فرع قال الزركشي لو بدأ الصلاح قبل القبض .
فهذا عيب حدث بيد البائع قبل القبض فينبغي أن يثبت الخيار للمشتري .
قال وهذا إذا بدأ بعد اللزوم وإلا فهذه ثمرة استحق إبقاؤها في زمن الخيار فصار كالمشروط في زمنه فينبغي أن ينفسخ العقدان .
قلنا الشرط في زمن الخيار يلحق بالعقد . " .
ويسن خرص " أي حزر " الثمر " بالمثلثة الذي تجب فيه الزكاة وهو الرطب والعنب . " .
إذا بدا صلاحه على مالكه " لأنه A أمر أن يخرص العنب كما يخرص النخل وتؤخذ زكاته زبيبا كما تؤخذ صدقة النخل تمرا رواه الترمذي وقال حسن غريب وأخرجه ابن حبان والحاكم ( 1 / 387 ) في صحيحيهما .
وقيل يجب الخرص لظاهر الحديث .
والخرص لغة القول بالظن ومنه قوله تعالى " قتل الخراصون " واصطلاحا ما تقرر وحكمته الرفق بالمالك والمستحق .
ولا فرق في الخرص بين ثمار البصرة وغيرها كما هو ظاهر كلام الأصحاب وإن استثنى الماوردي ثمار البصرة فقال يحرم خرصها بالإجماع لكثرتها ولكثرة المؤنة في خرصها ولإباحة أهلها الأكل منها للمجتاز وتبعه عليه الروياني قال وهذا في النخل أما الكرم فهم فيه كغيرهم قال السبكي وعلى هذا ينبغي إذا عرف من شخص أو بلد ما عرف من أهل البصرة يجري عليه حكمهم ا . ه " .
ويجوز خرص الكل إذا بدا الصلاح في نوع دون آخر في أقيس الوجهين .
وخرج بالثمر الحب فلا خرص فيه لاستتار حبه ولأنه لا يؤكل غالبا رطبا بخلاف الثمرة ويبدو الصلاح ما قبله لأن الخرص لا يتأتى فيه إذ لا حق للمستحقين فيه ولا ينضبط المقدار لكثرة العاهات قبل بدو الصلاح .
وكيفية الخرص أن يطوف بالنخلة ويرى جميع عناقيدها ويقول عليها من الرطب أو العنب كذا ويجيء منه تمرا أو زبيبا كذا ثم يفعل كذلك بنخلة بعد نخلة إن اختلف النوع .
ولا يقتصر على رؤية البعض وقياس الباقي لأنها تتفاوت فإن أتحد النوع جاز أن يخرص الجميع رطبا أو عنبا ثم تمرا أو زبيبا . " .
والمشهور إدخال جميعه في الخرص " لعموم الأدلة المقتضية لوجوب العشر أو نصفه من غير استثناء والثاني أنه يترك للمالك ثمر نخلة أو نخلات يأكله أهله .
واحتج له بقوله E إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع رواه أبو داود وصححه ابن حبان ويختلف ذلك بكثرة عياله وقلتهم .
وأجاب الشافعي رضي الله تعالى عنه بحمله على أنه يترك له ذلك من الزكاة لا من المخروص ليفرقه بنفسه على فقراء أهله وجيرانه لطمعهم في ذلك منه . " .
و " المشهور " أنه يكفي خارص " واحد كالحاكم لأنه يجتهد ويعمل باجتهاده ولأنه A كان يبعث عبدالله بن رواحة خارصا أول ما تطيب الثمرة رواه أبو داود بإسناد حسن والثاني يشترط اثنان كالتقويم والشهادة وقطع بعضهم بالأول . " .
وشرطه " أي الخارص واحدا كان أو اثنين " العدالة " في الرواية لأن الفاسق لا يقبل قوله ولا بد أن يكون عالما بالخرص لأنه اجتهاد والجاهل بالشيء ليس من أهل الاجتهاد فيه . " .
