النبات يكون مصدرا تقول نبت الشيء نباتا واسما بمعنى النابت وهو المراد هنا .
وينقسم إلى شجر وهو ما له ساق ونجم وهو ما لا ساق له كالزرع قال تعالى " والنجم والشجر يسجدان " .
والزكاة تجب في النوعين ولذلك عبر بالنبات لشموله لهما لكن قال المصنف في نكت التنبيه إن استعمال النبات في الثمار غير مألوف .
وتعبيره بالفاء الدالة على التعقيب وبقوله بمثله يؤخذ منه الاستئناف عند طول الزمن وعند اختلاف النوع بطريق الأولى وكل ذلك مكروه فرارا من الزكاة كراهة تنزيه لأنه فرار من القربة بخلاف ما إذا كان لحاجة أو لها وللفرار أو مطلقا على ما أفهمه كلامهم .
والأصل في الباب قبل الإجماع ما يأتي قوله تعالى " وآتوا حقه يوم حصاده " وقوله تعالى " أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض " وهو الزكاة لأنه لا حق فيما أخرجته الأرض غيرها . " .
تختص بالقوت " لأن الاقتيات من الضروريات التي لا حياة بدونه فلذلك أوجب الشارع منه شيئا لأرباب الضرورات بخلاف ما يؤكل تنعما أو تأدما كالتين والسفرجل والرمان .
والقوت أشرف النبات وهو ما يقوم به بدن الإنسان من الطعام قيل سمي بذلك لبقاء ثقله في المعدة ومن أسمائه تعالى المقيت وهو الذي يعطي أقوات الخلائق ودعا A أن يجعل الله رزق آله قوتا أي بقدر ما يمسك الرمق من الطعام وقال كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت أي من يلزمه قوته من أهله أو عياله .
وقال قوتوا طعامكم يبارك لكم فيه سئل الأوزاعي عنه فقال صغر الأرغفة . " .
وهو من الثمار الرطب والعنب " بالإجماع " ومن الحب الحنطة والشعير " بفتح الشين ويقال بكسرها . " .
والأرز " بفتح الهمزة وضم الراء وتشديد الزاي في أشهر اللغات " والعدس " بفتح الدال ومثله البسلاء . " .
وسائر المقتات اختيارا " كالحمص بكسر الحاء مع كسر الميم وفتحها والباقلاء وهي بالتشديد مع القصر وتكتب بالياء وبالتخفيف مع المد وتكتب بالألف وقد تقصر الفول والذرة وهي بمعجمة مضمومة ثم راء مخففة والهاء عوض من واو أو ياء .
والهرطمان وهو بضم الهاء والطاء الجلبان بضم الجيم والماش وهو بالمعجمة نوع منه .
فتجب الزكاة في جميع ذلك لورودها في بعضه في الأخبار الآتية ( 1 / 382 ) وألحق به الباقي .
وأما قوله A لأبي موسى الأشعري ومعاذ حين بعثهما إلى اليمن فيما رواه الحاكم وصحح إسناده لا تؤخذ الصدقة إلا من هذه الأربعة الشعير والحنطة والتمر والزبيب فالحصر فيه إضافي أي بالنسبة إلى ما كان موجودا عندهم لما رواه الحاكم وصحح إسناده من قوله A فيما سقت السماء والسيل والبعل العشر وفيما سقي بالنضح نصف العشر .
وإنما يكون ذلك في التمر والحنطة والحبوب فأما القثاء والبطيخ والرمان والقضب فعفو عفا عنه رسول الله A .
والقضب بسكون المعجمة الرطب بسكون الطاء وخرج بالقوت غيره كخوخ ورمان وتين ولوز وجوز هند وتفاح ومشمش وبالاختيار ما يقتات في الجدب اضطرارا من حبوب البوادي كحب الحنظل وحب الغسول وهو أشنان فلا زكاة فيها كما لا زكاة في الوحشيات من الظباء ونحوها .
وأبدل التنبيه قيد الاختيار بما يستنبته الآدميون لأن ما لا يستنبتونه ليس فيه شيء يقتات اختيارا .
