وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك . " .
أركان الحج خمسة " بل ستة أحدها " الإحرام " أي نية الدخول فيه لخبر إنما الأعمال بالنيات . " .
و " ثانيها " الوقوف " بعرفة لخبر الحج عرفة . " .
و " ثالثها " الطواف " بالكعبة لقوله تعالى " وليطوفوا بالبيت العتيق " .
والمراد طواف الإفاضة " و " رابعها السعي بين الصفا والمروة لما روى الدارقطني وغيره بإسناد حسن أنه A استقبل القبلة في السعي وقال يا أيها الناس اسعوا فإن السعي قد كتب عليكم . " .
و " خامسها " الحلق " أو التقصير " إذا جعلنا نسكا " وقد سبق أنه القول المشهور لتوقف التحلل عليه مع عدم جبر تركه بدم كالطواف . " .
و " سادسها " الترتيب " في معظم هذه الأركان كما بحثه في الروضة وإن عده في المجموع شرطا بأن يقدم الإحرام على الجميع ويؤخر السعي عن طواف ركن أو قدوم ويقدم الوقوف على طواف الركن والحلق أو التقصير للاتباع مع خبر خذوا عني مناسككم . " .
ولا تجبر " هذه الأركان ولا شيء منها " بدم " بل يتوقف الحج عليها لأن الماهية لا تحصل إلا بجميع أركانها .
أما واجباته فخمسة أيضا الإحرام من الميقات والرمي في يوم النحر وأيام التشريق والمبيت بمزدلفة والمبيت ليالي منى واجتناب محرمات الإحرام .
وأما طواف الوداع فقد تقدم أنه ليس من المناسك فلا يعد من الواجبات ولا يعد من الأركان والواجب ما أجبر بدم ويسمى بعضا والركن ما فسد بتركه الحج وغيرهما يسمى هيئة . " .
وما سوى الوقوف " من هذه الستة " أركان في العمرة أيضا " لشمول الأدلة السابقة لها ولكن الترتيب يعتبر في جميع أركانها فيجب تأخير الحلق أو التقصير عن سعيها .
وواجب العمرة شيئان الإحرام من الميقات واجتناب محرمات الإحرام . " .
ويؤدى النسكان على " ثلاثة " أوجه " فقط ولهذا عبر بجمع القلة .
ووجه الحصر في الثلاثة أن الإحرام إن كان بالحج أو لا فالإفراد أو بالعمرة فالتمتع أو بهما معا فهو القران على تفصيل وشروط لبعضها ستأتي .
وعرف بهذا أنه لو أتى بنسك على حدته ليس شيئا من هذه الأوجه كما يشير إليه قوله النسكان بالتثنية .
أما أداء النسك من حيث هو فعلى خمسة أوجه الثلاثة المذكورة وأن يحرم بحج فقط أو عمرة فقط .
وقد سبق عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها قالت خرجنا مع رسول الله A عام حجة الوداع فمنا من أهل بعمرة ومنا من أهل بحج ومنا من أهل بحج وعمرة رواه الشيخان . " .
أحدها الإفراد " والأفضل يحصل " بأن يحج " أي يحرم بالحج من ميقاته ويفرغ منه " ثم يحرم بالعمرة ( 1 / 514 ) كإحرام المكي " بأن يخرج إلى أدنى الحل فيحرم بها " ويأتي بعملها " .
أما غير الأفضل فله صورتان .
إحداهما أن يأتي بالحج وحده في سنته الثانية أن يعتمر قبل أشهر الحج ثم يحج من الميقات .
وقد صرح بصدق الإفراد على هذا القاضي حسين والإمام .
وكلام المصنف لا يفهم منه المراد إلا بما قدرته فإن الإفراد هو الأفضل وسيأتي بيانه بعد ذلك في كلامه . " .
الثاني القران " والأكمل يحصل له " بأن يحرم بهما " معا في أشهر الحج " من الميقات " للحج وغير الأكمل أن يحرم بهما من دون الميقات وإن لزمه دم فتقييده بالميقات لكونه أكمل لا لكون الثاني لا يسمى قرانا . " .
