وهي الركن الخامس للضمان الشامل للكفالة معبرا عن ذلك بالشرط فقال " يشترط في الضمان " للمال " والكفالة " للبدل صيغة لتدل على الرضى وهي " لفظ " صريح أو كناية " يشعر بالتزام " كغيره من الحقول وفي معناه الكتابة وإشارة أخرس مفهمة " كضمنت " لك " دينك عليه " أي فلان " أو تحملته أو تقلدته " أو التزمته " أو تكفلت ببدنه أو أنا بالمال " الذي على زيد " أو بإحضار الشخص ضامن أو كفيل أو زعيم أو حميل " أو قبيل أو علي ما على فلان لثبوت بعض ذلك بالنص والباقي بالقياس مع اشتهار لفظ الكفالة بين الصحابة فمن بعدهم .
وكل هذه الألفاظ صرائح ومن ألفاظ الكفالة خل عن فلان والدين الذي عليه عندي أو دين فلان إلي .
ولو تكفل فأبرأه المستحق ثم وجده ملازما للخصيم فقال خله وأنا على ما كنت عليه من الكفالة صار كفيلا لأنه إما مبتدىء بالكفالة بهذا اللفظ أو مخبر به عن كفالة واقعة بعد البراءة .
فإن قيل لو قال سيد المكاتب له بعد فسخ الكتابة أقررتك على الكتابة لم تعد فهلا كان هنا كذلك أجيب بأن الضمان محض غرر وغبن فيكفي فيه ذلك من الملتزم بخلاف الكتابة ونحوها .
ولو قال تكفلت بجسمه أو روحه فهو كقوله تكفلت ببدنه .
ولو تكفل بجزء شائع كالثلث أو ما لا يبقى الشخص بدونه كالكبد والقلب والرأس والروح والدماغ فهو كقوله تكفلت ببدنه كما قاله صاحب التنبيه : وأقره عليه المصنف في تصحيحه وجريت عليه في شرحه وليس في الشرحين والروضة تصريح بتصحيح أما ما يبقى الشخص بدونه كاليد والرجل فلا يكفي .
وتقدم الجواب في كتاب البيع عن قولهم كل ما صح تعليقه كالطلاق تصح إضافته ( 2 / 207 ) إلى الجزء وما لا كالبيع فلا .
والكفالة لا يصح تعليقها كما سيأتي ويصح إضافتها إلى الجزء .
تنبيه : .
ذكر في المحرر كالشرحين والروضة لفظة لك بعد ضمنت كما قدرتها في كلامه فحذفها المصنف تنبيه : ا على أن ذكرها ليس بشرط وقال الأذرعي إنه الظاهر .
ولو قال أؤدي المال أو أحضر الشخص فهو وعد .
بالالتزام لا يلزم الوفاء به لأن الصيغة لا تشعر بالالتزام .
قال في المطلب إلا أن صحبته قرينة الالتزام فيلزم .
والأصح أنه لا يجوز تعليقهما .
أي الضمان والكفالة " بشرط " ك إذا جاء رأس الشهر فقد ضمنت ما على فلان أو تكفلت ببدنه لأنهما عقدان فلا يقبلان التعليق كالبيع .
والثاني يجوز لأن القبول لا يشترط فيهما فجاز تعليقهما كالطلاق .
والثالث يمتنع تعليق الضمان دون الكفالة لأن الكفالة مبنية على الحاجة .
و .
الأصح أنه " لا " يجوز " توقيت الكفالة " ك أنا كفيل بزيد إلى شهر وبعده أنا بريء .
والثاني يجوز لأنه قد يكون له غرض في تسليمه في هذه المدة بخلاف المال فإن المقصود منه الأداء فلهذا لا يجوز تأقيت الضمان قطعا كما يشعر به كلام المصنف .
ولا يجوز شرط الخيار في الضمان للضامن ولا في الكفالة للكفيل لمنافاته مقصودها ولا حاجة إليه لأن الملتزم فيهما على يقين من الغرر .
