هو بكسر القاف لغة أهل الحجاز مشتق من القرض وهو القطع لأن المالك يقطع للعامل قطعة من ماله يتصرف فيها وقطعة من الربح .
أو من المقارضة وهي المساواة لتساويهما في الربح أو لأن المال من المالك والعمل من العامل .
وأهل العراق يسمونه المضاربة لأن كلا منهما يضرب بسهم في الربح ولما فيه غالبا من السفر والسفر يسمى ضربا .
وجمع المصنف بين اللغتين في قوله القراض والمضاربة .
والأصل فيه الإجماع والقياس على المساقاة لأنها إنما جوزت للحاجة من حيث أن مالك النخيل قد لا يحسن تعهدها ولا يتفرغ له ومن يحسن العمل قد لا يملك ما يعمل فيه .
وهذا المعنى موجود في القراض فكان الأولى تقديم المساقاة على خلاف ترتيب المصنف وهو كما قيل رخصة خارج عن قياس الإجارات كما خرجت المساقاة عن بيع ما لم يخلق والحوالة عن بيع الدين بالدين والعرايا عن المزابنة .
واحتج له الماوردي بقوله تعالى ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم وبأنه A ضارب لخديجة بمالها إلى الشام وأنفذت معه عبدها ميسرة .
وأما " القراض والمضاربة " والمقارضة شرعا فهو " أن يدفع " أي المالك ( 2 / 310 ) إليه " أي العامل " مالا ليتجر " أي العامل " فيه والربح مشترك " بينهم فخرج ب يدفع عدم صحة القراض على منفعة كسكنى الدار وعدم صحته على دين سواء أكان على العامل أم غيره وخرج بقوله والربح مشترك الوكيل والعبد المأذون .
تنبيه : .
قال السبكي قد يشاحج المصنف في قوله أن يدفع ويقال القراض العقد المقتضي للدفع لا نفس الدفع اه .
وأركانه خمسة مال وعمل وربح وصبغة وعاقدان .
ثم شرع في شرط الركن الأول فقال " ويشترط لصحته كون المال " فيه " دراهم أو دنانير خالصة " بالإجماع كما نقهل الجويني وقال في الروضة بإجماع الصحابة .
فلا يجوز على تبر .
وهو الذهب والفضة قبل ضربهما وقال الجوهري لا يقال تبر إلا للذهب .
و .
لا على " حلي مغشوش " من الدراهم والدنانير وإن راجعت وعلم قدرغشتها وجوزنا التعامل بها لأن الغش الذي فيها عرض .
وخالف في ذلك السبكي فقال يقوى عندي أن أفتي بالجواز وأن أحكم به إن شاء الله تعالى .
و .
لا على " عروض " مثلية كانت أو متقومة ولو فلوسا لأن القراض عقد غرر إذ العمل فيه غير مضبوط والربح غير موثوق به وإنما جوز للحاجة فاختص بما يروج غالبا ويسهل التجارة به وهو الأثمان ويجوز أني كون دراهم ودنانير معا وعبارة المحرر ويكون نقدا وهو الدراهم والدنانير قال ابن الرفعة والأشبه صحة القراض على نقد أبطله السلطان .
قال الأذرعي وفيه نظر إذ عز وجوده أو خيف عزته عند المفاصلة اه .
وهذا هو الظاهر .
و .
لا بد أن يكون المال المذكور " معلوما " فلا يجوز على مجهول القدر دفعا لجهالة الربح بخلاف رأس مال السلم فإنه لم يوضع على الفسخ بخلافه .
ولاعلى مجهول الصفة كما قاله ابن يونس ومثلها الجنس .
قال السبكي ويصح القراض على غير المرئي لأنه توكيل .
وأن يكون " معينا " فلا يجوز على ما في ذمته أو ذمة غيره كما في المحرر وغيره ولا على إحدى الصرتين لعدم التعيين " وقيل يجوز على إحدى الصرتين " المتساويتين في القدر والجنس والصفة فيتصرف العامل في أيتهما شاء فيتعين القراض لا بد أن يكون ما فيهما معلوما .
نعم على الأول لو قارضه على دراهم أو دنانير غير معينة ثم عينها في المجلس صح كما صححه في الشرح الصغير واقتضاه كلام الروضة وأصلها كالصرف والسلم وقيل لا يصح وبه قطع البغوي و الخوارزمي وهو مقتضى كلام المصنف كأصله .
تنبيه : .
مقتضى كلامه عدم صحة القراض في إحدى الصرتين على الأول وإن عينت في المجلس وهو ظاهر لفساد الصيغة وإن اقتضى كلام بعض المتأخرين الصحة .
ويستثنى من اشتراط التعيين ما لو خلط ألفين بألف لغيره ثم قال قارضتك على أحدهما وشاركتك في الآخر فإنه يجوز مع عدم تعيين ألف القراض وينفرد العامل بالتصرف في ألف القراض ويشتركان في التصرف في باقي المال ولا يخرج على الخلاف في جمع الصفقة الواحدة عقدين مختلفين لأنهما يرجعان إلى التوكيل في التصرف .
ولو كان بين اثنين دراهم مشتركة فقال أحدهما للآخر قارضتك على نصيبي منها صح ولو قارض المودع أو غيره على الوديعة أو الغاصب على المغصوب صح وبرىء الغاصب بتسليم المغصوب لمن يعامل لأنه سلمه بإذن مالكه وزالت عنه يده لا بمجرد القراض .
ولو قال شخص لآخر اقبض ديني من فلان فإذا قبضته فقد قارضتك عليه لم يصح لتعليقه ولو قال اعزل مالي الذي في ذمتك فعزله ولم يقبضه ثم قارضه عليه لم يصح لأنه لا يملك ما عزله بغير قبض .
ولو اشترى له في ذمته وقع العقد للآمر لأنه اشترى له بإذنه والربح للآمر لفساد القراض وعليه للعامل أجرة مثله .
و .
أن يكون " مسلما إلى العامل " وليس المراد اشتراط تسليم المال إليه حال العقد أو في مجلسه وإنما المراد أن يستقل العامل باليدعليه والتصرف فيه ولهذا قال " فلا يجوز " ولا يصح الإتيان بما ينافي ذلك وهو " شرط كون المال في يد المالك " أو غيره ليوفي منه ثمن ما اشتراه العامل .
ولا شرط مراجعته في ( 2 / 311 ) التصرف لأنه قد لا يجده عند الحاجة .
ولا .
شرط " عمله " أي المالك " معه " أي العامل لأن انقسام التصرف يفضي إلى انقسام اليد .
تنبيه : .
