بكسر الهمزة في المشهور وحكى ابن سيده ضمها وصاحب المستعذب فتحها .
وهي لغة اسم للأجرة ثم اشتهرت في العقد .
وشرعا عقد على منفعة مقصود معلومة قابلة للبذل والإباحة بعوض معلوم فخرج ب منفعة العين وب مقصودة التافهة كاستئجار بياع على كلمة لا تتعب وب معلومة القراض والجعالة على عمل مجهول .
ويقابله لما ذكر منفعة البضع فإن العقد عليها لا يسمى إجارة .
فإن قيل منفعة البضع لم تدخل حتى يحتاج إلى إخراجها فإن الزوج ما ملك المنفعة وإنما ملك أن ينتفع .
أجيب بأن قولهم على منفعة ليس فيه أنه ملك المنفعة فلهذا أخرجت بقابلة للبذل و بعوض هبة المنافع والوصية بها والشركة والإعارة وبمعلوم المساقاة والجعالة على عمل معلوم بعوض مجهول كالحج بالرزق ودلالة الكافر لنا على قلعة نحاربهم منها نعم بر عليه بيع حق الممر ونحوه والجعالة على عمل معلوم بعوض معلوم .
والأصل فيها قبل الإجماع قوله تعالى " فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن " وجه الدلالة أن الإرضاع بلا عقد تبرع لا يوجب أجرة وإنما يوجبها ظاهر العقد فتعين .
وخير الصحيحين أنه A احتجم وأعطى الحجام أجرته وخبر البخاري أنه A والصديق Bه استأجرا رجلا من بني الديل يقال له عبدالله بن الأريقط وخبر مسلم أنه A نهى عن المزارعة وأمر بالمؤاجرة وخبر ابن ماجة والبيهقي أنه A قال أعطوا الأجير أجرته قبل أن يجف عرقه .
وروي أن عليا أجر نفسه من يهودي فاستقى له كل دلو بتمرة حتى بلغ بضعا وأربعين دلوا .
والحاجة داعية إليها إذ ليس لكل أحد مركوب ومسكن وخادم فجوزت لذلك كما جوز بيع الأعيان .
وأركانها أربعة عاقدان وصيغة وأجرة ومنفعة وقد بدأ بشرط الركن الأول فقال " شرطهما " أي المؤجر والمستأجر إن لم يتقدم لهما ذكر لدلالة الإجارة عليهما " كبائع ومشتر " في شرطهما وتقدم بيانه ثم .
نعم إسلام المشتري شرط فيما إذا كان المبيع عبدا مسلما ورهنا لا يشترط فيصح من الكافر استئجار المسلم كما في قصة علي رضي الله تعالى عنه إجارة ذمة وكذا إجارة عين على الأصح مع الكراهة كما نص عليه الشافعي رضي الله تعالى عنه لكن يؤمر بإزالة ملكه عن المنافع على الأصح في شرح المهذب بأن يؤجره لمسلم .
وعلم من قوله كبائع أن الأعمى لا يكون مؤجرا وإن جاز له إجارة نفسه .
تنبيه : .
يرد على طرده السفيه فإنه يجوز له إجارة نفسه فيما ليس بمقصود من عمله كما مر في باب الحجر لأنه لما جاز أن يتطوع على غيره بالعمل فأولى بعوض بخلاف المقصود من عمل مثله .
ويرد على عكسه ما لو أجر السيد عبد نفسه فإنه لا يصح وإن صح أن يبيعه نفسه كما ذكره المصنف في فتاويه .
والشريكان في العقار إذا تنازعا المهايأة أجر القاضي عليهما ويرجع في المدة إلى اجتهاد القاضي كما بحثه الزركشي .
ثم شرع في الركن الثاني فقال " والصيغة " نحو قول المؤجر " آجرتك هذا " الثوب مثلا " أو أكريتك " إياه " أو ملكتك منافعه سنة بكذا " وإن لم يقل من الآن كما سيأتي " فيقول " المستأجر فورا " قبلت أو استأجرت أو اكتريت " أو استكريت .
تنبيه : .
قوله والصيغة مبتدأ لا معطوف وما بعده خبره وهو قوله أجرتك هذا إلخ .
ولا يجوز كون سنة ظرفا أي مفعولا فيه ل آجرتك لأنه إنشاء وزمنه يسير بل المعنى آجرتك واستمر أنت على ذلك سنة كما قيل بذلك في قوله تعالى " فأماته الله مائة عام " أن المعنى فأماته الله واستمر على ومعنى أجرتك سنة أي ( 2 / 333 ) منافع سنة ذلك مائة عام وإلا فزمن الإماتة يسير .
وأما نحو آجرتك الدار سنة فالدار مفعول ثان و سنة ظرف بفعل مقدر مأخوذ من آجرتك أي لتنتفع بها سنة ولا يجوز كون سنة مفعولا لأن آجر لا يتعدى إلى مفاعيل .
ووزن آجر كما قال ابن الحاجب فاعل كضارب لا أفعل كأكرم .
ويجوز تقدم لفظ القابل ولو بقبلت كما يؤخذ من التشبيه بالبيع وبالكتابة وبالاستيجاب والإيجاب وبإشارة الأخرس المفهمة وبالكتابة كالبيع ومن الكنايات هنا اسكن داري شهرا بكذا أو جعلت لك منفعتها بكذا .
والخلاف في المعاطاة في البيع جار هنا وفي الرهن والهبة كما نقله في كتاب البيع من المجموع عن المتولي وآخرين قال في التوشيح ولا أدري هل يختار النووي صحة المعاطاة فيها كما اختاره في البيع أو لا والأظهر لا فإنه لا عرف فيها بخلاف البيع .
تنبيه : .
اعلم أن مقصود الإجارة المنافع وهي مورد العقد عند الجمهور إذ لو كان موردها العين لامتنع رهن العين المستأجرة والمرهونة وقيل موردها العين ليستوفى منها المنفعة لأن المنافع معدومة .
قال الشيخان ويشبه أن لا يكون خلافا محققا لأن من قال بالثاني لا يعني به أن العين تملك بالإجارة كما تملك بالبيع ومن قال بالأول لا يقطع النظر عن العين بالكلية .
ونازع في ذلك ابن الرفعة بأن في البحر وجها أن حلي الذهب لا تجوز إجارته بالذهب وحلي الفضة لا تجوز إجارته بالفضة ولا يظهر له وجه إلا على التخريج بأن المؤجر العين فقد صار خلافا محققا ونشأ عنه الاختلاف في هذا الفرع .
وقال ابن الملقن تظهر فائدة الخلاف في إجارة المستأجر قبل قبضه إن قلنا مورد العقد العين صحت الإجارة وإلا فسدت لأن المنافع غير مقبوضة .
والأصح انعقادها .
أي الإجارة " بقوله " أي المؤجر لدار مثلا " آجرتك " أو أكريتك " منفعتها " سنة مثلا بكذا فيقبل المستأجر فهو كما لو قال آجرتكها ويكون ذكر المنفعة تأكيدا كقول البائع بعتك عين هذه الدار ورقبتها .
والثاني المنع لأن لفظ الإجارة وضع مضافا للعين لأن المنفعة لا منفعة لها فكيف يضاف العقد إليها وجعل في المطلب هذا من فوائد الخلاف في أن موردها العين أو المنفعة .
و .
الأصح " منعها " أي منع انعقادها " بقوله بعتك منفعتها " لأن لفظ البيع موضوع تلك الأعيان فلا يستعمل في المنافع كما لا ينعقد البيع بلفظ الإجارة وكلفظ البيع لفظ الشراء .
والثاني يجوز لأنها صنف من البيع وهو قول ابن سريج وجزم به في التنبيه : وصححه جمع من المتأخرين ك الإسنوي و الأذرعي .
وهذه المسألة من فوائد الخلاف أيضا في أن مورد العقد هل العين أو المنفعة والصحة على قول العين والمنع على قول المنفعة وعليه لا يكون البيع كناية فيها أيضا لأن بعتك ينافي قوله سنة فلا يكون صريحا ولا كناية خلافا لما بحثه بعض المتأخرين من أنه فيه كناية .
