على تسليمه عند وجوب التسليم " لأن المعجوز عن تسليمه يمتنع بيعه فيمتنع السلم فيه .
فإن قيل هذا من شروط البيع المذكورة قبل فلا حاجة لذكره .
أجيب بأنه ذكره ليرتب عليه الفروع الآتية ولأن المقصود بيان محل القدرة وهو حالة وجوب التسليم وهي تارة تقترن بالعقد لكون السلم حالا وتارة تتأخر عنه لكونه مؤجلا كما مر بخلاف المبيع المعين فإن المعتبر اقتران القدوة فيه بالعقد مطلقا فإذا أسلم في منقطع عند الحلول كالرطب في الشتاء لم يصح وكذا لو ظن تحصيله بمشقة عظيمة كقدر كثير من الباكورة وهي أول الفاكهة .
فإن كان يوجد ببلد آخر صح .
لسلم فيه " إن اعتيد نقله " غالبا منه " للبيع " ونحوه من المعاملات وإن بعدت المسافة للقدرة عليه .
وإلا .
بأن لم يعتد نقله لنحو البيع منه غالبا بأن نقل له نادرا ولم ينقل منه أصلا أو ينقل منه لغير المعاملة كالهدية " فلا " يصح السلم فيه لعدم القدرة عليه .
فإن قيل سيأتي أن المسلم فيه إذا انقطع إن وجد فيما دون مسافة القصر وجب تحصيله وإلا فلا ولم يعتبروا هنا قرب المسافة .
أجيب بأنه لا مؤنة لنقله هنا على المسلم إليه فحيث اعتيد نقله غالبا للمعاملة من محل إلى محل التسليم صح وإن تباعدا بخلافها فيما يأتي فإنها لازمة له فاعتبر قرب المسافة لخفة المؤنة عليه .
واعتبار محل التسليم فيما ذكر أولى من اعتبار محل العقد كما قاله شيخنا .
ولو أسلم فيما يعم .
وجوده " فانقطع في محله " بكسر الحاء أي وقت حلوله .
لم ينفسخ في الأظهر .
لأن السلم فيه يتعلق بالذمة فأشبه إفلاس المشتري بالثمن .
والثاني ينفسخ كما لو تلف المبيع قبل القبض .
وأجاب الأول بما تقدم .
والمراد بانقطاعه أن لا يوجد أصلا أو يوجد ببلد بعيد وهو مسافة القصر أو ببلد آخر ولو نقل لفسد ولم يوجد إلا عند قوم لا يبيعونه أو يبيعون بأكثر من ثمن مثله بخلاف ما إذا غلا سعره فإنه يحصله وهذا هو مراد المصنف في الروضة بقوله ويجب تحصيله وإن غلا سعره لا أن المراد أنه يباع بأكثر من ثمن مثله لأن الشارع جعل الموجود بأكثر من قيمته كالمعدوم كما في الرقبة وماء الطهارة وأيضا الغاصب لا يكلف ذلك على الأصح .
وفرق بعضهم بين الغصب وهذا بما لا يجدي .
ويجري الخلاف فيما إذا قصر المسلم إليه في الدفع حتى انقطع أو حل الأجل بموت المسلم إليه قبل وجود المسلم فيه أو تأخر التسليم لغيبة أحد المتعاقدين ثم حضر بعد انقطاعه .
وعلى الأول " فيتخير المسلم بين فسخه والصبر حتى وجد " فيطالب به دفعا للضرر .
تنبيه : .
قد يفهم من إطلاقه الخيار أنه على الفور والأصح أنه على التراخي فإن أجاز ثم بدا له أن يفسخ مكن منه ولو أسقط حقه من الفسخ لم يسقط .
ولو علم قبل المحل .
بكسر الحاء " انقطاعه عنده فلا خيار قبله في الأصح " لأنه لم يدخل وقت وجوب التسليم .
والثاني نعم لتحقق العجز في الحال .
تنبيه : .
قصر المصنف الخلاف على الخيار وهو جار في الإنفساخ أيضا فلو قال كالروضة لم يتنجز حكم الانقطاع ( 2 / 107 ) في الأصح لكان أحسن .
و .
يشترط " كونه " أي المسلم فيه " معلوم القدر كيلا " فيما يكال " أو وزنا " فيما يوزن للحديث المار أول الباب .
أو عدا .
فيما يعد " أو ذرعا " فيما يذرع قياسا على ما قبلهما .
فإن قيل لم خص في الحديث الكيل والوزن أجيب بأن ذلك لغلبتهما وللتنبيه : على غيرهما .
ويصح المكيل .
أي سلمه " وزنا وعكسه " أي لموزون الذي يتأتى كيله كيلا .
وحمل الإمام إطلاق الأصحاب جواز كيل الموزون على ما يعد الكيل في مثله ضابطا فيه بخلاف نحو فتات المسك والعنبر لأن للقدر اليسير منه مالية كثيرة والكيل لا يعد ضابطا فيه نقله عن الرافعي وسكت عليه ثم ذكر أنه يجوز السلم في اللآليء الصغار إذا عم وجودها كيلا ووزنا وقال في الروضة هذا مخالف لما تقدم عن الإمام .
فكأنه اختار هنا ما تقدم من إطلاق الأصحاب .
وأجاب عنه البلقيني بأنه ليس مخالفا له لأن فتات المسك والعنبر ونحوهما مما لا يعد الكيل فيه ضابطا لكثرة التفاوت بالنقل على المحل وتركه وفي اللؤلؤ لا يحصل بذلك تفاوت كالفول والقمح فيصح فيه بالكيل فلا مخالفة .
فالمعتمد تقييد الإمام وبه جزم المصنف في تصحيح التنبيه : .
واستثنى الجرجاني وغيره النقدين أيضا فلا يسلم فيهما إلا بالوزن وينبغي أن يكون الحكم كذلك في كل ما فيه خطر في التفاوت بين الكيل والوزن كما قاله ابن يونس .
فإن قيل لم لا يتعين هنا في المكيل الكيل وفي الموزون الوزن كما في باب الربا أجيب بأن المقصود هنا معرفة القدر وثم المماثلة بعادة عهده A .
