بفتح أوله وكسره لغة القصد كما قاله الجوهري .
وقال الخليل كثرة القصد إلى من يعظم .
وشرعا قصد الكعبة ( 1 / 460 ) للنسك الآتي بيانه كما قاله في المجموع .
وقال في الكفاية هو قصد الأفعال الآتية وتقدم في باب صلاة النفل عن القاضي حسين أنه أفضل العبادات لاشتماله على المال والبدن .
وقال الحليمي الحج يجمع معاني العبادات كلها فمن حج فكأنما صام وصلى واعتكف وزكى ورابط في سبيل الله وغزا وبين ذلك ولأنا دعينا إليه ونحن في أصلاب الآباء كالإيمان الذي هو أفضل العبادات .
ولكن تقدم أن الراجح أن الصلاة أفضل منه .
وهو من الشرائع القديمة روي أن آدم E لما حج قال له جبريل إن الملائكة كانوا يطوفون قبلك بهذا البيت بسبعة آلاف سنة .
وقال صاحب التعجيز إن أول من حج آدم E وأنه حج أربعين سنة من الهند ماشيا .
وقيل ما من نبي إلا حجه .
وقال أبو إسحاق لم يبعث الله نبيا بعد إبراهيم إلا وقد حج البيت .
وادعى بعض من ألف في المناسك أن الصحيح أنه لم يجب إلا على هذه الأمة . " .
هو فرض " أي مفروض لقوله تعالى " ولله على الناس حج البيت " الآية .
ولحديث بني الإسلام على خمس ولحديث حجوا قبل أن لا تحجوا قالوا وكيف نحج قبل أن لا نحج قال أن تقعد العرب على بطون الأودية يمنعون الناس السبيل .
وهو إجماع يكفر جاحده إن لم يخف عليه .
واختلفوا متى فرض فقيل قبل الهجرة حكاه في النهاية .
والمشهور أنه بعد الهجرة وعلى هذا قيل فرض في السنة الخامسة من الهجرة وجزم به الرافعي في الكلام على أن الحج على التراخي وقيل في السنة السادسة وصححاه في كتاب السير ونقله في المجموع عن الأصحاب وهذا هو المشهور .
وقيل في الثامنة حكاه في الأحكام السلطانية .
وقيل في التاسعة حكاه في الروضة وصححه القاضي عياض .
وقيل في العاشرة قال بعضهم وهو غلط وكان A قبل أن يهاجر يحج كل سنة ولا يجب بأصل الشرع إلا مرة لأنه A لم يحج بعد فرض الحج إلا مرة واحدة وهي حجة الوداع ولخبر مسلم أحجنا هذا لعامنا أم للأبد قال لا بل للأبد .
وأما حديث البيهقي الآمر بالحج كل خمسة أعوام فمحمول على الندب لقوله A من حج حجة أدى فرضه ومن حج ثانية داين ربه ومن حج ثلاث حجج حرم الله شعره وبشره على النار قيل إن رجلا قتل وأوقد عليه النار طول الليل فلم تعمل فيه وبقي أبيض البدن فسألوا سعدون الخولاني عن ذلك فقال لعله حج ثلاث حجج قالوا نعم .
وقد يجب أكثر من مرة لعارض كنذر وقضاء عند إفساد التطوع . " .
وكذا العمرة " فرض " في الأظهر " لقوله تعالى " وأتموا الحج والعمرة لله " أي ائتوا بهما تامين ولخبر ابن ماجة والبيهقي وغيرهما بأسانيد صحيحة عن عائشة Bها قالت قلت يا رسول الله هل على النساء جهاد قال نعم جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة .
وأما خبر الترمذي عن جابر سئل النبي A عن العمرة أواجبة هي قال لا وأن تعتمر خير لك فضعيف .
قال في المجموع اتفق الحفاظ على ضعفه ولا يغتر بقول الترمذي فيه حسن صحيح .
وقال ابن حزم إنه باطل .
قال أصحابنا ولو صح لم يلزم منه عدم وجوبها مطلقا لاحتمال أن المراد ليست واجبة على السائل لعدم استطاعته قال وقوله أن تعتمر بفتح الهمزة والعمرة بضم العين مع ضم الميم وإسكان وبفتح العين وإسكانها الميم لغة الزيارة وقيل القصد إلى مكان عامر ولذلك سميت عمرة وقيل سميت بذلك لأنها تفعل في العمر كله و شرعا قصد الكعبة للنسك الآتي بيانه .
ولا يغنى عنها الحج وإن اشتمل عليها ويفارق الغسل حيث يغني عن الوضوء بأن الغسل أصل فأغنى عن بدله والحج والعمرة أصلان " .
فائدة : .
النسك إما فرض عين وهو على من لم يحج بالشروط الآتية .
وإما فرض كفاية وهو إحياء الكعبة كل سنة بالحج والعمرة .
وإما تطوع ولا يتصور إلا في الأرقاء والصبيان إذ فرض الكفاية لا يتوجه إليهم لكن لو تطوع منهم من يحصل به الكفاية سقط الفرض عن المخاطبين كما بحثه بعض المتأخرين قياسا على الجهاد وصلاة الجنازة .
ويسن لمن وجب عليه الحج أو العمرة أن لا يؤخر ذلك عن سنة إلا مكان مبادرة إلى براءة ذمته ومسارعة إلى الطاعات قال تعالى " فاستبقوا الخيرات " .
وإن أخر بعد التمكن وفعله قبل أن يموت لم يأثم لأنه ( 1 / 461 ) A أخره إلى السنة العاشرة بلا مانع وقيس به العمرة لكن التأخير إنما يجوز بشرط العزم على الفعل في المستقبل كما مر بيانه في الصلاة وأن لا يتضيق بنذر أو قضاء أو خوف عضب فلو خشي من وجب عليه الحج أو العمرة العضب حرم عليه التأخير لأن الواجب الموسع إنما يجوز تأخيره بشرط أن يغلب على الظن السلامة إلى وقت فعله .
قال في المجموع قال المتولي ومثله من خشي هلاك ماله . " .
وشرط صحته " أي ما ذكر من حج أو عمرة " الإسلام " فقط فلا يصح من كافر أصلى أو مرتد لعدم أهليته للعبادة ولو ارتد في أثناء نسكه بطل في الأصح فلا يمضي في فاسده .
وعبارة الكتاب ليست صريحة في نفي اشتراط ما عدا الإسلام ولذلك قيدته ب فقط مع أن المحرر قد صرح به فقال ولا يشترط لصحة الحج للشخص إلا الإسلام وقول الأذرعي من شروط الصحة أيضا الوقت والنية ممنوع في النية فإن النية من الأركان .
وأما الوقت أي اتساعه ففيه خلاف يأتي ولا يشترط في صحة ما ذكر تكليف . " .
فللولي " في المال ولو وصيا وقيما بنفسه وبمأذونه وإن لم يؤد الولي نسكه أو أحرم به . " .
أن يحرم عن الصبي الذي لا يميز " لما رواه مسلم عن ابن عباس أن النبي A لقي ركبا بالروحاء فرفعت امرأة إليه صبيا فقالت يا رسول الله ألهذا حج قال نعم ولك أجر وفي رواية أبي داود فأخذت بعضد صبي ورفعته من محفتها وجه الدلالة منه أن الصبي الذي يحمل بعضده ويخرج من المحفة لا تميز له . " .
و " أن يحرم عن " المجنون " قياسا على الصبي خلافا لكثير من العراقيين القائلين بالمنع وإن نقله الأذرعي عن الجمهور واختاره وفرق بأن الصبي من نوع من يصح عبادته فينوي الولي بقلبه جعل كل منهما محرما أو يقول أحرمت عنه .
