والخيار في الإجارة وما يقتضيهما .
وقد شرع في بيان ذلك فقال " لا تنفسخ الإجارة " عينا كانت أو ذمة ولا تفسخ " بعذر " في غير المعقود عليه لمؤجر أو مستأجر .
فالأول كمريض مؤجر دابة عجز عن خروجه معها الذي هو من أعمال الإجارة حيث كانت الدابة غير معينة .
والثاني " كتعذر وقود حمام " على مستأجر .
والوقود بفتح الواو بخطه ما يوقد به من حطب وغيره وبضمها مصدر وقدت النار .
وسفر .
بفتح الفاء عرض المستأجر دار مثلا لا بسكونها كما وقع للسبكي في أنه لا بد للمسافر من رفقة وهم السفر أي المسافرون يتعذر خروجهم .
و .
كعروض " مرض مستأجر دابة السفر " عليها .
والمعنى في الجميع أنه لا خلل في المعقود عليه والاستنابة من كل منهما ممكنة .
ومحل عدم الانفساخ في غير العذر الشرعي أما هو كمن استأجر شخصا لقلع سن مؤلمة فزال الألم فإن الإجارة تنفسخ كما مر أوائل الباب لتعذر قلعها حينئذ شرعا .
تنبيه : .
يستثنى من ذلك إجارة الإمام ذميا للجهاد وتعذر لصلح حصل قبل مسير الجيش فإنه عذر للإمام يسترجع به كل الأجرة كما قاله الماوردي وإفلاس المستأجر قبل تسليم الأجرة ومضي المدة فإنه يوجب للمؤجر الفسخ كما أطلقه في الروضة وأصلها في باب التفليس .
وعدم دخول الناس الحمام المستأجر بسبب فتنة حادثة أو خراب الناحية ليس بعيب يثبت الخيار كما قاله الزركشي خلافا للروياني إذ لا خلل في المعقود عليه .
ولو استأجر أرضا لزراعة فزرع فهلك الزرع بجائحة .
أصابته من سيل أو شدة برد أو حر أو أكل جراد أو غير ذلك .
فليس له الفسخ ولا حط شيء من الأجرة .
لأن الجائحة لحقت زرع المستأجر لا منفعة الأرض .
فلو تلفت الأرض بجائحة أبطلت قوة الإنبات انفسخت الأجرة في المدة الباقية فلو تلف الزرع قبل تلف الأرض وتعذر إبداله قبل الانفساخ بتلفها لم يسترد من المسمى لما قبل التلف شيئا كما رجحه ابن المقري لأن صلاحية الأرض لو بقيت لم يكن للمستأجر فيها نفع بعد فوات الزرع وأما بعد التلف فيسترد ما يقابله من المسمى لبطلان العقد فيه .
وإن تلفت الأرض أولا استرد أجرة المستقبل وكذا الماضي كما في جواهر القمولي وإن اقتضى كلام ابن المقري خلافه .
وتنفسخ .
الإجارة " بموت الدابة والأجير المعينين " وكذا معين غيرهما ( 2 / 356 ) لكن الإنفساخ في الزمن " المستقبل " لفوات المعقود عليه وهو المنفعة قبل قبضها كما ينفسخ البيع بتلف المبيع قبل قبضه .
تنبيه : .
لا فرق بين أن يكون الموت بآفة سماوية أو بغيرها كإتلاف المستأجر .
فإن قيل لو أتلف المشتري المبيع استقر عليه الثمن فهلا كان المستأجر كذلك أجيب بأن البيع ورد على العين فإذا أتلفها صار قابضا لها والإجارة واردة على المنافع ومنافع الزمن المستقبل معدومة لا يتصور ورود الإتلاف عليها .
ولو قال المصنف وتنفسخ بتلف العين المستأجرة لكان أخصر وأشمل واستغنى عما قدرته .
لا .
في الزمن " الماضي " إذا كان بعد القبض ولمثله أجرة " في الأظهر " لاستقرارها بالقبض .
فيستقر قسطه من المسمى .