أما شرطه للمستحق فيصح لأن الخيرة في الإبراء والطلب إليه أبدا وشرطه للأجنبي كشرطه للضامن .
ولو أقر بأنه ضمن أو كفل بشرط خيار مفسد أو قال الضامن أو الكفيل لا حق على من ضمنت أو تكفلت به أو قال الكفيل برىء المكفول صدق المستحق بيمينه وإن نكل حلفا وبرأنا دون المضمون عنه والمكفول به ويبطل الضمان بشرط إعطاء مال لا يحسب من الدين وتبطل الكفالة بقوله كفلت زيدا على أن لي عليك كذا وبقوله تكفلت بزيد فإن أحضرته وإلا فبعمرو وبقوله أبرىء الكفيل وأنا كفيل المكفول .
ولو نجزها .
أي الكفالة " وشرط تأخير الإحضار " بمعلوم كأن جعله " شهرا جاز " لأنه التزام لعمل في الذمة فجاز مؤجلا كالعمل في الإجارة .
واحترز بقوله نجزها عن تأجيل الكفالة فإنه لا يصح ومن وقع في كلامه جواز تأجيلها فهو متجوز وإنما مراده شرط تأخير الإحضار كما ذكره المصنف .
وبقوله شهرا عن التأجيل بمجهول كالحصاد فإنه لا يصح .
ولو أحضره قبل الأجل فكما سبق في المكان الذي شرط التسليم فيه .
و .
الأصح " أنه يصح ضمان الحال مؤجلا أجلا معلوما " لأن الضمان تبرع والحاجة تدعو إليه فصحح على حسب ما التزمه ويثبت الأجل في حق الضامن على الأصح فلا يطالب الضامن إلا كما التزم .
ولا نقول التحق الأجل بالدين الحال وإنما يثبت عليه مؤجلا ابتداء لأن الحال لا يؤجل إلا في صورتين الأولى إذا أوصى أن لا يطالب إلا بعد شهر مثلا فإن الوصية صحيحة ويعمل بها .
الثانية إذا نذر أن لا يطالبه إلا بعد سنة مثلا قاله المتولي والثاني لا يصح الضمان للمخالفة ووقع في بعض نسخ المحرر تصحيحيه .
قال في الدقائق والأصح ما في بقية النسخ والمنهاج اه .
ولو ضمن المؤجل مؤجلا بأجل أطول من الأول فكضمان الحال مؤجلا .
تنبيه : .
شمل قوله ضمان الحال من تكفل كفالة شرط فيها تأخير الإحضار ببدن من تكفل بغيره كفالة لم يشرط فيها ذلك ولهذا كانت أولى من قول المحرر ضمان المال الحال .
و .
الأصح " أنه يصح ضمان المؤجل حالا " لأنه تبرع بالتزام التعجيل فصح كأصل الضمان والثاني لا يصح لما مر .
و .
الأصح على الأول " أنه لا يلزمه التعجيل " كما لو التزمه الأصيل والثاني يلزمه لأن الضمان تبرع لزوم فلزمته الصفة كما لو نذر عتق عبد مؤمن .
وعلى الأول هل يثبت الأجل في حقه مقصودا أو تبعا لقضاء حق المشابهة وجهان وتظهر فائدتهما فيما لو مات الأصيل والحالة هذه فإن جعلناه في حقه تابعا حل عليه وإلا فلا كما لو مات المضمون له والراجح الثاني كما قاله صاحب التعجيز في شرحه .
فإن قيل يشكل تصحيح ضمان المؤجل حالا وعكسه بعدم صحة ما لو رهن على الدين الحال وشرط في الرهن أجلا وكذا عكسه كما صرح ( 2 / 208 ) به الماوردي فإن كلاهما وثيقة .
