في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها لو " قال بع لشخص معين " كزيد " أو في زمن " معين كيوم الجمعة " أو مكان معين " كسوق كذا " تعين " ذلك .
أما الشخص فلأنه قد يقصد تخصيصه بتلك السلعة وربما كان ماله أبعد عن الشبهة .
نعم إن دلت قرينة على إرادة الريح وأنه لا غرض له في التعيين إلا ذلك فالمتجه كما قال الزركشي جواز البيع من غير المعين .
وأما الزمان فلأن احتياجه إلى البيع قد يكون فيه خاصة .
وفائدة التقييد بالزمان أنه لا يجوز قبله ولا بعده وذلك متفق عليه في البيع والعتق فلو قال له بع أو أعتق يوم الجمعة مثلا لم يجز له ذلك قبله ولا بعده والمتجه كما قال الإسنوي انحصار يوم الجمعة في الذي يليه حتى لا يجوز ذلك في مثله ( 2 / 228 ) من جمعة أخرى .
وأما الطلاق فلو وكل به في وقت معين فطلق قبله لم يقع أو بعده فكذا على المعتمد مراعاة لتخصيص الموكل كما صرح به في الروضة في كتاب الطلاق نقلا عن البوشنجي وأشار إليه هنا بعد نقله عن الداركي أنه يقع بعده لا قبله لأن المطلقة فيه مطلقة بعده لا قبله وما قاله الداركي غريب مخالف لنظائره .
وأما المكان فإن ظهر له الغرض في تعيينه لكون الراغبين فيه أكثر أو النقد فيه أجود فواضح وإلا فقد يكون له فيه غرض خفي لا يطلع عليه .
وتعيينه إذا لم يكن للموكل غرض ظاهر هو المعتمد كما رجحه الشيخان ولذلك قال " وفي المكان وجه إذا لم يتعلق به غرض " صحيح أنه لا يتعين وإن قال الإسنوي إنه الراجح فقد نص عليه الشافعي وجمع وقال الزركشي نص عليه الشافعي وجمهور الأصحاب .
وعلى الأول محله إذا لم يقدر الثمن فإن قدره لم يتعين المكان إلا إن نهاه عن البيع في غيره فيتعين البيع فيه وإن عين للبيع بلدا أو سوقا فنقل الموكل فيه إلى غيره ضمن الثمن والمثمن وإن قبضه وعاد به كنظيره من القراض للمخالفة .
قال في أصل الروضة بل لو أطلق التوكيل في البيع في بلد فليبع فيه فإن نقله ضمن .
تنبيه : .
في عبارة المصنف تساهل فإن كان يحكي بها لفظ الموكل فيكون قوله معين من تتمة لفظ الموكل فمدلوله بع من معين لا مبهم وكذا القول في الزمان والمكان وليس ذلك مرادا كما يفهم مما مثلت به وعبارة المحرر قال بع من فلان أو في وقت كذا أو كذا أو عين مكانا وهو تعبير حسن .
فروع لو قال اشتر عبد فلان وكان فلان قد باعه فللوكيل شراؤه من المشتري ولو قال طلق زوجتي ثم طلقها الزوج فللوكيل طلاقها أيضا في العدة قاله البغوي في فتاويه .
ولو باع الوكيل ليلا فإن كان الراغبون فيه مثل النهار صح وإلا فلا قاله القاضي في تعليقه .
ولو قال بع من زيد فباع لوكيله لم يصح بخلاف نظيره في النكاح فيصح لأنه لا يقبل نقل الملك والبيع يقبله وقياسه عدم الصحة فيما لو قال بع من وكيل زيد فباع من زيد .
وإن قال بع .
هذا " بمائة لم يبع بأقل " منها ولو يسيرا وإن كان بثمن مثله لأنه مخالف للإذن وهذا بخلاف النقص عن ثمن المثل بما يتغابن به عند الإطلاق لأنه قد يسمى ثمن المثل بخلاف دون المائة لا يسمى مائة .
وله أن يزيد .
عليها لأن المفهوم من ذلك عرفا إنما هو منع النقص وقيل لا يزيد لأن المالك ربما كان له غرض في إبرار قسم وكما لو زاد في الصفة بأن قال بمائة درهم مكسرة فباع بمائة صحيحة .
تنبيه : .
قوله له يشعر بجواز البيع بالمائة وهناك راغب بزيادة وليس مرادا فإن الأصح في زيادة الروضة المنع لأنه مأمور بالاحتياط والغبطة فلو وجده في زمن الخيار لزمه الفسخ فلو لم يفسخ انفسخ البيع قياسا على ما مر .
إلا أن يصرح بالنهي .
عن الزيادة فتمتنع لأن النطق أبطل حق العرف .
تنبيه : .
يرد على حصره الاستثناء ما لو قال بع لزيد بمائة فإنه ليس له الزيادة قطعا لأنه ربما قصد إرفاقه .
فإن قيل لو وكله بالخلع بمائة جاز له أن يزيد عليها ولم يحملوه على ذلك .
أجيب بأن الخلع يقع غالبا عن شقاق وذلك قرينة دالة على عدم قصد المحاباة ولذلك قيد ابن الرفعة المنع في الأولى بما إذا كانت المائة دون ثمن المثل لظهور قصد المحاباة بخلاف ما إذا كانت ثمن المثل فأكثر .
فإن قيل لو وكله أن يشتري عبد زيد بمائة كان له أن يشتريه بأقل منها ولم يحملوه على ذلك .
أجيب بأن البيع لما كان ممكنا من المعين وغيره كان تعيينه ظاهرا في قصد إرفاقه وشراء العين لما لم يمكن من غير المذكور ضعف احتمال ذلك المقصد فظهر قصد التعريف .
فروع لو قال له بع العبد بمائة فباعه بمائة وثوب أو دينار صح لأنه حصل غرضه وزاد خيرا .
ولو قال له بع بألف درهم فباع بألف دينار لم يصح إذ المأتي به ليس مأمورا به ولا مشتملا عليه .
ولو قال اشتر بمائة لا بخمسين جاز الشراء بالمائة وبما بينها وبين الخمسين لا بما عدا ذلك .
ولو قال بع بمائة لا بمائة وخمسين لم يجز النقص عن المائة ولا استكمال المائة والخمسين ولا الزيادة عليها للنهي عن ذلك ويجوز ما عداه .
