والدفع منها وفيما يذكر معها . " .
ويبيتون بمزدلفة " بعد دفعهم من عرفة للاتباع رواه مسلم وهو واجب وليس بركن على الأصح فيهما خلافا للرافعي في قوله إنه مندوب و للسبكي في اختياره أنه ركن .
ويكفي في المبيت بها الحصول بها لحظة كالوقوف بعرفة فيكفي المرور بها وإن لم يمكث ووقته بعد نصف الليل كما نص عليه في الأم .
وإنما اشترط معظم الليل في مبيت منى لورود التعبير بالمبيت ثم بخلافه هنا وصحح الرافعي بناء على الوجوب اشتراط المعظم هنا ثم استشكله من جهة أنهم لا يصلونها حتى يمضي نحو ربع الليل مع جواز الدفع منها بعد النصف .
ويستحب الإكثار في هذه الليلة من التلاوة والذكر والصلاة . " .
ومن دفع منها " أي من مزدلفة " بعد نصف الليل " ولم يعد " أو قبله " ولو لغير عذر " وعاد " إليها " قبل الفجر فلا شيء عليه " أي لا دم عليه .
أما في الحالة الأولى فلها في الصحيحين عن عائشة أن سودة وأم سلمة رضي الله تعالى عنهن أفاضتا في النصف الأخير بإذنه A ولم يأمرهما ولا من كان معهما بدم .
وأما في الثانية فكما لو دفع من عرفة قبل الغروب ثم عاد إليها قبل الفجر . " .
ومن لم يكن بها في النصف الثاني " سواء أكان بها في النصف الأول أم لا " أراق دما وفي وجوبه " أي الدم بترك المبيت " القولان " السابقان في الفصل الذي قبله في وجوبه على من لم يجمع بين الليل والنهار بعرفة .
وقضية هذا البناء عدم وجوب الدم فيكون مستحبا كما لو ترك المبيت بمنى ليلة عرفة .
لكن رجح المصنف فيما عدا المنهاج من كتبه الوجوب .
وقال السبكي إنه ( 1 / 500 ) المنصوص في الأم والصحيح من جهة المذهب أي ولا يلزم من البناء الاتحاد في الترجيح .
ومحل القولين حيث لا عذر أما المعذور بما سيأتي في مبيت منى فلا دم عليه جزما .
ومن المعذورين من جاء عرفة ليلا فاشتغل بالوقوف عنه ومن أفاض من عرفة إلى مكة وطاف الركن وفاته .
قال الأذرعي وينبغي حمله على من لم يمكنه الدفع إلى المزدلفة أي بلا مشقة فإن أمكنه وجب جمعا بين الواجبين وهذا ظاهر .
ومنهم ما لو خافت المرأة طروء الحيض أو النفاس فبادرت إلى مكة بالطواف . " .
ويسن تقديم النساء والضعفة بعد نصف الليل إلى منى " ليرموا جمرة العقبة قبل زحمة الناس ولما مر في الصحيحين عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال أنا ممن قدم النبي A ليلة المزدلفة في ضعفة أهله " ويبقى غيرهم حتى يصلوا الصبح " بمزدلفة " مغسلين " للاتباع رواه الشيخان .
وليس التغليس بالصبح خاصا بمزدلفة بل هو مستحب كل يوم .
وكأنه أراد أنه في هذا اليوم أشد استحبابا كما عبر به في الروضة وأصلها ليتسع الوقت لما بين أيديهم من أعمال يوم النحر .
وينبغي الحرص على صلاة الصبح هناك للخروج من الخلاف فقد قال ابن حزم فرض على الرجال أن يصلوا الصبح مع الإمام الذي يقيم الحج بمزدلفة قال ومن لم يفعل ذلك فلا حج له . " .
ثم يدفعون " بفتح أوله بخط المصنف " إلى منى " وشعارهم مع من تقدم من النساء والضعفة التلبية والتكبير تأسيا به A رواه الشيخان . " .
ويأخذون " معطوف على يبيتون ليعم الضعفة وغيرهم بخلاف ما لو عطف على يدفعون فإنه يقصر الاستحباب على غير الضعفة والنساء . " .