ولا يشترط حضورهما ولا مواجهتهما بالإحرام ولا يصير الولي بذلك محرما .
وللولي أن يحرم عن المميز أيضا وإن أفهمت عبارته خلافه فلو عبر بقوله ولو لم يميز أو ميز كان أولى .
وله أن يأذن له في الإحرام ولا يصح إحرامه بغير إذن وليه كما سيأتي .
والمراد بالصبي والمجنون الجنس الصادق بالذكر والأنثى وأفهم كلام المصنف أنه لا يجوز لغير الولي كالجد مع وجود الأب الإحرام عمن ذكر وهو الصحيح .
وأجابوا عما يوهمه الحديث السابق من جواز إحرام الأم عنه باحتمال أنها كانت وصية أو أن الأجر الحاصل لها إنما هو أجر الحمل والنفقة إذ ليس في الحديث تصريح بأنها التي أحرمت به أو أن الولي أذن لها فإن للولي أن يأذن لمن يحرم عن الصبي كما علم مما مر وصرح به في زيادة الروضة .
ولو أحرم به الولي ثم أعطاه لمن يحضره الحج صح بلا خلاف وحيث صار الصبي غير المميز محرما فعلى الولي المذكور به وكذا بالمجنون ما لا يتأتى منه .
ولا يكفي فيه فعل الولي فقط بل لا بد من استصحابه معه فيطوف به ويسعى ولكن يركع عنه ركعتي الإحرام والطواف فإن أركبه الولي في الطواف والسعي فليكن سائقا أو قائدا للدابة فإن لم يفعل لم يصح طوافه .
قال الإسنوي والمتجه الجزم بوجوب طهارة الخبث وستر العورة في الطواف وقضيته أنه لا يشترط طهارة الحدث وهو الموافق لما مر في صفة الوضوء لكن قال الماوردي ينبغي أن يكون الولي والصبي متوضئين فيه .
فإن كان الصبي متوضئا دون الولي لم يجزه أو بالعكس فوجهان .
وكأنه اغتفر صحة وضوء غير المميز للضرورة كما اغتفرت صحة طهر المجنونة التي انقطع حيضها لتحل لحليلها المسلم .
ويؤخذ من التشبيه أن الولي ينوي عنه وهذا هو الظاهر .
ويحضر الولي من ذكر المواقف وجوبا في الواجبة وندبا في المندوبة .
فإن قدر من ذكر على الرمي رمى وجوبا فإن عجز عن تناول الأحجار ناولها له وليه .
فإن عجز عن الرمي استحب للولي أن يضع الحجر في يده ثم يرمي به بعد رميه عن نفسه فإن لم يكن رمى عن نفسه وقع الرمي عن نفسه وإن نوى به الصبي .
ولو فرط الصبي في شيء من أعمال الحج كان وجوب الدم في مال الولي .
ويجب عليه منعه من محظورات الإحرام فإن ارتكب منها شيئا وهو مميز وتعمد فعل ذلك فالفدية في مال الولي في الأظهر أما غير المميز فلا فدية في ارتكابه محظورا على أحد .
والنفقة الزائدة بسبب السفر في مال الولي في الأصح لأنه المورط له في ذلك وهذا بخلاف ما لو قبل للمميز نكاحا إذ المنكوحة قد تفوت والنسك يمكن تأخيره إلى البلوغ .
وفارق ذلك أجرة تعليمه ما ليس بواجب حيث وجبت في مال الصبي بأن مصلحة التعليم كالضرورة لأنه إذا لم يفعلها الولي في الصغر احتاج ( 1 / 462 ) الصبي إلى استدراكها بعد بلوغه بخلاف الحج وبأن مؤنة التعليم يسيرة غالبا .
وإذا جامع الصبي في حجه فسد وقضى ولو في الصبا كالبالغ المتطوع بجامع صحة إحرام كل منهما فيعتبر فيه لفساد حجه ما يعتبر في البالغ من كونه عامدا عالما بالتحريم مختارا مجامعا قبل التحللين .
قال الأصحاب ويكتب للصبي ثواب ما عمل من الطاعات ولا يكتب عليه معصية بالإجماع .
تنبيه .
تقييد المصنف بالصبي والمجنون يفهم أنه لا يصح الإحرام عن المغمى عليه وهو كذلك .
وسكت الشيخان عن الإحرام عن العبد وقال الإمام إن كان بالغا فليس للسيد أن يحرم عنه ومفهومه الجواز في الصغير قال ابن الرفعة والقياس أن يكون كتزويجه ا . ه " .
وظاهره عدم الصحة .
وقال الإسنوي رأيت في الأم الجزم بالصحة من غير تقييد بالصغير ثم ساق كلام الأم ويمكن حمل كلامه على الصغير فيتوافق الكلامان وهذا هو المعتمد . " .
وإنما تصح مباشرته من المسلم المميز " ولو صغيرا ورقيقا كسائر العبادات البدنية .
ويشترط إذن الولي للصغير الحر وإذن السيد للصغير الرقيق فإن لم يأذنا لهما واستقلا بالإحرام لم يصح على الأصح وقيل يصح ولكن لهما تحليلهما فلا تصح مباشرة مجنون وصبي غير مميز . " .
وإنما يقع عن حجة الإسلام " وعمرته " بالمباشرة " أو النيابة " إذا باشره " المسلم المكلف أي البالغ العاقل " الحر " وإن لم يكلف بالحج والمراد المكلف في الجملة لا بالحج ولهذا قال " فيجزىء حج الفقير " وكل عاجز إذا جمع الحرية والتكليف كما لو تكلف المريض حضور الجمعة أو الغني خطر الطريق وحج .
تنبيه .
قوله بالمباشرة تقييد مضر فإنه يشترط في وقوع الحج عن فرض الإسلام أن يكون الذي باشره مكلفا سواء أكان الحج للمباشر أم كان نائبا عن غيره كما قدرته في كلامه كالميت والمعضوب .
ولو تكلف الفقير الحج وأفسده ثم قضاه كفاه عن حجة الإسلام ولو تكلف أو أحرم بنفل وقع عن فرضه أيضا فلو أفسده ثم قضاه كان الحكم كذلك . " .
دون " حج " الصبي والعبد " إذا كملاه بعده بالإجماع كما نقله ابن المنذر ولقوله A أيما صبي حج ثم بلغ فعليه حجة أخرى وأيما عبد حج ثم عتق فعليه حجة أخرى رواه البيهقي بإسناد جيد كما في المجموع والمعنى فيه أن الحج وظيفة العمر لا يتكرر فاعتبر وقوعه في حال الكمال .
فإن كملا قبل الوقوف أو في أثنائه وأدركا بعد الكمال زمنا يعتد بمثله لا الوقوف أو بعده وعادا قبل فوات الوقوف أجزأهما لأنهما أدركا معظم العبادة فصار كإدراك الركوع وأعاد السعي منهما من كان قد سعى بعد القدوم لوقوعه في حال النقصان ويخالف الإحرام فإنه مستدام بعد الكمال .
ويؤخذ من ذلك أنه يجزئه عن فرضه أيضا إذا تقدم الطواف أو ألحق وأعاده بعد إعادة الوقوف وظاهر أنه تجب إعادته لتبين وقوعه في غير محله ولو كمل من ذكر في أثناء الطواف كان ككماله قبله كما في المجموع أي وأتى بما مضى قبل كماله بل ينبغي أنه لو كمل بعده ثم أعاده أنه يكفي كما لو أعاد الوقوف بعد الكمال كما يؤخذ من قول ابن المقري في روضه والطواف في العمرة كالوقوف في الحج ا . ه " .
قال الإسنوي وينبغي إذا كان عوده بعد الطواف أنه يجب عليه إعادته ثانيا كالسعي ولم أر المسألة مصرحا بها ا . ه " .
