وغيره " تضمن نفس الرقيق " المغصوب " بقيمته " بالغة ما بلغت ولو زادت على دية الحر كسائر الأموال " أتلف " بجناية " أو أتلف تحت يد عادية " بتخفيف الياء تأنيث عاد بمعنى متعد لأنه مال متقوم فوجبت قيمته كسائر الأموال المتقومة .
تنبيه : .
لو قال تحت يد ضامنة بدل عادية لكان أولى ليشمل المستام والمستعير وغيرهما ويخرج الحربي وعبد المالك وقد يقال إنه لما كان الباب معقودا للتعدي اختار التعبير بالعادية .
و .
تضمن " أبعاضه التي لا يتقدر أرشها من الحر " كالبكارة وجرح البدن والهزال " بما نقص من قيمته " بالإجماع تلف أو أتلف كما في سائر الحيوانات ( 2 / 281 ) .
تنبيه : .
استثنى المتولي ما إذا كانت الجناية فيما يتقدر كاليد وكان الناقص أكثر من مقدره أو مثله فلا توجب جميعه لأنه يؤدي إلى أن يزيد على موجب الجناية أو يساويه بإدخال خلل في العضو على نفس العضو .
لكن الحاكم يوجب فيه حكومة باجتهاده قال البلقيني وهذا تفصيل لا بد منه وإطلاق من أطلق محمول عليه اه .
وهذا كما قال شيخنا إنما يأتي في غير الغاصب أما فيه فيضمن بالنقص مطلقا والكلام إنما هو فيه .
وكذا .
تضمن الأبعاض " المقدرة " كاليد والرجل بما نقص من قيمته " إن تلفت " بآفة سماوية لأن الساقط من غير جناية لا يتعلق به قصاص ولا كفارة ولا يضرب على العاقلة فأشبه الأموال .
تنبيه : .
أفهم قوله بما نقص من قيمته أنه لو لم تنقص القيمة كما لو سقط ذكره وأنثياه كما هو الغالب من عدم تنقيص القيمة لم يلزمه شيء قطعا وهو كذلك .
وإن أتلفت .
بجناية " فكذا " تضمن بما نقص من قيمته " في القديم " قياسا على البهيمة لأنه حيوان مملوك .
وعلى الجديد تتقدر من الرقيق .
لأنه يشبه الحر في كثير من الأحكام " والقيمة فيه كالدية في الحر ففي يده " ولو مكاتبا أو مدبرا أو أم ولد " نصف قيمته " هذا إذا كان الجاني غير الغاصب وإن كان في يد الغاصب كما قاله شيخنا في شرح الروض كما يضمن يد الحر بنصف دية وسيأتي بسط ذلك في آخر الديات إن شاء الله تعالى فإن المصنف أعادها هناك .
أما الغاصب ذو اليد العادية فيلزمه أكثر الأمرين من أرشه ونصف قيمته لاجتماع الشبهين فلو كان الناقص بقطعها ثلثي قيمته لزماه النصف بالقطع والسدس باليد العادية نعم إن قطعها المالك ضمن الغاصب الزائد على النصف فقط نقله الأذرعي عن الروياني .
وقياسه أنه لو قطعها أجنبي أنه يستقر عليه الزائد على النصف ولو قطع الغاصب منه أصبعا زائدة وبرىء ولم تنقص قيمته قال ابن سريج لا شيء عليه وقال أبو إسحاق يلزمه ما نقص ويقوم قبل البرء والدم سائل للضرورة اه .
وهذا أوجه .
ولو قطعت يده قصاصا أو حدا فكالآفة كما صححه البلقيني والمبعض يعتبر بما فيه من الرق كما ذكره الماوردي ففي قطع يده مع ربع الدية أكثر الأمرين من ربع القيمة ونصف الأرش .
تنبيه : .
قد علم من كلام المصنف أن في يدي الرقيق قيمته واستثنى منها مسألة وهي ما إذا اشترى عبدا ثم قطع يديه في يد البائع فلا يجعل قابضا للعبد ويجب ما نقص من قيمته فإنا لو أوجبنا القيمة لزم أن يكون المشتري قابضا للعبد والعبد المقطوع في يد البائع حكاه الإمام عن ابن سريج وقال إنه من محاسن تفريعاته اه .
وفي هذا نظر بل يأخذه المشتري بالثمن ولا أرش له لحصول ذلك بفعله .
