لما فرغ المصنف من صحة العقد وفساده شرع في لزومه وجوازه .
والخيار هو طلب خير الأمرين من إمضاء العقد أو فسخه .
والأصل في البيع اللزوم لأن القصد منه نقل الملك وقضية الملك التصرف وكلاهما فرع اللزوم إلا أن الشارع أثبت فيه الخيار رفقا بالمتعاقدين .
وهو نوعان خيار تشه وخيار نقيصة فخيار التشهي ما يتعاطاه المتعاقدان باختيارهما وشهوتهما من غير توقف على فوات أمر في المبيع وسببه المجلس أو الشرط .
وخيار النقيصة سببه خلف لفظي أو تغرير فعلي أو قضاء عرفي فمنه خيار العيب والتصرية والحلف وتلقي الركبان ونحو ذلك .
وقد شرع في سبب الأول من النوع الأول فقال " يثبت خيار المجلس في أنواع البيع " لما روى الشيخان أنه A قال البيعان بالخيار ما لم يتفرقا أو يقول أحدهما للآخر اختر قال في المجموع وقوله أو يقول منصوب بأو تقديره إلا أن أو إلى أن ولو كان معطوفا لجزمه فقال أو يقل .
وبين أنواع البيع بقوله " كالصرف " بيع " الطعام بطعام والسلم والتولية والتشريك وصلح المعاوضة " لظاهر الخبر السابق لأن اسم البيع يشمل الكل .
وخرج بصلح المعاوضة صلح الحطيطة فلا خيار فيه لأنه إن ورد على دين فإبراء أو على عين فهبة ولا خيار فيهما لكنه يتناول الصلح على المنفعة ولا خيار فيه على الأصح لأنه أجازه وقد ذكر بعد ذلك أنه لا خيار فيها ويتناول الصلح عن دم العمد ولا خيار فيه كما قاله القاضي حسين قال الأذرعي ولم أر ما يخالفه .
ويثبت أيضا في عقد تولى الأب طرفيه لأنه أقيم مقام شخصين في صحة العقد فكذا في الخيار .
ولفظ الخبر ورد على الغالب .
ويستثنى من قوله في أنواع البيع صور لا خيار فيها منها الحوالة فإنها وإن جعلت معاوضة ليست على قواعد المعاوضات وربما يقال إن كلام المصنف في بيع الأعيان فلا تستثنى هذه الصورة لأنها بيع دين بدين .
ومنها شراء العبد نفسه لأن مقصوده العتق كالكتابة كما رجحه في الشرح الصغير والمجموع وهذا هو المعتمد وإن قال الزركشي هذا بالنسبة للعبد فقط لأنه من جهة السيد بيع ومن جهة العبد يشبه الفداء كما لو أقر بحريته ثم اشتراه يثبت الخيار للبائع دونه .
ومنها قسمتا الإفراز والتعديل سواء أجرنا بإجبار أم بتراض إذا قلنا إنهما في حالة التراضي بيع لأنه لو امتنع منهما الشريك أجبر عليهما والإجبار ينافي الخيار وهذا هو المعتمد وإن قال الأذرعي الذي جزم به القاضي أبو الطيب وغيره ثبوت الخيار .
أما قسمة الرد ففيها الخيار لأنه لا إجبار فيها .
ويثبت الخيار في شراء الجمد ولو في شدة الحر بحيث ينماع بها .
واستشكل ابن عبد السلام ثبوت الخيار في الصرف لأن المقصد به تروي العاقد في اختيار الأفضل له والمماثلة شرط هم الربوي فالأمران مستويان فإذا قطع بانتفاء العلة كيف يثبت الخيار وما قاله لا يتأتى في بيع الربوي بغير جنسه بل فيما بيع بجنسه ولعله مراده بدليل قوله والمماثلة شرط بل الخيار ليس محصورا فيما ( 2 / 44 ) ذكر لأنه قد يكون لخلف أو غيره .
ولو اشترى من يعتق عليه .
من أصوله أو فروعه بني الخيار فيه على خلاف الملك " فإن قلنا الملك في زمن الخيار للبائع " على مرجوح " أو موقوف " على الأظهر " فلهما الخيار " لوجود المقتضى بلا مانع .
وإن قلنا .
الملك " للمشتري " على مرجوح " تخير البائع دونه " أما تخير البائع فلما مر وأما عدم تخير المشتري فلأن مقتضى ملكه له أن لا يتمكن من إزالة الملك ولا يحكم بعتقه على كل قول حتى يلزم العقد فيتبين أنه عتق من حين الشراء .
ولو شرط نفي خيار المجلس لم يصح البيع لأنه ينافي مقتضاه فأشبه ما لو شرط أن لا يسلم المبيع فإذا قال لعبده مثلا إذا بعتك فأنت حر فباعه بشرط نفي خيار المجلس لم يعتق لعدم صحة البيع بخلاف ما إذا لم يشرطه فإنه يعتق لأن عتق البائع في زمن الخيار نافذ .
ولا خيار في الإبراء والنكاح والهبة بلا ثواب .
وهي التي صرح بنفي الثواب عنها أو أطلق وقلنا لا يقتضيه وهو الراجح لأن اسم البيع لا يصدق على شيء من هذه الثلاثة .
ولا خيار أيضا في الوقف والعتق والطلاق وكذا العقود الجائزة من الطرفين كالقراض والشركة والوكالة أو من أحدهما كالكتابة والرهن .
وكذا .
الهبة " ذات الثواب " لا يثبت الخيار فيها في الأصح .
وعللاه بأنها لا تسمى بيعا كذا قالاه هنا وقالا في باب الهبة الأصح أنها بيع فيثبت فيها الخيار .
وعده في المهمات تناقضا وحمل بعضهم ما هنا على القول بأنها هبة وإن قيدت بثواب معلوم وما هنا على القول بأن المقيدة بثواب معلوم بيع .
ويؤيده تعليلهم هنا بأنها لا تسمى بيعا والصواب كما قال الأذرعي ما هناك وهو مقابل الأصح هنا فقد جزم به القاضي أبو الطيب و المحاملي والشيخ أبو حامد وغيرهم .
و .
كذا " الشفعة " لا يثبت فيها الخيار في الأصح لأن الخيار يثبت فيما ملك بالإختيار فلا معنى لإثباته فيما أخذ بالقهر والإجبار ومقابل الأصح ثبوته لأن الأخذ بها ملحق بالمعاوضات بدليل الرد بالعيب .
وصحح هذا الرافعي في الشرحين واستدرك عليه في الروضة وصحح الأول ونقله عن الأكثرين .
و .
كذا " الإجارة " لا يثبت فيها الخيار في الأصح لأنها عقد غرر إذ هو عقد على معدوم والخيار غرر فلا يضم غرر إلى غرر .
ومقابل الأصح يثبت فيها الخيار لأنها معاوضة .
قال القفال وطائفة ومحل الخلاف في إجارة العين أما إجارة الذمة فيثبت فيها الخيار قطعا كالسلم والمعتمد الإطلاق ويفرق بينها وبين السلم بأنها لا تسمى بيعا .
والمعتمد في الخيار اسم البيع وبأن المنفعة فيه أقوى .
وقيل يثبت أيضا في الإجارة المقدرة بمدة وصححه المصنف في تصحيح التنبيه : والمشهور خلافه .
و .
كذا " المساقاة " لا يثبت فيها الخيار في الأصح كالإجارة حكما وتعليلا .
و .
كذا " الصداق " لا يثبت فيه الخيار .
وقوله " في الأصح " راجع للمسائل الخمس كما تقرر ووجه عدم إثباته في الصداق أن المال تبع في النكاح لا مقصود ووجه إثباته أنه مستقل .
ومثل الصداق عوض الخلع .
وينقطع .
خيار المجلس " بالتخاير " من العاقدين " بأن يختارا لزومه " أي العقد بهذا اللفظ كقولهما تخايرنا أو اخترنا أو غيره كقولهما أمضينا العقد أو ألزمناه أو أجزناه أو أبطلنا الخيار أو أفسدناه لأنه حقهما فيسقط بإسقاطهما كخيار الشرط .
فلو اختار أحدهما .
لزومه " سقط حقه " من الخيار " وبقي " الحق فيه " للآخر " كخيار الشرط وقيل لا يبقى لأن خيار المجلس لا يتبعض في الثبوت ولا يتبعض في السقوط .
لكن على الأول لو كان المبيع ممن يعتق على المشتري واختار البائع سقط خيار المشتري أيضا للحكم بعتق المبيع قاله شيخنا في شرح بهجته .
ولو قال أحدهما لصاحبه اختر سقط خيار القائل ولو لم يختر صاحبه لتضمنه الرضا باللزوم .
واحترز المصنف باختيار أحدهما اللزوم عن اختياره الفسخ فإنه ينفسخ العقد وإن اختار الآخر اللزوم لأن إثبات الخيار إنما قصد به التمكن من الفسخ دون الإجازة لأصالتها وتبايعهما في العوضين ولو ربويين بعد قبضهما بيعا ثانيا إجازة للأول لأنه رضي بلزومه ويصح الثاني ويثبت فيه الخيار .
ولو أجاز في الربوي قبل التقابض بطل وإن تقابضا قبل التفرق على ( 2 / 45 ) المعتمد كما تقدم في بابه .
و .
يبطل أيضا خيار المجلس " بالتفرق ببدنهما " عن مجلس العقد للخبر السابق .
فلو طال مكثهما أو قاما وتماشيا منازل دام خيارهما .
وإن زادت المدة على ثلاثة أيام أو أعرضا عما يتعلق بالعقد حتى لو تبايع شخصان ملتصقان دام خيارهما ما لم يختارا أو أحدهما بخلاف الأب إذا باع لابنه أو اشترى منه وفارق المجلس انقطع الخيار لأنه شخص واحد لكن أقيم مقام اثنين بخلاف الملتصقين فإنهما شخصان حقيقة بدليل أنهما يحجبان الأم من الثلث إلى السدس .
ويحصل التفرق بأن يفارق أحدهما الآخر من المجلس ولو ناسيا أو جاهلا وإن استمر الآخر فيه لأن التفرق لا يتبعض بخلاف التخاير .
وكان ابن عمر راوي الخبر إذا ابتاع شيئا فارق صاحبه رواه البخاري وروى مسلم قام يمشي هنيهة ثم رجع .
فإن قيل قضية ذلك حل الفراق خشية أن يستقيله صاحبه وقد قال A كما رواه الترمذي وحسنه البيعان بالخيار ما لم يتفرقا إلا أن تكون صفقة خيار .
ولا يحل له أن يفارق صاحبه خشية أن يستقيله .
أجيب بأن الحل في الخبر محمول على الإباحة المستوية الطرفين .
ولو حمل أحد العاقدين فأخرج من المجلس مكرها بغير حق لم ينقطع خياره لأنه لم يفعل شيئا وكذا لا ينقطع خياره إذا أكره على الخروج ولو لم يسد فمه لأن الفعل المكره فعل كلا والسكوت عن الفسخ لا يقطع الخيار كما في المجلس .
فإن قيل قد مر أن الناسي والجاهل ينقطع خيارهما مع تسويتهما للمكره في أبواب كثيرة .
أجيب بنسبتهما للتقصير هنا بخلاف المكره فإن فارقه الإكراه في مجلس فله الخيار فيه حتى يفارقه أو مارا فحتى يفارق مكانه الذي انقطع فيه الإكراه وأما صاحبه فإن لم يخرج معه انقطع خياره إلا إن منع من الخروج معه .
ولو هرب أحدهما ولم يتبعه الآخر بطل خياره كخيار الهارب ولو لم يتمكن من أن يتبعه لتمكنه من الفسخ بالقول ولأن الهارب فارق مختارا بخلاف المكره فإنه لا فعل له .
وقضية التعليل الأول أنه لو لم يتمكن من الفسخ بالقول بقي خياره حتى يتمكن منه .
فإن قيل قياس ما قالوه في الأيمان أنه لو حلف لا يفارق غريمه ففارقه غريمه لم يحنث وإن أمكنه متابعته أن يكون الحكم هنا كذلك .
