الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك " يصح عقد الإجارة مدة " معلومة " تبقى فيها العين " المؤجرة " غالبا " لإمكان استيفاء المعقود عليه ولا يقدر بمدة إذ لا توقيف فيه والمرجع في المدة التي تبقى فيها العين غالبا إلى أهل الخبرة فيؤجر الدار والرقيق ثلاثين سنة والدابة عشر سنين والثوب سنة أو سنتين على ما يليق به والأرض مائة سنة أو أكثر .
وفي قول لا يزاد على سنة .
لاندفاع الحاجة بها .
وفي قول .
على " ثلاثين " سنة لأنها نصف العمر الغالب .
تنبيه : .
قضية إطلاق المصنف أنه لا فرق في ذلك بين الوقف والمطلق وهو المشهور .
ويستثنى من إطلاقه صور إحداها ما إذا شرط الواقف أن لا يؤجر وقفه إلا سنة ونحوها فإنه يتبع شرطه على الأصح .
ثانيها إجارة الإقطاع لا تجوز أكثر من سنة كما نقله الغزي عن ابن جماعة وأقره .
ثالثها المنذور إعتاقه كقوله إن شفى الله مريضي فلله علي أن أعتق هذا العبد بعد سنة لم تجز إجارته أكثر من المدة كما قاله البلقيني لئلا يؤدي إلى استمرار الإجارة عليه بعد عتقه بناء على الأصح من أن من أجر عبد نفسه ثم أعتقه لا تنفسخ الإجارة .
رابعها المعلق عتقه بصفة قال البغوي إن تحقق عدم وجود الصفة قبل انقضاء الأجل صحت الإجارة وإلا فيجب أن لا تجوز كالصبي وقال في الروضة ينبغي أن تصح وإن تحقق وجود الصفة قبل انقضاء الأجل لجواز أن يبيعه فيرتفع التعليق وبيع المستأجر صحيح على الأصح فالاستثناء من كلام البغوي .
خامسها إجارة المرهون بغير إذن المرتهن على دين مؤجل فإنه يعتبر في الصحة أن يكون الدين مؤجلا بأجل يحل بعد انقضاء مدة الإجارة أو معها .
سادسها إجارة الولي الصبي أو ماله فإنه لا بد فيها من أنه لا يجاوز مدة بلوغه بالسن فلو كان عمره عشر سنين فأجره عشر سنين بطل في الزائد على مدة البلوغ وفي الباقي قولا تفريق الصفقة بخلاف ما لو أجره مدة لا يبلغ فيها بالسن وإن احتمل بلوغه بالاحتلام لأن الأصل بقاء الصبي .
وهذا الخلاف في أكثر مدة الإجارة أما أقلها فقال الماوردي أقل مدة تؤجر الأرض فيها للزراعة مدة زراعتها وأقل مدة تؤجر الدار للسكنى يوم لأن ما دونه تافه لا يقابل بعوض .
ويستثنى من اشتراط بيان المدة في الإجارة مسائل الأولى ( 2 / 350 ) سواد العراق فإن الأصح أن عمر رضي الله تعالى عنه أجره على التأبيد واحتمل ذلك للمصلحة الكلية .
ثانيها أجمعوا على جواز إجارة الدار وغيرها شهرا مع أنه قد يكون ثلاثين يوما وقد يكون تسعة وعشرين كما مر عن المجموع .
ثالثها عقد الجزية إذا قلنا إنها عقد إجارة على إقامتهم في دارنا وهو الأصح .
رابعها استئجار العلو لحق البناء ولإجراء الماء لا يشترط فيه بيان المدة على المذهب كما مر في باب الصلح .
خامسها استئجار الذمي للجهاد من غير تبيين المدة يجوز للضرورة قاله في الشامل في باب الغنيمة .
سادسها استئجار الإمام للأذان من بيت المال كل شهر بكذا كما مر في فصل الأذان .
