بالقصر وألفه بدل من واو ويكتب بهما وبالياء وهو مكتوب في المصحف بالواو .
قال الغزالي لأن أهل الحجاز تعلموا الخط من أهل الحرة ولغتهم الربوا فعلموهم صورة الخط على لغتهم .
ويقال فيه الرماء بالميم والمد .
وهو لغة الزيادة .
قال تعالى " اهتزت وربت " أي زادت ونمت .
وشرعا عقد على عوض مخصوص غير معلوم التماثل في معيار الشرع حالة العقد أو مع تأخير في البدلين أو أحدهما .
وهو ثلاثة أنواع ربا الفضل وهو البيع مع زيادة أحد العوضين عن الآخر .
وربا اليد وهو البيع مع تأخير قبضهما أو قبض أحدهما .
وربا النساء وهو البيع لأجل .
وزاد المتولي ربا القرض المشروط فيه جر نفع .
قال الزركشي ويمكن رده لربا الفضل .
والأصل في تحريمه قبل الإجماع آيات كآية " وحرم الربا " وأخبار كخبر مسلم لعن رسول الله A آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهده .
وروى الدارقطني والبيهقي درهم ربا يأكله ابن آدم أشد عند الله إثما من ست وثلاثين زنية .
وفي صحيح الحاكم عن مسروق عن عبدالله أن النبي A قال للربا سبعون بابا أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم وقال إنه صحيح على شرط الشيخين وهو من الكبائر قال الماوردي حتى قيل إنه لم يحل في شريعة قط لقوله تعالى " وأخذهم الربا وقد نهوا عنه " يعني في الكتب السابقة .
أبا عبدالله رأيت رجلا سكرانا يتقافز يريد أن يأخذ القمر بيده فقلت امرأتي طالق إن كان يدخل جوف ابن آدم شيء أشر من الخمر فقال ارجع حتى أتفكر في مسألتك فأتاه من الغد فقال امرأتك طالق فإني تصفحت الكتاب والسنة فلم أر شيئا أشر من الربا لأن الله تعالى أذن فيه بالحرب أي في قوله تعالى " فأذنوا بحرب من الله ورسوله ( 2 / 22 ) فائدة روى السبكي وابن أبي بكر أن رجلا أتى مالك بن أنس فقال يا .
وقال عمر رضي الله تعالى عنه لا يتجر في سوقنا إلا من فقه وإلا آكل الربا .
وقال علي Bه من اتجر قبل أن يتفقه ارتطم في الربا ثم ارتطم ثم ارتطم أي وقع وارتبك ونشب .
والقصد بهذا الباب بيع الربوي وما يعتبر فيه زيادة على ما مر .
إذا بيع الطعام بالطعام إن كانا جنسا .
أي الثمن والمثمن وفي بعض النسخ إن كان جنسا واحدا كبر وبر .
اشترط .
في صحة البيع ثلاثة أمور " الحلول " من الجانبين " والمماثلة والتقابض " لهما " قبل التفرق " ولو وقع العقد في دار الحرب .
أو .
كانا " جنسين كحنطة وشعير جاز التفاضل واشترط " أمران " الحلول والتقابض " لهما قبل التفرق قال A فيما رواه مسلم الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل سواء بسواء يدا بيد فإذا اختلفت هذه الأجناس فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد أي مقابضة .
قال الرافعي ومن لازمه الحلول أي غالبا ولا بد من القبض الحقيقي فلا تكفي الحوالة وإن حصل القبض بها في المجلس .
ويكفي قبض الوكيل في القبض عن العاقدين أو أحدهما وهما في المجلس وكذا قبض الوارث بعد موت مورثه في المجلس بخلاف ما إذا كان العاقد عبدا مأذونا له فقبض سيده أو وكيلا فقبض موكله لا يكفي .
واختلف قول الشافعي رضي الله تعالى عنه في علة الربا في المطعومات فقال في القديم الطعم مع التقدير في الجنس بالكيل والوزن فلا ربا فيما لا يكال ولا يوزن كالسفرجل والرمان والبيض وفي الجديد وهو الأظهر العلة الطعمية لقوله A الطعام بالطعام فدل على أن العلة الطعم وإن لم يكل ولم يوزن لأنه علق ذلك على الطعام وهو اسم مشتق وتعليق الحكم على الاسم المشتق يدل التعليل بما منه الاشتقاق .
والطعام ما قصد للطعم .
بضم الطاء مصدر طعم بكسر العين أي أكل غالبا .
وذلك بأن يكون أظهر مقاصده الطعم وإن لم يؤكل إلا نادرا كالبلوط والطرثوث وهو نبت يؤكل وإن لم يكل ولم يوزن كما مر .
اقتياتا أو تفكها أو تداويا .
كما تؤخذ الثلاثة من الخبر السابق فإنه نص فيه على البر والشعير والمقصود منهما التقوت فألحق بهما ما في معناهما كالأرز والذرة وعلى التمر والمقصود منه التفكه والتأدم فألحق به ما في معناه كالتين والزبيب وعلى الملح والمقصود منه الإصلاح فألحق به ما في معناه كالمصطكى بضم الميم والقصر والسقمونيا والطين الأرمني والزنجبيل .
ولا فرق بين ما يصلح الغذاء أو يصلح البدن فإن الأغذية لحفظ الصحة والأدوية لرد الصحة .
وإنما لم يذكر الدواء فيما يتناوله الطعام في الإيمان لأنها لا تتناوله في العرف المبنية هي عليه .
ولا ربا في حب الكتان بفتح الكاف وكسرها ودهنه ودهن السمك لأنها لا تقصد للطعم ولا في الطين غير الأرمني كالخراساني لأنه إنما يؤكل سفها ولا فيما اختص به الجن كالعظم أو البهائم كالتبن والحشيش والنوى أو غلب تناولها له وإن قصد للآدميين كما قاله الماوردي وجرى عليه الشارح وإن خالف في ذلك بعض المتأخرين أما إذا كانا على حد سواء فالأصح ثبوت الربا فيه .