أجيب بأن الحكم هنا منوط بالتفرق وهو يحصل بوجود الفرقة من كل منهما وهناك منوط بالمفارقة من الحالف نعم لو قال والله لا تفترق كان الحكم كما هنا أما إذا تبعه فالخيار باق ما لم يتباعدا كما حكاه في المجموع عن المتولي وأقره .
ويبين هذا التباعد قول البسيط إن لحقه قبل انتهائه إلى مسافة يحصل بمثلها المفارقة عادة فالخيار باق وإلا فلا أثر للحوقه .
ويحمل على هذا أيضا ما نقله في الكفاية عن القاضي من ضبطه يفوق ما بين الصفين فالمراد من هذه العبارات واحد .
ويعتبر في التفرق العرف .
فما يعده الناس تفرقا يلزم به العقد وما لا فلا لأن ما ليس له حد شرعا ولا لغة يرجع فيه إلى العرف فإن كانا في دار كبيرة فبالخروج من البيت إلى الصحن أو من الصحن إلى الصفة أو البيت وإن كانا في سوق أو صحراء أو في بيت متفاحش السعة فبأن يولي أحدهما الآخر ظهره ويمشي قليلا ولو لم يبعد عن سماع خطابه وإن كانا في سفينة أو دار صغيرة أو مسجد صغير فبخروج أحدهما منه أو صعوده السطح .
ولا يحصل التفرق بإقامة ستر ولو ببناء جدار بينهما لأن المجلس باق .
وظاهر كلامهم أنه لا فرق بين أن يبنياه أو يبنى بأمرهما وهو كذلك كما صححه والد الروياني واعتمده شيخي وإن جزم الغزالي بالحصول وقال الأذرعي وهو المتجه .
ولو تناديا بالبيع من بعد ثبت لهما الخيار وامتد ما لم يفارق أحدهما مكانه فإن فارقه ووصل إلى موضع لو كان الآخر معه بمجلس العقد عد تفرقا بطل خيارهما .
وقول ابن الرفعة هذا إذا لم يقصد جهة الآخر وإلا فالذي يظهر القطع بدوام الخيار ليس بظاهر .
وتقدم في أوائل البيع حكم ما لو تبايعا بالمكاتبة .
ولو مات .
أحدهما " في المجلس أو جن " أو أغمي عليه " فالأصح انتقاله " أي الخيار في المسألة الأولى " إلى الوارث " ولو عاما " و " في الثانية والثالثة إلى " الولي " من حاكم أو غيره إلى الموكل عند موت الوكيل وإلى السيد عند موت المكاتب أو المأذون له كخيار الشرط والعيب سواء فيه عقد الربا أو غيره .
فإن كان الوارث طفلا أو مجنونا أو محجورا عليه بسفه نصب الحاكم من يفعل عنه ما فيه المصلحة من فسخ وإجازة .
وعجز المكاتب كموته كما في المجموع .
ثم إن كان من ذكر في المجلس ثبت له مع العاقد الآخر الخيار وامتد ( 2 / 46 ) إلى أن يتفرقا أو يتخايرا وإن كان غائبا ووصله الخبر امتد خياره إلى أن يفارق مجلس الخبر لأنه حليفة مورثه .
والثاني يسقط الخيار لأن مفارقة الحياة أولى به من مفارقة المكان وفي معناها مفارقة العقد .
وعلى الأول لو ورثه جماعة حضور في مجلس العقد لم ينقطع خيارهم بفراق بعضهم له بل يمتد حتى يفارقوه كلهم لأنهم كالمورث وهو لا ينقطع خياره إلا بمفارقة جميع بدنه أو غائبون عن المجلس ثبت لهم الخيار وإن لم يجتمعوا في مجلس واحد كما في بعض نسخ الروض وهي المعتمدة وفي بعضها إذا اجتمعوا في مجلس واحد .
ويثبت الخيار للعاقد الباقي ما دام في مجلس العقد سواء أكان الوارث الغائب واحدا أم متعددا .
ولو فارق أحدهما مجلسه دون الآخر لم ينقطع خيار الآخر خلافا لبعض المتأخرين وينفسخ العقد بفسخ أحدهم في نصيبه أو في الجميع ولو أجاز الباقون كما لو فسخ المورث في البعض وأجاز في البعض ولا يتبعض الفسخ للإضرار بالحي .
فإن قيل لو مات مورثهم ثم اطلعوا على عيب المبيع ففسخ بعضهم لا ينفسخ في شيء منه لأن الوارث قائم مقام مورثه وهو ليس له الفسخ في البعض فهلا كان الحكم هنا كذلك أجيب بأن للضرر ثم جابرا وهو الأرش ولا جابر له هنا .
ولو أجاز الوارث أو فسخ قبل علمه بموت مورثه نفذ ذلك بناء على أن من باع مال مورثه ظانا حياته أنه يصح وإن قال الإمام الوجه نفوذ فسخه دون إجازته .
ولو خرس أحد العاقدين ولم تفهم إشارته ولا كتابة له نصب الحاكم نائبا عنه كما لو جن وإن أمكنت الإجازة منه بالتفرق وليس هو محجورا عليه وإنما الحاكم ناب عنه فيما تعذر منه بالقول .
أما إذا فهمت إشارته أو كان له كتابة فهو على خياره .
ولو اشترى الولي لطفله شيئا فبلغ رشيدا قبل التفرق لم ينتقل إليه الخيار كما في البحر ويبقى للولي على الأوجه من وجهين حكاهما في البحر وأجراهما في خيار الشرط .
ولو تنازعا في التفرق .
بأن جاءا معا وقال أحدهما تفرقنا وأنكر الآخر وأراد الفسخ " أو " في " الفسخ قبله " أي التفرق بأن اتفقا على حصول التفرق وقال أحدهما فسخته قبله وأنكر الآخر " صدق النافي " بيمينه لأن الأصل دوام الاجتماع وعدم الفسخ .
ولو اتفقا على عدم التفرق وادعى أحدهما الفسخ فدعواه الفسخ فسخ .
ثم شرع في السبب الثاني من النوع الأول مترجما له بفصل فقال .
فصل في خيار الشرط .
لهما " أي لكل من المتعاقدين " ولأحدهما شرط الخيار " على الآخر المدة الآتية مع موافقة الآخر بالإجماع .
نعم إن استعقب الملك العتق كأن اشترى من يعتق عليه وشرط الخيار له وحده لم يجز لعتقه عليه فيلزم من ثبوت الخيار عدم ثبوته ويجوز التفاضل فيه كأن يشرط لأحدهما خيار يوم وللآخر خيار يومين أو ثلاثة .
ولو شرط خيار يوم فمات أحدهما في أثنائه فزاد وارثه مع الآخر خيار يوم آخر جاز .
قال الروياني ويجوز للعاقد لنفسه شرطه لأجنبي أوالعبد المبيع لأن الحاجة تدعو لذلك لكونه أعرف بالمبيع ولا يثبت مع شرطه للأجنبي أو العبد المبيع للشارط اقتصارا على الشرط .
قال الزركشي والأقرب اشتراط بلوغ الأجنبي لا رشده .
وإذا مات الأجنبي ثبت الخيار للشارط ولو شرط الوكيل في البيع أو الشراء الخيار للموكل أو لنفسه ولو بلا إذن صح لأنه لا يضر موكله .
وليس لوكيل أحد العاقدين أن يشرطه للآخر فإن فعل بطل العقد وله شرطه لأجنبي بإذن موكله ولا يتجاوز الخيار من شرط له فلو شرط للوكيل لم يثبت للموكل وبالعكس .
فإن أذن له فيه موكله وأطلق بأن لم يقل لي ولا لك فاشترطه الوكيل وأطلق ثبت له دون الموكل لأن معظم أحكام العقد متعلقة به وحده ولا يلزم العقد برضا الموكل لأن الخيار منوط برضا وكيله .
ولو باع مسلم عبدا مسلما لمسلم وجعل الخيار لكافر أو باع حلال لحلال صيدا وجعل الخيار لمحرم صح فيهما كما قاله الروياني خلافا لوالده إذ لا ملك ولا ولاية .
وحيث ثبت للوكيل الخيار لا يفعل إلا ما فيه حظ الموكل لأنه مؤتمن بخلاف الأجنبي المشروط له الخيار لا يلزمه رعاية الحظ .
ولا يبطل البيع بعزل الموكل وكيله في زمن خيار المجلس ولا بموت الوكيل ولا الموكل في المجلس وإن خالف في ذلك الروياني .
تنبيه : .
قول المصنف لهما ولأحدهما شرط الخيار يوهم جواز انفراد أحدهما بالشرط وليس مرادا بل لا بد من اجتماعهما عليه ولذلك قلت مع موافقة الآخر .
ولم يرد المصنف بيان الشارط لوضوحه كما قاله الإسنوي فإنه لا يكون إلا ( 2 / 47 ) منهما .
وإنما أراد بيان المشروط له لكن عبارته لا توفي بمقصوده فلو قال يجوز شرطهما الخيار لهما ولأحدهما لأفاد مقصوده ولكن يمكن رد عبارته إلى الصواب كما قاله الولي العراقي بأن لا يجعل قوله لهما ولأحدهما خبرا عن قوله شرط الخيار وإنما هو متعلق بالخيار والخبر قوله " في أنواع البيع " أي شرط الخيار الكائن لهما أو لأحدهما ثابت في أنواع البيع .
ومع ذلك فعبارته توهم أنه لا يجوز شرطه لأجنبي وتوهم جواز اشتراط وكيل البائع الخيار للمشتري وجواز اشتراط وكيل المشتري الخيار للبائع وليس مرادا كما علم مما تقرر .
وعلم من تقييده بالبيع أنه لا يشرع في غيره كالفسوخ والعتق والإبراء والنكاح والإجارة وهو كذلك .
إلا أن يشترطا القبض في المجلس كربوي وسلم .
فلا يجوز شرط الخيار فيه لأحد لأنه لا يحتمل التأجيل والخيار أعظم غررا منه لا مانع من الملك أو من لزومه .
تنبيه : .
إنما ذكر المصنف مثالين لينبه على أنه لا فرق بين ما يشترط فيه القبض من الجانبين كالربوي أو من أحدهما فقط كالسلم .
وأورد على حصره فيما ذكر مسائل منها البيع الضمني .
ومنها الحوالة إذا جعلناها بيعا .
ومنها ما إذا اشترى من يعتق عليه كما مر .
ومنها المصراة فإنه لا يجوز شرط خيار الثلاث فيها للبائع لأنه يمنع من الحلب وترك الحلب يضر بالبهيمة .
قال الأذرعي ويجب طرده في كل حلوب وإن لم تكن مصراة إذ تركها ثلاثا بلا حلب يضرها بلا شك وإن كانت المصراة أشد ضررا .
فإن قيل لك أن تقول ما المانع من حلب البائع لها إذا كان الخيار له لأن الملك له حينئذ واللبن في زمن الخيار لمن له الملك أجيب بأن اللبن الموجود حال البيع مبيع فهو كالحمل الموجود عند البيع فيمتنع على البائع الحلب لذلك والبائع إنما يملك لو تم البيع للبن الحادث بعد العقد كالولد الحادث بعده .
ومنها ما إذا باع الكافر عبده المسلم بشرط الخيار ثم فسخ ثم باعه وشرط الخيار وفسخ وهكذا فإن الحاكم يلزمه أن يبيع بيعا باتا كما قاله المتولي وقضيته جواز الخيار للكافر في العبد المسلم ابتداء وهو ما نقله في المجموع عن القاضي حسين وأقره .
فإن قيل قد أتى المصنف بالكاف في قوله كربوي وسلم فيقتضي أن لنا غيرهما يشترط فيه قبض العوض في المجلس ولم يوجد .
أجيب بالمنع فإن الإجارة على عمل في الذمة يشترط قبض الأجرة فيها في المجلس .
وإنما يجوز .