وهو حسن .
ووقوع الكمال في أثناء العمرة على هذا التفصيل أيضا والطواف فيها كالوقوف في الحج ولا دم على من ذكر بإتيانه الإحرام بعد الكمال وإن لم يعد إلى الميقات كاملا لأنه أتى بما في وسعه ولا إساءة عليه وحيث أجزأ من ذكر ما أتى به عن حجة الإسلام وعمرته وقع إحرامه أولا تطوعا وانقلب بعد الكمال فرضا على الأصح في المجموع في الصبي والرقيق والمجنون إذا حج عنه وليه ثم أفاق كبلوغ الصبي فيما ذكر كما في الكفاية وجزم به الإسنوي وغيره وإن كان في عبارة الروضة ما يوهم اشتراط الإفاقة عند الإحرام . " .
وشرط " أي وشروط " وجوبه " أي ما ذكر من حج أو عمرة " الإسلام والتكليف والحرية والاستطاعة " بالإجماع وقال تعالى " ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا " فلا يجب على كافر أصلي وجوب مطالبة به في الدنيا حتى لو أسلم وهو معسر بعد استطاعته في الكفر فإنه لا أثر لها بخلاف المرتد فإن النسك يستقر في ( 1 / 463 ) ذمته باستطاعته في الردة .
ولا على غير مكلف كسائر العبادات ولا على من فيه رق لأن منافعه مستحقة فليس مستطيعا ولا على غير المستطيع لمفهوم الآية .
وقد علم مما ذكر في الحج والعمرة أن لكل منهما خمس مراتب الصحة المطلقة وصحة المباشرة والوقوع عن النذر والوقوع عن فرض الإسلام والوجوب .
فيشترط مع الوقت الإسلام وحده للصحة ومع التمييز للمباشرة ومع التكليف للنذر ومع الحرية لوقوعه عن حجة الإسلام وعمرته ومع الاستطاعة للوجوب . " .
وهي " أي الاستطاعة " نوعان أحدهما استطاعة مباشرة " لحج أو عمرة بنفسه " ولها شروط " سبعة غالبها يؤخذ من قول المتن ولكن المصنف عدها أربعة فقال " أحدها وجود الزاد " الذي يكفيه " وأوعيته " حتى السفرة " ومؤنة " أي كلفة " ذهابه " لمكة " وإيابه " أي رجوعه منها إلى بلده وإن لم يكن له فيها أهل وعشيرة . " .
وقيل إن لم يكن له ببلده " بهاء الضمير " أهل " أي من تلزمه نفقتهم كالزوجة والقريب " وعشيرة " أي أقاربه ولو كانوا من جهة الأم أي لم يكن له واحد منهما " لم يشترط " في حقه " نفقة الإياب " لأن البلاد كلها بالنسبة إليه سواء .
والأصح الأول لما في الغربة من الوحشة والوجهان جاريان أيضا في الراحلة للرجوع .
تنبيه .
يدخل في المؤنة الزاد وأوعيته .
فلو اقتصر على المؤنة أغنى عنهما فهو من عطف العام على بعض أفراده .
ولو قال أهل أو عشيرة كما في الروضة لأغنى عما قدرته وكان أولى لأن وجود أحدهما كاف في الجزم باشتراط نفقة الإياب .
ومحل الخلاف إذا لم يكن له ببلده مسكن وما إذا كان له في الحجاز حرفة تقوم بمؤنته وإلا اشترطت نفقة الإياب بلا خلاف .
ولو عبر بمؤنة الإياب لكان أولى ليشمل الصور التي زدتها ونحوها .
قال الرافعي ولم يتعرضوا للمعارف والأصدقاء لتيسر استبدالهم . " .
فلو " لم يجد ما ذكر ولكن " كان يكتسب " في سفره " ما يفي بزاده " وباقي مؤنة " وسفره طويل " مرحلتان فأكثر " لم يكلف الحج " ولو كان يكسب في يوم كفاية أيام لأنه قد ينقطع عن الكسب لعارض وبتقدير عدم الانقطاع فالجمع بين تعب السفر والكسب فيه مشقة عظيمة . " .
وإن قصر " السفر كأن كان بمكة أو على دون مرحلتين منها " وهو يكتسب في يوم كفاية أيام " أي أيام الحج " كلف " الحج بأن يخرج له لقلة المشقة حينئذ بخلاف ما إذا كان يكسب في كل يوم ما يفي به فقط فلا يكلف لأنه قد ينقطع عن كسبه في أيام الحج .
وقدر في المجموع أيام الحج بما بين زوال سابع ذي الحجة وزوال ثالث عشره وهو في حق من لم ينفر النفر الأول فإن لم يجد زادا واحتاج أن يسأل الناس كره له اعتمادا على السؤال إن لم يكن له كسب وإلا منع بناء على تحريم المسألة للمكتسب كما بحثه الأذرعي .
ولو كان يقدر في الحضر على أن يكتسب في يوم ما يكفيه لذلك اليوم وللحج فهل يلزمه الاكتساب قال الإسنوي تفقها إذا كان السفر قصيرا لزمه لأنهم إذا ألزموه به في السفر ففي الحضر أولى وإن كان طويلا فكذلك لانتفاء المحذور ا . ه " .
والمتجه كما قال بعض المتأخرين خلافه في الطويل لأنه إذا لم يجب الاكتساب لإيفاء حق الآدمي فلإيجاب حق الله تعالى بل لإيفائه أولى .
والواجب في القصير إنما هو الحج لا الاكتساب فقد نقل الخوارزمي الإجماع على أن اكتساب الزاد والراحلة ليس بواجب وظاهره أنه لا فرق في ذلك بين الحضر والسفر وأنه لا فرق في السفر بين القصير والطويل . " .
الثاني من شروط الاستطاعة " وجود الراحلة " الصالحة لمثله بشراء أو استئجار بثمن أو أجرة المثل " لمن بينه وبين مكة مرحلتان " فأكثر قدر على المشي أم لا لكن يستحب للقادر على المشي الحج خروجا من خلاف من أوجبه .
وقضية كلام الرافعي أنه لا فرق في استحباب المشي بين الرجل والمرأة .
قال في المهمات وهو كذلك وهذا هو المعتمد وإن قال القاضي حسين لا يستحب للمرأة الخروج ماشية لأنها عورة وربما تظهر للرجال إذا كانت ماشية .
وعلى الأول ( 1 / 464 ) لوليها منعها كما قاله في التقريب .
والركوب لواجد الراحلة أفضل عند المصنف خلافا للرافعي اقتداء بالنبي A وأن يركب على قتيب أو رحل لا محمل وهودج .
والراحلة والهاء فيها للمبالغة وهي الناقة التي تصلح لأن ترحل .
ومراد الفقهاء بها كل ما يركب من الإبل ذكرا كان أو أنثى .
قال المحب الطبري وفي معنى الراحلة كل دابة أعتيد الحمل عليها في طريقه من برذون أو بغل أو حمار .
وإنما اعتبروا مسافة القصر هنا من مبدأ سفره إلى مكة لا إلى الحرم عكس ما اعتبروه في حاضر المسجد الحرام في المتمتع رعاية لعدم المشقة فيهما . " .
فإن لحقه بالراحلة مشقة شديدة " وضبطها الشيخ أبو حامد بما يوازي ضرره الضرر الذي بين الركوب والمشي .
وعبر غيره بما يخشى منه المرض .
قال الإمام وهما متقاربان بأن لا خلاف بينهما فيما أظن .
قال الأذرعي وفيه وقفة للمتأمل أو كان أنثى وإن لم يتضرر بها ومثلها الخنثى . " .
