وبيان كيفية السعي وإذا فرغ من طوافه ثم ركعتي الطواف يعود ندبا " ويستلم الحجر " الأسود بشرطه في الأنثى والخنثى " بعد الطواف " بأن يختمه باستلام الحجر " و " قوله بعد " صلاته " مزيد على المحرر للاتباع رواه مسلم .
وليكون آخر عهده ما ابتدأ به .
واقتصار المصنف على الاستلام يقتضي أنه لا يسن تقبيل الحجر ولا السجود عليه .
قال الإسنوي فإن كان الأمر كذلك فلعل سببه المبادرة إلى السعي ا . ه " .
وصرح أبو الطيب وصاحب الذخائر بأنه يقبله أي ويسجد عليه .
قال الأذرعي والظاهر أنه متفق عليه وإنما اقتصروا على ذكر الاستلام اكتفاء بما بينوه في أول الطواف ا . ه " .
وهذا هو الظاهر .
قال في المجموع وما قاله الماوردي من أنه يأتي الملتزم والميزاب بعد استلامه ويدعو شاذ . " .
ثم يخرج " ندبا " من باب الصفا " وهو الباب المقابل لما بين الركنين اليمانيين " للسعي " بين الصفا والمروة للإتباع رواه مسلم . " .
وشرطه " أي شروطه ثلاثة أحدها " أن يبدأ بالصفا " بالقصر جمع صفاة وهي الحجر الصلب والمراد طرف جبل أبي قبيس ويختم بالمروة في المرة الأولى والثالثة والخامسة والسابعة .
وأن يبدأ بالمروة ويختم بالصفا في المرة الثانية والرابعة والسادسة .
فلو عكس لم تحسب المرة الأولى لأنه A بدأ بالصفا وقال ابدءوا بما بدأ الله به رواه النسائي بإسناد على شرط مسلم وهو في مسلم لكن بلفظ أبدأ على الخبر لا الأمر .
ورواه الأربعة بلفظ نبدأ بالنون .
وعلم من ذلك أنه يشترط الترتيب فلو ترك الخامسة جعل السابعة خامسة وأتى بالسادسة والسابعة ولا يشترط الموالاة بين مراته كالطواف بل أولى . " .
و " ثانيها " أن يسعى سبعا " للاتباع رواه الشيخان . " .
ذهابه من الصفا إلى المروة " بفتح الميم وأصلها الحجر الرخو وهي في طرف جبل قعيقعان . " .
مرة " بالرفع خبر ذهابه . " .
وعوده منها إليه " مرة " أخرى " لأنه A بدأ بالصفا وختم بالمروة كما رواه مسلم .
وقيل إن الذهاب والإياب مرة واحدة كمسح الرأس ورد بأنه لو كان كذلك للزم أن يكون الختم بالصفا وهو خلاف الوارد .
ولا بد من استيعاب المسافة في كل مرة بأن يلصق عقبه بأصل ما يذهب منه ورؤوس أصابع رجليه بما يذهب إليه والراكب يلصق حافر دابته قال في المجموع وبعض الدرج محدث فليحذر أن يخلفها وراءه فلا يصح سعيه حينئذ بل ينبغي له أن يصعد الدرجة حتى يستيقن وقضيته أنه لا يصح سعي الراكب حتى يصعد على ذلك فلو عدل عن موضع السعي إلى طريق آخر في المسجد أو غيره وابتدأ المرة الثانية من الصفا لم تحسب له تلك المرة على الصحيح كما في المجموع وزيادة الروضة .
قال ابن عبد السلام والمروة أفضل من الصفا لأنها مرور الحاج أربع مرات والصفا مروره ثلاثا والبداءة بالصفا وسيلة إلى استقبالها .
قال والطواف أفضل أركان الحج حتى الوقوف .
قال الزركشي وفيه نظر بل أفضلها الوقوف لخبر الحج عرفة ولهذا لا يفوت الحج إلا بفواته ولم يرد غفران الذنوب في شيء ما ورد في الوقوف فالصواب القطع بأنه أفضل الأركان ا . ه " .
ورد عليه بأن الوجه الأول لتصريح الأصحاب بأن الطواف قربة في نفسه بخلاف الوقوف . " .
و " ثالثها " أن يسعى بعد طواف ركن أو " طواف " قدوم " لأنه الوارد من فعله A ونقل الماوردي الإجماع على ذلك .
وخرج بقوله بعد طواف ركن أو قدوم طواف الوداع وطواف النفل .
أما طواف ( 1 / 494 ) لأ الوداع فلعدم تصور وقوع السعي بعده كما قاله في الشرح والروضة لأنه إذا بقي السعي لم يكن المأتي به طواف وداع .
نعم إن بلغ قبل سعيه مسافة القصر فقال من المتأخرين قائل اعتد به ندبا وقائل وجوبا بناء على أنه يؤمر به من يريد الخروج من مكة وإن كان محرما .
والأوجه الموافق للمنقول كما قال شيخنا خلاف ذلك إذ المراد طواف الوداع المشروع بعد فراغ المناسك كما هو صريح كلام الشيخين لا كل وداع وأما طواف النفل فيما إذا أحرم المكي بالحج من مكة ثم تنفل بالطواف وأراد السعي بعد فصرح في المجموع بعدم إجزائه . " .
بحيث لا يتخلل بينهما " أي السعي وطواف القدوم " الوقوف بعرفة " وإن تخلل بينهما فصل طويل فإن وقف بها لم يجزه السعي إلا بعد طواف الإفاضة لدخول وقت طواف الفرض فلم يجز أن يسعى الآن لفوات التبعية بتخلل الوقوف فالحيثية المذكورة قيد في القدوم فقط . " .