شرط الخيار " في مدة معلومة " متصلة بالعقد المشروط فيه الخيار متوالية " لا تزيد على ثلاثة أيام " لأن الأصل امتناعه لكونه مخالفا لوضع البيع فإنه يمنع نقل الملك أو لزومه ثبت في الثلاث بما روي في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن رجلا من الأنصار كان يخدع في البيوع فشكا إلى رسول الله A فقال له إذا بايعت فقل لا خلابة وفي رواية فقل لا خلابة وأنت بالخيار في كل سلعة ابتعتها ثلاث ليال والخلابة بكسر الخاء المعجمة وبالباء الموحدة ومعناه لا غبن ولا خديعة فثبت خيار المشتري بالنص وألحق به البائع بالقياس عليه فبقي ما زاد على الأصل .
وهذه الكلمة في الشرع عبارة عن اشتراط الخيار ثلاثا فإذا كانا عالمين بمدلولها كان كالتصريح باشتراط الخيار وإن كانا جاهلين به أو أحدهما لم يثبت الخيار .
وفي مصنف عبد الرزاق عن أنس أن رجلا اشترى من رجل بعيرا واشترط الخيار أربعة أيام فأبطل رسول الله A البيع وقال الخيار ثلاثة أيام .
ولأن الحاجة تندفع بها غالبا فلو زاد عليها بطل العقد .
ولا يخرج على تفريق الصفقة لوجود الشرط الفاسد وهو مبطل للعقد لأن الشرط يتضمن غالبا زيادة في الثمن أو محاباة فإذا سقطت انجرت الجهالة إلى الثمن بسبب ما يقابل الشرط الفاسد فيفسد البيع فلهذا لم يصح الشرط في الثلاث ويبطل ما زاد عليها وقد نبهت على استثناء ذلك في الكلام على تفريق الصفقة .
فإن شرط الثلاث من الغد أو فرقها لم يصح العقد لأن العقد إذا لزم لا يصير بعد ذلك جائزا .
ويدخل في الأيام المشروطة ما اشتملت عليه من الليالي للضرورة كما في المجموع ومقتضى هذه العلة كما قاله الإسنوي أنه لو عقد وقت الفجر ( 2 / 48 ) لا يثبت الخيار في الليلة الثالثة بخلاف نظيره من مسح الخف وعلى هذا لو باع نصف النهار بشرط الخيار يوما ثبت إلى نصف اليوم الثاني .
ويدخل الليل في حكم النهار للضرورة كما قاله المتولي وغيره .
وتحسب .
المدة المشروطة " من " حين " العقد " الواقع فيه الشرط كالأجل فإن ابتداءه من العقد لا من التفرق لأنه لو اعتبر من التفرق لصار أول مدة الخيار مجهولة لأنه لا يعلم متى يفترقان .
وقيل .
تحسب " من التفرق " أو التخاير ونسبه الماوردي إلى الجمهور لأن الظاهر أن الشارط يقصد بالشرط زيادة على ما يفيده المجلس .
وعورض بأن التفرق مجهول كما تقدم واعتباره يؤدي إلى جهالة ابتداء المدة .
ولو شرط الخيار بعد العقد في المجلس وقلنا بثبوته وهو الأصح فالحكم على الثاني لا يختلف وعلى الأول تحسب من الشرط لا من العقد فلو قال المصنف من الشرط بدلا عن العقد لدخلت هذه الصورة .
ولو انقضت المدة المشروطة وهما في المجلس بقي خياره فقط وإن تفرقا والمدة باقية فبالعكس .
ويجوز إسقاط الخيارين أو أحدهما فإن أطلقا الإسقاط سقطا ولأحد العاقدين الفسخ في غيبة صاحبه وبلا إذن حاكم لأنه فسخ متفق على ثبوته بخلاف الفسخ بالعنة .
ويسن كما قال الخوارزمي أن يشهد حتى لا يؤدي إلى النزاع .
والأظهر .
في خيار المجلس أو الشرط " أنه إن كان الخيار " المشروط " للبائع فملك المبيع " مع توابعه كلبن ومهر وثمر وكسب وكنفوذ عتق وحل وطء في مدة الخيار .
له وإن كان للمشتري فله .
أي الملك لأنه إذا كان الخيار لأحدهما كان هو وحده متصرفا في المبيع ونفوذ التصرف دليل على الملك .
وإن كان .
الخيار " لهما فموقوف " أي الملك لأنه ليس أحد الجانبين أولى من الآخر فتوقفنا .
فإن تم البيع بان أنه .
أي الملك فيما ذكر " للمشتري من حين العقد وإلا فللبائع " وكأنه لم يخرج عن ملكه .
والثاني الملك للمشتري مطلقا لتمام البيع له بالإيجاب والقبول .
والثالث للبائع مطلقا .
والخلاف جار في خيار المجلس كما مر وكونه لأحدهما بأن يختار الآخر لزوم العقد .
وحيث حكم بملك المبيع لأحدهما حكم بملك الثمن للآخر وحيث وقف وقف ملك الثمن ولو شرط الخيار لأجنبي .
قال ابن النقيب لم أر من تعرض لمن ملك المبيع وذكر فيه خلافا .
ونازعه الولي العراقي .
وحاصله أنه إن كان الأجنبي من جهة أحدهما فملك المبيع له وإن كان من جهتهما فموقوف .
ولو اجتمع خيار المجلس وخيار الشرط لأحدهما فهل يغلب الأول فيكون الملك موقوفا أو الثاني فيكون لذلك الأحد الظاهر وهو ما اقتضاه كلامهم كما قال شيخنا الأول لأن خيار المجلس كما قال الشيخان أسرع وأولى ثبوتا من خيار الشرط لأنه أقصر غالبا خلافا للزركشي في قوله الظاهر الثاني معللا له بأن خيار الشرط ثابت بالإجماع ومثل ذلك ما لو كان خيار المجلس لواحد بأن ألزم البيع من الآخر وخيار الشرط للآخر والحمل الموجود عند البيع مبيع كالأم فيقابله قسط من الثمن لا كالزوائد الحاصلة في زمن الخيار بخلاف ما إذا حدث في زمن الخيار فإنه من الزوائد .
ومتى وطىء الأمة المبيعة من انفرد بالخيار حل له لنفوذ تصرفه فيها .
فإن قيل حل وطء المشتري متوقف على الاستبراء وهو غير معتد به في زمن الخيار على الأصح .
أجيب بأن المراد بحل الوطء حله المستند للملك لا للاستبراء ونحوه كحيض وإحرام على أنه قد لا يجب الاستبراء بأن يشتري زوجته فلا يحرم وطؤها في زمن الخيار من حيث الاستبراء .
ولو اشترى زوجته بشرط الخيار ثم طلقها في زمنه فإن كان الخيار للبائع وقع لبقاء الملك له وكذا يقع إن كان الخيار لهما وفسخ البيع لتبين بقاء الملك له لا إن تم لتبين أنها ملك المشتري .
وإن كان الخيار للمشتري وتم البيع لم يقع لأنها ملكه وإن فسخ فوجهان مبنيان على أن الفسخ برفع العقد من حينه أو من أصله والأصح الأول فلا يقع .
ويحرم وطؤها في زمن الخيار إذا كان له وحده لجهالة جهة المبيع له لأنه لا يدري أيطأ بالملك أو بالزوجية وإذا اختلفت الجهة وجب التوقف احتياطا للبضع .
أما إذا كان الخيار للبائع أو لهما فيجوز الوطء بالزوجية لبقائها ( 2 / 49 ) ويحصل الفسخ " للعقد " والإجازة " له في زمن الخيار " بلفظ يدل عليهما " ففي الفسخ " كفسخت البيع ورفعته واسترجعت المبيع " ورددت الثمن " وفي الإجازة أجزته " أي البيع " وأمضيته " وألزمته ونحو ذلك .
وهذه الألفاظ صرائح .
ويحصلان بالكناية أيضا .
قال في المجموع والفسخ بالخيار هل يرفع العقد من أصله أو من حينه فيه الخلاف الآتي في الفسخ بالعيب والأصح فيه الثاني ومرت الإشارة إليه .
ووطء البائع .
الأمة المبيعة " وإعتاقه " الرقيق المبيع في زمن الخيار المشروط له أو لهما " فسخ " للبيع أي متضمن له .
أما الإعتاق فلتضمنه الفسخ وأما الوطء فلإشعاره باختيار الإمساك .
فإن قيل قياس ذلك أن الرجعة تحصل بالوطء .
أجيب بأن الرجعة لتدارك النكاح وابتداؤه لا يحصل بالفعل فكذا تداركه والفسخ هنا لتدارك الملك وابتداؤه يحصل بالقول والفعل كالسبي والاحتطاب فكذا تداركه .
ومقدمات الجماع كاللمس بشهوة والقبلة ليست فسخا كاستخدامه الرقيق وركوبه الدابة وإن قال في المطلب الأشبه أنها فسخ .
ولا حد على من وطىء منهما مطلقا .
وينفذ استيلاد البائع إن كان الخيار له أو لهما فإن وطئها المشتري بلا إذن والخيار للبائع دونه لزمه المهر وإن تم البيع لأنه وطىء أمة غيره بشبهة .
وكذا يلزمه المهر إن كان الخيار لهما ولم يتم البيع بأن فسخ لا إن تم بناء على أن الملك موقوف فيهما والولد الحاصل منه حر نسيب في الأحوال كلها للشبهة وحيث يلزمه المهر لا يثبت استيلاده وإن ملك الأمة بعد الوطء لانتفاء ملكه لها حين العلوق ويلزمه قيمة الولد للبائع لأنه فوت عليه رقه وإن وطئها البائع والخيار للمشتري دونه فكما لو وطىء المشتري والخيار للبائع دونه في المهر والاستيلاد والقيمة .
وقول البائع في زمن الخيار للمشتري لا أبيع حتى تزيد في الثمن أو تعجله وقد عقد بمؤجل فامتنع المشتري فسخ وكذا قول المشتري لا أشتري حتى تنقص من الثمن أو تؤجله وقد عقد بحال فامتنع البائع .
وكذا بيعه .
المبيع " وإجارته " ووقفه " وتزويجه " ورهنه المقبوض وهبته المقبوضة فسخ " في الأصح " لإشعاره بعدم البقاء عليه وصح ذلك منه أيضا وتقدم أنه لا يجوز له الوطء إلا إذا كان الخيار له .
والثاني لا يكتفي في الفسخ بذلك لأن الأصل بقاء العقد فتستصحب إلى أن يوجد الفسخ صريحا وإنما جعل العتق فسخا لقوته .
والأصل أن هذه التصرفات .
الوطء وما بعده " من المشتري " في زمن الخيار المشروط له أو لهما " إجازة " للشراء لإشعارها بالبقاء عليه .
والثاني لا يكتفي في الإجازة بذلك .
وعلم مما مر أن وطأه حلال إن كان الخيار له وإلا فحرام وقول الإسنوي إنه حلال إن أذن له البائع مبني على أن مجرد الإذن في التصرف إجازة والمنقول خلافه .
ويستثنى الوطء من الخنثى والوطء له فليس فسخا ولا إجازة .
فإن اختار الموطوء في الثانية الأنوثة بعد الوطء تعلق الحكم بالوطء السابق ذكره في المجموع .
وقياسه أنه لو اختار الواطىء في الأولى الذكورة بعد تعلق الحكم بالوطء السابق والظاهر كما قال الأذرعي أن محل كون الوطء فسخا أو إجازة إذا علم الواطىء أو ظن أن الموطوءة هي المبيعة ولم يقصد بوطئه الزنا لاعتقاده ذلك والإعتاق نافذ منه إذا كان الخيار له وإن كان لهما أو للبائع فإن أذن فيه البائع نفذ وكان إجازة من البائع أيضا وإن لم يأذن بموقوف فيما إذا كان الخيار لهما فإن تم البيع نفذ وإلا فلا وغير نافذ فيما إذا كان الخيار للبائع وإن تم البيع والبقية صحيحة إن كان الخيار له وكذا إن كان لهما أو للبائع أو باع للبائع نفسه وإلا فغير صحيحة .
وعلى هذا التفصيل يحمل قول الشارح إنها غير صحيحة .
و .