هذا كله في إجارة العين أما إجارة الذمة فيكفي فيها ألزمت ذمتك بكذا عن لفظ الإجارة ونحوها فيقول قبلت كما في الكافي أو التزمت .
وهي .
أي الإجارة " قسمان " أحدهما إجارة " واردة على عين " أي علي منفعة مرتبطة بعين " كإجارة العقار ودابة أو شخص " وقوله " معينين " صفة دابة أو شخص غلب فيه المذكر على المؤنث على الأصل ولو قال معين بالإفراد لوافق المعروف لغة من أن العطف ب أو يقتضي الإفراد ولهذا أجيب عن قوله تعالى " إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما " بأن المراد التنويع وبه يجاب عن المصنف هنا وفي كثير من الأبواب .
و .
القسم الثاني إجارة واردة " على الذمة كاستئجار دابة موصوفة " لحمل مثلا " وبأن يلزم ذمته " أي الشخص عملا " خياطة أو بناء " أو غير ذلك ويقول الآخر قبلت أو اكتريت .
وإنما جعل المصنف العقار من قسم الواردة على عين واقتصر عليه لأنه لا يثبت في الذمة والقسم الثاني يتصور فيه الأمران .
والسفن هل تلحق بالدواب أو بالعقار لم يتعرضوا له والأقرب إلحاقها بالدواب كما قاله الجلال البلقيني .
تنبيه : .
تقسيم الإجارة إلى واردة على العين وواردة على الذمة لا ينافي تصحيحهم أن موردها المنفعة لا العين لأن ( 2 / 334 ) المراد بالعين ثم ما يقابل المنفعة وهنا ما يقابل الذمة ولهذا قدرت في كلامه ما يدل لذلك .
ولو قال .
شخص لآخر " استأجرتك لتعمل " لي " كذا فإجارة عين " في الأصح للإضافة إلى المخاطب كقوله استأجرتك لهذه الدابة .
وقيل .
إجارة " ذمة " نظرا إلى المعنى لأن المقصودحصول العمل من جهة المخاطب فكأنه قال استحقيت كذا عليك فله تحصيله بغيره وبنفسه .
ورد هذا بأنه لم يجر لفظ الذمة ولا اللفظ ظاهر فيه وقد قطعوا بالأول في كتاب الحج فمثلوا استئجار عين الشخص للحج ب استأجرتك لتحج عني أو عن ميتي ولم يحكموا فيه الخلاف .
ويشترط في .
صحة " إجارة الذمة تسليم الأجرة في المجلس " قطعا إن عقدت بلفظ السلم كرأس مال السلم لأنها سلم في المنافع وكذا إن عقدت بلفظ الإجارة في الأصح نظرا إلى المعنى فلا يجوز فيها تأخير الأجرة ولا الاستبدال عنها ولا الحوالة بها ولا عليها ولا الإبراء منها .
تنبيه : .
لا يعلم من كلامه وجوب كون الأجرة حالة وهو لا بد منه لأنه لا يلزم من القبض الحلول .
وإجارة العين لا يشترط .
في صحتها " ذلك " أي تسليم الأجرة " فيها " في المجلس معينة كانت الأجرة أو في الذمة كالثمن في البيع .
ثم إن عين لمكان التسليم مكانا تعين وإلا فموضع العقد كما نقله في باب السلم من زيادة الروضة عن التتمة وأقره .
ويجوز .
في الأجرة " فيها " أي إجارة العين " التعجيل " للأجرة " والتأجيل " فيها " إن كانت " تلك الأجرة كالثمن ويجوز الاستبدال عنها والحوالة بها وعليها والإبراء منها فإن كانت معينة لم يجز التأجيل لأن الأعيان لا تؤجل .
وإن أطلقت .
تلك الإجارة " تعجلت " فتكون حالة كالثمن في البيع المطلق .
وإن كانت معينة .
أو مطلقة كما في الروضة وأصلها أو في الذمة كما قاله المتولي وإن أفهم كلام المصنف خلافه " ملكت في الحال " بالعقد ملكا مراعى بمعنى أنه كلما مضى جزء من الزمان على السلامة بان أن المؤجر استقر ملكه من الأجرة على ما يقال ذلك .
أما استقرار جميعها فباستيفاء المنفعة أو بتفويتها كما سيأتي في كلامه آخر الباب ولو ذكره هنا كان أولى .
ولو تنازعا في البداءة بالتسليم فكما مر في البيع كما قاله المتولي وأقره خلافا للماوردي في قوله لا يجب تسليم الأجرة ما لم يسلم العين المستأجرة إلى المستأجر .
تنبيه : .
كما يملك المؤجر الأجرة بالعقد يملك المستأجر المنفعة المعقود عليها وتحدث في ملكه بدليل جواز تصرفه فيها في المستقبل .
ولو أجر الناظر الوقف سنين وأخذ الأجرة لم يجز له دفع جميعها للبطن الأول وإنما يعطي بقدر ما مضى من الزمان فإن دفع أكثر منه فمات الآخذ ضمن الناظر تلك الزيادة للبطن الثاني قاله القفال .
قال الزركشي وقياسه أنه لوأجر الموقوف عليه لا يتصرف في جميع الأجرة لتوقع ظهور كونه لغيره بموته اه .
وهو كما قال السبكي محمول على ما إذا طالت المدة أما إذا قصرت فيتصرف في الجميع لأنه ملكه في الحال أما صرفها في العمارة فلا منع منه بحال .
ثم شرع في الركن الثالث ذاكرا لشرطه فقال " ويشرط كون الأجرة " التي في الذمة " معلومة " جنسا وقدرا وصفة كالثمن في البيع فإن كانت معينة كفت مشاهدتها إن كانت على منفعة معينة على المذهب أو في الذمة على الأصح .
فإن قيل يردعلى اشتراط العلم بها صحة الحج بالرزق كما جزم به في الروضة مع أن الرزق مجهول .
أجيب بأن ذلك ليس بإجارة بل نوع جعالة يغتفر فيها الجهل بالجعل وعلى اشتراط العلم بالأجرة .
فلا تصح .
استئجار الدار مثلا " بالعمارة " كأجرتكها بما تحتاج إليه من عمارة أو بدينار مثلا تعمرها به لأن العمل بعض الأجرة وهو مجهول فتصير الأجرة مجهولة فإن أجره الدار بدراهم معلومة بلا شرط وأذن له في صرفها في العمارة صح .
قال ابن الرفعة ولم يخرجوه على اتحاد القابض والمقبض لوقوعه ضمنا .
وإذا أنفق واختلفا في القدر المنفق صدق المنفق بيمينه إن ادعى قدرا محتملا كما جزم به ابن الصباغ وغيره .
و .
لا يصح أيضا إجارة دابة شهرا مثلا بنحو " العلف " بسكون اللام وفتحها بخطه الأول مصدر ( 2 / 335 ) والثاني اسم لما يعلف به كرياضتها للجهلة .
ولا .
يصح أيضا استئجار سلاخ " ليسلخ " الشاة " بالجلد " الذي عليها " ولا " طحان على أن " يطحن " البر مثلا " ببعض الدقيق " منه كربعه " أو بالنخالة " منه للجهل بثخانة الجلد وبقدر الدقيق والنخالة ولعدم القدرة على الأجرة حالا .
وقد روى الدارقطني وغيره أن النبي A نهى عن قفيز الطحان وفسر بأن يجعل أجرة الطحن قفيزا مطحونا .
والضابط في هذا أن تجعل الأجرة شيئا يحصل بعمل الأجير .
قال السبكي ومنه ما يقطع في هذه الأزمان من جعل أجرة الجابي العشر مما يستخرجه .
قال فإن قيل لك نظير العشر لم تصح الإجارة أيضا وفي صحته جعالة نظر اه .
والظاهر فيها البطلان للجهل بالجعل .
تنبيه : .