ولو أسلم في مائة صاع حنطة .
مثلا " على أن وزنها كذا " أو في ثوب مثلا صفته كذا ووزنه كذا وذرعه كذا " لم يصح " لأنه يعز وجوده بخلاف الخشب لأن زائده ينحت قاله الشيخ أبو حامد وأقراه .
فإن قيل يعتبر فيه ذكر العرض والطول والثخانة وبالنحت تزول إحدى هذه الصفات .
أجيب بأن وزنه على التقريب كما سيأتي في اللبن .
تنبيه : .
لو قال المصنف مائة صاع كيلا كان أولى لأن الصاع اسم للوزن .
ويشترط الوزن في البطيخ .
بكسر الباء " والباذنجان " بفتح المعجمة وكسرها " والقناء " بالمثلثة والمد " والسفرجل " بفتح الجيم " والرمان " وما أشبه ذلك مما لا يضبطه الكيل لتجافيه في المكيال كالرانج وقصب السكر والبقول .
ولا يكفي فيها العد لكثرة التفاوت فيها .
والجمع فيها بين الوزن والعد مفسد لأنه يحتاج معه إلى ذكر الجرم فيورث عزة الوجود .
وقول السبكي ولو أسلم في عدد من البطيخ مثلا كمائة بالوزن في الجميع دون كل واحد جاز اتفاقا ممنوع كما قال شيخي لأنه يشترط ذكر حجم كل واحدة فيؤدي إلى عزة الوجود .
قال الرافعي ولا يجوز السلم في البطيخة الواحدة والسفرجلة الواحدة لأنه يحتاج إلى ذكر حجمها ووزنها وذلك يورث عزة الوجود .
ويصح .
السلم " في الجوز واللوز بالوزن " لا بالعد " في نوع يقل اختلافه " بغلظ قشورها ورقتها بخلاف ما لا يقل اختلافه بذلك فلا يصح السلم فيه لاختلاف الأغراض في ذلك .
وهذا التقييد استدركه الإمام على إطلاق الأصحاب الجواز وسكت عليه الرافعي وجزم به المحرر والمصنف هنا وفي الروضة لكنه قال في شرح الوسيط بعد ذكره له والمشهور في المذهب ما أطلقه الأصحاب ونص عليه الشافعي .
قال الإسنوي والصواب التمسك بما قاله في شرح الوسيط لأنه متسع لا مختصر اه .
وهذا هو المعتمد ويؤيده كما قال ابن شهبة إطلاق الشيخين في باب الربا جواز بيع الجوز بالجوز وزنا واللوز باللوز كيلا مع قشرهما ولم يشترطا فيه هذا الشرط مع أن الربا أضيق من السلم .
وكذا .
يصح السلم فيما ذكر " كيلا في الأصح " قياسا على الحبوب والتمر .
والثاني لا لتجافيهما في الميكال .
ومحل الخلاف في غير الجوز الهندي أما هو فيتعين فيه الوزن جزما ولا يصح بالعد .
ولو عبر المصنف بالأظهر لكان أولى لأن الخلاف قولان لا وجهان .
قال السبكي ويجوز الكيل والوزن في البندق والفستق قال ولا أظن فيهما خلافا وعبارة الروضة موهمة للخلاف فيهما اه .
وإنما يجوز السلم في هذه الأشياء في القشر الأسفل فقط .
نعم لو أسلم في اللوز ( 2 / 108 ) الأخضر قبل انعقاد القشرة السفلى جاز لأنه مأكول كله كالخيار قاله الأذرعي وتقدم ذلك في البيع لأن قولهم في القشر الأسفل يخرجه لأن هذا لا قشر له أسفل .
ويجوز في المشمش كيلا ووزنا وإن اختلف نواه كبرا وصغرا .
ويجمع في اللبن .
بكسر الباء " بين العد والوزن " ندبا فيقول مثلا عشر لبنات زنة كل واحدة كذا لأنها تضرب عن اختيار فلا يؤدي إلى عزة الوجود فالواجب فيه العد والأمر في وزنه على التقريب .
ويشترط أن يذكر الطول والعرض والثخانة لكل لبنة وأنه من طين معروف .
ولو عين مكيالا فسد .
السلم ولو كان حالا " إن لم يكن " ذلك الكيل " معتادا " ككوز لا يعرف قدر ما يسع لأن فيه غررا لأنه قد يتلف قبل قبض ما في الذمة فيؤدي إلى التنازع بخلاف بيع ملئه من هذه الصبرة فإنه يصح لعدم الغرر .
وإلا .
بأن كان الكيل معتادا بأن عرف قدر ما يسع " فلا " يفسد السلم " في الأصح " ويلغو تعيينه كسائر الشروط التي لا غرض فيها ويقوم مثل المعين مقامه فلو شرطا أن لا يبدل بطل العقد .
وتعيين الميزان والذراع والصنجة في معنى تعيين المكيال .
فلو شرط الذرع بذراع يده ولم يكن معلوم القدر لم يصح لأنه قد يموت قبل القبض والثاني يفسد لتعرض الكيل ونحوه للتلف .
ولو اختلفت المكاييل والموازين والذرعان فلا بد من تعيين نوع منها إلا أن يغلب نوع فيحمل الإطلاق عليه كما في أوصاف المسلم فيه .
فرع لو قال أسلمت إليك .
في ثوب أو في صاع بر مثل هذا الثوب أو البر لم يصح لأن المشار إليه قد يتلف كما في مسألة الكوز .
وإن قال أسلمت إليك في ثوب مثل ثوب قد وصف قبل ذلك ولم ينسيا وصفه صح وفارقت ما قبلها بأن الإشارة إلى المعين لم تعتمد الصفة .
ولو أسلم في ثمر قرية صغيرة .
أو بستان أو ضيعة أي في قدر معلوم منه " لم يصح " لأنه قد ينقطع بجائحة ونحوها فلا يحصل منه شيء وذلك غرر ولا حاجة إليه .