ولا ربا في الحيوان مطلقا سواء أجاز بلعه كصغار السمك أم لا لأنه لا يعد للأكل على هيئته .
وقد اشترى ابن عمر رضي الله تعالى عنهما بعيرا ببعيرين بأمره A .
تنبيه : .
قوله قصد أشار به إلى أنه لا ربا فيما لا يجوز أكله ولكنه لا يقصد كالعظم الرخو وأطراف قضبان العنب كما قاله صاحب التتمة وغيره وكذا الجلود كما قاله في زيادة الروضة أي التي لم تؤكل غالبا بأن خشنت وغلظت كما يؤخذ من كلام الماوردي وغيره .
ودخل في قوله تداويا الماء العذب فإنه ربوي مطعوم فلا يرد عليه قال تعالى ( 2 / 23 ) ومن لم يطعمه فإنه مني " بخلاف الماء الملح فإنه ليس بربوي وأورد الإسنوي على المصنف الحلوي قال في الغنية وهو غلط صدر عن ظن أن المراد بقوله تفكها الفاكهة التي هي الثمر .
وأسقط المصنف الأدم وقد ذكره في الإيمان واستشكل الفرق بين البابين لأنا إن نظرنا إلى اللغة اتحد الموضعان أو إلى العرف فأهله لا يسمون الفاكهة والحلوى طعاما ويمكن دخول الأدم في التفكه .
واعلم أن كل شيئين جمعهما اسم خاص من أول دخولهما في الربا يشتركان في ذلك الاسم بالاشتراك المعنوي كالتمر المعقلي بفتح الميم وإسكان العين المهملة نوع من التمر معروف بالبصرة وغيرها منسوب إلى معقل بن يسار الصحابي Bه والبرني كما قال صاحب المحكم هو ضرب من التمر أصفر مدور واحدته برنية وهو أجود التمر فهما جنس واحد وأنواع التمر كثيرة جدا قال الجويني كنت بالمدينة فدخل بعض أصدقائي فقال كنا عند الأمير فتذاكروا أنواع تمر المدينة فبلغت أنواع الأسود ستين نوعا .
وما ليس كذلك كالحنطة والشعير فهما جنسان واحترز بالخاص عن العام كالحب فإنه يتناول سائر الحبوب وبأول دخولهما في الربا عن الأدقة فإنها اشتركت في اسم خاص والتمييز بينها يحصل بالإضافة ومع ذلك فهي أجناس لأنها دخلت في الربا قبل اشتراكها في هذا الاسم الخاص وبالاشتراك المعنوي عن البطيخ الهندي مع الأصفر فإنهما جنسان على الأصح وكذلك التمر والجوز الهنديان مع التمر والجوز المعروفين فإن إطلاق الاسم عليهما ليس لقدر مشترك بينهما أي ليس موضوعا لحقيقة واحدة بل لحقيقتين مختلفتين .
وهذا الضابط كما قال الإسنوي أولى ما قيل ولم يذكره الرافعي ومع ذلك فإنه ينتقض باللحوم والألبان على أصح القولين أنها أجناس كأصولها وعلى القول الآخر بأنها جنس لا نقض .
وحيث اشترط التقابض فتفرقا قبله بطل العقد إن تفرقا عن تراض وإلا فلا يبطل لأن تفرقهما حينئذ كلا تفرق وهذا هو المعتمد خلافا لما نقله السبكي عن الصيمري من أنه لا فرق بين المختار والمكره .
والتخاير وهو إلزام العقد قبل التقابض كالتفرق قبله في أنه يبطل العقد الربوي سواء أتقابضا قبل التفرق أم لا وما ذكر في باب الخيار من أنهما لو تقابضا قبل التفرق لم يبطل ضعيف كما قاله شيخي بل قال الأذرعي إنه مفرع على رأي ابن سريج وهو أنه لا يرى أن التخاير بمنزلة التفرق .
ولو قبض كل منهما المبعض ففيما قبض قولا تفريق الصفقة ويبطل العقد فيما لم يقبض .
ولو اشترى من غيره نصفا شائعا من دينار قيمته عشرة دراهم بخمسة دراهم أصح ويسلمه البائع إليه ليقبض النصف ويكون النصف الثاني في يده أمانة بخلاف ما لو كان له عليه عشرة دراهم فأعطاه عشرة فوجدت زائدة الوزن فإنه يضمن الزائد للمعطي لأنه قبضه لنفسه فإن أقرضه البائع في صورة الشراء تلك الخمسة بعد أن قبضها منه فاشترى بها النصف الآخر من الدينار جاز كغيرها وإن اشترى كل الدينار من غيره بعشرة وسلمه منها خمسة ثم استقرضها منه ثم ردها إليه عن الثمن بطل العقد في الخمسة الباقية كما رجحه ابن المقري في روضه لأن التصرف مع العاقد في زمن الخيار إجازة وقد تقدم أنها كالتفرق فكأنهما تفرقا قبل التقابض ولا يقال تصرف البائع فيما قبضه من الثمن في زمن الخيار باطل لأن محله مع الأجنبي أما مع العاقد فصحيح .
وأدقة الأصول المختلفة الجنس وخلولها وأدهانها .
بالرفع عطفا على أدقة " أجناس " لأنها فروع أصول مختلفة فأعطيت حكم أصولها فيجوز بيع دقيق البر بدقيق الشعير وخل التمر بخل العنب متفاضلين .
واعلم أن كل خلين لا ماء فيهما واتحد جنسهما اشترط التماثل وإلا فلا وكل خلين فيهما ماء لا يباع أحدهما بالآخر إن كانا من جنس واحد وإن كانا من جنسين وقلنا الماء العذب ربوي وهو الأصح كما مر لم يجز وإلا جاز وإن كان الماء في أحدهما وهما جنسان كخل العنب بخل التمر وخل الرطب بخل الزبيب جاز لأن الماء في أحد الطرفين والمماثلة بين الخلين المذكورين غير معتبرة .