قضية كلامه كالمحرر أن هذا من محترز قوله مسلما إلى العامل وليس مرادا بل هو شرط آخر وهو استقلال العامل بالتصرف فكان الأولى أن يقول وأن يستقل بالتصرف فلا يجوز شرط عمله معه .
ولو شرط كون المال تحت يد وكيله وأن يكون معه مشرف مطلع على عمله من غير توقف في التصرف على مراجعته لم يصح أخذا من التعديل السابق نبه عليه الإسنوي .
ويجوز شرط عمل غلام .
أي عبد " المالك معه " معينا له لا شريكا له في الرأي " على الصحيح " كشرط إعطاء بهيمة له ليحمل عليها .
والثاني لا يجوز كشرط عمل السيد لأن يد عبده يده .
وأجاب الأول بأن عبده وبهيمته مال فجعل عملهما تبعا للمالك بخلاف المالك وبخلاف عبده إذا جعله شريكا للرأي فيما مر ويشترط أن يكون العبد والبهيمة معلومين بالرؤية أو الوصف .
وتعبير المصنف بغلامه يشمل أجيره الحر فالظاهر كما قال شيخنا أنه كعبده لأنه مالك لمنفعته .
وقد ذكر الأذرعي مثله في المساقاة .
وإنما جعلت الغلام في كلامه بمعنى العبد لأنه متفق عليه ولو شرط لعبده جزءا من الربح صح وإن لم يشرط عمله معه لرجوع ما شرط لعبده إليه .
تنبيه : .
سكوت المصنف عن بيان نوع ما يتجر فيه العامل مشعر بأنه لا يشترط ويحمل الإطلاق على العرف وهو الصحيح في الروضة وإن جزم الجرجاني باشتراطه .
ولو توكل الشفيع في بيع الشقص لم تبطل شفعته في الأصح .
ثم شرع في الركن الثاني وهو العمل فقال " ووظيفة العامل التجارة " وهي الاسترباح بالبيع والشراء .
فائدة : .
الوظيفة بظاء مشالة ما يقدر عليه الإنسان في كل يوم ونحوه .
و .
كذا " توابعها " مما جرت العادة أن يتولاه بنفسه " كنشر الثياب وطيها " وزرعها وغير ذلك مما سيأتي .
ومنه أن ما يلزم العامل فعله إذا استأجر عليه يستأجر عليه من ماله وما لا يلزمه إذا استأجر عليه يستأجر عليه من مال القراض .
وخرج بالتجارة استخراج العامل الربح باحتراف كما يشير إليه قوله " فلو قارضه ليشتري حنطة " مثلا " فيطحن " ويعجن " ويخبز " ويبيع ذلك " أو " يشتري " غزلا " مثلا " ينسجه ويبيعه " والربح بينهما " فسد القراض في الصورتين " لأن القراض شرع رخصة للحاجة وهذه الأعمال مضبوطة يمكن الاستئجار عليها فلم تشملها الرخصة والعامل فيها ليس متجرا بل محترفا فليست من وظيفة العامل .
فلو اشترى الحنطة وطحنها من غير شرط لم ينفسخ القراض فيها في الأصح ثم إن طحن بغير الإذن فلا أجرة له ولو استأجر عليه لزمته الأجرة ويصير ضامنا وعليه غرم ما نقص بالطحن فإن باعه لم يكن الثمن مضمونا عليه لأنه لم يتعد فيه وإن ربح فالربح بينهما كما شرطا .
ولو شرط أن يستأجر العامل من يفعل ذلك من مال القراض وحظ العامل التصرف فقط قال في المطلب يظهر الجواز .
قال الأذرعي وفيه نظر لأن الربح لم ينشأ عن تصرف العامل وقد قال القاضي حسين لو قارضه على أن يشتري الحنطة ويخزنها مدة فإذا ارتفع سعرها باعها لم يصح لأن الربح ليس حاصلا من جهة التصرف وفي البحر نحوه .
وهذا هو الظاهر بل لو قال على أن تشتري الحنطة وتبيعها في الحال فإنه لا يصح .
ويشترط أن لا يضيق المالك على العامل في التصرف " و " حينئذ " لا يجوز أن يشرط عليه شراء " بالمد بخطه " متاع معين " كهذه الحنطة أو هذا الثوب " أو " شراء " نوع يندر وجوده " كالخيل البلق والياقوت الأحمر والخز الأدكن " أو " شرط عليه " معاملة شخص " بعينه كلا تبع إلا لزيد أو لا تشتر إلا منه لإخلاله بالمقصود لأن المتاع المعين قد لا يربح والنادر قد لا يجده والشخص المعين قد لا يعامله وقد لا يجد عنده ما يظن أن فيه ربحا .
قال في الحاوي ويضر تعيين الحانوت دون السوق لأن السوق كالنوع العام والحانوت كالعرض المعين .
تنبيه : .
أفهم كلام المصنف أن النوع إذا لم يندر وجوده أنه يصح ولو كان ينقطع كالفواكه الرطبة وهو كذلك ( 2 / 312 ) لانتفاء التعيين .
وكذا إن ندر وكان بمكان يوجد فيه غالبا قاله الماوردي و الروياني .
ولو نهاه عن هذه الأمور صح لأنه يمكنه شراء هذه السلعة والشراء والبيع من غير زيد .
ولو قارضه على أن يصارف مع الصيارفة فهل يتعينون عملا بالشرط فتفسد المصارفة مع غيرهم أولا لأن المقصود بذلك أن يكون تصرفه صرفا لا مع قوم بأعيانهم وجهان أوجههما الأول أن ذكر ذلك على وجه الاشتراط وإلا فالثاني ولا يشترط تعين ما يتصرف فيه بخلاف الوكالة والفرق أن للعامل حظا يحمله على بذل المجهود بخلاف الوكيل وعليه الإمتثال لما عينه إن عين كما في سائر التصرفات المستفادة بالإذن فالإذن في البز يتناول ما يلبس من المنسوج لا الأكسية ونحوها كالبسط عملا بالعرف لأن بائعها لا يسمى بزازا .
ولا يشترط بيان مدة القراض .
بخلاف المساقاة لأن مقصود القراض وهو الربح ليس له وقت معلوم بخلاف الثمرة ولأنهما قادران على فسخ القراض بخلاف المساقاة ولو قال قارضتك ما شهئت أو ما شئت جاز لأن ذلك شأن العقود الجائزة .
ولا يصح إلا أن يعقد في الحال فإن علقه في شرط كأن قال إذا جاء رأس الشهر فقد قارضتك أو علق تصرفه كأن قال قارضتك الآن ولا تتصرف حتى ينقضي الشهر لم يصح .