و .
يضمن " سائر " أي باقي " الحيوان " غير الآدمي " بالقيمة " تلف أو أتلف وتضمن أجزاؤه تلفت أو أتلفت بما نقص من قيمته لأنه مملوك لا يشبه الحر في أكثر أحكامه فأوجبنا فيه ما نقص قياسا على الجهاد .
ولو جنى على بهيمة حامل فألقت جنينا حيا ثم مات من ألم الجناية فهل تجب قيمته حيا أو أكثر الأمرين من قيمته ونقص الأم بالولادة قولان في النهاية أوجههما كما قال شيخي الثاني .
تنبيه : .
ما قررت به كلام المصنف من أن ذلك شامل للحيوان ولأجزائه تبعا لابن النقيب أولى من اقتصار الإسنوي على أجزائه .
هذا كله في غير الغاصب أما هو فيضمن ما ذكر بأقصى قيمه من حين الغصب إلى حين التلف .
ويستثنى من إطلاق المصنف قتل الصيد في الحرم فيضمن بمثله من النعم لأجل النص فيه .
وغيره .
أي الحيوان من الأموال قسمان " مثلي ومتقوم " بكسر الواو وقيل بفتحها لأن المال إن كان له مثل فهو المثلي وإلا فالمتقوم .
والأصح أن المثلي ما حصره كيل أو وزن وجاز السلم فيه .
فخرج بقيد الكيل والوزن ما يعد كالحيوان أو يذرع كالثياب وبجواز السلم فيه الغالية والمعجون ونحوهما لأن المانع من ثبوت ذلك في الذمة بعقد السلم مانع من ثبوته بالتلف والإتلاف ( 2 / 282 ) وشمل التعريف الرديء نوعا أما الرديء عيبا فليس بمثلي لأنه لا يجوز السلم فيه .
فإن قيل يرد على هذا الحد القمح المختلط بالشعير فإنه لا يجوز السلم فيه مع أن الواجب فيه المثل فيخرج القدر المحقق منهما .
أجيب بأن إيجاب رد مثله لا يستلزم كونه مثليا كما في إيجاب رد مثل المتقوم في القرض وبأن امتناع السلم في جملته لا يوجب امتناعه في جزأيه الباقيين بحالهما ورد المثل إنما هو بالنظر إليهما والسلم فيهما جائز .
قال الزركشي وقد يمنع رد مثله لأنه بالاختلاط انتقل من المثلي إلى المتقوم للجهل بالقدر لكن أورد عليه خل التمر فإنه متقوم ويحصره الكيل أو الوزن ويجوز السلم فيه .
ثم شرع في أمثلة يتضح بها الضابط فقال " كماء " قال في المطلب بارد إذ الحار متقوم لدخول النار فيه .
قال الأذرعي وهذا يطرق غيره من المائعات وعلى هذا فهو خارج بقولهم وجاز السلم فيه لكن في الكفاية في باب الربا عن الإمام أنه يجوز بيع الماء المسخن بعضه ببعض اه .
وهذا هو المعتمد .
وتراب .
ورمل " ونحاس " بضم النون بخطه وحكي كسرها وحديد " وتبر " وهو الذهب الخارج من المعدن الخالص عن ترابه قبل أن يصاغ وبعضهم أطلقه على الفضة أيضا وأطلقه الكسائي على الحديد والنحاس .
ومسك .
وعنبر " وكافور " وثلج وجمد " وقطن " ولو بحبه كما صرح به الرافعي في السلم .
قال الإسنوي ولم يستحضر في المطلب ما قاله الرافعي هناك فقال أما قبل نزع حبه فالذي يظهر القطع بأنه متقوم وأما الصوف فقال الشافعي يضمن بالمثل إن كان له مثل .
قيل وهذا توقف منه في أنه مثلي أم لا ومع هذا فهو كالقطن .
وعنب .
ورطب وسائر الفواكه الرطبة على الأصح في الشرح والروضة وهذا هو المعتمد وإن صححا فيهما في باب زكاة المعشرات عن الأكثرين أن الرطب والعنب غير مثليين وتقدم الكلام عليهما هناك .
ودقيق .
ونخالة كما في فتاوى ابن الصلاح وكذا الحبوب الجافة والأدهان والألبان والخلول التي ليس فيها ماء والسمن والمخيض والدراهم والدنانير الخالصة والمغشوشة والمكسرة والسبيكة " لا غالية ومعجون " لأنهما مختلطان من أجزاء مختلفة فهما مما خرج بقيد جواز السلم .