والخلول تتخذ غالبا من الرطب والعنب والزبيب والتمر وينتظم من هذه الخلول عشر مسائل وضابط ذلك أن تأخذ كل واحد مع نفسه ثم تأخذه مع ما بعده ولا تأخذه مع ما قبله لأنك قد عددته قبل هذا فلا تعده مرة أخرى .
الأولى بيع خل العنب بمثله .
الثانية بيع خل الرطب بمثله .
الثالثة بيع خل الزبيب بمثله .
الرابعة بيع خل التمر بمثله .
الخامسة بيع خل العنب بخل الرطب .
السادسة بيع خل العنب بخل الزبيب ( 2 / 24 ) .
السابعة بيع خل العنب بخل التمر .
الثامنة بيع خل الرطب بخل الزبيب .
التاسعة بيع خل الرطب بخل التمر .
العاشرة بيع خل الزبيب بخل التمر .
ففي خمسة منها يجزم بالجواز وفي خمسة بالمنع الخمسة الأولى خل عنب بخل عنب خل رطب بخل رطب خل عنب بخل تمر خل رطب بخل زبيب خل عنب بخل رطب .
والخمسة الثانية خل عنب بخل زبيب خل رطب بخل تمر خل زبيب بخل زبيب خل تمر بخل تمر خل زبيب بخل تمر .
واحترز بالمختلفة عن المتحدة كأدقة القمح فإنها جنس واحد قطعا .
واللحوم والألبان .
أي كل منهما أجناس " كذلك في الأظهر " لأنهما فروع لأصول مختلفة الأجناس فأشبهت الأدقة فيجوز بيع لحم البقر بلحم الضأن ولبن البقر بلبن الضأن متفاضلا .
والثاني أنهما جنس واحد لاشتراكهما في الاسم الذي لا يقع التميز بعده إلا بالإضافة فأشبهت أنواع التمر كالمعلي والبرني وعلى الأول لحوم البقر جواميسها وعرابها جنس وليس من البقر البقر الوحشي لأن الوحشي والإنسي من سائر الحيوانات جنسان ولحوم الغنم ضأنها ومعزها جنس والظباء والإيل بضم الهمزة وكسرها وفتح التحتية المشدة وهو الوعل بفتح الواو وكسر العين تيس الجبل ويقال شاته جنس .
والألبان كذلك والسموك المعروفة جنس .
وبقر الماء وغنمه وغيرهما من حيوانات البحر أجناس .
وأما الطيور فالعصافير على اختلاف أنواعها جنس والبطوط جنس وكذا أنواع الحمام على الأصح وبيوض الطيور أجناس والكبد والطحال والقلب والكرش والرئة والمخ أجناس وإن كانت من حيوان واحد لاختلاف أسمائها وصفاتها وشحم الظهر والبطن واللسان والرأس والأكارع أجناس والجراد ليس بلحم ولا شحم والبطيخ الأخضر والأصفر والخيار والقثاء أجناس .
والمماثلة تعتبر في المكيل كيلا .
وإن تفاوتت في الوزن " و " في " الموزون وزنا " وإن تفاوتت في الكيل فلا يصح بيع بعض المكيل ببعض وزنا ولا بيع بعض الموزون ببعض كيلا .
والمعتبر .
في كون الشيء مكيلا أو موزونا " غالب عادة أهل الحجاز في عهد رسول الله A " لظهور أنه اطلع على ذلك وأقره فلو أحدث الناس خلاف ذلك فلا اعتبار به .
وما .
لم يكن في ذلك العهد أو كان و " جهل " حاله ولو لنسيان أو كان ولم يكن بالحجاز أو استعمل الكيل والوزن فيه سواء أو لم يستعملا فيه أو غلب أحدهما ولكن لم يتعين وكان ذلك أكبر جرما من التمر كالجوز فالوزن إذ لم يعهد الكيل بالحجاز فيما هو أكبر منه جرما أو كان مثله كاللوز أو دونه كالفستق .
يراعى فيه .
عادة " بلد البيع " حالة البيع لأن الشيء إذا لم يكن محدودا في الشرع ولا في اللغة كان الرجوع فيه إلى عادة الناس كالقبض والحرز " وقيل الكيل " لأن أغلب ما ورد فيه النص مكيل " وقيل الوزن " لأنه أخصر وأقل تفاوتا " وقيل يتخير " للتساوي " وقيل إن كان له أصل " معلوم المعيار " اعتبر " أصله في الكيل أو الوزن فيه قال الشارح فعلى هذا دهن السمسم مكيل ودهن اللوز موزون اه .
والأصح أن اللوز مكيل فدهنه كذلك .
ولا فرق في المكيال بين أن يكون معتادا أم لا كالقصعة فلو كان في أحد المبيعين قليل تراب أو غيره لم يضر إن كان مكيلا لأنه يتخلل فلا يظهر أثره فإن كان كثيرا يظهر في المكيال ضر وأما الموزون فيضر مطلقا لظهور كثيره وقليله في الوزن .
ويكفي الوزن بالقبان والتساوي بكفتي الميزان وإن لم يعرف قدر ما في كل كفة .
وقد يتأتى الوزن بالماء بأن يوضع الشيء في ظرف ويلقى في الماء وينظر قدر غوصه لكنه ليس وزنا شرعيا ولا عرفيا فالظاهر كما في أصل الروضة أنه لا يكفي هنا وإن كفى في الزكاة وأداء المسلم فيه وإن قال البلقيني إنه أولى بالجواز من القصعة .
والنقد بالنقد .