الأصح " أن العرض " للمبيع في زمن الخيار " على البيع والتوكيل فيه " والهبة والرهن إذا لم يتصل بهما قبض " ليس فسخا من البائع ولا إجازة من المشتري " لعدم إشعارها من البائع بعدم البقاء عليه ومن المشتري بالبقاء عليه لأنه قد يقصد أن يستبين ما يدفع فيه ليعلم أربح أم خسر .
والثاني أن ذلك فسخ وإجازة .
فإن قيل إن ذلك رجوع في الوصية فهلا كان ذلك فسخا أجيب بضعف ( 2 / 50 ) الوصية لأنه لم يوجد في حياة الموصي إلا أحد شقي العقد .
ثم شرع في النوع الثاني مترجما له بفصل فقال .
فصل في خيار النقيصة .
وهو المعلق بفوات مقصود مظنون نشأ الظن فيه من قضاء عرفي أو التزام شرطي أو تغرير فعلي .
ثم شرع في الأمر الأول وهو ما يظن حصوله بالعرف وهو السلامة من العيب فقال " للمشتري " الجاهل بما يأتي " الخيار بظهور عيب قديم " والمراد بقدمه كونه موجودا عند العقد أو حدث قبل القبض كما يعلم من كلامه الآتي .
أما المقارن فبالإجماع وأما الحادث قبل القبض فلأن المبيع حينئذ من ضمان البائع فكذا جزؤه وصفته .
تنبيه : .
إنما اقتصر المصنف على ثبوت الخيار للمشتري لأن حصول العيب في المبيع هو الغالب .
ويستثنى من رده مسائل منها ما إذا حدث العيب قبل القبض بفعل المشتري كما سيأتي .
ومنها ما إذا كان المشتري مفلسا أو ولي محجور أو عامل قراض وكانت الغبطة في الإمساك .
ومنها ما إذا اشترى الوكيل ورضي الموكل بالعيب .
وقضية إطلاقه أنه لا فرق بين أن يقدر المشتري على إزالة العيب أم لا وهو كذلك نعم لو أحرم العبد بغير إذن سيده ثم باعه فللمشتري تحليله كالبائع كما مر في بابه ولا خيار له كما في زوائد الروضة وإن قال البلقيني بثبوت الخيار .
وفوات الوصف المقصود كالعيب في ثبوت الخيار فلو اشترى عبدا كاتبا أو متصفا بصفة تزيد على ثمنه ثم زالت تلك الصفة بنسيان أو غيره في يد البائع ثبت للمشتري الخيار وإن لم يكن فواتها عيبا قبل وجودها قاله ابن الرفعة .
كخصاء .
حيوان بالمد " رقيق " أو غيره لأن الفحل يصلح لما لا يصلح له الخصي والجب كالخصاء وإن زادت قيمتهما باعتبار آخر .
تنبيه : .
عبارته تفهم بغير ما قدرته أن الخصاء في البهائم ليس بعيب وليس مرادا فقد صرح الجرجاني وغيره بأنه عيب فيها ولذلك لم يقيده في الروضة بالرقيق .
وقد يقال إن الثيران الغالب فيها الخصاء فلا يثبت فيها خيار لدخولها في قولهم إذا غلب في جنس المبيع عدمه وإذا كان في المفهوم تفصيل لا يعترض به ولذلك قال الأذرعي وفي الضأن المقصود لحمه توقف لغلبة ذلك فيه وكذا في البراذين والبغال بل الفحولة نقص فيها .
وزناه .
أي الرقيق " وسرقته وإباقه " أي كل منها وإن لم يتكرر ولو ناب منها لأن تهمة الزنا لا تزول ولهذا لا يعود إحصان الحر الزاني بالتوبة .
وما تقرر من أن السرقة أو الإباق مع التوبة عيب هو المعتمد كما جرى عليه ابن المقري وصرح به القاضي في الإباق خلافا لبعض المتأخرين .
واستثنى بعضهم من السرقة ما إذا دخل مسلم دار الحرب ومعه عبده فسرق العبد مال حربي قال والذي أراه أن لا يجعل ذلك عيبا مثبتا للرد ابتداء اه .
والأولى عدم استثناء هذه لأنها غنيمة وإن وقع ذلك على صورة السرقة .
واستثنى من إباق العبد ما لو خرج عبد من بلاد الهدنة بعد أن أسلم وجاء إلينا فللإمام بيعه ولا يجعل بذلك آبقا من سيده موجبا للرد لأن هذا الإباق مطلوب .
وحيث قيل له الرد بالإباق فمحله في حال عوده .
أما حال إباقه فلا رد قطعا ولا أرش في الأصح .
وبوله في الفراش .
ذكرا كان أو أنثى إن خالف العادة بأن اعتاده لسبع سنين فأكثر تقريبا لأنه يقل الرغبة فيه فلو لم يعلم به إلا بعد كبر العبد لم يرد ويرجع الأرش لأن علاجه في الكبر صعب فصار كبره عيبا حدث قاله الماوردي و الروياني .
ومحل الرد كما قال بعضهم إذا كان يبول عند البائع وظهر أمره عند المشتري أما لو كان يبول عند البائع ثم لم يبل عند المشتري فلا رد له لأنه تبين أن العيب قد زال قبل البيع .
وبخره .
وهو الناشيء من تغير المعدة دون ما يكون من قلح الأسنان فإن ذلك يزول بتنظيف الفم .
واعترض ذلك في الذخائر بأن التغير بالقلح لا يسمى بخرا قال الإسنوي وهو اعتراض صحيح .
وصنانه .
المستحكم دون ما يكون لعارض عرق أو حركة ونحو ذلك .
وعيوب الرقيق لا تكاد تنحصر فمنها أن يكون نماما أو كذابا أو ساحرا أو قاذفا للمحصنات أو مقامرا أو تاركا للصلاة قال الزركشي وينبغي اعتبار ترك ما يقتل به منها .
أو شاربا ما يسكر وإن لم يشربه .
قال الزركشي وينبغي أن يقيد بالمسلم دون من يعتاد ذلك من الكفار فإنه غالب فيهم .
أو خنثى ( 2 / 51 ) مشكلا أو واضحا أو مخنثا وهو بفتح النون وكسرها الذي تشبه حركاته حركات النساء خلقا وخلقا .
أو ممكنا من نفسه وإن كان صغيرا أو مرتدا قال الماوردي وإن تاب .
أو محرما بإذن من البائع أو كافرا لم يجاوره كفار لقلة الرغبة فإن جاوره كفار فليس بعيب .
أو كون الأمة رتقاء أو قرناء أو مستحاضة أو يتطاول طهرها فوق العادة الغالبة أو لا تحيض وهي في سن الحيض غالبا بأن بلغت عشرين سنة قاله القاضي لأن ذلك إنما يكون لعلة .
أو حاملا لأنه يخاف من هلاكها بالوضع لا في البهائم فإن الغالب فيها السلامة .
أو معتدة ولو محرمة عليه بنحو نسب خلافا للجيلي في المحرمة .
أو كافرة كفرها يحرم الوطء كوثنية .
واصطكاك الكعبين وسواد الأسنان أو حمرتها كما بحثه بعضهم .
أو خضرتها أو زرقتها أو تراكم الوسخ الفاحش في أصولها وذهاب الأشفار من الأمة وكبر أحد ثدييها والخيلان الكثيرة بكسر الخاء جمع خال وهو الشامة وآثار الشجاج .
قال الروياني أو كونه أعسر .
وفصل ابن الصلاح فقال إن كان أضبط وهو الذي يعمل بيده معا فليس بعيب لأن ذلك زيادة في القوة وإلا فهو عيب .
ولعل الروياني لا يخالف ذلك .
أو أشل أو أقرع وهو من ذهب شعر رأسه بآفة .
أو أصم وهو من لم يسمع .
أو أخفش وهو صغير العين ضعيف البصر خلقة ويقال هو من يبصر بالليل دون النهار وفي الغيم دون الصحو وكلاهما عيب كما ذكره في الروضة .
أو أجهر وهو من لا يبصر في الشمس .
أو أعشى وهو من يبصر بالنهار دون الليل وفي الصحو دون الغيم والمرأة عشواء .
أو أخشم أو أبكم أو أخرس أو أرت لا يفهم كلام غيره أو فاقد الذوق أو أنملة أو الظفر أو الشعر ولو عانة .
أو في رقبته لا في ذمته فقط دين .
فإن قيل من تعلق برقبته مال لا يصح بيعه فكيف يعد من العيوب أجيب بأن صورته أن يبيعه ثم يجني جناية تتعلق برقبته قبل قبضه فإنها من ضمان البائع .
أو له أصبع زائدة أو سن شاغبة وهي بشين وغين معجمتين الزائدة التي تخالف نبتها نبتة بقية الأسنان .
أو سن مقلوعة لا لكبر .
أو به قروح أو أبهق والبهق بياض يعتري الجلد يخالف لونه وليس من البرص فالبرص والجذام أولى .
أو أبيض الشعر في غير سنه ولا تضر حمرته .
أو مخبلا بالموحدة وهو من في عقله خبل أي فساد .
أو أبله وهو من غلب عليه سلامة الصدر روي إن أكثر أهل الجنة البله أي في أمر الدنيا لقلة اهتمامهم بها وهم أكياس في أمر الآخرة وحمل بعضهم الأبله على معنى لطيف وهو من يعمل لأجل النعيم وغيره هو الذي يعمل لوجه الله تعالى فأكثر أهل الجنة من القسم الأول فهو ليس بمذموم ولكن القسم الثاني أعلى .
وجماح الدابة .
بالكسر أي امتناعها على راكبها .
وعضها .
أو رمحها لنقص القيمة بذلك .
وكونها تشرب لبنها أو لبن غيرها أو تكون بحيث يخشى من ركوبها السقوط لخشونة مشيها .
أو ساقطة الأسنان لا لكبر أو قليلة الأكل بخلاف قلة الأكل في الآدمي .
والحموضة في البطيخ لا الرمان عيب .
ولا رد بكون الرقيق رطب الكلام ولا بكونه عقيما ولا بكون العبد عنينا وليس عدم الختان عيبا إلا في عبد كبير خوفا عليه من الختان بخلاف الأمة الكبيرة لأن ختانها سليم لا يخاف عليها منه وضبط بعضهم الصغير بعدم البلوغ .
ومن العيوب ظهور مكتوب بوقفية المبيع ولم يثبت وكذا شيوعها بين الناس .
وشق أذن الشاة مثلا إن منع الإجزاء في الأضحية .
ولما كان لا مطمع في استيفاء العيوب المثبتة للرد ذكر ضابطا جامعا لها شاملا لما ذكره ولما لم يذكره فقال " وكل ما " بالجر " ينقص العين " بفتح الياء وضبط القاف بضبط المصنف أفصح من ضم الياء وكسر القاف المشددة قال تعالى " ثم لم ينقصوكم شيئا " .
أو القيمة نقصا يفوت به غرض صحيح إذا غلب في جنس المبيع عدمه .
إذ الغالب في الأعيان السلامة فبدل المال يكون في مقابلة السليم فإذا بان العيب وجب التمكن من التدارك .
فقوله يفوت به غرض صحيح قيد في نقص العين خاصة ليحترز به عن قطع أصبع زائدة أو جزء يسير من الفخذ أو الساق لا يورث شينا ولا يفوت غرضا فلا رد به فلو ذكره عقبه إما بأن يقدم ذكر القيمة أو يجعل هذا القيد عقب نقص العين قبل ذكر القيمة لكان أولى .
وقوله إذا غلب في جنس المبيع عدمه يرجع إلى القيمة والعين فأما القيمة فاحترز به عن الثيوبة في الأمة ( 2 / 52 ) الكبيرة السن .
قال شيخي وكذا الخصاء في الثيران ومرت الإشارة إليه .
قال الأذرعي وكترك الصلاة في الأرقاء فإن ذلك لا يقتضي الرد وإن نقصت القيمة بذلك ويمكن حمل هذا على الأرقاء الجلب وما تقدم على غيرهم .
وأما في العين فاحترز به على قلع الأسنان في الكبير قاله الإسنوي قال وقد جزم في المطلب بامتناع الرد ببياض الشعر في الكبير وهو نظير ما نحن فيه .
فائدة : .