ويستثنى من إطلاق المصنف ما لو حمل السيل حبا تجب فيه الزكاة من دار الحرب فنبت بأرضنا فإنه لا زكاة فيه كالنخل المباح بالصحراء وكذا ثمار البستان وغلة القرية الموقوفين على المساجد والقناطر والربط والفقراء والمساكين لا تجب فيها الزكاة على الصحيح إذ ليس له مالك معين .
ولو أخذ الإمام الخراج على أن يكون بدلا عن العشر كان كأخذ القيمة في الزكاة بالاجتهاد فيسقط به الفرض فإن نقص عن الواجب تممه . " .
وفي القديم تجب في الزيتون " لقول عمر رضي الله تعالى عنه في الزيتون العشر وقول الصحابة حجة في القديم فلذلك أوجبه لكن الأثر المذكور ضعيف . " .
و " في " الزعفران و " في " الورس " لاشتراكهما في المنفعة .
روي في الزعفران أثر ضعيف وألحق الورس به وهو نبت أصفر يصبغ به الثياب وهو كثير باليمن . " .
و " في " القرطم " وهو بكسر القاف والطاء وضمهما حب العصفر لأن أبيا كان يأخذ العشر منه . " .
و " في " العسل " سواء كان نحله مملوكا أم أخذ من الأمكنة المباحة لما روى ابن ماجة عن عمرو بن شعيب أنه A أخذ منه العشر لكن قال البخاري والترمذي لم يصح في زكاته شيء " .
فائدة : .
لعاب العسل النحل يذكر ويؤنث ويجمع إذا أردت أنواعه على أعسال وعسل وعسول وعسلان .
ومن أسمائه الحافظ الأمين قال تعالى " فيه شفاء للناس " .
وكان A يحبه ويصطفيه وروى ابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي A قال من لعق العسل ثلاث غدوات في كل شهر لم يصبه عظيم من البلاء وفيه أيضا عليكم بالشفاءين العسل والقرآن .
فجمع في هذا القول بين الطب البشري والطب الإلهي وبين طب الأجساد وطب الأنفس وبين السبب الأرضي والسبب السماوي ولذلك قال ابن مسعود العسل شفاء من كل داء والقرآن شفاء لما في الصدور فعليكم بالشفاءين القرآن والعسل . " .
ونصابه " أي القوت الذي تجب فيه الزكاة " خمسة أوسق " لقوله A ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة رواه الشيخان .
والوسق بالفتح على الأفصح وهو مصدر بمعنى الجمع سمي به هذا المقدار لأجل ما جمعه من الصيعان قال تعالى " والليل وما وسق " أي جمع . " .
وهي " أي الأوسق الخمسة " ألف وستمائة رطل بغدادية " لأن الوسق ستون صاعا كما رواه ابن حبان وغيره فمجموع الخمسة ثلثمائة صاع والصاع أربعة أمداد فيكون النصاب ألف مد ومائتي مد والمد رطل وثلث بالبغدادي وذلك ألف وستمائة رطل وقدرت بالبغدادي لأنه الرطل الشرعي كما قاله المحب الطبري . " .
وبالدمشقي " وهو ستمائة درهم " ثلثمائة وستة وأربعون رطلا وثلثان " لأن الرطل الدمشقي ستمائة درهم .
وعند الرافعي أن الرطل البغدادي مائة وثلاثون درهما فيكون المد مائة وثلاثة وسبعين درهماوثلث درهم والصاع ستمائة وثلاثة وتسعون وثلث فاضرب ستمائة وثلاثا وتسعين في ثلثمائة تبلغ مائتي ألف وثمانية آلاف واجعل كل ستمائة رطلا يتحصل من مجموع ذلك ما ذكر . " .
قلت الأصح " أنها بالدمشقي " ثلثمائة واثنان وأربعون رطلا وستة أسباع رطل لأن الأصح أن رطل بغداد مائة وثمانية وعشرون ( 1 / 383 ) درهما وأربعة أسباع درهم " أي فإذا ضرب ذلك في ألف وستمائة وقسم على الرطل الدمشقي بلغ ذلك .