فيضمن المثلي بمثله .
لأنه أقرب إلى حقه ولأن المثل كالنص لأنه محسوس والقيمة كالاجتهاد .
تلف أو أتلف .
زاد في المحرر تحت اليد العادية لقوله لها في أول الفصل فحذفها المصنف فورد عليه المستعير والمستام فإنهما يضمنان المثلي بالقيمة كما تقدم التنبيه : عليه في المستعير فكان الأحسن ذكره هنا وحذفه هناك لكن لما كان كلامه في الغصب استغنى عن ذلك " .
ولو قال الغاصب للمالك أعتقه عني أو أعتقه عنك فأعتقه ولو جاهلا بأنه له عتق وبرىء الغاصب كما رجحه ابن المقري وصرح به السبكي ويقع العتق عن المالك لا عن الغاصب على الصحيح في أصل الروضة .
ولو قال الغاصب للمالك أعتقه عني أو أعتقه عنك فأعتقه ولو جاهلا بأنه له عتق وبرىء الغاصب كما رجحه ابن المقري وصرح به السبكي ويقع العتق عن المالك لا عن الغاصب على الصحيح في أصل الروضة .
ولو قال الغاصب للمالك أعتقه عني أو أعتقه عنك فأعتقه ولو جاهلا بأنه له عتق وبرىء الغاصب كما رجحه ابن المقري وصرح به السبكي ويقع العتق عن المالك لا عن الغاصب على الصحيح في أصل الروضة .
ولو قال الغاصب للمالك أعتقه عني أو أعتقه عنك فأعتقه ولو جاهلا بأنه له عتق وبرىء الغاصب كما رجحه ابن المقري وصرح به السبكي ويقع العتق عن المالك لا عن الغاصب على الصحيح في أصل الروضة .
ولو قال الغاصب للمالك أعتقه عني أو أعتقه عنك فأعتقه ولو جاهلا بأنه له عتق وبرىء الغاصب كما رجحه ابن المقري وصرح به السبكي ويقع العتق عن المالك لا عن الغاصب على الصحيح في أصل الروضة .
تنبيه : .
استثني من ذلك مسائل إحداها إذا خرج المثلي عن أن يكون له قيمة كمن غصب جمدا في الصيف أو ماء في مفازة وتلف أو أتلفه هناك بلا غصب ثم اجتمع المالك والغاصب أو المتلف في الشتاء في الأولى أو على ماء نهر في الثانية لزمه قيمة المثل في الصيف في الأولى وفي مثل تلك المفازة في الثانية ثم إذا اجتمعا في الصيف أو في مثل تلك المفازة فلا تراد .
ثانيها لو غصب مثليا له مؤنة كأن نقل المالك برا من مصر إلى مكة ثم غصبه شخص هناك ثم طالبه مالكه به في مصر فإنه يلزمه قيمته بمكة كما أفتى به شيخي لأجل المؤنة .
ثالثها لو صار المثلي متقوما كجعله الدقيق خبزا أو صار المتقوم مثليا كجعله الشاة لحما أو صار المثلي مثليا آخر كجعله السمسم شيرجا ثم تلف عنده أخذ المالك المثل في الثلاثة مخيرا في الثالث منها بين المثلين إلا أن يكون الآخر أكثر قيمة فيؤخذ هو في الثالث وقيمته في الأولين وهذا محل الاستثناء أما لو صار المتقوم متقوما آخر كحلي صبغ من إناء غير ذهب ولا فضة فيجب فيه أقصى القيم كما يعلم مما يأتي في غير المثلي .
رابعها لو تراضيا على أخذ القيمة مع وجود المثل جاز في أحد وجهين قطع به المتولي وهو المعتمد كما رجحه ابن المقري فعلى هذا لا يتعين ضمان المثلي بالمثل إلا إذا لم يرض مالكه بأخذ القيمة .
خامسها لو غصب مثليا وتلف ثم ظفر بالغاصب في غير بلد التلف على ما سيأتي .