أجيب بأن الشرط في المرهون إذا كان ينفع الراهن ويضر بالمرتهن أو بالعكس لم يصح وهذا الضرر حاصل للراهن إما بحبس المرهون حتى يحل الدين وإما بيعه في الحال قبل حلوله .
وللمستحق .
أي المضمون له أو وارثه " مطالبة الضامن والأصيل " بالدين اجتماعا وانفرادا أو يطالب أحدهما ببعضه والآخر بباقيه .
أما الضامن فلحديث الزعيم غارم وأما الأصيل فلأن الدين باق عليه .
فإن قيل يلزم من مطالبتهما أنه إذا كان له مائة أنه يطالب بمائتين لأنه يطالب كل منهما بمائة وذلك ممنوع .
أجيب بأن الممنوع ليس في المطالبة إنما الممنوع في المرتب عليها وهو الأخذ وليس له إلا أخذ أحدهما والتحقيق أن الدين الذي على الضامن هو الذي على الأصيل لا غيره والذمتان مشغولتان به كالرهنين بدين واحد .
قال الماوردي ولو أفلس الضامن والمضمون عنه فقال الضامن للحاكم بع أولا مال المضمون عنه وقال المضمون له أريد أن أبيع مال أيكما شئت .
قال الشافعي إن كان الضمان بالإذن أجيب الضامن وإلا فالمضمون له .
وإذا رهن رهنا وأقام ضامنا خير المستحق بين بيع الرهن ومطالبة الضامن على الصحيح .
تنبيه : .
قد يقتضي كلام المصنف أنه لو قال رجلان لآخر ضمنا مالك على زيد وهو ألف مثلا أنه يطالب كل منهما بجميع الألف .
وفي المسألة وجهان أحدهما هذا وصححه المتولي كما لو قالا رهنا عبدنا هذا بالألف الذي لك على فلان فإن حصة كل منهما رهن بجميع الألف .
والثاني أنه لا يطالبه إلا بالنصف فقط وصححه الماوردي و البندنيجي كما لو قالا اشترينا عبدك بألف وصوب الأول السبكي وقال لأن الضمان توثقة كالرهن .
قال المتولي ويخالف الشراء لأن الثمن عوض الملك فبقدر ما يحصل للمشتري من الملك يجب عليه من الثمن بخلاف الضمان لا معاوضة فيه .
وقال الأذرعي القلب إلى الثاني أميل لأنه المتيقن وشغل ذمة كل واحد بالزائد مشكوك فيه اه .
واختلف أيضا علماء عصرنا في الإفتاء في ذلك وأنا أقول كما قال الأذرعي .
وتعبير المصنف بالمستحق أعم من تعبير أصله والروضة بالمضمون له فإنه يشمل الوارث كما قررت به كلامه لكنه قد يدخل فيه المحتال مع أنه لا يطالب الضامن لأن ذمته قد برئت بالحوالة ولو ضمن الضامن آخر والآخر آخر وهكذا طالب المستحق الجميع .
والأصح أنه لا يصح .
الضمان " بشرط براءة الأصيل " لمنافاة الشرط لمقتضى الضمان وكذا لو ضمن بشرط براءة ضامن قبله أو كفل بشرط براءة كافل قبله .
والثاني يصح الضمان والشرط لما رواه جابر في قصة أبي قتادة للميت قال فجعل النبي A يقول هما عليك وفي مالك والميت منهما بريء .
فقال نعم فصلى عليه .
قال الحاكم صحيح الإسناد .
وأجاب الأول بأن المراد بقوله بريء إنما في المستقبل .
والثالث يصح الضمان فقط ويبطل الشرط كما لو أعتق عبدا بشرط أن يعطيه شيئا .
ولو أبرأ .
المستحق " الأصيل " من الدين " برىء الضامن " منه لسقوطه " ولا عكس " أي لو أبرأ الضامن لم يبرأ الأصيل لأنه إسقاط وثيقة فلا يسقط بها الدين كفك الرهن نعم يبرأ معه من بعده من الملتزمين لأنه فرعه فيبرأ ببراءته دون من قبله .