موزعا على قيمة المنفعة لا على الزمان فلو كانت مدة الإجارة سنة مثلا ومضي نصفها وأجرة مثله ضعف أجرة مثل النصف الباقي وجب من المسمى ثلثاه وإن كان بالعكس فثلثه والإعتبار بقيمة المنفعة حالة العقد لا بما بعده قاله القاضي حسين .
والثاني ينفسخ فيه أيضا لأن العقد واحد وقد انفسخ في البعض فلينفسخ في الباقي .
أما إذا كان قبل القبض أو بعده ولم يكن لمثله أجرة فإنه ينفسخ في الجميع .
واحترز بالمعين عما في الذمة فلا ينفسخ بتلفهما لأن العقد لم يرد عليهما فإذا أحضرا وماتا في خلاف المدة أبدلا كما مر .
ولا تنفسخ .
الإجارة ولو ذمة كما في البسيط " بموت العاقدين " أو أحدهما بل تبقى إلى انقضاء المدة لأنها عقد لازم فلا تنفسخ بالموت كالبيع ويخلف المستأجر وارثه في استيفاء المنفعة .
وإنما انفسخت بموت الأجير المعين لأنه مورد العقد لا لأنه عاقد فلا يستثنى من عدم الإنفساخ لكن استثنى منه مسائل منها ما لو أجر عبده المعلق عتقه بصفة فوجدت مع موته فإن الإجارة تنفسخ على الأصح كما اقتضاه كلام الرافعي .
ومنها ما لو أجر أم ولده ومات في المدة فإن الإجارة تنفسخ بموته خلافا لما اقتضاه كلام الرافعي في باب الوقف .
ومنها المدبر فإنه كالمعلق عتقه بصفة .
ومنها موت البطن الأول كما سيأتي .
ومنها الموصى له بمنفعة دار مثلا مدة عمره .
وما قيل من أن الوصية بالمنفعة إباحة لا تمليك فلا تصح إجارتها مردود بأن ذلك محله كما سيأتي إن شاء الله تعالى في الوصية بأن ينتفع بالدار لا بمنفعتها كما هنا .
ورد بعضهم استثناء هاتين المسألتين بأن الإنفساخ ليس لموت العاقد بل لانتهاء حقه بالموت وليس الرد بظاهر .
و .
لا تنفسخ أيضا بموت " متولي " أي ناظر " الوقف " من حاكم أو منصوبه أو من شرط له النظرعلى جميع البطون .
ويستثنى من إطلاقه ما لو كان الناظر هو المستحق للوقف وأجر بدون أجرة المثل فإنه يجوز له ذلك كما صرح به الإمام وغيره فإذا مات في أثناء المدة انفسخت كما قاله ابن الرفعة .
و .
على الأول " لا أجرة عليه " أي المالك للخياط إذا حلف المالك لأن عمل الخياط صار حينئذ غير مأذون فيه .
ولو أجر البطن الأول .
من الموقوف عليهم العين الموقوفة " مدة ومات " البطن المؤجر " قبل تمامها " وشرط الواقف لكل بطن منهم النظر في حصته مدة استحقاقه فقط " أو أجر الولي صبيا " أو ماله " مدة لا يبلغ فيها " الصبي " بالسن فبلغ " فيها " بالاحتلام " وهو رشيد كما قاله الماوردي وغيره " فالأصح انفساخها " فيما بقي من المدة " في الوقف " لأن الوقف انتقل استحقاقه بموت المؤجر لغيره ولا ولاية له عليه ولا نيابة .
لا .
في " الصبي " فلا تنفسخ لأن الولي بنى تصرفه على المصلحة .
والثاني لا تنفسخ في الوقف كالملك وتنفسخ في الصبي لتبين عدم الولاية فيما بعد البلوغ أما الماضي من المدة فلا تنفسخ فيه .
ولو كانت المدة يبلغ فيها بالسن بطلت الإجارة فيما بعد البلوغ وفيما قبله قولا تفريق الصفقة .
ولو أجر الولي مال المجنون فأفاق في أثناء المدة فكبلوغ الصبي بالاحتلام أما إذا بلغ الصبي سفيها فهو كالصبي في استمرار الولاية عليه .
تنبيه : .