والمراد به الذهب والفضة مضروبا كان أو غير مضروب " كطعام بطعام " في جميع ما سبق من الأحكام فإن بيع بجنسه كذهب بذهب اشترطت المماثلة والحلول والتقابض قبل التفرق والتخاير وإن بيع بغير جنسه كذهب بفضة جاز التفاضل أو اشترط الحلول والتقابض قبل التفرق أو التخاير للخبر السابق .
فإن قيل ( 2 / 25 ) كان الأولى للمصنف تقديم النقد على الطعام موافقة للحديث .
أجيب بأن الكلام في الطعام أكثر فقدم لذلك ولا يقال إن تقدم ما للكلام فيه أقل أولى لأن هذا بحسب المقاصد .
وعلة الربا في الذهب والفضة جنسية الأثمان غالبا كما صححه في المجموع ويعبر عنها أيضا بجوهرية الأثمان غالبا وهي منتفية عن الفلوس وغيرها من سائر العروض لا أنها قيم الأشياء كما جرى عليه صاحب التنبيه : لأن الأواني والتبر والحلي تجري فيها الربا كما مر وليست مما يقوم بها .
واحترز ب غالبا عن الفلوس إذا راجت فإنه لا ربا فيها كما تقدم ولا أثر لقيمة الصنعة في ذلك حتى لو اشترى بدنانير ذهبا مصوغا قيمته أضعاف الدنانير اختبرت المماثلة ولا نظر إلى القيمة .
تنبيه : .
بيع النقد من جنسه وغيره يسمى صرفا ويصح على معينين بالإجماع ك بعتك أو صارفتك هذا الدينار بهذه الدراهم وعلى موصوفين على المشهور كقوله بعتك أو صارفتك دينارا صفته كذا في ذمتي بعشرين درهما من الضرب الفلاني في ذمتك ولو أطلق فقال صارفتك على دينار بعشرين درهما وكان هناك نقد واحد لا يختلف أو نقود مختلفة إلا أن أحدهما أغلب صح ونزل الإطلاق عليه ثم يعينان ويتقابضان قبل التفرق .
ويصح أيضا على معين بموصوف ك بعتك هذا الدينار بعشرة دراهم في ذمتك ولا يصح على دينين ك بعتك الدينار الذي في ذمتك بالعشرة التي لك في ذمتي لأن ذلك بيع دين بدين .
والحيلة في تمليك الربوي بجنسه متفاضلا كبيع ذهب بذهب متفاضلان أن يبيعه من صاحبه بدراهم أو عرض ويشتري منه بها أو به الذهب بعد التقابض فيجوز وإن لم يتفرقا ولم يتخايرا لتضمن البيع الثاني إجازة الأول بخلافه مع الأجنبي أو يقرض كل صاحبه ويبرئه أو يتواهبا الفاضل لصاحبه وهذا جائز إذا لم يشترط في بيعه وإقراضه وهبته ما يفعله صاحبه وإن كره قصده .
ولو باع جزافا .
بكسر الجيم طعاما أو نقدا بجنسه " تخمينا " أي حزرا للتساوي " لم يصح " البيع " وإن خرجا سواء " للنهي عن بيع الصبرة من التمر لا يعلم مكيلها بالكيل المسمى من التمر رواه مسلم وقيس النقد على المطعوم وللجهل بالمماثلة عند البيع وهذا معنى قول الأصحاب الجهل بالمماثلة كحقيقة المفاضلة .
ويؤخذ البطلان عند عدم التخمين بطريق الأولى .
ولو علما تماثل الصبرتين جاز البيع كما قال القاضي ولا حاجة حينئذ إلى كيل .
ولو علم أحدهما مقدارهما وأخبر الآخر به فصدقه فكما لو علما قاله الروياني .
ولو باع صبرة بر بأخرى كيلا بكيل أو صبرة نحو دراهم بأخرى وزنا بوزن صح إن تساويا لحصول المماثلة وإلا فلا لأنه قابل الجملة بالجملة وهما متفاوتتان .
ويصح بيع صبرة بكيلها فيما يكال أو وزنها فيما يوزن من صبرة أكبر منها لحصول المماثلة .
ولو تفرقا في هذه وفي التي قبلها فيما إذا صح البيع بعد قبض الجملتين وقبل الكيل أو الوزن جاز لحصول التقابض في المجلس وما فضل من الكبيرة بعد الكيل أو الوزن لصاحبها فالمعتبر في القبض هنا ما ينقل الضمان فقط لا ما يفيد التصرف أيضا لما سيأتي أن قبض ما بيع مقدرا إنما يكون بالتقدير .
ولو باع صبرة بر بصبرة شعير جزافا جاز لعدم اشتراط المماثلة فإن باعها بها مكايلة فإن خرجتا سواء صح وإن تفاضلتا وسمح رب المال بإعطائه الزائد أو رضي رب الناقص بقدره من الزائد أقر البيع وإن تشاحا فسخ وتقدم ما في هذه مع جوابه في الكلام على بيع الصبرة بمائة درهم كل صاع بدرهم .
وتعتبر المماثلة .
للربوي حال الكمال فيعتبر في الثمار والحبوب " وقت الجفاف " وتنقيتها شرط للماثلة لا للكمال لأنه A سئل عن بيع الرطب بالتمر فقال أينقص الرطب إذا يبس فقالوا نعم فنهى عن ذلك صححه الترمذي وغيره .
أشار A بقوله أينقص إلى أن المماثلة إنما تعتبر عند الجفاف وإلا فالنقصان أوضح من أن يسأل عنه .
ويعتبر أيضا إبقاؤه على هيئة يتأتى إدخاره عليها كالتمر بنواه لأنه إذا نزع بطل كماله لتسارع الفساد إليه بخلاف الخوخ والمشمش ونحوهما فإن كماله لا يبطل بنزع نواه فإن الغالب في تجفيفها أي في بعض البلاد نزع نواه كما أن اللحم المقدد لا يبطل كماله بنزع العظم منه .
