كأن كانت إبله كله مهرية بفتح الميم نسبة إلى أبي مهيرة أو مجيدية نسبة إلى فحل من الإبل يقال له مجيد بميم مضمومة وجيم وهي دون المهرية أو أرحبية نسبة إلى أرحب بالمهملتين والموحدة وهي قبيلة من همدان أو بقرة كلها جواميس أو عرابا أو غنمه كلها ضأنا أو معزا وسميت ماشية لرعيها وهي تمشي . " .
أخذ الفرض منه " لأنه المال المشترك فتؤخذ المهرية من المهرية والأرحبية من الأرحبية والضأن من الضأن والمعز من المعز .
نعم لو اختلفت الصفة بأن تفاوتت في السن مع اتحاد النوع ولا نقص فعامة الأصحاب كما نقله في المجموع عن البيان أن الساعي يختار أنفعهما كما سبق في الحقائق وبنات اللبون وقيل يأخذ الأوسط . " .
فلو أخذ " الساعي " عن ضأن " وهو جمع مفرده للمذكر ضائن وللمؤنث ضائنة بهمزة قبل النون " معزا " وهو بفتح العين وسكونها جمع مفرده للمذكر ماعز وللمؤنث ماعزة والمعزاء بمعنى المعز وهو منون منصرف إذ ألفه للإلحاق لا للتأنيث . " .
أو عكسه جاز في الأصح ( 1 / 375 ) بشرط رعاية القيمة " كأن تساوي ثنية المعز في القيمة جذعة الضأن وعكسه لاتحاد الجنس .
والثاني المنع كالبقر عن الغنم .
والثالث يؤخذ الضأن عن المعز لأنه خير منه بخلاف العكس .
وقولهم في توجيه الأول كالمهرية مع الأرحبية يدل على جواز أخذ إحداهما عن الأخرى جزما حيث تساويا في القيمة وقول الشارح ومعلوم أن قيمة الجواميس دون قيمة العراب فلا يجوز أخذها عن العراب بخلاف العكس ولم يصرحوا بذلك ممنوع بل قد تزيد قيمة الجواميس عليها ولعل ما ذكر كأن كان كذلك في زمنه . " .
وإن اختلف " النوع " كضأن ومعز " من الغنم وكالأرحبية والمهرية من الإبل والجواميس والعراب من البقر " ففي قول يؤخذ من الأكثر " وإن كان الأحظ خلافه اعتبارا بالغلبة . " .
فإن استويا فالأغبط " للمستحقين كما في اجتماع الحقاق وبنات اللبون وقيل يتخير المالك . " .
والأظهر أنه يخرج " المالك " ما شاء " من النوعين " مقسطا عليهما بالقيمة " رعاية للجانبين . " .
فإذا كان " أي وجد " ثلاثون عنزا " وهي أنثى المعز " وعشر نعجات " من الضأن " أخذ " الساعي " عنزا أو نعجة بقيمة ثلاثة أرباع عنز وربع نعجة " فلو كانت قيمة عنز مجزئة دينارا ونعجة مجزئة دينارين لزمه عنز أو نعجة قيمتها دينار وربع وفي عكس المثال المذكور نعجة أو عنز بقيمة ثلاثة أرباع نعجة وربع عنز .
تنبيه .
لو عبر المصنف ب أعطى دون أخذ لكان أولى لأن الخيرة للمالك .
ثم شرع في أسباب النقص في الزكاة وهي خمسة المرض والعيب والذكورة والصغر ورداءة النوع فقال " ولا تؤخذ مريضة ولا معيبة " مما ترد به في البيع لقوله تعالى " ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون " " .
إلا من مثلها " بأن تمحضت ماشيته منها .
ومعلوم أن الخنوثة لا تؤثر في ابن اللبون وإن كانت عيبا في المبيع لأن المستحقين شركاء فكانوا كسائر الشركاء فتكفي مريضة متوسطة ومعيبة من الوسط .
فإن اختلف ماله نقصا وكمالا واتحد جنسا أخرج واحدا كاملا أو أكثر برعاية القيمة مثاله أربعون شاة نصفها مراض أو معيب وقيمة كل صحيحة ديناران وكل مريضة أو معيبة دينار لزمه صحيحة بدينار ونصف دينار فإن لم يكن فيها إلا صحيحة فعليه صحيحة بتسعة وثلاثين جزءا من أربعين جزءا من قيمة مريضة أو معيبة وبجزء من أربعين جزءا من قيمة صحيحة وذلك دينار وربع عشر دينار وعلى هذا فقس .
