هو لغة الإثبات من قولهم قر الشيء يقر قرارا إذا ثبت وشرعا إخبار عن حق ثابت على المخبر فإن كان بحق له على غيره فدعوى أو لغيره على غيره فشهادة هذا إذا كان خاصا فإن اقتضى شيئا عاما فإن كان عن أمر محسوس فهو الرواية وإن كان عن حكم شرعي فهو الفتوى .
ويسمى الإقرار اعترافا أيضا .
والأصل فيه قبل الإجماع قوله تعالى " أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري " أي عهدي " قالوا أقررنا " وقوله تعالى " كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم " قال المفسرون شهادة المرء على نفسه هو الإقرار .
وخبر الصحيحين اغديا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها .
والقياس لأنا إذا قبلنا الشهادة على الإقرار فلأن نقبل الإقرار أولى .
وأجمعت الأمة على المؤاخذة به .
وأركانه أربعة مقر ومقر له وصيغة ومقر به وقد بدأ المصنف منها بالأول فقال " ويصح من مطلق التصرف " وهو المكلف الذي لا حجر عليه ويعتبر فيه أيضا الاختيار وأن لا يكذبه الحس ولا الشرع كما سيأتي .
و .
على هذا " إقرار الصبي والمجنون " والمغمى عليه ومن زال عقله بعذر كشرب دواء وإكراه على شرب خمر " لاغ " لامتناع تصرفهم .
وسيأتي حكم السكران إن شاء الله تعالى في كتاب الطلاق .
تنبيه : .
الأصل أن من قدر على الإنشاء قدر على الإقرار ومن لا فلا .
واستثني من الأول إقرار الوكيل بالتصرف إذا أنكره الموكل فلا ينفذ وإن أمكنه إنشاؤه ومن الثاني إقرار المرأة بالنكاح والمجهول بحريته أو رقه وبنسبه والمفلس ببيع الأعيان والأعمى بالبيع ونحوه والوارث بدين على مورثه والمريض بأن كان وهب وارثه وأقبضه في الصحة فكل من هؤلاء يصح إقرارهم بما ذكر ولا يمكنهم إنشاؤه .
قال ابن عبد السلام قولهم من ملك الإنشاء ملك الإقرار هو في الظاهر وأما في الباطن فبالعكس أي لأنه إذا ملكه باطنا فهو ملكه فليس له أن يقر به لغيره .
فإن ادعى .
الصبي أو الصبية " البلوغ بالاحتلام " أو ادعته الصبية بالحيض " مع الإمكان " له بأن كان في سن يحتمل البلوغ وقد مر بيان زمن الإمكان في بابي الحيض والحجر " صدق " في ذلك لأنه لا يعرف إلا من جهته والمراد بالاحتلام الإنزال في يقظة أو منام .
ولا يحلف .
عليه وإن فرض ذلك في خصومة وادعى خصمه صباه ليفسد معاملته لأنه إن كان صادقا فلا حاجة إلى اليمين وإلا فلا فائدة فيها لأن يمين الصبي غير منعقدة .
ولو طلب غاز سهمه من المقاتلة وادعى البلوغ بالاحتلام وجب تحليفه إن اتهم وأخذ السهم .
فإن لم يحلف لم يعط شيئا .
فإن قيل هذه الصورة تشكل على ما قبلها .
أجيب بأن الكلام فيما مر في وجود البلوغ في الحال وفي هذه في وجوده فيما مضى لأن صورتها أن تنازع الصبي بعد انقضاء الحرب في بلوغه حال الحرب .
لكن يشكل على هذا ما لو طلب إثبات اسمه في الديوان فإنه يحلف والأولى في الجواب كما أفاده شيخي أن يقال إن لم يرده مزاحمة غيره في حقه كطلب السهم وإن لم يثبت له استحقاقا كطلب إثبات اسمه في الديوان لم يحلف وإلا حلف .
وإذا لم يحلف فبلغ مبلغا يقطع فيه ببلوغه قال الإمام فالظاهر أيضا أنه لا يحلف على أنه كان بالغا حينئذ لأنا إذا حكمنا بموجب قوله فقد أنهينا الخصومة نهايتها .
وأقره الرافعي في الشرح الكبير وجزم به في الشرح الصغير من غير عزو .
وإن ادعاه بالسن .
بأن قال استكملت خمس عشرة سنة " طولب ببينة " عليه وإن كان غريبا لإمكانها .
