من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما .
لكل .
منهما " فسخه " أي عقد القراض متى شاء من غير حضور الآخر ورضاه لأن القراض في ابتدائه وكالة وفي انتهائه إما شركة وإما جعالة وكلها عقود جائزة .
ويحصل الفسخ بقوله فسخت عقد القران أو رفعته أو أبطلته أو لا تنصرف بعد هذا أو نحو ذلك وباسترجاع المال فإن استرجع بعضه انفسخ فيه وبقي في الباقي وبإعتاقه واستيلاده له كالوكالة .
ولو حبس العامل ومنعه التصرف أو باع ما اشتراه العامل للقراض عزل كما رجحه المصنف .
فإن قيل ينبغي أن يكون كإنكار الموكل الوكالة كما جرى عليه ابن المقري تبعا للإسنوي فيفرق به كونه لغرض أو لا .
أجيب بأن الفقه ما قاله المصنف لأن صورة ذلك في الوكالة أن يسأل عنها المالك فينكرها وصورته في القراض أن ينكره ابتداء حتى لو عكس انعكس الحكم .
وللعامل بعد الفسخ بيع مال القراض إذا توقع فيه ربحا كأن ظفر بسوق أو براغب فلا يشتري لارتفاع العقد مع كونه لاحظ له فيه .
ولو مات أحدهما أو جن أو أغمي عليه انفسخ .
عقد القران كالوكالة وللعامل إذا مات المالك أو جن الاستيفاء والتنضيض بغير إذن الورثة في الأولى والولي في الثانية اكتفاء بإذن العاقد كما في حال الحياة وكالجنون الإغماء المفهوم بالأولى بخلاف ما لو مات العامل فإن ورثته لا تملك المبيع بدون إذن ( 2 / 320 ) المالك لأنه لم يرض بتصرفهم فإن امتنع المال من الإذن في البيع تولاه أمين من جهة الحاكم .
ولا يقرر ورثة المالك العامل على القراض كما لا يقرر المالك ورثة العامل عليه لأن ذلك ابتداء إقراض وهو لا يصح على العرض فإن نص المال ولو من غير جنس المال جاز تقرير الجميع فيكفي أن تقول ورثة المالك للعامل قررناك على ما كنت عليه مع قبوله أو يقول المالك لورثة العامل قررتكم على ما كان مورثكم عليه مع قبولهم لفهم المعنى .
وكالورثة وليهم وكالموت الجنون والإغماء فيقرر المالك بعد الإفاقة منها وولي المجنون مثله قبل الإفاقة .
ويجوز التقرير على المال الناجز قبل القسمة لجواز القراض على المشاع فيختص العامل بربح نصيبه ويشتركان في ربح نصيب الآخر مثاله المال مائة وربحها مائتان مناصفة وقرر العقد مناصفة فالعامل شريك الوارث بمائة فإذا بلغ مال القراض بستمائة فلكل منهما ثلثمائة إذا للعامل من الربح القديم مائة وربحها مائة ورأس المال في التقرير مائتان للوارث وربحهما مائتان فمقسوم بينهما .
ولو قال البائع بعد فسخ البيع للمشتري قررتك على البيع صح بخلاف النكاح لأنه لا بد فيه من لفظ التزويج أو الإنكاح كما سيأتي .
ويلزم العامل الاستيفاء .
لدين مال القراض " إذا فسخ أحدهما " أو هما أن انفسخ كأن باع بنقد ثم انفسخ القراض قبل توفير الثمن لأن الدين ناقص وقد أخذ منه ملكا تاما فليرد كما أخذ سواء كان في المال ربح أم لا .
تنبيه : .
قضية إطلاقه كغيره الاستيفاء أنه يلزمه استيفاء رأس المال والربح معا وهو كذلك كما صرح به في المرشد وإن كان ظاهر كلام المهذب أنه إنما يلزمه استيفاء رأس المال وصرح به ابن يونس .
فإن قيل يدل لهذا تصريحهم بأن في العروض لا يلزمه إلا تنضيض رأس المال فقط .
أجيب بأن القراض مستلزم لشراء العروض والمالية فيه محققة فاكتفي بتنضيض رأس المال فقط بخلاف الدين ولو رضي المالك بقبول الحوالة جاز .
ولو قال المصنف ويلزمه الاستيفاء إذا انفسخ كان أولى ليشمل ما قدرته لأن حكم الفسخ والانفساخ في ذلك سواء .
و .
يلزم العامل أيضا " تنضيض رأس المال إن كان " عند الفسخ " عرضا " وطلب المالك تنضيضه سواء أكان في المال ربح أم لا .
ولو كان المال عند الفسخ ناضا لكنه من غير جنس رأس المال أو من جنسه ولكن من غير صفته كالصحاح والمكسرة فكالعروض .
ولو أبطل السلطان النقد الذي جرى عليه القراض والمال عرض رد من الأول كما في زيادة الروضة وقيل من الحادث فإن لم يطلب المالك التنضيض لم يجب إلا أن يكون المال المحجور عليه وحظه في التنضيض فيجب .