من مزدلفة " ندبا " حصى الرمي " لما روى النسائي والبيهقي بإسناد صحيح عن الفضل بن العباس أن رسول الله A قال له غداة يوم النحر التقط لي حصى قال فلقطت له حصيات مثل حصى الخذف .
ولأن بها جبلا في أحجاره رخاوة ولأن السنة أنه إذا أتى إلى منى لا يعرج على غير الرمي فسن له أن يأخذ الحصى من مزدلفة حتى لا يشغله عنه .
تنبيه .
قضية كلام المصنف أخذ جميع ما يرمى به في الحج وهو سبعون حصاة وهو وجه جزم به في التنبيه وأقره المصنف في التصحيح وجرى عليه في المناسك الكبرى لكن الأصح استحباب الأخذ ليلا كما قاله الجمهور لفراغهم فيه وإن قال البغوي نهارا بعد صلاة الصبح ورجحه الإسنوي .
ولو أخذ الحصى من غير مزدلفة جاز كوادي محسر أو غيره .
وسكت الجمهور عن موضع أخذ حصى الجمار لأيام التشريق إذا قلنا بالأصح أنها لا تؤخذ من مزدلفة وقال ابن كج تؤخذ من بطن محسر قاله الأذرعي وقال السبكي لا تؤخذ لأيام التشريق إلا من منى نص عليه في الإملاء ا . ه " .
والظاهر أن السنة تحصل بالأخذ من كل منهما .
ويكره أخذ حصى الجمار من حل لعدوله عن الحرم المحترم ومن مسجد كما ذكره لأنها فرشه ومن حش بفتح المهملة أشهر من ضمها وهو المرحاض لنجاسته وكذا من كل موضع نجس كما نص عليه في الأم ومما رمى به لما روي أن المقبول يرفع والمردود يترك ولولا ذلك لسد ما بين الجبلين فإن رمى بشيء من ذلك أجزأه .
قال في المجموع فإن قيل لم جاز الرمي بحجر رمى به دون الوضوء بماء توضأ به قلنا فرق القاضي أبو الطيب وغيره بأن الوضوء بالماء إتلاف له كالعتق فلا يتوضأ به مرتين كما لا يعتق العبد عن الكفارة مرتين والحجر كالثوب في ستر العورة فإنه يجوز أن يصلي فيه صلوات .
تنبيه .
ما ذكراه من كراهة أخذ حصى المسجد قد خالفه في المجموع في باب الغسل فجزم بتحريم إخراج الحصى من المسجد فقال ولا يجوز أخذ شيء من أجزاء المسجد كحصاة وحجر وتراب .
وجزم أيضا بأنه لا يجوز التيمم بتراب المسجد .
قال الإسنوي وإذا تأملت كلامه هنا وهناك قضيت عجبا من منعه التيمم وتجويز أخذ الحصى .
وبالغ في التشنيع .
وجمع الأذرعي بينهما بأن كلامه هناك فيما إذا كان الحصى والتراب من أجزاء المسجد وكلامه هنا منزل على ما جلب إليه من الحصى المباح وفرش فيه كما أشار إليه الرافعي . " .
فإذا " دفعوا إلى منى و " بلغوا المشعر " وهو بفتح الميم ( 1 / 501 ) في المشهور وحكي كسرها جبل صغير آخر مزدلفة اسمه قزح بضم القاف وبالزاي وسمي مشعرا لما فيه من الشعار وهي معالم الدين . " .
الحرام " أي المحرم " وقفوا " عليه ندبا كما صرح به الرافعي والمصنف في المجموع .
ووقوفهم عليه أفضل من وقوفهم بغيره من مزدلفة ومن مرورهم بلا وقوف .
وذكروا الله تعالى " ودعوا إلى الإسفار " مستقبلين القبلة للاتباع رواه مسلم ولأن القبلة أشرف الجهات .
ويكثرون من قولهم اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ومن لم يمكنه إصعاد الجبل فليقف بجنبه ولو فاتت هذه السنة لم تجبر بدم .
ويكون من جملة دعائه كما في التنبيه اللهم كما أوقفتنا فيه وأريتنا إياه فوفقنا لذكرك كما هديتنا واغفر لنا وارحمنا كما وعدتنا بقولك وقولك الحق " فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام " إلى قوله " واستغفروا الله إن الله غفور رحيم " .