ولو أطلق الإقرار بالبلوغ ولم يعين نوعا ففي تصديقه وجهان في فتاوى القاضي أوجههما كما اختاره الأذرعي الاستفسار أي أمكن وإلا فالقبول وكذا إذا أطلقت البينة فإن قالت بالسن فلا بد من بيان قدره لأن البلوغ به مختلف فيه نبه عليه شيخي .
ولو أقر الرشيد بإتلافه مالا في صغره قبل كما لو قامت به ( 2 / 239 ) بينة .
ومحله كما بحثه البلقيني إذا لم يكن على وجه لا يسقط عن المحجور عليه فإن كان كذلك كالمقترض فلا يؤاخذ به .
والسفيه والمفلس سبق حكم إقرارهما .
في بابي الحجر والتفليس .
ومما لم يسبق إقرار المفلس بالنكاح وهو مقبول بخلاف السفيه فلا يقبل .
ويقبل إقرار السفيهة لمن صدقها كالرشيدة إذ لا أثر للسفه من جانبها .
والفرق بين إقرار السفيهة والسفيه بذلك في إقرارها تحصيل مال وفي إقراره تفويته .
ويقبل إقرار الرقيق بموجب .
بكسر الجيم " عقوبة " كقصاص وشرب خمر وزنا وسرقة بالنسبة إلى القطع لبعد التهمة في ذلك لأن النفوس مجبولة على حب الحياة والاحتراز عن الآلام روي أن عليا قطع عبدا بإقراره .
ولو عفا مستحق القصاص على مال تعلق برقبة العبد وإن كذبه السيد .
فائدة : .
لا يصح الإقرار على الغير إلا هنا وفي إقرار الوارث بوارث آخر قاله صاحب التعجيز .
ويضمن مال السرقة في ذمته إن لم يصدقه السيد يتبع به إذا عتق فإن صدقه أخذ المال إن كان باقيا وإلا بيع في الجناية إن لم يفده السيد .
ولا يتبع بعد العتق بما زاد على قيمته إذ لا يجتمع التعلق بالرقبة مع التعلق بالذمة والدعوى عليه فيما يقبل إقراره وإلا فعلى سيده لأن الرقبة المتعلق بها المال حقه فإن قال المدعي لي بينة فقل تسمع الدعوى عليهما لانتفاء التهمة وهو ما نقله في الروضة هنا عن البغوي والراجح أنه لا تسمع على العبد كما في الدعاوى نبه عليه الإسنوي وغيره وسيأتي ثم فيه زيادة بيان .
وإن أقر من نصفه حر مثلا بدين إتلاف لزمه نصف ما أقر بإتلافه ولا يقبل إقراره على سيده إلا أن يصدقه فيتعلق نصف ما أقر به بجزئه الرقيق والظاهر كما قال شيخنا أن ما لزم ذمته في نصفه الرقيق لا يجب تأخير المطالبة به إلى العتق لأنها إنما أخرت في كامل الرق لعدم ملكه والبعض يملك .
ولو أقر بدين جناية لا توجب عقوبة .
أي حدا أو قصاصا كجناية الخطأ والغصب والإتلاف " فكذبه السيد تعلق بذمته دون رقبته " للتهمة ويتبع به إذا عتق .
أما ما أوجب عقوبة غير حد أو قصاص ففي تعلقه برقبته أقوال أظهرها لا يتعلق أيضا .
قال الإسنوي واحترازه عن ذلك الخلاف مع كونه لم يذكره غير مستقيم واحترز بقوله فكذبه أي أو سكت عما إذا صدقه فإنه يتعلق برقبته ويباع ما لم يكن مرهونا ولا جانيا إن لم يفده بأقل الأمرين من قيمته وقدر الدين فإذا بيع أو فداه السيد وقد بقي من الدين شيء لا يتبع بما زاد على قيمته إذا عتق لأنه إذا ثبت التعلق بالرقبة فكأن الحق انحصر فيها .
تنبيه : .
لا يقبل إقرار السيد على رقيقه بموجب عقوبة ولا بدين معاملة ويقبل إقراره عليه بدين جناية ويتعلق برقبته فلو بيع وبقي شيء لم يطالب به بعد العتق بإتلاف مال لغيره قبل عتقه لزمه دون سيده فإن ثبت بالبينة أنه كان جنى لزم السيد لتقصيره من عامله بخلاف الجناية .