وظاهر كلامهم أنه لا فرق في ذلك بين السلم الحال والمؤجل وهو كذلك أو ثمر ناحية " أو " قرية " عظيمة " أي في قدر معلوم منه " صح في الأصح " لأنه لا ينقطع غالبا .
وهل يتعين أو يكفي الإتيان بمثله فيه احتمالان للإمام قال ابن شهبة والمفهوم من كلامهم الأول والثاني أنه كتعيين المكيال لعدم الفائدة .
تنبيه : .
لم يتعرضوا لضابط الصغيرة والكبيرة ونقل ابن كج عن الشافعي ما يقتضي أن الكبيرة ما يؤمن فيها الانقطاع والصغيرة بخلافه فالعبرة بكثرة الثمار وقلتها والثمرة مثال فغيرها مثلها .
قال الزركشي كان ينبغي ذكر هذه المسألة في شروط القدرة على التسليم لأنه يوجب عسرا إلا في شرط معرفة المقدار فإنها ليست منه في شيء .
و .
يشترط لصحة السلم " معرفة الأوصاف التي يختلف بها الغرض اختلافا ظاهرا " وينضبط بها المسلم فيه وليس الأصل عدمها لتقريبه من المعاينة ولأن القيمة تختلف بسببها .
وهذا الشرط معطوف على قوله أول الفصل ويشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه كما قدرته في كلامه .
وكان ينبغي أن يقدم شرط كونه موصوفا ينضبط بالصفات ثم العلم بها فإن لم تعرف لم يصح السلم لأن البيع لا يحتمل جهل المعقود عليه وهو عين فلان لا يحتمل وهو دين أولى وخرج بالقيد الأول ما يتسامح بإهمال ذكره كالكحل والسمن في الرقيق كما سيأتي وبالثاني ما لا ينضبط كما سيأتي أيضا وبالثالث كون الرقيق قويا على العمل أو ضعيفا أو كاتبا أو أميا أو نحو ذلك فإنه وصف يختلف به الغرض اختلافا ظاهرا مع أنه لا يجب التعرض له لأن الأصل عدمه .
و .
يشترط " ذكرها في العقد " مقربة به ليتميز المعقود عليه فلا يكفي ذكرها قبله ولا بعده ولو في مجلس العقد .
نعم إن توافقا قبل العقد وقالا أردنا في حالة العقد ما كنا اتفقنا عليه صح كما قاله الإسنوي وهو نظير من له بنات وقال لآخر زوجتك بنتي ونويا معينة ولا بد أن يكون ذلك .
على وجه لا يؤدي إلى عزة الوجود .
لأن السلم غرر كما مر فلا يصح إلا فيما يوثق بتسليمه .
والعزة هنا بمعنى القلة يقال شيء عزيز أي قليل .
فلا يصح .
السلم " فيما لا ينضبط ( 2 / 109 ) مقصوده كالمختلط المقصود الأركان " التي لا تنضبط " كهريسة ومعجون وغالية وخف " ونعل " وترياق مخلوط " لعدم انضباط أجزائها لأن الغالية مركبة من مسك وعنبر وعود وكافور كما في الروضة وفي تحرير المصنف مركبة من دهن ومسك وعنبر .
ومثل الغالية الند وهو بفتح النون مسك وعنبر وعود خلط بغير دهن .
والخف والنعل كل منهما مشتمل على ظهارة وبطانة وحشو والعبارة لا تفي بذكر أقدارها وأوصافها .
أما الخفاف المتخذة من شيء واحد ومثلها النعال فيصح السلم فيها إن كانت جديدة واتخذت من غير جلد كالثياب المخيطة والأمتعة .
واحترز بالترياق المختلط عما هو نبات واحد أو حجر فإنه يجوز السلم فيه وهو بتاء مثناة أو دال مهملة أو طاء كذلك مكسورات ومضمومات فهذه ست لغات ذكرها المصنف في دقائقه ويقال أيضا دراق وطراق .
ومثل ذلك القسي وهو بكسر القاف والسين وتشديد الياء جمع قوس ويجمع أيضا على أقواس مركبة من خشب وعظم وعصب .
والنبل المريش بفتح الميم وكسر الراء وإسكان الياء بوزن كريم لاختلاف وسطه وطرفيه دقة وغلظة وتعذر ضبطه أما النبل قبل خرطه وعمل الريش عليه فيصح لتيسر ضبطه .
ولا يصح السلم في الحنطة المختلطة بالشعير ولا في الأدهان المطيبة بطيب من نحو بنفسج وبان وورد بأن خالطها شيء من ذلك أما إذا روح سمسمها بالطيب المذكور واعتصر فإنه لا يضر .
والأصح صحته في المختلط المنضبط .
الأجزاء " كعتابي " وهو مركب من قطن وحرير " وخز " وهو مركب من إبريسم ووبر أو صوف لسهولة ضبط كل جزء من هذه الأجزاء .
تنبيه : .
ما المراد بالانضباط قيل أن يعرف العاقدان أن اللحمة من أحدهما والسدى من الآخر وقيل معرفة الوزن .
رجح الأول السبكي والثاني الأذرعي وهو الظاهر لأن القيم والأغراض تتفاوت بذلك تفاوتا ظاهرا وعليه ينطبق قول الرافعي في الشرح الصغير لسهولة معرفة اختلاطها وأقدارها .
وجبن وأقط .
كل منهما فيه مع اللبن المقصود الملح .
والإنفحة من مصالحه وهي بكسر الهمزة وفتح الفاء وتخفيف الحاء المهملة على المشهور كرش الخروف والجدي ما لم يأكل غير اللبن فإن أكل فكرش وجمعها أنافح .
ويجوز في باء الجبن السكون والضم مع تخفيف النون وتشديدها والجيم مضمومة في الجميع وأشهر هذه اللغات إسكان الباء وتخفيف النون .
وشهد .
بفتح الشين وضمها مركب من عسل النحل وشمعه خلقة فهو شبيه بالتمر وفيه النوى .
وخل تمر أو زبيب .