ومن جملة ذكره الله أكبر ثلاثا لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد . " .
ثم يسيرون " قبل طلوع الشمس بسكينة ووقار وشعارهم التلبية والذكر .
قال في المجموع ويكره تأخير السير حتى تطلع الشمس فإذا وجدوا فرجة أسرعوا فإذا بلغوا وادي محسر بضم الميم وفتح الحاء المهملة وكسر السين المهملة المشددة وراء موضع فاصل بين مزدلفة ومنى سمي به لأن فيل أصحاب الفيل حسر فيه أي أسرع في مشيه إن كان ماشيا .
وحرك دابته من كان راكبا بقدر رمية حجر حتى يقطعوا عرض الوادي للاتباع في الراكب رواه مسلم وقياسا عليه في الماشي ولنزول العذاب فيه على أصحاب الفيل القاصدين هدم البيت ولأن النصارى كانت تقف فيه فأمرنا بمخالفتهم .
ويسمى وادي النار أيضا يقال إن رجلا صاد فيه صيدا فنزلت عليه نار فأحرقته .
قال في المجموع قال الأذرقي وادي محسر خمسمائة ذراع وخمسة وأربعون ذراعا ا . ه " .
ويقول المار به ما روي عن عمر رضي الله تعالى عنه إليك تعدو قلقا وضينها معترضا في بطنها جنينها مخالفا دين النصارى دينها رواه البيهقي ومعناه أن ناقتي تعدو إليك مسرعة في طاعتك قلقا وضينها والوضين حبل كالحزام من كثرة السير والإقبال التام والاجتهاد البالغ في طاعتك والمراد صاحب الناقة .
قال في المجموع قال القاضي حسين في تعليقه يسن للمار بوادي محسر أن يقول هذا الكلام الذي قاله عمر Bه وبعد قطعهم وادي محسر يسيرون بسكينة " فيصلون منى بعد طلوع الشمس " وارتفاعها قدر رمح " فيرمي كل شخص " من راكب وماش " حينئذ " أي حين وصوله " سبع حصيات إلى جمرة العقبة " للاتباع رواه مسلم .
وهو تحية منى فلا يبتدىء فيها بغيره وتسمى أيضا الجمرة الكبرى .
وليست من منى بل حد منى من الجانب الغربي جهة مكة والسنة لرامي هذه الجمرة أن يستقبلها ويجعل مكة عن يساره ومنى عن يمينه كما صححه المصنف تبعا لابن الصلاح وقال إنه الصحيح الذي فعله النبي A أي وإن جزم الرافعي بأن يستقبل الجمرة ويستدبر الكعبة .
هذا في رمي يوم النحر أما في أيام التشريق فقد اتفقا على استقبال الكعبة كما في بقية الجمرات ويحسن كما قال ابن الملقن إذا وصل إلى منى أن يقول ما روي عن بعض السلف اللهم هذه منى قد أتيتها وأنا عبدك وابن عبدك أسألك أن تمن علي بما مننت به على أوليائك اللهم إني أعوذ بك من الحرمان والمصيبة في ديني يا أرحم الراحمين .
قال وروي عن ابن مسعود و ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنهما لما رميا جمرة العقبة قالا اللهم اجعله حجا مبرورا وذنبا مغفورا . " .
ويقطع التلبية عند ابتداء الرمي " لأنه A لم يزل ملبيا حتى رماها رواه الشيخان من حديث الفضل بن عباس .
هذا إذا جعله أول أسباب التحلل كما هو الأفضل أما إذا قدم الطواف أو الحلق عليه قطع التلبية من وقته لأخذه في أسباب التحلل والتلبية شعار الإحرام وأما المعتمر فيقطع التلبية إذا افتتح الطواف لأنه من أسباب تحللها . " .
ويكبر مع كل حصاة " بدل التلبية للاتباع رواه مسلم فيقول الله أكبر ثلاثا لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد كما نقل عن الشافعي C تعالى .
ويسن أن يرمي بيده اليمنى رافعا لها حتى يرى بياض إبطه أما المرأة ومثلها الخنثى فلا ترفع .