وإذا كان الصحيح من ماشيته دون قدر الواجب كان وجب شاتان في غنم ليس فيها إلا صحيحة أجزأه صحيحة بالقسط ومريضة . " .
ولا " يؤخذ " ذكر " لأن النص ورد في الإناث " إلا إذا وجب " كابن اللبون والحق والذكر من الشياه في الإبل فيما مر والتبيع في البقر . " .
وكذا لو تمحضت " ماشيته " ذكورا في الأصح " كما يجوز أخذ المريضة والمعيبة من مثلها فعلى هذا يؤخذ في ست وثلاثين ابن لبون أكثر قيمة من ابن لبون يؤخذ في خمس وعشرين منها لئلا يسوى بين النصابين ويعرف ذلك بالتقويم والنسبة فإذا كانت قيمة المأخوذ في خمس وعشرين خمسين درهما تكون قيمة المأخوذ في ستة وثلاثين اثنين وسبعين درهما بنسبة زيادة الجملة الثانية على الجملة الأولى وهي خمسان وخمس خمس .
والثاني لا يجوز إلا أنثى للتنصيص على الإناث في الحديث وعلى هذا لا تؤخذ أنثى كانت تؤخذ لو تمحضت إناثا بل تؤخذ أنثى قيمتها ما تقتضي النسبة فإذا كانت قيمتها إناثا ألفين وقيمة الأنثى المأخوذة عنها خمسين وقيمتها ذكورا ألفا أخذ عنها أنثى قيمتها خمسة وعشرون .
ومحل الخلاف في الإبل والبقر أما الغنم فالمذهب القطع بإجزاء الذكر وقيل على الوجهين .
والمنقسمة من الثلاث إلى الذكور والاناث لا تؤخذ عنها إلا الإناث كالمتمحضة إناثا وعلى هذا يعتبر في المأخوذة كونها دون المأخوذة من محض الإناث بطريق التقسيط فإن تعدد واجبه وليس له إلا أنثى واحدة أخرجها وذكرا معها . " .
و " يؤخذ " في الصغار ( 1 / 376 ) صغيرة في الجديد " كما تؤخذ المريضة من المراض ولقول أبي بكر Bه ولومنعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله A لقاتلتهم على منعها رواه البخاري .
والعناق هي الصغيرة من المعز لم تبلغ سنة ويتصور ذلك بموت الأمهات عنها من الثلاث فيبنى حولها على حولها كما سيأتي أو يملك نصابا من صغار المعز ويتم لها حول فتجب فيها الزكاة وإن لم تبلغ سن الإجزاء لأن واجبها ما له سنتان .
والقديم لا تؤخذ إلا الكبيرة لكن دون الكبيرة المأخوذة من الكبار في القيمة وحكى الخلاف وجهين أيضا .
وعلى الأول يجتهد الساعي في غير الغنم ويحترز عن التسوية بين القليل والكثير فيأخذ في ست وثلاثين فصيلا فوق المأخوذ في خمس وعشرين وفي ست وأربعين فوق المأخوذ في ست وثلاثين وعلى هذا القياس .
ولو تبعضت ماشيته إلى صغار وكبار فقياس ما تقدم وجوب كبيرة في الجديد أي بالتقسيط كما تقدم وفي القديم يؤخذ كبيرة بالقسط فحينئذ يتحد القولان .
تنبيه .
محل إجزاء الصغير إذا كان من الجنس فإن كان من غيره كخمسة أبعرة صغار أخرج عنها شاة لم يجز إلا ما يجزىء في الكبار . " .
ولا " تؤخذ " ربى " بضم الراء وتشديد الباء الموحدة والقصر وهي الحديثة العهد بالنتاج شاة كانت أو ناقة أو بقرة .
ويطلق عليها هذا الاسم قال الإزهري إلى خمسة عشر يوما من ولادتها و الجوهري إلى شهرين .
سميت بذلك لأنها تربي ولدها . " .
و " لا تؤخذ " أكولة " وهي بفتح الهمزة وضم الكاف على التخفيف المسمنة للأكل كما قاله في المحرر . " .
و " لا " حامل و " لا " خيار " لقوله A لمعاذ إياك وكرائم أموالهم ولقول عمر رضي الله تعالى عنه ولا تؤخذ الأكولة ولا الربى ولا الماخض أي الحامل ولا فحل الغنم .
نعم لو كانت ماشيته كلها كذلك أخذ منها إلا الحوامل فلا يطالب بحامل منها لأن الأربعين مثلا فيها شاة واحدة والحامل شاتان كذا نقله الإمام عن صاحب التقريب واستحسنه . " .