تنبيه : .
في معنى الإبراء أداء الدين والاعتياض والحوالة به وعليه وقول ابن الملقن لو عبر بقوله برىء كان أشمل لم يصح في قوله ولا عكس فإنه لو برىء الكفيل بالأداء برىء الأصيل فالإبراء في الثانية متعين .
ولو مات أحدهما .
والدين مؤجل " حل عليه " لخراب ذمته وكذا لو استرق " دون الآخر " فلا يحل عليه لأنه يرتفق بالأجل .
فإن كان الميت الأصيل فللضامن أن يطالب المستحق بأخذ الدين من تركته أو إبرائه هو لأن التركة قد تهلك فلا يجد مرجعا إذا غرم وإن كان الميت الضامن وأخذ المستحق الدين من تركته لم يكن لورثته الرجوع على المضمون عنه الآذن في الضمان قبل حلول الأجل .
تنبيه : .
محل ما ذكره المصنف إذا كان الضمان في الذمة فإن كان عينا معينة كما لو أعاره عينا ليرهنها وقلنا بالصحيح أنه ضمان دين في رقبة ذلك الشيء فمات المعير لا يحل الدين كما قاله ابن الصلاح في فتاويه قال وإنما يحل الدين ( 2 / 209 ) الذي في الذمة لتبرأ ذمته منه وهذا في عين فزال المحذور .
وإذا طالب المستحق الضامن .
بالدين " فله مطالبة الأصيل بتخليصه بالأداء " للدين المضمون له ليبرأ الضامن .
هذا " إن ضمن بإذنه " لأنه الذي أوقعه في المطالبة كما أنه يغرمه إذا غرم .
ومعنى التخليص أنه يؤدي دين المضمون له ليبرأ الضامن .
إما إذا ضمن بغير إذنه فليس له مطالبته لأنه لم يسلطه عليه .
قال في المطلب ولو كان الأصيل محجورا عليه كصبي فللضامن بإذن وليه إن طولب طلب الولي بتخليصه ما لم يزل الحجر فإن زال توجه الطلب على المحجور عليه .
ويقاس بالصبي المجنون والمحجور عليه بسفه سواء أكان الضامن بإذنهما قبل الجنون والحجر أم بإذن وليهما بعد ذلك .
تنبيه : .
قد يفهم اقتصار المصنف على المطالبة أن الضامن إذا حبس لا يحبس الأصيل وهو كذلك إذ لم يفت عليه قبل تسليمه شيء قال في المطلب ولا ملازمته .
وصحح السبكي جواز الحبس لأن الأصيل لا يعطي شيئا إذا علم أنه لا يحبس وحينئذ فلا يبقى لتجويز المطالبة فائدة .
والأصح أنه لا يطالبه .
بتخليصه " قبل أن يطالب " هو بالدين كما لا يغرمه قبل أن يغرم .
والثاني يطالب بتخليصه كما لو استعار عينا للرهن ورهنها فإن للمالك مطالبته بفكها .
وفرق الأول بأن الرهن محبوس بالدين وفيه ضرر ظاهر بخلاف الضامن وعلى الأول ليس له أن يقول للمضمون له إما أن تبرئني من الحق وإما أن تطالبني به لأطالب المضمون عنه كما قاله البندنيجي .
ومحل الخلاف إذا كان الدين حالا وإلا فليس له مطالبته قطعا ولا يطالب الضامن بالإذن الأصيل بالمال ما لم يسلمه فلو دفع إليه الأصيل المال بلا مطالبة وقلنا لا يملكه وهو الأصح فعليه رده ويضمنه إن تلف كالمقبوض بشراء فاسد فلو قال له اقض به ما ضمنت عني فهو وكيل والمال أمانة في يده ولو أبرأ الضامن الأصيل أو صالح عما سيغرم في ماله أو رهنه الأصيل شيئا بما ضمنه أو أقام به كفيلا لم يصح لأن الضامن لا يثبت له حق بمجرد الضمان ولو شرط الضامن في ابتداء الضمان أن يرهنه الأصيل شيئا أو يقيم له به ضامنا فسد الضمان لفساد الشرط .