العيب ستة أقسام في البيع والزكاة والغرة والصداق إذا لم يفارق قبل الدخول ما مر وفي الكفارة ما ضر بالعمل إضرارا بينا وفي الأضحية والهدي والعقيقة ما نقص اللحم وفي النكاح ما نفر عن الوطء كما هو مبين في محله وفي الصداق إذا فارق قبل الدخول ما فات به غرض صحيح سواء أكان الغالب في أمثاله عدمه أم لا وفي الإجارة ما يؤثر في المنفعة تأثيرا يظهر به تفاوت في الأجرة .
قال الدميري وينبغي أن يزاد عيب المرهون فالظاهر أنه ما نقص القيمة فقط .
سواء .
في ثبوت الخيار " قارن " العيب " العقد " بأن كان موجودا قبله " أم حدث " بعده و " قبل القبض " للمبيع لأن المبيع حينئذ من ضمان البائع فكذا جزؤه .
ولو حدث قبل القبض بسبب متقدم رضي به المشتري كما لو اشترى بكرا مزوجة عالما فأزال الزوج بكارتها .
قال السبكي لم أر فيه نقلا والأقرب القطع بأنه لا يوجب الرد لرضاه بسببه .
فإن قيل إن هذه ستأتي في قول المصنف إلا أن يستند إلى سبب متقدم .
أجيب بأن الذي يأتي في كلامه أن العيب إذا حدث بعد القبض بسبب سابق لا يمنع الرد والذي قاله السبكي أنه لو حدث العيب قبل القبض بسبب سابق رضي به المشتري فعلى كلام السبكي تستثنى هذه الصورة من كلام المصنف .
ولو حدث .
العيب " بعده " أي القبض " فلا خيار " في الرد به لأنه بالقبض صار من ضمانه فكذا جزؤه وصفته .
قال ابن الرفعة ومحله بعد لزوم العقد أما قبله فينبني على ما إذا تلف حينئذ هل ينفسخ والأرجح ما قاله الرافعي إن قلنا الملك للبائع انفسخ وإلا فلا فإن قلنا ينفسخ أي وهو الراجح فحدوثه كوجوده قبل القبض .
إلا أن يستند إلى سبب متقدم .
على القبض أو العقد ويجهله المشتري " كقطعه " أي المبيع العبد أو الأمة " بجناية " أو سرقة " سابقة " على القبض " فيثبت الرد " بذلك " في الأصح " لأن قطعه لتقدم سببه كالمتقدم .
وفي معنى القطع زوال البكارة واستيفاء الحد بالجلد .
والثاني لا يثبت به الرد لأنه قد تسلط على التصرف بالقبض فيدخل المبيع في ضمانه وعلى هذا يرجع بالأرش وهو ما بين قيمته مستحق القطع وغير مستحقه من الثمن فإن كان عالما به فلا رد له به جزما ولا أرش لدخوله في العقد على بصيرة .
بخلاف موته .
أي المبيع " بمرض سابق " على القبض جهله المشتري فلا يثبت به لازم الرد المتعذر من استرجاع الثمن " في الأصح " المقطوع به .
ولو عبر بالمذهب لكان أولى لأن المرض يزداد شيئا فشيئا إلى الموت فلم يحصل بالسابق .
والثاني يثبت استرجاع الثمن لأن السابق أفضى إليه فكأنه سبق فينفسخ به البيع قبيل الموت .
وعلى الأول للمشتري أرش المرض وهو ما بين قيمة المبيع صحيحا ومريضا من الثمن ومحل الخلاف في المرض المخوف كما في التذنيب وغيره أما غيره كالحمى اليسيرة إذا لم يعلم بها المشتري فإن زادت في يده ومات لا يرجع بشيء قطعا لموته بما حدث في يده والجراحة السارية كالمرض وكذا الحامل إذا ماتت من الطلق فإن كان المشتري عالما بالمرض فلا شيء له جزما .
ولو قتل .
المبيع " بردة " أو محاربة أو جناية توجب قصاصا " سابقة " على القبض جهلها المشتري " ضمنه البائع في الأصح " بجميع الثمن لأن قتله لتقدم سببه كالمتقدم فينفسخ البيع فيه قبيل القتل .
والثاني لا يضمنه البائع ولكن تعلق القتل به عيب يثبت به الأرش وهو ما بين قيمته مستحق القتل وغير مستحقه من الثمن .
وينبني على الخلاف في المسألتين ( 2 / 53 ) مؤنة التجهيز والدفن فهي على الأصح على المشتري في الأولى وعلى البائع وجوبا في الثانية .
فإن كان المشتري عالما بالحال فلا شيء له جزما .
تنبيه : .
لو قال المصنف قتل بموجب سابق لكان أولى ليشمل ما زدته والقتل بترك الصلاة ونحو ذلك .
فإن قيل تارك الصلاة لم يقتل بموجب سابق بل بتصميمه على ترك القضاء .
أجيب بأن الترك موجب للقتل والتصميم على ترك القضاء موجب للاستيفاء كما في الردة فإنها السبب الموجب للقتل وبقاؤه عليها موجب للاستيفاء .
قال الشارح ولو أخر عبارته الأولى وهي قوله بخلاف موته إلخ عن الثانية لاستغنى عن التأويل السابق أي وهو قولنا تبعا له لازم الرد إذ لا يتوهم أن الخلاف في الرد لأنه قد تعذر بموته .
وقضية كلامه صحة بيع المرتد وهو الأصح وكذا المتحتم قتله بالمحاربة ولا قيمة على متلفهما كما قاله ابن المقري لاستحقاقهما القتل والثانية نقلها الشيخان عن القفال ولعله بناها على أن المغلب في قتل المحارب معنى الحد لكن الصحيح أن المغلب فيه معنى القصاص وأنه لو قتله غير الإمام بغير إذنه لزمه ديته وقضيته أنه يلزم قاتل العبد المحارب قيمته لمالكه نبه على ذلك الأذرعي .
والمعتمد الأول مع أن الحكم لا ينحصر فيه وفي المرتد بل يجري في غيرهما كتارك الصلاة والصائل والزاني المحصن بأن زنى ذمي ثم التحق بدار الحرب ثم استرق فيصح بيعهم ولا قيمة على متلفهم .
ثم شرع في الأمر الثاني وهو ما يظن حصوله بشرط فقال " ولو باع " حيوانا أو غيره " بشرط براءته من العيوب " في المبيع أو قال بعتك على أن لا ترد بعيب " فالأظهر أنه يبرأ عن عيب باطن بالحيوان لم يعلمه " البائع " دون غيره " أي العيب المذكور فلا يبرأ عن عيب بغير الحيوان كالثياب والعقار مطلقا ولا عن عيب ظاهر بالحيوان علمه أم لا ولا عن عيب باطن بالحيوان علمه .
والمراد بالباطن كما قال شيخي ما لا يطلع عليه غالبا .
والثاني يبرأ عن كل عيب عملا بالشرط .
والثالث لا يبرأ عن عيب ما للجهل بالمبرأ منه وهو القياس وإنما خرج منه على الأول صورة من الحيوان لما رواه مالك في الموطأ أن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما باع غلاما بثمانمائة درهم وباعه بالبراءة فقال الذي ابتاعه وهو زيد بن ثابت لعبد الله بن عمر بالعبد داء لم تسمه لي فاختصما إلى عثمان رضي الله تعالى عنه فقضى على ابن عمر أن يحلف لقد باعه العبد وما به داء يعلمه فأبى عبدالله أن يحلف وارتجع العبد فباعه بألف وخمسمائة وفي الشامل وغيره أن المشتري زيد بن ثابت كما أورده الرافعي وأن ابن عمر كان يقول تركت اليمين لله فعوضني الله عنها ذل قضاء عثمان Bه على البراءة في صورة الحيوان المذكورة .
وقد وافق اجتهاده فيها اجتهاد الشافعي رضي الله تعالى عنه وقال الحيوان يغتدي في الصحة وتحول طباعه فقد لا ينفك عن عيب خفي أو ظاهر أي فيحتاج البائع فيه إلى شرط البراءة ليثق بلزومه البيع فيما لا يعلمه من الخفي دون ما يعلمه مطلقا في حيوان أو غيره لتلبيسه فيه وما لم يعلمه من الظاهر فيهما لندرة خفائه عليه أو من الخفي في غير الحيوان كالجوز واللوز إذ الغالب عدم تغيره بخلاف الحيوان .
تنبيه : .
لا فرق في الحيوان بين العبد الذي يخبر عن نفسه وغيره .
وقول المصنف عن كل عيب باطن لفظة باطن ساقطة من بعض النسخ والصواب إثباتها لما مر أنه لا يبرأ عن عيب ظاهر .
قال الولي العراقي وقد رأيت لفظة باطن مخرجة على حاشية أصل المصنف لكن لا أدري هل هي بخطه أم لا وليست في المحرر اه .
وفي الدقائق لفظة باطن مما زاده المنهاج ولا بد منها على الصحيح .
وله .
أي المشتري " مع هذا الشرط الرد بعيب حدث " بعد العقد و " قبل القبض " لانصراف الشرط إلى الموجود عند العقد ولو اختلفا في القدم فوجهان في الحاوي .
ويؤخذ من كلام المصنف الآتي في قوله ولو اختلفا في قدم العيب أن البائع هو المصدق .
ولو شرط البراءة عما يحدث .
من العيوب قبل القبض ولو مع الموجود منها " لم يصح " الشرط " في الأصح " لأنه إسقاط للشيء قبل ثبوته فلم يسقط كما لو برأه عن ثمن ما يبيعه له .
والثاني يصح بطريق التبع فإن انفرد الحادث فهو أولى بالبطلان كما في الروضة وأصلها ولو شرط البراءة عن عيب عينه فإن كان مما يعاين كالبرص فإن أراه قدره وموضعه بريء منه قطعا وإلا فهو كشرط البراءة مطلقا فلا ( 2 / 54 ) يبرأ منه على الأظهر لتفاوت الأغراض باختلاف قدره وموضعه وإن كان مما لا يعاين كالزنا أو السرقة أو الإباق بريء منه قطعا لأن ذكرها إعلام بها .
قال السبكي وبعض الوراقين في زماننا يجعل بدل شرط البراءة إعلام البائع المشتري بأن بالمبيع جميع العيوب ورضي به وهذا جهل لأنه كذب ولا يفيد لأن الصحيح أن التسمية لا تكفي فيما يمكن معاينته حتى يريه إياه .
وأما ما لا يمكن معاينته فذكره مجملا بهذه العبارة كذكر ما يمكن معاينته بالتسمية من غير رؤية فلا يفيد .
ولا يجوز للحاكم إلزام المشتري بمقتضى هذا الإقرار للعلم بكذبه وبطلانه وإذا وقع ذلك يكون كشرط البراءة .
ولو شرط أن الأمة بكر أو صغيرة أو مسلمة فبان خلاف ذلك فله الرد لخلف الشرط وكذا لو شرط كون الرقيق المبيع كاتبا أو خبازا أو نحو ذلك من الأوصاف المقصودة فبان خلافه فإنه يثبت له الخيار لفوات فضيلة ما شرطه .
ولو شرط أنها ثيب فخرجت بكرا لم ترد لأنها أكمل مما شرط وقيل ترد لأنه قد يكون له في ذلك غرض كضعف آلته أو كبر سنه وقد فات عليه .
ولو شرط أن الرقيق كافر أو فحل أو مختون أو خصي فخرج مسلما في الأولى أو خصيا في الثانية أو أقلف في الثالثة أو فحلا في الرابعة ثبت له الرد لاختلاف لأغراض بذلك إذ في الكافر مثلا فوات كثرة الراغبين إذ يشتريه الكافر والمسلم بخلاف المسلم .
والخصي بفتح الخاء من قطع أنثياه أو سلتا وبقي ذكره فلو شرط كونه أقلف فبان مختونا لم يثبت له الرد إذ لم يفت بذلك غرض مقصود إلا إن كان الأقلف مجوسيا بين مجوس يرغبون فيه بزيادة فيثبت له بذلك الرد .
ولو شرط كونه فاسقا أو خائنا أو أميا أو أحمق أو ناقص الخلقة فبان خلافه لم يثبت له الرد لأنه خير مما شرط .