وما صححه المصنف في تحرير الرطل البغدادي هو الصحيح لأنه تسعون مثقالا والمثقال درهم وثلاثة أسباع درهم فيضرب بسط الكسر وهو ثلاثة في عدد تكرره وهو تسعون تبلغ مائتين وسبعين يقسم على مخرجه وهو سبعة يخرج ثمانية وثلاثون وأربعة أسباع يجمع مع الدراهم يخرج ما قاله .
وقيل بلا أسباع وقيل وثلاثون والله أعلم .
بيانه أن تضرب ما سقط من كل رطل وهو درهم وثلاثة أسباع في ألف وستمائة تبلغ ألفي درهم ومائتي درهم وخمسة وثمانين درهما وخمسة أسباع درهم تسقط ذلك من مبلغ الضرب الأول فيكون الزائد على الأربعين بالقسمة ما ذكره المصنف لأن الباقي بعد الإسقاط مائتا ألف وخمسة آلاف وسبعمائة وأربعة عشر درهما وسبعا درهم فمائتا ألف وخمسة آلاف ومائتا درهم في مقابلة ثلاثمائة واثنين وأربعين رطلا والباقي وهو خمسمائة وأربعة عشر درهما وسبعا درهم في مقابلة ستة أسباع رطل لأن سبعه خمسة وثمانون وخمسة أسباع .
ولم يتعرض الرافعي في المحرر إلى ضبط الأوسق بالأرطال بالكلية لا البغدادية ولا الدمشقية بل عبر بقوله وهي بالمن الصغير ثمانمائة من وبالكبير الذي وزنه ستمائة درهم ثلثمائة من وستة وأربعون منا وثلثا من فاختصره المصنف بما سبق .
واستفدنا من ذلك أن الرطل الدمشقي مساو للمن الكبير والمن الصغير رطلان بالبغدادي .
والنصاب المذكور تحديد كما صححاه للأخبار السابقة وكما في نصاب المواشي وغيرها والعبرة فيه بالكيل على الصحيح وإنما قدر بالوزن استظهارا أو إذا وافق الكيل .
والمعتبر في الوزن من كل نوع الوسط فإنه يشتمل على الخفيف والرزين فكيله بالإردب المصري قال القمولي ستة أرادب وربع إردب بجعل القدحين صاعا كزكاة الفطر وكفارة اليمين .
وقال السبكي خمسة أرادب ونصف إردب وثلث فقد اعتبرت القدح المصري بالمد الذي حررته فوسع مدين وسبعا تقريبا فالصاع قد حان إلا سبعي مد وكل خمسة عشر مدا سبعة أقداح وكل خمسة عشر صاعا ويبة ونصف وربع فثلاثون صاعا ثلاث ويبات ونصف فثلثمائة صاع خمسة وثلاثون ويبة وهي خمسة أرادب ونصف وثلث .
فالنصاب على قوله خمسمائة وستون قدحا وعلى قول القمولي ستمائة وقول القمولي أوجه وإن قال بعض المتأخرين إن قول السبكي أوجه لأن الصاع قد حان تقريبا . " .
ويعتبر " في الرطب والعنب بلوغه خمسة أوسق حالة كونه " تمرا " بالمثناة " أو زبيبا " هذا " إن تتمر " الرطب " وتزبب " العنب لقوله A ليس في حب ولا تمر صدقة حتى يبلغ خمسة أوسق رواه مسلم فاعتبر الأوسق من التمر . " .
وإلا " أي وإن لم يتتمر الرطب ولم يتزبب العنب " فرطبا وعنبا " أي فيوسق رطبا وعنبا وتخرج الزكاة منهما في الحال لأن ذلك أكمل أحوالهما .
وإنما لم يلحق ذلك بالخضراوات .
لأن جنسه مما يجف وهذا النوع منه نادر ويضم ما لا يجف منهما إلى ما يجف في إكمال النصاب لاتحاد الجنس وإذا كان يجف إلا أن جفافه يكون رديئا فحكمه حكم ما لا يجف بالكلية ولو ضر ما يتجفف بأصله لامتصاص مائه لعطش قطعت وأخرج الواجب من رطبها ويجب استئذان العامل في قطعه كما صححه في زيادة الروضة فإن قطع ولم يستأذن أثم وعزر وعلى الساعي أن يأذن له وقيل يسن وصححه في الشرح الصغير .
