" منفعة الشارع " الأصلية " المرور " فيه لأنه وضع لذلك .
وتقدمت هذه المسألة في الصلح وعبر المصنف هناك عن الشارع بالطريق النافذ وذكرت هنا توطئة لما بعدها .
وخرج بالأصلية المنفعة بطريق التبع المشار إليها بقوله " ويجوز الجلوس به " ولو في وسطه " لاستراحة ومعاملة ونحوهما " كانتظار رفيق وسؤال وله الوقوف فيه أيضا .
قال ابن الصباغ وللإمام مطالبة الواقف بقضاء حاجته أو الإنصراف .
هذا كله " إذا لم يضيق على المارة " فيه لقوله A لا ضرر ولا ضرار في الإسلام .
ولا يشترط .
للجلوس في الشارع " إذن الإمام " لإطباق الناس عليه من غير نكير .
تنبيه : .
شمل إطلاقه الذمي وفي ثبوت هذا الإرتفاق له وجهان أوجههما كما قال ابن الرفعة وتبعه السبكي الثبوت وإن لم يأذن الإمام .
وليس للإمام ولا لغيره من الولاة أن يأخذ ممن يرتفق بالجلوس في الشارع ولو لبيع ونحوه عوضا قطعا قاله في زيادة الروضة .
قال السبكي وقد رأينا في هذا الزمان من وكلاء بيت المال من يبيع من الشارع ما يقول إنه يفضل عن حاجة المسلمين وهذا لا يقتضيه قول أحد لأن البيع يستدعي تقدم الملك ولو جاز ذلك لجاز بيع الموات ولا قائل به .
قال ابن الرفعة وفاعل ذلك لا أدري بأي وجه يلقى الله تعالى .
قال الأذرعي وفي معنى ذلك الرحاب الواسعة بين الدور في المدن فإنها من المرافق العامة كما صرح به في البحر .
وقد نقل في الشامل الإجماع على منع إقطاع المرافق العامة وللإمام أن يقطع بقعة ارتفاقا لا بعوض ولا تمليكا فيصير المقطع أحق به كالمتحجر ولا يجوز لأحد تملكه بالإحياء .
ويجوز الإرتفاق أيضا بغير الشارع كالصحاري لنزول المسافرين إن لم يضر النزول بالمارة .
وأما الإرتفاق بأفنية المنازل في الأملاك فإن أضر ذلك بأصحابها منعوا من الجلوس فيها إلا بإذنهم وإلا فإن كان الجلوس على عتبة الدار لم يجز إلا بإذن مالكها وله أن يقيمه ويجلس غيره .
ولا يجوز أخذ أجرة على الجلوس في فناء الدار ولو كانت الدار لمحجور عليه لم يجز لوليه أن يأذن فيه وحكم فناء المسجد كفناء الدار .
وله .
أي الجالس في الشارع " تظليل مقعده " أي موضع قعوده في الشارع " ببارية " بتشديد التحتانية كما في الدقائق وحكي تخفيفها نوع ينسج من قصب كالحصير .
وغيرها .
مما لا يضر بالمارة كثوب وعباءة لجريان العادة به فإن كان مثبتا ببناء لم يجز كبناء الدكة .
وله وضع سرير في أحد احتمالين لصاحب الكافي يظهر ترجيحه ويختص الجالس بمكانه ومكان متاعه ومعامليه وليس لغيره أن يضيق عليه في المارة بحيث يضر به في الكيل والوزن والأخذ والعطاء فله أن ( 2 / 370 ) يمنع واقفا بقربه إن منع رؤية متاعه أو وصول المعاملين إليه .
وليس له منع من قعد لبيع مثل متاعه إذا لم يزاحمه فيما يختص به من المرافق المذكورة .
ولو سبق إليه .
أي مكان من الشارع " اثنان " وتنازعا في موضع منه " أقرع " بينهما لعدم المزية .
وقيل يقدم الإمام .
أحدهما " برأيه " كمال بيت المال .
وهذا كما قال الدارمي إذا كانا مسلمين أما إذا كان أحدهما مسلما والآخر ذميا فالمسلم مقدم مطلقا .
ولو جلس فيه للمعاملة .
أو للحرفة كالخياطة " ثم فارقه " أي موضع جلوسه " تاركا " للمعاملة أو " للحرفة أو منتقلا إلى غيره بطل حقه " بمفارقته لإعراضه عنه .
قال الأذرعي وسواء فيه المقطع وغيره فيما أراه .
وإن فارقه .
ولو بلا عذر " ليعود " إليه " لم يبطل " حقه منه لخبر مسلم إذا قام أحدكم من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به .