إلا برضا المالك " في الجميع لأنه محسن بالزيادة وقد قال تعالى " ما على المحسنين من سبيل " .
ثم شرع في زكاة الخلطة وهي نوعان الأول خلطة شركة وتسمى خلطة أعيان لأن كل عين مشتركة وخلطة شيوع .
وقد ذكره بقوله " ولو اشترك أهل الزكاة " كاثنين " في ماشية " من جنس بإرث أو شراء أو غيره وهي نصاب أو أقل ولأحدهما نصاب فأكثر وداما على ذلك " زكيا كرجل " واحد لأن خلطة الجوار تفيد ذلك كما سيأتي فخلطة الأعيان بطريق الأولى .
وهذه الشركة قد تفيدهما تخفيفا كالاشتراك في ثمانين على السواء أو تثقيلا كالاشتراك في أربعين أو تخفيفا على أحدهما وتثقيلا على الآخر كأن ملكا ستين لأحدهما ثلثاها وللآخر ثلثها .
وقد لا تفيد تخفيفا ولا تثقيلا كمائتين على السواء .
وتأتي الأقسام في خلطة الجوار أيضا وقد شرع فيها وهي النوع الثاني فقال " وكذا لو خلطا مجاورة " وهو جائز بالإجماع كما نقله الشيخ أبو حامد لقوله A في خبر أنس كما رواه البخاري لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة .
نهى المالك عن التفريق وعن الجمع خشية وجوبها أو كثرتها ونهى الساعي عنها خشية سقوطها أو قلتها والخبر ظاهر في خلطة الجوار ومثلها خلطة الشيوخ بل أولى ويسمى هذا النوع خلطة جوار وخلطة أوصاف .
تنبيه .
قوله أهل الزكاة قيد في الخلطتين فلو كان أحد المالين موقوفا أو لذمي أو مكاتب أو لبيت المال لم تؤثر الخلطة شيئا بل يعتبر نصيب من هو من أهل الزكاة إن بلغ نصابا زكاه زكاة المنفرد وإلا فلا زكاة .
وقد أهمل المصنف ثلاثة شروط قدرتها في كلامه الأول كون المالين من جنس واحد لا غنم مع بقر .
الثاني كون مجموع المالين نصابا فأكثر فلا خلطة ولا زكاة .
الثالث دوام الخلطة سنة إن كان المال حوليا فلو ملك كل منهما أربعين شاة في أول المحرم وخلطا في أول صفر فالجديد أنه لا خلطة في الحول بل إذا جاء المحرم وجب على كل منهما شاة وإن لم يكن حوليا اشترط بقاؤها إلى زهو الثمر واشتداد الحب في النبات .
وإنما تجب الزكاة في شركة المجاورة " بشرط أن لا تتميز " ماشية أحدهما عن ( 1 / 377 ) ماشية الآخر " في المشرب " وهو موضع شرب الماشية ولا في المكان الذي توقف فيه عند إرادة سقيها ولا في الذي تنحي إليه لشرب غيرها " و " لا في " المسرح " وهو الموضع الذي تجتمع فيه ثم تساق إلى المرعى ولا في المرعى وهو الموضع الذي ترعى فيه ويشترط أيضا اتحاد الممر بينهما كما في المجموع . " .
و " لا في " المراح " وهو بضم الميم مأواها ليلا " و " لا في " موضع الحلب " وهو بفتح اللام يقال للبن وللمصدر وهو المراد هنا وحكي سكونها لأنه إذا تميز مال كل واحد منهم بشيء مما ذكر لم يصيرا كمال واحد والقصد بالخلطة أن يصيرا لما لان كمال واحد لتخف المؤنة .
قال الرافعي في الشرح الصغير وليس المقصود أن لا يكون لها إلا مشرع أو مرعى أو مراح واحد بالذات بل لا بأس بتعددها ولكن ينبغي أن لا تختص ماشية هذا بمراح ومسرح وماشية ذاك بمراح ومسرح . " .
وكذا " يشترط اتحاد " الفحل والراعي في الأصح " وفي الروضة المذهب وبه قطع الجمهور في الفحل وكثير من الأصحاب في الراعي .
ويجوز تعدد الرعاة قطعا بشرط أن لا تنفرد هذه عن هذه براع والثاني لا يشترط الاتحاد في الراعي لأن الافتراق فيه لا يرجع إلى نفس المال .