أما في الأولى فكما في البيع ونحوه وأما في الثانية فكما لو قال بعتك هذا ولا تملكه إلا بعد شهر .
ولو دفع إليه مالا وقال إذا مت فتصرف فيه بالبيع والشراء قراضا على أن لك نصف الربح لم يصح وليس له التصرف بعد موته لأنه تعليق ولأن القراض يبطل الموت لو صح .
فلو ذكر مدة .
كشهر لم يصح لإخلال التأقيت بمقصود القراض فقد لا يربح في المدة وإن عين مدة كشهر .
ومنعه التصرف .
أو البيع كما في المحرر " بعدها فسد " العقد لما مر .
وإن منعه الشراء .
فقط كأن قال لا تشتر " بعدها " ولك البيع " فلا " يفسد البيع " في الأصح " لحصول الاسترباح بالبيع الذي له فعله بعد الشهر .
ويؤخذ من التمثيل بشهر كما في التنبيه : أن تكون المدة كما قال الإمام يتأتى فيها الشراء لغرض الربح بخلاف نحو ساعة .
تنبيه : .
ظاهر عبارة المصنف كغيره أنه أقت القراض بمدة ومنعه الشراء بعدها وليس مرادا بل المراد أنه لم يذكر تأقيتا أصلا كقوله قارضتك ولا تتصرف بالشراء بعد شهر فإن القراض المؤقت لا يصح سواء أمنع المالك العامل التصرف أم البيع كما مر أم سكت أم الشراء كما قاله شيخنا في شرح منهجه ولو كانت المدة مجهولة كمدة إقامة العسكر قال الماوردي فيه وجهان اه .
والظاهر منهما عدم الصحة .
ثم شرع في الركن الثالث وهو الربح فقال " ويشترط اختصاصهما بالربح " فلا يجوز شرط شيء منه الثالث إلا عبد المالك كما مر أو عبد العامل فإن ما شرط له يضم إلى ما شرط لسيده .
تنبيه : .
جرى المصنف C تعالى هنا على القاعدة من دخول الباء على المقصور خلاف تعبير المحرر والروضة كأصلها من دخولها على المقصور عليه حيث قالوا يشترط اختصاص الربح بهما .
واشتراكهما فيه .
ليأخذ المالك بملكه والعامل بعمله فلا يختص به أحدهما .
تنبيه : .
لا يغني الشرط الأول عن هذا خلافا لمن قال ذلك لأنه إذا انفرد به أحدهما صدق عليه اختصاصهما به إذا لم يشرط فيه شيء لثالث .
ولو قال قارضتك على أن كل الربح لك فقراض فاسد .
في الأصح نظرا للفظ .
وقيل قراض صحيح .
نظرا للمعنى .
وإن قال .
للمالك كله أي الربح " لي فقراض فاسد " في الأصح لما مر فيستحق العالم حينئذ على المالك في الأولى أجرة عمله دون الثانية وينفذ تصرفه فيهما كما سيأتي .
وقيل .
هو " إبضاع " أي توكيل بلا جعل لما مر أيضا والإبضاع بعث المال مع من يتجر فيه متبرعا .
والبضاعة المال المبعوث .
ويجري الخلاف فيما لو قال أبضعتك على أن نصف الربح لك أو كله لك هل هو قراض فاسد أو إبضاع ولو قال خذه وتصرف فيه والربح كله لك فقرض صحيح أو كله لي فإبضاع .
وفارقت هذه المسألة المتقدمة بأن اللفظ فيها صريح في عقد آخر .
ولو اقتصر ( 2 / 313 ) على قوله أبضعتك كان بمثابة قوله تصرف والربح كله لي فيكون إبضاعا كما هو مقتضى كلامهم قال في المطلب وكلام الفوراني وغيره يدل عليه .
ولو دفع إليه دراهم وقال اتجر فيها لنفسك حمل على أنه قرض في أحد وجهين يظهر ترجيحه كما قاله بعض المتأخرين والوجه الآخر أنه هبة .
ولو قال خذ المال قراضا بالنصف مثلا صح في أحد وجهين رجحه الإسنوي أخذا من كلام الرافعي فعلى هذا لو قال المالك أردت أن النصف لي فيكون فاسدا أو ادعى العامل العكس صدق العامل بيمينه لأن الظاهر معه قاله سليم .
و .
يشترط " كونه " أي الإشراك في الربح " معلوما بالجزئية " كالنصف أو الثلث .
ثم شرع في محترز قوله معلوما بقوله " فلو قال " قارضتك " على أن لك " أو لي " فيه شركة أو نصيبا " أو جزءا أو شيئا من الربح أو على أن تخصني بدابة تشتريها من رأس المال أو تخصني بركوبها أو بربح أحد الألفين مثلا ولو كانا مخلوطين أو على أنك إن ربحت ألفا لك نصفه أو ألفين فلك ربعه " فسد " القراض في جميع ذلك للجهل بقدر الربح في الأربعة الأول وبعينه في الأخيرة ولأن الدابة في صورتها الثانية ربما تنقص بالاستعمال ويتعذر التصرف فيها ولأنه خصص العامل في التي تليها وفي صورتها الأولى بربح بعل المال .
أو .
أن الربح " بيننا فالأصح الصحة ويكون نصفين " كما لو قال هذه الدار بيني وبين فلان فإنها تجعل بينهما نصفين .
والثاني لا يصح لاحتمال اللفظ لغير المناصفة فلا يكون الجزء معلوما كما لو قال بعتك بألف دراهم ودنانير .
ولو قال قارضتك على أن الربح بيننا أثلاثا لم يصح كما في الأنوار للجهل بمن له الثلث ومن له الثلثان ولو قال قارضتك كقراض فلان وهما يعلمان القدر المشروط صح وإلا فلا ولو قال قارضتك ولك ربع سدس العشر صح وإن لم يعلما قدره عند العقد لسهولة معرفته كما لو باعه مرابحة وجهلا حال العقد حسابه .
ولو قال لي النصف .
مثلا وسكت عن جاب العامل " فسد في الأصح " لأن الربح فائدة المال فيكون للمالك إلا أن ينسب منه شيء إلى العامل ولم ينسب إليه شيء .
والثاني يصح ويكون النصف الآخر للعامل .
وإن قال لك النصف .
مثلا وسكت عن جانبه " صح على الصحيح " لأن الذي سكت عنه يكون للمالك بحكم الأصل فكان كقوله لك النصف ولي النصف بخلاف الصورة السابقة .
والثاني لا يصح كالتي قبلها .