ويعمل عمل الحج " فقط لأن عمل الحج أكثر " فيحصلان " ويدخل عمل العمرة في عمل الحج فيكفيه طواف واحد وسعي واحد لما رواه الترمذي وصححه أنه A قال من أحرم الحج والعمرة أجزأه طواف واحد وسعي واحد عنهما حتى يحل منهما جميعا صححه الترمذي وهذه الصورة الأصلية للقران " ولو أحرم بعمرة " صحيحة " في أشهر الحج ثم " أحرم " بحج قبل " الشروع في " الطواف كان قارنا " بإجماع كما قاله ابن المنذر فيكفيه عمل الحج لما روى مسلم أن عائشة رضي الله تعالى عنها أحرمت بعمرة فدخل عليها النبي A فوجدها تبكي فقال ما شأنك قالت حضت وقد حل الناس ولم أحل ولم أطف بالبيت فقال لها رسول الله A أهلي بالحج ففعلت ووقفت المواقف حتى إذا طهرت طافت بالبيت وبالصفا والمروة فقال لها رسول الله A قد حللت من حجك وعمرتك جميعا .
تنبيه .
قضية كلامه أنه لو أحرم بالعمرة قبل أشهر الحج ثم أدخل عليها الحج في أشهره أنه لا يصح ولا يكون قارنا وليس مرادا فإن الأصح في زيادة الروضة وفي المجموع أنه يصح أي ويكون قارنا فكان ينبغي تأخير القيد فيقول ولو أحرم بعمرة ثم بحج قبل الطواف في أشهر الحج كان قارنا .
وقوله قبل الطواف احترز به عما إذا طاف ثم أحرم بالحج أو شرع فيه ولو بخطوة ثم أحرم بالحج فإنه لا يصح لاتصال إحرامه بمقصوده وهو أعظم أفعالها فلا ينصرف بعد ذلك إلى غيرها ولأنه أخذ في التحلل المقتضي لنقصان الإحرام فلا يليق به إدخال الإحرام المقتضي لفوته .
ولو استلم الحجر بنية الطواف ففي صحة الإدخال وجهان قال في المجموع ينبغي تصحيح الجواز لأنه مقدمته لا بعضه .
وكلامه يشمل ما لو أفسد العمرة ثم أدخل الحج عليها .
والأصح أنه ينعقد إحرامه بالحج فاسدا ولذا قيدت العمرة بالصحيحة .
وقيل ينعقد صحيحا ثم يفسد وقيل ينعقد صحيحا ويستمر .
وكلامه كما قال الإسنوي محتمل لكل من الثلاثة . " .
ولا يجوز عكسه " وهو إدخال العمرة على الحج " في الجديد " لأنه لا يستفيد به شيئا آخر بخلاف إدخال الحج عليها فيستفيد به الوقوف والرمي والمبيت لأنه يمتنع إدخال الضعيف على القوي كفراش النكاح مع فراش الملك لقوته عليه جاز إدخاله عليه دون العكس حتى لو نكح أخت أمته جاز وطؤها بخلاف العكس والقديم الجواز وصححه الإمام كعكسه فيجوز ما لم يشرع في أسباب تحلله . " .
الثالث التمتع " ويحصل " بأن يحرم بالعمرة " في أشهر الحج " من ميقات بلده " أو غيره " ويفرغ منها ثم ينشىء حجا من مكة " أو من الميقات الذي أحرم بالعمرة منه أو من مثل مسافته أو ميقات أقرب منه .
تنبيه .
علم مما تقرر أن قوله من بلده و من مكة للتمثيل لا للتقييد وسمي الآتي بذلك متمتعا لتمتعه بمحظورات الإحرام بين النسكين . " .
وأفضلها " أي أوجه أداء النسكين المتقدمة " الإفراد " إن اعتمر عامه فلو أخرت عنه العمرة كان الإفراد مفضولا لأن تأخيرها عنه مكروه . " .
وبعده التمتع وبعد التمتع القران " لأن المتمتع يأتي بعملين كاملين غير أنه لا ينشىء لهما ميقاتين وأما القارن فإنه يأتي بعمل واحد من ميقات واحد . " .
وفي قول التمتع أفضل من الإفراد ( 1 / 515 ) ومنشأ الخلاف اختلاف الرواة في إحرامه A روى الشيخان عن جابر و عائشة رضي الله تعالى عنهما أنه A أفرد الحج ورويا عن ابن عمر أنه أحرم متمتعا .