هو يحصل من اختلاطهما بالماء الذي هو قوامه .
ومقابل الأصح في السبعة ينفي الانضباط فيها قائلا بأن كلا من الحرير والملح والشمع والماء وغيره يقل ويكثر .
والسمك المملح كالجبن .
تنبيه : .
كلام المصنف قد يوهم أن هذه الأمثلة من أمثلة القسم المتقدم وهو المختلط المقصود الأركان وليس مرادا بل من أمثلة النوع الثالث من المختلطات وهو أن يقصد أحد الخليطين والآخر للإصلاح كما هو في الشرح والروضة وأشار إليه في المحرر بقوله وكذا الجبن فقطعهما عما قبلهما وحينئذ يتعين أن لا تكون مجرورة بالكاف عطفا على العتابي بل مجرورة ب في عطفا على المختلط .
وإدخاله الشهد في هذا النوع تبع فيه المحرر وليس منه بل هو نوع رابع كما ذكراه في الشرح والروضة وهو المختلط خلقة فلو قدمه أو أخره لكان أولى .
ويصح السلم في اللبن والسمن والزبد ويشترط ذكر جنس حيوانه ونوعه ومأكوله من مرعى أو علف معين بنوعه ويذكر في السمن أنه جديد أو عتيق ولا يصح في حامض اللبن لأن حموضته عيب إلا في مخيض لا ماء فيه فيصح فيه .
ولا يضر وصفه بالحموضة لأنها مقصودة فيه واللبن المطلق يحمل على الحلو وإن جف ويذكر طراوة الزبد وضدها .
ويصح السلم في اللبن كيلا ووزنا ويوزن برغوته ولا يكال بها لأنها لا تؤثر في الميزان .
ويذكر نوع الجبن وبلده ورطوبته ويبسه الذي لا تغير فيه أما ما فيه تغير فلا يصح فيه لأنه معيب وعليه يحمل منع الشافعي السلم في الجبن القديم .
والسمن يوزن ويكال وجامده الذي يتجافى في المكيال يوزن كالزبد واللبأ المجفف أما غير المجفف فكاللبن وما نص عليه في الأم من أنه يصح السلم في الزبد كيلا ووزنا يحمل على زبد لا يتجافى في المكيال .
ولا يصح في الكشك وكافه الأولى مفتوحة لعدم ضبط حموضته ( 2 / 110 ) لا الخبز " أي لا يصح السلم فيه " في الأصح عند الأكثرين " لتأثير النار فيه تأثيرا لا ينضبط ولأن ملحه يقل ويكثر .
والثاني وصححه الإمام ومن تبعه وحكاه المزني عن النص الصحة لأن ناره مضبوطة والملح غير مقصود .
تنبيه : .
كان الأولى للمصنف تأخير هذه المسألة إلى الكلام على منع السلم في المطبوخ والمشوي لأن منع السلم فيه لعدم ضبط تأثير ناره فيه لا لأجل الخليط وهو الملح لما مر في الجبن والأقط .
والأشبه كما قال الإسنوي أن النبيذ كالخبز .
ولا يصح .
السلم " فيما يندر وجوده كلحم الصيد بموضع العزة " أي محل يعز وجوده فيه لانتفاء الوثوق بتسليمه .
نعم لو كان السلم فيه حالا وكان المسلم فيه موجودا عند المسلم إليه بموضع يندر فيه صح كما في الاستقصاء .
ولا فيما لو استقصي وصفه .
الواجب ذكره في السلم " عز وجوده " لما مر " كاللآليء الكبار واليواقيت " وغيرهما من الجواهر النفيسة لأنه لا بد فيها من التعرض للحجم والوزن والشكل والصفاء واجتماع هذه الأمور نادر .
وخرج باللآليء الكبار وهي ما تطلب للزينة الصغار وهي ما تطلب للتداوي وضبطها الجويني بسدس دينار أي تقريبا كما قالاه فإنه يصح كما مر ولا يصح في العقيق لشدة اختلافه كما قاله الماوردي بخلاف البلور فإنه لا يختلف ومعياره الوزن .
وجارية وأختها .
أو خالتها أو عمتها " أو ولدها " أو شاة وسخلها لأن اجتماعهما بالصفات المشروطة فيهما نادر .
فإن قيل سيأتي أنه لو شرط كون الرقيق كاتبا أو الجارية ماشطة فإنه يندر ذلك مع اجتماع الصفات ومع ذلك يصح .
أجيب بأن ذلك وصف يسهل تحصيله بالإكتساب بخلاف البنوة والأخوة وهذا الجواب لا يأتي في السلم الحال لأنه يجب تسليمه في الحال فلا يتمكن مع ذلك من التأخير للتعليم .
تنبيه : .
إطلاق المصنف المنع يقتضي أنه لا فرق في الأمة بين الزنجية وغيرها وهو كذلك وإن قيده الإمام بمن تكثر صفاتها بخلاف الزنجية وجرى عليه الغزالي .
فرع " يصح " السلم .
في الحيوان .
لأنه ثبت في الذمة قرضا في خبر مسلم ففيه أنه A اقترض بكرا فقيس على القرض السلم وعلى البكر غيره من سائر الحيوان .
وروى أبو داود أنه A أمر عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه أن يأخذ بعيرا ببعيرين إلى أجل وهذا سلم لا فرض لما فيه من الفضل والأجل .
وحديث النهي عن السلف في الحيوان قال ابن السمعاني في الاصطلام غير ثابت وإن خرجه الحاكم .
فيشترط .
في السلم " في الرقيق ذكر نوعه كتركي " ورومي وحبشي لاختلاف الغرض بذلك وإن اختلف صنف النوع وجب ذكره كخطابي أو رومي .
و .
ذكر " لونه " إن اختلف " كأبيض " وأسود .
ويصف .
سواده بصفاء أو كدورة و " بياضه بسمرة أو شقرة " فإن لم يختلف لون الصنف كزنجي لم يجب ذكره .
و .
ذكر " ذكورته وأنوثته " أي أحدهما فلا يصح في الخنثى .
وسنه .