والمراد بالاتحاد أن يكون الفحل أو الفحول مرسلة فيها تنزو على كل من الماشيتين بحيث لا تختص ماشية هذا بفحل عن ماشية الآخر وإن كانت ملكا لأحدهما أو معارا له أو لهما إلا إذا اختلف النوع كضأن ومعز فلا يضر اختلافه قطعا للضرورة وإذا قلنا بالمذهب اشترط أن يكون الإنزاء في مكان واحد كالحلب .
تنبيه .
لو افترقت ماشيتهما زمانا طويلا ولو بلا قصد ضر فإن كان يسيرا ولم يعلما به لم يضر فإن علما به وأقراه أو قصدا ذلك أو علمه أحدهما فقط كما قاله الأذرعي ضر .
و " لا " تشترط " نية الخلطة في الأصح " لأن خفة المؤنة باتحاد المواقف لا تختلف بالقصد وعدمه وإنما اشترط الاتحاد فيما مر ليجتمع المالان كالمال الواحد ولتخف المؤنة على المحسن بالزكاة والثاني تشترط لأن الخلطة مغيرة لمقدار الزكاة فلا بد من قصده دفعا لضرره في الزيادة وضرر المستحقين في النقصان .
تنبيهات الأول أفهمت عبارته أنه لا يشترط اتحاد الحالب ولا الإناء الذي يحلب فيه وهو الأصح كما لا يشترط اتحاد آلة الجز ولا خلط اللبن على الأصح .
الثاني محل ما تقدم إذا لم يتقدم للخليطين حالة انفراد فإن انعقد الحول على الانفراد ثم طرأت الخلطة فإن اتفق حولاهما بأن ملك كل واحد أربعين شاة ثم خلطا في أثناء الحول لم تثبت الخلطة في السنة الأولى فيجب على كل واحد عند تمامها شاة .
وإن اختلف حولاهما بأن ملك هذا غرة المحرم وهذا غرة صفر وخلطا غرة شهر ربيع فعلى كل واحد عند انقضاء حوله شاة .
وإذا طرأ الانفراد على الخلطة فمن بلغ ماله نصابا زكاه ومن لا فلا .
الثالث أهمل المصنف حكم التراجع إذ يجوز للساعي الأخذ من مال أحد الخليطين وإن لم يضطر إليه فإذا أخذ شاة مثلا من أحدهما رجع على صاحبه بما يخصه من قيمتها لا منها لأنها غير مثلية فلو خلطا مائة بمائة وأخذ الساعي من أحدهما شاتين فكذلك فإن أخذ من كل شاة فلا تراجع وإن اختلفت قيمتها فلو كان لزيد مائة ولعمرو خمسون وأخذ الساعي الشاتين من عمرو رجع بثلثي قيمتها أو من زيد رجع بالثلث وإن أخذ من كل شاة رجع زيد بثلث قيمة شاته وعمرو بثلثي قيمته شاته وإذا تنازعا في قيمة المأخوذة فالقول قول المرجوع عليه لأنه غارم .
ولو كان لأحدهما ثلاثون من البقر وللآخر أربعون منها فواجبهما تبيع ومسنة على صاحب الثلاثين ثلاثة أسباعهما وعلى صاحب الأربعين أربعة أسباع .
فإن أخذهما الساعي من صاحب الأربعين رجع على الآخر بثلاثة أسباع قيمتهما وإن أخذهما من الآخر رجع بأربعة أسباع .
وإن أخذ التبيع من صاحب الأربعين والمسنة من الآخر رجع صاحب المسنة بأربعة أسباعها وصاحب التبيع بثلاثة أسباعه .
وإن أخذ المسنة من صاحب الأربعين والتبيع من الآخر فالمنصوص أن لا رجوع لواحد منهما على الآخر لأن كلا منهما لم يؤخذ منه إلا ما عليه وقيل يرجع صاحب المسنة بثلاثة أسباعها وصاحب التبيع بأربعة أسباعه . " .
والأظهر تأثير خلطة الثمر والزرع والنقد وعرض التجارة " باشتراك أو مجاورة كما في الماشية لعموم قوله صلى الله عليه ( 1 / 378 ) لا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة ولأن المقتضى لتأثير الخلطة في الماشية هو خفة المؤنة وذلك موجود هنا للاتفاق باتحاد الجرين والناطور وغيرهما .
والثاني وهو القديم لا تؤثر مطلقا لأن المواشي فيها أوقاص فالخلطة فيها تنفع المالك تارة والمستحقين أخرى ولا وقص في غير المواشي .
والثالث تؤثر في خلطة الاشتراك فقط وعلى الأول إنما تؤثر خلطة الجوار في المزارعة . " .