سادسها إذا وجده بأكثر من ثمن مثله لأن وجوده بأكثر من ثمن مثله كالمعدوم ولو غصب حليا من ذهب وزنه عشرة دنانير مثلا وقيمته عشرون دينارا أو تلف ضمن التبر بمثله لأنه مثلي كما مر والصنعة بقيمتها لأنها متقومة من نقد البلد وإن كان من جنس الحلي ولا ربا لاختصاصه بالعقود وهذا ما نقله في أصل الروضة عن البغوي ( 2 / 283 ) وجرى عليه ابن المقري ويوافقه ما سيأتي في الدعوى .
ونقل في أصل الروضة أيضا عن الجمهور أنه يضمن الجميع بنقد البلد والأول أوجه .
فإن كانت الصنعة محرمة كالإناء من أحد النقدين ضمنه بمثله وزنا كالسبيكة وغيرها مما لا صنعة فيه كالتبر .
سابعها إذا تعذر المثل كما قال " فإن تعذر " المثل بأن لم يوجد بمحل الغصب ولا حوله فيما دون مسافة القصر كما في السلم أو منعه من الوصول إليه مانع " فالقيمة " لأنه لما تعذر المثل أشبه ما لا مثل له بالكلية .
ولو وجد المثل بعد أخذ القيمة فليس لأحدهما ردها وطلبه في الأصح كما اقتضاه كلام الشرح والروضة وإن مال السبكي إلى مقابله وللمغصوب منه أن يصير حتى يوجد المثل ولا يكلف أخذ القيمة لأنها لم تتعين بخلاف غيرها من الديون إذا دفعها وهي في ذمته وامتنع صاحب الحق من قبضها حيث يجبر .
والأصح أن المعتبر أقصى قيمه .
بفتح الياء وكسر الميم جمع قيمة بسكون الياء .
من وقت الغصب إلى تعذر المثل .
أي إذا كان المثل موجودا عند التلف فلم يسلمه حتى فقده كما صرح به في المحرر والمراد أقصى قيم المثل .
كما صححه السبكي كما هو ظاهر كلام الأصحاب خلافا لبعض المتأخرين القائل بأن المراد المغصوب لأن المغصوب بعد تلفه لا تعتبر الزيادة الحاصلة فيه بعد التلف لأن وجود المثل كبقاء عين المغصوب لأنه كان مأمورا برده كما كان مأمورا برد المغصوب فإذا لم يفعل غرم أقصى قيمه أما إذا كان المثل مفقودا عند التلف فالأصح وجود الأكثر من الغصب إلى التلف كما قاله الشيخان .
ومقابل الأصح أحد عشر وجها قيل قيمة يوم المطالبة وقيل يوم التلف وقيل يوم فقد المثل .
ولو نقل المغصوب المثلي إلى بلد آخر فللمالك أن يكلفه رده .
إلى بلده إذا علم مكانه ليرده كما أخذه .
و .
له " أن يطالبه " مع ذلك كما نبه عليه الإسنوي " بالقيمة في الحال " أي قبل الرد للحيلولة بينه وبين ملكه إن كان بمسافة بعيدة وإلا فلا يطالب إلا بالرد قاله الماوردي .
وهذا كما قال الأذرعي فيما إذا لم يخف هرب الغاصب أو تواريه وإلا فالوجه عدم الفرق بين المسافتين .
فإن قيل في عبارة المصنف تكرار فإن هذا داخل في قوله وعلى الغاصب الرد فإن هذه بعض تلك فإن تلك أعم من المثلي ومن المتقوم المستقر في بلد الغاصب والمنقول عنه بنقل الغاصب أو بغيره .
أجيب بأنه إنما ذكره هنا لأنه لو اقتصر على أن له المطالبة بالقيمة في الحال لتوهم أنه ليس له سوى ذلك مع أن له الجمع بينهما كما تقرر وإنما لم يغرم المثل في المثلي كما قال الإسنوي إنه القياس لأنه لا بد من التراد فقد يرتفع السعر وينخفض فيلزم الضرر والقيمة شيء واحد وهذه القيمة يملكها الآخذ على الأصح وإلا لما سدت مسد المغصوب وهو كملك القرض كما صرح به القاضي حسين والإمام لأنه ينتفع به على حكم رده أو بدله عند رد العين وليس لنا موضع يجتمع فيه ملك البدل والمبدل على المذهب إلا هذه .
والقيمة الواجبة أقصى القيم من الغصب إلى الطلب فقول المصنف في الحال متعلق بقوله يطالبه لا بالقيمة .