كأبن عشر سنين أو محتلم كذا قالاه .
قال الأذرعي والظاهر أن المراد به أول عام الاحتلام أو وقته وإلا فابن عشرين سنة محتلم .
ويعتمد قول الرقيق في الاحتلام وفي السن إن كان بالغا وإلا فقول سيده إن علمه وإلا فقول النخاسين أي الدلالين بظنونهم .
وقده .
أي قامته " طولا وقصرا " أو ربعة فيذكر أحدا من ذلك لاختلاف الغرض بها .
وكله .
أي الوصف والسن والقد " على التقريب " حتى لو شرط كونه ابن عشر مثلا بلا زيادة ولا نقص لم يصح لندرته .
تنبيه : .
لم يذكر في المحرر التقريب إلا بالنسبة إلى السن وكذا هو في الشرحين والروضة .
قال ابن النقيب وما ذكره المصنف حسن إن ساعده عليه نقل .
وقال الأذرعي وما اقتضته عبارته من أن كل ذلك على التقريب لم ( 2 / 111 ) أره لغيره والظاهر أن الأمر كما قال وإنما خصوا السن بذلك لئلا يظن أن المراد حقيقة التجديد فغيره أولى بأن يكون على التقريب لكن إنما يظهر ذلك في اللون والقد لا في النوع والذكورة والأنوثة فلا يقال فيها على التقريب ففي العبارة قلاقة اه .
ولذلك حملت عبارته على المراد لأن هذا معلوم أنه لا يدخله التقريب .
وكلام المصنف قد يوهم عدم اشتراط الثيوبة أو البكارة والأصح الاشتراط .
ولا يشترط ذكر الكحل .
بفتح الكاف والحاء وهو سواد يعلو جفون العين كالكحل من غير اكتحال .
و .
لا " السمن " في الأمة " ونحوهما " كالدعج وهو شدة سواد العين مع سعتها وتكلثم الوجه وهو استدارته وثقل الأرداف ودقة الخصر والملاحة .
في الأصح .
لسامح الناس بإهمالها .
والثاني يشترط لأنها مقصودة لا تؤدي إلى عزة الوجود .
وتختلف القيمة بسببها وينزل في الملاحة على أقل درجاتها ومع ظهور هذا وقوته المعتمد الأول .
وسن ذكر مفلج الأسنان أو غيره وجعد الشعر أو سبطه وصفة الحاجبين لا سائر الأوصاف التي تؤدي إلى عزة الوجود كأن يصف كل عضو على حياله بأوصافه المقصودة وإن تفاوت به الغرض والقيمة لأن ذلك يورث العزة .
ولو شرط كون الرقيق يهوديا أو كاتبا أو مزوجا صح بخلاف كونه شاعرا لأن الشعر طبع لا يمكن تعلمه فيعز وجوده بالأوصاف المذكورة وبخلاف خفة الروح وعذوبة الكلام وحسن الخلق للجهالة .
ولو شرط كونه زانيا أو سارقا أو قاذفا صح لا كونها مغنية أو عوادة ونحو ذلك .
وفرق بأنها صناعة محرمة وتلك أمور تحدث كالعمى والعور قال الرافعي وهذا فرق لا يقبله ذهنك وقال الزركشي الفرق صحيح إذ حاصله أن الغناء والضرب بالعود لا يحصل إلا بالتعليم وهو محظور وما أدى إلى المحظور محظور بخلاف الزنا والسرقة ونحوهما فإنها عيوب تحدث من غير تعلم .
وفرق بوجه الحر وهو أن الغناء ونحوه لا بد فيه مع التعلم من الطبع القابل لذلك وهو غير مكتسب فلم يصح .
وهذا أولى إذ يعتبر على الأول أن يكون الغناء محظورا بآلة محرمة بخلافه على هذا مع أن التحقيق أن الغناء ليس محرما مطلقا وإنما المحرم إذا كان بآلة في الهيئة الاجتماعية .
ولو أسلم جارية صغيرة في كبيرة صح كإسلام صغير الإبل في كبيرها فإن كبرت بكسر الباء أجزأت عن المسلم فيه وإن وطئها كوطء الثيب وردها بالعيب .
و .
يشترط " في الإبل " والبقر والغنم " والخيل والبغال والحمير الذكورة والأنوثة والسن واللون والنوع " لاختلاف الغرض والقيمة بذلك فيقول في الإبل بخاتي أو عراب أو هن نتاج بني فلان أو بلد بني فلان .
وفي بيان المصنف المختلف أرحبية أو مهرية لاختلاف الغرض بذلك .
وفي الخيل عربي أو تركي أو من خيل بني فلان لطائفة كثيرة .
قال الجرجاني وينسب البغال والحمير إلى بلد فيقول مصري أو رومي وكذا الغنم فيقول تركي أو كردي .
ولو اختلف صنف النوع فعلى ما سبق في الرقيق .
واستثنى الماوردي من اللون الأبلق فلا يصح السلم فيه لعدم انضباطه ولا في الحيوان الحامل من أمة أو غيرها لأنه لا يمكن وصف ما في البطن .
تنبيه : .
ظاهر كلام المصنف أنه لا يشترط ذكر القدر وهو كذلك فقد نقل الرافعي اتفاق الأصحاب عليه وقال الماوردي ليس للإخلال به وجه .
أجيب بأن له وجها يعرف مما وجه به عدم اشتراط الدعج ونحوه .
ويندب في غير الإبل ذكر ألوانه المخالفة لمعظم لونه كالأغر والمحجل واللطيم بفتح اللام وهو من الخيل ما سالت غرته في أحد شقي وجهه قال الجوهري .
و .
يشترط " في الطير النوع والصغر وكبر الجثة " أي أحدهما والسن إن عرف ويرجع فيه للبائع كما في الرقيق والذكورة أو الأنوثة إن أمكن التمييز وتعلق به غرض .
فرع قال الأذرعي الظاهر أنه لا يجوز السلم .
في النحل وإن جوزنا بيعه لأنه لا يمكن حصره بعدد ولا وزن ولا كيل وأنه يجوز السلم في أوزة وفراخها ودجاجة وفراخها إذا سمي عددها .