اشترط وجود محمل " بفتح ميمه الأولى وكسر الثانية بخط مؤلفه وقيل عكسه وهو الخشبة التي يركب فيها ببيع أو إجارة بعوض مثل دفعا للضرر في حق الرجل ولأنه أستر للأنثى وأحوط للخنثى .
قال الأذرعي ويحسن الضبط في حق الأنثى بما جرت به عادتها أو عادة أمثالها في سفرها الدنيوي وغاية الرفق أن يسلك بالعبادة مسلك العادة فإن كثيرا من نساء الأعراب والأكراد والتركمان كالرجال فإن الواحدة منهن تركب الخيل في السفر الطويل بلا مشقة ا . ه " .
ومع هذا فالستر منها مطلوب فإن لحق من ذكر في ركوب المحمل المشقة المذكورة اعتبر في حقه الكنيسة وهي أعواد مرتفعة في جوانب المحمل يكون عليها ستر دافع للحر والبرد . " .
واشترط شريك " أيضا مع وجود المحمل " يجلس في الشق الآخر " لتعذر ركوب شق لا يعاد له شيء فإن لم يجده لم يلزمه النسك وإن وجد مؤنة المحمل بتمامه أو كانت العادة جارية في مثله بالمعادلة بالأثقال كما هو ظاهر كلام الأصحاب وإن خالف بعضهم في ذلك لما عليه في ذلك من المشقة .
ويسن أن يكون لمريد النسك رفيق موافق راغب في الخير كاره للشر إن نسي ذكره وإن ذكر أعانه ويحمل كل منهما صاحبه ويرى له عليه فضلا وحرمة وإن رأى رفيقا عالما دينا كان ذاك هو الفضل العظيم .
وروى ابن عبد البر ابتغ الرفيق قبل الطريق فإن عرض لك أمر نصرك وإن احتجت إليه رفدك . " .
ومن بينه وبينها " أي مكة " دون مرحلتين وهو قوي على المشي يلزمه الحج " لعدم المشقة فلا يعتبر في حقه وجود الراحلة ما يتعلق بها .
وأشعر تعبيره بالمشي أنه لا يلزمه الحبو أو الزحف وإن أطاقهما وهو كذلك . " .
فإن ضعف " عن المشي بأن عجز أو لحقه ضرر ظاهر " فكالبعيد " عن مكة فيشترط في حقه وجود الراحلة وما يتعلق بها . " .
ويشترط كون " ما ذكر من " الزاد والراحلة " مع المحمل والشريك " فاضلين عن دينه " حالا كان أو مؤجلا سواء أكان لآدمي أم لله تعالى كنذر وكفارة .
ولو كان له في ذمة شخص مال فإن أمكن تحصيله في الحال فكالحاصل عنده وإلا فكالمعدوم . " .
و " عن " مؤنة " أي كلفة " من عليه نفقتهم مدة ذهابه وإيابه " لئلا يضيعوا وقد قال A كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت ولا بد أن يكون ذلك فاضلا عن دست ثوب يليق به ويؤخذ ذلك من قضاء الدين لتقدمه عليه .
تنبيه .
تعبير المصنف بالمؤنة يشمل النفقة والكسوة والخدمة والسكنى وإعفاف الأب وكذا أجرة الطبيب وثمن الأدوية حيث احتاج إليها القريب والمملوك فهي أولى من تعبير المحرر بالنفقة ولكن كان الأولى أن يقول من عليه مؤنتهم لأنه قد يقدر على النفقة فلا تجب على قريبه دون المؤنة فتجب وكلام الشيخين قد يوهم جواز الحج عند فقد مؤنة من عليه نفقته لأنهما جعلا ذلك شرطا للوجوب .
قال الإسنوي وليس كذلك بل لا يجوز حتى يترك لهم نفقة الذهاب والإياب وإلا فيكون مضيعا لهم قاله في الاستذكار وغيره . " .
والأصح اشتراط كونه " أي ما سبق جميعه ( 1 / 465 ) فاضلا " أيضا " عن مسكنه " اللائق به المستغرق لحاجته " و " عن " عبد " يليق به و " يحتاج إليه لخدمته " لمنصب أو عجز كما يستعان في الكفارة وعلى هذا لو كان معه نقد يريد صرفه إليهما مكن منه .
والثاني لا يشترط بل يباعان قياسا على الدين .
ومحل الخلاف إذا كانت الدار مستغرقة لحاجته وكانت سكنى مثله والعبد يليق به كما قررت به كلام المصنف .
فأما إذا أمكن بيع بعض الدار ولو غير نفيسة ووفى ثمنه بمؤنة الحج وكانا نفيسين لا يليقان بمثله ولو أبدلهما لو في التفاوت بمؤنة الحج فإنه يلزمه ذلك جزما ولو كانا مألوفين بخلافه في الكفارة لا يلزمه بيعهما في هذه الحالة لأن لها بدلا .
والأمة كالعبد ولو كانت للمتمتع .
قال الإسنوي وكلامهم يشمل المرأة المكفية بإسكان الزوج وإخدامه وهو متجه لأن الزوجية قد تنقطع فتحتاج إليهما وكذا المسكن للمتفقهة الساكنين ببيوت المدارس والصوفية بالربط ونحوهما ا . ه " .
والأوجه ما قاله ابن العماد من أن هؤلاء مستطيعون لاستغنائهم في الحال فإنه المعتبر ولهذا تجب زكاة الفطر على من كان غنيا ليلة العيد وإن لم يكن معه ما يكفيه في المستقبل .
ويؤيد ذلك أنهم لما تكلموا على استحباب الصدقة بما فضل عن حاجته قال الزركشي هناك إن المراد بالحاجة حاجة اليوم والليلة كما اقتضاه كلام الغزالي في الإحياء فلم يعتبروا حاجته في المستقبل .
ويشترط كون ما ذكر فاضلا أيضا عن كتب العالم إلا أن يكون له من تصنيف واحد نسختان فيبيع إحداهما وحكم خيل الجندي وسلاحه ككتب الفقيه كما قاله ابن الأستاذ وهذان يجريان في الفطرة .
والحاجة إلى النكاح لا تمنع الوجوب لكن الأفضل لخائف العنت تقديم النكاح ولغيره تقديم النسك . " .
و " الأصح " أنه يلزمه صرف مال تجارته إليهما " أي الزاد والراحلة وما يتعلق بهما ويلزم من له مستغلات يحصل منها نفقته أن يبيعها ويصرفها لما ذكر في الأصح كما يلزمه صرف ما ذكر في دينه ويخالف المسكن والخادم فإنه يحتاج إليهما في الحال وما نحن فيه من إنما يتخذ ذخيرة للمستقبل والثاني لا يلزمه ما ذكر لئلا يلتحق بالمساكين .
وإطلاق المصنف وغيره يقتضي أنه لا فرق بين أن يكون له كسب أو لا وهو كذلك وإن قال الإسنوي فيه بعده قال في الإحياء من استطاع الحج ولم يحج حتى أفلس فعليه الخروج إلى الحج وإن عجز للإفلاس فعليه أن يكتسب قدر الزاد فإن عجز فعليه الخروج ويسأل الزكاة والصدقة ويحج فإن لم يفعل ومات مات عاصيا . " .
الثالث " من شروط الاستطاعة " أمن الطريق " ولو ظنا في كل مكان بحسب ما يليق به " فلو خاف " في طريقه " على نفسه " أو عضوه أو نفس محترمة معه أو عضوها " أو ماله " ولو يسيرا وينبغي كما قال بعض المتأخرين تقييده بما لا بد منه للنفقة والمؤن .
أما إذا أراد استصحاب مال خطير للتجارة وكان الخوف لأجله فليس بعذر . " .
سبعا أو عدوا أو رصديا " بفتح الصاد المهملة وسكونها وهو من يرصد أي يرقب من يمر ليأخذ منه شيئا . " .
