بكسر الشين وسكون الراء وحكي فتح الشين وسكون الراء وكسرها وشرك بلا هاء .
قال تعالى " وما لهم فيهما من شرك " أي نصيب .
وهي لغة الاختلاط وشرعا ثبوت الحق في شيء لاثنين فأكثر على جهة الشيوع .
والأصل فيها قبل الإجماع قوله تعالى " واعلموا إنما غنمتم من شيء " الآية وخبر السائب بن زيد كان شريك النبي A قبل المبعث وافتخر بشركته بعد المبعث وخبر يقول الله تعالى أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه فإذا خانه خرجت من بينهما رواه أبو داود والحاكم وصحح إسنادهما .
والمعنى أنا معهما بالحفظ والإعانة فأمدهما بالمعونة في أموالهما وأنزل البركة في تجارتهما فإذا وقعت بينهما الخيانة رفعت البركة والإعانة عنهما وهو معنى خرجت من بينهما .
ومقصود الباب شركة تحدث بالاختيار بقصد التصرف وتحصيل الربح وليست عقدا مستقلا ( 2 / 212 ) بل هي في الحقيقة وكالة وتوكيل كما يؤخذ مما سيأتي .
هي .
أي الشركة من حيث هي " أنواع " أربعة الأول " شركة الأبدان كشركة الحمالين وسائر المحترفة " كالخياطين والنجارين والدلالين .
ليكون بينهما كسبهما .
بحرفتيهما " متساويا ومتفاوتا مع اتفاق الصنعة " كنجار ونجار .
أو اختلافها .
كخياط ونجار .
و .
الثاني " شركة المفاوضة " بفتح الواو بأن يشتركا " ليكون بينهما كسبهما " قال الشيخ في التنبيه : بأموالهما وأبدانهما .
وعليهما ما يعرض .
بكسر الراء " من غرم " سواء أكان بغصب أم بإتلاف أم ببيع فاسد .
وسميت مفاوضة من تفاوضا في الحديث شرعا فيه جميعا .
وقيل من قولهم قوم فوضى بفتح الفاء أي مستوون .
و .
الثالث " شركة الوجوه بأن يشترك الوجيهان " عند الناس " ليبتاع كل منهما بمؤجل " ويكون المبتاع " لهما فإذا باعا كان الفاضل عن الأثمان " المبتاع بها " بينهما " أو أن يتفق وجيه وخامل على أن يشتري الوجيه في الذمة ويبيع الخامل ويكون الربح بينهما أو على أن يعمل الوجيه والمال للخامل وهو في يده والربح بينهما .
قال في أصل الروضة ويقرب منه ما ذكره الغزالي أن يدفع خامل مالا إلى وجيه ليبيعه بزيادة ويكون له بعض الربح .
وأشهر هذه التفاسير الثلاثة الأول .
وهذه الأنواع .
الثلاثة " باطلة " .
أما الأول وهي شركة الأبدان فلعدم المال فيها ولما فيها من الغرر إذ لا يدري أن صاحبه يكسب أم لا ولأن كل واحد منهما متميز ببدنه ومنافعه فيختص بفوائده كما لو اشتركا في ماشيتهما وهي متميزة ويكون الدر والنسل بينهما وقياسا على الإحتطاب والاصطياد .
وأما الثاني وهي شركة المفاوضة فلاشتمالها على أنواع من الغرر ولهذا قال الشافعي رضي الله تعالى عنه إن لم تكن شركة المفاوضة باطلة فلا باطل أعرفه في الدنيا .
أشار إلى كثرة الغرر والجهالات فيها .
نعم إن أراد كل منهما بلفظ المفاوضة شركة العنان كأن قالا تفاوضنا أو اشتركنا شركة عنان جاز بناء على صحة العقود بالكنايات .
وأما الثالث وهي شركة الوجوه فلعدم المال المشترك فيها الذي يرجع إليه عند انفساخ العقد ثم ما يشتريه أحدهما في التصوير الأول والثاني ملكه له ربحه وعليه خسرانه وفي التصوير الثالث قراض فاسد لاستبداد المالك باليد .
نعم إن وكل أحدهما الآخر أن يشتري عينا وقصد المشتري الشراء لهما فإنهما يصيران شريكين في العين المأذون فيها ولو حصل شيء في النوعين الأولين من اكتساب المشتركين له منفردين أو مجتمعين فإنه يقسم على أجرة المثل لا بحسب الشرط كما صرح به في أصل الروضة في الأول واقتضاه كلامه في الثاني .