والمنفعة المستحقة بعقد الإجارة تتوقف على مستوف ومستوفى منه وبه وفيه وأشار إلى الأول بقوله " وللمكتري استيفاء المنفعة بنفسه وبغيره " كما يجوز أن يؤجر ما استأجره من غيره لكن يشترط أمانة من سلمها إليه فلو شرط استيفاء ما عليه بنفسه لم يصح كما لو باعه عينا وشرط أن لا يبيعها و لابن الرفعة في ذلك نظر .
تنبيه : .
تعبير بالمنفعة قد يخرج الاستئجار لإفادة عين كالرضاع والبئر ليستقي منها مع أن الحكم واحد في الجميع .
وأفهم قوله بغيره جواز إعارة المكتري المنفعة لغيره وقد جزم به في المتن في باب العارية .
وإذا جاز الاستيفاء بغيره " فيركب " في استئجار دابة للركوب مثله ضخامة ونحافة وطولا وعرضا وقصرا أدونه فيما ذكر .
ويسكن .
في استئجار دار للسكنى " مثله ولا يسكن " إذا كان بزازا مثلا " حدادا و " لا " قصارا " لزيادة الضرر بدقهما وكذا يلبس الثوب مثله ودونه .
وينبغي في اللابس المماثلة في النظافة لأن فيه استيفاء عين المنفعة المستحقة بغير زيادة .
ولعل ضابط المسألة أن يساوي المستأجر في الضرر بالعين المستأجرة ويعبر عن هذا بأن المستوفي يجوز إبداله .
واستثنى جمع منهم الجرجاني ما لو قال لتسكنها وتسكن من شئت للإذن كما لو قال إزرع ما شئت وللأذرعي في ذلك نظر .
وأشار للثاني بقوله " وما يستوفي منه " المنفعة " كدار ودابة معينة " هو قيد في الدابة لأن الدار لا تكون إلا معينة ولو كان قيدا فيها لوجب التثنية .
لا يبدل .
لأنه معقود عليه فأشبه المبيع ولهذا تنفسخ الإجارة بتلفه ويرد بالعيب .
تنبيه : .
يستثنى من مفهوم المتن جواز الإبدال إذا لم تكن معينة ما إذا أسلم دابة عما في الذمة فإنها لا تبدل بغير رضاه في الأصح كما مر .
وأشار إلى الثالث بقوله " وما يستوفى " المنفعة " به كثوب وصبي عين " الأول في عقد إجارة " للخياطة و " الثاني لأجل " الارتضاع " أو التعليم " يجوز إبداله " أي ما ذكر بمثله " في الأصح " وإن لم يرض الأجير لأنه ليس معقودا عليه وإنما هو طريق للاستيفاء فأشبه الراكب والمتاع المعين للحمل .
والثاني المنع كالمستوفى منه وجرى عليه في أصل الروضة في باب الخلع وجرى عليه البلقيني و ابن المقري في روضه ورجح الأول في شرح إرشاده ورجحه الرافعي في الشرح الصغير وهو المعتمد .
وسكت المصنف عن المستوفى فيه وحكمه أنه يجوز إبداله كأن استأجر دابة لركوب في طريق له إبدال الطريق بمثله أو دونه .
تنبيه : .
قول المصنف عين أشار به إلى ما نقلاه عن الشيخ أبي علي وأقراه أن محل الخلاف إذا التزم في ذمته خياطة ثوب معين أو حمل متاع معين أما لو استأجر دابة معينة لركوب أو حمل متاع فلا خلاف في جواز إبدال الراكب والمتاع .
وفرق بأن العقد والحالة هذه يتناول المدة بدليل استقرار الأجرة بتسليمها وإن لم يركب وإذا كان في الذمة تناول العقد العمل المستوفى به فكأنه معقود عليه وللإمام نحوه .
ولو اعتاض عن منفعة بمنفعة جاز قطعا .