وينبغي كما قال الإسنوي إذا زادت القيمة بعد هذا أن يطالب لأنه باق على ملكه .
تنبيه : .
قول المصنف إلى بلد آخر يفهم أن النقل إلى دار أخرى بالبلد لا يسلط على طلب القيمة وهو ظاهر إذا أمكنه إحضاره في الحال وإلا كان له ذلك كما قاله الأذرعي .
فإذا رده .
أي المغصوب " ردها " أي القيمة إن كانت باقية وإلا فبدلها لزوال الحيلولة .
ويجب على الغاصب رد المغصوب إذا عاد بعد أخذ القيمة واسترجاع القيمة جزما بخلاف ما لو غرم القيمة لإعزاز المثل ثم وجد المثل فإنه لا يرد على الأصح .
والفرق أن المغصوب عين حقه والمثل بدل حقه ولا يلزم من تمكينه من الرجوع إلى عين حقه تمكينه من الرجوع إلى بدل حقه فإن اتفقا على ترك التراد فلا بد من بيع بشروطه .
ويجب على الغاصب أجرة المغصوب إلى وصوله للمالك ولو أعطى القيمة للحيلولة وكذا حكم ضمان زوائده وأرش جنايته وليس للمغصوب منه إمساك الدراهم المبدولة إذا كانت باقية وغرامة مثلها كما في زوائد الروضة لما مر أنها كالقراض فيردها بزوائدها المتصلة دون المنفصلة ويتصور زيادتها بأن يدفع عنها حيوانا فينتج أو شجرة فتثمر كما قاله العمراني أو بأن يكون ببلد يتعامل أهله بالحيوان كما قاله بعضهم ( 2 / 284 ) .
تنبيه : .
قضية كلام المصنف أنه لا يسترد القيمة إلا إذا رد العين واستثنى من ذلك ما لو أخذ السيد قيمة أم الولد للحيلولة ثم مات السيد قبل ردها فإن الغاصب يسترد القيمة كما قاله في المطلب ويلتحق بذلك ما لو أعتقها أو أعتق العبد المغصوب .
ويفهم من قول المصنف فإذا رده ردها أنه ليس للغاصب حبس المغصوب لاسترداد القيمة وهو كذلك وإن حكى القاضي حسين عن النص أن له ذلك .
فإن تلف .
المغصوب المثلي " في البلد المنقول إليه طالبه بالمثل " حيث ظفر به " في أي البلدين " شاء لأنه كان له مطالبته برد العين فيهما .
ويؤخذ من ذلك كما قال الإسنوي أن له المطالبة في أي موضع أراد من المواضع التي وصل إليها في طريقه بين البلدين .
تنبيه : .
قول المصنف في البلد المنقول إليه ليس بقيد فإنه لو أعاده الغاصب إلى بلد الغصب فتلف فيه لم يسقط التخيير .
فإن فقد المثل .
حسا بأن لم يوجد أو شرعا بأن منع من الوصول إليه مانع أو وجد بزيادة على ثمن مثله " غرمه " المالك " قيمة أكثر البلدين قيمة " لأنه كان يجوز له المطالبة بالمثل فيهما بل يطالبه بأكثر قيم البقاع التي وصل إليها المغصوب كما صرح به الروياني لما ذكر .
ولو ظفر .
المالك " بالغاصب " للمثلي أو المتلف بغير غصب بأن وجده " في غير بلد التلف " والمثل موجود " فالصحيح أنه إن كان لا مؤنة لنقله كالنقد " اليسير " فله مطالبته بالمثل " إذ لا ضرر على واحد منهما في ذلك " وإلا " بأن كان لنقله مؤنة " فلا مطالبة " له " بالمثل " ولا للغاصب أو المتلف أيضا تكليفه قبوله لما فيه من المؤنة والضرر .
بل يغرمه قيمة بلد التلف .
لأن تعذر الرجوع إلى المثل كالانقطاع .
والثاني له المطالبة بالمثل مطلقا كما لو أتلف مثليا في وقت الرخص له طلبه في وقت الغلاء .
والثالث إن كانت قيمة ذلك البلد مثل قيمة بلد التالف أو أقل طالبه بالمثل وإلا فلا ونقله الإسنوي عن جمع كثير .
تنبيه : .
اقتصار المصنف على قيمة بلد التلف محله إذا لم ينقل المغصوب عن موضعه فإن نقل فقد مر أنه يجب أكثر البقاع قيمة .