وللضامن .
الغارم " الرجوع على الأصيل إن وجد إذنه في الضمان والأداء " لأنه صرف ماله إلى منفعة الغير بإذنه .
هذا إن أدى من ماله أما لو أخذ من سهم الغارمين فأدى به الدين فإنه لا يرجع كما ذكروه في قسم الصدقات خلافا للمتولي .
وإن انتفى .
إذنه " فيهما " أي الضمان والأداء " فلا " رجوع لتبرعه ولأنه لو كان له الرجوع لما صلى النبي A على الميت بضمان أبي قتادة .
وإن أذن في الضمان فقط .
وسكت عن الأداء " رجع في الأصح " لأنه أذن في سبب الأداء .
والثاني لا يرجع لانتفاء الإذن في الأداء .
ويستثنى من إطلاق المصنف الرجوع ما إذا ثبت الضمان بالبينة وهو منكر كأن ادعى على زيد وغائب ألفا وأن كلا منهما ضمن ما على الآخر بإذنه فأنكر زيد فأقام المدعي بينة وغرمه لم يرجع زيد على الغائب بالنصف لكونه مكذبا للبينة فهو مظلوم بزعمه فلا يرجع على غير ظالمه .
وما لو ضمن عبد ما في ذمة سيده لأجنبي وأدى بعد العتق فإنه لا يرجع أي في الأصح وما لو قال الضامن بالإذن لله علي أن أؤدي دين فلان ولا أرجع به فإنه إذا أدى لا يرجع .
ولا عكس في الأصح .
لا رجوع فيما إذا ضمن بغير الإذن وأدى بالإذن لأن وجوب الأداء بسبب الضمان ولم يأذن فيه .
والثاني لايرجع لأنه أسقط الدين عن الأصيل بإذن .
ويستثنى من إطلاق المصنف عدم الرجوع ما لو أدى بشرط الرجوع فإنه يرجع كغير الضامن وحيث ثبت الرجوع فحكمه حكم القرض حتى يرجع في المتقوم بمثله صورة كما قاله القاضي حسين .
ولو أدى مكسرا عن صحاح أو صالح عن مائة بثوب قيمته خمسون فالأصح أنه لا يرجع إلا بما غرم .
لأنه الذي بذله .
والثاني يرجع بالصحاح والمائة لحصول براءة الذمة والنقصان جرى من رب المال مسامحة للضامن .
ولو باعه الثوب ( 2 / 210 ) بمائة وتقاصا أو قال بعتك الثوب بما ضمنته لك عن فلان فلا صح البيع ورجع بما ضمنه .
ولو صالح الضامن المستحق من الدين على بعض أو أدى إليه البعض وأبرأه من الباقي رجع بما أدى وبرىء فيهما وبرىء الأصيل عن الباقي في صورة الصلح دون صورة البراءة لأن الصلح يقع عن أصل الدين وبراءة الضامن إنما تقع عن الوثيقة .
فروع لو أحال المستحق على الضامن ثم أبرأ المحتال الضامن هل يرجع الضامن على الأصيل أو لا رجح الجلال البلقيني الأول والمعتمد الثاني لقول الأصحاب إذا غرم رجع بما غرم وهذا لم يغرم .
ومثل ذلك ما لو وهبه المستحق الدين فإنه لا يرجع بخلاف ما لو قبضه منه ثم وهبه له فإنه يرجع كما لو وهبت المرأة الصداق للزوج ثم طلقها قبل الدخول فإنه يرجع عليها بنصفه بخلاف ما لو أبرأته منه قبل قبضها فإنه لا يرجع عليها بشيء .
ولو ضمن ذمي لذمي عن مسلم دينا فصالح صاحبه على خمر لغا الصلح فلا يبرأ المسلم كما لو دفع الخمر بنفسه .