بشرط أن لا يتميز الناطور " وهو بالمهملة أشهر من المعجمة حافظ الزرع والشجر . " .
والجرين " وهو بفتح الجيم موضع تجفيف الثمار والبيدر وهو بفتح الموحدة والدال المهملة موضع تصفية الحنطة قاله الجوهري .
وقال الثعالبي الجرين للزبيب والبيدر للحنطة والمربد بكسر الميم وإسكان الراء للتمر . " .
و " في التجارة بشرط أن لا يتميز " الدكان " وهو بضم الدال المهملة الحانوت . " .
والحارس " وهو معروف . " .
ومكان الحفظ " كخزانة وإن كان مال كل بزاوية . " .
ونحوها " كالميزان والوزان والنقاد والمنادي والحراث وجذاذ النخل والكيال والجمال والمتعهد والملقح والحصاد وما يسقى به لهما فإذا كان لكل منهما نخيل أو زرع مجاور لنخيل الآخر أو لزرعه أو لكل واحد كيس فيه نقد في صندوق واحد وأمتعة تجارة في مخزن واحد ولم يتميز أحدهما عن الآخر بشيء مما سبق نبتت الخلطة لأن المالين يصيران بذلك كالمال الواحد كما دلت عليه السنة في الماشية . " .
ولوجوب زكاة الماشية " أي الزكاة فيها " شرطان " مضافان لما مر من كونهما نصابا من النعم ولما سيأتي من كمال الملك وإسلام المالك وحريته .
وكان الأولى أن يقول ولوجوب زكاة النعم لأن النعم هو الأخص المتكلم عليه وهو أحد الشرطين .
الشرط الثالث " مضي الحول " سمي بذلك لأنه حال أي ذهب وأتى غيره . " .
في ملكه " لحديث لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول رواه أبو داود ولم يضعفه ولأنه لا يتكامل نماؤه قبل تمام الحول . " .
لكن ما نتج " بضم النون وكسر التاء على البناء للمفعول " من نصاب " وتم انفصاله قبل تمام حول النصاب ولو بلحظة . " .
يزكى بحوله " أي النصاب لكن بشرط أن يكون مملوكا لمالك النصاب بالسبب الذي ملك به النصاب إن اقتضى الحال وجوب الزكاة فيه وإن ماتت الأمهات لقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه لساعيه اعتد عليهم بالسخلة وهي تقع على الذكر والأنثى من الضأن والمعز ما لم تبلغ سنة رواه مالك في الموطأ .
ولأن الحول إنما اعتبر لتكامل النماء الحاصل والنتاج نماء في نفسه فعلى هذا إذا كان عنده مائة وعشرون من الغنم فولدت واحدة منها سخلة قبل الحول ولو بلحظة والأمهات كلها باقية لزمه شاتان .
ولو ماتت الأمهات وبقي منها دون النصاب أو ماتت كلها وبقي النتاج نصابا في الصورة الثانية أو ما يكمل به في الصورة الأولى زكى بحول الأصل .
أما لو انفصل النتاج بعد الحول أو قبله ولم يتم انفصاله إلا بعده كجنين خرج بعضه في الحول ولم يتم انفصاله إلا بعد تمام الحول لم يكن حول النصاب حوله لانقضاء حول أصله لأن الحول الثاني أولى به .
واحترز بقوله نتج عن المستفاد بشراء أو غيره كما سيأتي وبقوله من نصاب عما نتج من دونه كعشرين شاة نتجت عشرين وفحولها من حين تمام النصاب .
وبقولنا بشرط أن يكون مملوكا إلخ عما لو أوصى بالحمل لشخص لم يضم النتاج لحول الوارث وكذا لو أوصى الموصي له بالحمل به قبل انفصاله لمالك الأمهات ثم مات ثم حصل النتاج لم يزك بحول الأصل كما نقله في الكفاية عن المتولي وأقره .
ولو كان النتاج من غير نوع الأمهات بأن حملت الضأن بمعز أو بالعكس فعلى الخلاف في تكميل أحد النوعين بالآخر .
فإن قيل شرط وجوب الزكاة السوم في كلإ مباح فكيف وجبت الزكاة في النتاج أجيب بأن اشتراطه خاص بغير النتاج التابع لأمه في الحول ولو سلم عمومه له فاللبن كالكلإ لأنه ناشيء منه على أنه لا يشترط في الكلإ أن يكون مباحا على ما يأتي بيانه ولأن اللبن الذي تشربه السخلة لا يعده مؤنة في العرف لأنه يأتي من عند الله تعالى ويستخلف إذا حلب فهو شبيه بالماء ولأن اللبن وإن عد شربه مؤنة إلا أنه قد تعلق به حق الله تعالى فإنه يجب صرفه في سقي السخلة ولا يجوز للمالك أن يحلب إلا ما فضل عن ولدها .
