والتطوع التقرب إلى الله تعالى بما ليس بفرض من العبادات وتعبير المصنف هنا به وفي الصلاة بالنفل موافق لقوله تعالى " ومن تطوع خيرا " الآية " ومن الليل فتهجد به نافلة لك " .
ولا شك أن الصوم من أفضل العبادات ففي الصحيحين من صام يوما في سبيل الله باعد الله تعالى وجهه عن النار سبعين خريفا وفي الحديث كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به واختلفوا في معناه على أقوال تزيد على خمسين قولا .
قال السبكي من أحسنها قول سفيان بن عيينة إنه يوم القيامة يتعلق خصماء المرء بجميع أعماله إلا الصوم فإنه لا سبيل لهم عليه فإنه إذا لم يبق إلا الصوم يتحمل الله تعالى عنه ما بقي من المظالم ويدخله بالصوم الجنة .
قال بعضهم وهذا مردود بحديث مسلم عن أبي هريرة أن النبي A قال أتدرون من المفلس ثم ذكر أنه رجل يأتي يوم القيامة وقد ظلم هذا وسفك دم هذا وانتهك عرض هذا ويأتي وله صلاة وزكاة وصوم ( 1 / 446 ) قال فيأخذ هذا بكذا إلى أن قال وهذا بصومه فدل على أنه يؤخذ في المظالم .
وهو ينقسم إلى قسمين قسم لا يتكرر كصوم الدهر وقسم يتكرر في أسبوع أو سنة أو شهر .
وقد شرع في الأول من القسم الثاني فقال " يسن صوم الاثنين و " صوم " الخميس " لأنه A كان يتحرى صومهما وقال إنهما يومان تعرض فيهما الأعمال فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم رواه الترمذي وقال حديث حسن .
والمراد عرضها على الله تعالى وأما رفع الملائكة لها فإنه في الليل مرة وفي النهار مرة ولا ينافي هذا رفعها في شعبان كما في خبر مسند أحمد أنه A سئل عن إكثار الصوم في شعبان فقال إنه شهر ترفع فيه الأعمال فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم لجواز رفع أعمال الأسبوع مفصلة وأعمال العام جملة .
وقال السهيلي إن النبي A قال لبلال لا يفتك صيام الإثنين فإني ولدت فيه وبعثت فيه وأموت فيه أيضا .
وأغرب الحليمي فعد من المكروه اعتياد صوم يوم بعينه كالإثنين والخميس لأن في ذلك تشبيها برمضان .
وسمي ما ذكر يوم الإثنين لأنه ثاني الأسبوع والخميس لأنه خامسه كذا ذكره المصنف ناقلا له عن أهل اللغة قال الإسنوي فيعلم منه أن أول الأسبوع الأحد ونقله ابن عطية عن الأكثرين وسيأتي في باب النذر أن أوله السبت وقال السهيلي إنه الصواب وقول العلماء كافة إلا ابن جرير .
وجمع الإثنين أثانين والخميس أخمساء وأخمسة وأخاميس .
ثم شرع في الثاني منه فقال " و " صوم يوم " عرفة " وهو تاسع ذي الحجة لغير الحاج لخبر مسلم صيام يوم عرفة احتسب على الله أنه يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده .
وهو أفضل الأيام لخبر مسلم ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه " عبدا " من النار من يوم عرفة .
وأما قوله A خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة فمحمول على غير يوم عرفة بقرينة ما ذكر .
قال الإمام والمكفر الصغائر دون الكبائر .
قال صاحب الذخائر وهذا منه تحكم يحتاج إلى دليل والحديث عام وفضل الله واسع لا يحجر .
وقال ابن المنذر في قوله A من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه .
هذا قول عام يرجى أنه يغفر له جميع ذنوبه صغيرها وكبيرها .
قال الماوردي وللتكفير تأويلان أحدهما الغفران والثاني العصمة حتى لا يعصي .
ويسن أيضا صوم الثمانية أيام قبل يوم عرفة كما صرح به في الروضة ولم يخصه بغير الحاج فيسن صومها للحاج وغيره .