ولو قال المالك لا تبع ونقسم العروض بتقويم عدلين أو قال أعطيك نصيبك من الربح ناضا أجيب وكذا لو رضي بأخذ العروض من العامل بالقيمة ولم يزد راغب كما جزم به ابن المقري فلو حدث بعد ذلك غلاء لم يؤثر .
وخرج بقدر رأس المال الزائد عليه فلا يلزمه تنضيضه بل هو عرض اشترك فيه اثنان لا يكلف أحدهما بيعه نعم لو كان بيع بعضه ينقص قيمته كالعبد لزمه تنضيض الكل كما بحثه في المطلب .
وقيل لايلزمه .
أي العامل " التنضيض إذا لم يكن ربح " إذ لا فائدة له فيه .
ودفع بأن في عهده أن يرد لما أخذ كما مر .
ولو استرد المالك بعضه .
أي مال القراض " قبل ظهور ربح وخسران " فيه " رجع رأس المال إلى " ذلك " الباقي " بعد المسترد لأنه لم يترك في يده غيره فصار كما لو اقتصر في الإبتداء على إعطائه له .
وإن استرد .
المالك بغير رضا العامل " بعد " ظهور " الربح فالمسترد " منه " شائع ربحا ورأس مال " على النسبة الحاصلة من جملة الربح ورأس المال لا يلحقه حكم الباقي لاستقرار ملك العامل على ما يخصه من الربح فلا يسقط بما يحصل من النقص بعد .
أما إذا كان الاسترداد برضا العامل فإن قصد هو والمالك الأخذ من الأصل اختص به أو من الربح فكذلك لكن يملك العامل مما بيده مقدار ذلك على الإشاعة وإن أطلقا ( 2 / 321 ) حمل على الإشاعة وحينئذ الأشبه كما قال ابن الرفعة أن تكون حصة العامل قرضا نقله عنه الإسنوي وأقره ثم قال وإذا كان الاسترداد بغير رضاه لا ينفذ تصرفه في نصيبه وإن لم يملكه بالظهور .
مثاله رأس المال مائة .
من الدراهم " والربح عشرون " منها " واسترد " المالك من ذلك " عشرين فالربح " في هذا المثال " سدس " جميع " المال " وحينئذ " فيكون المسترد " وهو العشرون " سدسه " بالرفع بخطه وهو ثلاثة دراهم وثلث يحسب من الربح فيستقر للعامل المشروط منه وهو درهم وثلثان إن شرط له نصف الربح .
وباقيه .
أي المسترد وهو ستة عشر وثلثان " من رأس المال " فيعود رأس المال إلى ثلاثة وثمانين وثلث فلو عاد ما في يده إلى ثمانين لم يسقط ما استقر له بل يأخذ منها درهما وثلثي درهم ويرد الباقي وهو ثمانية وسبعون درهما وثلث درهم .
تنبيه : .
كون العامل يأخذ مما في يده خارجا عن القواعد كما قاله ابن الرفعة وتبعه الإسنوي لأنه لما جعل المسترد شائعا لزم أن يكون نصيب العامل في عين المال المسترد إن كان باقيا وفي ذمة المالك إن كان تالفا ولا يتعلق بالمال الباقي إلا برهن أو نحوه ولم يوجد حتى لو أفلس لم يتقدم به بل يضارب .
وإن استرد .
المالك بعضه " بعد " ظهور " الخسران فالخسران موزع على المسترد والباقي " بعده وحينئذ " فلا يلزم جبر حصة المسترد " وهو عشرون " لو ربح " المال " بعد ذلك .
مثاله المال " أي رأس المال " مائة والخسران " الحاصل فيه " عشرون ثم استرد " المالك " عشرين فربع العشرين " التي هي جميع الخسران " حصة المسترد " منها خمسة فكأنه استرد خمسة وعشرين .
ويعود .
بعد ذلك " رأس المال " الباقي بعد المسترد وبعد حصته من الخسران " إلى خمسة وسبعين " لأن الخسران إذا وزعناه على الثمانين خص كل عشرين خمسة والعشرون المستردة حصتها خمسة فيبقى ما ذكره فلو ربح بعد ذلك شيئا قسم بينهما ربحا على حسب ما شرطاه .
ويصدق العامل بيمينه في قوله لم أربح .
شيئا " أو لم أربح إلا كذا " عملا بالأصل فيهما .
ولو أقر بربح ثم ادعى غلطا أو كذبا ثم قال غلطت في الحساب أو كذبت فيما قلت خوفا من انتزاع المال من يدي لم يقبل قوله لأنه أقر بحق لغيره فلم يقبل رجوعه عنه وله تحليف المالك سواء أذكر شبهة أم لا .
فإن ادعى بعد ذكر الكذب أو بعد إخباره بالربح خسارة صدق بيمينه إن احتمل ذلك مثل أن يعرض في الأسواق كساده قاله القاضي حسين و المتولي فإن لم يحتمل لم يقبل .
ويصدق أيضا فيما تضمنه قوله أو اشتريت هذا الشيء للقراض وإن كان خاسرا " أولى " وإن كان رابحا لأنه مأمون وهو أعرف بقصده ولأنه في الثانية في يده .