ولو ضمن شخص الضامن بإذنه وأدى الدين للمستحق رجع على الضامن لا على الأصيل ثم يرجع الأول على الأصيل فإن كان بغير إذنه لم يرجع على الأول لعدم إذنه ولا الأول على الأصيل لأنه لم يغرم شيئا .
ومن أدى دين غيره بلا ضمان ولا إذن فلا رجوع .
له عليه لتبرعه وفارق ما لو أوجر طعامه مضطرا قهرا أو وهو مغمى عليه حيث يرجع عليه لأنه ليس متبرعا بل يجب عليه خلاصه من الهلاك ولما فيه من التحريض على مثل ذلك .
ويستثنى من إطلاق المصنف ما لو أدى الولي دين محجوره بنية الرجوع أو ضمن عنه كذلك فإنه يرجع كما قاله القفال وغيره وما لو صار الدين إرثا للضامن فإن له الرجوع لانتقال الدين إليه ولو كان الضمان بغير إذن .
وإن أذن .
له في الأداء " بشرط الرجوع رجع " عليه وفاء بالشرط " وكذا إن أذن " له " مطلقا " عن شرط الرجوع فإنه يرجع " في الأصح " إذا أدى بقصد الرجوع للعرف .
والثاني لا إذ ليس من ضرورة الإذن الرجوع .
وفي معنى الإذن التوكيل في الشراء إذا دفع الثمن فإنه يرجع على الراجح لتضمن التوكيل إذنه بدفع الثمن بدليل أن للبائع مطالبته بالثمن والعهدة .
ولو أذن له في الأداء فضمن لم يرجع لأنه أدى عن الضمان وهو غير مأذون فيه .
ولو ضمن شخص الضامن بإذن الأصيل رجع عليه كما لو قال لغيرهأد ديني فأداه .
والأصح أن مصالحته .
أي المأذون " على غير جنس الدين لا تمنع الرجوع " لأن قصد الآذن حصول البراءة وقد حصلت .
والثاني تمنع لأنه إنما أذن في الأداء دون المصالحة فهو متبرع .
تنبيه : .
لم يبين المصنف بم يرجع وهو إنما يرجع بالأقل من الدين المضمون وقيمة المؤدى فلو صالح بالإذن عن عشرة دراهم على ثوب قيمته خمسة أو عن خمسة على ثوب قيمته عشرة لم يرجع إلا بخمسة .
ثم إنما يرجع الضامن والمؤدي .
بالإذن من غير ضمان " إذا أشهد بالأداء رجلين أو رجلا وامرأتين " لثبوت الحق بذلك ويعتبر في الشاهد العدالة .
نعم لو أشهد مستورين فبانا فاسقين كفى على الأصح لإتيانه بحجة ولتعذر إطلاعه على الباطن فكان معذورا .
وكذا رجل ليحلف معه على الأصح .
إذ الشاهد مع اليمين حجة .
والثاني لا لأنهما قد يترافعان إلى حنفي لا يقضي بشاهد ويمين فكان ذلك ضربا من التقصير .
ورده الإمام بأنه لم يشترط أحد إشهاد من يتفق العلماء على قبوله .
تنبيه : .
قوله ليحلف معه يقتضي اشتراط العزم على الحلف عند الإشهاد فلو لم يقصده كان كمن لم يشهد وبه صرح في الحاوي .
والظاهر أنه لو حلف معه رجع وإن لم يغرم عند الإشهاد .
قال الأذرعي ولو قيل إن كان حاكم البلد حين الدفع والإشهاد حنفيا فهو مقصر لم يبعد اه .
والظاهر إطلاق كلام الأصحاب .
ولا يكفي إشهاد من يسافر قريبا إذ لا يفضي إلى المقصود .
فإن لم يشهد .