ويقبل .
على السيد " إن كان " مأذونا له في التجارة لقدرته على الإنشاء " ويؤدي من كسبه وما في يده " كما مر في بابه .
نعم لو كان المأذون اشترى شراء فاسدا أو أقر بما لا يتعلق بالتجارة كالقرض فلا يقبل على السيد لأن الأذن لم يتناول ذلك .
تنبيه : .
محل قبول إقراره إذا لم يحجر عليه السيد فلو أقر بعد الحجر عليه بدين معاملة أضافه إلى الإذان لم تقبل إضافته .
فإن قيل إقرار المفلس بعد الحجر في حق الغرماء مقبول فهلا كان هنا كذلك أجيب بأن إقرار العبد يؤدي إلى فوات حق السيد بخلاف غرماء المفلس إذ يبقى لهم الباقي في ذمة المفلس .
ولو أطلق الإقرار بالدين قبل الحجر عليه لم يقبل على السيد ومحله كما قال الإسنوي وغيره إذا تعذرت مراجعته فإن أمكنت روجع .
وقد ذكر المصنف ( 2 / 240 ) في الصورة هذا الاستدراك في إقرار المفلس وهو نظير مسألتنا .
وإقرار المكاتب في البدن والمال كالحر ويؤديه مما في يده فإن عجز نفسه ولا مال معه فديون معاملاته يؤديه بعد عتقه وأرش جناياته في رقبته تؤدى من ثمنه .
ويصح إقرار المريض مرض الموت لأجنبي .
بمال عينا كان أو دينا كإقرار الصحيح ويكون من رأس المال بالإجماع كما قاله الغزالي .
ولو أراد الوارث تحليف المقر له على الاستحقاق لم يكن له ذلك كما حكاه ابن الملقن وأقره .
وكذا .
يقبل إقراره به " الوارث على المذهب " كالأجنبي لأن الظاهر أنه محق لأنه انتهى إلى حالة يصدق فيها الكاذب ويتوب فيها الفاجر وفي قول لا يصح لأنه متهم بحرمان بعض الورثة والطريق الثاني القطع بالقبول .
ويجري الخلاف في إقرار الزوجة يقبض صداقها من زوجها في مرض موتها وفي إقراره لوارث بهبة أقبضها له في حال صحته .
تنبيه : .
الخلاف في الصحة أما التحريم فعند قصد الحرمان لا شك فيه كما صرح به جمع منهم القفال في فتاويه وقال إنه لا يحل للمقر له أخذه اه .
وإذا ادعى بقية الورثة على المقر له أنه لا حقيقة لإقرار مورثهم له فأحلف أنه أقر لك بحق لازم كان يلزمه الإقرار به فعليه أن يحلف فإن نكل حلف بقية الورثة وقاسموه ولا يشكل ذلك بما تقدم عن ابن الملقن لأن التهمة في الوارث أشد منها في الأجنبي ولذلك اختار الروياني مذهب مالك وهو أنه إن كان متهما لم يقبل إقراره وإلا قبل قال الأذرعي وهو قوي .
وقد يغلب على الظن بالقرائن كذبه بل يقطع به في بعض الأحوال فلا ينبغي لمن يخشى الله أن يقضي أو يفتي بالصحة مطلقا وإن ساعده إطلاق الشافعي والأصحاب ولا شك فيه إذا علم أن قصده الحرمان نعم لو أقر لمن لا يستغرق الإرث ومعه بيت المال فالوجه إمضاؤه في هذه الإعصار لفساد بيت المال اه .
والخلاف في الإقرار بالمال أما لو أقر بنكاح أو عقوبة فيصح جزما وإن أفضى إلى المال بالعفو أو بالموت قبل الاستيفاء لضعف التهمة .
ولو أقر في صحته بدين .
لإنسان " وفي مرضه " بدين لآخر لم يقدم الأول بل يتساويان كما لو ثبتا بالبينة .
ولو أقر في صحته أو مرضه .
بدين لإنسان ثبت ببينة " وأقر وارثه بعد موته " بدين " لآخر لم يقدم الأول في الأصح " لأن إقرار الوارث كإقرار المورث لأنه خليفته فكأنه أقر بدينين .
والثاني يقدم الأول لأن بالموت تعلق بالتركة فليس للوارث صرفها عنه .