وما قام في هذه كما قال شيخنا مردود إذ هي داخلة في قولهم حكم البهيمة وولدها حكم الجارية وولدها .
و .
يشترط " في اللحم لحم بقر " عراب أو ( 2 / 112 ) جواميس " أو ضأن أو معز ذكر خصي رضيع معلوف أو ضدها " أي ضد ما ذكر والرضيع والفطيم من الصغير .
أما الكبير فمنه الجذع والثني فيذكر أحدهما .
ولا يكفي في المعلوفة العلف مرة أو مرات بل لا بد أن ينتهي إلى مبلغ يؤثر في اللحم كما قاله الإمام وأقراه .
وظاهر ذلك أنه لا يجب قبول الراعية وإن كانت في غاية السمن وهو كذلك وإن قال في المطلب الظاهر وجوب قبولها قيل لأن الراعية بسمنها أطيب من المعلوفة لأن الراعية تتردد في المرعى والمعلوفة مقيمة فيكون سمنها أغث .
ولا فرق في صحة السلم في اللحم بين جديده وقديده ولو مملحا وإن كان عليه عين الملح لأنه من مصلحته .
ويصح السلم في الشحم والكبد والألية والطحال ونحو ذلك .
ويذكر جنس حيوانها ونوعه وصفته إن اختلف به غرض وفي السمك والجراد حيا وميتا حيث عم ويذكر في الحي العد وفي الميت الوزن .
ويبين كون اللحم " من فخذ " بإعجام الذال " أو كتف أو جنب " أو غيره من سمين أو هزيل لاختلاف الغرض بذلك .
وكل ما قرب من الماء والمرعى كان أطيب فلحم الرقبة أطيب لقربه ولحم الفخذ أدون لبعده .
ويقبل عظمه على العادة .
عند الإطلاق لأنه كالنوى من التمر فإن شرط نزعه جاز ولم يلزمه قبوله .
ولا يلزمه قبول الرأس والرجل من الطير ولا الذنب الذي لا لحم عليه من السمك ومقتضى كلام الروضة وأصله أنه يلزمه قبول رأس السمك لكن نص في البويطي على عدم لزومه .
ويلزمه قبول جلد يؤكل عادة مع اللحم كجلد الخروف والجدي الصغيرين والطير والسمك قاله الماوردي .
ولا مدخل للخصاء والعلف وضدهما في لحم الصيد .
ولا بد من ذكر ما يصاد به من أحبولة أو سهم أو جارحة أو كلب أو فهد فإن صيد الكلب أطيب لطيب نكهته .
و .
يشترط " في الثياب الجنس " كقطن أو كتان والنوع والبلد الذي ينسج فيه إن اختلف به الغرض وقد يغني ذكر النوع عنه وعن الجنس .
والطول والعرض والغلظ والدقة .
بالدال المهملة هما بالنسبة إلى الغزل .
والصفاقة والرقة .
بالراء هما بالنسبة إلى النسج .
والأولى انضمام بعض الخيوط إلى بعض مأخوذة من الصفق وهو الضرب والثانية عدم ذلك .
وقد يستعمل الدقيق موضع الرقيق وبالعكس .
والنعومة والخشونة .
لاختلاف الغرض بذلك والمراد ذكر أحد كل متقابلين بعد الأولين معهما .
تنبيه : .
سكت الشيخان تبعا للجمهور عن ذكر اللون وذكر في البسيط اشتراطه في الثياب قال الأذرعي وهو متعين في بعض الثياب كالحرير والقز والوبر وكذا القطن ببعض البلاد منه أبيض ومنه أشقر خلقة وهو عزيز وتختلف الأغراض والقيم بذلك اه .
وجوابه ما مر في الدعج ونحوه .
ومطلقه .
أي الثوب عن القصر وعدمه " يحمل على الخام " دون المقصور لأن القصر صفة زائدة قال الشيخ أبو حامد فإن أحضر المقصور كان أولى وقضيته أنه يجب قبوله .
قال السبكي وغيره إلا أن يختلف الغرض به فلا يجب قبوله وهذا أوجه .
ويجوز في المقصور .
لأن القصر وصف مقصود مضبوط ولا يجوز في الملبوس لأنه لا ينضبط .
ويجوز في القمص والسراويل ونحوهما إذا كان ذلك جديدا ولو مغسولا إن ضبطه طولا وعرضا وسعة وضيقا .
و .
يجوز في " هما صبغ غزله قبل النسج كالبرود " إذا بين ما صبغ به وكونه في الشتاء أو الصيف واللون وبلد الصبغ كما قاله الماوردي .
والأقيس صحته في المصبوغ بعده .
أي النسج كما في الغزل المصبوغ " قلت الأصح منعه " لأن الصبغ بعده يسد الفرج فلا تظهر معه الصفاقة بخلاف ما قبله .
وبه قطع الجمهور .
وهو المنصوص في البويطي " والله أعلم " وفرق في الأمر بينه وبين ما صبغ غزله ثم نسج بأن الغزل إذا صبغ ثم نسج يكون السلم في الثوب وإذا صبغ بعد النسج فكأنه أسلم الثوب ( 2 / 113 ) والصبغ معا والصبغ مجهول .
فروع يصح السلم في البقول كالكراث والبصل والثوم والفجل والسلق والنعنع والهندبا وزنا فيذكر جنسها ونوعها ولونها وكبرها وصغرها وبلدها .
ولا يصح في السلجم والجزر إلا بعد قطع الورق لأن ورقهما غير مقصود .
ويصح في الأشعار والأصواف والأوبار فيذكر نوع أصله وذكورته أو أنوثته لأن صوف الإناث أنعم واستغنوا بذلك عن ذكر اللين والخشونة وبلده واللون والوقت كخريفي أو ربيعي والطول أو القصر والوزن .