وشركة العنان صحيحة .
بالإجماع وهي أن يشتركا في مال لهما ليتجرا فيه على ما سيأتي بيانه .
العنان بكسر العين من عن الشيء ظهر إما لأنها أظهر الأنواع أو لأنه ظهر لكل من الشريكين مال الآخر أو من عنان الدابة قال السبكي وهو المشهور .
وإما لاستواء الشريكين في ولاية الصرف والفسخ واستحقاق الربح بقدر المالين كاستواء طرفي العنان أو لمنع كل منهما الآخر التصرف كما شاء كمنع العنان الدابة أو لمنع الشريك نفسه من التصرف في المشترك وهو يطلق التصرف في سائر أمواله كمنع الآخذ لعنان الدابة إحدى يديه من استعمالها كيف شاء ويده الأخرى مطلقة يستعملها كيف شاء .
وقيل من عن الشيء عرض لأن كلا منهما قد عرض له أن يشارك الآخر .
وقيل بفتح العين من عنان السماء أي سحابه لأنها علت كالسحاب بصحتها وشهرتها ولهذا اتفقوا على صحتها كما مر .
ونقل الإسنوي عن القاضي عياض أنها بالفتح أيضا من عن إذا ظهر .
وأركانها ثلاثة صيغة وعاقدان ومال وزاد بعضهم رابعا وهو العمل .
وبدأ المصنف منها بالصيغة معبرا عنها بالشرط كما تقدم مثل ذلك في البيع فقال " ويشترط فيها " أي شركة العنان صيغة وهي ( 2 / 213 ) لفظ يدل على الإذن " من كل منهما للآخر " في التصرف " لمن يتصرف من كل منهما أو من أحدهما لأن المال المشترك لا يجوز لأحد الشريكين التصرف فيه إلا بإذن صاحبه ولا يعرف الإذن إلا بصيغة تدل عليه .
تنبيه : .
في معنى اللفظ ما مر في الضمان فلو قال ما يدل على الإذن لكان أولى فإن قال أحدهما للآخر اتجر أو تصرف اتجر في الجميع فيما شاء وإن لم يقل فيما شئت كالقراض .
ولا يتصرف القائل إلا في نصيبه ما لم يأذن له الآخر فيتصرف في الجميع أيضا .
فإن شرط أن لا يتصرف أحدهما في نصيب نفسه لم يصح العقد لما فيه من الحجر على المالك في ملكه ومتى عين له جنسا أو نوعا لم يتصرف في غيره .
ولا يعتبر فيما عينه أن يعم وجوده ذكره المحاملي وغيره بخلاف القراض .
والفرق أن المقصود من القراض حصول الربح حتى لا يضيع عمل العامل والربح لا يحصل فيما لا يعم والمقصود من الشركة الإذن في التصرف فأشبهت الوكالة .
فلو اقتصرا .
أي كل منهما " على اشتركنا لم يكف " في الإذن المذكور " في الأصح " ولا يتصرف كل منهما إلا في نصيبه لاحتمال كون ذلك إخبارا عن حصول الشركة في المال ولا يلزم من حصولها جواز التصرف بدليل المال الموروث شركة .
والثاني يكفي لفهم المقصود منه عرفا .
نعم على الأول إن نويا بذلك الإذن في التصرف كان إذنا كما جزم به السبكي .
ثم شرع في شرط العاقدين وهما الركن الثاني فقال " و " يشترط " فيهما أهلية التوكيل والتوكل " في المال لأن كلا منهما يتصرف في ماله بالملك وفي مال الآخر بالإذن فكل منهما موكل ووكيل .
ومحله كما قال في المطلب إذا أذن كل منهما للآخر في التصرف وإلا فيشترط في الآذن أهلية التوكيل وفي المأذون له أهلية التوكل حتى يصح أن يكون الأول أعمى دون الثاني .
وقضية كلامهم جواز الشركة للولي في مال محجوره وهو كذلك كالقراض وإن نظر فيه بعض المتأخرين بل أولى لأن فيه إخراج جزء من مال محجوره وهو الربح بخلاف الشركة .
ويؤيد الجواز أيضا ما سيأتي من أنه لو مات أحد الشريكين وله وارث غير رشيد ورأى الولي المصلحة في الشركة استدامها .