أما الحاج فلا يسن له صوم يوم عرفة بل يسن له فطره وإن كان قويا للاتباع رواه الشيخان وليقوى على الدعاء فصومه له خلاف الأولى بل في مكث التنبيه للمصنف أنه مكروه وفيها كالمجموع أنه يسن صومه لحاج لم يصل عرفة إلا ليلا لفقد العلة .
هذا كله في غير المسافر والمريض أما هما فيسن لهما فطره مطلقا كما نص عليه الشافعي في الإملاء . " .
و " صوم " عاشوراء " وهو عاشر المحرم لقوله A فيه أحتسب على الله تعالى أن يكفر السنة التي قبله .
وإنما لم يجب صومه للأخبار الدالة بالأمر بصومه لخبر الصحيحين إن هذا اليوم يوم عاشوراء ولم يكتب عليكم صيامه فمن شاء فليصم ومن شاء فليفطر وحملوا الأخبار الواردة بالأمر بصومه على تأكد الاستحباب " .
فائدة : .
الحكمة في كون صوم يوم عرفة بسنتين وعاشوراء بسنة أن عرفة يوم محمدي يعني أن صومه مختص بأمة محمد A وعاشوراء يوم موسوي ونبينا محمد A أفضل الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين فكان يومه بسنتين . " .
و " صوم " تاسوعاء " وهو تاسع المحرم لقوله A لئن بقيت إلى قابل لأصومن اليوم التاسع فمات قبله رواه مسلم وحكمة صوم يوم تاسوعاء مع عاشوراء الاحتياط له لاحتمال الغلط في أول الشهر ولمخالفة اليهود فإنهم يصومون العاشر والاحتراز من إفراده بالصوم كما في يوم الجمعة .
فإن لم يصم معه تاسوعاء سن أن يصوم معه الحادي عشر بل نص الشافعي في الأم والإملاء على استحباب صوم الثلاثة وعاشوراء وتاسوعاء ممدودان على المشهور .
ثم شرع في الثالث منه فقال " و " صوم " أيام " الليالي " البيض " وهو اليوم الثالث عشر وتالياه للأمر بصومها في النسائي وصحيح ابن حبان .
والحكمة في ذلك أن الحسنة بعشرة أمثالها فصومها كصوم الشهر ومن ثم سن صوم ثلاثة من كل ( 1 / 447 ) شهر ولو غير أيام البيض كما في البحر وغيره .
قال السبكي والحاصل أنه يسن صوم ثلاثة وأن تكون أيام البيض فإن صامها أتى بالسنتين والأحوط صوم الثاني عشر معها أيضا للخروج من خلاف من قال إنه أول الثلاثة .
وسميت هذه الأيام بذلك لأنها تبيض بطلوع القمر من أولها لآخرها ويستثنى ثالث عشر ذي الحجة فإن صومه حرام كما مر وبحث بعضهم أنه يصوم بدلا عنه السادس عشر .
ويسن صوم أيام الليالي السود وهو الثامن والعشرون وتالياه وينبغي كما قال شيخنا أن يصوم معها السابع والعشرين احتياطا .
وخصت أيام البيض والسود بذلك لتعميم ليالي الأولى بالنور والثانية بالسواد فناسب صوم الأولى شكرا والثانية لطلب كشف السواد ولأن الشهر ضيف قد أشرف على الرحيل فناسب تزويده بذلك . " .
و " صوم " ستة من شوال " وهذا من القسم الثاني فيسن صومها لقوله A من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال كان كصيام الدهر رواه مسلم وروى النسائي خبر صيام شهر رمضان بعشرة أشهر وصيام ستة أيام بشهرين فذلك صيام السنة أي كصيامها فرضا وإلا فلا يختص ذلك برمضان وستة من شوال لأن الحسنة بعشرة أمثالها .
تنبيه .