ولا يقف الرامي للدعاء عند هذه الجمرة .
وشروط الرمي ومستحباته أخرها المصنف ( 1 / 502 ) إلى الكلام على رمي أيام التشريق . " .
ثم " بعد الرمي ينصرفون فينزلون موضعا بمنى والأفضل منها منزل النبي A وما قاربه .
قال الأزرقي ومنزله A بمنى عن يسار مصلى الإمام .
ثم " يذبح من معه هدي " بإسكان الدال وكسرها مع تخفيف الياء في الأولى وتشديدها في الثانية لغتان فصيحتان .
وهو كما قاله الروياني اسم لما يهدي لمكة وحرمها تقربا إلى الله تعالى من نعم وغيرها من الأموال نذرا كان أو تطوعا لكنه عند الإطلاق اسم للإبل والبقر والغنم . " .
ثم يحلق " الذكر " أو يقصر " لقوله تعالى " محلقين رؤوسكم ومقصرين " وللاتباع في الأول رواه مسلم والثاني في معناه . " .
و " لكن " الحلق " له " أفضل " إجماعا وللآية المتقدمة فإن العرب تبدأ بالأهم والأفضل .
وقد روى الشيخان عن عمر أنه A قال اللهم ارحم المحلقين فقالوا يا رسول الله والمقصرين فقال اللهم ارحم المحلقين وقال في الرابعة والمقصرين .
ويندب أن يبدأ بالشق الأيمن فيستوعبه بالحلق ثم يحلق الشق الأيسر وأن يستقبل المحلوق القبلة وأن يكبر عند فراغه كما ذكره الرافعي وأغفله من الروضة وذكره في المجموع عن الماوردي وغيره ثم قال إنه غريب .
وأن يدفن شعره خصوصا الشعر الحسن لئلا يؤخذ للوصل وأن يستوعب الحلق أو التقصير .
قال القاضي حسين وأن يأخذ من شاربه .
قال في الخصال وأن يكون بعد كمال الرمي وغير المحرم مثله فيما ذكر غير التكبير .
نعم التقصير أفضل إن اعتمر قبل الحج في وقت لو حلق فيه جاء يوم النحر ولم يسود رأسه من الشعر نقله الإسنوي عن النص ويأتي مثله فيما لو قدم الحج على العمرة .
قال الزركشي وإنما لم يؤمر بحلق بعض رأسه في الحج وبعضه في العمرة لأنه يكره القزع .
ويؤخذ من ذلك أنه لو خلق له رأسان وحلق أحدهما في العمرة والآخر في الحج لم يكره .
ويسن أن يبلغ بالحلق إلى العظمين من الأصداغ وأن لا يشارط عليه وأن يأخذ شيئا من ظفره عند فراغه وأن يقول عند فراغه اللهم آتني بكل شعرة حسنة وامح عني بها سيئة وارفع لي بها درجة واغفر لي وللمحلقين والمقصرين ولجميع المسلمين .
ومحل أفضلية الحلق إذا لم ينذره فإن نذره وجب لأنه في حقه قربة بخلاف المرأة والخنثى .
ويجب استيعاب الرأس بالحلق إن نذر الاستيعاب أو عبر بالحلق مضافا وإن أطلق كفاه ثلاث شعرات .
ولا يجزئه قص ونحوه مما لا يسمى حلقا كنتف إذ الحلق استئصال الشعر بالموسى ولا يبقى الحلق في ذمته لأن النسك إنما هو إزالة شعر اشتمل عليه الإحرام .
ويلزمه دم لفوات الوصف كما لو نذر الحج ماشيا فركب .
ونذر المرأة والخنثى التقصير كنذر الرجل الحلق فيما ذكر وأن يتطيب بعد ذلك ويلبس ثيابه . " .
وتقصر المرأة " ولا تؤمر بالحلق إجماعا بل يكره لها الحلق على الأصح في المجموع .
وقيل يحرم لأنه مثلة وتشبيه بالرجال ومال إليه الأذرعي في المزوجة والمملوكة حيث لا يؤذن لها فيه .
نعم يحرم حلقها عند المصيبة لأنه A بريء من الصالقة والحالقة والشاقة .