وعلى الأول لو اندفعت الحاجة بقطع البعض لم تجز الزيادة عليها . " .
و " يعتبر في " الحب " بلوغه خمسة أوسق حالة كونه " مصفى من تبنه " لأنه لا يدخر فيه ولا يؤكل معه " وما ادخر في قشره " ولم يؤكل معه " كالأرز والعلس " وهو بفتح العين واللام نوع من الحنطة كما سيأتي " ف " نصابه " عشرة أوسق " اعتبارا بقشره الذي ادخاره فيه أصلح له أو أبقى بالنصف فعلم أنه لا تجب تصفيته من قشره وأن قشره لا يدخل في الحساب .
فلو كانت الخمسة أوسق تحصل من دون العشرة اعتبرناه أولا يحصل من العشرة خمسة أوسق فلا زكاة فيها وإنما ذلك جرى على الغالب .
قال صاحب العدة ولا تدخل قشرة الباقلاء السفلى في الحساب لأنها غليظة غير مقصودة .
واستغربه في المجموع .
قال الأذرعي وهو كما قال والوجه ترجيح الدخول أو الجزم به ا . ه " .
وهذا هو المعتمد كما هو قضية كلام ابن كج إن لم يكن المنصوص فإنه ذكر النص في العلس ثم قال فأما الباقلاء والحمص والشعير فيطحن في قشره ( 1 / 384 ) ويؤكل فلأجل ذلك اعتبرناه مع قشره .
وسياقه يشعر بأنه من تتمة النص ولا أثر للقشرة الحمراء اللاصقة بالأرز كما نقله في المجموع عن سائر الأصحاب غير ابن أبي هريرة .
تنبيه .
ظاهر كلام المصنف أن الأرز والعلس ذكرا مثالا وأنه بقي شيء من الحبوب غيرهما يدخر في قشره وليس مرادا إذ ليس لنا غيرهما بهذه الصفة . " .
ولا يكمل " في النصاب " جنس بجنس " أما التمر مع الزبيب فبالإجماع كما نقله ابن المنذر وأما الحنطة مع الشعير والعدس مع الحمص فبالقياس . " .
ويضم " فيه " النوع إلى النوع " كأنواع الزبيب والتمر وغيرهما لاشتراكهما في الاسم وإن تباينا في الجودة والرداءة وإن اختلف مكانهما . " .
ويخرج من كل " من النوعين أو الأنواع " بقسطه " لعدم المشقة فيه بخلاف المواشي فإن الأصح أنه يخرج نوعا منها بشرط اعتبار القيمة والتوزيع كما مر ولا يؤخذ البعض من هذا والبعض من هذا لما فيه من المشقة . " .
فإن عسر " لكثرة الأنواع وقلة الحاصل من كل نوع " أخرج الوسط " منها لا أعلاها ولا أدناها رعاية للجانبين وقيل يجب الإخراج من الغالب ويجعل غيره تبعا له .
ومنهم من قطع بالأول وعليه لو تكلف وأخرج من كل نوع بقسطه كان أفضل كما في المجموع . " .
ويضم العلس إلى الحنطة لأنه نوع منها " وهو قوت صنعاء اليمن يكون في الكمام حبتان وثلاث .
ووقع في الوسيط أنه حنطة توجد بالشام ورده بعضهم بأنه لا يعرف بالشام وقد يقال إنه كان زمنه دون زمن الراد . " .
والسلت " بضم السين وسكون اللام " جنس مستقل " فلا يضم إلى غيره . " .
وقيل شعير " فيضم إليه لشبهه به في برودة الطبع " وقيل حنطة " فيضم إليها لشبهه بها لونا وملاسة .
والأول قال اكتسب من تركب الشبهين طبعا انفرد به وصار أصلا برأسه . " .
ولا يضم ثمر عام وزرعه " في إكمال النصاب " إلى " ثمر وزرع عام " آخر " ولو فرض اطلاع ثمر العام الثاني قبل جذاذ الأول بالإجماع " ويضم ثمر العام " الواحد " بعضه إلى بعض " في إكمال النصاب " وإن اختلف إدراكه " لاختلاف أنواعه وبلاده حرارة وبرودة كنجد وتهامة فتهامة حارة يسرع إدراك الثمر بها بخلاف نجد لبردها .