قضية إطلاق المصنف استحباب صومها لكل أحد سواء أصام رمضان أم لا كمن أفطر لمرض أو صبا أو كفر أو غير ذلك وهو الظاهر كما جرى عليه بعض المتأخرين وإن كانت عبارة كثيرين يستحب لمن صام رمضان أن يتبعه بست من شوال كلفظ الحديث وتحصل السنة بصومها متفرقة . " .
و " لكن " تتابعها أفضل " عقب العيد مبادرة إلى العبادة ولما في التأخير من الآفات .
ولو صام في شوال قضاء أو نذرا أو غير ذلك هل تحصل له السنة أو لا لم أر من ذكره والظاهر الحصول .
لكن لا يحصل له هذا الثواب المذكور خصوصا من فاته رمضان وصام عنه شوالا لأنه لم يصدق عليه المعنى المتقدم ولذلك قال بعضهم يستحب له في هذه الحالة أن يصوم ستا من ذي القعدة لأنه يستحب قضاء الصوم الراتب ا . ه " .
وهذا إنما يأتي إذا قلنا أن صومها لا يحصل بغيرها أما إذا قلنا بحصوله وهو الظاهر كما تقدم فلا يستحب قضاؤها .
وقول المصنف ستة بإثبات التاء مع حذف المعدود لغة والأفصح حذفها كما ورد في الحديث .
ويسن صوم آخر كل شهر لما مر في صوم أيام السواد فإن صامها أتى بالسنتين ولا يرد على ذلك يوم الشك فإنه آخر شهر لأن الكلام تقدم عليه . " .
ويكره إفراد " يوم " الجمعة " بالصوم لقوله A لا يصم أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم يوما قبله أو يوما بعده رواه الشيخان وليتقوى بفطره على الوظائف المطلوبة فيه ولذلك خصه البيهقي وجماعة نقلا عن مذهب الشافعي بمن يضعف به عن الوظائف والظاهر أنه لا فرق فقد قيل إن العلة في ذلك لئلا يبالغ في تعظيمه كاليهود في السبت وقيل لئلا يعتقد وجوبه وقيل لأنه يوم عيد وطعام . " .
و " يكره أيضا " إفراد السبت " أو الأحد بالصوم لخبر لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم رواه الترمذي وحسنه والحاكم وصححه على شرط الشيخين ولأن اليهود تعظم يوم السبت والنصارى يوم الأحد .
وخرج بإفراد كل من الثلاثة جمعه مع غيره فلا يكره جمع الجمعة مع السبت ولا السبت مع الأحد لأن المجموع لا يعظمه أحد وحمل على هذا ما روى النسائي أنه A كان أكثر ما يصوم من الأيام يوم السبت والأحد وكان يقول إنهما يوما عيد للمشركين وأحب أن أخالفهم قال بعضهم ولا يعرف لهذه المسألة نظير وهو أنه إذا ضم مكروه آخر تزول الكراهة .
فإن قيل التعليل بالتقوي بالفطر في كراهة إفراد الجمعة يقتضي أنه لا فرق بين إفرادها وجمعها أجيب بأنه إذا جمعها حصل له بفضيلة صوم غيره ما يجبر ما حصل فيها من النقص قاله في المجموع .
تنبيه .
محل كراهة إفراد ما ذكر إذا لم يوافق عادة له فإن كان له عادة كأن اعتاد صوم يوم وفطر يوم فوافق صومه يوما منها لم يكره كما في صوم يوم الشك ولخبر مسلم لا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم .
وقيس بالجمعة الباقي .
ولا يكره إفراد عيد من أعياد أهل الملل بالصوم كالنيروز والمهرجان وإطلاق المصنف كراهة إفراده محمول على النفل فلا يكره في المعتاد والفرض كما دل عليه الحديث .