ويندب لها أن تقصر قدر أنملة من جميع جوانب رأسها .
قال الإسنوي والمتجه أن الصغيرة التي لم تنته إلى سن يترك فيه شعرها كالرجل في استحباب الحلق .
قال في التوسط وهذا غلط صريح لعلة التشبيه وليس الحلق بمشروع للنساء مطلقا بالنص والإجماع ا . ه " .
ويؤخذ من ذلك أن المرأة الكافرة إذا أسلمت لا تحلق رأسها وأما قوله A ألق عنك شعر الكفر ثم اغتسل فمحمول على الذكر وينبغي كما قال بعض المتأخرين أن يستثنى حلق رأس الصغيرة يوم سابع ولادتها للتصدق بزنته فإنه يستحب كما صرحوا به في باب العقيقة واستثنى بعضهم من كراهة الحلق للمرأة صورتين إحداهما إذا كان برأسها أذى لا يمكن زواله إلا بالحلق كمعالجة حب ونحوه .
الثانية إذا حلقت رأسها لتخفي كونها امرأة خوفا على نفسها من الزنا ونحو ذلك ولهذا يباح لها لبس الرجال في هذه الحالة والخنثى في ذلك كالأنثى . " .
والحلق " أي إزالة شعر الرأس أو التقصير في حج أو عمرة في وقته " نسك على المشهور " وفي الروضة الأظهر .
فيثاب عليه لأن الحلق أفضل من التقصير للذكر والتفضيل إنما يقع في العبادات دون المباحات .
وروى ابن حبان في صحيحه أنه A قال لكل من حلق رأسه بكل شعرة سقطت نور يوم القيامة وعلى هذا هو ركن كما سيأتي وقيل واجب .
والثاني هو استباحة محظور لا ثواب فيه لأنه محرم في الإحرام فلم يكن نسكا كلبس المخيط . " .
وأقله " أي إزالة شعر الرأس أو التقصير " ثلاث شعرات " لقوله تعالى ( 1 / 503 ) محلقين رؤوسكم " أي شعور رؤوسكم لأن الرأس لا يحلق .
والشعر جمع وأقله ثلاث كذا استدلوا به ومنهم المصنف في المجموع .
قال الإسنوي ولا دلالة له في ذلك لأن الجمع إذا كان مضافا كان للعموم وفعله A يدل عليه أيضا .
نعم الطريق إلى توجيه المذهب أن يقدر لفظ الشعر منكرا مقطوعا عن الإضافة والتقدير شعرا من رؤوسكم أو تقول قام الإجماع كما نقله في المجموع على أنه لا يجب الاستيعاب فاكتفينا في الوجوب بمسمى الجمع ا . ه " .
ولو لم يكن هناك إلا شعرة وجب إزالتها كما في البيان .
وقضية إطلاق المصنف أنه لا فرق في الشعرات بين أن يأخذها دفعة أو في دفعات وهو المذهب في المجموع وجزم به في المناسك لكن حاصل ما في الروضة وأصلها تصحيح منع التفريق بناء على الأصح من عدم تكميل الدم بإزالتها المحرمة والأول هو المعتمد .
ويجاب عن البناء بأنه لا يلزم منه الاتحاد في التصحيح نعم يزول بالتفريق الفضيلة ولا يأتي التصحيح في الشعرة الواحدة المأخوذة بدفعات وإن سوى أصل الروضة بينهما في البناء المذكور ولا بد أن يكون من شعر الرأس كما أشار إليه بقوله بعد ومن لا شعر برأسه فلا يقوم مقامه شعر اللحية ولا غيرها من شعر البدن وإن استوى الجميع في وجوب الفدية ويجوز مما يحاذي الرأس قطعا وكذا من المسترسل النازل عن حد الرأس .
ويكفي في الإزالة أخذ الشعر " حلقا أو تقصيرا أو نتفا أو إحراقا أو قصا " أو أخذه بنورة أو نحو ذلك لأن المقصود الإزالة وكل من هذه الأشياء طريق إليها .
نعم من نذر الحلق وقلنا بوجوبه وهو الأصح تعين استيعاب الرأس به فإن خالف وأزال بغيره أثم وأجزأه . " .