لو أجر أحد الموقوف عليهم المشروط له النظر بالأرشدية ثم مات انفسخت الإجارة في نصيبه خاصة كما أشار إليه الأذرعي واعتمده الغزي في الفتوى .
وقول المصنف البطن الأول ليس بقيد بل كل البطون كذلك .
قال الزركشي واحترز بقوله البطن الأول عما لو كان المؤجر الحاكم أو الواقف أو منصوبه ومات عن البطن الأول كما أوضحه ( 2 / 357 ) ابن الرفعة فالصحيح عدم الإنفساخ لأن العاقد ناظر للكل قال ولو أجر الناظر للبطن الثاني فمات البطن الأول انتقلت منافع الوقف إليهم فتنفسخ الإجارة لأنه صار مستحق المنافع ولا يستحق لنفسه على نفسه .
و .
الأصح " أنها تنفسخ " في المستقبل " بانهدام " كل " الدار " لزوال الاسم وفوات المنفعة بخلاف المبيع المقبوض لا ينفسخ البيع بتلفه في يد المشتري لأن الإستيلاء في البيع حصل على جملة المبيع والإستيلاء على المنافع المعقود عليها لا يحصل إلا شيئا فشيئا .
تنبيه : .
لو هدمها المستأجر كان الحكم كذلك كما صرح به البغوي .
وأما قول الشيخين في النكاح إن المستأجر لو خرب الدار ثبت له الخيار فهو محمول على تخريب يحصل به تعييب لا هدم كامل ولهذا زدت في المتن كل ليخرج ما لو انهدم بعضا فإنها لا تنفسخ بل يثبت للمستأجر الخيار .
نعم إن أمكن إصلاحه في الحالة وأصلحه المؤجر سقط خيار المستأجر .
و " لا " تنفسخ الإجارة بسبب " انقطاع ماء أرض استؤجرت لزراعة " لبقاء الاسم مع إمكان زرعها بغير الماء المنقطع " بل يثبت الخيار " للعيب وهو على التراخي لأن بسببه تعذر قبض المنفعة وذلك يتكرر بمرور الزمان .
هذا إن لم يسق المؤجر الماء إليها من موضع آخر مع بقاء وقت الزراعة ولم تمض مدة لمثلها أجرة وإلا فلا خيار .
تنبيه : .
الإنفساخ في الأولى وثبوت الخيار في الثانية هو المنصوص عليه فيهما ومنهم من نقل وخرج وجعل في المسألتين قولين وإذا لم يمكن زراعة الأرض بغير الماء المنقطع فقضية ما ذكر أنه تنفسخ الإجارة وهو كما قال بعض المتأخرين ظاهر .
فرع تعطيل الرحى لانقطاع الماء .
والحمام لخلل الأبنية أو لنقص الماء في بئر ونحوه كانهدام الدار كما ذكراه في الشرح والروضة آخر الباب وقضيته الإنفساخ والقياس ثبوت الخيار كانقطاع ماء الأرض لبقاء اسم الحمام والرحى كما أشار إليه في المهمات .
وغصب الدابة .
وندها " وإباق العبد " بغير تفريط من المستأجر إذا وقعت الإجارة على عينهما " يثبت الخيار " لتعذر الإستيفاء وإذا فسخ انفسخ فيما بقي من المدة وفيما مضى الخلاف السابق في موت الدابة المعينة .
نعم إن بادر المؤجر وانتزع من الغاصب ورد النادة والآبق قبل مضي مدة لمثلها أجرة سقط خيار المستأجر وإنما لم تنفسخ الإجارة لبقاء عين المعقود عليه .
فإن أجازوا التقدير بالعمل كبعير يركبه إلى مكة استوفاه متى قدر عليه لأن المنفعة المقدرة بعمل وإن وجب تسليمها عقب العقد لا تفوت بمضي الزمان أو بالزمان انفسخت الإجارة فيما انقضى منه واستعمل العين في الباقي فإن لم يفسخ وانقضت المدة انفسخت الإجارة فإن كان بتفريط من المستأجر لزمه المسمى كما لو فرط في الرقبة ضمنها قاله الماوردي .