ولو شرط كون الأمة يهودية أو نصرانية فبانت مجوسية أو نحوها ثبت له الرد لفوات حل الوطء بخلاف ما لو شرط كونها يهودية فبانت نصرانية أو بالعكس .
ولو اشترى ثوبا على أنه قطن فبان كتانا لم يصح الشراء لاختلاف الجنس .
ولو هلك المبيع .
غير الربوي المبيع بجنسه " عند المشتري " سواء كان بآية سماوية أم بغيرها كأن أكل الطعام " أو " خرج عن قبول النقل كأن " أعتقه " والعبد مسلم أو وقفه ولو كافرا أو استولد الأمة أو جعل الشاة أضحية " ثم علم العيب " به " رجع بالأرش " لتعذر الرد بفوات المبيع حسا أو شرعا .
فإن كان العبد كافرا قال الإسنوي لا يرجع لأنه لم ييأس من رده لإمكان لحوقه بدار الحرب فيسترق ثم يعود إلى الملك .
قال ويجب حمل إطلاقهم على هذا اه .
ومحله إذا كان المعتق كافرا أيضا إذ عتيق المسلم لا يسترق ومع هذا فهو بعيد فينبغي إطلاق كلام الأصحاب .
ولو اشترى معيبا جاهلا بعيبه يعتق عليه أو بشرط العتق فأعتقه رجع بأرشه لأن المقصود وإن كان العتق قربة فبذل الثمن إنما كان في مقابلة ما ظنه من سلامة المبيع فإذا فات منه جزء صار ما قصد عتقه مقابلا ببعض الثمن فرجع في الباقي .
ومسألة القريب أو من أقر بحريته ليست داخلة في كلام المصنف C فإن الموجود إنما هو العتق لا الإعتاق .
ولو قال اعتق عبدك عني على كذا ففعل ثم ظهر معيبا وجب الأرش واستمر العتق كما جزم به الشيخان في الكفار قالا ويجزىء عن الكفارة إن لم يمنع العيب الإجزاء .
أما الربوي المذكور كذهب بيع بوزنه ذهبا فبان معيبا بعد تلفه فلا أرش فيه بل يفسخ البيع ويغرم البدل ويسترد الثمن وإلا لنقص الثمن فيصير الباقي منه مقابلا بأكثر منه وذلك ربا إن ورد على العين فإن ورد على الذمة ثم عين غرم بدل التالف واستبدل في مجلس الرد وإن فارق مجلس العقد .
وهل يمتنع الرد على بائع الصيد إذا أحرم لأن رده إتلاف عليه قال الإسنوي فيه نظر اه .
والذي يظهر أن له الرد لأن البائع منسوب إلى تقصير في الجملة .
ولو وجد المسلم إليه برأس مال المسلم عيبا بعد تلفه عنده فإن كان معينا نقص من المسلم فيه بقدر نقص العيب من قيمة رأس المال أو في الذمة وعين غرم بدل التالف واستبدل في مجلس الرد وإن فارق مجلس العقد .
وهو .
أي الأرش " جزء من ثمنه " أي المبيع " نسبته إليه " أي نسبة الجزء إلى الثمن " نسبة " أي مثل نسبة " ما نقص العيب من القيمة لو كان " المبيع " سليما " إليها ولو ذكر هذه اللفظة وقال كما في المحرر والشرحين والروضة إلى تمام قيمة السليم ( 2 / 55 ) لكان أولى لأن النسبة لا بد فيها من منسوب ومنسوب إليه والنسبة هنا مذكورة مرتين فالأولى هي النسبة المذكورة في الجزء الذي هو الأرش وقد ذكر فيها الأمرين وأما الثانية فذكر معها المنسوب خاصة وهو المقدار الذي نقصه العيب من القيمة فيقال نأخذ نسبة هذا المقدار من تمام القيمة ولكنه ترك ذلك للعلم به فلو كانت قيمته بلا عيب مائة وبه تسعين فنسبة النقص إلى قيمة عشر فالأرش عشر الثمن وإنما كان الرجوع بجزء من الثمن لأن المبيع مضمون على البائع بالثمن فيكون جزؤه مضمونا عليه بجزء الثمن فإن كان قبض الثمن رد جزئه وإلا سقط عن المشتري بطلبه وقيل بلا طلب .
والأصح اعتبار أقل قيمه .
أي المبيع " من يوم " أي وقت " البيع إلى " وقت " القبض " لأن القيمة إن كانت وقت البيع أقل فالزيادة حدثت في ملك المشتري فلا تدخل في التقويم وإن كانت وقت القبض أو بين الوقتين أقل فما نقص كان من ضمان البائع والزيادة في الثانية حدثت في ملك المشتري فلا تدخل في التقويم .
والثاني اعتبار قيمة وقت البيع لأنه وقت مقابلة الثمن بالمبيع .
والثالث قيمة وقت القبض لأنه وقت دخول المبيع في ضمان المشتري .
تنبيه : .
قول المصنف أقل قيمه قال في الدقائق وهو جمع قيمة وعلى هذا يقرأ بفتح الياء وبذلك ضبطه المصنف في أصله وقال إنه أصوب من قول المحرر أقل قيمتي العقد والقبض لاعتباره الوسط أي بين قيمتي اليومين .
قال الإسنوي وما في الكتاب غريب لأنه ليس محكيا في أصوله المبسوطة وجها فضلا عن اختياره ولأن النقصان الحاصل قبل القبض إذا زال قبل القبض لا يثبت للمشتري الخيار فكيف يكون مضمونا على البائع اه .
وعبر بالأصح دون الأظهر ليوافق الطريقة الراجحة وإن لم يشعر بها ولو عبر بالمذهب كان أولى لأن هذه أقوال محكية في طريقة فيما عدا ما بين الوقتين والطريقة الراجحة القطع باعتبار أقل قيمتي وقت العقد والقبض .
وإذا اعتبرت قيم المبيع فإما أن تتحد قيمتاه سليما وقيمتاه معيبا أو تتحدا سليما وتختلفا معيبا وقيمته يوم العقد أقل أو أكثر أو يتحدا معيبا ويختلفا سليما وقيمته يوم العقد أقل أو أكثر أو يختلفا سليما ومعيبا وقيمته يوم العقد سليما ومعيبا أقل أو أكثر أو سليما أقل ومعيبا أكثر أو بالعكس فذاك تسعة أقسام أمثلتها على الترتيب اشترى عبدا بألف وقيمته وقت العقد والقبض سليما مائة ومعيبا تسعون فالنقص عشرة وهي عشر قيمته سليما فيرجع على البائع بعشر الثمن وهو مائة .
ولو كانت قيمتاه سليما مائة وقيمته معيبا وقت العقد ثمانين ووقت القبض تسعين أو وقت العقد تسعين ووقت القبض ثمانين فالتفاوت بين قيمتيه سليما وأقل قيمتيه معيبا عشرون وهي خمس قيمته سليما فيرجع بخمس الثمن .
ولو كانت قيمته معيبا ثمانين وسليما وقت العقد تسعين ووقت القبض مائة أو وقت العقد مائة ووقت القبض تسعين فالتفاوت بين قيمته معيبا وأقل قيمتيه سليما عشرة وهي تسع أقل قيمتيه سليما فيرجع بتسع الثمن .
ولو كانت قيمته وقت العقد سليما مائة ومعيبا ثمانين ووقت القبض سليما مائة وعشرين ومعيبا تسعين أو بالعكس أو قيمته وقت العقد سليما مائة ومعيبا تسعين ووقت القبض سليما مائة وعشرين ومعيبا ثمانين أو بالعكس فالتفاوت بين أقل قيمتيه سليما وأقل قيمتيه معيبا عشرون وهي خمس أقل قيمتيه سليما فيرجع بخمس الثمن .
وإذا نظرت إلى قيمته فيما بين الوقتين أيضا زادت الأقسام .
ولو تلف الثمن .
المقبوض حسا كأن تلف أو شرعا كأن أعتقه أو كاتبه أو وقفه أو استولد الأمة أو خرج عن ملكه إلى غيره أو تعلق به حق لازم كرهن .
دون المبيع .
المقبوض ثم اطلع على عيب وأراد رده به " رده " أي المبيع المشتري لوجوده خاليا عن الموانع " وأخذ مثل الثمن " إن كان مثليا " أو قيمته " إن كان متقوما لأنه لو كان باقيا لاستحقه فإذا تلف ضمنه بذلك قياسا على غيره .
ويعتبر أقل قيمه من وقت البيع إلى وقت القبض كما في الروضة وأصلها وهو يخالف ما تقدم عنهما في الأرش لكنه يوافق ما في الكتاب هناك .
قال الإسنوي والصواب التسوية ا ه .
وعبارة الشرح الصغير هنا .
ويعتبر الأقل من قيمة يوم العقد والقبض فهي موافقة لما تقدم والمعتمد أننا نعتبر الوسط هنا وهناك .
ولو صالحه ( 2 / 56 ) البائع بالأرش أو غيره عن الرد لم يصح لأنه خيار فسخ فأشبه خيار التروي في كونه غير متقوم ولم يسقط الرد لأنه إنما سقط بعوض ولم يسلم إلا إن علم بطلان المصالحة فيسقط الرد لتقصيره وليس لمن له الرد إمساك المبيع وطلب الأرش ولا للبائع منعه من الرد ودفع الأرش .
ولو علم العيب .
بالمبيع " بعد زوال ملكه " عنه " إلى غيره " بعوض أو بدونه وهو باق بحاله في يد الثاني " فلا أرش " له " في الأصح " لأنه لم ييأس من الرد فقد يعود إليه فيرده وقيل علته أنه استدرك الظلامة .
وخرجوا على هاتين العلتين زواله بلا عوض فعلى الأولى وهي الصحيحة لا أرش وعلى الثانية يجب .
والوجه الثاني أن له الأرش كما لو تلف .
فإن عاد الملك .
إليه بعوض أو بغيره أو انفك رهنه أو نحو ذلك " فله الرد " لزوال المانع .
و .
على العلة الثانية " قيل إن عاد " المبيع إليه " بغير الرد بعيب فلا رد " له لأنه بالاعتياض عنه استدرك الظلامة وغبن غيره كما غبن هو ولم يبطل ذلك الاستدراك بخلاف ما لو رد عليه بعيب .
وعلى الأصح لو تعذر العود لتلف أو إعتاق رجع بالأرش المشتري الثاني على الأول والأول على بائعه وله الرجوع عليه قبل الغرم للثاني ومع إبرائه منه .
وقيل لا فيهما بناء على التعليل باستدراك الظلامة .
والرد .
بالعيب " على الفور " بالإجماع كما قاله ابن الرفعة ولأن الأصل في البيع اللزوم والجواز عارض فيه ولأنه خيار ثبت بالشرع لدفع الضرر عن المال فكان فوريا كالشفعة فيبطل بالتأخير بغير عذر .
وهذا في المبيع المعين أما الواجب في الذمة ببيع أو سلم إذ قبض فوجد معيبا فقال الإمام إن قلنا لا يملك لا بالرضا أي وهو الأصح فلا يعتبر الفور إذ الملك موقوف على الرضا .
وكذا إن قلنا يملك بالقبض لأنه ليس معقودا عليه وإنما يثبت الفور فيما يؤدي رده إلى رفع العقد .
تنبيه : .
يستثنى من اشتراط الفور صور منها لو آجر المبيع ثم علم بالعيب ولم يرض البائع بالعين مسلوبة المنفعة مدة الإجارة فإن المشتري يعذر في التأخير إلى انقضاء المدة .
ومنها قريب العهد بالإسلام .
ومن ينشأ ببادية بعيدة عن العلماء إذا ادعى الجهل بأن له الرد فإنه يقبل منه .
ولو ادعى الجهل بالفورية وكان ممن يخفى عليه ذلك قبل .
ومنها ما لو باع مالا زكويا قبل الحول ووجد المشتري به عيبا قديما وقد مضى حول من يوم الشراء ولم يخرج الزكاة بعد فليس له الرد حتى يخرجها سواء أقلنا الزكاة تتعلق بالعين أم الذمة لأن للساعي أخذ الزكاة من عينها لو تعذر أخذها من المشتري وذلك عيب حادث فلا يبطل الرد بالتأخير إلى أن يؤدي الزكاة لأنه غير متمكن منه قبله وإنما يبطل بالتأخير مع التمكن .