أي الضامن بالأداء وأنكر رب الدين أو سكت " فلا رجوع " له " إن أدى ( 2 / 211 ) في غيبة الأصيل وكذبه " لأن الأصيل عدم الأداء وهو مقصر بعدم الإشهاد .
وكذا إن صدقه في الأصح .
لأنه لم ينتفع بأدائه لأن المطالبة باقية .
والثاني يرجع لاعترافه بأنه أبرأ ذمته بإذنه .
ومحل الخلاف إذا لم يأمره الأصيل بالإشهاد أو بتركه فإن أمره به لم يرجع جزما أو بتركه رجع جزما كما قاله الدارمي .
ولو لم يشهد ثم أدى ثانيا وأشهد هل يرجع بالأول لأنه المبرىء للذمة أو بالثاني لأنه المسقط للضمان فيه وجهان تظهر فائدتهما فيما لو كان أحدهما صحاحا والآخر مكسرا مثلا قال في الروضة ينبغي أن يرجع بأقلهما فإن كان الأول فهو بزعمه مظلوم بالثاني وإن كان الثاني فهو المبرىء لكونه أشهد به والأصل براءة ذمة الأصيل من الزائد .
فإن صدقه المضمون له .
وكذبه المضمون عنه ولا بينة " أو أدى بحضرة الأصيل " مع تكذيب المضمون له " رجع على المذهب " أي الراجح من الوجهين في المسألتين لسقوط الطلب في الأول وعلم الأصيل بالأداء في الثانية .
والثاني في الأولى يقول تصديق رب الدين ليس حجة على الأصيل وتصديق ورثة رب الدين المطلقين التصرف كتصديقه .
وهل تصديق الإمام حيث يكون لبيت المال كتصديق الوارث الخاص أو تصديق غرماء من مات مفلسا كتصديق رب الدين قال الأذرعي لم أر فيه شيئا وهو موضع تأمل اه .
والظاهر كما قاله بعض المتأخرين عدم الإلحاق لأن المال لغيره وفي الثانية يقول لم ينتفع الأصيل بالأداء لترك الإشهاد .
وأجيب بأنه المقصود بترك الإشهاد وهذا ظاهر إذا لم يشرط عليه الإشهاد فإن شرطه عليه فيظهر أنه لا يرجع لعدم توفيته بالشرط .
ويقاس بما ذكر في الضامن المؤدي في الأحوال المذكورة .
خاتمة لو قال أشهدت بالأداء شهودا وماتوا أو غابوا أو طرأ فسقهم فكذبه الأصيل في الإشهاد فالقول قول الأصيل بيمينه لأن الأصل عدم براءة ذمته وعدم الإشهاد وإن كذبه الشهود فكما لم لو يشهد .
فإن قيل لو أقرت امرأة بنكاح بحضرة شاهدين فكذباها لا يقدح في إقرارها فهلا كان هنا كذلك أجيب بأنها ثم لو أقرت بحق عليها فلم يلغ بإنكارهما وهذا هنا يريد أن يثبت له حقا .
ولو قال الشهود لا ندري وربما نسينا لا رجوع كما رجحه الإمام وجعله أولى بذلك من دعواه موت الشاهد .
ولو باع من اثنين شيئا وشرط أن يكون كل منهما ضامنا للآخر بطل البيع قال السبكي ورأيت ابن الرفعة في حسبته يمنع أهل سوق الرقيق من البيع مسلما ومعناه إلزام المشتري بما يلحق البائع من الدلالة وغيرها قال ولعله أخذه من هذه المسألة ولا يختص ذلك بالرقيق .
وهذا إن كان مجهولا فإن كان معلوما فلا وكأنه جعله جزءا من الثمن بخلاف مسألة ضمان أحد المشتريين للآخر لا يمكن فيها ذلك .
قال الأذرعي لكنه هنا شرط عليه أمرا آخر وهو أن يدفع كذا إلى جهة كذا فينبغي أن يكون مبطلا مطلقا اه .
وهذا هو الظاهر