قال الأذرعي وعلى الجواز لا يجوز للولي أن يشارك فاسقا لأنه يشترط أن يكون الشريك بحيث يجوز إيداع مال المحجور عنده اه .
وهو كما قال بعض المتأخرين ظاهر فيما إذا كان الشريك هو المتصرف دون ما إذا كان الولي المتصرف .
ويكره مشاركة الكافر ومن لا يحترز عن الربا ونحوه وإن كان التصرف مشاركهما كما نقله ابن الرفعة عن البندنيجي لما في أموالهما من الشبهة .
ولو شارك المكاتب غيره لم يصح كما قاله ابن الرفعة إن كان هو المأذون له أي ولم يأذن له السيد لما فيه من التبرع بعمله ويصح إن كان هو الآذن فإن أذن له صح مطلقا .
ثم شرع في شرط المال وهو الركن الثالث فقال " وتصح " الشركة " في كل مثلي " أما النقد الخالص فبالإجماع وأما المغشوش ففيه وجهان أصحهما كما في زوائد الروضة جوازه إن استمر رواجه .
وأما غير النقدين من المثليات كالبر والشعير والحديد فعلى الأظهر لأنه إذا اختلط بجنسه ارتفع التمييز فأشبه النقدين .
ومن المثلي تبر الدراهم والدنانير فتصح الشركة فيه فما أطلقه الأكثرون هنا من منع الشركة فيه مبني على أنه متقوم كما نبه عليه في أصل الروضة وسوى بينه وبين الحلي والسبائك في ذلك .
دون المتقوم .
بكسر الواو إذ لا يمكن الخلط في المتقومات لأنها أعيان متميزة وحينئذ قد يتلف مال أحدهما أو ينقص فلا يمكن قسمة الآخر بينهما .
وقيل تختص بالنقد المضروب .
الخالص من الدراهم والدنانير كالقراض .
تنبيه : .
كلام المصنف يفهم أن غير المضروب يسمى نقدا وليس مرادا .
ويشترط خلط المالين بحيث لا يتميزان .
لما مر في امتناع المتقوم .
ولا بد من كون الخلط قبل العقد فإن وقع بعده في المجلس لم يكف على الأصح أو بعد مفارقته لم يكف جزما إذ لا اشتراك حال العقد بعد ذلك .
ولا يكفي الخلط مع .
إمكان التمييز بنحو " اختلاف جنس ( 2 / 214 ) كدراهم ودنانير " أو صفة كصحاح ومكسرة " وحنطة جديدة وحنطة عتيقة أو بيضاء وسوداء أو بيضاء وحمراء لإمكان التمييز وإن كان فيه عسر فإن خلطا حينئذ وتلف نصيب أحدهما تلف عليه فقط وتعذرت الشركة في الباقي .
تنبيه : .
قضية كلام المصنف أنه لا يشترط تساوي المثلين في القيمة وهو كذلك .
فلو خلطا قفيزا مقوما بمائة بقفيز مقوم بخمسين صح وكانت الشركة أثلاثا بناء على قطع النظر في المثلي عن تساوي الأجزاء في القيمة وإلا فليس هذا القفيز مثلا لذلك القفيز وإن كان مثليا في نفسه .
ولو كان كل منهما يعرف ماله بعلامة لا يعرفها غيره ولا يتمكن من التمييز هل تصح الشركة نظرا إلى حال الناس أو لا نظرا إلى حالهما قال في البحر يحتمل وجهين اه .
والظاهر عدم الصحة أخذا من عموم كلام الأصحاب .
هذا .
أي اشتراط الخلط " إذا أخرجا مالين وعقدا فإن ملكا مشتركا " مما تصح فيه الشركة أو لا كالعروض كما هو ظاهر إطلاق المصنف وإن قيده الشارح بالقسم الأول " بإرث وشراء وغيرهما وأذن كل " منهما " للآخر في التجارة فيه تمت الشركة " لأن المعنى المقصود بالخلط حاصل " والحيلة في الشركة في " باقي " العروض " من المتقوم كالثياب " أن يبيع كل واحد " منهما " بعض عرضه ببعض عرض الآخر " سواء أتجانس العوضان أم اختلفا أو يبيع كل واحد منهما بعض عرضه لصاحبه بثمن في الذمة ثم يتقاصا .
ويأذن له .
بعد التقابض وغيره مما شرط في البيع " في التصرف " فيه .