واختلف المتأخرون في فهم قوله " وقد يعتبر الكمال أولا " فإنه من مشكلات الكتاب فقال الشارح وذلك في مسألة العرايا الآتية في باب بيع الأصول والثمار اه .
وهذا أحد احتمالين للإسنوي وقال إنه الأصح في الحمل والاحتمال الثاني أنه أراد إدخال العصير والخل من الرطب والعنب فإنه ( 2 / 26 ) يباع بعضه ببعض ولو اقتصر على ما مر لاقتضى أنه لا يباع الرطب إلا تمرا ولا العنب إلا زبيبا فنبه على أنه يكتفى بالكمال الأول وجرى على هذا السبكي و الأذرعي وهو الأولى كما قال ابن شهبة من الأول إذ يلزم من الحمل على الأول اختلاف مفهوم الكتاب فإنه يفهم حينئذ اعتبار الكمال آخرا إلا في العرايا وليس مرادا .
وقال السبكي وقوله أولا نبه به على أنا إذا اعتبرنا الكمال يكتفى بالكمال الأول كالعصير ولا يشترط الآخر كالخل فكأنه قال يعتبر الكمال ولو أولا .
وقال الزركشي كلا الأمرين فاسد أما الأول فلأنه لا كمال في الرطب والعنب ولكنه رخص في بيعه بمثله جافا بشروطه وأما الثاني فلأن تلك الحالة ليست أول أحواله .
قال ومعنى كلام الكتاب أن المماثلة قد تعتبر وقت كمال ذلك الربوي في أول أحواله وهو الحليب فتعتبر المماثلة ذلك الوقت اه .
وما قاله من أن العصير ليس أول أحوال الكمال ممنوع إذ ليس له حالة كمال قبل العصير .
تنبيه : .
الخامسة بيع خل العنب بخل الرطب .
قال السبكي ورأيت في بعض النسخ وقيل وهو تصحيف .
والصواب وقد وهكذا هو بخط المصنف .
ولا يباع رطب المطعومات برطبها بفتح الراء فيهما ولا بجافها إذا كانت من جنس إلا في مسألة العرايا سواء أكان لها حالة جفاف كما قال " فلا يباع رطب برطب " بضم الراء فيهما " ولا " برطبها بجافها كرطب " بتمر ولا عنب بعنب ولا " عنب " بزبيب " ولا تين رطب بتين رطب ولا رطب اليابس للجهل بالمماثلة وقت الجفاف لحديث الترمذي المتقدم وألحق بالرطب فيما ذكر طري اللحم فلا يباع بطريه ولا بقديده من جنسه ويباع قديده بقديده بلا عظم ولا ملح يظهر في الوزن .
ولا تباع حنطة بحنطة مبلولة وإن جفت .
ولا يشترط في التمر والحب تناهي الجفاف لأنهما مكيلان فلا يظهر أثر الرطوبة في الكيل بخلاف اللحم فإنه موزون يظهر أثره في الوزن أو لم يكن لها حالة جفاف كما قال " وما لا جفاف له كالقثاء " بكسر القاف وضمها والمثلثة والمد " والعنب الذي لا يتزبب " والرطب الذي يتتمر " لا يباع " بعضه ببعض " أصلا " قياسا على الرطب بالرطب .
وقد يفهم أنه لو جف على ندور لا يباع جافا والذي أورده الشيخ أبو حامد و المحاملي وغيرهما الجواز وقال السبكي إنه الأقيس .
وفي قول .
مخرج " تكفي مماثلته رطبا " بفتح الراء لأن معظم منافعه في رطوبته فكان كاللبن فيباع وزنا وإن أمكن كيله وعلى الأول يستثنى الزيتون فإنه لا جفاف له ويجوز بيع بعضه ببعض كما جزم به الغزالي وغيره .
ولا تكفي مماثلة الدقيق والسويق .
أي دقيق الشعير " والخبز " ونحوها مما يتخذ من الحب كالعجين والنشاء ولا مماثلة لما فيه شيء مما اتخذ منها كالفالوذج فإن فيه النشاء فلا يباع شيء منه بمثله ولا بالحب الذي اتخذ منه لخروجها عن حالة الكمال وعدم العلم بالمماثلة فإن الدقيق ونحوه يتفاوت في النعومة والخبز ونحوه يتفاوت في تأثير النار .
ولا تباع حنطة مقلية بحنطة مطلقا لاختلاف تأثير النار فيها ولا حنطة بما يتخذ منها ولا بما فيه شيء مما يتخذ منها .
ويجوز بيع الحب بالنخالة والحب المسوس إذا لم يبق فيه لب أصلا لأنهما ليسا بربويين .
ويصح بيع التمر بطلع الذكور دون طلع الإناث لأنه ليس بربوي وأما طلع الإناث فإنه ربوي .
بل تعتبر المماثلة في الحبوب .
التي لا دهن فيها " حبا " لتحققها فيهما وقت الجفاف " و " تعتبر " في حبوب الدهن كالسمسم " بكسر السينين " حبا أو دهنا " أو كسبا خالصا من دهنه فيجوز بيع السمسم بمثله والشيرج بمثله والكسب بمثله .
وأما كسب غير السمسم واللوز الذي لا يأكله إلا البهائم ككسب القرطم أو أكل البهائم له أكثر فليس بربوي كما يؤخذ من القاعدة المتقدمة .
وليس للطحينة قبل استخراج الدهن حالة كمال فلا يجوز بيع بعضها ببعض ولا بيع السمسم بالشيرج لأنه في معنى بيع كسب ودهن بدهن وهو من قاعدة مد عجوة .
والكسب الخالص والشيرج جنسان والأدهان المطيبة كدهن الورد والبنفسج واللينوفر كلها مستخرجة من السمسم فيباع ( 2 / 27 ) بعضها ببعض إن ربي بالطيب سمسم الدهن بأن طرح في الطيب ثم استخرج دهنه فإن استخرج دهنه ثم طرح فيه أوراقها فلا يباع بعضها ببعض لأن اختلاطها بها يمنع معرفة التماثل .