ولو قال لا تبع أو لا تشتر ( 2 / 229 ) بأكثر من مائة مثلا فاشترى أو باع بثمن المثل وهو مائة أو دونها لا أكثر جاز لإتيانه بما أمر به بخلاف ما إذا اشترى أو باع بأكثر من مائة للنهي عنه .
ولو قال اشتر بهذا الدينار شاة ووصفها .
بصفة " فاشترى به شاتين بالصفة " المشروطة " فإن لم تساو واحدة " منهما " دينارا لم يصح الشراء للموكل " وإن زادت قيمتهما جميعا على الدينار لفوات ما موكل فيه .
وإن ساوته .
أو زادت عليه " كل واحدة " منهما " فالأظهر الصحة " للشراء " وحصول الملك فيهما للموكل " لحديث عروة السابق في بيع الفضولي ولأنه حصل غرضه وزاد خيرا كما لو قال بع بخمسة دراهم فباعه بعشرة منها وليس له بيع إحداهما ولو بدينار ليأتي به وبالأخرى إلى الموكل وإن فعل عروة ذلك كما مر لعدم الإذن فيه وأما عروة فلعله كان مأذونا له في بيع ما رآه مصلحة من ماله A .
والوكالة في بيع ما سيملكه تبعا لبيع ماهو مالكه صحيحة كما مر .
والثاني يقول إن اشترى في الذمة فلموكل واحدة بنصف دينار والأخرى للوكيل ويرد على الموكل نصف دينار وإن اشترى بعين الدينار فقد اشترى شاة بإذن وشاة بغير إذن فيبطل في شاة بناء على تفريق الصفقة كما مر .
تنبيه : .
قوله وإن ساوته كل واحدة هو طريقة والأصح في زيادة الروضة أن الشرط أن تكون إحداهما فقط مساوية للدينار ولو لم تساوه الأخرى .
واحترز بقوله ووصفها عما إذا لم يصفها فإن التوكيل لم يصح .
والمعتبر في الوصف ما سبق في التوكيل بشراء عبد كما أشعر به كلام الرافعي هنا قال الإسنوي وهو واضح .
ولو أمره بالشراء بمعين .
أي بعين ماله كما في المحرر " فاشترى في الذمة لم يقع للموكل " لمخالفته لأنه أمره بعقد ينفسخ بتلف العين فأتى بما لا ينفسخ بتلفها ويطالب بغيره ويقع العقد للوكيل إن لم يصرح بالسفارة وكذا إن صرح على الأصح .
وكذا .
لا يصح " عكسه " وهو فيما إذا قال له اشتر في الذمة وادفع هذا في ثمنه فاشترى بعينه لم يقع الشراء للموكل .
في الأصح .
لمخالفته لأنه أمره بعقد لا ينفسخ بتلف العين فأتى بما ينفسخ بتلفها .
وقد يكون غرض الموكل تحصيل المبيع على كل حال وعلى هذا لا يقع لواحد منهما .
والثاني يقع له لأنه زاد خيرا حيث لم يلزم ذمته شيئا .
ولو دفع إليه شيئا وقال اشتر لي كذا وأطلق تخير بين الشراء بعينه وفي الذمة لتناول الشراء لهما ولو قال اشتر بهذا تخير أيضا على المعتمد وإن خالف في ذلك الإمام والشيخ أبو علي الطبري وقالا يتعين الشراء بعينه لأن الأول هو الذي اقتضاه كلامهم في الكلام على مسألة الشاة حيث فرقوا على مقابل الأظهر بين الشراء بعين الدينار والشراء في الذمة .
ومتى خالف .
الوكيل " الموكل في بيع ماله " بأن باعه على غير الوجه المأذون فيه " أو " في " الشراء بعينه " بأن اشترى له بعين ماله على وجه لم يأذن له فيه " فتصرفه باطل " لأن الموكل لم يرض بخروج ملكه على ذلك الوجه .
ولو قال اشتر لفلان بألف في ذمته فهو كشرائه بعين مال الغير كما قاله الرافعي في الشرط الثالث من شروط البيع .
ولو اشترى في الذمة .
غير المأذون فيه " ولم يسم الموكل وقع " الشراء " للوكيل " وإن نوى الموكل لأن الخطاب وقع منه وإنما ينصرف بالنية إلى الموكل إذا كان موافقا لإذنه فإن خالف لغت نيته .
وإن سماه فقال البائع بعتك فقال اشتريت لفلان فكذا .
يقع الشراء للوكيل " في الأصح " وتلغو تسمية الموكل في القبول لأنها غير معتبرة في الشراء فإذا سماه ولم يمكن صرفها إليه صار كأنه لم يسمه .
والثاني يبطل العقد لأنه صرح بإضافته إلى ( 2 / 230 ) الموكل وقد امتنع إيقاعه له فألغي .
وإن قال بعت موكلك زيدا فقال اشتريت له فالمذهب بطلانه أي العقد لأنه لم يجر بين المتعاقدين مخاطبة ولم يصرح في الروضة ولا أصلها بمقابل المذهب .
ويؤخذ من هذا التعليل أن ذلك في موافق الإذن وفي الكفاية حكاية وجهين في المسألة وفي المطلب لو قال بعتك لموكلك فلان فقال قبلت له صح جزما أو بعتك لنفسك وإن كنت تشتريه للغير فلا أبيعه لك فاشتراه للغير لم يصح بلا خلاف .
ولو لم يصرح البائع بلفظ الموكل بل باسمه فقال بعت زيدا فقال المشتري اشتري له ونوياه فكالتعبير بالموكل .
تنبيه : .
قضية كلام المصنف عدم وجوب تسمية الموكل في العقد ويستثنى من ذلك مسائل منها ما إذا وكل شخص عبدا أن يشتري نفسه من سيده فيجب أن يقول اشتريت نفسي منك لموكلي لأن قوله اشتريت نفسي صريح في اقتضاء العتق فلا يندفع بمجرد النية ومنها ما إذا وكل العبد أجنبيا في شراء نفسه من سيده فإنه يجب تصريحه بإضافته إلى العبد فلو أطلق ونوى وقع للوكيل لأن المالك قد لا يرضى بعقد يتضمن الإعتاق قبل قبض الثمن .
ومنها ما لو قال اشتر لي عبد فلان بثوبي هذا مثلا ففعل .
ومنها وكيل المتهب يجب أن يسميه في القبول وإلا فيقع العقد له لجريان الخطاب معه بغير ذكر الموكل ولا تكفي النية في وقوع العقد لموكله لأن الواهب قد يسمح بالتبرع له دون غيره .
نعم إن نواه الواهب أيضا وقع عنه كما بحثه الأذرعي وغيره .
قال الزركشي وقياس ما ذكر في الهبة يجري مثله في الوقف والوصية والإعارة والرهن والوديعة وغيرها مما لا عوض فيه اه .
ولا ينحصر ذلك فيما لا عوض فيه كما يعلم مما تقدم .
ومنها وكيل النكاح كما سيأتي إن شاء الله تعالى في بابه .
ثم شرع في الحكم الثاني من أحكام الوكالة وهو الأمانة فقال .
ويد الوكيل يد أمانة وإن كان بجعل " لأنه نائب عن الموكل في اليد والتصرف فكانت يده كيده وإن الوكالة عقد إرفاق ومعونة والضمان مناف لذلك ومنفر عنه فلا يضمن ما تلف في يده بلا تعد .
فإن تعدى .
في العين بلبس أو ركوب أو نحو ذلك " ضمن " بخلاف ما لو تلف بلا تعد كغيره من الأمناء فيهما .
ومن التعدي أن يضيع منه ولا يدري كيف ضاع وكذا لو وضعه في موضع ثم نسيه .
وهل يضمن بتأخير ما وكل في بيعه وجهان أوجههما كما قال بعض المتأخرين عدم الضمان .
ولا ينعزل .
بالتعدي " في الأصح " لأن الوكالة إذن في التصرف والأمانة حكم يترتب عليها ولا يلزم من إرتفاعها ارتفاع أصلها كالرهن .
والثاني ينعزل كالمودع .
وأجاب الأول بأن الوديعة ائتمان محض .
نعم إن كان وكيلا لولي أو وصي فالمتجه كما قال الأذرعي وغيره انعزاله كالوصي بفسق إذ لا يجوز إبقاء ماله بيد غير عدل .
فإن قيل هذا مردود لأن الفسق لا يمنع الوكالة وإن منع الولاية ولكن الممنوع إبقاء المال بيده .
أجيب بأن هذا هو المردود فإن الأول هو المنقول فإنهم قالوا الوكيل ينعزل بالفسق فيما العدالة شرط فيه .
تنبيه : .
محل الوجه الثاني إذا تعدى بالفعل فإن تعدى بالقول كما لو باع بغبن فاحش ولم يسلم لا ينعزل جزما لأنه لم يتعد فيما وكل فيه .
وعلى الأول لو باع وسلم بالمبيع زال الضمان عنه لأنه أخرجها من يده بإذن مالكها ولا يضمن الثمن لأنه لم يتعد فيه ولو رد المبيع عليه بعيب عاد الضمان لعود اليد .
فإن قيل هذا إنما يأتي إذا قلنا إن الفسخ يرفع العقد من أصله لا من حينه والمعتمد أنه يرفعه من حينه لا من أصله فلا يعود الضمان أجيب بأن المعتمد عود الضمان والفسخ وأن رفع العقد من حينه لا من أصله لا يقطع النظر عن أصله بالكلية .
وتقدم أنه لو تعدى بسفره بما وكل فيه وباعه فيه ضمن ثمنه وإن تسلمه وعاد من سفره فيكون مستثنى مما مر .
ولو امتنع الوكيل من التخلية بين الموكل والمال ضمن إن لم يكن عذر كالمودع فإن كان له عذر ككونه مشغولا بطعام لم يضمن .
ثم شرع في الحكم الثالث من أحكام الوكالة وهو العهدة فقال " وأحكام العقد تتعلق بالوكيل دون الموكل فيعتبر في الرؤية ولزوم ( 2 / 231 ) العقد بمفارقة المجلس والتقابض في المجلس حيث يشترط " كالربوي ورأس مال السلم " الوكيل دون الموكل " لأن الوكيل هو العاقد حقيقة وله الفسخ بخيار المجلس وكذا بالخيار المشروط له وحده كما قاله بعض المتأخرين وإن رضي الموكل ببقائه بخلاف ما مر في المعيب من أن الموكل إذا رضي به ليس للوكيل الرد لأنه لدفع الضرر عن المالك وليس منوطا باسم المتعاقدين كما نيط به كل الفسخ بخيار المجلس لخبر البيعان بالخيار ما لم يتفرقا وخيار الشرط بالقياس على خيار المجلس ولأن ملكه ثم قد ثم عليه بخلافه هنا .
وإذا اشترى الوكيل طالبه البائع بالثمن إن كان دفعه إليه الموكل .
للعرف سواء اشترى بعينه أم في الذمة ولتعلق أحكام العقد بالوكيل وله مطالبة الموكل أيضا على المذهب كما ذكراه في باب معاملات العبيد .
وإلا .
بأن لم يدفعه إليه " فلا " يطالبه " إن كان الثمن معينا " لأنه ليس في يده وحق البائع مقصور عليه .
وإن كان .
الثمن " في الذمة طالبه " به دون الموكل " إن أنكر وكالته أو قال لا أعلمها " لأن الظاهر أنه يشتري لنفسه والعقد وقع معه .
تنبيه : .
مسألة عدم العلم من زيادته من غير تمييز .
وإن اعترف بها طالبه أيضا في الأصح كما يطالب الموكل ويكون الوكيل كضامن والموكل كأصيل .
لأن العقد وإن وقع للموكل لكن الوكيل فرعه ونائبه ووقع العقد معه فلذلك جوزنا مطالبتهما فإذا غرم رجع بما غرمه على الموكل .
والثاني لا يطالب الوكيل بل الموكل فقط لأن العقد وقع له والوكيل سفير محض .
والثالث لا يطالب الموكل بل الوكيل فقط لأن الالتزام وجد معه .
وإذا قبض الوكيل بالبيع الثمن .
حيث يجوز له " وتلف في يده وخرج المبيع مستحقا رجع عليه المشتري " ببدل الثمن " وإن اعترف بوكالته في الأصح " لحصول التلف في يده .
والثاني يرجع به على الموكل وحده لأن الوكيل سفير محض .
ثم .
على الأول إذا غرم الوكيل " يرجع الوكيل على الموكل " بما غرمه لأنه غره هذا إذا لم يكن الوكيل منصوبا من جهة الحاكم وإلا فلا يكون طريقا في الضمان لأنه نائب الحاكم والحاكم لا يطالب فكذا نائبه .
قلت وللمشتري الرجوع على الموكل ابتداء .
أيضا " في الأصح والله أعلم " لأن الوكيل مأمور من جهته ويده كيده وإذا غرم لا يرجع به على الوكيل لأن قرار الضمان عليه .
والثاني لا يرجع على الموكل لأنه تلف تحت يد الوكيل وقد بان فساد الوكالة .
ولو تلف الثمن تحت يد الموكل والحال ما ذكر ففي مطالبة الوكيل وجهان أظهرهما كما قال الأذرعي مطالبته .
وهذا الخلاف جميعه يأتي في وكيل المشتري إذا تلف المبيع في يده ثم ظهر استحقاقه .
فرع وكيل المستقرض كوكيل المشتري .
فيطالب ويرجع بعد الغرم على الموكل .
تنبيه : .
المقبوض للوكيل بالشراء الفاسد يضمنه الوكيل سواء أتلف في يده أم في يد موكله لوضع يده عليه بغير إذن شرعي ويرجع إذا غرم على الموكل لأن قرار الضمان عليه كما مر .
ثم شرع في الحكم الرابع وهو الجواز مترجما له بفصل فقال .
فصل الوكالة .
ولو بجعل " جائزة من الجانبين " أي من جانب الموكل لأنه قد يرى المصلحة في ترك ما وكل ( 2 / 232 ) فيه أو في توكيل آخر ومن جانب الوكيل لأنه قد لا يتفرع فيكون اللزوم مضرا بهما .
هذا إذا لم يكن عقد الوكالة باستئجار فإن كان بأن عقد بلفظ الإجارة فهو لازم وهذا لا يحتاج إلى استثنائه .
وإن عقدت بلفظ الوكالة وشرط فيها جعل معلوم قال الرافعي فيمكن بناؤه على أن الاعتبار بصيغ العقود أو بمعانيها .
وهذان الاحتمالان نقلهما الروياني وجهين وصحح منهما الأول على القاعدة الغالبة في ذلك وهو المعتمد كما جزم به الجويني في مختصره لأن الإجارة لا تنعقد بلفظ الوكالة وعلى هذا أيضا لا يحتاج إلى استثنائه .
فإذا عزله الموكل في حضوره .
أي أتى بلفظ العزل خاصة " أو قال " في حضوره " رفعت الوكالة أو أبطلتها " أو أزالتها أو فسختها أو نقضتها أو صرفتها " أو أخرجتك منها انعزل " منها لدلالة كل من الألفاظ المذكورة عليه .
فإن عزله وهو غائب انعزل في الحال .
لأنه رفع عقد لا يعتبر فيه الرضا فلا يحتاج إلى العلم كالطلاق وقياسا على ما لو وكل أحدهما والآخر غائب .
وفي قول لا .
ينعزل " حتى يبلغه الخبر " ممن تقبل روايته كالقاضي .
وفرق الأول بتعلق المصالح الكلية بالقاضي فيعظم الضرر بنقض الأحكام وفساد الأنكحة وغير ذلك بخلاف الوكيل .
قال الإسنوي ومقتضاه أن الحاكم في واقعة خاصة حكمه حكم الوكيل اه .
قال ابن شهبة ومقتضاه أيضا أن الوكيل العام كوكيل السلطان لا ينعزل قبل بلوغ الخبر لعموم نظره كالقاضي ولم يذكروه اه .
وربما يلتزم ذلك ولا يصدق موكله بعد التصرف في قوله كنت عزلته إلا ببينة فينبغي له أن يشهد على عزله .
ولو تلف المال في يده بعد عزله لم يضمنه ولو باعه جاهلا بعزله فالبيع باطل فإن أسلمه للمشتري ضمنه كالوكيل إذا قتل بعد العفو تلزمه الدية والكفارة خلافا لما بحثه الروياني من عدم الضمان .
ولو عزل المودع الوديع وهو غائب لم ينعزل حتى يبلغه الخبر وفرق بينه وبين الوكيل بأن الوديع أمين والوكيل بتصرف والعزل يمنع صحة التصرف ولذلك قلنا الوكيل باق على أمانته بعد عزله كما مر .
وذكر الرافعي في العارية أنه لو عزل المعير المستعير لم ينعزل حتى يبلغه الخبر .
ولو عزل أحد وكيليه مبهما لم يتصرف واحد منهما حتى يميز للشك في أهليته .
ولو قال .
الوكيل " عزلت نفسي أو رددت الوكالة " أو فسختها أو خرجت منها أو نحو ذلك كأبطلتها " انعزل " لدلالة ذلك عليه وإن كانت صيغة الموكل صيغة أمر وقيل إن كانت صيغته صيغة أمر كأعتق وبع لم ينعزل لأن ذلك إذن وإباحة فأشبه ما لو أباح الطعام لغيره فإنه لا يرتد برد المباح له .
وعلى الأول فإن قيل كيف ينعزل بذلك مع قولهم لا يلزم من فساد الوكالة فساد التصرف لبقاء الإذن أجيب بأن العزل أبطل ما صدر من الموكل من الإذن في التصرف فلو قلنا له التصرف لم يفد العزل شيئا بخلاف المسألة المستشهد بها فإنه إذا فسد خصوص الوكالة لم يوجد ما ينافي عموم الإذن ولا فرق بين أن يكون الموكل غائبا أو حاضرا لأنه قطع للعقد فلا يفتقر إلى حضور من لايعتبر رضاه كالطلاق .
قال الأذرعي ولو علم الوكيل أنه لو عزل نفسه في غيبة موكله لاستملك المال قاض جائز أو غيره فينبغي أن يلزمه البقاء على الوكالة إلى حضور موكله أو أمينه على المال كما سيأتي في الوصي اه .
تنبيه : .
يستثنى من إطلاق المصنف ما لو وكل السيد عبده في تصرف مالي فإنه لا ينعزل بعزل نفسه لأنه من الاستخدام الواجب .
وينعزل .
أيضا " بخروج أحدهما " أي الموكل والوكيل " عن أهلية التصرف بموت أو جنون " وإن زال عن قرب لأنه لو قارن منع الانعقاد فإذا طرأ قطعه .
قال في المطلب والصواب أن الموت ليس بعزل بل تنتهي الوكالة به كالنكاح .
قال الزركشي وفائدة عزل الوكيل بموته انعزال من وكله عن نفسه إن جعلناه وكيلا عنه اه .
وقيل لا فائدة لذلك في غير التعاليق .
وكذا إغماء .
ينعزل به " في الأصح " إلحاقا له بالجنون .
والثاني لا ينعزل لأنه لم يلتحق بمن يولي عليه واختاره السبكي تبعا للإمام وغيره .
وعلى الأول يستثنى الوكيل في رمي الجمار ( 2 / 233 ) فإنه لا ينعزل بإغماء الموكل كما مر في الحج ومن الواضح أنه لا ينعزل بالنوم وإن خرج به عن أهلية التصرف .
تنبيه : .
لو اقتصر المصنف على قوله بخروج أحدهما عن أهلية التصرف لكان أخصر وأشمل ليشمل ما لو حجر عليه بسفه أو فلس أو رق فيما لا ينفذ منه أو فسق فيما العدالة شرط فيه .
و .
ينعزل أيضا " بخروج محل التصرف عن ملك الموكل " بالبيع ونحوه كإعتاق ما وكل فيه لاستحالة بقاء الولاية والحالة هذه ولو عاد إلى ملكه لم تعد الوكالة .
ومثل خروجه عن ملكه ما لو أجره أو كاتبه لإشعاره بالندم على البيع وكذا الإيصاء والتدبير وتعليق العتق كما بحثه البلقيني وغيره وبالرهن مع القبض كما قال ابن كج قال الشيخان وكذا بتزويج الجارية .
فمن المتأخرين من أخذ بمفهوم ذلك وقال بخلاف العبد كما أفهمه كلام الشيخين ومنهم من جعله مثالا وقال العبد كالأمة واعتمده شيخي وهو الظاهر إذ لا فرق بين الجارية والعبد في ذلك .
وهذه الصور قد ترد على المصنف لأن محل التصرف لم يخرج عن ملك الموكل .
ولا ينعزل بتوكيل وكيل آخر ولا بالعرض على البيع .
وفي عزل الوكيل بطحن الموكل الحنطة الموكل بيعها وجهان وقضية ما في التتمة كما قال الأذرعي وغيره الانعزال هذا إذا ذكر اسم الحنطة وإلا فالأوجه أنه لا ينعزل كما هو قضية كلام الروضة .
ولو وكل عبده في تصرف ثم أعتقه أو باعه أو كاتبه انعزل لأن إذن السيد له استخدام كما مر لا توكيل وقد زال ملكه عنه بخلاف ما لو وكل عبد غيره فباعه سيده أو أعتقه أو كاتبه فإنه لا ينعزل بذلك لكن يعصي العبد بالتصرف إن لم يأذن له مشتريه فيه لأن منافعه صارت مستحقة له .
وإنكار الوكيل الوكالة لنسيان .
لها " أو لغرض " له " في الإخفاء " كخوف أخذ ظالم المال الموكل فيه " ليس بعزل " لعذره .
فإن تعمد .
إنكارها " ولا غرض " له فيه " انعزل " بذلك لأن الجحد حينئذ رد لها والموكل في إنكارها كالوكيل في ذلك .
وما أطلقه الشيخان في التدبير من جحد الموكل أنه يكون عزلا محمولا كما قال ابن النقيب على ما هنا .
فروع لو وكله ببيع عبد أو شرائه لم يعقد على بعضه لضرر التبعيض .
نعم إن باع البعض بقيمة الجميع صح كما ذكره المصنف في تصحيحه هذا إن لم يعين المشتري كما قاله الزركشي وإلا لم يصح لقصده محاباته .
ولو أمره أن يشتري بالعبد ثوبا فاشتراه ببعضه جاز ولو قال له بع هؤلاء العبيد أو اشترهم جاز له أن يفرقهم في عقود وأن يجمعهم في عقد .
نعم إن كان الأحظ في أحدهما تعين .
ولو قال بعهم أو اشترهم صفقة لم يفرقها لمخالفة أمره أو قال بعهم بألف لم يبع واحدا بأقل من ألف لجواز أن لا يشتري أحد الباقين بباقي الألف فإن باعه بألف صح وله بيع الباقين بثمن المثل .
ولو قال له اطلب حقي من زيد فمات زيد لم يطالب وارثه لأنه غير المعين أو اطلب حقي الذي على زيد طالب وارثه .
ولو قال له أبرىء غرمائي لم يبرىء نفسه لأن المخاطب لا يدخل في عموم أمر المخاطب له على الأصح فإن قال وإن شئت فأبرىء نفسك فله ذلك كما لو وكل المديون بإبراء نفسه .
ولو قال أعط ثلثي للفقراء صح أو لنفسك لم يصح لتولي الطرفين .
ولو قال له بع هذا ثم هذا لزمه الترتيب امتثالا لأمر موكله .
ولو وكله في شراء جارية ليطأها لم يشتر له من تحرم عليه كأخته ولو بلغه أن زيدا وكله فإن صدق المخبر تصرف وإلا فلا .
وإذا اختلفا في أصلها .
بأن قال وكلتني في كذا فقال ما وكلتك .
أو صفتها بأن قال وكلتني في البيع نسيئة أو الشراء بعشرين .
مثلا " فقال " الموكل " بل نقدا أو بعشرة صدق الموكل بيمينه " لأن الأصل عدم الإذن فيما ذكره الوكيل ولأن الموكل أعرف بحال الإذن الصادر منه .
وصورة المسألة الأولى كما قال الفارقي إذا كان بعد التصرف أما قبله فلا فائدة في الخصومة لأنه إذا ادعى عليه فأنكر الموكل الوكالة انعزل فلا حاجة لقولنا القول قوله بيمينه .
تنبيه : .
قوله صدق الموكل بيمينه فيه تسمح لأنه في الأولى ليس بموكل إلا أن يراد أنه موكل بزعم الوكيل ( 2 / 234 ) ولو اشترى " الوكيل " جارية بعشرين " درهما مثلا وهي تساوي عشرين فأكثر " وزعم أن الموكل أمره " بالشراء بها " فقال " الموكل " بل " أنت " بعشرة و " لا بينة لواحد منهما أو لكل منهما بينة وتعارضا " حلف " الموكل ثم ينظر " فإن اشترى " الوكيل الجارية " بعين مال الموكل وسماه في العقد وقال " المال له " أو " لم يسمه لكن قال " بعده " أي العقد " اشتريته أي المذكور والأولى اشتريتها أي الجارية " لفلان والمال له وصدقه البائع " فيما ادعاه أو قامت بذلك بينة " فالبيع باطل " في الصورتين لأنه ثبت بتسمية الوكيل في الأولى وتصديق البائع أو البينة في الثنية أن المال والشراء لغير العاقد وثبت بيمين من له المال أنه لم يأذن في الشراء بذلك القدر فيلغو الشراء والجارية لبائعها وعليه رد ما أخذه .