ثم شرع في محترز قوله بالجزئية فقال " ولو شرط لأحدهما " مالك أو عامل " عشرة " بفتح العين والشين بالنصب من الربح والباقي للآخر أو بينهما كما صرح به في المحرر " أو " شرط لأحدهما " ربح صنف " من مال القراض أو شرط له النصف ودينارا مثلا أو إلا دينارا " فسد " القراض لانتفاء العلم بالجزئية ولأن الربح قد ينحصر فيما قدره أو في ذلك النصف فيؤدي إلى اختصاص أحدهما بالربح وهو خلاف وضع القراض .
ولو قال قارضتك ولم يتعرض للربح فسد القراض لأنه خلاف وضعه .
ثم شرع في الركن الرابع وهو الصيغة مترجما له بفصل فقال .
فصل يشترط لصحة القراض صيغة .
وهي " إيجاب " ك قارضتك أو ضاربتك أو عاملتك أو بع واشتر على أن الربح بيننا نصفين فلو قال اشتر ولم يذكر البيع لم يصح في الأصح .
وقبول .
متصل بالإيجاب بالطريق المعتبر في البيع ولو في قوله خذه واتجر فيه أو اعمل فيه لأنه عقد معاوضة يختص بمعين كالبيع .
تنبيه : .
تسمح المصنف في إطلاق الشرط على الصيغة فإنها ركن كما مر وعبارة المحرر لا بد في القراض من الإيجاب والقبول هي أظهر في المراد من عبارة المتن لدلالة كلمة في على دخولهما في ماهية القراض .
وتقدم له مثل ذلك في البيع وقدمنا هناك أن مراده بالشرط ما لا بد منه وعلى هذا فهو مساو لعبارة المحرر .
وقيل يكفي القبول بالفعل كما في الوكالة والجعالة إن كانت صيغة الإيجاب لفظ أمر ك خذ فيكفي أخذ الدراهم مثلا فلو كانت لفظ عقد كقارضتك فلا بد في القبول ( 2 / 314 ) من اللفظ كما يقتضيه كلام المحرر والروضة وأصلها والأصح المنع مطلقا لما مر أنه عقد معاوضة إلخ فلا يشبه الوكالة لأنها مجرد إذن ولا الجعالة لأنها لا تختص بعين .
ثم شرع في الركن الخامس وهو العاقدان ذاكرا لشرطهما فقال " وشرطهما " أي المالك والعامل " كوكيل وموكل " في شرطهما لأن القراض توكيل وتوكل بعوض فيشترط أهلية التوكيل في المالك وأهلية التوكل في العامل فلا يكون واحد منهما سفيها ولا صبيا ولا مجنونا ولا رقيقا بغير إذن سيده .
ولولي المحجور عليه من صبي ومجنون وسفيه أن يقارض من يجوز إيداعه المال المدفوع إليه سواء أكان الولي أبا أم جدا أم وصيا أم حاكما أم أمينه نعم إن تضمن العقد الإذن في السفر اتجه كما في المطلب كونه كإرادة الولي السفر بنفسه .
وأما المحجور عليه بالفلس فلا يصح أن يقارض ويصح أن يكون عاملا ويصح القراض من المريض ولا يحسب ما زاد على أجرة المثل من الثلث لأن المحسوب منه ما يفوته من ماله والربح ليس بحاصل حتى يفوته وإنما هو شيء يتوقع حصوله وإذا حصل حصل بتصرف العامل بخلاف مساقاته فإنه يحسب فيها ذلك من الثلث لأن الثمار فيها من عين المال بخلافه .
ولو قارض العامل .
شخصا " آخر بإذن المالك ليشاركه " ذلك الآخر " في العمل والربح لم يجز في الأصح " لأن القراض على خلاف القياس وموضوعه أن يكون أحد العاقدين مالكا لا عمل له والآخر عاملا ولو متعددا لا ملك له وهذا يدور بين عاملين فلا يصح .
والثاني يجوز كما يجوز للمالك أن يقارض شخصين في الإبتداء وقواه السبكي وقال في شرح التعجيز إنه الذي قطع به الجمهور ورد بما مر .
تنبيه : .
احترز بقوله ليشاركه في العمل عن إذنه له في ذلك لينسلخ هو من القراض ويكون فيه وكيلا عن المالك والعامل هو الثاني فإنه يصح جزما كما لو قارضه المالك بنفسه .
ومحله كما قال ابن الرفعة إذا كان المال مما يجوز عليه القراض فلو دفع ذلك بعد تصرفه وصيرورته عرضا لم يجز .
قال الماوردي ولا يجوز عند عدم التعيين أن يقارض إلا أمينا والأشبه في المطلب أنه ينعزل بمجرد الإذن له في ذلك إن ابتدأه المالك به لا إن أجاب به سؤاله فيه .
وبغير إذنه فاسد .
مطلقا سواء أقصد المشاركة في عمل وربح أم ربح فقط أم قصد الإنسلاخ لأن المالك لم يأذن فيه ولم يأتمن على المال غيره كما لو أراد الوصي أن ينزل وصيا منزلته في حياته يقيمه في كل ما هو منوط به فإنه لا يجوز كما قاله الإمام .
قال السبكي ولو أراد ناظر وقف شرط له النظر إقامة غيره مقامه وإخراج نفسه من ذلك كان كما مر في الوصي .
قال وقد وقعت هذه المسألة في الفتاوى ولم أتردد في أن ذلك ممنوع .
فإن تصرف .
العامل " للثاني " بغير إذن المالك " فتصرف غاصب " تصرفه فيضمن ما تصرف فيه لأن الإذن صدر ممن ليس بمالك ولا وكيل .
فإن اشترى في الذمة .
وسلم ما أخذه من مال القراض فيما اشتراه وربح " وقلنا بالجديد " وهو أن الربح كله للغاصب " فالربح " هنا جميعه " للعامل الأول في الأصح " لأن الشراء صحيح والتسليم فاسد فيضمن الثمن الذي سلمه ويسلم له الربح سواء أعلم بالحال أم لا كما صرح به سليم الرازي .
وقوله " وعليه للثاني أجرته " من زيادته من غير تمييز لأنه لم يعمل مجانا .
فإن قلنا بالقديم وهو أن الربح للمالك إذ لو جعلناه للغاصب لاتخذه الناس ذريعة إلى الغصب فالأصح عليه من خلاف منتشر أن الربح نصفه للمالك ونصفه بين العاملين سواء .
وقيل هو .
أي الربح في المسألة المذكورة " للثاني " من العاملين واختاره السبكي لأنه لم يتصرف بإذن المالك فأشبه الغاصب .
تنبيه : .