ولو تراضيا على المثل قال في أصل الروضة لم يكن له تكليفه مؤنة النقل .
ولو أخذ المثل على أن يغرم له مؤنة النقل لم يجز كما قاله البغوي .
ولو ظفر بالمتلف الذي ليس بغاصب في غير مكان التلف فحكمه حكم الغاصب فيما ذكره المصنف .
ثم لما فرغ من ذكر المثلي شرع في ذكر المتقوم فقال " وأما " المغصوب " المتقوم فيضمن بأقصى قيمه من " وقت " الغصب إلى " وقت " التلف " لأنه في حال زيادة القيمة غاصب مطالب بالرد فإذا لم يرد ضمن بدله بخلاف ما لو رده بعد الرخص فإنه لا يضمن شيئا لأنه مع بقاء العين يمكن توقع الزيادة في المستقبل فلم تغير بالكلية .
ولا فرق في اختلاف القيمة بين تغير السعر أو تغير المغصوب في نفسه ولا عبرة بالزيادة بعد التلف وإنما تجب القيمة من نقد بلد التلف كذا قالاه وهو محمول كما قال الإسنوي على ما إذا لم ينقله إلا فيتجه كما في الكفاية اعتبار البلد الذي تعتبر القيمة فيه وهو أكثر البلدين قيمة كما مر في المثلي وفي البحر عن والده ما يقاربه .
تنبيه : .
يستثنى من ضمان المتقوم بالقيمة ما لو تلف المال الزكوي في يده بعد الحول بلا عذر فإنه يضمنه بالمثل الصوري وإن قلنا الزكاة تتعلق بالعين تعلق شركة لأنه لو فعل ذلك مع بقاء المال لأجزأه فتعين عند عدمه حكاه في الكفاية في قسم الصدقات عن الأصحاب .
والعبرة بالنقد الغالب فإن غلب نقدان وتساويا عين القاضي واحدا كما قاله الرافعي في كتاب البيع .
وفي الإتلاف .
للمتقوم " بلا غصب " يضمن " بقيمة يوم التلف " لأنه لم يدخل في ضمانه قبل ذلك وما بعده فلا وجود له .
وتعتبر القيمة في موضع الإتلاف إلا إذا كان لا يصلح كالمفازة فيعتبر بأقرب البلاد كما في الكافي .
فإن .
نقص كأن " جنى " على متقوم بيد مالكه أو من يخلفه في اليد وقيمته مائة " وتلف " بعد ( 2 / 285 ) ذلك " بسراية " وقيمته خمسون " فالواجب الأقصى أيضا " وهو المائة لأنا إذا اعتبرنا الأقصى في اليد العادية فلأن يعتبر في نفس الإتلاف أولى .
ولا تضمن الخمر .
سواء أكانت لمسلم أم لغيره محترمة أم لا إذ لا قيمة لها كالدم والميتة وسائر الأعيان النجسة .
والنبيذ كالخمر مع أن اسمها لا يتناوله عند الأكثرين ولكن لا يريقه إلا بأمر حاكم مجتهد يرى ذلك كما قاله الماوردي لئلا يتوجه عليه الغرم فإنه عند أبي حنيفة مال والحاكم المقلد الذي يرى إراقته كالمجتهد في ذلك .
قال الأذرعي وكأن الكلام مفروض فيما إذا كان المتجاهر به مستحله مذهبا أو تقليدا أما إذا كان ممن يرى تحريمه فالظاهر أنه في حقه كالخمر المجمع عليها وهل العامي الذي لا يتبع مذهبا كهذا أو يصرف لمستبيح فيه احتمال اه .
واعترض بأن توقي الغرم عند من يراه لا فرق فيه بين من يعتقد تحريمه وغيره فلا وجه لما قاله .
وذكر المصنف في الدقائق أن الحشيشة مسكرة وعلى هذا فيتجه كما قال الإسنوي إلحاقها بالخمر .
ولا ضمان في المتنجس من المائع في أحد وجهين يظهر ترجيحه لعدم صحة بيعه وأما إناء الخمر ونحوه فيجوز كسره إذا لم يقدر على الإراقة إلا به أو كان الإناء ضيق الرأس أو لو اشتغل بإراقته أدركه الفساق ومنعوه أو كان يضيع زمانه ويتعطل شغله ذكره الغزالي .