ثم شرع في القسم الأول فقال ( 1 / 448 ) وصوم الدهر غير " يومي " العيد و " أيام " التشريق مكروه لمن خاف به ضررا أو فوت حق " واجب أو مستحب لخبر البخاري أنه A آخى بين سلمان وبين أبي الدرداء فجاء سلمان يزور أبا الدرداء فرأى أم الدرداء مبتذلة فقال ما شأنك فقالت إن أخاك ليس له حاجة في شيء من الدنيا فقال سلمان يا أبا الدرداء إن لربك عليك حقا ولأهلك عليك حقا ولجسدك عليك حقا فصم وأفطر وقم ونم وائت أهلك أعط كل ذي حق حقه فذكر أبو الدرداء للنبي A ما قاله سلمان فقال النبي A مثل ما قال سلمان .
فإن صام العيدين وأيام التشريق أو شيئا منها حرم وعليه حمل خبر الصحيحين لا صام من صام الأبد . " .
أو مستحب لغيره " لإطلاق الأدلة ولأنه A قال من صام الدهر ضيقت عليه جهنم هكذا وعقد تسعين رواه البيهقي .
ومعنى ضيقت عليه أي عنه فلم يدخلها أو لا يكون له فيها موضع .
تنبيه .
قوله ومستحب لغيره كذا في المحرر وشرح مسلم وجرى عليه ابن المقري وهو المعتمد وإن عبر في الشرحين والروضة والمجموع بعدم الكراهة لا الاستحباب .
وقال الأذرعي وعبارة الجمهور أنه لا يكره في هذه الحالة ومع استحبابه فصوم يوم وفطر يوم أفضل منه لخبر الصحيحين عن عبدالله بن عمرو بن العاص أفضل الصيام صيام داود كان يصوم يوما ويفطر يوما وفيه أيضا لا أفضل من ذلك فهو أفضل من صوم الدهر كما قاله المتولي وغيره وإن أفتى ابن عبد السلام بالعكس وقال إن الحسنة بعشر أمثالها وحمل قوله في الخبر لا أفضل من ذلك أي لك ولو نذر صوم الدهر انعقد نذره لكن محله كما قاله السبكي ما لم يكن مكروها .
وسيأتي ذلك إن شاء الله تعالى في باب النذر " .
فائدة : .
قال ابن سيده الدهر الأبد المحدود والجمع أدهر ودهور وأما قوله A لا تسبوا الدهر فإن الدهر هو الله فمعناه أن ما أصابك من الدهر فالله فاعله ليس الدهر فإذا سببت به الدهر فكأنك أردت الله سبحانه . " .
ومن تلبس بصوم تطوع أو صلاته فله قطعهما " أما الصوم فلقوله A والصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر قال الحاكم صحيح الإسناد .
وأما الصلاة فقياسا على الصوم ويقاس بذلك بقية النوافل غير الحج والعمرة كاعتكاف وطواف ووضوء وقراءة سورة الكهف ليلة الجمعة ويومها والتسبيحات عقب الصلاة ولئلا يغير الشروع حكم المشروع فيه .
أما التطوع بالحج أو العمرة فيحرم قطعه كما يأتي في بابه لمخالفته غيره في لزوم الإتمام والكفارة بالجماع ولكن يكره الخروج بلا عذر لظاهر قوله تعالى " ولا تبطلوا أعمالكم " وللخروج من خلاف من أوجب إتمامه فإن كان هناك عذر كمساعدة ضيف في الأكل إذا عز عليه امتناع مضيفه منه أو عكسه فلا يكره الخروج منه بل يستحب لخبر وإن لزورك عليك حقا وخبر من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه رواهما الشيخان .
أما إذا لم يعز على أحدهما امتناع الآخر من ذلك فالأفضل عدم خروجه منه كما في المجموع وإذا أفطر لم يثب على ما مضى إن خرج بغير عذر ويثاب عليه إن خرج بعذر .
وعلى هذا يحمل قول المتولي إنه لا يثاب لأن العبادة لم تتم وما حكي عن الشافعي أنه يثاب عليه . " .
ولا قضاء " واجب لقطع التطوع بل هو مندوب سواء أخرج بعذر أم بغيره للخروج من خلاف من أوجب قضاءه .
أما من فاته وله عادة بصيامه كالاثنين فلا يسن له قضاؤه لفقد العلة المذكورة كما أفتى به شيخي .