وكذا " شرطه " الحرية والذكورة في الأصح " لأن الخرص ولاية وليس الرقيق والمرأة من أهلها والثاني لا يشترطان كما في الكيال والوزان .
ولو اختلف خارصان توقفنا حتى يتبين المقدار منهما أو من غيرهما نقله في زيادة الروضة عن الدارمي ثم قال وهو ظاهر . " .
فإذا خرص فالأظهر أن حق الفقراء ينقطع من عين الثمر ويصير في ذمة المالك التمر والزبيب ليخرجهما بعد جفافه " إن لم يتلف قبل التمكن بلا تفريط لأن الخرص يبيح له التصرف في الجميع كما سيأتي وذلك يدل على انقطاع حقهم عنه .
والثاني لا ينتقل حقهم إلى ذمته بل يبقى متعلقا بالعين كما كان لأنه ظن وتخمين فلا يؤثر في نقل حق إلى الذمة .
وفائدة الخرص على هذا جواز التصرف في غير قدر الزكاة ويسمى هذا قول العبرة أي لاعتباره القدر والأول قول التضمين .
أما إذا تلف قبل التمكن بآفة أو سرقة من الشجر أو من الجرين قبل الجفاف بلا تفريط فلا شيء عليه كما سيأتي . " .
ويشترط " في الانقطاع والصيرورة المذكورين " التصريح " من الخارص أو من يقوم مقامه " بتضمينه " أي حق المستحقين للمالك كأن يقول الساعي ضمنتك نصيب المستحقين من الرطب أو العنب بكذا تمرا أو زبيبا . " .
وقبول المالك " التضمين " على المذهب " بناء على الأظهر لأن الحق ينتقل من العين إلى الذمة فلا بد من رضاهما كالبائع والمشتري فإن لم يضمنه أو ضمنه فلم يقبله المالك بقي حق الفقراء كما كان والمضمن هو الساعي أو الإمام .
وتقييده القبول بالمالك ربما يخرج الولي ونحوه وليس مرادا . " .
وقيل ينقطع " حقهم " بنفس الخرص " لأن التضمين لم يرد في الحديث .
وليس هذا التضيمن على حقيقة الضمان لأنه لو تلفت الثمار جميعها بآفة سماوية أو سرقت من الشجر أو الجرين قبل الجفاف بلا تفريط فلا شيء عليه قطعا لفوات الإمكان وإن تلف بعض الثمار ( 1 / 388 ) فإن كان الباقي نصابا زكاه وإن كان دونه بنى على أن الإمكان شرط للوجوب أو للضمان وسيأتي .
فإن قلنا بالأول فلا شيء عليه وإلا زكى الباقي بحصته . " .
فإذا ضمن " أي المالك " جاز تصرفه في جميع المخروص بيعا وغيره " لانقطاع التعلق عن العين .
وقد يفهم كلام المصنف أنه يمتنع عليه التصرف قبل التضمين في جميع المخروص لا بعضه وهو كذلك فينفذ تصرفه فيما عدا الواجب شائعا لبقاء الحق في العين لا معينا فلا يجوز له أكل شيء منه فإن لم يبعث الحاكم خارصا أو لم يكن حاكم تحاكم إلى عدلين عالمين بالخرص يخرصان عليه لينتقل الحق إلى الذمة ويتصرف في الثمرة .
واستشكل الأذرعي إطلاقهم جواز التصرف بالبيع وغيره بعد التضمين إذا كان المالك معسرا ويعلم أنه يصرف الثمرة كلها في دينه أو يأكلها عياله قبل الجفاف ويضيع حق المستحقين ولا ينفعهم كونه في ذمته الخربة . " .
ولو ادعى " المالك " هلاك المخروص " كله أو بعضه " بسبب خفي كسرقة " أو مطلقا كما قاله الرافعي فهما من كلامهم . " .