وإذا فارقه بالليل فليس لغيره مزاحمته في اليوم الثاني وكذا الأسواق التي تقام في كل أسبوع أو في كل شهر مرة إذا اتخذ فيها مقعدا كان أحق به في النوبة الثانية ولو أراد غيره الجلوس فيه مدة غيبته إلى أن يعود جاز إن كان لغير معاملة وكذا المعاملة على الأصح .
إلا أن تطول مفارقته .
له بعذر أو بغيره " بحيث ينقطع معاملوه عنه ويألفون " في معاملتهم " غيره " فيبطل حقه وإن ترك فيها شيئا من متاعه لأن الغرض من الموضع المعين أن يعرف فيعامل .
تنبيه : .
قضية إطلاقه أنه لا فرق بين أن يجلس بإقطاع الإمام أو لا وهو كذلك كما صححه في أصل الروضة .
وقيل لا يبطل فيما إذا جلس بإقطاع الإمام وجزم به في التنبيه : وأقره المصنف في تصحيحه وجزم به في نكته .
وخرج ب جلس لمعاملة ما لو جلس لاستراحة أو نحوها فإنه يبطل حقه بمفارقته وكذا لو كان جوالا وهو من يقعد كل يوم في موضع من السوق فإنه يبطل بمفارقته .
ويكره الجلوس في الشارع للحديث ونحوه إلا أن يعطي الطريق حقه من غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما ورد في تفسيره بذلك في الخبر .
ومن ألف من المسجد موضعا يفتي فيه .
الناس " ويقرىء " القرآن أو الحديث أو الفقه أو غيرها من العلوم المتعلقة بعلوم الشرع كنحو وصرف ولغة فحكمه " كالجالس في " مقعد في " شارع لمعاملة " في التفصيل السابق .
تنبيه : .
فهم من إلحاق المصنف المسجد بالشارع أنه لا يشترط فيه إذن الإمام وهو كذلك كما قاله الإمام إذ المساجد لله تعالى وإن قيده الماوردي بصغار المساجد قال وأما كبارها والجوامع فيعتبر فيه إذن الإمام إن كان عادة البلد الاستئذان فيه .
وقد يخرج بقوله يفتي ويقرىء جلوس الطالب لكن في زيادة الروضة أن مجلس الفقيه حال تدريس المدرس في مجلس أو مدرسة الظاهر فيه دوام الاختصاص اه .
وهذا هو المعتمد إذا كان أهلا للجلوس فيه كما قاله الأذرعي أما إذا كان لا يفيد ولا يستفيد فلا معنى له .
ولو جلس فيه .
أي المسجد " لصلاة لم يصر أحق به في " صلاة " غيرها " لأن لزوم بقعة معينة للصلاة غير مطلوب بل ورد فيه نهي وبقاع المسجد لا تختلف بخلاف مقاعد الأسواق .
فإن قيل هذا ممنوع لأن ثواب الصلاة في الصف الأول أفضل من غيره .
أجيب بأن الصف الأول ينحصر في بقعة بعينها .
فإن قيل قد تفوته فضيلة القرب من الإمام .
أجيب بأن له طريقا إلى تحصيله بالسبق الذي طلبه الشارع .
تنبيه : .
أفهم كلام المصنف الأحقية في تلك الصلاة حتى لو استمر إلى وقت صلاة أخرى فحقه باق وهو كذلك .
وشمل ما لو كان الجالس صبيا وهو الأصح في شرح المهذب .
ويلحق بالصلاة الجلوس في المسجد لسماع وعظ أو حديث أي أو قراءة في لوح مثلا وكذا من يطالع منفردا بخلاف من يطالع لغيره ولم أر من تعرض لذلك وهو ظاهر .
فلو فارقه .
قبل الصلاة " لحاجة " كإجابة داع ورعاف وقضاء حاجة " ليعود " بعد فراغ حاجته " لم يبطل اختصاصه ( 2 / 371 ) به " في تلك الصلاة في الأصح " وعبر في الروضة بالصحيح .
وإن لم يترك .
في ذلك الموضع " إزاره " أو نحوه كسجادة لحديث مسلم المار .
والثاني يبطل كغيرها من الصلاة .
تنبيه : .
محل الخلاف إذا لم تقم الصلاة في غيبته أما لو أقيمت واتصلت الصفوف فالوجه كما قال الأذرعي وغيره سد الصف مكانه .
وقضية كلامه طرد الخلاف فيما لو كان دخل لانتظار الصلاة قبل دخول وقتها وخرج قبل دخول وقتها ليعود وهو كذلك وإن قال الأذرعي لم أر فيه تصريحا اه .