وكان الأولى للمصنف أن يقول وعينا بالتثنية فإنه صفة لصبي وثوب وإيقاع ضمير المفرد موضع التثنية شاذ .
فرع لو استأجر ثوبا للبس .
لم ينم فيه ليلا عملا بالعادة ولو كان الثوب التحتاني كما هو ظاهر كلام الأصحاب فطريقه إذا أراد النوم فيه أن يشرطه وينام في الثوب التحتاني نهارا ساعة أو ساعتين أو نحو ذلك وأما الفوقاني فلا ( 2 / 351 ) ينام فيه ولا يلبسه كل وقت بل عند التجمل في الأوقات التي جرت العادة فيها بالتجمل كحالة الخروج إلى السوق ونحوه ودخول الناس عليه وبنزعه في أوقات الخلوة عملا بالعرف وليس له أن يتزر بقميص استأجره للبسه ولا برداء استأجره للارتداء به وله أن يرتدي ويتعمم بما استأجره للبس والاتزار .
ولو استأجر ثوبا يوما كاملا فمن طلوع الفجر إلى الغروب إذ النهار من طلوع الفجر إلى الغروب وقيل من طلوع الشمس إلى الغروب .
أو يوما وأطلق فمن وقت العقد إلى مثله أو لثلاثة أيام دخلت الليالي المشتملة عليها .
ويد المكتري على .
المستأجر من " الدابة والثوب " وغيرهما " يد أمانة مدة الإجارة " جزما فلا يضمن ما تلف فيها بلا تقصير إذ لا يمكن استيفاء حقه إلا بوضع اليد عليها وعليه دفع متلفاتها كالمودع .
تنبيه : .
لو قال على المستأجر كما قدرته بدل على الدابة والثوب لكان أخصر وأشمل .
وكذا بعدها .
إذا لم يستعملها " في الأصح " استصحابا لما كان كالمودع فلا يلزمه ردها بل التخلية بينها وبين المالك كالوديعة .
والثاني يد ضمان .
وقال السبكي إنها بعد المدة أمانة شرعية كثوب ألقته الريح بدار فإن تلفت عقب انقضاء المدة قبل التمكن من الرد على المالك أو إعلامه فلا ضمان جزما أما إذا استملها فإنه يضمنها قطعا .
تنبيه : .
لو انفسخت الإجارة بسبب ولم يعلم المستأجر المالك بالانفساخ بعد علمه به ومنافعها لتقصيره بعدم إعلامه فإن أعلمه أو لم يعلمه لعدم علمه أو كان هو عالما به لم يضمن لأنه أمين ولا تقصير منه .
ولو ربط دابة اكتراها لحمل أو ركوب .
أو غيره كحرث واستقاء " ولم ينتفع بها " وتلفت " لم يضمن " قيمتها لأنها بيده أمانة .
وسواء أتلفت في المدة أو بعدها على الأصح .
إلا إذا انهدم عليها اصطبل .
وهو عجمي معرب .
في وقت .
للانتفاع .
ولو انتفع بها .
فيه خارجا عن اصطبلها وقت الانهدام مع جريان العادة للانتفاع بها ذلك الوقت كالنهار " لم يصبها الهدم " بل تسلم فإنه يضمنها حينئذ لأن التلف حصل بربطها فيه بخلاف ما إذا تلف بانهدام سقف في وقت لم تجر العادة باستعمالها فيه كجنح الليل في الشتاء .
وبذلك علم أن الضمان بذلك ضمان جناية لا ضمان يد وإن تردد فيه السبكي .
قال الزركشي وسكتوا عما لو سافر بها فتلفت فينبغي أن يأتي فيها التفصيل فيقال إن سافر في وقت لم تجر العادة بالسير فيه فتلفت بآفة أو نقصت ضمن ولو ترك الانتفاع بها في وقت مرض أو خوف عرض له فتلفت بذلك لم يضمن كما بحثه الأذرعي في الخوف أخذا من كلام الإمام .