ومنها ما لو اطلع المشتري على عيب بالشقص قبل أخذ الشفيع فأمسك عن رده انتظارا للشفيع فإن كان الشفيع غائبا بطل حقه بالانتظار وإن كان حاضرا فلا .
ومنها ما إذا اشتغل بالرد بعيب وأخذ في تثبيته ولم يمكنه فله الرد بعيب آخر ويعذر فيه لاشتغاله بالرد بعيب غيره ففي فتاوى ابن الصلاح اشترى جارية ثم ادعى جنونهاوطلب ردها ولم يثبت جنونها فادعى عليه بعيب ثان فإن له الرد إذا ثبت ولا يمنع من ذلك ما ادعاه من جنون متقدم ولا تأخير إثباته إذا كان لعجزه ولو قال البائع .
أنا أزيل ما به من عيب وأمكن في مدة لا أجرة لمثلها كنقل الحجارة المدفونة فإنه يقبل ولا رد للمشتري .
فليبادر .
مريد الرد " على العادة " ولا يؤمر بالعدو والركض ليرد .
فلو علمه وهو يصلي .
فرضا أو نفلا " أو يأكل " أو يقضي حاجته كما في المحرر أو وهو في حمام كما ذكر المصنف في الشفعة " فله تأخيره حتى يفرغ " لأنه لا يعد مقصرا ولا يلزمه تخفيف الصلاة والاقتصار فيها على ما يجزىء ولا يزيد فيها على ما يسن للمنفرد فيما يظهر .
وكلامه يوهم أنه لو علمه وقد دخل وقت هذه الأشياء ولم يشرع فيها أن الحكم بخلافه وليس مرادا إذ لا فرق .
ولو لبس ثوبه أو أغلق بابه فلا بأس .
ولا يضر في الرد الابتداء بالسلام بخلاف الاشتغال بمحادثته .
ولو اشترى عبدا فأبق قبل القبض وأجاز المشتري البيع ثم أراد الفسخ فله ذلك ما لم يعد العبد إليه .
أو .
علمه " ليلا " وقيده ابن الرفعة بكلفة السير فيه ونقل نحوه عن التتمة ( 2 / 57 ) فحتى يصبح " أما إذا لم يكن عليه كلفة في السير كأن كان جارا له فلا فرق بين الليل والنهار .
فإن كان البائع .
المالك " بالبلد رده عليه بنفسه أو وكيله " إن لم يحصل بالتوكيل تأخير " أو على وكيله " بالبلد كذلك لأنه قائم مقامه في ذلك .
أما إذا كان البائع وكيلا فإنه يرده عليه أو على موكله .
وعبارة المحرر رده بنفسه أو وكيله عليه أو على وكيله أي لكل منهما الرد على كل منهما فقدم المصنف لفظة عليه ففاته النص على التخيير عند الرد إلى الوكيل .
ولو مات المالك رده على وارثه أو حجر عليه فعلى وليه .
ولو تركه .
أي البائع أو وكيله " ورفع الأمر إلى الحاكم فهو آكد " لأن الخصم ربما أحوجه في آخر الأمر إلى المرافعة إليه فيكون الإتيان إليه فاصلا للأمر جزما .
وقضية كلام الشيخين أنه لا فرق في التخيير المذكور بين أن يكون الاطلاع بحضرة أحدهم أم في غيبة الكل وهو كذلك لما مر وإن قال في المطلب إذا علم بحضرة أحدهم فالتأخير لغيره تقصير وإذا جاء إلى الحاكم لا يدعي لأن غريمه غائب عن المجلس وهو في البلد غير متوار ولا متعذر وإنما يفسخ بحضرته ثم يطلب غريمه ليرد عليه .
قال السبكي إذا قلنا القاضي لا يقضي بعلمه فما فائدة ذلك فلعل هذا تفريع على الصحيح أن القاضي يقضي بعلمه .
قال الأذرعي ولأن الحاكم لا يخلو غالبا عن شهود أو يصير الحاكم شاهدا له .
وإن كان .
البائع " غائبا " عن البلد ولا وكيل له سواء أكانت المسافة قريبة أم بعيدة " رفع " الأمر " إلى الحاكم " ولا يؤخر لقدومه .
وطريقه عند الرفع أن يدعي شراء ذلك الشيء من فلان الغائب بثمن معلوم قبضه ثم ظهر العيب وأنه فسخ البيع ويقيم بينة بذلك ويحلفه الحاكم أن الأمر جرى كذلك لأنه قضاء على غائب ويحكم بالرد على الغائب ويبقى الثمن دينا عليه ويأخذ المبيع ويضعه عند عدل ثم يعطيه القاضي الثمن من مال الغائب فإن لم يجد له سوى المبيع باعه فيه .
فإن قيل ذكر الشيخان في باب المبيع قبل قبضه عن صاحب التتمة وأقره أن للمشتري بعد فسخه بالعيب حبس المبيع إلى استرجاع ثمنه من البائع فهلا كان هنا كذلك أجيب بأن القاضي ليس بخصم فيؤتمن بخلاف البائع .
فإن قيل إطلاق الشيخين الغيبة يشمل قصير المسافة كما تقرر مع أن القضاء على الغائب لا يصح فيه .
أجيب بأن هذه المسألة مستثناة من القضاء على الغائب كما قاله السبكي في شرح المهذب لأن في تكليفه الخروج عن البلد مشقة وإن قال الأذرعي المراد من الرفع إلى الحاكم عند قرب المسافة ليفسخ عنده أو ليطلب الرد بفسخه قبل الحضور إذا شهد عليه أما القضاء به وفصل الأمر وبيع ماله فلا بد فيه من شروط القضاء على الغائب .
والأصح أنه يلزمه .
أي المشتري " الإشهاد على الفسخ إن أمكنه " ولو في حال عذره كمرض وغيبة وخوف من عدو لأن الترك يحتمل الإعراض .
وأصل البيع اللزوم فتعين الإشهاد بعدلين كما قاله القاضي حسين و الغزالي أو عدل ليحلف معه كما قاله ابن الرفعة وهو الظاهر وإن قال الروياني في الشفعة إنه إن أشهد واحدا ليحلف معه لم يجز لأن من الحكام من لا يحكم بالشاهد واليمين فلم يصر مستوثقا لنفسه بالإشهاد .
وقوله " حتى ينهيه إلى البائع أو الحاكم " يقتضي بقاء وجوب الذهاب وهو ما اقتضاه كلام الرافعي أيضا .
وليس مرادا بل المراد ما قاله السبكي C تعالى وهو أنه ينفذ الفسخ ولا يحتاج بعده إلى إتيان البائع أو الحاكم إلا للتسليم وفصل الخصومة .
والثاني لا يلزمه الإشهاد لأنه إذا كان طالبا للمالك أو الحاكم لا يعد مقصرا .
أما الإشهاد على الفسخ فلا يكفي على الأول كما هو مقتضى كلام الغزالي بخلافه في الشفعة قال السبكي لأنه يمكنه إنشاء الفسخ بحضرة الشهود وفي الشفعة لا يمكنه إلا بأمور مقصودة فليس المقدور في حقه إلا الإشهاد على الطلب .
فإن عجز عن الإشهاد .
على الفسخ " لم يلزمه التلفظ بالفسخ في الأصح " إذ يبعد إيجابه من غير سامع أو سامع لا يعتد به ولأنه ربما يتعذر عليه ثبوته فيتضرر بالمنع .
والثاني ( 2 / 58 ) يجب ليبادر بحسب الإمكان وعلى هذا عامة الأصحاب كما قاله المتولي لقدرته عليه .
ويشترط .
في الرد " ترك الاستعمال فلو استخدم العبد " ولو شيء خفيف كقوله اسقني ولو لم يسقه كما في بعض نسخ الروضة الصحيحة " أو ترك على الدابة سرجها أو إكافها " وإن كان ملكا للبائع أو ابتاعه معها كما جرى عليه ابن المقري في روضته ولم يحصل بالنزع ضرر أو ركبها " بطل حقه " من الرد لإشعار ذلك الرضى .
وإنما جعل الترك انتفاعا لأنه لو لم يتركه على الدابة لاحتاج إلى حمله أو تحميله .
وقيل لا يضر الاستعمال الخفيف كقوله اغلق الباب وعلى الأول لا يضر ترك اللجام والعذار لخفتهما فلا يعد تركهما ولا تعليقهما انتفاعا ولأن سوق الدابة يعسر بدونهما .
فائدة : .
العذار ما على خد الدابة من اللجام أو المقود والإكاف بكسر الهمزة أشهر من ضمها ويقال أيضا الوكاف بكسر الواو وهو ما تحت البرذعة وقيل نفسها وقيل ما فوقها .
ولا يضر علفها وسقيها أو حلبها في الطريق إذا حلبها وهي سائرة فإن حلبها واقفة بطل حقه كما جزم به السبكي ونقله في البحر عن الأصحاب وإن قال الأذرعي فيه وقفة .
تنبيه : : .
أفهم كلام المصنف أن الرقيق لو خدم المشتري وهو ساكت لم يؤثر لأن الاستخدام طلب العمل .
وهو متجه كما قاله الإسنوي ففي زوائد الروضة أنه لو جاءه العبد بكوز فأخذ الكوز منه لم يضر لأن وضع الكوز في يده كوضعه على الأرض فإن شرب ورد الكوز إليه فهو استعمال وأن مجرد الطلب يؤثر وإن لم يوجد العمل وهو ظاهر لدلالة الطلب على الرضا سواء أعمل أم لم يعمل .
ويعذر في ركوب جموح .
بفتح الجيم " يعسر سوقها وقودها " بسكون الواو للحاجة .
فإن لم يعسر لم يعذر في الركوب .
وإيغال الدابة في الطريق يسقط الرد إلا إن عجزت عن المشي للعذر .
ولو لبس الثوب ثم علم عينه في الطريق لم يكلف نزعه لأنه غير معتاد بخلاف النزول عن الدابة لأن استدامة الركوب ركوب .
ويتعين كما في المهمات تعيين عدم النزع في ذوي الهيئات لأن غالب المحترفة لا يمتنعون من ذلك ويأتي نحوه في النزول عن الدابة .
وإذا سقط رده بتقصير .
منه " فلا أرش " له لأنه هو المفوت بتقصيره .
ولو حدث .
بالمبيع " عنده " أي المشتري " عيب " بآفة أو غيرها لا بسبب وجد في يد البائع كما علم مما مر ثم اطلع على عيب قديم " سقط الرد قهرا " أي الرد القهري لأنه أخذه بعيب فلا يرده بعيبين والضرر لا يزال بالضرر ونسيان القرآن والحرفة بمثابة العيب لنقصان القيمة .
ويستثنى من منع الرد بحدوث العيب عند المشتري ما لو لم يعلم بالعيب القديم إلا بعد زوال الحادث وما إذا كان العيب هو التزويج وقال الزوج قبل الدخول إن ردك المشتري بعيب فأنت طالق فله الرد لزوال المانع .
ثم إن رضي به .
أي المبيع " البائع " معيبا " رده " عليه " المشتري " بلا أرش للحادث " أو قنع به " بلا أرش عن القديم لأن المانع من الرد وهو ضرر البائع قد زال برضاه به .
وإلا .
بأن لم يرض البائع به معيبا " فليضم المشتري أرش الحادث إلى المبيع ويرد أو يغرم البائع أرش القديم ولا يرد " المشتري لأن كلا من ذلك فيه جمع بين المصلحتين ورعاية للجانبين .
فإن اتفقا على أحدهما .
في غير الربوي المبيع بجنسه " فذاك " ظاهر لأن الحق لهما أما الربوي المذكور فيتعين فيه الفسخ مع أرش الحادث لما مر فيه من الكلام على هلاك المبيع عند المشتري .
فإن قيل قد مر أن أخذ أرش القديم بالتراضي ممتنع .