تنبيه : .
محل البطلان فيما ذكر إذا لم يوافق البائع المشتري على وكالته بالقدر المذكور وإلا فالجارية باعتراف البائع ملك للموكل فيأتي فيه التلطف الآتي كما نبه عليه البلقيني .
وإن كذبه .
البائع في الصورة الثانية فيما قال بأن قال إنما اشتريت لنفسك والمال لك ولست وكيلا في الشراء المذكور " ولا بينة " حلف على نفي العلم بالوكالة " الناشئة عن التوكيل وإلا فهو ليس وكيلا في زعم البائع .
فإن قيل كيف يستقيم الحلف على نفي العلم والحلف إنما يكون على حسب الجواب وهو إنما أجاب بالبت وكيف يصح أيضا الاقتصار على تحليفه على نفي الوكالة مع أنه لو أنكرها واعترف بأن المال لغيره كان كافيا في إبطال البيع فينبغي الحلف عليهما كما يحنث بهما جميعا بل يكفي التحليف على المال وحده لما ذكرنا أجيب عن الأول بأن تحليفه على البت يستلزم محذورا وهو تحليفه على البت في فعل الغير لأن معنى قوله لست وكيلا فيما ذكر أن غيرك لم يوكلك وعلى الثاني بأنه إنما حلف على نفي العلم بالوكالة خاصة لأنها على خلاص الأصل والمال لوكيل بمقتضى الأصل وهو ثبوت يده عليه فلم تقبل دعواه أنه للغير بما يبطل به حق البائع .
ووقع الشراء للوكيل .
ظاهر أو يسلم إلى البائع الثمن المعين ويرد للموكل بدله " وكذا " يقع الشراء للوكيل ظاهرا " إن اشترى في الذمة ولم يسم الموكل " في العقد بأن نواه وقال اشتريت له والمال له وكذبه البائع فيحلف كما مر وظاهر أنه لو صدقه البائع بطل الشراء كما قاله القمولي لاتفاقهما على وقوع العقد للموكل وثبوت كونه بغير إذنه بيمينه وكأنهم سكتوا عنه لأن الغالب أنه إذا لم يسم الموكل لا يتصور معه ذلك .
وكذا .
يقع الشراء للوكيل ظاهرا " إن سماه وكذبه البائع في الأصح " بأن قال له أنت مبطل في تسميتك ولم تكن وكيله والوجهان هنا هما الوجهان المتقدمان في قول المصنف وإن سماه فقال البائع بعتك إلخ وقد مر تعليلهما .
وإن صدقه .
البائع في التسمية " بطل الشراء " لاتفاقهما على وقوع العقد للموكل وثبت كونه بغير إذنه بيمينه وإن سكت عن تصديقه وتكذيبه وقع الشراء للوكيل كما يؤخذ من قول المصنف وإن سماه فقال البائع بعتك إلخ .
وحيث حكم بالشراء للوكيل .
مع قوله إنه للموكل " يستحب للقاضي أن يرفق " أي يتلطف " بالموكل ليقول للوكيل إن كنت أمرتك " بشراء جارية " بعشرين فقد بعتكها بها " أي بالعشرين " ويقول هو اشتريت لتحل له " باطنا إن كان صادقا في أنه أذن له بعشرين ولا يضر التعليق المذكور في صحة البيع للضرورة إليه ولأنه تصريح بمقتضى العقد فإنه لو قال بعتك كان معناه إن كنت أذنت فأشبه قوله بعتك إن شئت وليس لنا بيع يصح مع التعليق إلا في هذه فإن تجز الموكل البيع صح قطعا ولا يكون ذلك إقرارا بما قاله الوكيل لأنه يقوله بأمر الحاكم للمصلحة وإن لم يجب الموكل إلى ما ذكر أو لم يسأله القاضي .
فإن ( 2 / 235 ) كان الوكيل صادقا فهي للموكل وعليه للوكيل الثمن وهو لا يؤديه وقد ظفر الوكيل بغير جنس حقه وهو الجارية فله بيعها وأخذ ثمنها وإن كان كاذبا لم يحل له وطؤها ولا التصرف فيها ببيع أو غيره إن كان الشراء بعين مال الموكل لبطلانه وفي هذه يحتاج القاضي إلى التلطف بالبائع مع التلطف بالموكل وإن كان في الذمة حل ما ذكر للوكيل لوقوع الشراء له .
وذكر المتولي كما في الروضة وأصلها أنه إذا كان كاذبا والشراء بالعين أنه يكون كما لو كان صادقا فيكون قد ظفر بغير جنس حقه لتعذر رجوعه على البائع بحلفه .
ولو قال .
الوكيل " أتيت بالتصرف المأذون فيه " من بيع أو غيره " وأنكر الموكل " ذلك " صدق الموكل " بيمينه لأن الأصل عدم التصرف وبقاء ملك الموكل .
وفي قول .
يصدق " الوكيل " لأن الموكل قد ائتمنه فعليه تصديقه .
ومحل الخلاف إذا وقع النزاع قبل العزل وإلا فالمصدق الموكل قطعا لأن الوكيل غير مالك لإنشاء التصرف حينئذ .
ولو اتفقا على التصرف ولكن قال الموكل عزلتك قبله وقال الوكيل بل بعده فكنظيره في الرجعة وسيأتي .
وقول الوكيل في تلف المال مقبول بيمينه .
لأنه أمين كالمودع فلا بد فيه من التفصيل المذكور في الوديعة كما أشار إليه الرافعي في كتاب الرهن .
تنبيه : .
مقصود المصنف عدم الضمان ولو لم يصرح به وإلا فالغاصب وكل من يده ضامنة يقبل قوله في التلف .
وكذا .
يقبل قوله " في الرد " على الموكل لأنه ائتمنه ولا فرق بين أن يكون بجعل أو لا لأنه إن كان بغير جعل فقد أخذ العين بمحض غرض المالك فأشبه المودع وإن كان بجعل فلأنه إنما أخذ العين لنفع المالك انتفاعه هو إنما هو بالعمل في العين لا بالعين نفسها ولا فرق بين أن يكون قبل العزل أو لا خلافا لما في المطلب .
وقيل إن كان .
وكيلا " بجعل فلا " يقبل قوله في الرد لأن أخذالعين لمصلحة نفسه فأشبه المرتهن .
وفرق الأول بأن المرتهن تعلقه بالمرهون قوي بدليل تعلقه ببدله عند التلف بخلاف الوكيل .
تنبيه : .
محل قبول قول الوكيل في الرد ما لم تبطل أمانته أما لو طالبه الموكل فقال ما قبضته منك فأقام الموكل الينة على قبضه فقال الوكيل رددته إليك أو تلف عندي ضمنه ولا يقبل قوله في الرد لأنه بطلت أمانته بالجحود وتناقضه ودعوى الجاني تسليم ما جباه إلى الذي استأجره على القبول أيضا .
ولو ادعى .
الوكيل " الرد على رسول الموكل وأنكر الرسول صدق الرسول " بيمينه لأنه لم يأتمنه فلا يقبل قوله عليه .
ولا يلزم الموكل تصديق الوكيل .
في ذلك " على الصحيح " لأنه يدعي الرد على من لم يأتمنه فليقم البينة عليه .
والثاني يلزمه لأنه معترف بإرساله ويد رسوله كيده فكأنه ادعى الرد عليه .
ولو صدقه الموكل على الدفع إلى رسوله لم يغرم الوكيل كما قاله الأذرعي إنه الأصح .
ولو اعترف الرسول بالقبض وادعى التلف في يده لم يلزم المالك الرجوع إليه لأن الأصل عدم القبض .
ولو قال قبضت الثمن .
حيث يجوز له قبضه بأن وكل في البيع مطلقا أو مع قبض الثمن " وتلف " في يدي أو دفعته إليك " وأنكر الموكل " قبض الوكيل له .
صدق الموكل إن كان .
الاختلاف " قبل تسليم المبيع " لأن الأصل بقاء حقه وعدم القبض .
وإلا .
بأن كان بعد تسليم البيع " فالوكيل " هو المصدق بيمينه " على المذهب " لأن الموكل ينسبه إلى تقصير وخيانة بتسليم المبيع قبل القبض والأصل عدمه .
وفي وجه أن المصدق الموكل لأن الأصل بقاء حقه .
والطريق الثاني في المصدق منهما في الحالين القولان في دعوى الوكيل التصرف وإنكار الموكل فلو أذن له في التسليم قبل القبض أو في البيع بمؤجل أو في القبض بعد الأجل فهو كما قبل التسليم إذ لا خيانة بالتسليم وإذا صدقنا الوكيل فحلف ففي براءة المشتري ( 2 / 236 ) وجهان أصحهما كما قال البغوي لا يبرأ لأن الأصل عدم القبض .
وإنما قبلنا قول الوكيل في حقه لائتمانه إياه وعلى نقل هذا اقتصر الرافعي في الشرح الصغير ورجح الوجه الآخر الإمام ونقله ابن الرفعة عن القاضي حسين وصححه الغزالي في بسيطه .
ولو قال الموكل للوكيل قبضت الثمن فادفعه إلي فقال الوكيل لم أقبضه صدق الوكيل بيمينه وليس للموكل مطالبة المشتري به لاعترافه ببراءة ذمته ولا مطالبة الوكيل بعد حلفه إلا إن سلم الوكيل المبيع بلا إذن فإنه يغرم للموكل قيمة المبيع للحيلولة لاعترافه بالتعدي بتسليمه قبل القبض فلا يشكل بكون القيمة أكثر من الثمن الذي لا يستحق غيره .
ولو .
دفع إلى شخص مالا و " وكله بقضاء دين " عليه " فقال قضيته " به " وأنكر المستحق " قضاءه " صدق المستحق بيمينه " لأنه لم يأتمن الوكيل حتى يلزمه تصديقه ولأن الموكل لو ادعى القضاء لم يصدق لأن الأصل عدم القضاء فكذا نائبه .
وإذا حلف المستحق طالب الموكل بحقه لا الوكيل .
والأظهر أنه لا يصدق الوكيل على الموكل إلا ببينة .
أو شاهد ويحلف معه لأنه وكله في الدفع إلى من لم يأتمنه فكان من حقه الإشهاد عليه وعلى هذا فيأتي فيه ما سبق في رجوع الضامن من الإكتفاء بالمستور وبالواحد ومن التفصيل بالأداء بين الحضرة والغيبة وقبول قول الموكل بيمينه في أنه لم يحضر وغير ذلك مما مر .
والثاني يصدق عليه لأن الموكل قد ائتمنه فأشبه ما لو ادعى الرد عليه .
وقيم اليتيم إذا ادعى دفع المال إليه بعد البلوغ .
والرشد " يحتاج إلى بينة على الصحيح " لأنه لم يأتمنه حتى يكلف تصديقه وكذا ولي السفيه إذا ادعى الدفع إليه بعد رشده ويخالف ذلك الإنفاق لأنه يعسر إقامة البينة عليه .
والثاني يقبل قوله مع يمينه لأنه أمين فأشبه المودع .
وأما الوصي فقد ذكره المصنف في آخر الوصية وجزم فيه بأنه لا يصدق .
قال الإسنوي ولو عكس المصنف كما فعل الماوردي لجزم في القيم بعدم التصديق وتردد في الوصي لكان أولى لأن الوصي أقرب إلى التصديق لأن الأب أو الجد أقامه مقام نفسه اه .
ورد عليه بأن ما فعله المصنف أولى لأن القيم في معنى القاضي فكان أعلى مرتبة وأقرب إلى التصديق .
وهذا الرد مردود لأن الأب والجد أعلى مرتبة من القاضي .
تنبيه : .
مراد المصنف بقيم اليتيم كما قاله الإسنوي منصوب القاضي فقط وهو اصطلاح الإمام و الرافعي وغيرهما خلافا لابن الملقن في قوله وهو من قوم بأمره أبا كان أو جدا أو وصيا أو حاكما إذ لا يتم مع الأب والجد في معناه .
وعلى هذا لم يتعرض الشيخان للأب والجد والمشهور فيهما كما قاله في المطلب عدم القبول أيضا وإن جزم السبكي بقبول قولهما تبعا للماوردي .
وقضية كلام الحاوي أن الحاكم كالأب وألحقه أبو الطيب بالوصي وهو قضية كلام التنبيه : .