ولا يقبل إلا منقى من بعر ونحوه كشوك ويجوز شرط غسله ويصح في القطن فيذكر فيه أو في محلوجه أو غزله مع نوعه البلد واللون وكثرة لحمه وقلته ونعومته أو خشونته ورقة الغزل أو غلظه وكونه جديدا أو عتيقا إن اختلف به الغرض ويأتي ذلك في نحو الصوف كما ذكره ابن كج .
ومطلق القطن يحمل على الجاف وعلى ما فيه الحب ويصح في حبه لا في القطن في جوزه ولو بعد الشق لاستتار المقصود بما لا مصلحة فيه بخلاف الجوز واللوز كما مر .
قال الماوردي ولا يجوز السلم في الكتان على خشبه ويجوز بعد الدق أي وبعد النفض فلا يصح قبل ذلك أو المراد بالدق النفض فيذكر بلده ولونه وطوله أو قصره ونعومته أو خشونته ودقته أو غلظه وعتقه أو حداثته إن اختلف الغرض بذلك .
ولا في القز وفيه دوده حيا أو ميتا لأنه يمنع معرفة وزن القز أما بعد خروجه منه فيجوز .
ويصح في أنواع العطر العامة الوجود كالمسك والعنبر والكافور والعود والزعفران لانضباطها فيذكر الوصف من لون ونحوه والوزن والنوع .
و .
يشترط " في التمر " أو الزبيب أن يذكر " لونه " كأبيض أو أحمر " ونوعه " كمعقلي أو برني " وبلده " كمصري أو بغدادي " وصغر الحبات وكبرها " أي أحدهما لأن صغير الحب أقوى وأشد .
وعتقه .
بكسر العين كما قاله الإسنوي وبضمها كما نقله ابن الملقن عن ضبط المصنف بخطه .
وحداثته .
أي أحدهما لاختلاف الغرض بذلك .
ويستحب أن يبين عتق عام أو عامين أو نحو ذلك فإن أطلق فالنص الجواز وينزل على مسمى العتق ويبين كما قال الماوردي أن الجفاف على النخل أو بعد الجذاذ فإن الأول أبقى والثاني أصفى .
ويستثنى من جواز السلم في التمر التمر المكنوز في القواصر وهو المسمى بالعجوة فإنه لا يصح السلم فيه كما نقله الماوردي عن الأصحاب لأنه لا يمكن استيفاء صفته المشروطة بعد كنازه قال الدميري ولأنه لا يبقى على صفة واحدة غالبا .
ولو أسلم في تمر منزوع النوى ففي صحته وجهان في الحاوي يظهر منهما الصحة .
والرطب كالتمر فيما ذكر ومعلوم أنه لا جفاف فيه .
والحنطة وسائر الحبوب كالتمر .
في الشروط المذكورة فيبين نوعها كالشامي والمصري والصعيدي والبحيري ولونه فيقول أبيض أو أحمر أو أسمر .
قال السبكي وعادة الناس اليوم لا يذكرون اللون ولا صغر الحبات وكبرها وهي عادة فاسدة مخالفة لنص الشافعي والأصحاب فينبغي أن ينبه عليها .
فروع يصح السلم في الأدقة فيذكر فيها ما مر في الحب إلا مقداره ويذكر فيها أيضا أنه يطحن برحى الدواب أو الماء أو غيره وخشونة الطحن أو نعومته .
ويصح في النخالة كما قاله ابن الصباغ إن انضبطت بالكيل ولم يكثر تفاوتها فيه بالإنكباس وضده .
ويصح في التبن .
قال الروياني وفي جوازه في السويق والنشاء وجهان المذهب الجواز كالدقيق .
ويجوز السلم في قصب السكر بالوزن أي في قشره الأسفل ويشترط قطع أعلاه الذي لا حلاوة فيه كما قاله الشافعي وقال المزني وقطع مجامع عروقه من أسفله .
ولا يصح السلم في العقار لأنه إن عين مكانه فالمعين لا يثبت في الذمة وإلا فمجهول .
و .
يشترط " في العسل " أي عسل النحل وهو المراد عند الإطلاق بأن يذكر زمانه ومكانه ولونه فيقول " جبلي أو بلدي " لاختلاف الغرض بذلك لأن الجبلي أطيب .
صيفي أو خريفي أبيض أو أصفر .
لتفاوت الغرض بذلك ويبين مرعاه كما نص عليه في الأم قال الماوردي فإن النحل يقع على الكمون والصعتر فيكون دواء ويقع على أنوار الفاكهة وغيرها فيكون داء .
قال الأذرعي وكأن هذا في موضع يتصور فيه رعي هذا بمفرده وهذا ( 2 / 114 ) بمفرده وفيه بعد .
ولا يشترط العتق والحداثة .
وإن شرطه الماوردي لأن الغرض لا يختلف فيه بذلك لأن العسل لا يتغير وإن قال بعضهم في عدم تغيره نظر بدليل أن كل شيء يحفظ به .
ولا يصح .
السلم " في المطبوخ والمشوي " أي الناضج بالنار لأن تأثير النار فيهما لا ينضبط .
ويصح في كل ما دخلته نار مضبوطة كالصابون والسكر والفانيذ واللبأ والدبس كما صححه المصنف في تصحيح التنبيه : في كل ما دخلته نار لطيفة ومثل ببعض المذكورات وإن خالف في ذلك ابن المقري في روضه تبعا للإسنوي .
ويؤيد الأول صحة السلم في الآجر المطبوخ وعليه يفرق بين بابي الربا والسلم بضيق باب الربا .
فإن قيل قول المصنف كغيره إن نار ما ذكر لطيفة خلاف المشاهد وهو كلام من لا عهد له بعمل السكر .
أجيب بأن مراده باللطيفة المضبوطة كما عبرت به .
وصرح الإمام ببيع الماء المغلي بمثله فيصح السلم فيه وفي ماء الورد لأن ناره لطيفة كما جزم به الماوردي وغيره وفي العسل المصفى بالنار لأن تصفيته بها لا تؤثر لأن ناره لطيفة للتمييز وإن أفهم قوله " ولا يضر تأثير الشمس " في العسل وغيره خلافه لعدم اختلافه فيجوز السلم في المصفى بهما .