أجيب بأنه عند إمكان الرد يتخيل أن الأرش في مقابلة سلطنة الرد وهي لا تقابل بخلافه عند عدم إمكانه .
فإن المقابلة كون عما فات من وصف السلامة في المبيع .
ولو زال العيب الحادث بعد أخذ المشتري أرش العيب القديم أو بعد قضاء القاضي له به ولم يأخذه فليس له الفسخ رد الأرش ( 2 / 59 ) لانفصال الأمر بذلك فإن زال قبل أخذه له أو قبل قضاء القاضي به للمشتري فسخ ولو بعد التراضي على أخذ الأرش وإن زال العيب القديم قبل أخذ أرشه لم يأخذه أو بعده وجب رده لزوال المقتضى لأخذه .
وإلا .
أي وإن بقي العيبان وتنازعا بأن طلب أحدهما الرد مع أرش الحادث والآخر الإمساك مع أرش القديم " فالأصح إجابة من طلب الإمساك " مع أرش القديم سواء أكان هو البائع أم المشتري لما فيه من تقرير العقد .
والثاني يجاب المشتري مطلقا لتلبيس البائع عليه .
والثالث يجاب البائع مطلقا لأنه إما غارم أو آخذ ما لم يرد العقد عليه بخلاف المشتري .
هذا كله فيمن يتصرف لنفسه أما من يتصرف لغيره بولاية أو نيابة فإنه يفعل الأحظ له .
فرع لو اشترى ثوبا ثم صبغه .
ثم اطلع على عيبه فطلب المشتري أرش العيب وقال البائع رد الثوب لأغرم لك قيمة الصبغ أجيب البائع وسقط مع أرش العيب عن المشتري .
فإن قيل هلا أجيب من طلب الإمساك كما في حدوث العيب أجيب بأن المشتري هنا إذا أخذ الثمن وقيمة الصبغ لم يغرم شيئا وهناك لو ألزمناه الرد وأرش الحادث غرمناه لا في مقابلة شيء فنظير مسألتنا هذه إن يطلب البائع رده بلا أرش الحادث فإنه لا يجاب المشتري وعلى هذا تستثنى هذه الصورة من كلام المصنف .
فإن قيل كلامه في العيب الحادث عند المشتري والصبغ في هذه الصورة زيادة في المبيع لا عيب .
أجيب بأن القفال قد صرح بأن الصبغ وإن زادت قيمته من العيوب كما نقله الأذرعي .
هذا كله إذا لم يمكن فصل الصبغ بغير نقص في الثوب فإن أمكن فصله بغير ذلك فصله ورد الثوب كما اقتضاه تعليلهم وصرح به الخوارزمي وغيره .
ويجب أن يعلم المشتري البائع على الفور بالحادث .
مع القديم " ليختار " شيئا مما مر من أخذ المبيع وتركه وإعطاء الأرش .
فإن أخر إعلامه .
بذلك من فور الإطلاع على القديم " بلا عذر فلا رد " له به " ولا أرش " عنه كما لو أخر المشتري الرد فلو أخر وادعى الجهل بفورية الإعلام بالحادث فهو كما لو ادعى الجهل بفورية الرد بل هذا كما قال الأذرعي أولى لأنه لا يعرفه إلا الفقهاء .
تنبيه : .
لو كان الحادث قريب الزوال غالبا كرمد وحمى عذر في انتظار زواله في أحد قولين يظهر ترجيحه كما جزم به في الأنوار ليرد المبيع سالما وإن كان قد يؤخذ من كلام الشرح الصغير ترجيح ما يفهمه إطلاق المتن من المنع .
ولو حدث عيب مثل القديم كبياض قديم وحادث في عينه ثم زال أحدهما وأشكل الحال واختلف فيه العاقدان .
فقال البائع الزائل القديم فلا رد ولا أرش وقال المشتري بل الحادث في الرد وحلف كل منهما على ما قاله سقط الرد بحلف البائع ووجب للمشتري الأرش بحلفه وإنما وجب له مع أنه إنما يدعي الرد لتعذر الرد فإن اختلفا في قدره وجب الأقل لأنه المتيقن ومن نكل منهما عن اليمين قضي عليه كما في نظائره .
قاعدة كل ما يثبت به الرد على البائع يمنع الرد إذا حدث عند المشتري وما لا يثبت به الرد عليه لم يمنع الرد إذا حدث عندالمشتري فتحريم الأمة الثيب بوطئها على البائع لكون المشتري إبنه أو أباه لا يمنع الرد كما لا يثبته وكذا لا يمنعه إرضاع بحرم الصغير على البائع كأن ارتضعت من أمه أو إبنته في يد المشتري ثم علم الغيب إلا في مسائل قليلة يمتنع فيها الرد وإن كانت لا يثبت فيها الرد منها الثيوبة في الأمة في أوانها فإنه لا يرد بها مع أنه لو اشتراها بكرا فوطئها امتنع الرد .
ومنها وجود العبد غير قاريء أو عارف لصنعة فإنه لا يرد به مع أنه لو اشتراه قارئا أو عارفا لصنعة فنسي القرآن أو الصنعة امتنع الرد وإقرار العبد بدين معاملة لم يمنع الرد ويمنعه الرد بدين الإتلاف إن صدقه المشتري فيه وإلا فلا .
وليس مرادا بل المراد ما قاله السبكي C تعالى وهو أنه ينفذ الفسخ ولا يحتاج بعده إلى إتيان البائع أو الحاكم إلا للتسليم وفصل الخصومة .
وعفو المجني عليه عند التصديق كزوال العيب الحادث فيأتي فيه ما مر .
ولو حدث عيب لا يعرف القديم إلا به ككسر بيض .
لنعام وقد يعرف باللقلقة .
و " ثقب " رانج " وهو بكسر النون الجوز الهندي .
وتقوير بطيخ .
بكسر ( 2 / 60 ) الباء الموحدة أفصح من فتحها ويقال فيه طبيخ بتقديم الطاء .
مدود .
بكسر الواو وبعضه " رد " ما ذكر قهرا " ولا أرش عليه " للحادث " في الأظهر " وكذا كل ما كان مأكوله في جوفه كالرمان والجوز واللوز لعذره في تعاطيه لاستكشاف العيب كما في المصراة ولا أرش عليه بسببه لذلك وكان البائع بالبيع سلطه عليه .
والثاني يرد ولكن يرد معه الأرش رعاية للجانبين وهو ما بين قيمته صحيحا معيبا ومكسورا معيبا ولا نظر إلى الثمن .
والثالث لا يرد أصلا كما في سائر العيوب الحادثة فيرجع المشتري بأرش القديم أو يغرم أرش الحادث إلى آخر ما تقدم .
أما ما لا قيمة له كالبيض المذر والبطيخ المدود كله أو المعفن فيتبين فيه فساد البيع لوروده على غير متقوم ويلزم البائع تنظيف المكان منه .
تنبيه : .
قوله ورانج يوهم عطفه على كسر مع أنه إذا كسر امتنع الرد فكان حقه أن يقول وثقب رانج كما قدرته في كلامه .
وخرج بيض النعام ببيض الدجاج ونحوه فإنه لا قيمة لمذره بعد كسره فلا يتأتى فيه الأرش .
فإن أمكن معرفة القديم بأقل مما أحدثه .
المشتري كالتقوير المستغنى عنه بالصغير وكشق الرمان المشروط حلاوته لإمكان معرفة حموضته بالغرز كتقوير البطيخ الحامض إذا أمكن معرفة حموضته بغرز شيء فيه .
فكسائر العيوب الحادثة .
فيما تقدم فيها .
ولو أطلق بيع الرمان لم يقتض حموضة ولا حلاوة فلا تكون حموضته عيبا قاله القاضي حسين .
فرع لو بان العيب .
وقد أنعل الدابة ونزع النعل يعيبها فبنزعه بطل حقه من الرد والأرش لقطعه الخيار بتعييبه بالإختيار وإن سلمها بنعلها أجبر البائع على قبول النعل إذ لا منة عليه فيه ولا ضرر وليس للمشتري طلب قيمتها فإنها حقيرة في معرض رد الدابة فلو سقطت استردها المشتري لأن تركها إعراض لا تمليك وإن لم يعيبها نزعها لم يجبر البائع على قبولها بخلاف الصوف يجبر على قبوله كما قاله القاضي لأن زيادته تشبه زيادة السمن بخلاف النعل فينزعها .
فإن قيل قد مر أن الإنعال في مدة طلب الخصم أو الحاكم يضر فهلا كان هناك كذلك أجيب بأن ذلك اشتغال يشبه الحمل على الدابة وهذا تفريع .
وقد ذكر القاضي أن اشتغاله بجز الصوف مانع له من الرد بل يرد ثم يجز .
فرع لا يرد بعض المبيع .
في صفقة بالعيب قهرا وإن زال الباقي عن ملكه للبائع وفاقا لما جزم به المتولي و السبكي و البغوي لأنه وقت الرد لم يرد كما تملك خلافا لما في تعليق القاضي من أن له الرد إذ ليس فيه تبعيض على البائع أو كان المبيع مثليا بناء على أن المانع اتحاد الصفقة وهو المعتمد خلافا لبعض المتأخرين بناء على المانع ضرر التبعيض .
ولو " اشترى عبدين " أو في معناهما من كل شيئين لا تتصل منفعة أحدهما بالآخر " معيبين " من واحد " صفقة " ولم يعلم عيبهما " ردهما " بعد ظهوره لوجود المقتضى لردهما .
ويجري في رد أحدهما دون الآخر الخلاف المذكور في قوله " ولو ظهر عيب أحدهما " دون الآخر " ردهما لا المعيب وحده " قهرا " في الأظهر " لما فيه من تفريق الصفقة على البائع من غير ضرورة فإن رضي البائع بذلك جاز .
وسبيل التوزيع بتقديرهما سليمين وتقويمهما أي سليمين ويقسط الثمن المسمى عليهما .
والثاني له رده وأخذ قسطه من الثمن لاختصاصه بالعيب .
تنبيه : .
أشار بقوله عبدين إلى أن محل الخلاف في شيئين لا تتصل منفعة أحدهما بالآخر كما مر .
أما ما تتصل منفعة أحدهما بالآخر كمصراعي باب وزوجي خف فلا يرد المعيب منهما وحده قهرا قطعا .
ولو .
تعددت الصفقة بتعدد البائع كأن " اشترى عبد رجلين معيبا " أو بتفصيل الثمن كأن اشترى عبدين كل واحد منها بمائة " فله " في الأولى " رد نصيب أحدهما " وله في الثانية رد أحدهما أو بعدد المشتري كما قال " ولو اشترياه " أي اثنان عبد واحد كما في المحرر " فلأحدهما الرد " لنصيبه " في الأظهر " لأنه رد جميع ما ملكه من المردود عليه .
تنبيه : .
ظاهر عبارة المصنف أنالضمير في اشترياه يعود على عبد الرجلين ( 2 / 61 ) لولا ما قدرته وحينئذ فيكون هذا البيع في حكم أربع عقود ويكون كل واحد منهما مشتريا للربع من هذا والربع من ذاك حتى يرد على من شاء منهما الربع .
وهو صحيح من حيث الحكم لا من حيث الخلاف لأن الصفقة تنعدد بتعدد البائع قطعا وبتعدد المشتري في الأظهر كما تقدم وحينئذ يتعين إعادة الضمير في كلام المصنف على المبيع من رجل واحد .
ولو اشتراه واحد من وكيل اثنين أو من وكيلي واحد جاء الخلاف في أن العبرة بالوكيل أو بالموكل وقد مر في تفريق الصفقة .
ولو اشترى ثلاثة من ثلاثة فكل مشتر من كل تسعة وضابط ذلك أن تضرب عدد البائعين في عدد المشترين عند التعدد من الجانبين أو أحدهما عند الإنفراد في الجانب الآخر فما حصل فهو عدد العقود .
ولو اشترى بعض عبد ثم علم العيب بعدما تعذر رده كأن خرج عن ملكه أو رهنه ثم اشترى باقيه ثم عاد إليه البعض الأول كان له رده دون الثاني لأنه اشتراه عالما بعيبه