وليس للمستأجر مخاصمة الغاصب كالمستعير والمودع .
نبيه محل الخلاف في غصب الأجنبي أما إذا غصبها المالك بعدالقبض أو قبله بامتناعه من الإقباض فطريقان أحدهما كغصب الأجنبي وأصحهما القطع بالإنفساخ وإن غصبها المستأجر ويتصور بأخذها من المالك بغير إذنه قبل انقضاء الإجارة استقرت الأجرة عليه وفي إجارة الذمة لا خيار وعلى المؤجر الإبدال .
ولو أكرى جمالا .
بعينها أو في الذمة وسلم عينها " وهرب وتركها عند المكتري " فلا فسخ له ولا خيار أيضا بل إن شاء تبرع بمؤونتها وإلا " راجع القاضي ليمونها " ومن يقوم بحفظها " من مال الجمال فإن لم يجد له مالا " ولم يكن في الجمال فضل " اقترض " القاضي " عليه " من المكتري أو أجنبي أو بيت المال " فإن وثق " القاضي " بالمكتري دفعه " أي ما اقترضه " إليه " وإن اقترضه منه لينفقه عليها " وإلا " بان لم يثق به " جعله " أي ما اقترضه القاضي " عنده ثقة " ينفق عليها " وله " أي القاضي إن لم يجد مالا يقترضه كما في الروضة وأصلها " أن يبيع منها قدر النفقة " عليها وعلى متعهدها ( 2 / 358 ) .
تنبيه : .
أفهم قوله فإن لم يجد له مالا أنه لو كان في الجمال المتروكة زيادة على حاجة المستأجر لا يقترض عليه كما صرح به العراقيون بل يبيع الفاضل عن الحاجة .
وأشار بقوله منها إلى أنه لا يجوز له بيع جميعها خشية أن تأكل أثمانها وبه صرح جمع .
قال الأذرعي والظاهر أنه في إجارة الذمة إذا رأى المصلحة في بيعها ويكتري للمستأجر من ثمنها كان له ذلك حيث يجوز له بيع مال الغائب للمصلحة .
ولو أذن .
القاضي " للمكتري في الإنفاق " على الجمال ومتعهدها " من ماله " أو مال غيره " ليرجع " بما أنفقته عليها وعلى متعهدها " جاز في الأظهر " كما لو اقترض ثم دفع إليه ولأنه محل ضرورة فقد لا يجد القاضي من يقرضه أو لا يراه .
والثاني المنع ويجعل متبرعا .
تنبيه : .
أفهم كلام المصنف أنه متى أنفق بغير إذن الحاكم لم يرجع ومحله إذا أمكن فإذا لم يمكن كأن لم يكن حاكم أو عسر إثبات الواقعة عنده فأنفق وأشهد على ما أنفق ليرجع رجع ويحفظها القاضي بعد المدة أو يبيع منها بقدر ما اقترض وإن خشي أن تأكل نفسها لو باع بعضها باع الكل والقول قوله في قدر ما أنفق إذا ادعى نفقة مثله في العادة لأنه أمين .
واحترز بقوله أولا وتركها عما لو أخذها الجمال معه .
وحكمه أن الإجارة إن كانت في الذمة اكترى الحاكم عليه من ماله فإن لم يجدله مالا اقترض عليه واكترى فإن تعذر الإكتراء عليه فللمستأجر الفسخ وإن كانت إجارة عين فله الفسخ كما إذا ندت الدابة .
ومتى قبض المكتري .
العين المؤجرة " الدابة أو الدار " أو غيرهما في إجارة عين أو ذمة " وأمسكها حتى مضت مدة الإجارة استقرت الأجرة " عليه " وإن لم ينتفع " لتلف المنافع تحت يده فيستقر عليه البدل كالمبيع إذا تلف في يد المشتري .
وسواء أترك الإنتفاع اختيارا أم لعذر كخوف الطريق أو لعدم الرفقة مع أنه لو خرج في حالة الخوف ضمنها .