ورجح الأول بأن رواته أكثر وبأن جابرا منهم أقدم صحبة وأشد عناية يضبط المناسك وبالإجماع على أنه لا كراهة فيه وبأن التمتع والقران يجبر فيهما الدم بخلاف الإفراد والجبر دليل النقصان .
قال في المجموع والصواب الذي نعتقده أنه A أحرم بحج ثم أدخل عليه العمرة وخص بجوازه في تلك السنة للحاجة وأمر به في قوله لبيك عمرة في حجة وبهذا يسهل الجمع بين الروايات فعمدة رواة الإفراد وهو الأكثر أول الإحرام وعمدة رواة القران آخره ومن روى التمتع أراد التمتع اللغوي وهو الانتفاع وقد انتفع بالاكتفاء بفعل واحد ويؤيد ذلك أنه A لم يعتمر في تلك السنة عمرة مفردة ولو جعلت حجته مفردة لكان غير معتمر في تلك السنة ولم يقل أحد أن الحج وحده أفضل من القران فانتظمت الرواة في حجه A في نفسه .
وأما الصحابة رضي الله تعالى عنهم فكانوا ثلاثة أقسام قسم أحرموا بحج وعمرة أو بحج ومعهم هدي .
وقسم بعمرة ففرغوا منها ثم أحرموا بحج .
وقسم بحج ولا هدي معهم فأمرهم A أن يقلبوه عمرة وهو معنى فسخ الحج إلى العمرة وهو خاص بالصحابة رضي الله تعالى عنهم أمرهم به A لبيان مخالفة ما كانت عليه الجاهلية من تحريم العمرة في أشهر الحج واعتقادهم أن إيقاعها فيه من أفجر الفجور كما أنه A أدخل العمرة على الحج كذلك فانتظمت الروايات في إحرامهم أيضا .
فمن روى أنهم كانوا قارنين أو متمتعين أو مفردين أراد بعضهم وهم الذين علم ذلك منهم وظن أن البقية مثلهم .
وأما تفضيل المتمتع على القارن فلأن أفعال النسكين فيه أكمل كما مر .
وقولنا وبعده التمتع ثم القران أي وهو أفضل من الحج فقط ثم الحج فقط أفضل من العمرة فقط .
فإن قيل ينبغي أنه لو قرن واعتمر بعد الحج كان أفضل من الإفراد لاشتماله على المقصود مع زيادة عمرة أخرى ونظير ما قالوه في التيمم أنه إذا رجا الماء فصلى أولا بالتيمم على قصد إعادتها بالوضوء فإنه أفضل لا محالة .
وهكذا إذا اعتمر المتمتع بعد الحج أيضا خصوصا إذا كان مكيا وعاد لإحرام الحج إلى الميقات فإن فوات هذه الشروط لا تخرجه عن كونه متمتعا وإنما سقط الدم .
أجيب بأن هذا التفضيل الذي ذكره الأصحاب إنما هو عند إتيانه بنسكين فقط وفي هاتين الصورتين قد أتى بنسك ثالث فليست هي الصورة المتكلم عليها .
فإن قيل قد تقدم أن الجبر دليل النقصان ولا شك أن فيما ذكر وجوب الدم .
أجيب بأن النسك الثالث جبر ذلك النقص وهذا نظير ما قالوه في إفراد صوم يوم الجمعة فإنهم عللوا الكراهة بضعفه عما في ذلك اليوم من وظائف العبادات وقالوا لو صام معه غيره ذلك الكراهة لأن صوم ذلك اليوم يجبر ما يفوته . " .
وعلى المتمتع دم " لقوله تعالى " فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي " والمعنى في إيجاب الدم كونه ربح ميقاتا فإنه لو كان قد أحرم بالحج أولا من ميقات بلده لكان يحتاج بعد فراغه من الحج إلى أن يخرج إلى أدنى الحل فيحرم بالعمرة .
وإذا تمتع استغنى عن الخروج لأنه يحرم بالحج من جوف مكة .
والواجب شاة تجزىء في الأضحية ويقوم مقامها سبع بدنة أو سبع بقرة وكذا جميع الدماء الواجبة في الحج الإجزاء الصيد وسيأتي بسط ذلك إن شاء الله تعالى . " .