تنبيه : .
إنما قيد المصنف المسألة بالربط ليستثني منها وإلا لو تلف في مدة الانتفاع كان الحكم كذلك .
ولو حمل قدرا للرد على دابة فانكسرت القدر بتعثر الدابة فإن كان لا يستقل بحملها أو كان لا يليق به حملها كما قاله الزركشي لم يضمن وإلا ضمن لتقصيره إذ العادة أن القدر لا ترد على الدابة مع استقلال المستأجر بحملها .
ولو تلف المال .
أو بعضه " في يد أجير " قبل العمل فيه أو بعده " بلا تعد " منه فيه " كثوب استؤجر لخياطته أو صبغه " بفتح الصاد بخطه لأن المراد المصدر ما لا يصبغ به .
لم يضمن إن لم ينفرد .
ذلك الأجير " باليد " وفسر عدم الانفراد بها بقوله " بأن قعد المستأجر معه أو أحضر منزله " ولم يقعد وكذا لو حمله المتاع ومشى خلفه كما قاله القاضي حسين لأن يد المالك ثابتة على العين حكما وإنما استعان بالأجير في شغله كالمستعين بالوكيل .
وكذا إن انفرد .
باليد سواء المشترك والمنفرد وإن انتفى ما ذكر في القسم قبله لا يضمن .
في أظهر الأقوال .
والثاني يضمن كالمستام لأنه أخذه لمنفعة نفسه .
ودفع بأنه أخذه لمنفعة المستأجر أيضا فلا يضمن كعامل القراض .
وقال الربيع اعتقاد الشافعي أنه لا ضمان ( 2 / 352 ) على الأجير وأن القاضي يقضي بعلمه وكان لا يبوح به خشية قضاة السوء وأجراء السوء .
وقال الفارقي بعد أن صحح الأول إلا أن عمل به أي بالثاني لفساد الناس .
قال ولي نحو ثلاثين سنة ما أفتيت بواحد من القولين ولاحكمت إلا بالمصلحة .
والثالث يضمن .
الأجير " المشترك " وفسر المشترك بقوله " وهو من التزم عملا في ذمته " كعادة القصارين والخياطين .
وسمي مشتركا لأنه إن التزم العمل لجماعة فذاك أو لواحد أمكنه أن يلتزم لآخر مثله فكأنه مشترك بين الناس .
لا .
الأجير " المنفرد وهو من أجر نفسه مدة معينة لعمل " لغيره لا يمكنه شرعا التزام مثله لآخر في تلك المدة سمي بذلك لانفراد المستأجر بمنفعته في تلك المدة .
والفرق أن المنفرد منافعه مختصة بالمستأجر في المدة قيده كيد الوكيل على الموكل بخلاف المشترك .
تنبيه : .
قول المصنف مدة معينة ليس بقيد لأن المأخذ كونه أوقع الإجارة على عينه وقد يقدر بالعمل دون المدة كعكسه .
واحترز بقوله بلا تعد عما إذا تعدى فيضمن مطلقا قطعا كما لو أسرف الخباز في الوقود أو ترك الخبز في النار حتى احترق أو ضرب على التأديب والتعليم الصبي فمات لأن تأديبه بغير الضرب ممكن .
ومتى اختلفا في التعدي عمل بقول عدلين من أهل الخبرة فإن لم يجدهما فالقول قول الأجير وحيث ضمنا الأجير .
فإن كان بتعد فبأقصى قيمة من وقت القبض إلى وقت التلف وإن كان بغيره فبوقت التلف .
فرع الأجير لحفظ الدكان .
مثلا لا ضمان عليه إذا أخذ ما فيه لأنه لا بد له على المال .
قال القفال وهو بمنزلة الحارس في السكة لو سرق من بيت من بيوت السكة لم يكن عليه شيء .
ويعلم منه كما قال الزركشي أن الخفراء لا ضمان عليهم .