والمراد بالعام هنا اثنا عشر شهرا عربية قال شيخنا والقول بأنه أربعة أشهر غير صحيح .
أشار بذلك إلى الرد على ابن الرفعة فإنه نقله عن الأصحاب .
والعبرة في الضم هنا باطلاعهما في عام كما صرح به ابن المقري في شرح إرشاده خلافا لما صرح به صاحب الحاوي الصغير من اعتبار القطع فيضم طلع نخله إلى الآخران طلع الثاني قبل جذاذ الأول وكذا بعده في عام واحد . " .
وقيل إن طلع الثاني بعد جذاذ الأول " بفتح الجيم وكسرها وإهمال الدالين وإعجامهما أي قطعه . " .
لم يضم " لأنه يشبه ثمر عامين وصحح هذا في الشرح الصغير .
ولو اطلع الثاني قبل بدو صلاح الأول ضم إليه جزما .
ويستثنى من الأول ما لو أثمر نخل أو كرم مرتين في عام فلا ضم بل هما كثمرة عامين .
والأصح على الثاني إن وقت الجذاذ كالجذاذ .
ولو كان له نخلة تهامية تحمل في العام مرتين ونجدية تبطىء بحملها فحملت النجدية بعد جذاذ حمل التهامية في العام ضم ثمر النجدية إلى ثمر التهامية فإن أدرك حمل التهامية الثاني لم يضم إليها ولو أدركها قبل بدو صلاحها لأنا لو ضممناها إليها لزمه ضمه إلى حمل التهامية الأول وهو ممتنع لما مر أن كل حمل كثمرة عام . " .
وزرعا العام يضمان " وإن اختلفت زراعتهما في الفصول لما مر ويتصور ذلك في الذرة لأنها تزرع في الربيع والخريف والصيف . " .
والأظهر " في الضم " اعتبار وقوع حصاديهما في سنة " واحدة اثنا عشر شهر عربية كما مر خلافا للبندنيجي من أنه سنة الزرع وإن لم يقع الزرعان في سنة إذ الحصاد هو المقصود وعنده يستقر الوجوب .
والثاني الاعتبار بوقوع الزرعين في سنة وإن كان حصاد الثاني خارجا عنها لأن الزرع هو الأصل والحصاد فرعه وثمرته .
وحكيا في الشرح والروضة في ذلك ثمانية أقوال ( 1 / 385 ) أخر فجملة ذلك عشرة أقوال ذكرتها في شرح التنبيه .
والأول عزاه الشيخان إلى الأكثرين وصححاه وهو المعتمد وإن قال في المهمات إنه نقل باطل يطول القول بتفصيله .
والحاصل أني لم أر من صححه فضلا عن عزوه إلى الأكثرين بل رجح كثيرون اعتبار وقوع الزرعين في عام منهم البندنيجي وابن الصباغ وذكر نحوه ابن النقيب .
قال شيخنا في شرح منهجه ويجاب بأن ذلك لا يقدح في نقل الشيخين لأن من حفظ حجة على من لم يحفظ ا . ه " .
وهل المراد بالحصاد أن يكون بالفعل أو بالقوة قال الكمال بن أبي شريف تعليلهم يرشد إلى الثاني ولو وقع الزرعان معا أو على التواصل المعتاد ثم أدرك أحدهما والآخر يقل لم يشتد حبه فالأصح القطع فيه بالضم وقيل على الخلاف .
ولو اختلف المالك والساعي في أنه زرع عام أو عامين صدق المالك في قوله عامين فإن اتهمه الساعي حلفه ندبا لأن ما ادعاه ليس مخالفا للظاهر .
والمستخلف من أصل كذرة سنبلت مرة ثانية في عام يضم إلى الأصل كما علم مما مر بخلاف نظيره من الكرم والنخل كما سلف لأنهما يردان للتأييد فجعل كل حمل كثمرة عام بخلاف الذرة ونحوها فألحق الخارج منها ثانيا بالأول كزرع تعجل إدراك بعضه . " .