ومن لا شعر " كائن " برأسه " أو ببعضه كما قاله الإسنوي بأن خلق كذلك أو كان قد حلق واعتمر من ساعته كما مثله العمراني " يستحب " له " إمرار الموسى عليه " بالإجماع كما قاله ابن المنذر كله أو بعضه تشبيها بالحالقين وإنما لم يجب الإمرار لأن ذلك فرض تعلق بجزء آدمي فسقط بفواته كغسل اليد في الوضوء .
وأما خبر المحرم إذا لم يكن على رأسه شعر يمر الموسى على رأسه فضعيف ولو صح حمل على الندب .
فإن قيل قياس وجوب مسح الرأس في الوضوء عند فقد شعره الوجوب هنا .
أجيب بأن الفرض ثم تعلق بالرأس وهنا بشعره وبأن من مسح بشرة الرأس يسمى ماسحا ومن مر بالموسى عليه لا يسمى حالقا .
والظاهر كما قال الأذرعي أن هذا للرجل دون الأنثى لأن الحلق ليس بمشروع لها ومثلها الخنثى .
ويسن أن يأخذ من شاربه أو شعر لحيته شيئا ليكون قد وضع من شعره شيئا لله تعالى .
والموسى بألف في آخره وتذكر وتؤنث آلة من الحديد . " .
فإذا حلق أو قصر دخل مكة وطاف طواف الركن " للاتباع رواه مسلم .
وشروط الرمي ومستحباته أخرها المصنف ( 1 / 502 ) إلى الكلام على رمي أيام التشريق .
والسنة أن يرمي بعد ارتفاع الشمس قدر رمح ثم ينحر ثم يحلق ثم يطوف ضحوة .
وهذا الطواف له أسماء غير ذلك وهي طواف الإفاضة وطواف الزيارة وطواف الفرض وقد يسمى طواف الصدر بفتح الدال والأشهر أن طواف الصدر طواف الوداع .
ويسمى طواف الركن .
فالفرض لتعينه والإفاضة لإتيانهم به عقب الإفاضة من منى والزيارة لأنهم يأتون من منى زائرين البيت ويعودون في الحال والأفضل أن يطوفوا يوم النحر .
ويسن أن يشرب بعده من سقاية العباس من زمزم لأنه صح أنه A جاء بعد الإفاضة وهم يسقون على زمزم فناولوه دلوا فشرب منه . " .
وسعى " بعده " إن لم يكن سعى " بعد طواف القدوم كما مر وهذا السعي ركن كما سيأتي . " .
ثم يعود " من مكة " إلى منى " قبل صلاة الظهر بحيث يصلي الظهر بها للاتباع رواه مسلم عن ابن عمر ولا يعارضه ما رواه مسلم أيضا عن جابر أنه A صلى الظهر يومئذ بمكة وجمع بينهما في المجموع بأنه صلى بمكة في أول الوقت بعد الزوال ثم رجع إلى منى وصلى ثانيا إماما لأصحابه كما صلى بهم في بطن نخل مرتين مرة بطائفة ومرة بأخرى فروى ابن عمر صلاته بمنى وجابر صلاته بمكة .
وروى أبو داود عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه A أخر طواف يوم النحر إلى الليل وهو محمول على أنه أخر طواف نسائه وذهب معهن . " .
وهذا " الذي يفعل يوم النحر من أعمال الحج أربعة وهي " الرمي والذبح والحلق والطواف يسن ترتيبها كما ذكرنا " ولا يجب لما روى مسلم ( 1 / 504 ) أن رجلا جاء إلى النبي A فقال يا رسول الله إني حلقت قبل أن أرمي .
فقال ارم ولا حرج وأتاه آخر فقال إني أفضت إلى البيت قبل أن أرمي فقال ارم ولا حرج .
وفي الصحيحين أنه A ما سئل عن شيء يومئذ قدم ولا أخر إلا قال افعل ولا حرج . " .
ويدخل وقتها " إلا ذبح الهدي " بنصف ليلة النحر " لمن وقف قبله لخبر أبي داود بإسناد صحيح على شرط مسلم عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنه A أرسل أم سلمة ليلة النحر فرمت قبل الفجر ثم أفاضت .