قال البلقيني ولو أقر الوارث لمشاركة في الإرث وهما مستغرقان كزوجة وابن أقر لها بدين على أبيه وهي مصدقة له ضاربت بسبعة أثمان الدين مع أصحاب الديون لأن الإقرار صدر ممن عبارته نافذة في سبعة أثمان فعملت عبارته فيها كعمل عبارة الحائز في الكل اه .
فروع لو ادعى إنسان على الوارث أن المورث أوصى له بثلث ماله مثلا وآخر بأن له عليه دينا مستغرقا وصدق الوارث مدعي الوصية ثم مدعي الدين المستغرق أو بالعكس أو صدقهما معا قدم الدين لو ثبتا بالبينة .
ولو أقر المريض لإنسان بدين ولو مستغرقا ثم أقر لآخر بعين قدم صاحبها كعكسه لأن الإقرار بالدين لا يتضمن حجرا في العين بدليل نفوذ تصرفه فيها بغير تبرع .
ولو أقر بإعتاق أخيه في الصحة عتق وورث إن لم يحجبه غيره أو بإعتاق عبد في الصحة وعليه دين مستغرق لتركته عتق لأن الإقرار إخبار لا تبرع .
ولا يصح إقرار مكره .
بما أكره عليه لقوله تعالى " إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان " جعل الإكراه مسقطا لحكم الكفر فبالأولى ما عداه .
وصورة إقراره أن يضرب ليقر فلو ضرب ليصدق في القضية فأقر حال الضرب أو بعده لزمه ما أقر لأنه ليس مكرها إذ المكره من أكره على شيء واحد وهذا إنما ضرب ليصدق ولا ينحصر الصدق في الإقرار ولكن يكره إلزامه حتى يراجع ويقر ثانيا .
قال المصنف وقبول إقراره حال الضرب مشكل لأنه قريب من المكره ولكنه ليس مكرها وعلله بما مر ثم قال وقبول إقراره بعد الضرب فيه نظر إن غلب على ظنه إعادة الضرب إن لم يقر وقال الأذرعي الولاة ( 2 / 241 ) في هذا الزمان يأتيهم من يتهم بسرقة أو قتل أو نحوهما فيضربونه ليقر بالحق ويراد بذلك الإقرار بما ادعاه خصمه والصواب أن هذا إكراه سواء أقر في حال ضربه أم بعد وعلم أنه إن لم يقر بذلك لضرب ثانيا اه .
وهذا متعين .
ثم شرع في الركن الثاني فقال " ويشترط في المقر له أهلية استحقاق المقر به " لأنه حينئذ يصادق محله وصدقه محتمل وبهذا يخرج ما إذا أقرت المرأة بصداقها عقب النكاح لغيرها أو الزوج ببدل الخلع عقب المخالعة لغيره أو المجني عليه بالأرش عقب استحقاقه لغيره لأن صدق هؤلاء غير محتمل .
فإن قيل الحصر في هذه الثلاثة غير مستقيم فإن المتعة والحكومة والمهر الواجب عن وطء شبهة وأجرة بدن الحر كذلك أجيب بأنها راجعة إلى الثلاث فالحكومة ترجع إلى الأرش والمتعة والمهر الواجب عن وطء شبهة يرجع إلى الصداق .
وأما ما ذكر من عدم صحة الإقرار بأجرة بدن الحر فممنوع فإن الحر يحتمل أن يكون قد أجر بدنه قبل ذلك ثم وكله المستأجر في إجارة نفسه ولا فرق فيما ذكر بين الدين والعين حتى لو أعتق عبدا ثم أقر له هو أو غيره عقب عتقه بدين أو عين لم يصح إذ أهلية الاستحقاق لم تثبت له إلا في الحال ولم يجز بينهما ما يوجب المال .
فلو قال لهذه الدابة .
أو لدابة فلان " علي كذا فلغو " لأنها ليست أهلا للاستحقاق فإنها غير قابلة للملك في الحال ولا في المآل ولا يتصور منها تعاطي السبب كالبيع ونحوه بخلاف الرقيق كما سيأتي .
نعم لو أضافه إلى ممكن كالإقرار بمال من وصية ونحوها صح كما قاله الماوردي .
ومحل البطلان كما قاله الأذرعي في المملوكة أما لو أقر لخيل مسبلة فالأشبه الصحة كالإقرار لمقبرة ويحمل على أنه من غلة وقف عليها أو وصية لها وبه صرح الروياني واقتضى كلامه أنه لا خلاف فيه .