بشرط أن لا يكون من حاضري المسجد الحرام " لقوله تعالى " ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام " .
قوله تعالى " ذلك " أي ما ذكر من الهدي والصوم عند فقده وقوله " لمن " معناه على من . " .
وحاضروه من " مساكنهم " دون مرحلتين من مكة " لأن المسجد الحرام المذكور في الآية ليس المراد به حقيقته بالاتفاق بل الحرم عند بعضهم ومكة عند آخرين وحمله على مكة أقل تجاوزا من حمله على جميع الحرم . " .
قلت الأصح من الحرم والله أعلم " لأن الماوردي قال إن كل موضع ذكر الله فيه المسجد الحرام فهو الحرم إلا قوله تعالى " فول وجهك شطر المسجد الحرام " فهو نفس الكعبة فإلحاق هذا بالأعم الأغلب أولى والقريب من الشيء يقال إنه حاضره قال تعالى " واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر " أي قريبة منه والمعنى في ذلك أنهم لم يربحوا ميقاتا أي عاما لأهله ولمن مر به فلا يشكل من ( 1 / 516 ) بينه وبين مكة أو الحرم دون مسافة القصر إذا عن له النسك ثم فأته وإن ربح ميقاتا بتمتعه لكنه ليس ميقاتا عاما لأهله ولمن مر به .
ولا يشكل أيضا بأنهم جعلوا ما دون مسافة القصر كالموضع الواحد في هذا ولم يجعلوه في مسألة الإساءة وهو إذا كان مسكنه دون مسافة القصر من الحرم وجاوزه وأحرم كالموضع الواحد حتى لا يلزمه الدم كالمكي إذا أحرم من سائر بقاع مكة بل ألزموه الدم وجعلوه مسيئا كالآفاقي لأن ما خرج عن مكة مما ذكر تابع لها والتابع لا يعطى حكم المتبوع من كل وجه ولأنهم عملوا بمقتضى الدليل في الموضعين وهنا لا يلزمه دم لعدم إساءته بعدم عوده لأنه من الحاضرين بمقتضى الآية وهناك يلزمه دم لإساءته بمجاوزته ما عين له بقوله في الخبر ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأه حتى أهل مكة من مكة .
على أن المسكن المذكور كالقرية بمنزلة مكة في جواز الإحرام من سائر بقاعه وعدم جواز مجاوزته بلا إحرام لمريد النسك فإن كان للمتمتع مسكنان أحدهما بعيد والآخر قريب اعتبر في كونه من الحاضرين أو غيرهم كثرة إقامته بأحدهما فإن استوت إقامته بهما اعتبر بوجود الأهل والمال فإن كان أهله بأحدهما وماله بالآخر اعتبر بمكان الأهل ذكره المحب الطبري قال والمراد بالأهل الزوجة والأولاد الذين تحت حجره دون الآباء والإخوة .
فإن استويا في ذلك اعتبر بعزم الرجوع إلى أحدهما للإقامة فيه فإن لم يكن له عزم اعتبر بإنشاء ما خرج منه وللغريب المستوطن في الحرم أو فيما دون مسافة القصر منه حكم أهل البلد الذي هو فيه .
ويلزم الدم آفاقيا تمتع ناويا الاستيطان بمكة ولو بعد العمرة لأن الاستيطان لا يحصل بمجرد النية . " .
وأن تقع عمرته في أشهر الحج من سنته " أي الحج فلو وقعت قبل أشهره وأتمها ولو في أشهره ثم حج لم يلزمه الدم لأنه لما يجمع بينهما في وقت الحج فأشبه المفرد .
وأن يحج من عامه فمن لم يحج من عامه الذي اعتمر فيه لا دم عليه لم روى البيهقي بإسناد حسن عن سعيد بن المسيب قال كان أصحاب رسول الله A يعتمرون في أشهر الحج فإذا لم يحجوا من عامهم ذلك لم يهدوا . " .
وأن لا يعود لإحرام الحج إلى الميقات " الذي أحرم منه بالعمرة أو ميقات آخر ولو أقرب إلى مكة من ميقات عمرته أو إلى مثل مسافة ميقاتها فإذا عاد إليه وأحرم منه بالحج لم يلزمه الدم لأن المقتضي لإيجاب الدم وهو ربح الميقات قد زال بعوده إليه .