ولا طريق " له " سواء لم يجب الحج " عليه لحصول الضرر .
والمراد بالأمن الأمن العام حتى لو كان الخوف في حقه وحده قضى من تركته كما نقله البلقيني عن النص .
وجزم في الكفاية بأنه إذا كان الخوف في حق الواحد والنفر القليل لم يمنع الوجوب ولا فرق في الذي يخاف منه بين المسلمين والكفار لكن إن كانوا كفارا وأطاق الخائفون مقاومتهم سن لهم أن يخرجوا للنسك ويقاتلوهم لينالوا ثواب النسك والجهاد وإن كانوا مسلمين لم يسن لهم الخروج والقتال .
فإن قيل إذا كان الكفار مثلينا أو أقل لم لا يجب قتالهم كما صرحوا به في باب السير لأنه يحرم انصرافنا عنهم حينئذ أجيب بأن ذلك عند التقاء الصفين وهذا بخلافه .
ويكره بذل المال للرصدي لما فيه من التحريض على التعرض للناس سواء أكان مسلما أم كافرا .
فإن قيل قد قيدوا تخصيص الكراهة في باب الإحصار بالكافر .
أجيب بأن محلها هناك بعد الإحرام وبذل المال على المحرم أسهل من قتال المسلمين وهذا قبله فلم تكن حاجة لارتكاب الذل وعارض الكراهة هناك استمرار البقاء على الإحرام .
نعم إن كان المعطي هو الإمام أو نائبه وجب الحج نقله المحب الطبري عن الإمام .
قال في المهمات وسكت عن الأجنبي والقياس عدم الوجوب للمنة ا . ه " .
وهذا هو الظاهر خلافا لابن العماد .
أما إذا كان له طريق آخر آمن فإنه يلزمه سلوكه وإن كان أبعد من الأول . " .
والأظهر ( 1 / 466 ) وعبر في الروضة بالمذهب " وجوب ركوب البحر " بسكون الحاء ويجوز فتحها لمن لا طريق له وغيره ولو امرأة . " .
إن غلبت السلامة " في ركوبه كسلوك طريق البر عند غلبة السلامة فإن غلب الهلاك أو استوى الأمر إن لم يجب بل يحرم في الأول قطعا وفي الثاني على الصحيح في زيادة الروضة والمجموع لما فيه من الخطر .
والثاني لا يجب مطلقا لما فيه من الخوف والخطر وتعسر دفع عوارضه .
والثالث يجب مطلقا لإطلاق الأدلة .
وقيل يجب على الرجل دون المرأة وإذا لم نوجب ركوبه وجوزناه استحب للرجل دون المرأة على الأصح وإذا لم نجوزه فركبه لعارض فإن كان ما بين يديه أكثر مما قطعه فله الرجوع إلى وطنه أو ما بين يديه أقل أو تساويا فلا رجوع له بل يلزمه التمادي لقربه من مقصده في الأول واستواء الجهتين في حقه في الثاني .
وهذا بخلاف جواز تحلل المحرم إذا أحاط به العدو لأن المحصر محبوس وعليه في مصابرة الإحرام مشقة بخلاف راكب البحر نعم إن كان محرما كان كالمحصر .
فإن قيل كيف يصح القول بوجوب الذهاب ومنعه من الانصراف مع أن الحج على التراخي أجيب بأن صورة المسألة فيمن خشي العضب أو أحرم بالحج وضاق وقته أو نذر أن يحج تلك السنة أو أن المراد بذلك استقرار الوجوب هذا إن وجد بعد الحج طريقا آخر في البر وإلا فله الرجوع لئلا يتحمل زيادة الخطر بركوب البحر في رجوعه .
قال الأذرعي وما ذكروه من الكثرة والتساوي المتبادر منه النظر إلى المسافة وهو صحيح عند الاستواء في الخوف في جميع المسافة أما لو اختلف فينبغي أن ينظر إلى الموضع المخوف وغيره حتى لو كان أمامه أقل مسافة لكنه أخوف أو هو المخوف لا يلزمه التمادي وإن كان أقل مسافة ولكنه سليم وخلف المخوف وراءه لزمه ذلك ا . ه " .
وهو بحث حسن .
ولا خطر في الأنهار العظيمة كجيحون وسيحون والدجلة فيجب ركوبها مطلقا إذا تعين طريقا لأن المقام فيها لا يطول والخطر فيها لا يعظم لأن جانبها قريب يمكن الخروج إليه سريعا بخلاف البحر .
قال الأذرعي وكان التصوير فيما إذا كان يقطعها عرضا أما لو كان السير فيها طولا فهي في كثير من الأوقات كالبحر وأخطر ا . ه " .
وهو كما قال خصوصا أيام زيادة النيل وقد قال تعالى " وما جعل عليكم في الدين من حرج " " .
و " الأظهر " أنه يلزمه أجرة البذرقة " وهي بموحدة مفتوحة وذال ساكنة معجمة ومهملة عجمية معربة الخفارة لأنها أهبة من أهب الطريق مأخوذة بحق فكانت كأجرة الدليل إذا لم يعرف الطريق إلا به .
والمراد أنه إذا وجد من يأخذ منه أجرة المثل ويخفره بحيث يأمن معه في غالب الظن وجب استئجاره على الأصح كما في الروضة وغيرها عن الإمام وصححه ابن الصلاح وقال السبكي إنه ظاهر في الدليل وإن كانت عبارة الأكثرين مشعرة بخلافه .
والثاني وأجاب به العراقيون والقاضي وجزم به في التنبيه وأقره المصنف في تصحيحه ونقله ابن الرفعة عن النص لا تلزمه لأنها خسران لدفع الظلم فأشبه التسليم إلى الظالم فلا يجب الحج مع طلبها .
ومع هذا فالمعتمد الأول .
تنبيه .
تبع المصنف المحرر في حكاية الخلاف في هذه المسألة قولين ولكن الذي في المجموع والروضة كأصلها وجهان . " .
ويشترط " في وجوب النسك " وجود الماء والزاد في المواضع المعتاد حمله منها بثمن المثل " فإن لم يوجدا أو أحدهما كأن كان عام جدب وخلا بعض المنازل من أهلها أو انقطعت المياه أو وجد بأكثر من ثمن المثل لم يلزمه النسك لأنه إن لم يحمل ذلك معه خاف على نفسه وإن حمله عظمت المؤنة إلا أن تكون زيادة يسيرة فتغتفر .
ولا يجري فيه الخلاف في شراء الماء للطهارة لأن الطهارة لها بدل بخلاف الحج قاله الدميري . " .
وهو " أي ثمن المثل " القدر اللائق به في ذلك الزمان والمكان " وإن غلت الأسعار .
قال الرافعي ويجب حمل الماء والزاد بقدر ما جرت العادة به في طريق مكة كحمل الزاد من الكوفة إلى مكة وحمل الماء من مرحلتين أو ثلاث .
قال الأذرعي وكان هذا عادة طريق العراق وإلا فعادة الشام حمله غالبا بمفازة تبوك وهي ضعف ذلك ا . ه " .
وكذا عادة أهل مصر حمله إلى العقبة ( 1 / 467 ) والضابط العرف والظاهر اختلافه باختلاف النواحي . " .
و " وجود " علف الدابة " بفتح اللام " في كل مرحلة " لأن المؤنة تعظم بحمله لكثرته .
قال في المجموع وينبغي اعتبار العادة كالماء قال الأذرعي وغيره وهو متعين وإلا لما لزم آفاقيا الحج أصلا فإن عدم شيئا مما ذكر في بعض الطريق جاز له الرجوع ولو جهل المانع وثم أصل استحب وإلا وجب الخروج .