فإن قال .
علي " بسببها لمالكها " كذا " وجب " لأنه إقرار للمالك لا لها وهي السبب إما بجناية عليها وإما باستيفاء منفعتها بإجارة أو غصب ويكون المقر به ملكا لمالكها حين الإقرار .
فإن لم يقل " لمالكها " واقتصر على قوله بسببها لم يلزم أن يكون المقر به لمالكها في الحال بل يسأل ويحكم بموجب بيانه إذ يحتمل أن يكون المقر به لغير مالكها كأن تكون أتلفت شيئا على إنسان وهي في يد المقر .
ولو قال لحمل هند .
علي أو عندي " كذا بإرث " من أبيه مثلا " أو وصية " له من فلان أو بغيرهما مما يمكن في حقه " لزمه " ذلك لأن ما أسنده إليه ممكن والخصم في ذلك ولي الحمل .
ولا بد من تعيين الحامل كما أشار إليه بهند لأن إبهامها يلزم منها إبهام المقر له وإبهامه مبطل للإقرار ثم إن انفصل ميتا فلا حق له في الإرث والوصية وغيرهما مما أسند إليه ويكون المقر به لورثة المورث أو الموصي أو لغيرهم مما أسند إليه أو حيا لدون ستة أشهر من حين سبب الاستحقاق كما قاله الإسنوي استحق وكذا ستة أشهر فأكثر إلى أربع سنين ما لم تكن أمه فراشا .
ثم إن استحق بوصية فله الكل أو بإرث من الأب وهو ذكر فكذلك أو أنثى فلها النصف وإن ولدت ذكرا وأنثى فهو بينهما بالسوية إن أسنده إلى وصية وأثلاثا إن أسنده إلى إرث واقتضت جهته ذلك فإن اقتضت التسوية كولدي أم سوى بينهما في الثلث .
وإن أطلق الإقرار بالإرث سألناه عن الجهة وعملنا بمقتضاها فإن تعذرت مراجعة المقر قال في الروضة فينبغي القطع بالتسوية قال الإسنوي وهو متجه .
وإن أسنده إلى جهة لا تمكن في حقه .
كقوله أقرضني أو باعني شيئا " فلغو " للقطع بكذبه في ذلك وهذا ما صححه في الروضة قال وبه قطع في المحرر والذي في الشرحين فيه طريقان أصحهما القطع بالصحة .
والثاني على القولين في تعقب الإقرار بما يرفعه .
قال الأذرعي وطريقة التخريج جزم بها أكثر العراقيين وطريقة القطع بالصحة ذكرها المراوزة وما صححه النووي ممنوع ولم أر من قطع بإلغاء الإقرار وما عزاه للمحرر بناء على ما فهمه من قول المحرر وإن أسنده إلى جهة لا تمكن فهو لغو من أنه أراد فالإقرار لغو وليس مرادا بل مراده فالإسناد لغو بقرينة كلام الشرحين وذكر مثله صاحب الأنوار والزركشي وهو كما قال شيخنا حسن ومشيت عليه في شرح التنبيه : .
وإن أطلق .
الإقرار أي لم يسنده إلى شيء " صح في الأظهر ( 2 / 242 ) وحمل على الجهة الممكنة في حقه وإن ندر حملا لكلام المكلف على الصحة ما أمكن .
والثاني لا يصح لأن الغالب أن المال لا يجب إلا بمعاملة أو جناية ولامتناع المعاملة مع الحمل ولا جناية عليه فيحمل إطلاقه على الوعد وعلى الصحة في هاتين الحالتين إن انفصل الحمل ميتا فلا شيء له للشك في حياته فيسأل القاضي المقر حسبة عن جهة إقراره من إرث أو وصية ليصل الحق إلى مستحقه .
وإن مات المقر قبل البيان بطل كما صرح به البغوي وغيره فإن انفصل حيا للمدة المعتبرة فالكل له ذكرا كان أو أنثى وإن انفصل ذكر وأنثى فهو لهما بالسوية .
وإن ألقت حيا وميتا جعل المال للحي لأن الميت كالمعدوم .
ولو قال لهذا الميت علي كذا ففي البحر عن والده أن ظاهر لفظ المختصر يقتضي صحة الإقرار وأنه يمكن القطع بالبطلان لأن المقر له لا يتصور ثبوت الملك له حين الإقرار والظاهر الأول .