وقيس بالرمي الآخر أن يجامع أن كلا من أسباب التحلل ووجهه الدلالة من الخبر بأنه A علق الرمي بما قبل الفجر وهو صالح لجمع الليل ولا ضابط له فجعل النصف ضابطا لأنه أقرب إلى الحقيقة مما قبله ولأنه وقت للدفع من مزدلفة ولأذان الصبح فكان وقتا للرمي كما بعد الفجر .
ويسن تأخيرها إلى بعد طلوع الشمس للاتباع .
أما إذا فعلها بعد انتصاف الليل وقبل الوقوف فإنه يجب عليه إعادتها .
وأما ذبح الهدي المسوق تقربا لله تعالى فيدخل وقته بدخول وقت الأضحية كما سيأتي . " .
ويبقى وقت الرمي إلى آخر يوم النحر " لما روى البخاري أن رجلا قال للنبي A إني رميت بعدما أمسيت فقال لا حرج .
والمساء بعد الزوال وظاهر كلامه أنه لا يكفي بعد الغروب وبه صرح في أصل الروضة لعدم وروده .
واعترض بأنه سيأتي أنه إذا أخر رمي يوم إلى ما بعده من أيام الرمي يقع أداء وقضيته أن وقته لا يخرج بالغروب وهذا هو المعتمد .
وأجيب بحمل ما هنا على وقت الاختيار وما هناك على وقت الجواز .
وقد صرح الرافعي بأن وقت الفضيلة لرمي يوم النحر ينتهي بالزوال فيكون لرميه ثلاثة أوقات وقت فضيلة إلى الزوال ووقت اختيار إلى الغروب ووقت جواز إلى آخر أيام التشريق . " .
ولا يختص الذبح " للهدي المتقرب به " بزمن " لكنه يختص بالحرم بخلاف الضحايا فتختص بالعيد وأيام التشريق . " .
قلت الصحيح اختصاصه بوقت الأضحية وسيأتي " للمحرر " في آخر باب محرمات الإحرام على الصواب والله أعلم " وعبارته هناك ووقته وقت الأضحية على الصحيح هذا بناه المصنف على ما فهمه من أن مراد الرافعي بالهدي هنا المساق تقربا لله تعالى فاعترضه هنا وفي الروضة والمجموع .
واعترض الإسنوي المصنف بأن الهدي يطلق على دم الجبرانات والمحظورات وهذا لا يختص بزمان وهو المراد هنا وفي قوله أولا ثم يذبح من معه هدي وعلى ما يساق تقربا إلى الله تعالى وهذا هو المختص بوقت الأضحية على الصحيح وهو المذكور في آخر باب محرمات الإحرام فلم يتوارد الكلامان على محل واحد حتى يعد ذلك تناقضا .
وقد أوضح الرافعي ذلك في باب الهدى من الشرح الكبير فذكر أن الهدي يقع على الكل وأن الممنوع فعله في غير وقت الأضحية هو ما يسوقه المحرم لكنه لم يفصح في المحرر عن المراد كما أفصح عنه في الكبير فظن المصنف أن المسألة واحدة فاستدرك عليه وكيف يجيء الاستدراك مع تصريح الرافعي هناك بما يبين المراد ا . ه " .
أي فكان الأولى للمصنف أن يحمل كلامه هنا على كلامه في الشرح الكبير وإن كان الهدي إنما ينصرف عند الإطلاق إلى ما يتعلق بذلك المحل لأن الجمع حيث أمكن بين كلامين ظاهرهما التناقض يكون أولى من الاعتراض . " .
والحلق " بالمعنى السابق أو التقصير " والطواف والسعي " إن لم يكن فعل بعد طواف قدوم " لا آخر لوقتها " لأن الأصل عدم التأقيت ويبقى من هي عليه محرما حتى يأتي بها كما في المجموع لكن الأفضل فعلها يوم النحر .
ويكره تأخيرها عن يومه وعن أيام التشريق أشد كراهة وعن خروجه من مكة أشد ذكره في المجموع .
وهذا صريح في جواز تأخيرها عن أيام الحج .
فإن قيل بقاؤه على إحرامه يشكل بقولهم ليس لصاحب الفوات أن يصبر على إحرامه للسنة القابلة لأن استدامة الإحرام كابتدائه وابتداؤه لا يجوز .