و .
تعتبر " في العنب " والرطب " زبيبا " وتمرا " أو خل عنب " ورطب " وكذا العصير " أي عصير العنب والرطب " في الأصح " لأنه متهيء لأكثر الانتفاعات فيجوز بيع العصير بمثله وكذا بيع عصيره بخله متماثلا على الأصح وأما بيع الخل بعضه ببعض فقد تقدم الكلام عليه .
فعلم من كلامه أنه قد يكون للشيء حالتا كمال فأكثر .
والثاني ليس للعصير حالة كمال لأنه ليس على هيئة كمال المنفعة .
ومثل عصير العنب والرطب عصير الرمان والتفاح وسائر الثمار وكذا عصير قصب السكر والمعيار في الدهن والخل والعصير الكيل .
و .
تعتبر المماثلة " في اللبن لبنا " خالصا غير مشوب بماء أو إنفحة أو ملح وغير مغلي بالنار كما يعلم مما يأتي فيباع الحليب بمثله وإنما يباع بعد سكون رغوته والرائب بمثله والرائب بالحليب كيلا ولا يبالى بكون ما يحويه المكيال من الخاثر أكثر وزنا لأن الاعتبار فيه بالكيل كالحنطة الصلبة بالرخوة .
أو سمنا .
خالصا مصفى بشمس أو نار فإنه لا يتأثر بالنار تأثير انعقاد ونقصان فيجوز بيع بعضه ببعض وزنا وإن كان مائعا على النص وقيل كيلا وقيل وزنا إن كان جامدا وكيلا إن كان مائعا قاله البغوي .
قال في أصل الروضة وهو توسط بين وجهين أطلقهما العراقيون اه .
واستحسن التوسط في الشرح الصغير .
قال شيخنا ويؤيده أن اللبن يكال مع أنه مائع اه .
ولا تأييد لأن اللبن أصله مائع فأجري فيه الكيل والسمن أصله جامد فأجري فيه الوزن وإنما يؤيده لو فرق في اللبن بين المائع والخاثر بل قالوا بالكيل مطلقا لما قلناه .
ولا يباع زبد بزبد من جنسه في الأصح لأن ما فيهما من اللبن يمنع المماثلة .
فإن قيل بيع اللبن بعضه ببعض في كل منهما زبد .
أجيب بأن الصفة ممتزجة فلا عبرة بها .
وخالفه العسل بشمعه لامتياز العسل عن الشمع .
ولا يباع زبد بسمن والأسمان أجناس كالألبان .
أو مخيضا صافيا .
أي خالصا عن الماء لأن منفعته كاملة والمخيض ما نزع زبده ويباع بمثله وبالسمن وبالزبد .
قال السبكي وظاهر كلام المصنف أنه إذا كان فيه ماء يسير لا يكون كاملا وليس كذلك .
قال وهكذا الحليب وسائر الألبان .
ويعتبر في المخيض الصرف أن لا يكون فيه زبد فإن كان فيه لم يبع بمثله ولا يزبد ولا يسمن لأنه يصير من قاعدة مد عجوة .
فإن قيل اللبن جنس ينقسم إلى مخيض وحليب ورائب فلا يحسن جعل المخيض قسيما للبن بل هو قسم منه .
أجيب بأنه لما كان الغالب خلط المخيض بالماء عطفه عليه وإن كان قسما منه وقيده بالخالص وإن كان غيره مقيدا به أيضا كما قدرته .
ولا تكفي المماثلة في سائر أحواله .
أي باقيها " كالجبن " بإسكان الباء وبضمها مع تشديد النون وبدونه " والأقط " والمصل والزبد لأنها لا تخلو عن مخالطة شيء فالجبن يخالطه الإنفحة والأقط يخالطه الملح والمصل يخالطه الدقيق والزبد لا يخلو عن قليل مخيض فلا تتحقق فيها المماثلة فلا يباع بعض كل منها ببعض .
ولا يباع الزبد بالسمن ولا اللبن بما يتخذ منه كالسمن المخيض .
ولا تكفي مماثلة ما أثرت فيه النار بالطبخ أو القلي أو الشي .
لأن تأثير النار لا غاية له فيؤدي إلى الجهل بالمماثلة فلا يجوز بيع بعضه ببعض حبا كالسمسم أو غيره كاللحم وفيما أثرت فيه بالعقد كالدبس والسكر .
والفانيد وهو عسل القصب المسمى بالمرسل وجهان أصحهما لا يباع بعضه ببعض لما ذكر والثاني يباع بعضه ببعض قياسا على صحة السلم فيه .
وأجاب الأول بضيق باب الربا .
واحترز بكون التأثير على أحد الوجوه الثلاثة عن تأثير الحرارة كالماء المغلي فإنه يباع بعضه ببعض كما قاله الإمام وعن تأثير التمييز كما قال " ولا يضر تأثير تمييز كالعسل والسمن " والذهب والفضة فإن النار في العسل لتمييز الشمع وفي السمن لتمييز اللبن وفي الذهب والفضة لتمييز الغش وهي لطيفة بالنسبة إلى العسل والسمن لا تؤثر في العقد فلو فرض أنها عقدته امتنع بيع بعضه ببعض أما قبل التمييز فلا يجوز ذلك للجهل بالمماثلة .
ولا يجوز بيع العسل بشمعه بمثله ( 2 / 28 ) ولا بصاف لقاعدة مد عجوة .
فإن قيل هلا جاز كبيع التمر بعضه ببعض وفيه النوى أجيب بأن النوى في التمر غير مقصود بخلاف الشمع في العسل فكان اجتماعهما يؤدي إلى الجهالة .
وإذا جمعت الصفقة .
