ولا يرد على المصنف بيع كوز الفقاع كما أورده الإسنوي فإنه صح بيعه فيه من غير رؤية كما مر لأن الكوز ليس داخلا في البيع بخلاف الخشكنان ونحوه وإنما يرد على اشتراط الرؤية كما مر .
وإنما صح فيه من غير رؤية لأن بقاءه فيه من مصلحته ولأنه تشق رؤيته ولأنه قدر يسير يتسامح به في العادة ( 2 / 20 ) وليس فيه غرر يفوت به مقصود معتبر .
واحترز بوصف القشرة بالسفلى لما ذكر وهي التي تكسر حالة الأكل عن العليا فإنه لا يصح البيع قبل إزالتها كما سيأتي باب بيع الأصول والثمار لاستتاره بما ليس من مصلحته نعم إن لم تنعقد السفلى كفت رؤية العليا لأن الجميع مأكول .
أفرد المصنف C تعالى لفظ البيع ولم يعبر كغيره بالبيوع تأسيا .
ولا يصح بيع اللب من نحو الجوز وحده في قشره لأن تسليمه لا يمكن إلا بكسر القشر فينقص عن المبيع ولا بيع ما رؤي من وراء زجاج لانتفاء تمام المعرفة وصلاح إبقائه فيها بخلاف رؤية السمك والأرض تحت الماء الصافي إذ به صلاحهما .
أما الكدر فإنه يمنع صحة البيع وإن لم يمنع صحة الإجارة لأنها أوسع لأنها تقبل التأقيت ولأن العقد فيها على المنفعة دون العين .
ويجوز بيع قصب السكر في قشره الأعلى لأن قشره الأسفل كباطنه لأنه قد يمص معه فصار كأنه في قشر واحد .
فائدة : .
روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه كان إذا سقطت منه حبة رمانة أكلها فسئل عن ذلك فقال بلغني عن النبي A أنه قال ليس في الأرض رمانة تلقح إلا بحبة من رمان الجنة فلعلها هذه .
وقيل إذا أخذت رمانة من شجرة وعددت حباتها فتكون حبات رمان تلك الشجرة كذلك وإذا عددت شرافات قمع الرمانة فإن كانت زوجا فعدد حباتها زوج أو فردا فعدد حباتها فرد .
وتعتبر رؤية كل شيء .
غير ما ذكر " على ما يليق به " فيعتبر في الدار رؤية البيوت والسقوف والسطوح والجدران والمستحم والبالوعة وكذا رؤية الطريق كما في المجموع وفي البستان رؤية أشجاره ومجرى مائه وكذا يشترط رؤية الماء الذي تدور به الرحى خلافا لابن المقري لاختلاف الغرض .
ولا يشترط رؤية أساس جدران البستان ولا رؤية عروق الأشجار ونحوهما ويشترط رؤية الأرض في ذلك ونحوه .
ولو رأى آلة بناء الحمام وأرضها قبل بنائها لم يكف عن رؤيتها كما لا يكفي في التمر رؤيته رطبا .
ولو رأى سخلة أو ظبيا فكملا لا يصح بيعها إلا برؤية أخرى .
ويشترط في الرقيق ذكرا كان أو غيره رؤية ما سوى العورة لا اللسان والأسنان .
ويشترط في الدابة رؤية مقدمها ومؤخرها وقوائمها وظهرها حتى شعرها فيجب رفع الجل والسرج والإكاف ولا يشترط إجراؤها ليعرف سيرها ولا يشترط في الدابة رؤية اللسان والأسنان .
ويشترط في الثوب نشره ليرى الجميع ولو لم ينشر مثله إلا عند القطع .
ويشترط في الثوب رؤية وجهي ما يختلف منه كأن يكون صفيقا كديباج منقص وبسط بخلاف ما لا يختلف وجهاه ككرباس فيكفي رؤية أحدهما .
ويشترط في شراء المصحف رؤية جميع الأوراق وفي الورق البياض رؤية جميع الطاقات .
ولا يصح بيع اللبن في الضرع وإن حلب منه شيء ورؤي قبل البيع للنهي عنه ولاختلاطه بالحادث ولعدم تيقن وجود قدر اللبن المبيع ولعدم رؤيته ولا بيع الصوف قبل الجز أو التذكية لاختلاطه بالحادث ولأن تسليمه إنما يمكن باستئصاله وهو مؤلم للحيوان فإن قبض قطعة وقال بعتك هذه صح قطعا كما في المجموع ولا بيع الأكارع والرؤوس قبل الإبانة ولا المذبوح أو جلده أو لحمه قبل السلخ أو السمط لأنه مجهول قال الأذرعي وكذا مسلوق لم ينق جوفه وبيع وزنا فإن بيع جزافا صح بخلاف السمك والجراد فيصح مطلقا لقلة ما في جوفه .
ولا بيع مسك اختلط بغيره لجهل المقصود كنحو لبن مخلوط بنحو ماء نعم إن كان معجونا بغيره كالغاية والند صح لأن المقصود بيعهما لا المسك وحده .