ولو دفع ثوبا .
بلا استئجار " إلى قصار ليقصره أو " إلى " خياط ليخيطه " أو نحو ذلك كغسال يغسله " ففعل " ذلك " ولم يذكر " له " أجرة فلا أجرة له " على الأصح المنصوص وقول الجمهور لأنه لم يلتزم له عوضا فصار كقوله أطعمني فأطعمه .
قال في البحر ولأنه لو قال أسكني دارك شهرا فأسكنه لا يستحق عليه أجرة بالإجماع .
وقيل له .
أجرة مثل لاستهلاك الدافع عمله .
وقيل إن كان معروفا بذلك العمل .
بأجرة " فله " أجرة المثل .
وقال الشيخ عز الدين تجب له الأجرة التي جرت بها العادة لذلك العمل وإن زادت على أجرة المثل .
وإلا .
أي وإن لم يكن معروفا بذلك العمل " فلا " أجرة له .
وقد يستحسن .
هذا الوجه لدلالة العرف على ذلك وقيامه مقام اللفظ كما في نظائره وعلى هذا عمل الناس وقال الغزالي إنه الأظهر وقال الشيخ عز الدين إنه الأصح وحكاه الروياني في الحلية عن الأكثرين وقال إنه الاختيار وقال في البحر وبه أفتي وأفتى به خلائق من المتأخرين .
وإذا قلنا لا أجرة له على الأصح فمحله كما قال الأذرعي إذا كان حرا مطلق التصرف أما لو كان عبدا أو محجورا عليه بسفه ونحوه فلا إذ ليسوا من أهل التبرع بمنافعهم المقابلة بالأعواض .
واحترز بقوله ولم يذكر أجرة عما إذا قال مجانا فلا يستحق شيئا قطعا وما لو ذكر أجرة فيستحقها جزما وإن كانت صحيحة فالمسمى وإلا فأجرة المثل .
ولو عرض بذكر أجرة ك أعمل وأنا أرضيك أو أعمل وما ترى مني إلا ما يسرك أو نحو ذلك كقولك حتى أحاسبك استحق أجرة المثل كما في البيان وغيره .
وقد ترد هذه على المصنف لأنه لم يذكر في هذه أجرة إلا أن يكون مراده ولم يذكر أجرة لا تصريحا ولا تعريضا .
ويستثنى من الخلاف المذكور في المتن مسائل إحداها عامل المساقاة إذا عمل ما ليس من أعمالها بإذن المالك فإنه يستحق الأجرة كما مر في بابها قال بعضهم ولا تستثنى لأن عمله تابع لما فيه أجرة فقد تقدم ذكر الأجرة في الجملة .
ثانيها عامل الزكاة فإنه يستحق العوض ولو لم يسم قال الزركشي ولا تستثنى لأن الأجرة ثابتة له بنص القرآن فهي مسماة شرعا وإن لم يسمها الإمام .
ثالثها عامل القسمة بأمر الحاكم فللقاسم الأجرة من غير تسمية ( 2 / 353 ) كذا استثناها بعضهم ونازع في التوشيح في استثنائها وقال إنه كغيره وهو الظاهر .
وأما داخل الحمام بلا إذن من الحمامي فإنه يلزمه الأجرة وإن لم يجر لها ذكر .
والفرق بينه وبين القصار ونحوه أن هؤلاء صرفوا منافعهم لغيرهم والداخل للحمام استوفى منفعة الحمام بسكونه فإن أذن له في الدخول فالحمام فيه كالأجير كما قالوا به فيمن دخل سفينة بإذن صاحبها حتى أتى الساحل فإنه كالأجير فيما ذكر أي فلا أجرة له فإن دخلها بغير إذن استحق عليه الأجرة .
قال في المطلب ولعله فيما إذا لم يعلم به مالكها حتى سيرها وإلا فيشبه أن يكون كما لو وضع متاعه على دابة غيره فسيرها مالكها فإنه لا أجرة على مالكه ولا ضمان .