أطلق المصنف الطحن وصورته أن يقول لتطحن الكل أو يطلق فإن قال لتطحن ما وراء الصاع المجعول أجرة صح كما قاله الماوردي .
ولو استأجرها .
أي المرأة " لترضع رقيقا ببعضه " كربعه " في الحال جاز على الصحيح " ولا أثر لكون عملها يقع في مشترك كمساقاة شريكه إذا شرط له زيادة من الثمرة فإنه يجوز وإن كان عمله يقع في مشترك كما قال إليه الإمام و الغزالي .
وقال ابن النقيب إطلاق نص الأم أنه لا يجوز كونه أجيرا على شيء هو شريك فيه اه .
والتحقيق ما اختاره السبكي من أنه وإن كان الاستئجار على الكل لم يجز وهو مراد النص كأن يقول لغير شريكه اكتريتك لتطحن لي هذه الويبة بربعها ولشريكه فيها اكتريتك بربعها لتطحن لي حصتي أو على حصته فقط جاز كقوله لغير شريكه اكتريتك بربعها لتطحن لي باقيها ولشريكه فيها اكتريتك بربعها لتطحن لي باقي حصتي منها وعلى هذا ينزل كلامهم .
ثم شرع في الركن الرابع وهو المنفعة وله خمسة شروط مبتدئا بأول الشروط فقال " و " يشترط " كون المنفعة متقومة " لم يرد بالمتقومة هنا مقابلة المثلية بل ما لها قيمة ليحسن بدل المال في مقابلتها كاستئجار دار للسكنى والمسك والرياحين للشم فإنها إذا لم تكن لها قيمة إما لحرمتها أو لخستها أو قلتها يكون بذل المال في مقابلتها سفها وتبذيرا .
وهذا الشرط معطوف على قوله ب معلومة كما يعلم من التقدير .
وضابط ما يجوز استئجاره كل عين ينتفع بها مع بقاء عينها منفعة مباحة معلومة مقصودة تضمن باليد وتباح بالإباحة .
ثم فرع على اشتراط تقويم المنفعة قوله " فلا يصح استئجار " تفاحة للشم لأنها تافهة لا تقصد له فهي كحبة بر في البيع فإن كثر التفاح صحت الإجارة لأن منه ما هو أطيب من كثير من الرياحين .
ولا استئجار " بياع على كلمة لا تتعب " قائلها " وإن " كانت إيجابا وقبولا و " روجت السلعة " إذ لا قيمة لها .
لكن لو استؤجر عليها ولم يتعب بتردد أو كلام فلا شيء له وإلا فله أجرة المثل .
فإن قيل ذلك غير معقود عليه فهو متبرع به .
أجيب بأنه لما كان المعقود عليه لا يتم إلا به عادة نزل منزلته .
أما ما يحصل فيه التعب من الكلمات كما في بيع الثياب والعبيد ونحوهما مما يختلف ثمنه باختلاف المتعاقدين فيصح الاستئجار عليه ويلحق بما ذكره المصنف ما إذا استأجره ليعلمه آية لا تعب فيها كقوله تعالى " ثم نظر " كما صرحوا به في الصداق وكذا على إقامة الصلاة إذ لا كلفة فيها بخلاف الأذان فإن فيه كلفة مراعاة الوقت .
قال الرافعي وليست صافية من الإشكال وتقوي الصحة بالتبعية للأذان .
وفي الإحياء لا يجوز أخذ عوض على كلمة يقولها طبيب بدواء ينفرد به بمعرفته إذ لا مشقة عليه في التلفظ به بخلاف ما لو عرف الصيقل الماهر إزالة إعوجاج السيف والمرآة بضربة واحدة فإن له أخذ العوض وإن كثر لأن هذه صناعات يتعب في تعليمها ليكتسب بها ويخفف عن نفسه التعب .
وأقنى القفال بأنه لا يصح استئجار له وهذا هو الظاهر وإن قال الأذرعي المختار ما قاله الغزالي .
وكذا دراهم ودنانير للتزيين .
للحوانيت ونحوها " وكلب " معلم " للصيد " ونحوه كحراسة ماشية أو زرع أو درب لا يجوز استئجار كل من ذلك " في الأصح " في الجميع لأن منفعة التزيين بالنقد غير متقومة فلا تقابل بمال بخلاف إعارتها للزينة كما مر في بابها والكلب لا قيمة لعينه فكذا لمنفعته .
والثاني ينازع في مثل ذلك .
ومثل التزيين في ذلك الصرب على سكتها والوزن بها أما إذا لم يصرح بالتزيين أو لم يكن الكلب ( 2 / 336 ) معلما فلا يصح الاستئجار جزما .
وخرج بالكلب الخنزير فلا تصح إجارته جزما والمتوالد منهما كذلك كما قاله بعض المتأخرين .
وخرج بالدراهم والدنانير الحلي فتجوز إجارته حتى بمثله من ذهب أو فضة .
ولو استأجر شجرة للاستظلال بظلها أو الربط بها أو طائرا للأنس بصوته كالعندليب أو لونه كالطاووس صح لأن المنافع المذكورة مقصودة متقومة .
ويصح الاستئجار في الهرة لدفع الفأر والشبكة والفهد والبازي للصيد لأن لمنافعها قيمة .
ثم شرع في الشرط الثاني فقال " و " يشترط في المنفعة أيضا " كون المؤجر قادرا على تسليمها " حسا أو شرعا ليتمكن المستأجر منها والقدرة على التسليم تشمل ملك الأصل وملك المنفعة فيدخل المستأجر فله إيجار ما استأجره وكذا للمقطع أيضا إجارة ما أقطعه له الإمام كما في فتاوى المصنف قال لأنه مستحق لمنفعته وخالف في ذلك الشيخ تاج الدين الفزاري وجماعة من علماء عصره فأفتوا بالبطلان فإن المقطع لم يملك المنفعة وإنما أبيح له الانتفاع بها كالمستعير .
والأولى كما قال الزركشي التفصيل بين أن يأذن له الإمام في الإيجار أو يجري عرف عام كديار مصر فيصح وإلا فيمتنع .
وعلى اشتراط القدرة " فلا يصح استئجار آبق ومغصوب " لغير من هما في يده ولا يقدر على انتزاع المغصوب عقب العقد أما الغاصب أو القادر على انتزاع المغصوب عقب العقد أو من وقع الآبق في يده فيصح الاستئجار منه .
تنبيه : .
يؤخذ من اشتراط القدرة على تسليم المنفعة أنه لا يصح استئجار العبد المنذور عتقه أو المشروط عتقه على المشتري وبه صرح في المجموع .
و .
لا يصح استئجار " أعمى " إجارة عين " للحفظ " فيما يحتاج للنظر ولا أخرس للتعليم أما لو استأجر واحدا منهما لحفظ شيء بيده أو جلوسه خلف باب للحراسة ليلا فإنه يصح .
وخرج بإجارة العين إجارة الذمة فيصح منهما مطلقا لأنها سلم وعلى المسلم إليه تحصيل المسلم فيه بأي طريق كان .
ولا استئجار غير القارىء لتعليم القرآن في إجارة لعين ولو اتسعت المدة ليعلمه قبل تعليمه لأن المنفعة مستحقة من عينه والعين لا تقبل التأجيل بخلافها في إجارة الذمة لأنها سلم في المنافع كما مر .
و .
لا استئجار " أرض للزراعة لا ماء لها دائم " أي مستمر " ولا يكفيها المطر المعتاد " ولا ما في معناه كثلج ونداوة ولا تسقى بماء غالب الحصول لعدم القدرة على التسليم .
ومجرد الإمكان لا يكفي كإمكان عود الآبق والمغصوب نعم لو قال المكرى أنا أحفر لك بئرا وأسقي أرضك منها أو أسوق الماء إليها من موضع آخر صحت الإجارة كما قاله الروياني .
أما لو استأجرها للسكنى فإنه يصح وإن كانت بمحل لا يصلح لها كالمفازة .
ويجوز .