أي البيعة سميت بذلك لأن أحد المتبايعين يصفق يده على يد الآخر في عادة العرب جنسا " ربويا من الجانبين " وليس تابعا بالإضافة إلى القصور " واختلف الجنس " أي جنس المبيع " منهما " جميعهما بأن اشتمل أحدهما على جنسين ربويين اشتمل الآخر عليهما " كمد عجوة ودرهم بمد " من عجوة " ودرهم " و " كذا لو اشتمل على أحدهما فقط " كمد ودرهم بمدين أو درهمين " أو اشتملا جميعهما على جنس ربوي وانضم إليه غير ربوي فيهما كدرهم وثوب بدرهم وثوب أو في أحدهما كدرهم وثوب بدرهم " أو " اختلف " النوع " أي نوع المبيع والمراد به ما يعم الوصف بأن اختلف النوع الحقيقي من الجانبين جميعهما بأن اشتمل أحدهما من جنس ربوي على نوعين اشتمل الآخر عليهما كمد تمر صيحاني ومد برني بمد تمر صيحاني ومد برني أو على أحدهما كمد صيحاني ومد برني بمدين صيحاني أو برني .
أو اختلف الوصف من الجانبين جميعهما بأن اشتمل أحدهما من جنس ربوي على وصفين اشتمل الآخر عليهما " كصحاح ومكسرة " تنقص قيمتها عن قيمة الصحاح " بهما " أي بصحاح ومكسرة أو جيدة ورديئة بجيدة ورديئة " أو بأحدهما " أي بصحاح فقط أو بمكسرة فقط أو بجيدة فقط أو رديئة فقط .
فباطلة .
هذه المسألة هي القاعدة المعروفة بقاعدة مد عجوة .
والأصل فيها خبر مسلم عن فضالة بن عبيد قال أتى النبي A بقلادة فيها خرز وذهب تباع بتسعة دنانير فأمر النبي A بالذهب الذي في القلادة فنزع وحده ثم قال الذهب بالذهب وزنا بوزن وفي رواية لا تباع حتى تفصل .
واستدل على القاعدة من جهة المعنى بأن قضية اشتمال أحد طرفي العقد على مالين مختلفين توزيع ما في الآخر عليهما اعتبارا بالقيمة كما في بيع شقص مشفوع وسيف بألف وقيمة الشقص مائة والسيف خمسون فإن الشفيع يأخذ الشقص بثلثين والتوزيع هنا يؤدي إلى المفاضلة أو الجهل بالمماثلة لأنه إذا باع مدا ودرهما بمدين إن كانت قيمة المد الذي مع الدرهم أكثر أو أقل منه لزمته المفاضلة أو مثله فالمماثلة مجهولة فلو كانت قيمته درهمين فالمد ثلثا طرفه فيقابله ثلثا المدين أو نصف درهم فالمد ثلث طرفه فيقابله ثلث المدين فنلزم المفاضلة أو مثله فالمماثلة مجهولة لأنها تعتمد التقويم وهو تخمين قد يخطىء .
فإن قيل يشكل على هذا ما قالوه في الصلح من أنه لو كان له على غيره ألف درهم وخمسون دينارا ذهبا فصالحه من ذلك على ألفي درهم جاز .
أجيب بأن الكلام هنا في بيع العين بخلاف ما في الصلح وتعدد العقد هنا بتعدد البائع أو المشتري كاتحاده بخلاف تعدده بتفصيل العقد بأن جعل في بيع مد ودرهم بمثلهما المد في مقابلة المد أو الدرهم والدرهم في مقابلة الدرهم أو المد .
وخرج بقولي جنسا ما لو لم يشتمل أحد جانبي العقد على شيء مما اشتمل عليه الآخر كبيع دينار ودرهم بصاع بر وصاع شعير أو بصاعي بر أو شعير وبيع دينار صحيح وآخر مكسر بصاع تمر برني وصاع معقلي أو بصاعين برني أو معقلي فإنه يجوز .
وقوله ربويا من الجانبين أي ولو كان الربوي ضمنا من جانب واحد كبيع سمسم بدهنه فيبطل لوجود الدهن في جانب حقيقة وفي الآخر ضمنا بخلاف ما لو كان ضمنا من الجانبين كبيع سمسم بسمسم فيصح وبليس تابعا بالإضافة إلى المقصود ما إذا كان تابعا كبيع حنطة بشعير وفيهما أو في أحدهما حبات من الآخر يسيرة بحيث لا يقصد تمييزها لتستعمل وحدها فإنه يصح وكذا لو باع صاع بر جيد ورديء مختلطا بمثله فإنه يصح ويصح بيعه بجيد أو رديء إذ المتوزع شرطه التمييز .
وظاهر كلامهم أنه يصح وإن كثرت حبات الآخر وهو كذلك وإن خالف في ذلك بعض المتأخرين .
والفرق بين الجنس والنوع أن الحبات إذا كثرت في الجنس لم تتحقق المماثلة بخلاف النوع .
وكبيع دار فيها بئر ماء عذب بمثلها فإنه يصح لأن الماء وإن اعتبر علم العاقدين به تابع بالإضافة إلى مقصود الدار لعدم توجه القصد إليه غالبا ولا ينافي كونه تابعا بالإضافة كونه مقصودا في نفسه حتى يشترط التعرض له في البيع ليدخل .
والحاصل أنه من حيث أنه تابع بالإضافة اغتفر من جهة الربا ومن حيث أنه مقصود في نفسه اعتبر التعرض له في البيع ليدخل فيه ( 2 / 29 ) وبنقص قيمة المكسرة عن الصحيحة ما لو تساوت قيمتها فلا بطلان .
ولو باع دارا وقد ظهر بها معدن ذهب بذهب لم يصح للربا لأن المعدن مع العلم به مقصود بالمقابلة فلو ظهر بها المعدن بعد الشراء جاز لأن المعدن مع الجهل به تابع بالإضافة إلى مقصود الدار والمقابلة بين الذهب والدار خاصة .