فرع ما يأخذه الحمامي .
أجرة الحمام والآلة من سطل وإزار ونحوها وحفظ المتاع لا ثمن الماء كما مرت الإشارة إليه لأنه غير مضبوط فلا يقابل بعوض فالحمامي مؤجر للآلة وأجير مشترك في الأمتعة فلا يضمنها كسائر الأجراء والآلة غير مضمونة على الداخل لأنه مستأجر لها ولو كان مع الداخل الآلة ومن يحفظ المتاع كان ما يأخذه الحمامي أجرة الحمام فقط .
ولو تعدى المستأجر بأن ضرب الدابة أو كبحها .
بموحدة ومهملة ويقال بميم بدل الموحدة ويقال بمثناة فوقية بدل الموحدة أيضا ويقال أكبح .
والمعنى أن المستأجر جذبها باللجام لتقف .
وقوله " فوق العادة " قيد في المسألتين .
أو أركبها أثقل منه أو أسكن حدادا أو قصارا .
وهما أشد ضررا مما استأجر له " ضمن العين " أي دخلت في ضمانه لتعديه والقرار على المستعمل الثاني إن علم الحال وإلا فعلى الأول إن كانت يد الثاني يد أمانة كالمستأجر فإن كانت يد ضمان كالمستعير فالقرار عليه كما أوضحوه في الغصب نبه عليه الإسنوي وغيره .
فإن قيل ما ذكروه في الغصب فيمن ترتبت يده على يد الغاصب وهنا ترتبت يده على يد المستأجر والأصح أن المستعير من المستأجر لا يضمن .
أجيب بأنه بإركابه من هو أثقل منه صار في حكم الغاصب ولهذا ضمن العين ويؤيد قولهم أنه لو أركب مثله فجاوز العادة في الضرب كان الضمان على الثاني دون الأول لأنه لم يتعد أما الضرب المعتاد إذا أفضى إلى تلف فلا يوجب ضمانا .
فإن قيل ضرب الزوج زوجته الضرب المعتاد يوجب الضمان .
أجيب بأن تأديبها ممكن باللفظ وعلى تقدير الظن بأنه لا يفيد إلا الضرب فهو اجتهاد فاكتفى به للإباحة دون سقوط الضمان .
ولو ارتدف مع مكتريي دابة ركباها ثالث عدوانا ضمن الثلث إن تلفت توزيعا على رؤوسهم لا على قدر أوزانهم لأن الناس لا يوزنون غالبا .
ولو سخر رجلا وبهيمته فماتت في يد صاحبها قبل استعمالها فلا ضمان على المسخر لأنها في يد صاحبها أما بعد استعمالها فهي معارة .
تنبيه : .
أشار المصنف بالأمثلة المذكورة إلى أن التعدي في رقبة العين المستأجرة ليخرج ما لو أجر الأرض لزرع حنطة فزرع الذرة فإنه لا يكون ضامنا للأرض على الأصح في زيادة الروضة لأنه تعدى في المنفعة لا الرقبة ويلزمه أجرة المثل للذرة و " كذا " يصير ضامنا " لو اكترى " دابة " لحمل مائة رطل من حنطة فحمل " عليها " مائة شعيرا أو عكس " بأن اكتراها لحمل مائة رطل شعير فحمل عليها مائة حنطة لأن الحنطة أثقل فيجتمع ثقلها في موضع واحد والشعير أخف فيأخذ من ظهر الدابة أكثر فالضرر مختلف .
وقيس على الحنطة والشعير كل مختلفين في الضرر كالقطن والحديد .
قال القاضي الحسين وسواء أتلفت بذلك السبب أم بغيره لأن يده صارت يد عدوان .
ويبدل بالقطن الصوف والوبر لأنهما مثله في الحجم لا الحديد ويبدل بالحديد الرصاص والنحاس لأنهما مثله في الحجم لا القطن .