وهذا كما قال الإمام أبلغ في الاشتراك أي من خلط المالين لأن ما من جزء هنا إلا وهو مشترك بينهما وهناك وإن وجد الخلط فمال كل واحد ممتاز عن مال الآخر وحينئذ فيملكانه بالتسوية إن بيع نصف بنصف وإن بيع بثلثين أو ربع بثلاثة أرباع لأجل تفاوتهما في القيمة ملكاه على هذه النسبة أيضا .
هذا إذا لم يشرطا في التبايع الشركة فإن شرطاها فسد البيع كما نقله في الكفاية عن جماعة وأقره ولا يشترط عليهما بقيمة العوضين .
تنبيه : .
كان الأولى أن يقول ومن الحيلة لأن منها ما ذكرته بعد كلامه وأن يقول في باقي العروض كما قدرته في كلامه أو في المنقولات لأن الشركة في المثليات جائزة بالخلط مع أنها من العروض إذ العرض ما عدا النقد وأن يقول ثم يأذن فإنه يجب تأخير الإذن عن البيع ليقع الإذن بعد الملك والقدرة على التصرف وأن يحذف لفظة كل فإنه لو باع أحدهما بعض عرضه ببعض عرض الآخر وتقاصا حصل الغرض .
ولعل مراده كما قال بعض المتأخرين كل واحد على البدل وقال الشارح كل محتاج إليه في الإذن ونسبة البيع إليه بالنظر إلى المشتري بتأويل أنه بائع للثمن .
ولا يشترط .
في الشركة " تساوي قدر المالين " أي تساويهما في القدر كما في المحرر وغيره بل تثبت الشركة مع تفاوتهما على نسبة المالين لأنه لا محذور فيه إذ لا محذور فيه إذ الربح والخسران على قدر المالين كما سيأتي .
والأصح أنه لا يشترط العلم بقدرهما .
أي بقدر كل من المالين أهو النصف أم غيره " عند العقد " إذا أمكن معرفته من بعد بمراجعة حساب أو وكيل لأن الحق لا يعدوهما وقد تراضيا بخلاف ما لا يمكن معرفته .
والثاني يشترط وإلا يؤدي إلى جهل كل منهما بما أذن فيه وبما أذن له فيه .
ومأخذ الخلاف أنه إذا كان بين اثنين مال مشترك كل منهما جاهل بقدر حصته فأذن كل منهما للآخر في التصرف في نصيبه منه يصح الإذن في الأصح ويكون الثمن بينهما كالمثمن ولو جهلا القدر وعلما النسبة بأن وضع أحدهما الدراهم في كفة الميزان ووضع الآخر بإزائها مثلها صح جزما كما قاله الماوردي وغيره ولو اشتبه ثوباهما لم يكشف للشركة كما في أصل الروضة لأن ثوب كل منهما متميز عن الآخر .
ويتسلط كل منهما على التصرف .
إذا وجد الإذن من الطرفين " بلا ضرر " كالوكيل " فلا يبيع نسيئة " للغرر " ولا بغير نقد البلد ولا " يبيع ولا يشتري ( 2 / 215 ) بغبن فاحش " كالوكيل .
فلو خالف في ذلك لم يصح تصرفه في نصيب شريكه ويصح في نفسه فتنفسخ الشركة في المشتري أو في المبيع ويصير مشتركا بين البائع أو المشتري والشريك فإن اشترى بالغبن في الذمة اختص الشراء به فيزن الثمن من ماله .
ولا يسافر به .
أي المال المشترك لما في السفر من الخطر فإن سافر ضمن فإن باع صح البيع وإن كان ضامنا .
نعم إن عقد الشركة بمفازة لم يضمن بالسفر إلى مقصده لأن القرينة قاضية بذلك .
ومثل ذلك كما قاله بعض المتأخرين ما لو جلا أهل بلد لقحط أو عدو ولم تمكنه مراجعة الشريك أن له السفر بالمال بل يجب عليه .
ولا يبعضه .
بضم الياء المثناة من تحت وسكون الموحدة أي يدفعه لمن يعمل فيه متبرعا لأنه لم يرض بغير يده فإن فعل ضمن .
هذا كله إن فعله " بغير إذن " من شريكه لما مر أنها في الحقيقة توكيل وتوكل فإن أذن له في شيء مما مر ذكره جاز .