وإذا تعلق به حق الله تعالى كان مقدما على حق المالك بدليل أنه يحرم على مالك الماء أن يتصرف فيه بالبيع وغيره بعد دخول وقت الصلاة إذا لم يكن معه غيره ولو باعه أو وهبه بعد دخول الوقت لم ( 1 / 379 ) يصح لتعلق حق الله تعالى به ويجب صرفه إلى الوضوء فكذا لبن الشاة يجب صرفه إلى السخلة فلا تسقط الزكاة .
قال في الروضة والمجموع وفائدة الضم إنما تظهر إذا بلغت بالنتاج نصابا آخر بأن ملك مائة شاة فنتجت إحدى وعشرين فيجب شاتان فلو نتجت عشرة فقط لم يفد ا . ه " .
واعترض بظهور فائدته وإن لم تبلغ نصابا آخر عند التلف بأن ملك أربعين فولدت عشرين ثم مات من الأمهات عشرون . " .
ولا يضم المملوك بشراء أو غيره " كهبة وارث ووصية إلى ما عنده " في الحول " لأنه ليس في معنى النتاج لأن الدليل قد قام على اشتراط الحول خرج النتاج لما مر فبقي ما عداه على الأصل .
واحترز بقوله في الحول عن النصاب فإنه يضم إليه فيه على المذهب لأنه بالكثرة فيه بلغ حدا يحتمل المواساة فلو ملك ثلاثين بقرة غرة المحرم ثم اشترى عشرا أو ورثها أو نحو ذلك أول رجب فعليه عند تمام الحول الأول في الثلاثين تبيع ولكل حول بعده ثلاثة أرباع مسنة وعند تمام كل حول للعشر ربع مسنة . " .
فلو ادعى " المالك " النتاج بعد الحول " أو أنه استفاده بنحو شراء وادعى الساعي خلافه واحتمل ما يقول كل منهما . " .
صدق " المالك لأنه مؤتمن والأصل معه . " .
فإن اتهم حلف " استحبابا احتياطا لحق المستحقين فإن نكل ترك ولا يجوز تحليف الساعي لأنه وكيل ولا المستحقين لأنهم غير معينين .
الشرط الرابع بقاء الملك في الماشية جميع الحول كما يؤخذ من قوله " ولو زال ملكه في الحول " عن النصاب أو بعضه ببيع أو غيره " فعاد " بشراء أو غيره " أو بادل بمثله " مبادلة صحيحة لا للتجارة بغير الصرف كإبل بابل أو بجنس آخر كإبل ببقر . " .
استأنف " الحول لانقطاع الأول بما فعله فصار ملكا جديدا فلا بد له من حول للحديث المتقدم .
وتعبيره بالفاء الدالة على التعقيب وبقوله بمثله يؤخذ منه الاستئناف عند طول الزمن وعند اختلاف النوع بطريق الأولى وكل ذلك مكروه فرارا من الزكاة كراهة تنزيه لأنه فرار من القربة بخلاف ما إذا كان لحاجة أو لها وللفرار أو مطلقا على ما أفهمه كلامهم .
فإن قيل يشكل عدم الكراهة فيما إذا كان لحاجة وقصد الفرار بما إذا اتخذ ضبة صغيرة لزينة وحاجة .
أجيب بأن الضبة فيها اتخاذ فقوي المنع بخلاف الفرار فلو عاوض غيره بأن أخذ منه تسعة عشر دينارا بتسعة عشر دينارا من عشرين دينارا زكى الدينار لحوله والتسعة عشر لحولها .
وقال في الوجيز يحرم إذا قصد بذلك الفرار من الزكاة وزاد في الإحياء أنه لا تبرأ الذمة في الباطن وأن أبا يوسف كان يفعله ثم قال والعلم علمان ضار ونافع قال وهذا من العلم الضار .
وقال ابن الصلاح يكون آثما بقصده لا بفعله .
أما المبادلة الفاسدة فلا تقطع الحول وإن اتصلت بالقبض لأنها لا تزيل الملك .
ويتناول كلامه ما إذا باع النقد بعضه ببعض للتجارة كالصيارفة فإنهم يستأنفون الحول كلما بادلوا ولذلك قال ابن سريج بشر الصيارفة بأن لا زكاة عليهم .