هذا الجديد الذي ذكره لم يتقدم له ذكر في الكتاب فلا تحسن الإحالة عليه وقد صرح في المحرر هنا بمسألة الغاصب وذكر القولين فيها ثم فرع على الجديد مسألة الكتاب وهو حسن فأسقط المصنف مسألة الغاصب وهي أصل لما ذكره فاختل .
وإنما أحال عليه في الروضة مع عدم ذكره له هنا لتقدم ذكره له في البيع والغصب ( 2 / 315 ) وسكت المصنف عن التفريع على القديم .
وإن اشترى .
هذا الثاني " بعين مال القراض فباطل " شراؤه على الجديد القائل ببطلان شراء الفضولي وأما القديم المقابل له فقائل بالوقف .
هذا كله إن بقي المال فإن تلف في يد العامل الثاني وعلم بالحال فغاصب فقرار الضمان عليه وإن جهل فعلى العامل الأول .
ويجوز أن يقارض .
في الإبتداء المالك " الواحد اثنين " كزيد وعمرو " متفاضلا ومتساويا " فيما شرط لهما من الربح فيشترط لزيد ثلث الربح ولعمرو سدسه أو يشرط لهما بالسوية بينهما لأن عقد الواحد مع اثنين كعقدين وعند التفاضل لا بد أن يعين مستحق الأكثر كما مثلنا .
هذا إذا أثبت لكل منهما الاستقلال فإن شرط على كل واحد مراجعة الآخر قال الإمام لم يجز قال الرافعي ولم أر أن الأصحاب يساعدونه عليه قال في المهمات والأمر كذلك وقال البلقيني ما قاله الإمام الأصحاب يساعدونه عليه فالوجه القطع به فإن من شرط القراض الاستقلال بالتصرف وهنا ليس كذلك اه .
وهذا هو الظاهر .
و .
يجوز أيضا أن يقارض " الإثنان " عاملا " واحدا " لأن ذلك كعقد واحد ثم إن تساويا فيما شرط فذاك وإن تفاوتا كأن شرط أحدهما النصف والآخر الربع فإن أيهما لم يجز أو عينا جاز إن علم بقدر ما لكل منهما .
و .
يكون " الربح بعد نصيب العامل بينهما " أي المالكين " بحسب المال " فإن كان مال أحدهما ألفين والآخر ألفا وشرط للعامل نصف الربح اقتسما نصفه الآخر بينهما أثلاثا على نسبة ماليهما فإن شرطا غير ما تقتضيه النسبة فسد العقد لما فيه من شرط الربح لمن ليس بمالك ولا عامل .
وإذا فسد القراض نفذ تصرف العامل .
للإذن فيه كما في الوكالة الفاسدة وليس كما لو فسد البيع لا ينفذ تصرف المشتري لأنه إنما يتصرف بالملك ولا ملك في البيع الفاسد .
هذا إذا قارضه المالك بماله أما إذا قارضه بمال غيره بوكالة أو ولاية فلا كما قاله الأذرعي .
والربح .
كله حين الفساد " للمالك " لأنه نماء ملكه وعليه الخسران أيضا .
وعليه للعامل أجرة مثل عمله .
وإن لم يكن ربح لأنه عمل طامعا في المسمى فإذا فات وجب رد عمله عليه وهو متعذر فتجب قيمته وهي الأجرة وقيل لا يستحق أجرة عند عدم الربح وهو القياس لأن القراض الصحيح لا يستحق فيه شيئا عند عدم الربح .
تنبيه : .
ظاهر كلامهم أنه يستحق الأجرة سواء أعلم بالفساد أم لا .
قال السبكي ولعل سببه أنه أذن أن يعمل بعوض فلا يحبط عمله .
إلا إذا قال .
المالك " قارضتك وجميع الربح لي " وقبل العامل " فلا شيء له في الأصح " لأنه عمل مجانا غير طامع في شيء .
والثاني له أجرة المثل كسائر أسباب الفساد وصححه ابن الرفعة .
ويتصرف العامل محتاطا .
في تصرفه كالوكيل وحينئذ يجب عليه أن يحبس المبيع حتى يقبض الثمن الحال .
و " لا " يتصرف " بغبن " فاحش في بيع أو شراء " ولا نسيئة " في ذلك " بلا إذن " من المالك في الغبن والنسيئة لأنه في الغبن يضر بالمالك وفي النسيئة ربما هلك رأس المال فتبقى العهدة متعلقة بالمالك فيتضرر أيضا فإن أذن جاز ويجب الإشهاد في البيع نسيئة " .
ثم شرع في محترز قوله بالجزئية فقال " ولو شرط لأحدهما " مالك أو عامل " عشرة " بفتح العين والشين بالنصب من الربح والباقي للآخر أو بينهما كما صرح به في المحرر " أو " شرط لأحدهما " ربح صنف " من مال القراض أو شرط له النصف ودينارا مثلا أو إلا دينارا " فسد " القراض لانتفاء العلم بالجزئية ولأن الربح قد ينحصر فيما قدره أو في ذلك النصف فيؤدي إلى اختصاص أحدهما بالربح وهو خلاف وضع القراض .
ثم شرع في محترز قوله بالجزئية فقال " ولو شرط لأحدهما " مالك أو عامل " عشرة " بفتح العين والشين بالنصب من الربح والباقي للآخر أو بينهما كما صرح به في المحرر " أو " شرط لأحدهما " ربح صنف " من مال القراض أو شرط له النصف ودينارا مثلا أو إلا دينارا " فسد " القراض لانتفاء العلم بالجزئية ولأن الربح قد ينحصر فيما قدره أو في ذلك النصف فيؤدي إلى اختصاص أحدهما بالربح وهو خلاف وضع القراض .
ثم شرع في محترز قوله بالجزئية فقال " ولو شرط لأحدهما " مالك أو عامل " عشرة " بفتح العين والشين بالنصب من الربح والباقي للآخر أو بينهما كما صرح به في المحرر " أو " شرط لأحدهما " ربح صنف " من مال القراض أو شرط له النصف ودينارا مثلا أو إلا دينارا " فسد " القراض لانتفاء العلم بالجزئية ولأن الربح قد ينحصر فيما قدره أو في ذلك النصف فيؤدي إلى اختصاص أحدهما بالربح وهو خلاف وضع القراض .
ثم شرع في محترز قوله بالجزئية فقال " ولو شرط لأحدهما " مالك أو عامل " عشرة " بفتح العين والشين بالنصب من الربح والباقي للآخر أو بينهما كما صرح به في المحرر " أو " شرط لأحدهما " ربح صنف " من مال القراض أو شرط له النصف ودينارا مثلا أو إلا دينارا " فسد " القراض لانتفاء العلم بالجزئية ولأن الربح قد ينحصر فيما قدره أو في ذلك النصف فيؤدي إلى اختصاص أحدهما بالربح وهو خلاف وضع القراض .