وليس له فسخ ولا إلزام المكري باسترداد الدابة إلى تيسير الخروج لأنه إذا خاف من الخروج إلى تلك البلدة أمكنه السير إلى بلد آخر واستعمالها تلك المدة وإذا مضت المدة فليس له الانتفاع فإن فعل لزمه أجرة المثل مع المسمى .
تنبيه : .
أفهم قوله قبضها أن المؤجر لو عرضها عليه فامتنع أو وضعها بين يديه أو خلى بينه وبين الدار ومضت مدة الإجارة أن الأجرة لا تستقر وليس مرادا بل تستقر عليه الأجرة كما في البحر وغيره .
وكذا لو اكترى دابة لركوب إلى موضع .
معين " وقبضها " أو عرضت عليه فامتنع أو وضعها بين يديه كما مر " و " لم يسر حتى " مضت مدة إمكان السير إليه " فإن الأجرة تستقر عليه لوجود التمكين من المؤجر .
وهذه الصورة في الإجارة المقدرة بالعمل والتي قبلها في المقدرة بالمدة .
وسواء فيه .
أي المذكور من هاتين المسألتين " إجارة العين والذمة " .
وقوله " إذا سلم " المؤجر " الدابة الموصوفة " للمستأجر قيد في إجارة الذمة لتعين حقه بالتسلم وحصول التمكين فإن لم يسلمها إليه لم يستحق عليه الأجرة لأن المعقود عليه في الذمة فلا يستقر بدله من غير استيفاء كالمسلم فيه .
تنبيه : .
تقييد المصنف المسألة بالدابة قد يوهم أنه لو عقد على منفعة الحر ولم يستعمله حتى مضت المدة لا تستقر الأجرة وليس مرادا وإن قال به القفال بل تستقر كما قاله الأكثرون .
فلو قال المصنف أولا ومتى قبض المكتري المؤجر لشمل هذه المسألة .
ثم أشار لفرع من قاعدة أن فاسد كل عقد كصحيحه في الضمان وعدمه بقوله " وتستقر في الإجارة الفاسدة " سواء أقدرت بعمل أم بمدة " أجرة لمثل " سواء أكانت أكثر من المسمى أم لا .
بما يستقر به المسمى في الصحيحة .
سواء انتفع بها أم لا بخلاف المهر في النكاح الفاسد لا يجب إلا بالوطء إذ اليد لا تثبت على منافع البضع .
وإنما لزمه أجرة المثل لأن الإجارة كالبيع والمنفعة كالعين والبيع الفاسد كالصحيح في الضمان بالقبض ( 2 / 359 ) فكذا الإجارة .
تنبيه : .
يستثنى من التسوية التخلية فإنها تكفي في قبض العقار في الإجارة الصحيحة ولا تكفي في الفاسدة بل لا بد من القبض الحقيقي وكذا الوضع بين يديه يكفي في الصحيحة دون الفاسدة وكذا لو عرض المؤجر العين على المستأجر في الإجارة الفاسدة فامتنع لم تستقر الأجرة لأن الأجرة إنما تستقر بعقد صحيح ويتمكن فيه من استيفاء المنفعة أو بأن تتلف المنفعة تحت يده ولم يوجد أحدهما وعلى المستأجر في الفاسدة رد العين المؤجرة وليس له حبسها لاسترداد الأجرة كما في التتمة .
قاعدة كل عقد فسد سقط فيه المسمى إلا إذا عقد الإمام الذمة مع الكفار على سكنى الحجاز فسكنوا ومضت المدة فيجب المسمى لتعذر أجرة المثل لأنهم استوفوا المنفعة وليس لمثلها أجرة إذ لا مثل لها تعتبر أجرته فرجع إلى المسمى .
وخرج بالفاسدة الباطلة كاستئجار صبي بالغا على عمل فعمله فإنه لا يستحق شيئا .
لو هدمها المستأجر كان الحكم كذلك كما صرح به البغوي .
ولو أكرى عينا مدة ولم يسلمها .
المكري " حتى مضت " تلك المدة " انفسخت " تلك الإجارة لفوات المعقود عليه قبل قبضه سواء استوفى المكري تلك المنفعة أم لا وسواء أمسكها لقبض الأجرة أم لغيره .
فإن مضى بعد المدة ثم سلمها انفسخت في الماضي وثبت الخيار في الباقي .
ولو لم يقدر .
في الإجارة " مدة وأجر " له دابة " لركوب إلى موضع " معين " ولم يسلمها " إليه " حتى مضت مدة " إمكان " السير " إليه " فالأصح أنها " أي الإجارة " لا تنفسخ " لأن هذه الإجارة معلقة بالمنفعة لا بالزمان فلم يتعذر الإستيفاء .
والثاني تنفسخ كما لو حبسها المكتري تلك المدة فإن الأجرة تستقر عليه .
وأجاب الأول بأنا لو لم نقدر عليه الأجرة لضاعت المنفعة على المكري وعلى الأول لا خيار للمكتري كما لا خيار للمشتري إذا امتنع البائع من تسليم المبيع ثم سلمه .
تنبيه : .
احترز المصنف بالعين عن إجارة الذمة إذا لم يسلم ما تستوفي منه المنفعة حتى مضت المدة التي يمكن فيها استيفاؤها فلا فسخ ولا انفساخ قطعا لأنها دين تأخر وفاؤه .
ولو أجر عبده ثم أعتقه .
أو باعه أو وقفه " فالأصح " المنصوص في الأم وعبر في الروضة بالصحيح " أنها لا تنفسخ الإجارة " لأن السيد تبرع بإزالة ملكه ولم تكن المنافع له وقت العتق فلم يصادف العتق إلا الرقبة مسلوبة المنفعة .
والثاني تنفسخ كموت البطن الأول .
تنبيه : .
احترز المصنف بقوله ثم أعتقه عما لو علق عتقه بصفة ثم أجره فوجدت الصفة في أثناء المدة فإنه يعتق وتنفسخ الإجارة وعما لو أجر أم ولده ثم عتقت بموته فإن الإجارة تنفسخ كما اقتضاه كلام الروضة وأصلها هنا وإن اقتضى كلامهما في باب الوقف خلافه .
ولو أجر أمته مدة ثم استولدها ثم مات في أثناء المدة لم تنفسخ كما قاله ابن الرفعة لتقدم استحقاق المنفعة على سبب العتق .
و .
الأصح " أنه لا خيار للعبد " في فسخ الإجارة بعد العتق لأن سيده تصرف في خالص ملكه فلا ينقض ويستوفي المستأجر منفعته .
والثاني له الخيار كالأمة تعتق تحت عبد .
قال الروياني وهو غلط لأن خيارها ثبت لنقصه ولم يرض وقت العقد وهذا المعنى مفقود هنا .
والأظهر .
على الأول أنه لا " يرجع على سيده بأجرة ما بعد العتق " إلى انقضاء المدة .
والثاني يرجع بأجرة مثله لتفويت السيد له ودفع هذا ومقابل الأصح في الأولتين بأن الإعتاق يتناول الرقبة خالية عن المنفعة بقية مدة الإجارة ولا نفقة على السيد وينفق عليه من بيت المال لأن السيد قد زال ملكه عنه وهو عاجز عن تعهد نفسه .
تنبيه : .
أفهم كلام المصنف أمرين أحدهما أنه لو مات المؤجر ثم أعتقه وارثه أنه لا يرجع العبد بشيء عليه قطعا وهو كذلك لأنه لم يعقد عليه عقدا ثم نقضه .
ثانيهما أنه لو أقر بعتق سابق على الإجارة عتق ولم يقبل في بطلان الإجارة وأنه يغرم للعبد أجرة مثله وهو كذلك كما نقلاه عن الشيخ أبي علي قبيل كتاب الصداق وأقره .
وكما لا ( 2 / 360 ) تنفسخ الإجارة بطرو الحرية ولا تنفسخ بطرو الرق .
فلو استأجر مسلم حربيا فاسترق أو استأجر منه دارا في دار الحرب ثم ملكها المسلمون لم تنفسخ الإجارة وإن أجر دارا بعبد ثم قبضه وأعتقه ثم انهدمت فالرجوع بقيمته ولو ظهر بالعبد عيب بعد العتق وفسخ المستأجر الإجارة ملك العتيق منافع نفسه لأنه صار مستقلا .
فإن قيل لو بيع المؤجر وانفسخت الإجارة أن المنفعة ترجع للبائع لا للمشتري كما يأتي آخر الباب فكان القياس أنها ترجع للسيد كما رجحه الإسنوي أجيب بأن العتق لما كان متقربا به والشارع متشوقا إليه كانت منافع العتيق له نظر المقصود العتق من كمال تقربه بخلاف البيع ونحوه ولو أجر المكاتب نفسه ثم عجزه سيده انفسخت الإجارة لزوال ملكه عن نفسه ولا تصح مكاتبة المؤجر إذ لا يمكنه التصرف لنفسه .
ويصح بيع .
العين " المستأجرة " قبل إنقضاء مدة الإجارة " للمكتري " لأنها بيده من غير حائل فأشبه بيع المغصوب من الغاصب .
ولا تنفسخ الإجارة في الأصح .
لأن الملك لا ينافيها ولهذا يستأجر ملكه من المستأجر .
والثاني تنفسخ كما لو اشترى زوجته فإن النكاح ينفسخ .
وأجاب الأول بأنه إنما ينتقل إلى المشتري ما كان للبائع والبائع حين البيع ما كان يملك المنفعة بخلاف النكاح فإن السيد يملك منفعة بضع أمته المزوجة بدليل أنها لو وطئت بشبهة كان المهر للسيد لا للزوج .
تنبيه : .
قول المصنف في الأصح راجع إلى الإنفساخ أما البيع فصحيح قطعا كما في أصل الروضة .
ولو باعها .
المؤجر أو وهبها " لغيره " أذن المستأجر أم لا " جاز في الأظهر " لأن ثبوت العقد على المنفعة لا يمنع بيع الرقبة كالأمة المزوجة .
والثاني لا يجوز لأن يد المستأجر مانعة من التسليم .
وأجيب بأن العين تؤخذ منه وتسلم للمشتري ثم تعاد إليه يستوفي منفعتها إلى آخر المدة ويعفى عن القدر الذي يقع التسليم فيه لأنه يسير لا يثبت فيه خيار المستأجر كما لو انسدت بالوعة الدار فلا خيار لأن زمن فتحها يسير .
تنبيه : .
ما أطله المصنف من الصحة تبع فيه الجمهور ومحله إذا كانت الإجارة مقدرة بالمدة فإن قدرت بعمل غير مقدر بمدة كأن استأجر دابة للركوب إلى بلد كذا فعن أبي الفرج الزازان البيع ممتنع قولا واحدا لجهالة مدة السير ذكره البلقيني .
ويقاس بالبيع ما في معناه .
ويستثنى من محل الخلاف مسألة هرب الجمال السابقة فإنه يباع من الجمال قدر النفقة قالا ولا يحرج على الخلاف في بيع المستأجر لأنه محل ضرورة والبيع الضمني كأعتق عبدك عني على كذا فأعتقه عنه وهو مستأجر فإنه يصح قطعا لقوة العتق كما نقلاه عن القفال في كفارة الظهار وأقراه .
ولا تنفسخ .
الإجارة بما ذكر قطعا كما لا ينفسخ النكاح ببيع الأمة المزوجة من غير الزوج فتبقى في يد المستأجر إلى انقضاء المدة وللمشتري الخيار إن جهل الإجارة وكذا إن علمها وجهل المدة كما قاله الرافعي في باب بيع الأصول والثمار ولو قال علمت بالإجارة ولكن ظننت أن لي أجرة ما يحدث على ملكي من المنفعة قال الغزالي في فتاويه ثبت له الخيار إنما كان ممن يشتبه عليه ذلك .
وأجاب أبو بكر الشاشي بالمنع .
قال الزركشي والأول أوجه لأنه مما يخفى .
فإن علمها ولم يكن ذلك فلا خيار ولا أجرة وإن جهل ثم علم وأجاز فلا أجرة له لبقية المدة كما قاله البغوي .