ولو باع النصاب قبل تمام حوله ثم رد عليه بعيب أو إقالة استأنف الحول من حين الرد فإن حال الحول قبل العلم بالعيب امتنع الرد في الحال لتعلق الزكاة بالمال فهو عيب حادث عند المشتري وتأخير الرد بإخراجها لا يبطل به الرد قبل التمكن من أدائها .
فإن سارع إلى إخراجها أو لم يعلم بالعيب إلا بعد إخراجها نظر فإن أخرجها من المال أو غيره بأن باع منه بقدرها واشترى بثمنه واجبه لم يرد لتفريق الصفقة وله الأرش وإن أخرجها من غيره رد إذ لا شركة حقيقة بدليل جواز الأداء من مال آخر أي إذا باع ذهبا بذهب .
أما إذا باع فضة بذهب أو عكسه فإنه تلزمه فيه الزكاة لأنه يبني حوله على بيعه الأول ولو باع النصاب بشرط الخيار فإن كان الملك للبائع بأن كان الخيار له أو موقوفا بأن كان الخيار لهما ثم فسخ العقد لم ينقطع الحول لعدم تجدد الملك وإن كان الخيار للمشتري .
فإن فسخ استأنف البائع الحول .
وإن أجاز فالزكاة عليه وحوله من العقد .
ولو مات المالك في أثناء الحول استأنف الوارث حوله من وقت الموت .
وملك المرتد وزكاته وحوله موقوفات فإن عاد إلى الإسلام تبينا بقاء ملكه وحوله ووجوب زكاته عليه عند تمام حوله وإلا فلا . " .
و " الشرط الثاني في كلام المصنف وهو الشرط الخامس " كونها سائمة " أي راعية ففي خبر أنس وفي صدقة الغنم في سائمتها إلخ دل لمفهومه على نفي الزكاة في ( 1 / 380 ) معلوفة الغنم وقيس بها الإبل والبقر .
وفي خبر أبي داود وغيره في كل سائمة إبل في أربعين بنت لبون وقال الحاكم صحيح الإسناد .
واختصت السائمة بالزكاة لتوفر مؤنتها بالرعي في كلإ مباح . " .
فإن علفت معظم الحول " ليلا ونهارا ولو مفرقا " فلا زكاة " فيها لأن الغلبة لها تأثير في الأحكام " وإلا " بأن علفت دون المعظم " فالأصح أن علفت قدرا تعيش بدونه بلا ضرر بين وجبت " زكاتها لخفة المؤنة " وإلا " أي وإن كانت لا تعيش في تلك المدة بدونه أو تعيش ولكن بضرر بين " فلا " تجب فيها زكاة لظهور المؤنة والماشية تصبر اليومين ولا تصبر الثلاثة غالبا .
والثاني إن علفت قدرا يعد مؤنة بالإضافة إلى رفق الماشية فلا زكاة وإن كان حقيرا بالإضافة إليه وجبت .
وفسر الرفق بدرها ونسلها وصوفها ووبرها .
ولو أسيمت في كلإ مملوك فهل هي سائمة أو معلوفة وجهان أحدهما وهو المعتمد كما جزم به ابن المقري وأفتى به القفال أنها سائمة لأن قيمة الكلإ غالبا تافهة ولا كلفة فيه لعدم جزه .
والثاني أنها معلوفة لوجود المؤنة .
ورجح السبكي أنها سائمة إن لم يكن للكلإ قيمة أو كانت قيمته يسيرة لا يعد مثلها كلفة في مقابلة نمائها وإلا فمعلوفة .
أما إذا جزه وأطعمها إياه ولو في المرعى فليست بسائمة كما أفتى به القفال وجزم به ابن المقري . " .
ولو سامت " الماشية " بنفسها " أو بالغاصب أو المشتري شراء فاسدا لم تجب الزكاة في الأصح لعدم إسامة المالك وإنما اعتبر قصده دون قصد الاعتلاف لأن السوم يؤثر في وجوب الزكاة فاعتبر فيه قصده والاعتلاف يؤثر في سقوطها فلا يعتبر قصده لأن الأصل عدم وجوبها . " .
أو اعتلفت السائمة " بنفسها أو علفها الغاصب القدر المؤثر من العلف فيهما لم تجب الزكاة في الأصح لعدم السوم وكالغاصب المشتري شراء فاسدا . " .