قال الأذرعي وعلى تقدير أن يقبل قوله فيجب أن يكون ذلك في القاضي العدل الأمين كما ذكره الأصحاب في باب الوديعة بل لا يجوز لغير الأمين وضع يده على مال اليتيم ونحوه اه .
والمجنون كاليتيم والإفاقة كالبلوغ .
وليس لوكيل ولا مودع .
ولا غيرهما ممن يقبل قوله في الرد كالشريك وعامل الغراض " أن يقول بعد طلب المالك " ماله " لا أرد المال إلا بإشهاد في الأصح " لأن قوله في الرد مقبول بيمينه فلا حاجة إليه .
والثاني له ذلك حتى لا يحتاج إلى يمين فإن الأمناء يحترزون عنها ما أمكنهم .
وللغاصب ومن لا يقبل قوله في الرد ذلك .
أي التأخير إلى الإشهاد كما أشار إليه المصنف من عدم قبول قوله سواء أكان عليه بينة بالأخذ أم لا وقيل إن لم يكن عليه بينة بالأخذ ليس له طلب الإشهاد لتمكنه من أن يقول ليس له عندي شيء ويحلف عليه .
ورد بأنه ربما رفعه إلى قاض يرى الاستفصال كالمالكي فيسأله هل هو غصب أو لا فإن قيل التوبة واجبة على الفور من الغصب وهي لا تحصل إلا برد المغصوب فكيف يجوز التأخير لطلب الأشهاد أجيب بأن ذلك لأجل الضرورة لأنه ربما طولب به ثانيا ( 2 / 237 ) .
تنبيه : .
تعبير المصنف بالرد لا يشمل من عليه الدين كالمقترض وحكمه حكم من لا يقبل قوله في الرد فلو عبر بالدفع لشمله .
ولو قال رجل .
لمن عنده مال لمستحقه " وكلني المستحق بقبض ماله عندك من دين أو عين وصدقه " من عنده المال في ذلك " فله دفعه إليه " لأنه محق بزعمه فإن سلم إليه الحق فأنكر المستحق وكالته فإن كان عينا وبقيت أخذها أو أخذها الدافع وسلمها إليه فإن تلفت طالب ببدلها من شاء منهما .
ومن غرم منهما لا يرجع على الآخر لاعترافهما أن الظالم غيرهما فلا يرجع إلا على ظالمه إلا إن قصر القابض لها فتلفت وغرم المستحق الدافع لها فإنه يرجع على القابض لأنه وكيل عنده والوكيل يضمن بالتقصير وكذا يرجع عليه كما في الأنوار إن شرط الضمان عليه إن أنكر المالك وإن كان الحق دينا لم يطالب به المستحق إلا غريمه لأن القابض فضولي بزعمه والمقبوض ليس حقه وإنما هو مال المديون .
وإذا غرمه فله استرداده من القابض إن كان باقيا لأنه مال من ظلمه وقد ظفر به وإن كان تالفا فإن كان بلا تفريط لم يغرمه وإلا غرمه .
هذا كله إن صرح بتصديقه في دعواه الوكالة كما هو فرض المسألة وإلا فله مطالبته والرجوع عليه بما قبضه منه دينا كان أو عينا .
وقد علم من هذا التفصيل أنه لا فرق بين أن يكون المدعى به دينا أو عينا فيجوز له دفعه عند التصديق وإن قيده بعض المتأخرين من عند نفسه بالدين .
ولا يقال إن ذلك تصرف في ملك الغير بغير إذنه إذ غلبة الظن في ذلك كافية .
والمذهب أنه لا يلزمه .
الدفع إليه " إلا ببينة على وكالته " لاحتمال إنكار المستحق لها .
والطريق الثاني فيه قولان أحدهما هذا وهو المنصوص والثاني وهو مخرج من مسألة الوارث الآتية يلزمه الدفع إليه بلا بينة لاعترافه باستحقاقه الأخذ .
ولو قال .
لمن عليه دين " أحالني " مستحقه " عليك " به وقبلت الحوالة " وصدقه " في ذلك " وجب الدفع " إليه " في الأصح " لأنه اعترف بانتقال الحق إليه .
والثاني لا يجب إلا ببينة لاحتمال إنكار صاحب الحق الحوالة .
تنبيه : .
جحد المحيل الحوالة كجحد الموكل الوكالة كذا قالاه .
ولا يخفى أن الدافع مصدق للقابض على أن ما قبضه صار له بالحوالة وأن المستحق ظلمه فيما أخذه منه فينبغي كما قال شيخنا أن لا يرجع على القابض فتخالف الحوالة الوكالة في ذلك .
قلت وإن قال .
من عنده حق لمستحقه " أنا وارثه " المستغرق لتركته كما قيده في الكفاية أو وصى له أو موصى له منه " وصدقه " من عنده الحق في ذلك " وجب الدفع " إليه " على المذهب والله أعلم " لأنه اعترف بانتقال الحق إليه .
والطريق الثاني فيه قولان أحدهما هذا وهو المنصوص .
والثاني وهو مخرج من مسألة الوكيل السابقة لا يجب الدفع إليه إلا ببينة على إرثه لاحتمال أنه لا يرثه الآن لحياته ويكون ظن موته خطأ .
وإذا سلمه ثم ظهر المستحق حيا وغرمه رجع الغريم على الوارث والوصي والموصى له بما دفعه إليهم لتبين كذبهم بخلاف صور الوكالة لا رجوع فيها في بعض صورها كما مر لأنه صدقه على الوكالة وإنكار المستحق لا يرفع تصديقه وصدق الوكيل لاحتمال أنه وكله ثم جحد وهذا بخلافه .
خاتمة لو صدق الموكل بقبض دين أو استرداد وديعة أو نحوه مدعي التسليم إلى وكيله المنكر لذلك لم يغرم الموكل مدعي التسليم بترك الإشهاد ويفارق ما لو ترك الوكيل بقضاء الدين الإشهاد حيث يغرمه الموكل بأن الوكيل يلزمه الاحتياط للموكل فإذا تركه غرم بخلاف الغريم .
ويجوز عقد النكاح والبيع ونحوهما بالمصادقة على الوكالة به ثم بعد العقد إن كذب الوكيل نفسه لم يؤثر وإن وافقه من وقع العقد لأن فيه حقا للموكل إلا أن يقيم من وقع له العقد بينة بإقراره أنه لم يكن مأذونا له في ذلك فيؤثر فيه ( 2 / 238 )