نعم لا يستفيد بمجرد الإذن في السفر ركوب البحر بل لا بد من التنصيص عليه كنظيره في القراض وسيأتي في الوكالة أنه لو قال الموكل للوكيل بع بكم شئت أن له البيع بالغبن الفاحش ولا يجوز بالنسيئة ولا بغير نقد البلد أو قال له بع بما شئت فله البيع بغير نقد البلد ولا يجوز بالغبن ولا بالنسيئة ولو قال كيف شئت فله البيع بالنسيئة ولا يجوز بالغبن ولا بغير نقد البلد فيأتي مثل ذلك هنا .
ثم بين المصنف C تعالى أن عقد الشركة جائز من الطرفين بقوله " ولكل " من الشريكين " فسخه متى شاء " كالوكالة " وينعزلان عن التصرف " جميعا " بفسخهما " أي بفسخ كل منهما .
فإن .
لم يفسخا ولا أحدهما ولكن " قال أحدهما " للآخر " عزلتك أو لا تتصرف في نسيبي " انعزل المخاطب و " لم ينعزل العازل " فيتصرف في نصيب المعزول لأن العازل لم يمنعه أحد بخلاف المخاطب فإن أراد المخاطب عزله فليعزله .
وتنفسخ بموت أحدهما وبجنونه وبإغمائه .
كالوكالة ولا ينتقل الحكم في الثالثة عن المغمى عليه لأنه لا يولي عليه فإذا أفاق تخير بين القسمة واستئناف الشركة ولو بلفظ التقرير إن كان المال عرضا .
واستثنى في البحر إغماء لا يسقط به فرض الصلاة فلا فسخ به لأنه خفيف قاله ابن الرفعة .
وظاهر كلامهم خلافه .
وعلى ولي الوارث غير الرشيد في الأولى والمجنون في الثانية استئنافها لهما ولو بلفظ التقرير عند الغبطة فيها بخلاف ما إذا انتفت الغبطة فعليه القسمة .
أما إذا كان الوارث رشيدا فيتخير بين القسمة واستئناف الشركة إن لم يكن على الميت دين ولا وصية وإلا فليس له ولا لولي غير الرشيد استئنافها إلا بعد قضاء دين أو وصية لغير معين كالفقراء لأن المال حينئذ كالمرهون والشركة في المرهون باطلة فإن كانت الوصية لمعين فهو كأحد الورثة فيفصل فيه بين كونه رشيدا أو غير رشيد .
وتنفسخ أيضا بطرق الحجر بالسفه والفلس في كل تصرف لا ينفذ منها كنظيره في الوكالة وتنفسخ بطرق الاسترقاق والرهن كما بحثه الإسنوي .
والربح والخسران على قدر المالين .
باعتبار القيمة لا الإجزاء شرطا ذلك أو لا " تساويا " أي الشريكان " في العمل أو تفاوتا " فيه لأن ذلك ثمرتهما فكان على قدرهما كما لو كان بينهما شجرة فأثمرت أو شاة فنتجت .
فإن شرطا خلافه .
بأن شرط التساوي في الربح والخسران مع التفاضل في المالين أو التفاضل في الربح والخسران مع التساوي في المالين " فسد العقد " لأنه مخالف لموضوع الشركة .
ولو شرطا زيادة في الربح للأكثر منهما عملا بطل الشرط كما لو شرطا التفاوت في الخسران " فيرجع كل " منهما " على الآخر بأجرة عمله في ماله " أي الآخر كالقراض إذا فسد وكذا يجب لكل منهما ذلك عند فساد الشركة بغير ما ذكر .
تنبيه : .
يرد على إطلاق المصنف ما لو تساويا في المال وتفاوتا في العمل وشرط الأقل للأكثر عملا لم يرجع بالزائد على الأصح لأنه عمل متبرعا .
ولو تساويا في أجرة العمل وقع التقاص في الجميع إن تساويا في المال أيضا وفي بعضه إن ( 2 / 216 ) تفاوتا فيه ولو تساويا مالا لا عملا وشرط زيادة لمن عمل منهما أكثر قاص صاحبه بربع أجرة عمله ورجع عليه بما زاد وهو ربعها ولو شرطت الزيادة لواحد منهما إن زاد عمله فزاد عمل الآخر لم يستحق شيئا يرجع به على الأول وإن تفاوتا في المال لتبرعه بما زاد من عمله .
وتنفذ التصرفات .
منهما لوجود الإذن .
والربح .