ولو وجد المستأجر به عيبا وفسخ الإجارة أو عرض ما تنفسخ به الإجارة فمنفعته بقية المدة للبائع في أحد وجهين رجحه ابن المقري لا للمشتري لأنه لم يملك منافع تلك المدة ولأن الفسخ يرفع العقد من حينئذ لا من أصله .
خاتمة لو ألزم ذمته نسج ثوب على أن ينسجه بنفسه لم يصح التزامه لأنه غرر فإنه ربما يموت قبل النسج .
ولو استأجر شخصا لخدمة ولو مطلقا عن ذكر وقتها وتفصيل أنواعها صح .
وحمل الإطلاق على العرف في المستأجر والأجير رتبة وذكورة وأنوثة ومكانا ووقتا وغيرها .
وإن استأجر للخبز بين أن ما يخبزه أرغفة أو أقراص غلاظ أو رقاق وأنه يخبز في فرن أو تنور وحطب الخباز كحبر النساخ فيعتبر فيه العرف .
وعلى الأجير لغسل الثياب أجرة من يحملها إليه لأن حملها إليه من تمام الغسل إلا إن شرطت الأجرة فتلزمه .
ولو استعار دابة ليركبها إلى بلد فركبها إليه ردها إلى المكان الذي سار منه ولو راكبا لها لأن الرد لازم له فالإذن يتناوله بالعرف ( 2 / 361 ) بخلاف المستأجر كما مر إذ لا رد عليه .
ولو استأجره لكتابة صك في بياض وكتبه غلطا أو بلغة أخرى غير التي عينها له أو غير الناسخ ترتيب الكتاب بحيث لا يمكن البناء عليه سقطت أجرته وضمن نقصان الورق .
ولو استأجره لخياطة ثوب فخاط نصفه مثلا ثم تلف استحق النصف من المسمى إن كان العمل في ملك المستأجر أو بحضرته لأنه حينئذ يقع العمل مسلما وإلا فلا يستحق شيئا .
ولو تلفت جرة حملها الأجير نصف الطريق لم يستحق شيئا .
والفرق أن الخياطة تظهر على الثوب فوقع العمل مسلما بظهور أثره والحمل لا يظهر أثره على الجرة فعلم بذلك أنه يعتبر في وجوب القسط وقوع العمل مسلما وظهور أثره على المحل .
وغرق الأرض تنفسخ به الإجارة كانهدام الدار فإن توقع انحساره في المدة انفسخت الإجارة فيما مضى وثبت للمستأجر الخيار وإن غرق بعضها انفسخ العقد فيه وله الخيار في الباقي في بقية المدة .
وهل الخيار على الفور أو التراخي اختلف مفتو عصرنا فيه والأوجه الأول كما أفتى به شيخي لأنه خيار عيب .
وضمان العهدة من شخص للمستأجر جائز ويرجع عليه عند ظهور الاستحقاق .
وإن توجه الحبس على أجير العين ولم يمكن العمل في الحبس أخرجه القاضي منه مدة العمل تقديما لحق المستأجر ويستوثق عليه مدة العمل إن رآه كأن خاف هربه أما أجير الذمة فليطالب بتحصيل العمل بغيره فإن امتنع حبس بالحقين .
ولو أكره بعض الرعية شخصا على غسل ميت لزمه أجرة المثل أو الإمام وللميت تركه وجبت فيها وإلا ففي بيت المال إن وسع وإلا فلا شيء .
وللأب إيجار إبنه الصغير المميز لإسقاط نفقته عنه وله استئجاره كما يشتري ماله .
ولو أجر الأب لإبنه عينا ثم مات أحدهما وورثه الآخر لم تنفسخ الإجارة لأنها تجتمع مع الملك وفائدة عدم الإنفساخ عدم تعلق الدين بالعين المستأجرة .
ولو خلف المؤجر إبنين أحدهما مستأجر منه دون الآخر فالرقبة بينهما بالإرث والإجارة مستمرة .
ولو استأجر سفينة فدخل فيها سمك ففيه وجهان حكاهما ابن جماعة في فروعه أوجهها أنه للمستأجر لأنه ملك منافع السفينة ويده عليها فكان أحق به