أو ظاهر عرف " أي اشتهر بين الناس كحريق أو برد أو نهب دون عمومه أو عرف عمومه ولكن اتهم في هلاك الثمر به . " .
صدق بيمينه " في دعوى التلف بذلك السبب فإن عرف السبب الظاهر وعمومه ولم يتهم صدق بلا يمين .
تنبيه .
اليمين هنا وفيما سيأتي من مسائل الفصل مستحبة على الأصح وجعله السرقة من أمثلة الهلاك جرى على الغالب لأن المسروق قد يكون باقيا فلو عبر بالضائع بدل الهلاك لكان أولى . " .
فإن لم يعرف الظاهر طولب ببينة " على وقوعه " على الصحيح " لسهولة إقامتها " ثم " بعد إقامتها " يصدق بيمينه في الهلاك به " أي بذلك السبب لاحتمال سلامة ماله بخصوصه والثاني يصدق بيمينه بلا بينة لأنه مؤتمن شرعا .
ولو ادعى تلفه بحريق وقع في الجرين مثلا وعلمنا أنه لم يقع في الجرين حريق لم يبال بكلامه . " .
ولو ادعى حيف الخارص " فيما خرصه أي إخباره عمدا بزيادة على ما عنده قليلة كانت أو كثيرة . " .
أو غلطه " فيه " بما يبعد " أي لا يقع عادة من أهل المعرفة بالخرص كالربع " لم يقبل " إلا ببينة أما في الأولى فقياسا على دعوى الجور على الحاكم أو الكذب على الشاهد وأما في الثانية فللعلم ببطلانه عادة .
نعم يحط عنه القدر المحتمل وهو الذي لو اقتصر عليه لقبل ولو لم يدع غلط الخارص وقال لم أجد إلا هذا فإنه يصدق إذ لا تكذيب فيه لأحد لاحتمال تلفه قال الماوردي وغيره " .
فائدة : .
يقال غلط في منطقه وغلت بالمثناة في الحساب . " .
أو " ادعى غلطه " بمحتمل " بفتح الميم بعد تلف المخروص وبين قدره وكان مقدارا يقع عادة بين الكيلين كوسق في مائة " قبل في الأصح " وحط عنه ما ادعاه لأنه أمين فوجب الرجوع إليه في دعوى نقصه عند كيله لأن الكيل يقين والخرص تخمين فالإحالة عليه أولى .
والثاني لا يحط لاحتمال أن النقصان في كيله له ولعله يوفي لو كاله ثانيا فإن كان المخروص باقيا أعيد كيله فإن كان أكثر مما يقع بين الكيلين مما هو محتمل أيضا كخمسة أوسق من مائة قال البندنيجي وكعشر الثمرة وسدسها قبل قوله وحط عند ذلك القدر بلا خلاف فإن اتهم في دعواه بما ذكر حلف ولو ادعى غلطه ولم يبين قدرا لم تسمع دعواه .
خاتمة قال الماوردي يستحب أن يكون الجداد نهارا ليطعم الفقراء وقد ورد النهي عن الجداد ليلا سواء أوجبت في المجدود الزكاة أم لا .
وإذا أخرج زكاة الثمار والحبوب وأقامت عنده سنين لم يجب فيها شيء آخر بخلاف الماشية والذهب والفضة لأن الله تعالى علق وجوب الزكاة بحصادها ولم يتكرر فلا تتكرر الزكاة لأنها إنما تكرر في الأموال النامية وهذه منقطعة النماء متعرضة للفساد .
وتؤخذ الزكاة ولو كانت الأرض خراجية والخراج المأخوذ ظلما لا يقوم مقام العشر فإن أخذه السلطان على أن يكون بدل العشر فهو كأخذ القيمة بالاجتهاد فيسقط به الفرض في الأصح .
والنواحي التي يؤخذ منها الخراج ولا يعلم حالها يستدام الأخذ منها فإنه يجوز أن يكون صنع بها كما صنع عمر رضي الله تعالى عنه في خراج السواد ( 1 / 389 )