بينهما " على قدر المالين " لأنه مستفاد منهما وقد أبطلنا الشركة فرجع إلى الأصل .
ويد الشريك يد أمانة .
كالمودع والوكيل " فيقبل قوله في الرد " أي في رد نصيب الشريك .
أما لو ادعى رد الكل وأراد طلب نصيبه فلا يكون القول في طلبه .
و .
في " الخسران و " في " التلف " إن ادعاه بلا سبب أو بسبب خفي كالسرقة " فإن ادعاه " أي التلف " بسبب ظاهر " كحريق وجهل " طولب ببينة بالسبب ثم " بعد إقامتها " يصدق في التلف به " بيمينه فإن عرف الحريق دون عمومه صدق بيمينه أو وعمومه صدق بلا يمين .
والمصنف ذكر هذه المسألة مبسوطة في آخر باب الوديعة .
ولو قال من في يده المال .
من الشريكين " هو لي وقال الآخر " هو " مشترك أو " قالا " بالعكس " أي قال من في يد المال هو مشترك وقال الآخر هو لي .
صدق صاحب اليد .
بيمينه لأنها تدل على الملك وقد ادعى صاحبها جميع المال في المسألة الأولى ونصفه في الثانية .
ولو قال .
صاحبه " اقتسمنا وصار " ما في يدي " لي " وقال الآخر لا بل هو مشترك " صدق المنكر " بيمينه لأن الأصل عدم القسمة .
وإن ادعى كل منهما أنه ملك هذا الرقيق مثلا بالقسمة وحلفا أو نكلا جعل مشتركا وإلا فللحالف .
ولو اشترى .
أحدهما " شيئا وقال اشتريته للشركة أو لنفس وكذبه الآخر " بان عكس ما قاله " صدق المشتري " لأنه أعرف بقصده وسواء ادعى أنه صرح بالشركة أو نواها والغالب أن الأول يقع عند ظهور الخسران والثاني عند ظهور الربح .
تتمة لو اشترى شيئا فظهر كونه معيبا فادعى أنه كان اشتراه للشركة ليرد حصته لم يقبل أو له على البائع لأن الظاهر أنه اشتراه لنفسه فليس له تفريق الصفقة عليه قاله المتولي و العمران .
خاتمة لو أخذ شخص جملا لرجل مثلا وراوية لآخر ليسقي الماء باتفاقهم والحاصل بينهم لم يصح عقد الشركة لأنها منافع أشياء متميزة والماء الحاصل بالاستيقاء للمستقي إن كان ملكه أو مباحا وقصده لنفسه أو أطلق وعليه لكل من صاحبيه أجرة مثل ماله فإن قصد الشركة بالاستقاء في المباح فهو بينهم لجواز النيابة في تملك المباحات وقسم بينهم على قدر أجرة أمثالهم لحصوله بمنافع مختلفة بلا ترجيح بينهم .
ولو اشترك مالك أرض ومالك بذر ومالك آلة حرث مع رابع يعمل على أن الغلة بينهم لم يصح ذلك شركة لعدم اختلاط المالين ولا إجارة لعدم تقدير المدة والأجرة ولو قراضا إذ ليس لواحد منهم رأس مال يرجع إليه فيتعين حينئذ أن يكون الزرع لمالك البذور ولهم عليه أجرة المثل إن حصل من الزرع شيء وإلا فلا أجرة لهم .
فإن قيل العامل في القراض الفاسد يستحق الأجرة مطلقا حصل ربح أو لا والمعنى الذي هنا موجود ثم .
أجيب بأن ذلك وجد فيه صورة القراض وما هنا لم يوجد فيه ذلك ولا صورة شركة ولا إجارة بل أقرب الأشياء به الجعالة الفاسدة والعامل فيها إنما يستحق أجرة المثل إذا وجد فيها الغرض .
ولو قال شخص لآخر سمن هذه الشاة مثلا ولك نصفها أو هاتين على أن لك إحداهما لم يصح ذلك واستحق أجرة المثل للنصف الذي سمنه للمالك وهذه المسألة مما عمت بها البلوى في قرى مصر في الفراريج يدفع كاشف الناحية أو ملتزم البلد إلى بعض البيوت المائة أو الأكثر أو الأقل ويقول ربوها ولكم نصفها فيجب على ولي الأمر ومن له قدرة على منع ذلك أن يمنع من يفعل هذا فإن فيه ضررا عظيما ( 2 / 217 )