والإقرار للمسجد والرباط والقنطرة كالإقرار للحمل .
ولو أقر لطفل وأطلق صح قطعا لأنه من أهل المعاملة بواسطة وليه .
ويشترط لصحة الإقرار عدم تكذيب المقر له المقر كما يؤخذ من قوله " وإذا كذب المقر له المقر " بمال " ترك المال " المقر به " في يده " دينا كان أو عينا " في الأصح " لأن يده تشعر بالملك ظاهرا والإقرار الطارىء عارضه التكذيب فسقط .
والثاني ينزعه الحاكم ويحفظه إلى ظهور مالكه .
تنبيه : .
ظاهر كلام المصنف يقتضي تخصيص الخلاف بالمعين لقوله ترك المال في يده وبه جزم القاضيان أبو الطيب و الحسين والمعتمد أنه لا فرق كما تقرر .
وإذا بقي المال في يده قال الزركشي فينبغي أن يجوز له جميع التصرفات فيه ما خلا الوطء لاعترافه بتحريم ذلك عليه بل ينبغي أن يمتنع عليه جميع التصرفات حتى يرجع اه .
والظاهر كما قال شيخنا أنه إن كان ظانا أن المال للمقر له امتنع عليه التصرف وإلا فلا .
فإن رجع المقر في حال تكذيبه .
أي المقر له " وقال غلطت " في الإقرار أو تعمدت الكذب " قبل قوله في الأصح " بناء على أن المال يترك في يده .
والثاني لا بناء على أن الحاكم ينزعه منه إلى ظهور مالكه .
تنبيه : .
تقييده بحال تكذيب المقر له يوهم أنه لو رجع المقر له وصدقه أنه لا يكون كذلك وليس مرادا فإن الأصح أن رجوع المقر له غير مقبول ولا يصرف إليه إلا بإقرار جديد لأن نفيه عن نفسه بطريق المطالبة بخلاف المقر فإن نفيه عن نفسه بطريق الالتزام فكان أضعف .
فلو قال المصنف بعد تكذيبه لشمل حالتي التكذيب وبعده .
والظاهر كما قال شيخنا أن تكذيب وإرث المقر له كتكذيبه حتى لو أقر لميت أو لمن مات بعد الإقرار فكذبه الوارث لم يصح .
أما في حق غيره فيصح كما لو أقر بجناية على المرهون وكذبه المالك فإنه وإن لم يصح في حق المالك صح في حق المرتهن حتى يستوثق بأرشها .
ولو قال بيدي مال لا أعرف مالكه نزعه القاضي منه لأنه إقرار بمال ضائع فهو إقرار صحيح .
فإن قيل إنه لو قال علي مال لرجل أو لواحد من بني آدم لايكون إقرارا لفساد الصيغة فهلا كان هنا كذلك أجيب بأن ما هنا في العين وما هناك في الدين كما أجاب به السبكي ويشير إليه كلام أصل الروضة .
ولو قام رجل في المسألة الثانية وقال أنا المراد بالإقرار لم يصدق بل المصدق المقر بيمينه فعلم أنه يشترط أن يكون المقر له معينا نوع تعيين بحيث يتوقع منه الدعوى والطلب كقوله لأحد هؤلاء الثلاثة علي كذا .
فروع لو أقرت له امرأة بالنكاح وأنكر سقط حقه قال المتولي حتى لو رجع بعد وادعى نكاحها لم يسمع إلا أن يدعي نكاحا مجددا .
وإنما احتيج لهذا الاستثناء لأنه يعتبر في صحة إقرار المرأة بالنكاح تصديق الزوج لها فاحتيط له بخلاف غيره .
ولو أقر لآخر بقصاص أو حد قذف وكذبه سقط وكذا حد سرقة وفي المال ما مر من كونه يترك في يده .
ولو أقر له بعبد فأنكره لم يحكم بعتقه لأنه محكوم برقه فلا يرفع إلا بيقين بخلاف اللقيط فإنه محكوم بحريته بالدار فإذا أقر ونفاه المقر له بقي على أصل الحرية .
ولو أقر له بأحد عبدين وعينه فرده وعين الآخر لم يقبل فيما عينه إلا ببينة وصار مكذبا للمقر فيما عينه .
ثم شرع في الركن الثالث مترجما له بفصل فقال ( 2 / 243 )