ثم شرع في محترز قوله بالجزئية فقال " ولو شرط لأحدهما " مالك أو عامل " عشرة " بفتح العين والشين بالنصب من الربح والباقي للآخر أو بينهما كما صرح به في المحرر " أو " شرط لأحدهما " ربح صنف " من مال القراض أو شرط له النصف ودينارا مثلا أو إلا دينارا " فسد " القراض لانتفاء العلم بالجزئية ولأن الربح قد ينحصر فيما قدره أو في ذلك النصف فيؤدي إلى اختصاص أحدهما بالربح وهو خلاف وضع القراض .
وقياس ما مر في الوكالة بأداء الدين ونحوه الإكتفاء بشاهد واحد وبمستور قاله الإسنوي فإن ترك الإشهاد ضمن .
قال الأذرعي ويجب أن يكون البيع من ثقة مليء كما مر في بيع المحجور .
وفي الثمن الحال لا يلزمه الإشهاد لعدم جريان العادة به في البيع الحال ويحبس المبيع إلى قبض الثمن كما مر .
فإن سلم المبيع قبل قبض الثمن ضمن إلا أن يأذن له الملك في ذلك فلا يضمن للإذن .
قال الماوردي ولا يجوز عند الإذن بالنسيئة أن يشتري أو يبيع سلما لأن عقد السلم أكثر غررا نعم إن أذن له في الشراء سلما جاز أو في البيع سلما لم يجز بينهما بوجود الحظ غالبا في الشراء دون البيع والأوجه كما قال شيخنا جوازه في صورة البيع أيضا لوجود الرضا من الجانبين .
وليس له أن ( 2 / 316 ) يشتري شيئا بثمن مثله وهو لا يرجو حصول ربح فيه لأن الإذن لا يقتضيه قاله الماوردي ولا يشتري بغير جنس رأس المال .
قال الماوردي ولو شرط على العامل البيع المؤجل دون الحال فسد العقد .
وله البيع بعرض .
لأن الغرض الربح وقد يكون فيه بخلاف الوكيل .
وأما البيع بغير نقد البلد فلا يجوز كما صرح به جمع منهم الروياني و المحاملي وفرق السبكي بأن نقد غير البلد لا يروج فيها فيتعطل الربح بخلاف العرض .
وله شراء المعيب ولو بقيمته معيبا عند المصلحة وليس له ولا للمالك رده بالعيب .
وله .
أي العامل عند الجهل " الرد بعيب تقتضيه " أي الرد " مصلحة " وإن رضي المالك لأن للعامل حقا في المال فلا يمنع منه رضا المالك بخلاف الوكيل لأنه لا حق له في المال .
تنبيه : .
اعترض تعبير المصنف بأن جملة تقتضيه مصلحة لا تصح كونها صفة للرد لأنه معرفة والجملة في معنى النكرة ولا كونها حالا من الرد لأنه مبتدأ ولا يجيء الحال منه عند الجمهور ولا حالا من الضمير العائد على الرد المستتر في الجار والمجرور الواقع خبرا لتقدمه على المبتدأ ولا يتحمل حينئذ ضميرا عند سيبويه .
أجيب إما بجعل لام الرد للجنس فيكون في معنى النكرة فيصح وصفه بجملة تقتضيه فهو كقوله تعالى وآية لهم الليل نسلخ منه النهار وإما بجعل الجملة صفة عيب والتقدير بعيب يقتضي الرد به مصلحة حينئذ فلم توصل النكرة إلا بنكرة .
وإما بصحة مجيء الحال من المبتدأ كما صرح به ابن مالك في كتاب له يسمى سبك المنظوم تبعا لسيبويه .
وإما بجعل الرد فاعلا بالظرف وإن لم يعتمد كما ذهب إليه الأخفش وغيره وإن منعه سيبويه وحينئذ يصح مجيء الحال منه والشارح اقتصر على الجواب الأول .
فإن اقتضت .
المصلحة " الإمساك " للمعيب " فلا " يرده العامل " في الأصح " لإخلاله بمقصود العقد .
والثاني له الرد كالوكيل .
وأجاب الأول بأن الوكيل ليس له شراء المعيب بخلاف العامل إذا رأى فيه ربحا كما مر فلا يرد ما فيه مصلحة بخلاف الوكيل فإن استوى الرد والإمساك كان له الرد قطعا كما قاله في البسيط ويجب على العامل مراعاة المصلحة في الرد والإمساك .
وتعبير المصنف بالمصلحة أولى من تعبير الروضة بالغبطة وهي الزيادة على القيمة زيادة لها بال ولا يشترط ذلك .
وللمالك الرد .
لما اشتراه العامل معيبا حيث جاز للعامل الرد وأولى لأنه مالك الأصل .
فإن اختلفا .
أي المالك والعامل في الرد والإمساك " عمل بالمصلحة " في ذلك لأن كلا منهما له حق .
قال في الاستقصاء ويتولى الحاكم ذلك .
فإن استوى الأمران قال في المطلب يرجع إلى العامل إن جوزنا له شراء المعيب بقيمته أي وهو الأصح كما مر إن رأى فيه مصلحة .
تنبيه : .
حيث ينقلب العقد للوكيل فيما مر في الوكالة ينقلب للعامل هنا .
ولا يعامل .
العامل " المالك " بمال القراض لأنه يؤدي إلى بيع ماله بماله ولا فرق في ذلك بين أن يظهر في المال ربح أو لا فإن عامله بغيره صح .
ولو كان له عاملان كل واحد منهما منفرد بمال فهل لأحدهما الشراء من الآخر فيه وجهان في العدة والبيان أصحهما لا .
ولا يشتري للقراض بأكثر من رأس المال .
وربحه لأن المالك لم يرض بأن يشغل العامل ذمته إلا بذلك فإن فعل لم يقع الزائد لجهة القراض .
فلو كان رأس المال وحده أو مع ربحه مائة فاشترى عبدا بمائة ثم اشترى آخر بعين المائة فالثاني باطل سواء اشترى الأول بالعين أم في الذمة لأنه إن اشتراه بالعين فقط صارت ملكا للبائع بالعقد الأول فإن اشترى في الذمة فقد صارت مستحقة الصرف لعقد الأول وإن اشترى الثاني في الذمة وقع للعامل حيث يقع للوكيل إذا خالف .
ولا .
يشتري " من يعتق على المالك " لكونه أصله أو فرعه أو كان أقر بحريته أو كان أمة مستولدة له وبيعت لكونها مرهونة .