ويصح في الشمع والقند والخزف والفحم لما مر .
قال الأذرعي والظاهر جوازه في المسموط لأن النار لا تعمل فيه عملا له تأثير .
والأظهر منعه .
أي السلم " في رؤوس الحيوان " لاشتمالها على أبعاض مختلفة من المناخر والمشافر وغيرها ويتعذر ضبطها .
والثاني الجواز بشرط أن تكون منقاة من الشعر والصوف موزونة قياسا على اللحم بعظمه .
وفرق الأول بأن عظمها أكثر من لحمها عكس سائر الأعضاء .
أما إذا لم تنق من الشعر ونحوه فلا يصح السلم فيها جزما .
ولا يحتاج المصنف إلى تقييدها بكونها نيئة لأن ذلك يخرج بقوله ولا يصح السلم في المطبوخ إلخ .
ولا يصح في الأكارع وإن كانت نيئة منقاة لما فيها من الأبعاض المختلفة ويقال فيها كوارع وأكرع جمع كراع قال المصنف وهو من الدواب ما دون كعوبها والجوهري مستدق الساق والشائع إطلاقه عليهما .
ولا يصح .
السلم " في مختلف " أجزائه " كبرمة معمولة " وهي القدر " وجلد " على هيئته " و " معمول نحو " كوز وطس " بفتح الطاء ويقال له طشت ولم يذكره في المحرر .
وقمقم ومنارة .
بفتح الميم " وطنجير " وهو بكسر الطاء الدست ويجوز فتحها كما قاله المصنف وإن قال الجوهري فتحها من لحن الناس .
ونحوها .
كالأباريق والحباب بكسر المهملة وبالموحدة جمع حب بضمها وهي الخابية .
والأسطال الضيقة الرأس لندرة اجتماع الوزن مع الصفات المشروطة ولتعذر ضبطها إما لاختلاف الأجزاء في الدقة والغلظ كالجلد أو لمخالفة أعلاها أو وسطها لأسفلها كالأمثلة المذكورة .
أما قطع الجلد فيجوز السلم فيها وزنا لانضباطها لأن جملتها مقصودة وما فيها من التفاوت يجعل عفوا .
ولا يصح في الرق لما ذكر .
تنبيه : .
تقييده البرمة بالمعمولة للاحتراز عن المصبوبة في القالب كما سيأتي فيكون ذلك قيدا في كل ما بعده إلا الجلد كما قدرته في كلامه فكان ينبغي تقديمه وعطف هذه الأشياء عليه أو عكسه لمغايرته لها .
قال الأشموني والمذهب جواز السلم في الأواني المتخدة من الفخار ولعله محمول على غير ما مر .
ويصح .
السلم " في الأسطال المربعة " لعدم اختلافها والمدورة كالمربعة كما صرح به سليم في التقريب وقال الأذرعي إنه الصواب واقتضاه كلام الشيخ أبي حامد .
ويصح في كل ما لا يختلف من ذلك مضروبا كان أو مصبوبا كما صرح به الماوردي .
ولو شرط كون السطل من نحاس ورصاص جميعا لم يصح نص عليه في الأم قال لأنهما لا يخلطان فيعرف قدر كل واحد منهما .
وفيما صب منها .
أي المذكورات كما اقتضاه كلام الشرح والروضة أي من أصلها المذاب " في قالب " بفتح اللام أفصح من كسرها كالهاون بفتح الواو مربعا كان أم لا لأن ذلك لا يختلف .
فروع يصح السلم في المنافع كتعليم القرآن لأنها تثبت في الذمة كالأعيان .
ويصح في الذهب والفضة ولو غير ( 2 / 115 ) مضروبين كغيرهما لا إسلام أحدهما في الآخر ولو حالا وقبضا في المجلس لتضاد أحكام السلم والصرف لأن السلم يقتضي استحقاق قبض أحد العوضين في المجلس دون الآخر والصرف يقتضي استحقاق قبضهما فيه .
ويؤخذ من ذلك أن سائر المطعومات كذلك .
وهذا إذا لم ينويا بالسلم عقد الصرف والأصح إذا كان حالا وتقابضا في المجلس لأن ما كان صريحا في بابه ولم يجد نفاذا في موضوعه يكون كناية في غيره .
ويصح في الورق ويبين فيه العدد والنوع والطول والعرض واللون والدقة أو الغلظ والصفة أو الزمان كصيفي أو شتوي .
ويصح في الحديد والرصاص والنحاس ويشترط ذكر جنسها ونوعها وذكورة الحديد وأنوثته قال الماوردي وغيره والذكر الفولاذ والأنثى اللين الذي يتخذ منه الأواني ونحوها .
ولا يشترط .
فيما يسلم فيه " ذكر الجودة والرداءة في الأصح " لما ذكره بقوله " ويحمل مطلقه " منهما " على الجيد " للعرف .
والثاني يشترط لاختلاف الغرض بهما فيفضي تركهما إلى النزاع .
ورد بالحمل المذكور .
وعلى كلا القولين ينزل على أقل الدرجات فلو شرط الأجود لم يصح على الأصح لأن أقصاه غير معلوم وإن شرط الرداءة فإن كانت رداءة النوع صح على الأصح لانضباط ذلك أو رداءة العبب لم يصح لأنها لا تنضبط إذ ما من رديء إلا ويوجد رديء آخر خير منه وإن شرط الأردأ صح على الأصح لأن طلب أردأ من المحضرعناد .
ويشترط .
مع ما مر من اشتراط كون الأوصاف معروفة في نفسها " معرفة العاقدين الصفات " فلو جهلاها أو أحدهما لم يصح كالبيع " وكذا غيرهما " أي معرفة عدلين غير العاقدين " في الأصح " ليرجع إليهما عند تنازع العاقدين .
والثاني لا يشترط معرفة غيرهما .
وعلى الأول يخالف ما تقدم في الأجل من الإكتفاء بمعرفة العاقدين أو معرفة عدلين في التأخيل بنحو شهور الروم وتقدم الفرق ثمت بينهما