زادها الله شرفا وما يتعلق به يقال مكة بالميم وبكة بالباء لغتان وقيل بالميم اسم للحرم كله وبالباء اسم للمسجد وقيل بالميم البلد وبالباء البيت مع المطاف وقيل بدونه .
ولها أسماء كثيرة تقرب من ثلاثين اسما ذكرها الدميري وغيره .
قال المصنف ولا نعلم بلدا أكثر اسما من مكة والمدينة لكونهما أفضل الأرض وذلك لكثرة الصفات المقتضية للتسمية وكثرة الأسماء تدل على شرف المسمى ولهذا كثرت أسماء الله تعالى ورسوله A حتى قيل إن لله تعالى ألف اسم ولرسوله A كذلك .
ومكة أفضل الأرض عندنا خلافا لمالك في تفضيل المدينة .
ونقل القاضي عياض الإجماع على أن موضع قبره A أفضل الأرض والخلاف فيما سواه .
مما يدل على أفضلية مكة حديث عبدالله بن عدي رضي الله تعالى عنه أنه سمع رسول الله A وهو واقف على راحلته في سوق مكة يقول والله إنك لخير الأرض وأحب أرض الله إلي ولولا أني أخرجت منك ما خرجت رواه النسائي والترمذي وقال حسن صحيح قال البكري وهو على شرط الشيخين .
وأما ما روى من قوله A اللهم إنك تعلم أنهم أخرجوني من أحب البلاد إلي فأسكني أحب ( 1 / 484 ) بالسلام فقد سلم . " .
فحينا ربنا بالسلام " أي سلمنا بتحيتك من جميع الآفات وذلك لما رواه البيهقي عن عمر رضي الله تعالى عنه قال في المجموع بإسناد ليس بقوي .
ويسن أن يدعو بما أحب من المهمات وأهمها المغفرة " ثم يدخل " عقب ذلك " المسجد " الحرام " من باب بني شيبة " أحد أبواب المسجد وإن لم يكن بطريقه للاتباع رواه البيهقي بإسناد صحيح .
والمعنى فيه أن باب الكعبة والحجر الأسود في جهة ذلك الباب وهي أشرف الجهات الأربع كما قاله ابن عبد السلام في قواعده .
وشيبة اسم رجل مفتاح الكعبة في يد ولده وهو ابن عثمان بن طلحة .
تنبيه .
ظاهر كلام المصنف أن الدخول من هذا الباب إنما يسن لمن أتى من طريق المدينة فإنه عطف على قوله ويدخلها من ثنية كداء وليس مرادا بل قال الرافعي أطبقوا على استحباب الدخول منه لكل قادم سواء أكان في طريقه أم لا بخلاف الدخول من الثنية العليا فإن فيه الخلاف المار .
والفرق أن الدوران حول المسجد لا يشق بخلافه حول البلد .
ويسن أن يخرج من باب بني مخزوم إلى الصفا وهو المسمى الآن بباب الصفا ومن باب بني سهم إذا خرج إلى بلده وهو المسمى اليوم بباب العمرة . " .
ويبتدىء " ندبا أول دخوله المسجد قبل تغيير ثيابه واكتراء منزله ونحوهما " بطواف القدوم " للاتباع رواه الشيخان .
والمعنى فيه أن الطواف تحية البيت لا المسجد فلذلك يبدأ به ويستثنى منه ما لو خاف فوت مكتوبة أو سنة مؤكدة أو وجد جماعة قائمة أو تذكر فائتة مكتوبة فإنه يقدم ذلك على الطواف كما في المجموع عن الأصحاب .
ولو أقيمت الصلاة وهو في أثناء الطواف قطعه وصلى لأن ما ذكر يفوت والطواف لا يفوت .
ولو حضرت جنازة قطعه إن كان نفلا نص عليه .
وفي الكفاية عن الماوردي أن من له عذر يبدأ بإزالته .
ولو قدمت امرأة نهارا وهي ذات جمال أو شرف وهي التي لا تبرز للرجال سن لها أن تؤخره إلى الليل وقيده بعضهم بما إذا أمنت الحيض الذي يطول زمنه وهو كما قال ابن شهبة حسن .
والخنثى كالأنثى كما قاله في المجموع .
ولو دخل المسجد وقد منع الناس من الطواف صلى تحية المسجد كما جزم به في المجموع وإنما قدم الطواف عليها فيما مر لأن القصد من إتيان المسجد البيت وتحيته الطواف ولأنها تحصل بركعتيه غالبا .
ولو أخر طواف القدوم ففي فواته وجهان حكاهما الإمام لأنه يشبه تحية المسجد وقضيته أنه لا يفوت وهو كذلك ومعلوم أنه لا يفوت بالجلوس في المسجد كما تفوت به تحية المسجد نعم يفوت بالوقوف بعرفة لا بالخروج من مكة . " .
ويختص طواف القدوم " في المحرم " بحاج دخل مكة قبل الوقوف " مفردا كان أو قارنا لأن الحاج بعد الوقوف والمعتمر قد دخل وقت طوافهما المفروض فلا يصح قبل أدائه أن يتطوعا بطواف قياسا على أصل النسك وبهذا فارق ما نحن فيه الصلاة حيث أمر بالتحية قبل العرض .
أما الحلال فيسن طواف القدوم له وإن أوهمت عبارة المصنف خلافه .
وكما يسمى طواف القدوم يسمى طواف القادم وطواف الورود والوارد والتحية " .
فائدة : .
قال ابن أسباط بين الركن والمقام وزمزم قبور تسعة وتسعين نبيا وإن قبر هود وصالح وشعيب وإسماعيل في تلك البقعة .
تنبيه .
قال الولي العراقي اعترض على تعبير المصنف بأنه مقلوب وصوابه ويختص حاج دخل مكة قبل الوقوف بطواف القدوم فإن الباء تدخل على المقصور ا . ه " .
لكن هذا أكثري لا كلي فالتعبير بالصواب خطأ . " .
ومن قصد مكة " أو الحرم " لا لنسك استحب " له " أن يحرم بحج " إن كان في أشهره ويمكنه إدراكه " أو عمرة " قياسا على التحية وهذا ما في المجموع عن الأكثرين وعن نص الشافعي في عامة كتبه . " .
وفي قول يجب " وهو منصوص الأم وجعله في البيان الأشهر وصححه جمع منهم المصنف في نكت التنبيه .
بويدل للأول حديث المواقيت السابق هن لهن ولمن أتى ( 1 / 485 ) عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة .
فلو وجب بمجرد الدخول لما علقه على الإرادة . " .
إلا أن يتكرر دخوله كحطاب وصياد " فلا يجب عليهما جزما للمشقة بالتكرير وعلى الوجوب لا دم عليه ولا قضاء بترك الإحرام .
تنبيه .
ما ذكر من الحصر غير مراد بل يشترط أيضا أن يكون داخلا من الحل وأن لا يدخل لقتال مباح ولا خائفا من ظالم أو غريم يحبسه وهو معسر لا يمكنه معه الظهور لأداء النسك وأن يكون حرا فالرقيق لا إحرام عليه وإن أذن له سيده على الأصح وقصد الحرم كقصد مكة في جميع ما ذكر كما نبهت عليه وإن أوهمت عبارته خلافه . "