هذا إذا كان " بغير إذنه " في ذلك لأن مقصود العقد تحصيل الربح وهذا خسران كله بخلاف الوكيل في شراء عبد غير معين فإنه يصح أن يشتري بللموكل من لا يعتق عليه ويعتق عن الموكل لقرينة قصد ( 2 / 317 ) الربح هنا .
أما بإذنه فيصح ويعتق على المالك إن لم يكن في المال ربح ويكون الباقي هو رأس المال إن بقي شيء وإلا ارتفع القراض وكذا إن كان فيه ربح ويغرم المالك نصيب العامل من الربح ولو أعتق المالك عبدا من مال القراض كان الحكم فيه كذلك .
تنبيه : .
قوله بغير إذنه قال الأذرعي الظاهر أنه مقصور على الثانية وهو شراء من يعتق عليه ويحتمل عوده إلى التي قبلها أيضا ولم أره نصا اه .
وهذا هو الظاهر .
وسكت المصنف عما لو اشترى العامل من يعتق عليه وحكمه أنه إن اشتراه بالعين صح ولا عتق وإن اشتراه في الذمة للقراض فحيث صححنا الشراء بعين مال القراض أوقعناه عن القراض وحيث لم يصح هناك أوقعناه عن العامل وعتق عليه وظاهر أنه لو اشترى زوجته للقراض صح أيضا وأنه لا ينفسخ نكاحه .
وليس للمالك ولا للعامل أن ينفرد بكتابة عبد القراض كما في الجواهر فإن كاتباه صح والنجوم قراض فإن عتق وثم ربح شارك العامل المالك في الولاء بقدر ماله من الربح .
وكذا زوجه .
من ذكر أو أنثى ولا يشتريه بغير إذنه " في الأصح " للضرر بالمالك بسبب انفساخ نكاحه .
والثاني يجوز إذ قد يكون مربحا وأما الضرر في حقه فمن جهة أخرى بخلاف شراء القريب لفواته بالكلية .
تنبيه : .
قول المصنف C زوجه أولى من قول المحرر زوجته بالتاء قبل الهاء لما مر .
ولو فعل .
العامل ما منع منه من الشراء بأكثر من رأس المال وشراء من يعتق عليه وشراء زوج المالك " لم يقع " ذلك الشراء في الصورة المذكورة " للمالك " لئلا يتضرر بذلك " ويقع " الشراء " للعامل إن اشترى في الذمة " لما سبق في الوكالة .
هذا إن لم يصرح بالسفارة للقراض فإن صرح بها لزمه الثمن من ماله فإن أداه من مال القراض ضمنه وإن اشترى بعين مال القراض لم يصح وكذا إن اشترى في الذمة بشرط أن ينقد الثمن من مال القراض قاله الروياني .
ولا يسافر بالمال .
ولو كان السفر قريبا والطريق آمنا ولا مؤنة في السفر " بلا إذن " من المالك لأن السفر مظنة الخطر .
نعم لو قارضه بمحل لا يصلح للإقامة كالمفازة فالظاهر كما قاله الأذرعي أنه يجوز له السفر به إلى مقصده المعلوم لهما .
ثم ليس له بعد ذلك أن يحدث سفرا إلى غير محل إقامته فإن أذن له جاز بحسب الإذن وإن أطلق الإذن سافر لما جرت به العادة من البلاد المأمونة فإن سافر بغير إذن أو خالف فيما أذن له فيه ضمن ولو عاد من السفر .
ثم إن كان المتاع بالبلد الذي سافر إليه أكثر قيمة أو تساوت القيمتان صح البيع واستحق نصيبه من الربح وإن كان متعديا بالسفر ويضمن الثمن الذي باع به مال القراض في سفره وإن عاد الثمن من السفر لأن سبب الضمان وهو السفر لا يزول بالعود وإن كان أقل قيمة لم يصح البيع إلا أن يكون النقص قدرا يتغابن به .
ولا يسافر في البحر إلا أن نص له عليه فلا يكفي فيه الإذن في السفر لخطره نعم إن عين له بلدا ولا طريق له إلا البحر كساكن الجزائر التي يحيط بها البحر كان له أن يسافر فيه وإن لم ينص له عليه والإذن محمول عليه قاله الأذرعي وغيره .
والمراد بالبحر الملح كما قاله الإسنوي .
قال الأذرعي وهل يلحق به الأنهار العظيمة كالنيل والفرات لم أر فيه نصا اه .
والأحسن أن يقال إن زاد خطرها على خطر البر لم يجز إلا أن ينص له عليه كما قاله ابن شهبة .
و .
لا يتصدق من مال القراض ولو بكسرة لأن العقد لم يتناوله .
ولا ينفق منه على نفسه حضرا .
جزما " وكذا سفرا في الأظهر " كما في الحضر لأن له نصيبا من الربح فلا يستحق شيئا آخر ولأن النفقة قد تكون قدر الربح فيؤدي إلى انفراده به وقد تكون أكثر فيؤدي إلى أن يأخذ جزءا من رأس المال وهو ينافي مقتضاه فلو شرط له النفقة في العقد فسد .
والثاني ينفق منه بالمعروف ما يزيد بسبب السفر كالإداوة والخف والسفرة والكراء لأنه حبسه عن الكسب والسفر لأجل القراض فأشبه حبس الزوجة بخلاف الحضر ويحسب هذا من الربح فإن لم يكن فهو خسران لحق المال وما يأخذه الرصدي والخفير يحسب من مال القراض وكذا المأخوذ ظلما كأخذ المكسة كما قاله الماوردي .
وعليه .
أي العامل " فعل ما يعتاد " فعله من أمثال من عمال القراض بحسب العرف " كطي الثوب " ونشره وسبقا في قول ( 2 / 318 ) المتن ووظيفة العامل التجارة إلخ .
و .
عليه أيضا ذرع الثوب وإدراجه في الصندوق و " وزن الخفيف كذهب " وفضة " ومسك " لاقتضاء العرف ذلك " لا الأمتعة الثقيلة " فليس عليه وزنها " و " لا " نحوه " بالرفع بخطه أي ليس عليه نحو وزنها كحملها ونقلها من الخان مثلا للسوق وعكسه لجريان العرف بالاستئجار لذلك .
وما لا يلزمه .
كأجرة كيل وحفظ " له الاستئجار عليه " من مال القراض لأنه من تتمة التجارة ومصالحها ولو فعله بنفسه لم يستحق أجرة .
وما يلزمه فعله لو اكترى عليه من فعله فالأجرة في ماله لا في مال القراض فلو شرط على المالك الاستئجار عليه من مال القراض حكى الماوردي فيه وجهين والظاهر منهما عدم الصحة .