تنبيه .
لو عبر المصنف بقوله ومن تلبس بتطوع غير حج وعمرة لكان أولى ليشمل ما ذكر . " .
ومن تلبس بقضاء " لصوم فات عن واجب " حرم عليه قطعه " جزما " إن كان " قضاؤه " على الفور وهو صوم من تعدى بالفطر " حتى لا يجوز التأخير بعذر السفر كما نقلاه عن البغوي وأقراه تداركا لما وقع فيه من الإثم . " .
وكذا إن لم يكن ( 1 / 449 ) على الفور " يحرم قطعه " في الأصح بأن لم يكن تعدي بالفطر " لأنه قد تلبس بالفرض ولا عذر له في الخروج فلزمه إتمامه كما لو شرع في الصلاة في أول الوقت والثاني لا يحرم لأنه متبرع في الشروع فيه فأشبه المسافر يشرط في الصوم ثم يريد الخروج منه .
واعلم أن ضبط الفور بالتعدي يرد عليه ما لو ضاق وقته بأن لم يبق من شعبان إلا ما يسع القضاء فإنه يجب القضاء على الفور سواء أفات بعذر أم لا وقضاء يوم الشك فإنه على الفور كما نقله في المجموع عن المتولي وغيره وأقره ونقله ابن الرفعة عن المتولي .
ثم قال وفيه نظر .
وقضية ما قاله المتولي وغيره القضاء على من نسي النية على الفور لأن الإمساك واجب عليه لأنه على قضاء يوم الشك على الفور بقوله إن قلنا يلزمه التشبيه بالصائمين فقد ألحقناه بمن أفطر بغير عذر ولكن في المجموع أن قضاءه على التراخي بلا خلاف قال وكذلك على من أكل على ظن الليل .
قال في المهمات والذي يميل القلب إليه إلحاق يوم الشك بذلك ويأتي انقسام القضاء إلى ما يكون بالتعدي وإلى غيره أيضا في الصلاة وفي الاعتكاف المنذور في زمن معين وفي الحج والعمرة .
خاتمة أفضل الشهور للصوم بعد رمضان الأشهر الحرم وأفضلها المحرم لخبر مسلم أفضل الصوم بعد رمضان شهر الله المحرم ثم رجب خروجا من خلاف من فضله على الأشهر الحرم ثم باقيها ثم شعبان لما في رواية مسلم كان A يصوم شعبان كله وفي رواية كان يصوم شعبان إلا قليلا .
قال العلماء اللفظ الثاني مفسر للأول فالمراد بكله غالبه وقيل كان يصومه تارة من أوله وتارة من آخره وتارة من وسطه ولا يترك منه شيئا بلا صيام لكن في أكثر من سنة .
فإن قيل كيف أكثر من شعبان مع أن المحرم أفضل منه .
أجيب بلعله A لم يعلم فضل المحرم إلا في آخر الحياة قبل التمكن من صومه أو لعله كانت تعرض له فيه أعذار تمنع من إكثار الصوم فيه وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله تعالى عنها ما رأيت رسول الله A استكمل صيام شهر قط إلا رمضان .
قال العلماء وإنما لم يستكمل ذلك لئلا يظن وجوبه .
ويحرم صوم المرأة تطوعا وزوجها حاضر إلا بإذنه لخبر الصحيحين لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه ولأن حق الزوج فرض فلا يجوز تركه لنفل فلو صامت بغير إذنه صح وإن كان حراما كالصلاة في دار مغصوبة وعلمها برضاه كإذنه وسيأتي في النفقات أنه لا يحرم عليها صوم عرفة وعاشوراء .
أما صومها في غيبة زوجها عن بلدها فجائز بلا خلاف .
فإن قيل هلا جاز صومها مع حضوره وإذا أراد التمتع بها تمتع وفسد صومها أجيب بأن صومها يمنعه التمتع عادة لأنه يهاب انتهاك حرمة الصوم بالإفساد ولا يلحق بالصوم صلاة النفل المطلق لقصر زمنه . "