وللولاة كسر آنية الخمر والنبيذ زجرا وتأديبا دون الآحاد وقد فعل ذلك في زمنه A .
قال الإسنوي وهو من النفائس المهمة .
ولا تراق .
الخمر ونحوها " على ذمي " لأنهم يقرون على الانتفاع بها كما قاله في الكفاية .
إلا أن يظهر شربها أو بيعها .
أو غيرهما كهبتها ولو من مثله فتراق عليه لأن في إظهار ذلك استهانة بالإسلام كإظهارهم كفرهم والإظهار هو الاضطلاع عليه من غير تجسس والخنزير كالخمر في ذلك .
هذا إذا كانوا بين أظهرنا فإن انفردوا بقرية مثلا فلا يعترض عليهم إذا تظاهروا بالخمر ونحوها كما سيأتي بسط ذلك إن شاء الله تعالى في كتاب الجزية .
وترد عليه .
إذا لم يظهرها وجوبا " إن بقيت العين " لما سبق من تقريرهم عليها والمؤنة على الآخذ في الأصح في الشرح والروضة في باب الجزية فهو مستثنى من قاعدة من لا يضمن العين لا يضمن ردها .
قال في الأم ومن تعرض لهم زجر فإن عاد أدب .
وكذا .
ترد الخمرة " المحترمة " إن بقيت وما ألحق بها " إذا غصبت من مسلم " عليه لأن له إمساكها لتصير خلا .
أما غير المحترمة فلا ترد عليه بل تراق .
والمحترمة كما قال الرافعي هنا هي التي عصرت من غير قصد الخمرية وهو أولى من قوله في الرهن هي التي عصرت بقصد الخلية فالتي عصرت بغير قصد شيء محترمة على الأول دون الثاني .
ومن أظهر خمرا وزعم أنها خمر خل قال الإمام لم يقبل منه قال الأذرعي إلا أن يكون معلوم الورع مشهور التقوى وإلا لاتخذ الفساق ذلك ذريعة إلى اقتناء الخمر بإظهارها وأنهم عصروها للخلية اه .
وهو تفصيل حسن وهو مأخوذ من قول الإمام .
ولو اطلعنا على خمر ومعها مخايل تشهد بأنها خمر خل فالمذهب أنا لا نتعرض لها .
والأصنام .
والصلبان " وآلات الملاهي " كالطنبور " لا يجب في إبطالها شيء " لأن منفعتها محرمة لا تقابل بشيء .
وقضية التعليل كما قال الإسنوي أن ما جاز من آلات اللهو كالدف يجب الأرش على كاسره .
وفي أواني الذهب والفضة خلاف مبني على حل الاتخاذ .
والأصح أنها لا تكسر الكسر الفاحش .
لإمكان إزالة الهيئة المحرمة مع بقاء بعض المالية .
نعم للإمام ذلك زجرا وتأديبا على ما قاله الغزالي في إناء الخمر بل أولى .
بل تفصل لتعود كما قبل التأليف .
لزوال الاسم بذلك .
والثاني لا يجب تفصيل الجميع بل بقدر ما لا يصلح للاستعمال ولا يكفي إزالة الأوتار فقط جزما لأنها منفصلة عنها .
والثالث تكسر حتى تنتهي إلى حد لا يمكن اتخاذ آلة محرمة لا الأولى ولا غيرها .
ولو زاد في الكسر على المشروع غرم التفاوت بينه وبين المشروع ولو اختلفا في الزيادة على الحد المشروع وادعى صاحب الآلة الزيادة وأنكر المتلف قال الزركشي ينبغي أن يصدق صاحب الآلة كما يصدق المالك فيما لو أراق شيئا وقال المالك كان عصيرا وقال المتلف بل خمرا فإن المالك يصدق بيمينه كما قاله البغوي في فتاويه إذ الأصل بقاء المالية ( 2 / 286 ) فإن عجز المنكر " على الأول " عن رعاية هذا الحد " أي التفصيل المذكور " لمنع صاحب المنكر أبطله كيف تيسر " وإن زاد على ما مر لأن صاحبه مفرط ولا يجوز إحراقها ما لم يتعين طريقا للإزالة لأن رضاضها متمول .
ويشترك في جواز إزالة المنكر الرجل والمرأة والخنثى ولو أرقاء وفسقة قال الإسنوي وفي حفظي أنه ليس للكافر إزالته .