أو .
أكتراها " لعشرة أقفزة شعير فحمل " عشرة " حنطة " فإنه يصير ضامنا للدابة لأنها أثقل .
والأقفزة جمع قفيز وهو مكيال يسع إثني عشر صاعا .
دون عكسه .
لخفة الشعير مع استوائهما في الحجم .
ولو اكترى .
دابة " لمائة " أي لحمل مائة رطل حنطة مثلا " فحمل " عليها " مائة " منها " وعشرة لزمه أجرة المثل للزيادة " مع المسمى على المشهور لتعديه بذلك ( 2 / 354 ) .
تنبيه : .
أشار بتمثيله بالعشرة إلى أن الزائد قد لا يتسامح به كالذي يقع به التفاوت بين الكيلين فإنه لا أجرة له ولا ضمان بسببه .
ولو اكترى مكانا لوضع أمتعة فيه فزاد عليها نظرت فإن كان أرضا فلا شيء عليه وإن كان غرفة لزمه المسمى وأجرة المثل للزائد على قياس ما مر في مسألة الدابة .
وإن تلفت .
تلك الدابة " بذلك " الزائد " ضمنها " ضمان يد " إن لم يكن صاحبها معها " لأنه صار ضامنا لها بحمل الزائد .
فإن كان .
صاحبها معها " ضمن " المستأجر " قسط الزيادة " فقط ضمان جناية مؤاخذة له بقدر جنايته .
وفي قول نصف القيمة .
لأنها تلفت بمضمون وغيره فقسطت القيمة عليهما كما لو جرحه واحد جراحة جراحات .
وفرق الأول بتيسر التوزيع هنا بخلاف الجراحات لأن نكاياتها لا تنضبط .
تنبيه : .
قوله بذلك يحترز به عما إذا تلفت بغيره فإنه يضمنها عند انفراده باليد لأنه ضمان باليد لا عند عدم انفراده بها لأنه ضمان بالجناية وإذا كان في المفهوم تفصيل فلا يرد .
ولو سلم .
المستأجر " المائة والعشرة إلى المؤجر فحملها " بميم مشددة " جاهلا " بالزيادة كأن قال له هي مائة كاذبا فصدقه فتلفت الدابة بها " ضمن المكتري على المذهب " كما لو أتلفها بنفسه لأن أعداد المجهول وتسليمه إلى المؤجر بعد عقد الإجارة كالإلجاء إلى الحمل شرعا فكان كشهادة شهود القصاص .
وفيما يضمنه القولان والطريق الثاني على القولين في تعارض الغرر والمباشرة .
تنبيه : .
لو قال فكما لو حملها المكتري لكان أولى ليعم الضمان وأجرة الزيادة .
وخرج بالجاهل العالم بالزيادة فإن قال له المستأجر احمل هذه الزيادة فأجابه فقد أعاره إياها لحمل الزيادة فلا أجرة لها .
وإن تلفت الدابة لا بسبب العارية ضمن القسط أما بسببها فلا ضمان كما علم من باب العارية .
وإن لم يقل له المستأجر شيئا فحكمه مذكور في قوله " ولو وزن المؤجر وحمل " الدابة " فلا أجرة للزيادة " تعمد ذلك أم لا علم المستأجر بالزيادة وسكت أم جهلها لعدم الإذن في نقلها .
ولا يضمن .
المستأجر الدابة " إن تلفت " إذ لا يد ولا تعدي وللمستأجر مطالبة المؤجر بردها إلى المنقول منه وليس للمؤجر ردها دون رضاه وله مطالبته بالبدل للحيلولة .
فلو غرم له بدلها ثم ردها إلى مكانها استرده وردها إليه .
ولو كان المؤجر وحمل المستأجر فكما لو كان بنفسه وحمل سواء أكان عالما بالزيادة أم لا .