ويتبين لزوم الخروج بتبين عدم المانع فلو ظن كون الطريق فيه مانع فترك الخروج ثم بان أن لا مانع لزمه النسك .
ويشترط أيضا كما في التنبيه أن يكون قد بقي من الوقت ما يتمكن فيه من السير المعتاد لأداء النسك وهذا هو المعتمد كما نقله الرافعي عن الأئمة وإن اعترضه ابن الصلاح بأنه يشترط لاستقراره لا لوجوبه فقد صوب المصنف ما قاله الرافعي وقال السبكي إن نص الشافعي أيضا يشهد له .
ولا بد من وجود رفقة يخرج معهم في الوقت الذي جرت عادة أهل بلده الخروج فيه وأن يسيروا السير المعتاد فإن خرجوا قبله أو أخروا الخروج بحيث لا يصلون إلى مكة إلا بأكثر من مرحلة في كل يوم أو كانوا يسيرون فوق العادة لم يلزمه الخروج هذا إن احتاج إلى الرفقة لدفع الخوف فإن أمن الطريق بحيث لا يخاف الواحد فيها لزمه ولا حاجة للرفقة ولا نظر إلى الوحشة بخلافها فيما مر في التيمم لأنه لا بدل لما هنا بخلافه ثم . " .
و " يشترط " في " وجوب نسك " المرأة " زائدا على ما تقدم في الرجل " أن يخرج معها زوج أو محرم " لها بنسب أو غيره " أو نسوة " بكسر النون وضمها جميع امرأة من غير لفظها " ثقات " لأن سفرها وحدها حرام وإن كانت في قافلة لخوف استمالها وخديعتها ولخبر الصحيحين لا تسافر المرأة يومين إلا ومعها زوجها أو ذو محرم وفي رواية فيهما لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم .
ولم يشترطوا في الزوج والمحرم كونهما ثقتين كما قالوا نسوة ثقات وهو في الزوج واضح .
وأما في المحرم فسببه كما في المهمات أن الوازع الطبيعي أقوى من الشرعي .
وكالمحرم عبدها الأمين والممسوح .
وشرط العبادي في المحرم أن يكون بصيرا ويقاس به غيره .
وينبغي كما قاله بعض المتأخرين عدم الاكتفاء بالصبي إذ لا يحصل لها معه الأمن على نفسها إلا في مراهق ذي وجاهة بحيث يحصل معه الأمن لاحترامه .
وأفهم تقييده في النسوة بالثقات أنه لا يكفي غير الثقات وهو ظاهر في غير المحارم لعدم الأمن وأنه يعتبر بلوغهن وهو ظاهر لخطر السفر إلا أن يكن مراهقات .
فيظهر الإكتفاء بهن كما قاله بعض المتأخرين وأنه يعتبر ثلاث غيرها .
قال الإسنوي وهو بعيد لا معنى له بل المتجه الاكتفاء بأقل الجمع وهو ثلاث .
وقال الأذرعي قضية كلام الأكثرين الإكتفاء بالمرأتين لأنهن يصرن ثلاثا ولا شك فيه عند من يكتفي باجتماع نسوة لا محرم لإحداهن كما هو الأصح ا . ه " .
وهذا ظاهر لانقطاع الأطماع عنهن عند اجتماعهن .
ولا يجب الخروج مع امرأة واحدة .
تنبيه .
ما جزم به المصنف من اشتراط النسوة هو شرط للوجوب أما الجواز فيجوز لها أن تخرج لأداء حجة الإسلام مع المرأة الثقة على الصحيح في شرحي المهذب ومسلم .
قال الإسنوي فافهمهما فإنهما مسألتان إحداهما شرط وجوب حجة الإسلام والثانية شرط جواز الخروج لأدائها وقد اشتبهتا على كثير حتى توهموا اختلاف كلام المصنف في ذلك .
وكذا يجوز لها الخروج وحدها إذا أمنت وعليه حمل ما دل من الأخبار على جواز السفر وحدها .
أما حج التطوع وغيره من الأسفار التي لا تجب فليس للمرأة أن تخرج إليه مع امرأة بل ولا مع النسوة الخلص كما قاله في المجموع وصححه في أصل الروضة لكن لو تطوعت بحج ومعها محرم فمات فلها إتمامه قاله الروياني .
ولها الهجرة من بلاد الكفر وحدها .
ويشترط في الخنثى المشكل محرم من الرجال أو النساء لا أجنبيات كذا نقله في المجموع في باب الأحداث عن أبي الفتوح وأقره .
قال الإسنوي وما قاله في الأجنبيات لا يستقيم فإن الصحيح المشهور جواز خلوة الرجل بنسوة وقد ذكره هو قبيل هذا بقليل على الصواب .
قال الأذرعي والأمرد الجميل إذا خاف على نفسه ينبغي أن يشترط في حقه ما يأمن معه على نفسه من قريب ونحوه ولم أر فيه نقلا ا . ه " .
وهذا ظاهر . " .
والأصح أنه لا يشترط وجود محرم " أو زوج كما في المجموع " لإحداهن " لما مر .
والثاني يشترط لأنه قد ينو بهن أمر فيستعن ( 1 / 468 ) به . " .
و " الأصح " أنه يلزمها أجرة المحرم إذا لم يخرج " معها " إلا بها " إذا كانت أجرة المثل كأجرة البذرقة وأولى باللزوم لأن الداعي إلى التزام هذه المؤنة معني فيها فأشبه مؤنة الحمل المحتاج إليه .
وأجرة الزوج كالمحرم كما صرح به في الحاوي الصغير .
وفي أجرة النسوة نظر للإسنوي والمتجه إلحاقهن بالمحرم .
وليس للمرأة حج التطوع إلا بإذن الزوج وكذا السفر للفرض في الأصح ولو امتنع محرمها في الخروج بالأجرة لم يجبر كما قاله الرافعي في باب حد الزنا .
نعم لو كان عبدها محرما لها كان لها إجباره وكذا لا يجبر الزوج .
قال الأذرعي نعم إن كان قد أفسد حجها ووجب عليه الإحجاج بها لزمه ذلك بلا أجرة .
فإن قيل ما فائدة لزوم الأجرة عليها مع أن الحج على التراخي أجيب بأن فائدة ذلك التقضية بعد الموت ووجب القضاء عنها من تركها أو تكون نذرت الحج في سنة معينة أو خشيت العضب فإن لم تقدر المرأة عليها لم يلزمها النسك . " .
الرابع " من شروط الاستطاعة " أن يثبت على الراحلة " ولو في محمل ونحوه " بلا مشقة شديدة " فمن لم يثبت عليها أصلا أو ثبت في محمل عليها لكن بمشقة شديدة ككبر أو غيره انتفى عنه استطاعة المباشرة ولا تضر مشقة تحتمل في العادة . " .
وعلى الأعمى الحج " والعمرة " إن وجد " مع ما مر " قائدا " يقوده ويهديه عند نزوله ويركبه عند ركوبه . " .
وهو " في حقه " كالمحرم في حق المرأة " فيأتي فيه ما مر ولو أمكن مقطوع الأطراف الثبوت على الراحلة لزمه بشرط وجود معين له .
والمراد بالراحلة هنا البعير بمحمل أو غيره خلاف الراحلة فيما سبق فإنها البعير الخالي عن المحمل . " .
والمحجور عليه بسفه كغيره " في وجوب النسك عليه لأنه مكلف فيصح إحرامه وينفق عليه من ماله . " .
لكن لا يدفع المال إليه " لئلا يبدده " بل يخرج معه الولي " بنفسه إن شاء لينفق عليه في الطريق بالمعروف " أو ينصب شخصا له " ثقة ينوب عن الولي ولو بأجرة مثله إن لم يجد متبرعا كافيا لينفق عليه في الطريق بالمعروف والظاهر أن أجرته كأجرة من يخرج مع المرأة .
فإن قيل ينبغي إذا قصرت مدة السفر أن يدفع إليه النفقة لقولهم في الوصايا وغيرها إن للولي أن يسلمه نفقة أسبوع فأسبوع إذا كان لا يتلفها . " .
ويشترط " في وجوب النسك " وجود الماء والزاد في المواضع المعتاد حمله منها بثمن المثل " فإن لم يوجدا أو أحدهما كأن كان عام جدب وخلا بعض المنازل من أهلها أو انقطعت المياه أو وجد بأكثر من ثمن المثل لم يلزمه النسك لأنه إن لم يحمل ذلك معه خاف على نفسه وإن حمله عظمت المؤنة إلا أن تكون زيادة يسيرة فتغتفر .
أجيب بأن الولي في الحضر يراقبه فإن أتلفها أنفق عليه بخلاف السفر فربما أتلفها ولا يجد من ينفق عليه فيضيع .
قال الأذرعي وغيره هذا إذا أنفق عليه من مال نفسه فإن تبرع الولي بالإنفاق عليه وأعطاه السفيه من غير تمليك فلا منع منه .
تنبيه .
يشترط أن توجد هذه المعتبرات في إيجاب الحج في الوقت .
فلو استطاع في رمضان مثلا ثم افتقر في شوال فلا استطاعة وكذا لو افتقر بعد حجهم وقبل رجوع من يعتبر في حقه الذهاب والإياب . " .
النوع الثاني استطاعة تحصيله " أي الحج لا بالمباشرة بل " بغيره فمن مات وفي ذمته حج " واجب مستقر بأن تمكن بعد استطاعته من فعله بنفسه أو بغيره وذلك بعد انتصاف ليلة النحر ومضى إمكان الرمي والطواف والسعي إن دخل الحاج بعد الوقوف ثم مات أثم ولو شابا وإن لم ترجع القافلة . " .
وجب الإحجاج عنه " ولو كان قضاء أو نذرا أو مستأجرا عليه في ذمته وزاد على المحرر قوله " من تركته " وهو متعين كما يقضي منها دينه لرواية البخاري عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن امرأة من جهينة جاءت إلى رسول الله A فقالت إن أمي نذرت أن تحج فماتت قبل أن تحج أفأحج عنها قال نعم حجي عنها أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته قالت نعم قال اقضوا دين الله فالله أحق بالوفاء ولفظ النسائي أن رجلا قال يا رسول الله إن أبي مات ولم يحج أفأحج عنه قال أرأيت لو كان على أبيك دين أكنت قاضيه قال نعم قال فدين الله أحق بالوفاء فشبه الحج بالدين الذي لا يسقط بالموت فوجب أن يتساويا في الحكم ولأنه إنما جوز له ( 1 / 469 ) التأخير لا التفويت .
وإنما لم يأت إذا مات في أثناء وقت الصلاة في وقت يسعها لأن آخر وقتها معلوم فلا تقصير ما لم يؤخره عنه والإباحة في الحج بشرط المبادرة قبل الموت .
وإذا مات قبل فعله أشعر الحال بالتقصير واعتبار إمكان الرمي نقله في الروضة عن التهذيب وأقره .
قال الإسنوي ولا بد من زمن يسع الحلق أو التقصير بناء على أنه ركن ويعتبر الأمن في السير إلى مكة للطواف ليلا ا . ه " .
ولو تمكن من الحج سنين فلم يحج ثم مات أو عضب فعصيانه من السنة الأخيرة من سني الإمكان لجواز التأخير إليها فيتبين بعد موته أو عضبه فسقه في السنة الأخيرة بل وفيما بعدها في المعضوب أي إن لم يحج عنه فلا يحكم بشهادته بعد ذلك .
وينقض ما شهد به في السنة الأخيرة بل وفيما بعدها في المعضوب إلى ما ذكر كما في نقض الحكم بشهود بان فسقهم .
فإن حج عنه الوارث بنفسه أو باستئجار سقط الحج عن الميت ولو فعله الأجنبي جاز ولو بلا إذن كما له أن يقضي دينه بلا إذن ذكر ذلك في المجموع .
بخلاف الصوم فلا بد فيه من إذن كما مر لأنه عبادة بدنية محضة بخلاف الحج فإن لم يخلف تركة لم يجب على أحد أن يحج عنه لا على الوارث ولا في بيت المال .
فإن لم يتمكن من الأداء بعد الوجوب كأن مات أو جن أو تلف ماله قبل حج الناس لم يقض من تركته على الأصح والعمرة في ذلك كله كالحج .
فإن قيل يستثنى من إطلاق المصنف ما لو لزمه الحج ثم ارتد ومات مرتدا فإنه لا يقضي من تركته على الصحيح أو الصواب لأنه لو صح لوقع عنه .
أجيب بأن ذلك خرج بقوله من تركته لأنه إذا مات على الردة لا تركة له على الأظهر لأنه تبين زوال ملكه بالردة . " .
والمعضوب " بضاد معجمة من العضب وهو القطع كأنه قطع عن كمال الحركة وبصاد مهملة كأنه قطع عصبه .
ووصفه المصنف بقوله " العاجز عن الحج بنفسه " حالا أو مآلا لكبر أو زمانة أو غير ذلك .
وهذه الصفة صفة كاشفة في معنى التفسير للمعضوب وليست خبرا له بل الخبر جملتا الشرط والجزاء في قوله " إن وجد أجرة من يحج عنه بأجرة المثل " أي مثل مباشرته أي فما دونها . " .
لزمه " الحج بها لأنه مستطيع بغيره لأن الاستطاعة كما تكون بالنفس تكون ببذل المال وطاعة الرجال ولهذا يقال لمن لا يحسن البناء إنك مستطيع بناء دارك إذا كان معه ما يفي ببنائها .
وإذا صدق عليه أنه مستطيع وجب عليه الحج للآية وفي الصحيحين أن امرأة من خثعم قالت يا رسول الله إن فريضة الله تعالى على عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه قال نعم وذلك في حجة الوداع .
نعم إن كان بمكة أو بينه وبينها دون مسافة القصر لزمه أن يحج بنفسه لقلة المشقة عليه نقله في المجموع عن المتولي وأقره .
قال السبكي ولك أن تقول إنه قد لا يمكنه الإتيان به فيضطر إلى الاستنابة ا . ه " .
وهذا ظاهر .
تنبيه .
لو لم يجد إلا أجرة ماش قيل لا يلزمه الاستئجار إذا كان السفر طويلا كما لا يكلف الخروج ماشيا والأصح اللزوم لأنه لا مشقة عليه في مشي غيره إلا إذا كان أصلا أو فرعا كما يؤخذ مما سيأتي في المطاع .
وكلام المصنف قد يفهم أن المعضوب لو استأجر من يحج عنه فحج عنه ثم شفي أنه يجزئه والأصح عدم الإجزاء ولا يقع الحج عنه على الأظهر فلا يستحق الأجير الأجرة كما رجحاه هنا وإن رجحا قبله بيسير أنه يستحق فقد قال في المهمات إن المذكور هنا هو الصواب . " .
ويشترط كونها " أي الأجرة السابقة " فاضلة عن الحاجات المذكورة فيمن حج بنفسه " وتقدم بيانها .
قال الإسنوي وما قاله في الأجنبيات لا يستقيم فإن الصحيح المشهور جواز خلوة الرجل بنسوة وقد ذكره هو قبيل هذا بقليل على الصواب . " .
لكن لا يشترط نفقة العيال " ولا غيرها من مؤنهم " ذهابا وإيابا " لأنه إذا لم يفارق أهله يمكنه تحصيل نفقتهم ونفقته كنفقتهم كما حكاه ابن الرفعة عن البندنيجي وأقره .
نعم يشترط كون الأجرة فاضلة عن مؤنتها من نفقة وكسوة وغير ذلك وعن مؤنته يوم الاستئجار ولو عبر بالمؤنة بدل النفقة لكان أولى ليشمل ما زدته . " .
ولو " وجد دون الأجرة ورضي به أجير لزمه الاستئجار لأنه مستطيع والمنة فيه ليست كالمنة في المال .
فلو لم يجد أجرة و " بذل " بالمعجمة أي أعطى له " ولده أو أجنبي مالا للأجرة لم يجب قبوله في الأصح " لما في قبول المال من المنة والثاني يجب كبذل الطاعة .
والخلاف في الأجنبي مرتب على الخلاف ( 1 / 470 ) في الابن وأولى بأن لا يجب قاله في البيان .
والأب كالابن في أصح احتمالين للإمام والاحتمال الآخر أنه كالأجنبي .
وعلى الأول لو كان الولد المطيع عاجزا عن الحج أيضا وقدر على أن يستأجر له من يحج وبذل له ذلك وجب على المبذول له كما نقله في الكفاية عن البندنيجي وجماعة .
وفي المجموع عن تصحيح المتولي لو استأجر المطيع إنسانا للحج عن المطاع والمعضوب فالمذهب لزومه إن كان المطيع ولدا لتمكنه فإن كان المطيع أجنبيا ففيه وجهان ا . ه " .
ومقتضى كلام الشيخ أبي حامد لزومه وكلام البغوي عدم لزومه وهو الظاهر كما اعتمده الأذرعي وكلام المصنف يقتضيه .
وكالولد في هذا الوالد . " .
ولو بذل الولد " وإن سفل ذكرا كان أو أنثى " الطاعة " في النسك بنفسه " وجب قبوله " وهو الإذن له في ذلك لأن المنة في ذلك ليست كالمنة في المال لحصول الاستطاعة فإن امتنع لم يأذن الحاكم عنه على الأصح لأن الحج مبني على التراخي . " .
وكذا الأجنبي " لو بذل الطاعة يجب قبوله " في الأصح " لما ذكر .
والأب والأم في بذل الطاعة كالأجنبي ومحل اللزوم إذا وثق بهم ولم يكن عليهم حج ولو نذرا وكانوا ممن يصح منهم فرض حجة الإسلام ولم يكونوا معضوبين .
ولو توسم الطاعة من واحد منهم لزمه أمره كما يقتضيه كلام الأنوار وغيره ولا يلزم الولد طاعته كما في المجموع بخلاف إعفافه لأنه لا ضرر هنا على الوالد بامتناع ولده من الحج لأنه حق للشرع فإذا عجز عنه لا يأثم ولا يجب عليه بخلافه ثم فإنه لحق الوالد وضرره عليه فهو كالنفقة قاله في المجموع .
ولو كان الابن وإن سفل أو الأب وإن علا ماشيا أو كان كل منهما ومن الأجنبي معولا على الكسب أو السؤال ولو راكبا أو كان كل منهما مغرورا بنفسه بأن كان يركب مفازة ليس فيها كسب ولا سؤال لم يلزمه قبول في ذلك لمشقة مشي من ذكر عليه بخلاف مشي الأجنبي .
والكسب قد ينقطع والسائل قد يرد والتغرير بالنفس حرام .
وتقدم أن القادر على المشي والكسب في يوم كفاية أيام لا يعذر في السفر القصير فينبغي كما قال الأذرعي وجوب القبول في المكي ونحوه .
ولو رجع المطيع ولو بعد الإذن له عن طاعته قبل إحرامه جاز لأنه متبرع بشيء لم يتصل به الشروع أو بعده فلا لانتفاء ذلك وإذا رجع في الأولى قبل أن يحج أهل بلده تبينا أنه لم يجب على المطاع .
ولو امتنع المعضوب من الاستئجار لمن يحج عنه أو من استنابة المطيع لم يلزمه الحاكم بذلك ولم ينب عنه فيه وإن كان الاستئجار والاستنابة واجبين على الفور في حق من عضب مطلقا في الإنابة وبعد يساره في الاستئجار لأن مبنى الحج على التراخي كما مر ولأنه لا حق فيه للغير بخلاف الزكاة .
ولو مات المطيع أو رجع عن الطاعة أو مات المطاع فإن كان بعد إمكان الحج استقر الوجوب في ذمة المطاع وإلا فلا ولو كان له مال أو مطيع ولم يعلم بالمال ولا بطاعة المطيع ثم علم بذلك وجب عليه الحج اعتبارا بما نفس الأمر .
وتجوز النيابة في حج التطوع وعمرته كما في النيابة عن الميت إذا أوصى بذلك ويجوز أن يحج عنه بالنفقة وهي قدر الكفاية كما يجوز بالإجارة والجعالة وإن استأجر بها لم يصح لجهالة العوض .
ولو قال المعضوب من يحج عني فله مائة درهم فمن حج عنه ممن سمعه أو سمع من أخبر عنها استحقها فإن أحرم عنه اثنان مرتبا استحقها الأول فإن أحرما معا أو جهل السابق منهما مع جهل سبقه أو بدونه وقع حجهما عنهما ولا شيء لهما على القائل إذ ليس أحدهما بأولى من الآخر ولو علم سبق أحدهما ثم نسي فقياس نظائره ترجيح الوقف .
ولو كان العوض مجهولا كأن قال من حج عني فله ثوب وقع الحج عنه بأجرة المثل .
خاتمة الاستئجار فيما ذكر ضربان استئجار عين واستئجار ذمة فالأول ك استأجرتك لتحج عني أو عن ميتي هذه السنة فإن عين غير السنة الأولى لم يصح العقد وإن أطلق صح وحمل على السنة الحاضرة فإن كان لا يصل إلى مكة إلا لسنتين فأكثر فالأولى من سني إمكان الوصول .
ويشترط لصحة العقد قدرة الأجير على الشروع في العمل واتساع المدة له والمكي ونحوه يستأجر في أشهر الحج .
الضرب الثاني كقوله ألزمت ذمتك تحصيل حجة ويجوز الاستئجار في هذا الضرب على المستقبل فإن أطلق حمل على الحاضرة فيبطل إن ضاق الوقت ولا يشترط قدرته على السفر لإمكان الاستنابة في إجارة الذمة .
ولو قال ألزمت ذمتك لتحج عني بنفسك صح ويكون إجارة عين .
ويشترط ( 1 / 471 ) معرفة العاقدين أعمال الحج ولا يجب ذكر الميقات ويحمل عند الإطلاق على الميقات الشرعي .
ولو استأجر للقران فالدم على المستأجر فإن شرطه على الأجير بطلت الإجارة .
ولو كان المستأجر للقران معسرا فالصوم الذي هو بدل الدم على الأجير لأن بعضه وهو الأيام الثلاثة في الحج والذي في الحج منهما هو الأجير وجماع الأجير مفسد للحج وتنفسخ به إجارة العين لا إجارة الذمة لأنها تختص بزمان وينقلب فيهما الحج للأجير لأن الحج المطلوب لا يحصل بالحج الفاسد فانقلب له كمطيع المعضوب إذا جامع فسد حجه وانقلب له وعليه أن يمضي في فاسده وعليه الكفارة .
وعليه في إجارة الذمة أن يأتي بعد القضاء عن نفسه بحج آخر للمستأجر في عام آخر أو يستنيب من يحج عنه في ذلك العام أو في غيره وللمستأجر فيها الخيار في الفسخ على التراخي لتأخر المقصود .
ويسقط فرض من حج أو اعتمر بمال حرام كمغصوب وإن كان عاصيا كما في الصلاة في مغصوب أو ثوب حرير . "