ومثل ذلك ما ذكر لأن المقصود قطع تلك المسافة محرما .
تنبيه .
أفهم كلامه أنه لا يشترط لوجوب الدم نية التمتع ولا وقوع النسكين عن شخص واحد ولا بقاؤه حيا وهو كذلك .
ولو خرج المتمتع للإحرام بالحج من مكة وأحرم خارجها ولم يعد إلى الميقات ولا إلى مثل مسافته ولا إلى مكة لزمه دمه أيضا للإساءة الحاصلة بخروجه من مكة بلا إحرام مع عدم عوده .
واعلم أن هذه الشروط المذكورة معتبرة لوجوب الدم .
وهل تعتبر في تسميته تمتعا وجهان أحدهما نعم فلو فات شرط كان مفردا .
وأشهرهما لا تعتبر ولهذا قال الأصحاب يصح التمتع والقران من المكي خلافا لأبي حنيفة . " .
ووقت وجوب الدم " عليه " إحرامه بالحج " لأنه حينئذ يصير متمتعا بالعمرة إلى الحج .
وقد يفهم أنه لا يجوز تقديمه عليه وليس مرادا بل الأصح جواز ذبحه إذا فرغ من العمرة .
وقيل يجوز إذا أحرم بها ولا يتأقت ذبحه بوقت كسائر دماء الجبرانات " و " لكن " الأفضل ذبحه يوم النحر " للاتباع وخروجا من خلاف الأئمة الثلاثة فإنهم قالوا لا يجوز في غيره ولم ينقل عن النبي A ولا عن أحد ممن كان معه أنه ذبح قبله . " .
فإن عجز عنه " حسا بأن فقده أو ثمنه أو شرعا بأن وجده بأكثر من ثمن مثله أو كان محتاجا إليه أو إلى ثمنه أو غاب عنه ماله أو نحو ذلك " في موضعه " وهو الحرم سواء أقدر عليه ببلده أم غيره أم لا بخلاف كفارة اليمين لأن الهدي يختص ذبحه بالحرم والكفارة لا تختص . " .
صام " بدله وجوبا " عشرة أيام ثلاثة في الحج " لقوله تعالى " فمن لم يجد " أي الهدي " فصيام ثلاثة أيام في الحج " أي بعد الإحرام بالحج فلا يجوز تقديمها على الإحرام بخلاف الدم لأن الصوم عبادة بدنية فلا يجوز تقديمها على وقتها كالصلاة والدم عبادة مالية فأشبه الزكاة ( 1 / 517 ) .
تنبيه .
قد يرد على المصنف ما لو عدم الهدي في الحال وعلم أنه يجده قبل فراغ الصوم فإن له الصوم على الأظهر مع أنه ما عجز عنه في موضعه ولو رجا وجوده جاز له الصوم .
وفي استحباب انتظاره ما تقدم في التيمم ولكن " تستحب " له " قبل يوم عرفة " لأنه يسن للحاج فطره فيحرم قبل سادس ذي الحجة ويصومه وتالييه وإذا أحرم في زمن يسع الثلاثة وجب عليه تقديمها على يوم النحر فإن أخرها عن أيام التشريق أثم وصارت قضاء على الصحيح .
وإن تأخر الطواف وصدق عليه أنه في الحج لأن تأخيره نادر فلا يكون مرادا في الآية .
وليس السفر عذرا في تأخير صومها لأن صومها متعين إيقاعه في الحج بالنص وإن كان مسافرا فلا يكون السفر عذرا فيه بخلاف رمضان ولا يجوز صومها في يوم النحر وكذا في أيام التشريق في الجديد كما ذكره المصنف في بابه .
وإذا فاته صوم الثلاثة في الحج لزمه قضاؤها ولا دم عليه .
ولا يجب عليه تقدم الإحرام بزمن يتمكن من صوم الثلاثة فيه قبل يوم النحر خلافا لبعض المتأخرين في وجوب ذلك إذا لا يجب تحصيله بسبب الوجوب ويجوز أن لا يحج في هذا العام .
