يتعين قطعا فلو طرأ الآخر بعده لم يدخل وإن بحث ابن النقيب دخوله قياسا على الأولاد .
أجيب عن القياس بأن إطلاق المولى على كل منهما من الاشتراك اللفظي وقد دلت القرينة وهي الانحصار في الموجود على أحد معنيين فصار المعنى الآخر غير مراد .
وأما مع القرينة فيحمل عليهما احتياطا أو عموما على خلاف في ذلك مقرر في الأصول بخلاف الوقف على الإخوة فإن الحقيقة واحدة وإطلاق الاسم على كل واحد من المتواطىء فمن صدق عليه هذا الاسم استحق من الوقف إلا أن يقيد الواقف بالموجدين حال الوقف فيتبع تقييده .
تنبيه : .
ظاهر كلام المصنف أن هذا الخلاف يختص بحالة الجمع وهو موافق لقول الإمام لا يتجه التشريك في الإفراد كوقفت على مولاي وينقدح مراجعة الواقف لكن ظاهر كلام ابن المقري في روضه كأصله التسوية بين المولى والموالي وهو الظاهر كما صرح به القاضي أبو الطيب و ابن الصباغ .
وإذا اقتضى الحال الصرف إلى المولى الأسفل بتصريح أو غيره لم يدخل فيه من يعتق بموته في الأصح كما ذكره في الروضة في الوصايا لأنهما ليس من الموالي لا حال ( 2 / 389 ) الوصية ولا حال الموت وقضية التقييد بالموت أن من عتق في حياته ولو بعد الوقف يدخل .
والصفة المتقدمة على جمل .
أو مفردات " معطوفة " لم يتخللها كلام طويل " تعتبر " تلك الصفة " في الكل " من تلك الجمل أو المفردات .
كوقفت على محتاجي أولادي وأحفادي .
وهم أولاد الأولاد " وإخوتي وكذا " الصفة " المتأخرة عليها " أي عنها كما في المحرر .
والاستثناء .
يعتبران في الكل " إذا عطف " فيهما " بواو كقوله " في المتأخرة وقفت " على أولادي وأحفادي وإخوتي المحتاجين " والمحتاج من يجوز له أخذ الزكاة كما أفتى به القفال وإن بحث الزركشي مراجعة الواقف إن أمكن .
أو إلا أن يفسق بعضهم .
لما تقرر في الأصول من أن الأصل اشتراك المعطوف والمعطوف عليه في جميع المتعلقات كالصفة وغيرها وكذا الاستثناء بجامع عدم الاستقلال .
وإن عطف ما ذكر من المتعاطفات ب ثم أو فرق بينهما بكلام طويل اختصت الصفة والاستثناء بالمعطوف الأخير فالشرط في عودهما للجميع العطف بالواو وأن لا يتخلل كلام طويل كما نقله في أصل الروضة عن الإمام وأقره .
قال الزركشي وما نقل عن الإمام إنما هو احتمال له والمذهب خلافه وقد صرح هو في البرهان بأن مذهب الشافعي العود إلى الجميع .
وإن كان العطف ب ثم قال في المختار إنه لا يتقيد بالواو بل الضابط وجود عاطف جامع بالوضع كالواو والفاء وثم اه .
وهذا المختار هو المعتمد .
وتقديم الصفة على المتعاطفات كتأخيرها عنها في عودها إلى الجميع وكذا المتوسطة وإن قال السبكي الظاهر اختصاصها بما وليته اه .
ومثلها فيما ذكر الاستثناء .
واعلم أن عود الاستثناء إلى الجمل لا يتقيد بالعطف فقد نقل الرافعي في الأيمان أنه يعود إليها بلا عطف حيث قال القاضي أبو الطيب لو قال إن شاء الله أنت طالق عبدي حر لم تطلق ولم يعتق .
تنبيه : .
ما ذكره المصنف مثال لعطف المفردات لا الجمل إلا أن يقدر لكل من المعطوفات عامل .
ولو وقف على زوجاته أو أمهات أولاده وبناته ما لم يتزوجن فتزوجت واحدة منهن خرجت ولا تعود إذا طلقت أو فارقت بفسخ أو وفاة .
فإن قيل لو وقف على بناته الأرامل فتزوجت واحدة منهن ثم طلقت عاد استحقاقها فهلا كان هنا كذلك أجيب بأنه في البنات أثبت استحقاق البنات الأرامل وبالطلاق صارت أرملة وهنا جعلها مستحقة إلا أن تتزوج وبالطلاق لا تخرج عن كونها تزوجت .
ومقتضى هذا وكلام ابن المقري وأصله من لم تتزوج أصلا أرملة وليس مرادا بل الذي نص عليه الشافعي رضي الله تعالى عنه أنها التي فارقها زوجها .
وفي الوصية من الروضة أنه الأصح وعلى هذا فلا سؤال