وقول الزركشي ينبغي أن يستثنى من حق السبق ما لو قعد خلف الإمام وليس أهلا للاستخلاف أو كان ثم من هو أحق منه بالإمامة فيؤخر ويقدم الأحق موضعه لخبر ليليني منكم أولو الأحلام والنهى .
ممنوع إذ الصبي إذا سبق إلى الصف الأول لا يؤخر .
مسألة وهي كثيرة الوقوع .
لو بسط شخص شيئا في مسجد مثلا ومضى أو بسط له كان لغيره تنحيته كما جزم به الرافعي في باب الجمعة خلافا للمروزي .
ولو نوى اعتكاف أيام في المسجد فخرج لما يجوز الخروج له في الإعتكاف وعاد كان أحق بموضعه وخروجه لغير ذلك ناسيا كذلك كما بحثه شيخنا .
وإن نوى اعتكافا مطلقا فهو أحق بموضعه ما لم يخرج من المسجد كما صرح به في الروضة .
ويندب منع من يجلس في المسجد لمبايعة وحرفة إذ حرمته تأبى اتخاذه حانوتا وتقدم في باب الإعتكاف أن تعاطي ذلك فيه مكروه .
ولا يجوز الإرتفاق بحريم المسجد إذ أضر بأهله ولا يجوز للإمام الإذن فيه حينئذ وإلا جاز .
ويندب منع الناس من استطراق حلق القراء والفقهاء في الجوامع وغيرها توقيرا لهم .
ولو سبق رجل إلى موضع من رباط مسبل .
في طريق أو طرف بلد وهو ممن يسكنه مثله " أو " سبق " فقيه إلى مدرسة أو صوفي " وهو واحد الصوفية " إلى خانقاه " وهي مكان الصوفية " لم يزعج " منه سواء أذن له الإمام أم لا .
ولم يبطل حقه .
منه " بخروجه لشراء حاجة " كشراء طعام " ونحوه " كصلاة وحمام سواء أخلف فيه غيره أم متاعه أم لا وسواء أدخله بإذن الإمام أم لا إلا إن شرط الواقف أن لا يسكن أحد إلا بإذن الإمام بخلاف ما إذا خرج لغير حاجة .
تنبيه : .
ظاهر قوله لو سبق إلخ أنه لا يحتاج في الدخول إلى إذن الناظر وليس مرادا للعرف كما أفتى به ابن الصلاح والمصنف وإن حمله ابن العماد على ما إذا جعل الواقف للناظر أن يسكن من شاء ويمنع من شاء لما في ذلك من الإفتيات على الناظر .
وإن سكن بيتا وغاب ولم تطل غيبته عرفا ثم عاد فهو باق على حقه وإن سكنه غيره لأنه ألفه مع سبقه إليه .
ولا يمنع غيره من سكناه مدة غيبته على أن يفارقه إذا حضر فإن طالت غيبته بطل حقه .
ولو طال مقام المرتفق في شارع ونحوه كمسجد لم يزعج إلا في الربط الموقوفة على المسافرين فلا يزادون على ثلاثة أيام بلياليها إلا لخوف أو مطر .
ولو شرط الواقف مدة لم يزد عليها وعند الإطلاق يعمل بالعرف فيقيم الطالب في المدرسة الموقوفة على طلبة العلم حتى يقضي غرضه أو يترك التعلم والتحصيل فيزعج ويؤخذ من هذا كما قاله السبكي أنه إذا نزل في مدرسة أشخاص للاشتغال بالعلم وحضور الدرس وقدر لهم من الجامكية ما يستوعب قدر ارتفاع وقفها لا يجوز أن ينزل زيادة عليهم بما ينقص ما قرر لهم من المعلوم لما في ذلك من الإضرار بهم .
وفي فوائد المهذب للفارقي في آخر زكاة الفطر يجوز للفقهاء الإقامة في الربط وتناول معلومها ولا يجوز للمتصوف القعود في المدارس وأخذ شيء منها لأن المعنى الذي يطلق به اسم المتصوف موجود في حق الفقيه وما يطلق به اسم الفقيه غير موجود في الصوفي .
ويجوز لكل أحد من المسلمين دخول المدارس والأكل والشرب والنوم فيها ونحو ذلك مما جرى العرف به لا السكنى إلا الفقيه أو بشرط الواقف .
فرع النازلون بموضع في البادية .
في غير مرعى البلد لا يمنعون ولم يزحموا بفتح الحاء على المرعى والمرافق إن ضاقت فإن استأذنوا الإمام في استيطان البادية ولم يضر نزولهم بابن السبيل راعى الأصلح في ذلك وإذا نزلوها بغير ( 2 / 372 ) إذن وهم غير مضرين بالسابلة لم يمنعهم من ذلك إلا إن ظهر في منعهم مصلحة فله ذلك