ويسن للموسر أن يحرم بالحج يوم التروية وهو ثامن ذي الحجة للاتباع وللأمر به كما في الصحيحين .
وسمي يوم التروية لترويهم فيه الماء ويسمى يوم النقلة لانتقالهم فيه من مكة إلى منى . " .
و " صام بعد الثلاثة " سبعة إذا رجع إلى " وطنه و " أهله في الأظهر " إن أراد الرجوع إليهم لقوله تعالى " وسبعة إذا رجعتم " ولقوله A فمن لم يجد هديا فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله رواه الشيخان فلا يجوز صومها في الطريق كذلك .
فإن أراد الإقامة بمكة صامها بها كما قاله في البحر والثاني إذا فرغ من الحج لأنه المراد بالرجوع فكأنه بالفراغ رجع عما كان مقبلا عليه وهو قول الأئمة الثلاثة ونص عليه في الإملاء . " .
ويندب تتابع " الأيام " الثلاثة " أداء كانت أو قضاء " وكذا السبعة " بالرفع بخطه يندب تتابعها أيضا كذلك لأن فيه مبادرة لأداء الواجب وخروجا من خلاف من أوجبه .
نعم إن أحرم بالحج سادس ذي الحجة لزمه صوم الثلاثة متتابعة لضيق الوقت لا للتتابع نفسه . " .
ولو فاتته الثلاثة في الحج " بعذر أوغيره " الأظهر أنه يلزمه " قضاؤها لما مر و " أن يفرق في قضائها بينها وبين السبعة " بقدر أربعة أيام يوم النحر وأيام التشريق ومدة إمكان السير إلى أهله على العادة الغالبة كما في الأداء فلو صام عشرة ولاء حصلت الثلاثة ولا يعتد بالبقية لعدم التفريق والثاني لا يلزمه التفريق .
تنبيه .
ظاهر كلامه الإكتفاء بمطلق التفريق لولا ما قدرته ولو بيوم وهو قول نص عليه في الإملاء . " .
وعلى القارن دم " لأنه واجب على المتمتع بنص القرآن .
وفعل المتمتع أكثر من فعل القارن فإذا لزمه الدم فالقارن أولى .
وروى الشيخان عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنه A ذبح عن نسائه البقر يوم النحر قالت وكن قارنات . " .
كدم التمتع " في أحكامه السابقة جنسا وسنا وبدلا عن العجز لأنه فرع عن دم التمتع . " .
قلت " كما قال الرافعي في الشرح " بشرط أن لا يكون " القارن " من حاضري المسجد الحرام " وسبق بيان حاضريه وأن لا يعود قبل الوقوف للإحرام بالحج من الميقات فإن عاد سقط عنه الدم " والله أعلم " لأن دم القران فرع عن دم التمتع كما تقدم ودم التمتع غير واجب على الحاضر ففرعه كذلك .
وذكر هذا الشرط كما قاله الولي العراقي إيضاح وإلا فقوله كدم التمتع يغني عنه وإذ ذكر ذلك كان ينبغي له أن يزيد ما قدرته .
خاتمة لو استأجر اثنان شخصا أحدهما لحج والآخر لعمرة فتمتع عنهما أو اعتمر أجيرا لحج عن نفسه ثم حج عن المستأجر فإن كان قد تمتع بالإذن من المستأجرين أو أحدهما في الأولى ومن المستأجر في الثانية فعلى كل من الآذنين أو الآذن والأجير نصف الدم إن أيسرا أو إن أعسرا قال شيخنا بحثا أو أحدهما فالصوم على الأجير لأن بعضه في الحج .
أو تمتع بلا إذن ممن ذكر لزمه دمان دم للتمتع ودم لأجل الإساءة بمجاوزته الميقات .
ولو وجد فاقد الهدي الهدي بين الإحرام ( 1 / 518 ) بالحج والصوم لزمه الهدي لا أن وجده بعد الشروع في الصوم بل يسن له للخروج من خلاف من أوجبه .
وإذا مات المتمتع أو القارن الواجب عليه هدي لم يسقط عنه بل يخرج من تركته أو يصوم لكونه معسرا بذلك فكرمضان يسقط عنه إن لم يتمكن من فعله ويصام أو يطعم عنه من تركته لكل يوم مد إن تمكن . "