فإن قيل لا أثر للجهل بالمفسد في باب الربا .
أجيب بأنه لا أثر له في غير التابع .
وأما في التابع فقد يتسامح بجهله والمعدن من توابع الأرض كالحمل يتبع أمه في البيع وغيره .
فإن قيل قد منعوا بيع ذات لبن بذات لبن .
أجيب بأن الشرع جعل اللبن في الضرع كهو في الإناء بخلاف المعدن وبأن ذات اللبن المقصود منها اللبن والأرض ليس المقصود منها المعدن .
وإذا عرفت هذا ففي كلام المصنف أمور ننبه عليها تشحينا للذهن أحدها قوله وإذا جمعت الصفقة خرج بها ما إذا تعددت وهو صحيح فيما إذا تعددت بتفصيل الثمن دون ما إذا تعددت بتعدد البائع أو المشتري كما مر .
ثانيها كان ينبغي أن يقول جنسا قبل قوله ربويا كما قدرته في كلامه لأنه لو باع ذهبا وفضة بحنطة فقط أو بشعير فقط أو بهما وما أشبه ذلك فإنه يصح مع دخوله في الضابط .
ثالثها قوله واختلف الجنس منهما ليس المراد الجنس الربوي المعتبر وجوده من الجانبين كما يوهمه كلامه فإن ذلك متحد كما مر وإنما المراد اختلف جنس المبيع بأن يكون مع الربوي جنس آخر كما يظهر ذلك من مثاله فلو عبر بقوله واختلف المبيع جنسا لاستقام .
رابعها كان ينبغي أن يقول أو من أحدهما كما قاله في المحرر لأنه لو باع مدا ودرهما بمدين لم يختلف الجنس منهما .
قال الزركشي وهو مراد المصنف بدليل تمثيله بالمد والدرهم في مقابلة المدين وقد صرح به في النوع ولا فرق فحذفه من الأول لدلالة الثاني عليه .
خامسها كان ينبغي أن يقول أيضا أن يكون الجنس الآخر مقصودا ليخرج التابع للمقصود كما مر .
سادسها تمثيله يقتضي التصوير بما إذا كان المضموم إليه ربويا وليس مرادا بل لا فرق في الجنس المضموم إلى الربوي بين أن يكون ربويا أيضا أم لا كما تقدم .
سابعها تمثيله لاختلاف النوع بالصحاح والمكسرة فيه تجوز وإنما هو اختلاف صفة لا اختلاف نوع فمراده بالنوع ما ليس بجنس ليشمل النوع والصفة كما تقدم حتى يصح المثال .
ثامنها أطلق البطلان في الصحاح والمكسرة ولا بد أن تنقص قيمة المكسر عن الصحيح كما مر .
تاسعها لا يشترط تمييز أحد النوعين عن الآخر فلو باع صاعا من رديء وجيد مختلطين بمثله أو جيد أو رديء جاز كما مر ومثله ما لو خلط الصحاح بالمكسرة .
فروع يجوز بيع الجوز بالجوز واللوز باللوز وزنا وإن اختلف قشرهما وسيأتي في ذلك خلاف في السلم إن شاء الله تعالى .
ويجوز بيع لب الجوز بلب الجوز ولب اللوز بلب اللوز .
فإن قيل قد منعوا بيع منزوع النوى بمثله لبطلان كماله وهو موجود هنا .
أجيب بأن منزوع النوى أسرع فسادا من لبهما كما هو معلوم .
ويجوز بيع البيض مع قشره بالبيض كذلك وزنا عند اتحاد الجنس فإن اختلفا جاز جزافا .
ويحرم بيع اللحم .
وما في معناه كالشحم والكبد والقلب والكلية والطحال والألية " بالحيوان من جنسه " كبيع لحم ضأن بضأن " وكذا " يحرم " بغير جنسه من مأكول " كبيع لحم البقر بالضأن ولحم السمك بالشاة ولحم الشاة بالبعير " وغيره " أي غير مأكول كبيع لحم ضأن بحمار " في الأظهر " لأنه A نهى أن تباع الشاة باللحم رواه الحاكم والبيهقي وقال إسناده صحيح ونهى عن بيع اللحم بالحيوان رواه أبو داود عن سعيد بن المسيب مرسلا وأسنده الترمذي عن زيد بن سلمة الساعدي .
ومقابل الأظهر الجواز .
أما في المأكول وهو مبني على أن اللحوم أجناس فبالقياس على بيع اللحم باللحم .
وأما في غيره فوجه بأن سبب المنع بيع مال الربا بأصله المشتمل عليه ولم يوجد ذلك هنا .
أما بيع الجلد بالحيوان فيصح بعد دبغه بخلافه قبله .
خاتمة يجوز بيع لبن شاة بشاة حلب لبنها فإن بقي فيها لبن بقصد حلبه لكثرته أو باع ذات لبن مأكولة بذات لبن كذلك من جنسها لم يصح لأن اللبن في الضرع يأخذ قسطا من الثمن بدليل أنه يجب التمر في مقابلته في المصراة بخلاف الآدميات ذوات اللبن فقد نقل في البيان عن الشاشي الجواز فيها وفرق بأن لبن الشاة في الضرع له حكم العين ولهذا لا يجوز عقد الإجارة عليه بخلاف لبن الآدمية فإن له حكم المنفعة ولهذا يجوز عقد الإجارة عليه .
ولو باع لبن بقرة بشاة في ضرعها لبن صح لاختلاف الجنس كما مر .
أما بيع ذات لبن بغير ذات لبن فصحيح وبيع بيض بدجاجة ( 2 / 30 ) كبيع لبن بشاة فإن كان في الدجاجة بيض والبيض المبيع بيض دجاجة لم يصح وإلا صح .
وبيع دجاجة فيها بيض بدجاجة كذلك باطل كبيع ذات لبن بمثلها