وجزم ابن الملقن في العدة أنه ليس للكافر ذلك ويشهد له قول الغزالي في الإحياء ومن شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن يكون المنكر مسلما قال لأن ذلك نصرة للدين فكيف يكون من غير أهله وهو جاحد لأصل الدين وعدو له والصبي المميز يثاب كما يثاب البالغ قال في الإحياء وليس لأحد منعه من إزالة سائر المنكرات كما ليس له منع البالغ فإنه وإن كان غير مكلف فهو من أهل القرب وإنما يجب على قادر مكلف .
وتضمن .
بأجرة المثل " منفعة الدار والعبد ونحوهما " من كل ما له منفعة يستأجر عليها كالكتاب والدابة والمسك " بالتفويت " كأن يطالع في الكتاب أو يركب الدابة أو يشم المسك " والفوات في يد عادية " بأن لم يفعل ذلك ولا غيره كإغلاق الدار لأن المنافع متقومة فكانت مضمونة بالغصب كالأعيان سواء أكان مع ذلك أرش أم لا كما سيأتي .
فإن تفاوتت الأجر في مدة ضمن كل مدة بما يقابلها وكان للمغصوب صنائع وجب أجرة أعلاها إن لم يمكن جمعها وإلا فأجرة الجميع كخياطة وحراسة وتعليم قرآن .
أما ما لا يؤجر لكونه غير مال ككلب أو لكونه محرما كآلات اللهو أو لغير ذلك كالحبوب فلا تضمن منفعته فلو اصطاد بالكلب شيئا كان له كما لو غصب شبكة أو قوسا فاصطاد بهما فإن اصطاد له العبد شيئا فالمصيد لسيده ولو كان غير مميز كما صرح به الروياني ويضمن الغاصب أجرته في زمن صيده أيضا .
ولا تضمن منفعة البضع .
وهو الفرج " إلا بتفويت " بالوطء فيضمنه بمهر المثل كما سيأتي ولا يضمن بالفوات لأن اليد لا تثبت عليه بل اليد على منفعته للمرأة بدليل أن السيد يزوج أمته المغصوبة ولا يؤجرها لأن يد الغاصب حائلة .
وكذا .
لا تضمن " منفعة بدن الحر " إلا بالتفويت " في الأصح " فإن حبسه ولم يستوف منفعته لم يستحق شيئا وإن كان صغيرا لأن الحر لا يدخل تحت اليد فمنافعه تفوت تحت يده .
والثاني أنها تضمن بالفوات أيضا لأن منافعه تقوم في الإجارة الفاسدة فأشبهت منافع الأموال .
واحترز بالمنفعة عن نفس الحر فلا يضمن بالغصب وقد ذكره المصنف في باب السرقة فقال ولا يضمن حر بيده ولو ذكره هنا كان أولى وعن ثياب الحر المستولى عليه فلا تدخل في ضمان المستولى صغيرا كان المستولى عليه أو كبيرا قويا كان أو ضعيفا .
تنبيه : .
منفعة المسجد والشارع والرباط والمقبرة وأرض عرفات ونحوها ملحقة ببدن الحر تضمن بالتفويت لا بالفوت فلو شغل بقعة من المسجد بمتاعه لزمه أجرتها إن لم يغلقه وإلا لزمه أجرة الكل فإن أغلقه بلا وضع متاع ومنع الناس من الصلاة فيه فلا ضمان عليه لأن المسجد لا تثبت عليه اليد ومثله في ذلك البقعة .
وإذا نقص المغصوب .
عند الغاصب " بغير استعمال " كسقوط يد العبد بآفة وعماء " وجب الأرش " للنقص " مع الأجرة " للفوات لأن السبب مختلف ويضمن بأجرة المثل سليما قبل النقص ومعيبا بعده .
وكذا .
يجب الأرش مع الأجرة " لو نقص به " أي الاستعمال " بأن " أي كأن " بلي الثوب " باللبس " في الأصح " لأن كلا منهما يجب ضمانه عند الانفراد فكذا عند الاجتماع .
والثاني أن الواجب أكثر الأمرين من الأجرة والأرش لأن النقصان نشأ من الاستعمال وقد قوبل بالأجرة فلا يجب ضمان آخر .
ودفع بأن الأجرة في مقابلة الفوات لا الاستعمال