أجيب بأنه في تلك لا يستفيد ببقائه على إحرامه شيئا غير محض تعذيب نفسه لخروج وقت الوقوف فحرم بقاؤه على إحرامه وأمر بالتحلل .
وأما هنا فوقت ما أخره باق فلا يحرم ( 1 / 505 ) بقاؤه على إحرامه ولا يؤمر بالتحلل وهو بمثابة من أحرم بالصلاة في وقتها ثم مدها بالقراءة حتى خرج الوقت فإن كان طاف للوداع وخرج وقع عن طواف الفرض وإن لم يطف للوداع ولا غيره لم يستبح النساء وإن طال الزمان لبقائه محرما . " .
وإذا قلنا الحلق نسك " وهو المشهور " ففعل اثنين من الرمي " أي يوم النحر " والحلق " أو التقصير " والطواف " المتبوع بالسعي إن لم يكن فعل قبل " حصل التحلل الأول " من تحللي الحج " وحل به اللبس " وستر الرأس للرجل والوجه للمرأة " والحلق " إن لم يفعل وإن لم يجعله نسكا " والقلم " والطيب بل يسن التطيب قالت عائشة رضي الله تعالى عنها طيبت رسول الله A لإحرامه قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت متفق عليه .
والدهن ملحق بالتطيب وكذا الباقي بجامع الاشتراك في الاستمتاع . " .
وكذا " يحل " الصيد وعقد النكاح " والمباشرة فيما دون الفرج كالقبلة والملامسة " في الأظهر " لأنها من المحرمات التي لا يوجب تعاطيها إفسادا فأشبهت الحلق وهذا ما صححه في الشرح الصغير . " .
قلت الأظهر لا يحل عقد النكاح " وكذا المباشرة فيما دون الفرج " والله أعلم " لما روى النسائي بإسناد جيد كما قاله المصنف إذا رميتم الجمرة فقد حل لكم كل شيء إلا النساء وهذا ما نسبه في الشرح الكبير إلى تصحيح الأكثرين وقال إن قولهم أوفق لكلام النص في المختصر ونقله في الروضة والمجموع عن الأكثرين . " .
وإذا فعل الثالث " بعد الاثنين " حصل التحلل الثاني وحل به باقي المحرمات " بالإجماع ويجب عليه الإتيان بما بقي من أعمال الحج وهو الرمي والمبيت مع أنه غير محرم كما أنه يخرج من الصلاة بالتسليمة الأولى ويطلب منه التسليمة الثانية لكن المطلوب هنا على سبيل الوجوب وهناك على سبيل الندب .
ويستحب تأخير الوطء عن باقي أيام الرمي ليزول عنه أثر الإحرام .
فإن قيل يشكل على ذلك خبر أيام منى أيام أكل وشرب وبعال .
أجيب بأن هذه الأيام لا يمتنع فيها ذلك وهو كذلك وإنما استحب للحاج ترك الجماع لما ذكر .
ومن فاته رمي يوم النحر بأن أخره عن أيام التشريق ولزمه بدله توقف التحلل على البدل ولو صوما لقيامه مقامه .
فإن قيل ما الفرق بين هذا وبين المحصر إذا عدم الهدي فإن الأصح عدم توقف التحلل على بدله وهو الصوم أجيب بأن المحصر ليس له إلا تحلل واحد فلو توقف تحلله على البدل لشق عليه المقام على سائر محرمات الحج إلى الإتيان بالبدل والذي يفوته الرمي يمكنه الشروع في التحلل الأول فإذا أتى به حل له ما عدا النكاح ومقدماته وعقده فلا مشقة عليه في الإقامة على الإحرام حتى يأتي بالبدل .
هذا في تحلل الحج أما العمرة فليس لها إلا تحلل واحد لأن الحج يطول زمنه وتكثر أعماله فأبيح بعض محرماته في وقت وبعضها في وقت آخر بخلاف العمرة ونظير ذلك الحيض والجنابة لما طال زمن الحيض جعل لارتفاع محظوراته محلان انقطاع الدم والاغتسال والجنابة لما قصر زمنها جعل لارتفاع محظوراتها محل واحد . "