استئجارها للزراعة " إن كان لها ماء دائم " من عين أو بئر أو نهر ولو صغيرا " وكذا " يجوز " إن كفاها المطر المعتاد أو ماء الثلوج المجتمعة " في نحو جبل " والغالب حصولها في الأصح " لأن الظاهر حصول الغالب .
والثاني لا يجوز لعدم الوثوق لحصول ما ذكر .
ويجوز استئجار أراضي مصر للزراعة بعد ريها بالزيادة .
وكذا قبله على الأصح إن كانت تروى من الزيادة الغالبة كخمسة عشر ذراعا فما دونها كما نقله في الكفاية عن أبي الطيب و ابن الصباغ واقتضاء كلام الشيخين وقال السبكي وما يروى من خمسة عشر كالموثوق به عادة وما يروى من ستة عشر وسبعة عشر غالب الحصول وإن كان الاحتمال متطرقا إلى السبعة عشر قليلا وإلى السبعة عشر كثيرا اه .
بل الغالب في زماننا وصول الزيادة إلى السبعة عشر والثمانية عشر .
ويصح استئجار الأرض للزراعة قبل انحسار الماء عنها وإن سترها عن الرؤية لأن الماء من مصلحتها كاستتار الجوز واللوز بالقشر .
فإن قيل ينبغي عدم الصحة لأن الانتفاع عقب العقد شرط والماء يمنعه .
أجيب بأن الماء من مصالح الزرع وبأن صرفه ممكن في الحال بفتح موضع ينصب إليه فيتمكن من الزرع حالا كاستئجار دار مشحونة بأمتعة يمكن نقلها في زمن لا أجرة له هذا إن وثق بانحصاره وقت الزراعة وإلا فلا يصح .
وإن كانت الأرض على شط نهر والظاهر أنه يغرقها وتنهار في الماء لم يصح استئجارها لعدم القدرة على تسليمها وإن احتمله ولم يظهر جاز لأن الأصل والغالب السلامة .
وإن استأجرها أرضا للزراعة وأطلق دخل فيها شربها إن اعتيد ( 2 / 337 ) دخوله بعرف مطرد وهو بكسر الشين بخلاف ما لو باعها لا يدخل لأن المنفعة هنا لا تحصل بدونه .
أو شرط في العقد فإن اضطرب العرف فيه أو استثنى الشرب ولم يوجد شرب غيره لم يصح العقد للاضطراب في الأول وكما لو استثنى ممر الدار في بيعها في الثاني فإن وجد شرب غيره صح لزوال المانع بالإغتناء عن شربها .
والامتناع الشرعي .
لتسليم المنفعة " كالحسي " في حكمه .
تنبيه : .
استثنى من هذه القاعدة مسائل منها ما لو رأى المتيمم ماء في صلاته التي تسقط القضاء ثم تلف امتنع عليه التنفل بعد السلام بذلك التيمم مع أنه رآه وهو ممنوع من استعماله شرعا لأجل الصلاة ولم يجعلوه كما لو رآه وثم مانع منه حسي كسبع وعدو .
ومنها ما ذكروه في الإيلاء أن المانع إذا قام بالمرأة إن كان حسيا منع من ضرب المدة أو شرعيا فلا في بعض الصور .
ومنها الإقالة فإنها تجوز بعد تلف المبيع ولا تجوز بعد بيع المبيع أو إجارته .
ومنها ما لو فقد إحدى رجليه ولبس الخف على الأخرى فإنه يجوز أن يمسحه ولو كانت عليلة بحيث لا تغسل لم يمسح خف الأخرى على الصحيح .
ثم فرع على القاعدة المذكورة قوله " فلا يصح استئجار لقلع سن صحيحة " لحرمة قلعها وفي معناها ككل عضو سليم من آدمي أو غيره في غير قصاص .
أما العليلة فيصح الاستئجار لقلعها إن صعب الألم وقال أهل الخبرة إن قلعها يزيل الألم وأما المستحق قلعها في قصاص فيجوز له لأن الاستئجار في القصاص واستيفاء الحدود جائز .
وفي البيان أن الأجرة على المقتص منه إذا لم ينصب الإمام جلادا يقيم الحدود ويرزقه من مال المصالح .
ولو كان السن صحيحا ولكن انصب تحته مادة من نزلة ونحوها وقال أهل الخبرة لا تزول المادة إلا بقلعها فالأشبه كما قال الأذرعي جواز القلع لضرورة .
واليد المتأكلة كالسن الوجعة وكذا الفصد والحجامة .
فإن قيل ما الفرق بين هذا وبين استئجار البياع على كلمة لا تتعب أجيب بأن الفصد ونحوه جوز للحاجة ولو استأجره لقلع سن وجعة فبرئت انفسخت الإجارة لتعذر القلع فإن لم تبرأ ومنعه من قلعها لم يجبر عليه ويستحق الأجرة بتسليم نفسه ومضي مدة إمكان العمل لكنها تكون غير مستقرة حتى لو سقطت رد الأجرة كمن مكنت الزوج فلم يطأها ثم فارق .
ويفارق ذلك ما لو حبس الدابة مدة إمكان السير حيث تستقر عليه الأجرة لتلف المنافع تحت يده .
ولا .
استئجار مسلمة " حائض " أو نفساء أو مستحاضة إجارة عين " لخدمة مسجد " وإن أمنت التلويث وجوزنا العبور لاقتضاء الخدمة المكث أو التردد وهي ممنوعة منه .
أما الكافرة إذا أمنت التلويث فالأشبه الصحة كما قاله الأذرعي بناء على الأصح من تمكين الكافر الجنب من المكث بالمسجد لأنها لا تعتقد حرمته .
ولو استأجر عين امرأة مسلمة لكنس مسجد فحاضت أو نفست انفسخت الإجارة فلو دخلت وكنست عصت ولم تستحق أجرة .
وفي معنى خدمة المسجد تعليم القرآن وفي معنى الحائض المستحاضة ومن به جراحة نضاحة إذا لم يأمن التلويث .
وأما إجارة من ذكر في الذمة فتصح .
ولا استئجار لتعليم التوراة والإنجيل والسحر والفحش والنجوم والرمل ولا لختان الصغير الذي لا يحتمل ولا لختان الكبير في شدة الحر والبرد ولا لتثقيب الأذن ولو لأنثى ولا للزمر والنياحة وحمل الخمر غير المحترمة لا للإراقة ولا لتصوير الحيوانات وسائر المحرمات وجعل في التنبيه : من المحرمات الغناء وفيه كلام ذكرته في شرحه .
ولا يجوز أخذ العوض على شيء من ذلك كبيع الميتة أما الاستئجار على حمل الخمر للإراقة أو حمل المحترمة فجائز كنقل الميتة إلى المزبلة .
وكما يحرم أخذ الأجرة على المحرم يحرم إعطاؤها إلا لضرورة كفك الأسير وإعطاء الشاعر لئلا يهجوه الظالم ليدفع ظلمه والحاكم ليحكم بالحق فلا يحرم الإعطاء عليها .
وكذا .
حرة " منكوحة " لغير المستأجر تملك منافع نفسها ولا تجوز إجارتها إجارة عين كما قاله القاضي حسين وغيره " لرضاع أو غيره " مما لا يؤدي لخلوة محرمة " بغير إذن الزوج في الأصح " لأن أوقاتها مستغرقة بحقه .
والثاني يجوز لأن محله غير محل النكاح إذ لا حق له في لبنها وخدمتها لكن له فسخها حفظا لحقه .
تنبيه : .
استثني من كلام المصنف ما لو كان الزوج غائبا غيبة بعيدة أو كان طفلا فأجرت نفسها لعمل تعمله في ( 2 / 338 ) منزله بحيث تظن فراغها منه قبل تمكنه من التمتع بها فإنه يصح كما قاله الأذرعي وقول الغزي إن هذا ضعيف لأن منافعها مستحقة للزوج بعقد النكاح ممنوع فإن الزوج لم يستحق المنافع وإنما استحق أن ينتفع وهو متعذر .
وخرج بالحرة الأمة فإن لسيدها أن يؤجرها نهارا بغير إذن زوجها لأن له الانتفاع بها .