والأظهر .
عند الأكثرين كما في المحرر " أن العامل يملك حصته من الربح " الحاصل بعمله " بالقسمة " للمال " لا بالظهور " للربح إذ لو ملك به لكان شريكا في المال حتى لو هلك منه شيء هلك من المالين وليس كذلك بل الربح وقاية لرأس المال .
والثاني يملك بالظهور قياسا على المساقاة .
وفرق الأول بأن الربح وقاية لرأس المال بخلاف نصيب العامل من الثمار لا يجبر به نقص النخل وعلى الأول له فيه قبل القسمة حق مؤكد يورث عنه ويقدم به على الغرماء لتعلقه بالعين ويصح إعراضه عنه ويغرمه له المالك بإتلافه المال أو استرداده .
تنبيه : .
لا يستقر ملك العامل بالقسمة بل إنما يستقر بتنضيض رأس المال وفسخ العقد لبقاء العقد قبل الفسخ مع عدم تنضيض المال حتى لو حصل بعد القسمة نقص جبر بالربح المقسوم أو تنضيض المال والفسخ بلا قسمة المال لارتفاع العقد والوثوق بحصول رأس المال أو تنضيض رأس المال فقط واقتسام الباقي مع أخذ المالك رأس المال .
وكالأخذ الفسخ كما عبر به ابن المقري .
وثمار الشجر والنتاج .
لأمة أو بهيمة " وكسب الرقيق " من صيد واحتطاب وقبول وصية وهبة " والمهر " وأجرة الأراضي والدواب " الحاصلة " كل منهما " من مال القراض " المشترى به شجر ورقيق وأرض وحيوان للتجارة إذا حصل في مدة التربص لبيع كل من الأمور المذكورة " يفوز بها المالك " في الأصح لأنها ليست من فوائد التجارة .
أما لو اشترى حيوانا حاملا فيظهر كما قال الإسنوي تخريجه على نظيره من الفلس والرد بالعيب وغيرهما .
وقيل مال قراض .
لأن حصول هذه الفوائد بسبب شراء العامل الأصل .
تنبيه : .
إطلاقه المهر أحسن من تقييد الروضة بوطء الشبهة إذ التقييد به ليس مرادا كما قاله الأذرعي بل يجري في الوطء بالزنا مكرهة أو مطاوعة وهي ممن لا يعتبر مطاوعتها أو بالنكاح .
ويحرم على كل من المالك والعامل وطء جارية القراض سواء أكان في المال ربح أم لا إذ لا يتحقق انتفاء الربح في المتقومات إلا بالتنضيض .
فإن قيل هذه العلة تنافي ما سيأتي من أن العامل لو وطىء ولا ربح أنه يحد إن كان عالما فإنها تقتضي عدم الحد .
أجيب بأن المقتضي لعدم الحد عند ظهور الربح إنما هو شبهة الملك وهي منتفية لانتفاء ظهور الربح ويحرم على كل منهما تزويجها لأنه ينقصها فيضر بالآخر وليس وطء المالك فسخا للقراض ولا موجبا مهرا ولا حدا واستيلاده كإعتاقه فينفذ ويغرم للعامل حصته من الربح فإن وطئها العامل عالما بالتحريم ولا ربح حد لعدم الشبهة وإلا فلا حد للشبهة ويثبت عليه المهر ويجعل في مال القراض كما قاله الشيخان .
فإن قيل هذا إنما يأتي على طريقة الإمام لا على طريقة الجمهور من أن مهر الإمام يختص به المالك كما مر .
أجيب بأن وطء العامل كالتصرف في مال القراض فالمهر كالربح بخلاف وطء الأجنبي .
والنقص الحاصل .
في مال القراض " بالرخص " أو العيب أو المرض الحادثين " محسوب من الربح ما أمكن " الحساب منه " ومجبور " ذلك النقص " به " أي الربح لاقتضاء العرف ذلك ( 2 / 319 ) .
تنبيه : .
لو حذف المصنف قوله بالرخص لكان أولى ليشمل ما قدرته .
وكذا لو تلف بعضه .
أي مال القراض " بآفة " سماوية كحرق وغرق " أو غصب أو سرقة " وتعذر أخذه أو أخذ بدله " بعد تصرف العامل " فيه بالبيع أو الشراء محسوب من الربح " في الأصح " قياسا على ما مر .
والثاني لا لأنه نقص لا تعلق له بتصرف العامل وتجارته بخلاف الحاصل بالرخص وليس ناشئا من نفس المال بخلاف المرض والعيب .
وإن تلف .
بما ذكر " قبل تصرفه " فيه ببيع أو شراء " فمن " أي فيحسب ما تلف من " رأس المال " لا من الربح " في الأصح " لأن العقد لم يتأكد بالعمل .
والثاني من الربح لأنه بقبض العامل صار مال قراض .
تنبيه : .
احترز بقوله لو تلف بعضه عن تلف كله فإن القراض يرتفع سواء أتلف بآفة سماوية أم بإتلاف المالك أم العامل أم أجنبي لكن يستقر نصيب العامل من الربح في الثانية كما مر ويبقى القراض في البدل إن أخذه في الرابعة والخصم في البدل المالك إن لم يكن في المال ربح والمالك والعامل إن كان فيه ربح .
وبحث الشيخان في الثالثة بعد نقلهما فيها ما ذكر عن الإمام أن العامل كالأجنبي وبه صرح المتولي واختاره السبكي لكن القاضي قال بما قال به الإمام وهو المعتمد والفرق بينه وبين الأجنبي أن له الفسخ فجعل إتلافه فسخا كالمالك بخلاف الأجنبي .
فإن قيل هذا منقوض بأن للمشتري في زمن الخيار فسخ البيع ومع ذلك ليس إتلافه فسخا .
أجيب بأن وضع البيع على اللزوم فلم يكن إتلاف المبيع فسخا بخلاف القراض .
ولو قتل عبد القراض وقدره في المال ربح فالقصاص مشترك بينهما فليس لأحدهما الإنفراد به فإن عفا العامل عن القصاص سقط ووجبت القيمة كما لو عفا المالك .
أجيب بأنه وإن لم يملكه به ثبت له به في المال حق مؤكد كما مر والقصاص مبني على الدرء كما سيأتي فإن لم يكن في المال ربح فللمالك القصاص والعفو مجانا وإن تلف مال قراض اشترى بعينه شيئا قبل تسليمه انفسخ البيع والقراض أو في الذمة وتلف قبل الشراء انقلب الشراء للعامل فيرتفع القراض وإن تلف بعد الشراء وقع للمالك فلو كان المال مائة وتلف لزمه مائة أخرى