ومن سعى بعد " طواف " قدوم لم يعده " أي لم تسن له إعادته بعد طواف الإفاضة كما قاله في المحرر لأنها لم ترد ولأن السعي ليس قربة في نفسه كالوقوف بخلاف الطواف فإنه عبادة يتقرب بها وحدها .
فإن أعاده فخلاف الأولى وقيل مكروه وقيل تستحب الإعادة .
نعم يجب على الصبي إذا بلغ بعرفة إعادته وعتق العبد كبلوغ الصبي .
ويسن للقارن طوافان وسعيان خروجا من خلاف من أوجبهما عليه من السلف والخلف قاله الأذرعي بحثا وهو حسن .
وهل الأفضل السعي بعد طواف القدوم أو بعد طواف الإفاضة ظاهر كلام المصنف في مناسكه الكبرى الأول وصرح به في مختصرها . " .
ويستحب أن يرقي " الذكر " على الصفا والمروة قدر قامة " لإنسان معتدل وأن يشاهد البيت لأنه A رقي على كل منهما حتى رأى البيت رواه مسلم .
وقيل إن الكعبة كانت ترى فحالت الأبنية بينها وبين المروة واليوم لا ترى الكعبة إلا على الصفا من باب الصفا بل المروة الآن ليس بها ما يرقى عليه إلا مصطبة فيسن رقيها .
أما المرأة فلا ترقى كما في التنبيه أي لا يسن لها ذلك .
قال الإسنوي وهذه المسألة من مفردات التنبيه ولا ذكر لها في المهذب ولا شرحه ولا الروضة والشرحين .
قال والقياس أن الخنثى كذلك .
قال ولو فصل فيهما بين أن يكونا بخلوة أو بحضرة محارم وأن لا يكونا كما قبل به في جهر الصلاة لم يبعد ا . ه " .
والظاهر أنه لا يطلب الرقي منهما مطلقا . " .
فإذا رقي " بكسر القاف في الماضي وفتحها في المضارع أو ألصق أصابعه بلا رقي استقبل القبلة كما نص عليه .
و " قال " ذكرا كان أو غيره " الله أكبر الله أكبر الله أكبر " من كل شيء " ولله الحمد " أي على كل حال لا لغيره كما يشعر به تقديم الخبر . " .
الله أكبر على ما هدانا " أي دلنا على طاعته بالإسلام وغيره " والحمد لله على ما أولانا " من نعمه التي لا تحصى " لا إله إلا الله وحده لا شريك له " تقدم شرحه في خطبة المتن " له الملك " أي ملك السموات والأرض لا لغيره " وله الحمد يحيي ويميت بيده " أي قدرته " الخير وهو على كل شيء " ممكن " قدير " لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون . " .
ثم يدعو بما شاء دينا ودنيا .
قلت ويعيد الذكر والدعاء " السابقين " ثانيا وثالثا والله أعلم " للاتباع رواه مسلم بزيادة بعض ألفاظ على ما ذكره المتن ونقص بعض .
وقوله بيده الخير قال ابن شهبة لم يوجد في كتب الحديث لكن ذكره الشافعي في الأم و البويطي .
قال الأذرعي الدعاء بأمر الدين يكون مندوبا متأكدا للتأسي وبأمر الدنيا مباحا كما سبق في الصلاة ا . ه " .
ويسن أن يقول اللهم إنك قلت " ادعوني أستجب لكم " وإنك لا تخلف الميعاد وإني أسألك كما هديتني إلى الإسلام أن لا تنزعه مني حتى تتوفاني وأنا مسلم رواه مالك في الموطأ عن نافع أنه سمع ابن عمر يقوله على ( 1 / 495 ) الصفا . " .
و " يسن " أن يمشي " على هينته " أول السعي وآخره و " أن " يعدو " الذكر أي يسعى سعيا شديدا فوق الرمل كما قاله في المجموع " في الوسط " الذي بينهما للاتباع رواه مسلم . " .
وموضع النوعين " أي المشي والعدو " معروف " هناك فيمشي حتى يبقى بينه وبين الميل الأخضر المعلق بركن المسجد على يساره قدر ستة أذرع فيعدو فإن عجز تشبه حتى يتوسط بين الميلين الأخضرين اللذين أحدهما في ركن المسجد والآخر متصل بجدار دار العباس المشهورة الآن برباطه رضي الله تعالى عنه فيمشي على هينته حتى يصل إلى المروة فإذا عاد منها إلى الصفا مشى في محل مشيه وسعى في محل سعيه أولا .
أما الأنثى فتمشي في الكل وقيل إن خلت بالليل سعت كالذكر والخنثى في ذلك كالأنثى كما نقله في المجموع في باب الأحداث عن أبي الفتوح وأقره .
ويسن أن يقول الذكر في عدوه وكذا المرأة والخنثى في محله كما بحثه بعض المتأخرين رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز الأكرم .
تنبيه .
سكوت المصنف هنا عن الستر والطهارة مع اشتراطه لهما في الطواف مشعر بعدم وجوبهما وهو كذلك فيسنان .
ويسن أيضا الموالاة في مرات السعي وكذا بين الطواف والسعي وأن يكون ماشيا إلا لعذر فإن ركب بلا عذر لم يكره اتفاقا كما في المجموع وما في جامع الترمذي من أن الشافعي كره السعي راكبا إلا لعذر محمول على خلاف الأولى .
قال في المجموع ويكره للساعي أن يقف في سعيه لحديث أو غيره ولو شك في عدد مراته قبل الفراغ أخذ بالأقل كما مر في الطواف .
ويسن أن يأخذ بقول ثقة أخبره وإن اعتقد خلافه كما مر في الطواف أيضا ثم بعد السعي إن كان معتمرا حلق أو قصر وصار حلالا وإلا فإن كان مفردا أو قارنا بقي على إحرامه . "