ولو وضع المستأجر المائة والعشرة على الدابة فسيرها المؤجر فكما لو حملها المؤجر .
ولو كان أجنبي وحمل بلا إذن في الزيادة فهو غاصب للزائد وعليه أجرته للمؤجر ورده إلى المكان المنقول منه إن طالبه المستأجر وعليه ضمان الدابة على التفصيل المذكور في المستأجر من غيبة صاحبها وحضرته على ما مر .
وإن حمل بعد كيل الأجنبي المائة والعشرة أحد المتكاريين ففيه التفصيل السابق بين الغرر وعدمه وإن اختلفا في الزيادة أو قدرها فالقول قول المكتري بيمينه لأن الأصل عدم الزيادة .
ولو وجد المحمول على الدابة ناقصا عن المشروط نقصا يؤثر وقد كاله المؤجر حط قسطه من الأجرة إن كانت الإجارة في الذمة لأنه لم يتلف بالمشروط وكذا إن كانت إجارة عين ولم يعلم المستأجر النقص فإن علمه لم يحط شيء من الأجرة لأن التمكين من الاستيفاء قد حصل وذلك كاف في تقرير الأجرة .
أما النقص الذي لا يؤثر كالذي يقع به التفاوت بين الكيلين أو الوزنين فلا عبرة به .
ولو أعطاه .
أي خياطا " ثوبا ليخيطه " وأذن له المالك في قطعه " فخاطه قباء وقال " للمالك " أمرتني بقطعه قباء فقال " المالك للخياط " بل " أمرتك بقطعه " قميصا " فعليك الأرش " فالأظهر تصديق المالك بيمينه " كما لو اختلفا في أصل الإذن فيحلف أنه ما أذن له في قطعه قباء ولا يحتاج أن يتعرض للقميص .
والثاني يصدق الخياط بيمينه لأن المالك يدعي عليه الأرش والأصل براءة ذمته ( 2 / 355 ) .
تنبيه : .
لو عبر المصنف بالمذهب لكان أولى فإن في المسألة طرقا أصحها طريقة القولين .
و .
على الأول " لا أجرة عليه " أي المالك للخياط إذا حلف المالك لأن عمل الخياط صار حينئذ غير مأذون فيه .
وعلى الخياط أرش النقص .
لأنه إذا انتفى الإذن فالأصل الضمان .
وفي الأرش الواجب وجهان أحدهما ما بين قيمته صحيحا ومقطوعا لأنه أثبت بيمينه أنه لم يأذن في قطعه قباء .
والثاني ما بين قيمته مقطوعا قميصا ومقطوعا قباء لأن أصل القطع مأذون فيه .
وصحح الأول الإمام وغيره وقال الإسنوي إنه الأصح وصحح الثاني جمع واختاره السبكي وقال لا يتجه غيره وهذا هو المعتمد .
وللخياط نزع خيطه وعليه أرش النزع إن حصل به نقص وله منع المالك من شد خيط في خيط الخياطة يجره في المدروز مكانه إذا نزع لأنه تصرف في ملك غيره فلا يجوز إلا برضاه .
وحيث قلنا لا أجرة للخياط له أن يدعي بها على المالك فإن نكل ففي تجديد اليمين عليه وجهان قال في زيادة الروضة وينبغي أن يكون أصحهما التجديد وهذه قضية مستأنفة .
ولو قال المالك للخياط إن كان هذا الثوب يكفيني قميصا فاقطعه فقطعه ولم يكفه ضمن الأرش لأن الإذن مشروط بما لم يوجد .
وإن قال له في جوابه هو يكفيك فقال اقطعه فقطعه ولم يكفه لم يضمن لأن الإذن مطلق .
ولو جاء الخياط مثلا بثوب وقال للمالك هذا ثوبك فأنكره صدق الخياط بيمينه كما قاله البندنيجي فإذا حلف فقد اعترف للمالك بشيء وهو ينكره