ولو باع المسك فأرته لم يصح .
ولو فتح رأسها كاللحم في الجلد فإن رآها فارغة ثم ملئت مسكا لم يره ثم رأى أعلاه من رأسها أو رآه خارجها ثم اشتراه بعد رده إليها جاز .
ولو باعه السمن وظرفه أو المسك وفأرته كل قيراط بدرهم مثلا صح وإن اختلفت قيمتهما إن عرفا وزن كل منهما وكان للظرف قيمة وإلا فلا يصح .
ويجوز بيع حنطة مختلطة بشعير كيلا ووزنا وجزافا .
ولا يصح بيع تراب معدن قبل تمييزه من الذهب والفضة ولا تراب صاغة لأن المقصود مستور بما لا مصلحة له فيه عادة كبيع اللحم في الجلد ولو كان الثوب على منسج قد نسج بعضه فباعه قبل أن ينسج البائع الباقي لم يصح البيع قطعا نص عليه .
والأصح أن وصفه .
أي الشيء الذي يراد بيعه " بصفة السلم " أو سماع وصفه بطريق التواتر " لا يكفي " عن الرؤية لأنها تفيد أمورا تقصر عنها العبارة وفي الخبر ليس الخبر كالعيان والثاني يكفي .
ولا خيار للمشتري لأن ثمرة الرؤية المعرفة والوصف يفيدها .
فإن قيل عدم الاكتفاء بوصفه بطريق التواتر مع باب الربا ( 2 / 21 ) قول الأصوليين إنه يفيد القطع مشكل .
أجيب بأن المعلوم يتفاوت ولا شك أن العيان أقوى ولهذا تقدم في توجيهه أن الرؤية تفيد أمورا تقصر عنها العبارة .
ويصح سلم الأعمى .
أي أن يسلم أو يسلم إليه لأنه يعرف الصفات بالسماع ومحل هذا إذا كان العرض موصوفا في الذمة ثم عين في المجلس ويوكل من يقبض عنه أو يقبض له رأس مال السلم والمسلم فيه لأن السلم يعتمد الوصف لا الرؤية فإن كان العوض معينا لم يصح كبيعه عينا .
وقيل إن عمي قبل تمييزه .
بين الأشياء أو خلق أعمى " فلا " يصح سلمه لانتفاء معرفته بالأشياء .
وأجاب الأول بأنه يعرفها بالسماع ويتخيل فرقا بينها كبصير يسلم فيما لم يكن رآه كأهل خراسان في الرطب وأهل بغداد في الموز .
تنبيه : .
قد يفهم كلامه أنه لا يصح من الأعمى من العقود غير السلم وليس مرادا بل يصح أن يشتري نفسه ويؤجرها لأنه لا يجهلها وأن يقبل الكتابة على نفسه وله أن يكاتب عبده على الأصح تغليبا للعتق وقياسه كما قال الزركشي صحة شرائه من يعتق عليه وبيعه العبد من نفسه وأن يزوج ابنته ونحوها .
وأما ما يعتمد فيه الرؤية كالبيع والإجارة والرهن فلا يصح منه وإن قلنا بصحة بيع الغائب وطريقه أن يوكل فيه .
خاتمة لو اشترى البصير شيئا ثم عمي قبل قبضه وقلنا لا يصح شراؤه فهل ينفسخ البيع فيه وجهان صحح المصنف منهما عدم البطلان .
ولا يصح بيع البصل والجزر ونحوهما في الأرض لأنه غرر .
قال المصنف ومما تعم به البلوى أي مع عدم صحته ما اعتاده الناس من بيع النصيب من الماء الجاري من نهر أو نحوه للجهل بقدره ولأن الجاري إن كان غير مملوك فذاك وإلا فلا يمكن تسليمه لاختلاط غير المبيع به فطريقه أن يشتري القناة أو سهما منها فإذا ملك القرار كان أحق بالماء ذكره القاضي و العمراني وغيرهما .
وإن اشترى القرار مع الماء لم يصح فيهما للحوالة .
ولا يشترط الذوق والشم في مثل الخل والمسك ولا لمس الثياب لأن معظم المقصود يتعلق بالرؤية فلا يشترط غيرها .
ولو اشترى سمنا أو غيره من المائعات أو غيرها في ظرفه كل رطل بدرهم مثلا على أن يوزن بظرفه ويسقط أرطالا معينة بسبب الظرف ولا يوزن الظرف فالبيع باطل بلا خلاف لأنه غرر ظاهر .
قال في المجموع وهذا من المنكرات المحرمة التي تقع في كثير من الأسواق .
ولو رأى ثوبين مستويين قيمة ووصفا وقدرا كنصفي كرباس فسرق أحدهما واشترى الآخر غائبا عنه ولا يعلم أيهما المسروق صح لحصول العلم لا إن اختلفت الأوصاف المذكورة .
وإذا اختلفا في الرؤية فالقول قول مدعيها بيمينه لأن الإقدام على العقد اعتراف بصحته وهو على القاعدة في دعوى الصحة والفساد من تصديق مدعيها