وواجب ما شرب بالمطر " أو بما انصب إليه من جبل أو نهر أو عين " أو عروقه بقربه من الماء " وهو البعل " من ثمر وزرع العشر و " واجب " ما سقي " منهما " بنضح " من نحو نهر بحيوان ويسمى الذكر ناضحا والأنثى ناضحة ويسمى هذا الحيوان أيضا سانية بسين مهملة ونون مثناة من تحت . " .
أو دولاب " بضم أوله وفتحه وهو ما يديره الحيوان أو دانية وهي البكرة أو ناعورة وهي ما يديره الماء بنفسه " أو بما اشتراه " أو وهب له لعظم المنة فيه أو غصبه لوجوب ضمانه " نصفه " أي العشر وذلك لقوله A فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريا العشر وفيما سقي بالنضح نصف العشر رواه البخاري من حديث ابن عمر .
وفي مسلم من حديث جابر فيما سقت الأنهار والغيم العشر وفيما سقي بالسانية نصف العشر .
وفي رواية لأبي داود إن في البعل العشر .
وانعقد الإجماع على ذلك كما قاله البيهقي وغيره .
والمعنى فيه كثرة المؤنة وخفتها كما في المعلوفة والسائمة .
قال أهل اللغة والبعل ما يشرب بعروقه والعثري بفتح المهملة والمثلثة ما سقي بماء السيل الجاري إليه في حفرة وتسمى الحفرة عاثوراء لتعثر المار بها إذا لم يعلمها .
تنبيه .
الأولى في قراءة ما في قول المصنف بما اشتراه مقصورة على أنها موصولة لا ممدودة اسما للماء المعروف فإنها على التقدير الأول تعم الثلج والبرد بخلاف الممدودة وقول الإسنوي وتعم على الأول الماء النجس ممنوع إذ لا يصح شراؤه . " .
والقنوات " والسواقي المحفورة من النهر العظيم " كالمطر على الصحيح " ففي المسقي بما يجري فيها منه العشر لأن مؤنة القنوات إنما تخرج لعمارة القرية والأنهار إنما تحفر لإحياء الأرض فإذا تهيأت وصل الماء إلى الزرع بطبعه مرة بعد أخرى بخلاف السقي بالنواضح ونحوها فإن المؤنة للزرع نفسه .
والثاني يجب فيها نصف العشر لكثرة المؤنة فيها والأول يمنع ذلك . " .
و " واجب " ما سقي بهما " أي بالنوعين كالنضح والمطر " سواء ثلاثة أرباعه " أي العشر عملا بواجب النوعين . " .
فإن غلب أحدهما ففي قول يعتبر هو " فإن غلب المطر فالعشر أو النضح فنصفه ترجيحا لجانب الغلبة . " .
والأظهر يقسط " لأنه القياس كما قاله في الأم فإن كان ثلثاه بماء السماء وثلثه بالدولاب وجب خمسة أسداس العشر ثلثا العشر للثلثين وثلث نصف العشر للثلث وفي عكسه ثلثا العشر .
وهذا هو المعتمد كما هو قضية كلام ابن كج إن لم يكن المنصوص فإنه ذكر النص في العلس ثم قال فأما الباقلاء والحمص والشعير فيطحن في قشره ( 1 / 384 ) ويؤكل فلأجل ذلك اعتبرناه مع قشره .
والغلبة والتقسيط " باعتبار عيش الزرع " أو الثمر " ونمائه وقيل بعدد السقيات " أي النافعة بقول أهل الخبرة .
ويعبر عن الأول وهو اعتبار عيش الزرع باعتبار المدة فلو كانت المدة من يوم الزرع إلى يوم الإدراك ثمانية أشهر واحتاج في ستة أشهر زمن الشتاء والربيع إلى سقيتين فسقي بماء السماء وفي شهرين من زمن الصيف إلى ثلاث سقيات فسقي بالنضح فإن اعتبرنا عدد السقيات فعلى قول التوزيع يجب خمسا العشر وثلاثة أخماس نصف العشر وعلى قول اعتبار الأغلب يحب نصف العشر لأن عدد السقيات ( 1 / 386 ) بالنضح أكثر وإن اعتبر بالمدة فعلى قول التوزيع يجب ثلاثة أرباع العشر وربع نصف العشر وعلى قول اعتبار الأغلب يجب العشر لأن مدة السقي بماء السماء أطول