تنبيه : .
محل قبول قوله أنه اشتراه لنفسه إذا وقع العقد على الذمة لأن التعويل فيه على النية أما إذا ادعى أنه اشتراه لنفسه وأقام المالك بينة أنه اشتراه بعين مال القراض فهل يحكم به للقراض أو لا فيبطل العقد فيه وجهان رجح ابن المقري منهما الثاني وبه صرح الماوردي و الشاشي و الفارقي وغيرهم كما نقله عنهم الأذرعي وغيره لأنه قد يشتري لنفسه بمال القراض عدوانا .
ورجح صاحب الأنوار الأول ثم قال قال الإمام و الغزالي و القشيري وكل شراء وقع بمال القراض لا شك في وقوعه له ولا أثر لنية العامل أي لإذن المالك له في الشراء .
والثاني أوجه كما اعتمده شيخي .
أو .
قال العامل " لم تنهني عن شراء كذا " كالعبد لأن الأصل عدم النهي .
و .
يصدق العامل أيضا ( 2 / 322 ) في قدر رأس المال " لأن الأصل عدم دفع الزيادة وهذا حيث لا ربح فإن كان فهل يصدق العامل أو المالك أو يتحالفان أوجه أصحها أولها وعلى هذا لو قارض اثنين على أن نصف الربح له والباقي بينهما سواء فربحا وأحضرا ثلاثة آلاف فقال المالك رأس المال ألفان وصدقه أحدهما وأنكر الآخر وحلف أنه ألف فله خمسمائة لأنها نصيبه بزعمه وللمالك ألفان من رأس المال لاتفاقه مع المعترف عليه وله ثلثا خمسمائة من الربح والباقي منها للمقر لاتفاقهم على أن ما يأخذه المالك من الربح مثلا ما يأخذه كل من العاملين وما أخذه المنكر كالتالف .
ويصدق العامل أيضا فيما إذا اختلفا في جنس رأس المال أو صفته " و " في " دعوى التلف " لأنه مأمون فهو كالمودع ففيه التفصيل الآتي في باب الوديعة .
وكذا .
يصدق في " دعوى الرد " لمال القراض على المال " في الأصح " لأنه ائتمنه كالوكيل .
والثاني كالمرتهن والمستأجر .
وفرق الأول بأن العامل إنما أخذ العين لمنفعة المالك وانتفاعه هو بالعمل فيها لا بها بخلاف المرتهن والمستأجر .
فائدة : .
كل أمين ادعى الرد على من ائمتنه يصدق بيمينه إلا المرتهن والمستأجر .
ولو اختلفا .
في أن العامل وكيل أو مقارض صدق المالك ولا أجرة للعامل أو " في " القدر " المشروط له " أي العامل كأن قال شرطت النصف فقال المالك بل الثلث " تحالفا " كاختلاف المتبايعين في قدر الثمن فلا ينفسخ بالتحالف بل يفسخانه أو أحدهما أو الحاكم كما في زيادة الروضة عن البيان وإن أشعر كلام المصنف بأنه يفسخ بمجرد التحالف وصرح به الروياني .
وله .
أي العامل حينئذ " أجرة المثل " لعمله بالغة ما بلغت لتعذر رجوع عمله إليه فوجب له قيمته وهو الأجرة .
ولو كان القراض لمحجور عليه ومدعي العامل دون الأجرة فلا تحالف كنظيره من الصداق .
خاتمة لو اشترى العامل ولو ذميا خمرا أو أم ولد أو نحوهما مما يمتنع بيعه وسلم الثمن للبائع ولو جاهلا ضمن لأن الضمان لا يختلف بالعلم والجهل .
ولو قارضه المالك ليجلب من بلد إلى بلد لم يصح لأن ذلك عمل زائد على التجارة .
وإن قارضه على مالين في عقدين فخلطهما ضمن لتعديه في المال بل إن شرط في العقد الثاني بعد التصرف في المال الأول ضم الثاني إلى الأول فسد القراض في الثاني وامتنع الخلط لأن الأول استقر حكمه ربحا وخسرانا وإن شرط قبل التصرف صح وجاز الخلط وكأن دفعها إليه معا نعم إن شرط الربح فيهما مختلفا امتنع الخط .
ويضمن العامل أيضا لو خلط مال القراض بماله أو قارضه اثنان فخلط مال أحدهما بمال الآخر ولا ينعزل بذلك عن التصرف كما نقله الإمام عن الأصحاب .
وإذا اشترى بألفين لمقارضين له عبدين فاشتبها عليه وقعا له وغرم لهما الألفين لتفريطه بعدم الإفراد .
ولو دفع إلى شخص مالا وقال إذا مت فتصرف فيه قراضا على أن لك نصف الربح مثلا لغا لأنه تعليق ولو صح لبطل بالموت .
ولو جنى عبد القراض فداه المالك من مال نفسه لا من مال القراض كما لو أبق فإن نفقه رده على المالك وإن كان في المال ربح بناء على أن العامل إنما يملك حصته بالقسمة فإن قلنا بالظهور فعليهما الفداء