نعم المكاتبة كالحرة كما قاله الأذرعي إذ لا سلطنة للسيد عليها والعتيقة الموصى بمنافعها أبدا لا يعتبر إذن الزوج في إيجارها كما قاله الزركشي .
وبغير المستأجر المنكوحة له فيجوز له استئجارها ولو لولده منها وبتملك منافعها ما لو كانت مستأجرة العين فلا يصح أن تؤجر نفسها قطعا .
فإن قيل قد عمت البلوى باستئجار العكامين للحج وقد أفتى السبكي بمنعه لأن الإجارة وقعت على أعينهم للعكم فكيف يستأجرون بعد ذلك أجيب بأنه لا مزاحمة بين أعمال الحج والعكم إذ يمكنه فعلها في غير أوقات العكم لأنه لا يستغرق الأزمنة .
وبإجارتها إجارة عين ما لو التزمت عملا في ذمتها فإن العقد يصح وإن لم يأذن الزوج وبغير إذن ما لو أذن فإنه يصح قطعا لأن المنع كان لحقه وليس لمستأجرها منع الزوج من وطئها في أوقات فراغها خوف الحبل وانقطاع اللبن على الأصح في زيادة الروضة .
فإن قيل قياس منع الراهن من وطء الأمة المرهونة بغير إذن المرتهن منع الزوج من وطء الزوجة بغير إذن المستأجر كما قال به الروياني ونقله الإمام عن الأصحاب .
أجيب بأن الراهن يملك منافع الأمة وقد حجر على نفسه بالرهن ولا كذلك الزوج .
ويجوز تأجيل المنفعة .
إلى أجل معلوم " في إجارة الذمة " لأن الدين يقبل التأجير كما لو أسلم في شيء إلى أجل معلوم فإن أطلق كان حلا .
وقوله " كألزمت ذمتك الحمل " لكذا " إلى مكة " مثلا " أول شهر كذا " تبع فيه المحرر وظاهره أنه تأجيل صحيح وهو المنصوص في البويطي لكن الأصح كما في الروضة وأصلها في السلم عن الأصحاب أنه لو قال أول شهر رمضان بطل لأنه يقع على جميع النصف الأول فلو مثل كالشرحين والروضة بغرة شهر كذا لكان أولى .
ويمكن أن يريد بالأول المستهل فيكون مساويا للتمثيل بالغرة .
ولا يجوز .
ولا يصح " إجارة عين لمنفعة مستقبلة " كإجارة الدار السنة المستقبلة أو سنة أولها من الغد .
واحترز بالعين عن إجارة الذمة كما مر .
فإن قيل يرد على الكتاب ما لو استأجره لعمل لا يعمل إلا بالنهار وعقد الإجارة ليلا وأطلق فإنه يصح وإن كان الحال يقتضي تأخير العمل كما لو أجر أرضا للزراعة في وقت لا يتصور المبادرة فيه إلى زراعتها .
أجيب بأن قوله المنفعة مستقبلة يدل على أن ذلك وقع في لفظ العقد .
ثم استثنى المصنف من قوله ولا يجوز إلخ مسألتين أشار إلى الأولى بقوله " فلو أجر " المالك " السنة الثانية لمستأجر الأولى قبل انقضائها جاز " ذلك " في الأصح " لاتصال المدتين مع اتحاد المستأجر كما لو أجر منه السنتين في عقد واحد .
فإن قيل إن العقد الأول قد ينفسخ فلا يتحقق الاتصال .
أجيب بأن الشرط ظهوره فلا يقدح عروض الانفساخ .
والوجه الثاني لا يجوز كما لو أجرها لغيره وصححه جمع .
واحترز بقوله قبل انقضائها عما لو قال أجرتكها سنة فإذا انقضت فقد أجرتكها سنة أخرى فإن العقد الثاني لا يصح كما لو علق بمجيء الشهر .
تنبيه : .
لو قال المصنف لمستحق منفعة السنة الأولى لكان أولى لشموله صورتين ذكرهما القفال في فتاويه إحداهما الموصى له بالمنفعة مدة يجوز للوارث أن يؤجره مدة ثانية قبل فراغ المدة الموصى له بها الثانية المعتدة بالأشهر المستحقة للسكنى بدار تصح إجارتها لها قبل فراغ العدة مدة مستقبلة .
وإن استؤجرت الدار من المستأجر الأول فللمالك أن يؤجرها السنة الأخرى من الثاني لأنه المستحق الآن للمنفعة لا من الأول كما جزم به صاحب الأنوار لأنه الآن غير مستحق للمنفعة خلافا لما أفتى به القفال من ترجيح صحة الإجارة من الأول دون الثاني .
ويجوز لمشتري العين المستأجرة أن يؤجرها من المستأجر من البائع السنة الثانية قبل فراغ الأولى لاتحاد المستأجر خلافا لابن المقري وكذا لو أجر الوارث ما أجره مورثه للمستأجر منه لما مر .
هذا كله إذا لم يحصل فصل بين السنتين وإلا فلا تصح الثانية قطعا .
وشمل كلامهم المطلق والوقف إلا إن شرط الواقف أن لا يؤجر الوقف أكثر من سنة فأجره الناظر سنة في عقد آخر قبل مضي المدة فإن العقد الثاني لا يصح كما أفتى به ابن الصلاح وإن بحث ابن الأستاذ الصحة .
ولو أجر عينا فأجرها المستأجر لغيره ثم ( 2 / 339 ) تقابل المؤجر والمستأجر الأول صحت الإقالة كما قاله السبكي ولم تنفسخ الثانية كما قاله بعض المتأخرين وهو ظاهر ويخالف نظيره في البيع بانقطاع علقته بخلاف الإجارة .
ولو أجره حانوتا أو نحوه مما يستمر الانتفاع به عادة أيام شهر لا لياليه أو عكسه لم يصح لأن زمان الانتفاع لم يتصل بعضه ببعض بخلاف العبد والدابة فيصح لأنهما عند الإطلاق للإجارة يرفهان في الليل أو غيره على العادة لأنهما لا يطيقان العمل دائما .
ثم أشار إلى المسألة الثانية بما تضمنه قوله " ويجوز كراء العقب في الأصح " المنصوص جمع عقبة بضم العين وهي النوبة لأن كلا منهما يعقب صاحبه ويركب موضعه .
وهو .
أي كراء العقب " أن يؤجر دابة رجلا " مثلا " ليركبها بعض الطريق " يعني كنصفه أو ربعه أو نحو ذلك والمؤجر البعض الآخر تناوبا مع عدم شرط البداءة بالمؤجر سواء أشرطاها للمستأجر أم أطلقا أو قالا ليركب أحدنا وسواء وردت الإجارة على العين أم الذمة لثبوت الاستحقاق حالا والتأخير الواقع من ضرورة القسمة .
أما إذا اشترطا أن يركبها المؤجر أولا فإن العقد باطل في إجارة العين لتأخير حق المكتري وتعلق الإجارة بالمستقبل .
أو .
يؤجرها " رجلين " مثلا " ليركب هذا أياما " معلومة " وذا أياما " كذلك تناوبا " ويبين البعضين " في الصورتين إن لم يكن عادة فإن كان هناك عادة مضبوطة بزمان أو مسافة اتبعت .
ثم يقتسمان .
أي المكتري والمتكري في الأولى والمكتريان في الثانية الركوب بالتراضي على الوجه المبين أو المعتاد فإن تنازعا في الإبتداء أقرع .
ومقابل الأصح أوجه أصحها المنع في الصورتين لأنها إجارة أزمان منقطعة .
والثاني تصح في الصورة الثانية لاتصال زمن الإجارة فيها دون الأولى .
والثالث تصح فيهما إن كانت في الذمة ولا تصح إن كانت معينة .
واعلم أن قضية قوله أياما بصيغة الجمع جواز كون النوبة ثلاثة أيام فأكثر وهذا قد يخالفه قول الروضة وأصلها ليس لأحدهما طلب الركوب ثلاثا والمشي ثلاثا للمشقة قال السبكي والحق أنه يجوز أن يشارطا عليه إلا أن يكون فيه ضرر على البهيمة وكلام الروضة محمول على أنه بعد استقرار الأمر على يوم ونحوه ليس له طلب ثلاث قال الولي العراقي كلام الروضة محمول على ما إذا كانت العادة يوما اه .
فإن اتفقا على ذلك ولم يحصل ضرر للماشي ولا للدابة جاز كما نقله في الثانية في البيان وبحثه بعضهم في الأولى .
والزمان المحسوس في المناوبة زمن السير دون النزول كما قاله المتولي حتى لو نزل أحدهما للاستراحة أو لعلف الدابة لم يحسب زمن النزول لأن نفس الزمان غير مقصود وإنما المقصود قطع المسافة .
ولو استأجر اثنان دابة لا تحملهما حمل الاستئجار على التعاقب وأن كانت تحملهما ركباها جميعا .
ولو استأجر دابة ليركبها بعض الطريق متواليا صح قطعا أو أطلق أو استأجر نصفها إلى موضع كذا صحت الإجارة مشاعة كبيع المشاع ويقتسمان الزمان أو المسافة فإن تنازعا في البداءة أقرع بينهما كما مر .
تنبيه : .
يضاف إلى ما استثناه المصنف من المسألتين السابقتين مسائل الأولى ما لو أجر الشخص نفسه ليحج عن غيره إجارة عين قبل وقت الحج فإنه يصح إن لم يتأت تأديته من بلد العقد إلا بالسير قبله وكان بحيث يتهيأ للخروج عقبه .
الثانية أنه يصح استئجار دار مثلا ببلد آخر وإن كان التسليم لا يتأتى إلا بقطع المسافة .
الثالثة أنه يصح استئجار دار مشحونة بأمتعة يمكن نقلها في زمن يسير لا يقابل بأجرة .
الرابعة ما سبق من صحة استئجار أرض للزراعة وعليها الماء قبل انحساره .
فرع استئجار ما لا منفعة فيه .
في الحال كجحش صغير فاسد لأن الإجارة موضوعة على تعجيل المنافع بخلاف المساقاة على ما لا يثمر في تلك السنة ويثمر بعدها لأن تأخير الثمار يحتمل في كل مساقاة .
ثم شرع في الشرط الثالث مترجما له بفصل فقال .
فصل " يشترط " في إجارة عين أو ذمة فيما له منافع كدار " كون المنفعة " في كل منهما " معلومة .
عينا صفة وقدرا ولم يقل وكون المنفعة معلومة كما قال سابقا وكون المؤجر قادرا على تسليمها لكثرة أبحاث هذا الشرط فلا يصح ( 2 / 340 ) إيجار أحد عبديه ولا إجارة الغائب ولا إجارة مدة غير مقدرة .
واستثني من ذلك دخول الحمام فإنه جائز بالإجماع كما حكاه في المجموع في باب بيع الغرر مع اختلاف حال الداخلين في المكث واستعمال الماء .
والأصح أن الذي يأخذه الحمامي أجرة الحمام وما يسكب به الماء والإزار وحفظ الثياب أما الماء فغير مضبوط على الداخل والحمامي أجير مشترك لا يضمن على المذهب .
وقيل إن الذي يأخذه ثمن الماء وأجرة الحمام وما يسكب به وحفظ الثياب وصححه السبكي تبعا لابن أبي عصرون .
ثم إن لم يكن للعين المعينة سوى منفعة واحدة كالبساط للفرش حمل الإطلاق عليها وإن كان له منافع كالأرض والدابة وجب البيان كما قال .
ثم تارة تقدر " المنفعة " بزمان " فقط " كدار " أي كإجارة دار وثواب وإنار " سنة " معينة متصلة بالعقد فيقول أجرتك هذه الدار بالسكنى سنة فإن قال على أن تسكنها لم يصح كما في البحر .
ولو أجره شهرا مثلا وأطلق صح وجعل ابتداء المدة من حينئذ لأنه المفهوم المتعارف وإن قال ابن الرفعة لا بد أن يقول من الآن .
ولا تصح إجارة شهر من هذه السنة وبقي فيها أكثر من شهر للإبهام فإن لم يبق فيها غيره صح .
وقوله أجرتك من هذه السنة كل شهر بدرهم أو أجرتك كل شهر منها بدرهم فاسد لأنه لم يعين فيها مدة فإن قال أجرتك هذه السنة كل شهر بدرهم صح لأنه أضاف الإجارة إلى جميع السنة بخلافه في الصورة السابقة .
ولو قال أجرتك هذا الشهر بدينار وما زاد فبحسابه صح في الشهر الأول .
قال في المجموع وأجمعوا على جواز الإجارة شهرا مع أنه قد يكون ثلاثين يوما وقد يكون تسعة وعشرين .
قال الزركشي لكن إذا أجره شهرا معينا بثلاثين درهما كل يوم منه بدرهم فجاء الشهر تسعة وعشرين بطل كما لو باع الصبرة بمائة درهم كل صاع بدرهم فخرجت تسعين مثلا .
وتارة .
تقدر " بعمل " أي محله من غير مدة " كدابة " معينة أو موصوفة للركوب " إلى مكة " مثلا " وكخياطة ذا الثوب " المعين لأن هذه المنافع معلومة في أنفسها فلم تفتقر إلى تقدير المدة .
تنبيه : .
قد يوهم كلامه تعين التقدير بالعمل في ذلك وليس مرادا بل يجوز تقديره بالزمان أيضا فيقول أجرني هذه الدابة لأركبها إلى موضع كذا أو لأركبها شهرا أو أجرني عبدك ليحفظ لي هذا الثوب أو يخيط لي شهرا .
وفي البيان وغيره من كتب العراقيين المنافع ثلاثة أقسام قسم لا تقدر فيه المنفعة إلا بالمدة كالعقار والرضاع والتطيين والتجصيص لأن منافع العقار وتقدير اللبن إنما ينضبط بالزمان وسمك التطيين والتجصيص لا ينضبط رقة وثخانة وكما في الاكتحال فإن قدر الدواء لا ينضبط ويختلف بحسب الحاجة وتقدر المداواة بالمدة لا بالبرء والعمل فإن برىء قبل تمام المدة انفسخت الإجارة في الباقي .
وقسم لا تقدر فيه المنفعة إلا بالعمل كبيع الثوب والحج وقبض شيء من فلان .
وقسم يجوز فيه الأمران كالدابة والخياطة .
هذا في إجارة العين فلو قال ألزمت ذمتك الخياطة يوما أو شهرا لم يصح لأنه لم يعين عاملا يخيط ولا محلا للخياطة بل يشترط أن يبين الثوب وما يريد به من قميص أو غيره والطول والعرض وأن يبين الخياطة أهي رومية أو فارسية إلا أن تطرد عادة بنوع فيحمل المطلق عليه .
قال في الروضة الرومي بغرزتين والفارسي بغرزة .
فلو أعطاه ثوبا وقال إن خطته روميا فلك درهم وإن خطته فارسيا فنصفه لم يصح العقد للإبهام فإن خاطه كيف اتفق كان له أجرة المثل .
تنبيه : .
تارة نصبت على المصدر ومعناها الوقت والحين والعامل فيه مقدر ويجمع على تارات كساعة وساعات وفسرها الجوهري بالمرة .
فلو جمعهما .
أي الزمان والعمل " فاستأجره " أي شخصا " ليخيطه " أي الثوب " بياض النهار لم يصح في الأصح " للغرر فقد يتقدم العمل أو يتأخر كما لو أسلم في قفيز حنطة بشرط كون وزنه كذا لا يصح لاحتمال أن يزيد أو ينقص .
وبهذا الدفع ما قاله السبكي من أنه لو كان الثوب صغيرا يقطع بفراغه في اليوم فإنه يصح ومر أنه لو قصد التقدير بالعمل وذكر اليوم أي شرطه للتعجيل فينبغي أن يصح .
والثاني يصح إذ المدة مذكورة للتعجيل فلا تورث الفساد وهذا بحث السبكي .
ويقدر تعليم القرآن بمدة .
كشهر كما لو استأجر خياطا ليخيط له شهرا وقيل ( 2 / 341 ) لا يجوز لتفاوت السور والآيات في سهولة الحفظ وصعوبته .
تنبيه : .
قضية إطلاق المصنف أنه لا فرق في ذلك بين الاستئجار لجميع القرآن أو لبعضه وليس مرادا بل المراد ما يسمى قرآنا .
أما إذا استأجره مدة لجميعه فإنه لا يصح على الأصح فإن فيه جمعا بين الزمان والعمل وحينئذ كان ينبغي للمصنف أن يقول تعليم قرآن بالتكبير فإن الشافعي Bه نص في باب التدبير على أن القرآن بالألف واللام لا يطلق إلا على جميعه .
فإذا قدر التعليم بمدة كشهر هل يدخل الجميع أو لا أفتى الغزالي بأن أيام السبوت مستثناة في استئجار اليهودي شهرا لاطراد العرف به .
قال البلقيني ويقاس عليه الأحد للنصارى والجمع في حق المسلمين كذلك .
أو تعيين سور .
أو سورة أو آيات من سورة كذا من أولها أو آخرها للتفاوت في ذلك .
ويشترط علم المتعاقدين بما يقع العقد على تعليمه فإن لم يعلماه وكلا من يعلم ذلك ولا يكفي أن يفتح المصحف ويقول تعلمني من هنا إلى هنا لأن ذلك لا يفيد معرفة المشار إليه بسهولة أو صعوبة .
تنبيه : .
أفهم كلام المصنف أنه لا يشترط أن يبين قراءة نافع ونحوه إذ الأمر فيها قريب وقضيته أن يعلمه ما شاء من القراءات لكن قال الماوردي و الروياني تفريعا على ذلك يعلمه الأغلب من قراءة البلد كما لو أصدقها دراهم فإنه يتعين غالب دراهم البلد أي فإن لم يكن فيها أغلب علمه ما شاء من ذلك وهذا أوجه .
فإن عين له قراءة تعينت فإن أقرأه غيرها لم يستحق أجرة في أحد وجهين يظهر ترجيحه ولا يشترط رؤية المتعلم ولا اختبار حفظه وهو نظير ما ذكروه في المسابقة من أنه يشترط معرفة حال الفرس .
نعم يشترط تعيينه فلو وجد ذهنه في الحفظ خارجا عن عادة أمثاله ثبت له الخيار كما قاله ابن الرفعة .
ولو كان ينسى فهل على الأجير إعادة تعليمه أو لا المرجع في ذلك إلى العرف الغالب فإن لم يكن عرف غالب فالأوجه كما قال شيخنا اعتبار ما دون الآية فإذا علمه بعضها فنسيه قبل أن يفرغ من باقيها لزم الأجير إعادة تعليمها ولا يشترط تعيين الموضع الذي يقرأ فيه .
ويشترط في المتعلم أن يكون مسلما أو يرجى إسلامه فإن لم يرج لم يعلم كما لا يباع المصحف من الكافر وقضية هذا القياس جواز بيع المصحف من الكافر إذا رجي إسلامه وليس مرادا .
فرع الإجارة للقرآن على القبر مدة معلومة أو قدرا معلوما جائزة للانتفاع بنزول الرحمة حيث يقرأ القرآن ويكون الميت كالحي الحاضر سواء أعقب القرآن بالدعاء أم جعل أجر قراءته له أم لا فتعود منفعة القرآن إلى الميت في ذلك ولأن الدعاء يلحقه وهو بعدها أقرب إلى الإجابة وأكثر بركة ولأنه إذا جعل أجرة الحاصل بقراءته للميت فهو دعاء بحصول الأجر له فينتفع به فقول الشافعي رضي الله تعالى عنه إن القراءة لا تحصل له محمول على غير ذلك .
وفي البناء .
أي الاستئجار له على أرض أو غيرها كسقف " يبين الموضع " للجدار " والطول " وهو الامتداد من إحدى الزاويتين إلى الأخرى " والعرض " وهو ما بين وجهي الجدار " والسمك " وهو بفتح السين بخطه الارتفاع " و " يبين أيضا " ما يبنى به " الجدار من طين ولبن أو آجر أو غيره " إن قدر بالعمل " لاختلاف الأغراض به فإن قدر بالزمان والبناء على الأرض لم يحتج إلى بيان شيء من ذلك .
نعم يحتاج إلى بيان ما يبني به كما قاله العمراني لاختلاف الغرض ومحل هذا وما ذكره المصنف إذا لم يكن ما يبني به حاضرا وإلا فمشاهدته تغني عن تبيينه ويبين في النساخة عدد الأوراق وأسطر الصفحة وقدر القطع والحواشي ويجوز التقدير فيها بالمدة ويبين في الرعي المدة وجنس الحيوان ونوعه ويجوز العقد على قطيع معين وعلى قطيع في الذمة ولو لم يبين فيه العدد اكتفي بالعرف كما قاله ابن الصباغ وجرى عليه ابن المقري .
ويبين في الاستئجار لضرب اللبن إذا قدر بالعمل العدد والقالب بفتح اللام طولا وعرضا وسمكا إن لم يكن معروفا وإلا فلا حاجة إلى التبيين وإن قدر بالزمان لم يحتج إلى ذكر العدد كما صرح به العمراني وغيره .
وإذا صلحت الأرض .
بضم اللام وفتحها " لبناء وزراعة وغراس " أو لاثنين من هذه الثلاثة " اشترط تعيين المنفعة " في الصورتين لاختلاف الضرر اللاحق باختلاف منافع هذه الجهات فإن أطلق لم يصح .
أما إذا لم تصلح إلا لجهة واحدة فإنه يكفي ( 2 / 342 ) الإطلاق فيها كأراضي الأحكار فإنه يغلب فيها البناء وبعض البساتين فإنه يغلب فيه الغراس .
ويكفي .
في أرض استؤجرت لزرع " تعيين الزراعة عن ذكر ما يزرع " فيها كقوله أجرتكها للزراعة أو لتزرعها فيصح " في الأصح " لقلة التفاوت بين أنواع الزرع ويزرع ما شاء للإطلاق .
قال الرافعي وكان يحتمل أن ينزل على أقل الدرجات وما بحثه حكاه الخوارزمي وجها .
والثاني لا يكفي لأن ضرر الزرع مختلف .
ويجري في قوله لتبني أو لتغرس لتفاوت الإختلاف في ذلك وإن توقف فيه السبكي .
نعم إن أجر على غيره بولاية أو نيابة لم يكف الإطلاق لوجوب الاحتياط قاله السبكي وغيره في مسألة المتن وغيرها كذلك .
ولو قال لننتفع بها بماشئت صح .
في الأصح ويصنع ما شاء لرضاه به لكن يشترط عدم الإضرار .
قال ابن الصلاح في فتاويه فعليه أن يريح المأجور ما جرت به العادة كما في إراحة الدابة .
وكذا .
يصح " لو قال " له " إن شئت فازرع " أي الأرض " وإن شئت فاغرس في الأصح " ويتخير بينهما لأنه رضي بالغراس والزرع أهون .
والثاني لا يصح للإبهام .
قال السبكي لا بد في تصوير هذه المسألة من زيادةما شئت فيقول إن شئت فازرع ما شئت أو اغرس ما شئت فإن لم يزد ما ذكر عاد الخلاف في وجوب تعيين ما يزرع اه .
وهذا ظاهر مما تقدم .
ولو قال أجرتكها لتزرع أو تغرس أو فازرع واغرس ولم يبين القدر أو لتزرع نصفا وتغرس نصفا ولم يخص كل نصف بنوع لم يصح العقد في الثلاثة للإبهام لأنه في الأولى جعل له أحدهما لا بعينه حتى لو قال ذلك على معنى أنه يفعل أيهما شاء صح كما نقل عن التقريب فتكون كالمسألة المتقدمة .
وفي الثانية لم يبين كم يزرع وكم يغرس وفي الثالثة لم يبين المغروس والمزروع فصار كقوله بعتك أحد هذين العبدين بألف والآخر بخمسائة .
ويشترط في إجارة دابة لركوب .
إجارة عين أو ذمة " معرفة الراكب بمشاهدته " له " أو وصف تام " لجثته لينتفي الغرر .
تنبيه : .
لم يبين المراد بالوصف التام فقيل بأن يصفه بالضخامة أو الثخانة ليعرف وزنه تخمينا وقيل يصفه بالوزن ولم يرجحا شيئا والأرجح الأول كما رجحه الحاوي الصغير .
وقيل لا يكفي الوصف .
فيه وتتعين المشاهدة لأن الخبر ليس كالمعاينة كما ورد به الخبر .
وكذا الحكم فيما يركب عليه من محمل .
بفتح الميم الأولى وكسر الثانية " وغيره " من نحو زامله " إن كان له " أي المتكري .
وذكر في الإجارة ولم يطرد فيه عرف فإنه يشترط معرفته بمشاهدته أو وصفه التام .
واحترز بقوله إن كان له عما إذا كان الراكب مجردا ليس له ما يركب عليه فإنه لا حاجة إلى ذكر ما يركب عليه ويركبه المؤجر على ما شاء من نحو سرج على ما يليق بالدابة فإن اطرد فيه عرف فلا حاجة إلى ذكره ويحمل على المعهود .
وبهذا سقط قول الأذرعي يطلب الجمع بين هذا وبين قولهم بعد ذلك أن الأصح في السرج اتباع العرف .
تنبيه : .
ما ذكره المصنف لا يختص بما يركب عليه بل لو كان معه نحو زاملة كان الحكم كذلك وقد صرح به في المحرر فلا وجه لإهمال المصنف له .
ويشترط رؤية الوطء وهو الذي يفرش في المحمل ليجلس عليه أو وصفه والغطاء الذي يستظل به ويتوقى به من المطر وقد لا يكون فيحتاج إلى شرطه ويشترط رؤيته أو وصفه إلا إذا اطرد به عرف فيكفي الإطلاق ويحمل على العرف ويأتي مثله في الوطاء كما صرح به الروياني وغيره فإن كان للمحمل طرف فكالغطاء .
ولو شرط .
في الإجارة " حمل المعاليق " جمع معلوق بضم الميم وهو ما يعلق على البعير كسفرة وقدر وقصعة " مطلقا " أي من غير رؤية ولا وصف " فسد العقد في الأصح " لاختلاف الناس فيه فربما قلت وربما كثرت .
والثاني يصح ويحمل على الوسط المعتاد .
تنبيه : .
محل الخلاف في المعاليق إذا كانت فارغة فإن كان فيها ماء أو طعام فكسائر المحمولات .
وإن لم يشرطه ( 2 / 343 ) أي حمل المعاليق .
لم يستحق " بالبناء للمفعول حملها في الأصح لاختلاف الناس فيه .
وقيل يستحق لأن العادة تقتضيه .
قال الإمام والمعاليق تختلف باختلاف المركوب فمعاليق الحمار دون معاليق البعير .
تنبيه : .
محل الخلاف في دابة يحمل عليها ذلك أما إذا استأجر دابة بسرج فإنه لا يستحق حملها قطعا .
ويشترط في إجارة .
الدابة إجارة " العين " لركوب " تعيين الدابة " فلا يصح أن يؤجره إحدى هاتين الدابتين للإبهام .
في اشتراط رؤيتها الخلاف في بيع الغائب .
والأظهر الاشتراط .
تنبيه : .
لم يحترز بالتعيين عن الوصف في الذمة لأن إجارة العين لا تكون في الذمة بل أراد بالتعيين مقابل الإبهام لتخرج الصورة المتقدمة .
ولا يشترط معرفة الذكورة والأنوثة خلافا للزركشي لأن المشاهدة كافية .
و .
يشترط " في إجارة الذمة " لركوب دابة " ذكر الجنس " لها كالإبل والخيل " والنوع " كبخاتي وعراب " والذكورة أو الأنوثة " لاختلاف الأغراض بذلك فإن الأنثى أسهل سيرا والذكر أقوى ولا بد من ذكر صفة السير كبحر أو قطوف أو مهملج لأن معظم الغرض يتعلق بكيفية السير .
والبحر الواسع المشي والقطوف بفتح القاف البطيء السير والمهملج بكسر اللام حسن السير في سرعة .
ويشترط فيهما .
أي إجارتي العين والذمة للركوب " بيان قدر السير كل يوم " إن كان قدرا تطيقه الدابة غالبا وهو يختلف باختلاف الطرق سهولة وصعوبة وبالأوقات كزمن وحل أو ثلج أو مطر .
ويشترط أيضا فيهما بيان وقت السير أهو الليل أو النهار والنزول في القرى أو الصحراء .
إلا أن يكون بالطريق منازل مضبوطة فينزل .
قدر السير عند الإطلاق " عليها " فإن شرط شيء مما ذكر اتبع فإن زاد في يوم على المشروط أو نقص عنه فلا يجبران من اليوم الثاني بزيادة أو نقص بل يسيران على الشرط ولو أراد أحدهما زيادة أو نقصا لخوف أجيب إن غلب على الظن الضرر به أو لغصب أو لخوف ولم يغلب على الظن الضرر به فلا يجاب .
ويجب في الإيجار للحمل .
إجارة عين أو ذمة " أن يعرف " مؤجر الدابة " المحمول " لاختلاف تأثيره وضرره " فإن حضر رآه " إن لم يكن في ظرف " وامتحنه بيده إن كان في ظرف " تخمينا لوزنه فإن لم يمكن امتحانه باليد كفت الرؤية ولا يشترط الوزن في الحالين .
تنبيه : .
قوله إن كان في ظرف يوهم أن ما يستغني عن الظرف كالأحجار والأخشاب لا يمتحن باليد وليس مرادا فلو قال وامتحنه بيده إن أمكن لكان أولى .
وإن غاب .
المحمول " قدر بكيل " في مكيل " أو وزن " في موزون أو مكيل فإن الوزن في كل شيء أولى وأحصر .
و .
أن يعرف " جنسه " أي المحمول الغائب لاختلاف تأثيره في الدابة كما في الحديد والقطن فإن الحديد يثقل في محل أقل من القطن والقطن يعمها ويتثاقل بالربح فلو قال مائة رطل مما شئت صح بل وبدون مما شئت كما نقله الإمام عن قطع الأصحاب ويكون رضا منه بأضر الأجناس .
هذا في التقدير بالوزن فإنه يغني عن ذكر الجنس أما إذا قدر بالكيل فلا يغني قوله عشرة أقفزة مما شئت عن ذكر الجنس لكثرة الاختلاف في الكيل وقلته في الوزن وأين ثقل الملح من ثقل الذرة ويحسب من المائة الظرف إن ذكره كقوله مائة رطل حنطة بظرفها فإن قال مائة رطل حنطة أو مائة قفيز حنطة لم يحسب الظرف فيشترط حينئذ معرفته إن كان يختلف فإن كان هناك غرائز متماثلة اطرد العرف باستعمالها حمل مطلق العقد عليها فإن قال لتحمل عليها ما شئت لم يصح للإضرار بها بخلاف إجارة الأرض لزرعها ما شاء لأن الدابة لا تطيق كل ما تحمل .
لا جنس الدابة و .
لا " صفتها ( 2 / 344 ) فلا تجب معرفتها في إجارة دابة لحمل .
إن كانت إجارة ذمة .
بخلاف ما مر فيها في الركوب لأن المقصود هنا تحصيل المتاع في الموضع المشروط فلا يختلف الغرض باختلاف حامله .
ألا أن يكون المحمول زجاجا .
بتثليث الزاي " ونحوه " كخزف فلا بد من معرفة حال الدابة في ذلك صيانة له وفي معنى ذلك كما قال القاضي حسين أن يكون في الطريق وحل أو طين .
أما إجارة عين دابة لحمل فيشترط رؤيتها كما في إجارة العين للركوب