أو كانت عوامل " للمالك أو بأجرة " في حرث ونضح " وهو حمل الماء للشرب " ونحوه " كحمل غير الماء ولو كان محرما " فلا زكاة في الأصح " لأنها لا تقتنى للنماء بل للاستعمال كثياب البدن ومتاع الدار فقوله في الأصح راجع للضمير كما تقرر ولا بد أن يستعملها القدر الذي علفها فيه سقطت الزكاة كما نقله البندنيجي عن الشيخ أبي حامد وفرق بين المستعملة في محرم وبين الحلي المستعمل فيه بأن الأصل فيها الحل وفي الذهب والفضة الحرمة إلا ما رخص فإذا استعملت الماشية في المحرم رجعت إلى أصلها ولا ينظر إلى الفعل الخسيس وإذا استعمل الحلي في ذلك فقد استعمل في أصله ولا أثر لمجرد نية العلف .
ولو قصد بالعلف قطع السوم انقطع الحول والكلأ المغصوب كالمملوك فيما ذكر فيه .
وعلم مما تقرر أن المعتبر الإسامة من المالك أو من يقوم مقامه حتى لو غصبت وهي معلوفة فردها الغاصب إلى الحاكم في غيبة المالك فأسامها الحاكم وجبت فيها الزكاة كما قاله في البحر .
قال الأذرعي والظاهر أن إسامة ولي المحجور كإسامة الرشيد لكن لو كان الحظ للمحجور في تركها فهذا موضع تأمل ا . ه " .
ولا يحتاج إلى تأمل بل ينبغي القطع بعدم صحة الإسامة في هذه الحالة .
قال والظاهر أنه لو ورث سائمة ودامت كذلك ولم يعلم بإرثها إلا بعد لأن الزكاة تجب وإن لم يسمها بنفسه ولا بنائبه ولم أره نصا ا . ه " .
وهذا ممنوع والأصح أنه لا بد من إسامة الوارث .
قال في الحاوي الصغير وإسامة المالك الماشية فلا تجب في سائمة ورثها وتم حولها ولم يعلم به . " .
وإذا وردت " أي الماشية " ماء أخذت زكاتها عنده " لأنه أسهل على المالك والساعي وأقرب إلى الضبط من المرعى فلا يكلفهم الساعي ردها إلى البلد كما لا يلزمه أن يتبع المراعي وفي الحديث تؤخذ صدقات المسلمين على مياههم رواه الإمام أحمد في مسنده .
ولو كان له ماشيتان عند ماءين أمر بجمعهما عند أحدهما إلا أن يعسر عليه ذلك . " .
وإلا " أي وإن لم ترد الماء بأن استغنت عنه في زمن الربيع بالكلإ " فعند بيوت أهلها " وأفنيتهم وذلك لخبر البيهقي تؤخذ صدقات أهل البادية على مياههم وأفنيتهم وهو إشارة إلى الحالتين السابقتين . " .
ويصدق المالك ( 1 / 381 ) وأولى منه المخرج ليشمل الولي والوكيل " في عددها إن كان ثقة " لأنه أمين وله مع ذلك أن يعدها . " .
وإلا " أي وإن لم يكن ثقة أو قال لا أعرف عددها " فتعد " والأسهل عدها " عند مضيق " تمر به لأنه أبعد عن الغلظ فتمر واحدة واحدة وبيد كل من المالك والساعي أو نائبهما قضيب يشيران به إلى كل واحدة واحدة أو يصيبان به ظهرها فإن اختلفا بعد العدد وكانا لواجب يختلف به أعادا العد " .
فائدة : .
إذا كانت الماشية مستوحشة وكان في أخذها وإمساكها مشقة كان على رب المال أن يأخذ السن الواجب عليه ويسلمه إلى الساعي فإن كان لا يمكن إمساكها إلا بعقال كان على المالك ذلك وعلى هذا حملوا قول أبي بكر رضي الله تعالى عنه والله لومنعوني عقالا لأن العقال هنا من تمام التسليم .
خاتمة سن للساعي إذا أخذ الزكاة أن يدعو للمالك ترغيبا له في الخير وتطييبا لقلبه فيقول آجرك الله فيما أعطيت وجعله لك طهورا وبارك لك فيما أبقيت ولا يتعين دعاء وفي وجه أن الدعاء واجب وقيل إن سأله المالك وجب .
ويكره أن يصلي عليه في الأصح وقيل يستحب وقيل خلاف الأولى وقيل يحرم .
قال الشيخ أبو محمد والسلام في معنى الصلاة فلا يفرد به غير الأنبياء وهو سنة في المخاطبة للأحياء والأموات .
قال المصنف C تعالى ويسن لكل من أعطى زكاة أو صدقة أو نذرا أو كفارة أو نحوها أي من إلقاء درس أو تصنيف أو أتى بورد أن يقول ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم . "