في الجمعة وغيرها وما نذكر معها " يسن الغسل لحاضرها " أي لمن يريد حضورها وإن لم تجب عليه الجمعة لحديث إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل ولخبر البيهقي بسند صحيح من أتى الجمعة من الرجال والنساء فليغتسل ومن لم يأتها فليس عليه غسل " وقيل " يسن " لكل أحد " حضر أم لا كالعيد ويفارق ( 1 / 291 ) العيد على الأول حيث لم يختص بمن حضر بأن غسله للزينة وإظهار السرور وهذا للتنظيف ودفع الأذى عن الناس ومثله يأتي في التزين .
وروي غسل الجمعة واجب على كل محتلم أي متأكد وحق على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام يوما زاد النسائي هو يوم الجمعة وهذا مما انفردت به الجمعة عن بقية المكتوبات الخمس .
وصرف هذه الأحاديث عن الوجوب خبر من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ومن اغتسل فالغسل أفضل رواه الترمذي وحسنه .
قوله فبها أي بالسنة أخذ أي بما جوزته من الوضوء مقتصرا عليه .
ونعمت الخصلة أو الفعلة والغسل معها أفضل وخبر من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فدنا واستمع وأنصت غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام .
وفي الصحيحين أن عثمان دخل و عمر يخطب فقال ما بال رجال يتأخرون عن النداء فقال عثمان يا أمير المؤمنين ما زدت حين سمعت النداء أن توضأت ثم جئت فقال عمر والوضوء أيضا ألم تسمعوا رسول الله A يقول إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل " ووقته من الفجر " الصادق لأن الأخبار علقته باليوم كقوله A من اغتسل يوم الجمعة ثم راح في الساعة الأولى الحديث فلا يجزىء قبله .
وقيل وقته من نصف الليل كالعيد والفرق ظاهر لبقاء أثره إلى صلاة العيد لقرب الزمن ولأنه لو لم يجز قبل الفجر لضاق الوقت وتأخر عن التبكير إلى الصلاة والغرض من ذلك أن الغسل لها سنة من بعد الفجر . " .
وتقريبه من ذهابه " إلى الجمعة " أفضل " لأنه أبلغ في المقصود من انتفاء الرائحة الكريهة ولو تعارض الغسل والتكبير فمراعاة الغسل أولى كما قاله الزركشي لأنه مختلف في وجوبه وقيل إن كان بجسده ريح كريهة اغتسل وإلا بكر .
ولا يبطل غسل الجمعة الحدث فيتوضأ ولا الجنابة فيغتسل ويكره تركه بلا عذر على الأصح . " .
فإن عجز " عن الماء بأن توضأ ثم عدمه أو كان جريحا في غير أعضاء الوضوء " تيمم في الأصح " بنية الغسل بأن ينوي التيمم عن غسل الجمعة إحرازا للفضيلة كسائر الأغسال .
والثاني لا يتيمم لأن المقصود من الغسل التنظيف وقطع الرائحة الكريهة والتيمم لا يفيده وهذا احتمال للإمام أثبته الغزالي وجها . " .
ومن المسنون غسل العيد " الأصغر والأكبر " والكسوف " للشمس والقمر " والاستسقاء " لاجتماع الناس لذلك كالجمعة وستأتي أوقات هذه الأغسال في أبوابها . " .
و " الغسل " لغاسل الميت " سواء أكان الميت مسلما أم لا وسواء أكان الغاسل طاهرا أم لا كحائض لقوله A من غسل ميتا فليغتسل ومن حمله فليتوضأ رواه الترمذي وحسنه .
وإنما لم يجب لقوله A ليس عليكم من غسل ميتكم غسل إذا غسلتموه رواه الحاكم وقال إنه على شرط البخاري وقيس بالغسل الوضوء .
وقوله ومن حمله أي أو أراد حمله فليتوضأ ليكون على طهارة وقيل يتوضأ من حمله لاحتمال أنه خرج منه شيء لم يعلم به .
ويسن الوضوء من مسه " و " غسل " المجنون والمغمى عليه إذا أفاقا " ولم يتحقق منهما إنزال للإتباع في الإغماء رواه الشيخان .
وفي معناه الجنون بل أولى لأنه يقال كما قال الشافعي قل من جن إلا وأنزل .
فإن قلت لم لم يجب كما يجب الوضوء أجيب بأنه لا علامة ثم على خروج الريح بخلاف المني فإنه مشاهد فإن تحقق الإنزال وجب الغسل . " .
و " الغسل ل " كافر " بعد إسلامه " إذا أسلم " تعظيما للإسلام وقد أمر A قيس بن عاصم به لما أسلم وكذا ثمامة بن أثال رواهما ابنا خزيمة وحبان .
وإنما لم يجب لأن جماعة أسلموا ولم يأمرهم A بالغسل هذا إن لم يعرض له في كفره ما يوجب الغسل وإلا وجب على الأصح وقيل يسقط ولا عبرة بالغسل في الكفر في الأصح . " .
وأغسال الحج " الآتي بيانها في بابه إن شاء الله تعالى .
وأفاد التعبير بمن أنه قد بقيت أغسال أخر مسنونة منها الغسل من الحجامة ومن الخروج من الحمام عند إرادة الخروج وللاعتكاف ولكل ليلة من رمضان وقيده الأذرعي بمن يحضر الجماعة ولدخول الحرم ولحلق العانة ولبلوغ الصبي بالسن ولدخول المدينة وعند سيلان الوادي ولتغير رائحة البدن وعند كل اجتماع من مجامع الخير .
قال شيخنا كالاجتماع للكسوف .
وأما الغسل للصلوات الخمس فلا يسن لها كما مرت الإشارة إليه وأفتى به شيخي لما في ذلك من المشقة . " .
وآكدها ( 1 / 292 ) بمد الهمزة " غسل غاسل الميت " في الجديد لأن الغسل من غسل الميت قد اختلف في وجوبه . " .
ثم " غسل " الجمعة " يليه في الفضيلة لأنه قد اختلف في وجوبه أيضا " وعكسه القديم " فقال آكدها غسل الجمعة ثم غسل غاسل الميت . " .
قلت القديم هنا أظهر " من الجديد وصوب في الروضة الجزم به " ورجحه الأكثرون وأحاديثه " أي غسل الجمعة " صحيحة كثيرة وليس للجديد " هنا " حديث صحيح " يدل له " والله أعلم " وقد اعترض عليه في هذه الدعوى بأنه قد صحح الترمذي وابن حبان وابن السكن حديث من غسل ميتا فليغتسل وقال الماوردي خرج بعض أصحاب الحديث لصحته مائة وعشرين طريقا لكن قال البخاري الأشبه وقفه على أبي هريرة وما أحسن قول الرافعي لأن أخبار الجمعة أصح وأثبت .
ومن فوائد كون ذلك آكد التقديم له فيما إذا أوصى أو وكل بماء للأولى كما مر بيانه في التيمم .
تنبيه .
قال الزركشي قال بعضهم إذا أراد الغسل للمسنونات نوى أسبابها إلا الغسل من الجنون فإنه ينوي الجنابة وكذا المغمى عليه ذكره صاحب الفروع ا . ه " .
ومحل هذا إذا جن أو أغمي عليه بعد بلوغه لقول الشافعي قل من جن إلا وأنزل .
أما إذا جن قبل بلوغه أو أغمي عليه ثم أفاق قبله فإنه ينوي السبب كغيره . " .
و " يسن " التبكير إليها " لغير الإمام وغير ذي عذر يشق عليه البكور ليأخذوا مجالسهم وينتظروا الصلاة ولخبر الصحيحين على كل باب من أبواب المسجد ملائكة يكتبون الأول فالأول ومن اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة أي مثل غسلها ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يسمعون الذكر وفي رواية النسائي أن الساعات ست قال في الأولى والثانية والثالثة ما مر وفي الرابعة بطة والخامسة دجاجة والسادسة بيضة .
قال في المجموع وشرح مسلم المراد بالساعات الساعات الفلكية اثنا عشرة ساعة زمانية صيفا أو شتاء فمن جاء في أول ساعة منها أي مثلا ومن جاء في آخرها يشتركان في تحصيل البدنة لكن بدنة الأول أكمل من بدنة الآخر وبدنة المتوسط متوسطة .
وقال في أصل الروضة ليس المراد من الساعات الفلكية بل ترتيب درجات السابقين .
قال ابن المقري فكل داخل بالنسبة إلى من بعده كالمقرب بدنة وبالنسبة إلى من قبله بدرجة كالمقرب بقرة وبدرجتين كالمقرب كبشا وبثلاث دجاجة وبأربع بيضة وعلى هذا لا حصر للساعات والأولى الأول .
أما الإمام فيسن له التأخير إلى وقت الجمعة اقتداء به A وبخلفائه وكذا المعذور الذي يشق عليه البكور .
والساعات من طلوع الفجر الصادق لأنه أول النهار شرعا وبه يتعلق جواز غسل الجمعة وإنما ذكر في الخبر لفظ الرواح مع أنه اسم للخروج بعد الزوال كما قاله الجوهري لأنه خروج لما يؤتى به بعد الزوال على أن الأزهري منع ذلك وقال إنه مستعمل عند العرب في السير أي وقت من ليل أو نهار .
ويلزم البعيد السعي إلى الجمعة قبل الزوال لتوقف أداء الواجب عليه .
وقيل وقتها من الشمس وقيل من الضحى وقيل من الزوال .
ويستحب أن يأتي إليها " ماشيا " إن قدر ولم يشق عليه لخبر من غسل يوم الجمعة واغتسل وبكر وابتكر ومشى ولم يركب ودنا من الإمام فاستمع ولم يلغ كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها رواه الترمذي وحسنه والحاكم وصححه قال في المجموع وروي غسل بالتشديد والتخفيف وهو أرجح وعليهما في معناه ثلاثة أوجه أحدها غسل ثيابه ورأسه ثم اغتسل وإنما أفرد الرأس بالذكر لأنهم كانوا يجعلون فيه الدهن والخطمي ونحوهما وكانوا يغسلونه أولا ثم يغتسلون .
فهما سنتان وقراءة بعض من ذلك أفضل من قراءة قدره من غيرهما إلا أن يكون ذلك الغير مشتملا على ثناء كآية الكرسي قاله ابن عبد السلام .
ثانيها غسل زوجته بأن جامعها فألجأها إلى الغسل واغتسل هو ولذا قالوا يسن له الجماع في هذا اليوم ليأمن أن يرى في طريقه ما يشغل قلبه .
ثالثها غسل أعضاء الوضوء بأن توضأ ثم اغتسل للجمعة .
وروي بكر بالتخفيف والتشديد وهو أشهر فعلى التخفيف ( 1 / 293 ) معناه خرج من بيته باكرا وعلى التشديد معناه أتى بالصلاة أول وقتها .
وابتكر أي أدرك أول الخطبة وقيل هما بمعنى جمع بينهما تأكيدا وقوله مشى ولم يركب قيل هما بمعنى واحد جمع بينهما تأكيدا .
قال شيخنا والمختار أن قوله ولم يركب أفاد نفي توهم حمل المشي على المضي وإن كان راكبا ونفي احتمال أن يريد المشي ولو في بعض الطريق .
والسنة أن لا يركب فيها ولا في عيد ولا في جنازة ولا في عيادة مريض ذهابا كما قاله الرافعي وغيره إلا لعذر فيركب .
أما في الرجوع فهو مخير بين المشي والركوب لأنه A ركب في رجوعه من جنازة أبي الدحداح رواه ابن حبان وغيره وصححوه . " .
بسكينة " إذا لم يضق الوقت كما قيداه في الروضة وأصلها لحديث الصحيحين أنه A قال إذا أتيتم الصلاة فعليكم بالسكينة وهذا ليس خاصا بالجمعة بل كل صلاة قصدها المصلي كذلك .
فإن قيل قال الله تعالى " يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله " فظاهره أن السعي مطلوب .
أجيب بأن معناه امضوا لأن السعي يطلق على المضي والعدو فبينت السنة المراد به .
والسعي إليها ما لم يضق الوقت وإلى غيرها من سائر العبادات مكروه كما قاله الماوردي أما إذا ضاق الوقت فالأولى الإسراع وقال المحب الطبري يجب إذا لم يدرك الجمعة إلا به .
وحكم الراكب في ذلك كالماشي فيسير الدابة بسكون ما لم يضق الوقت .
ويسن أن يذهب في طريق طويل إن أمن الفوات وأن يرجع في آخر قصير كما في العيد . " .
و " يسن " أن يشتغل في طريقه وحضوره " قبل الخطبة " بقراءة أو ذكر " لقوله A إن الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مجلسه تقول اللهم اغفر له اللهم ارحمه ما لم يحدث وإن أحدكم في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه رواه الشيخان .
وجه الدلالة منه أن شأن المصلي الاشتغال بالقراءة والذكر .
ولفظ الطريق مزيد على المحرر بل على سائر كتب المصنف و الرافعي والمختار كما قال المصنف في تبيانه أن القراءة في الطريق جائزة غير مكروهة إذا لم يلته صاحبها فإن التهى عنها كرهت وقال الأذرعي ولعل الأحوط ترك القراءة فيها فقد كرهها بعض السلف فيه ولا سيما في مواضع الزحمة والغفلة كالأسواق . " .
ولا يتخطى " رقاب الناس لأنه A رأى رجلا يتخطى رقاب الناس فقال له اجلس فقد أذيت وأنيت أي تأخرت رواه ابن حبان والحاكم وصححاه أي فيكره له ذلك كما نص عليه في الأم وقيل يحرم واختاره في زوائد الروضة في الشهادات .
ويستثنى من ذلك صور منها الإمام إذا لم يبلغ المنبر أو المحراب إلا بالتخطي فلا يكره له لاضطراره إليه .
ومنها ما إذا وجد في الصفوف التي بين يديه فرجة لم يبلغها إلا بالتخطي رجل أو رجلين فلا يكره له وإن وجد غيرها لتقصير القوم بإخلاء فرجة لكن يستحب إذا وجد غيرها أن لا يتخطى فإن زاد في التخطي عليها ولو من صف واحد ورجا أن يتقدموا إلى الفرجة إذا أقيمت الصلاة كره لكثرة الأذى .
ومنها الرجل العظيم في النفوس إذا ألف موضعا لا يكره له لقصة عثمان المشهورة وتخطيه ولم ينكر عليه قاله القفال و المتولي وينبغي كما قال الأذرعي أن محل هذا فيمن ظهر صلاحه وولايته فإن الناس يسرون يتخطيته ويتبركون به فإن لم يكن معظما فلا يتخطى وإن ألف موضعا يصلي فيه كما قاله البندنيجي .
ومنها ما إذا سبق العبيد والصبيان أو غير المستوطنين إلى الجامع فإنه يجب على الكاملين إذا حضروا التخطي لسماع الخطبة إذا كانوا لا يسمعونها مع البعد .
ومنها إذا جلس داخل الجامع على طريق الناس .
ومنها ما إذا أذن له القوم في التخطي ولا يكره لهم الإذن والرضا بإدخالهم الضرر على أنفسهم لكن يكره لهم من جهة أخرى وهو أن الإيثار بالقرب مكروه كذا قاله ابن العماد ويؤيده قولهم ويحرم أن يقيم أحدا ليجلس مكانه ولكن يقول تفسحوا وتوسعوا فإن قام الجالس باختياره وأجلس غيره فلا كراهة في جلوس غيره وأما هو فإن انتقل إلى مكان أقرب إلى الإمام أو مثله لم يكره وإلا كره إن لم يكن عذر لأن الإيثار بالقرب مكروه .
وأما قوله تعالى " ويؤثرون على أنفسهم " فالمراد الإيثار في حظوظ النفس وهذا هو الظاهر وإن كان ظاهر كلام المجموع أن الكراهة لا تزول بالإذن .
ومنها ما إذا كان الجالسون عبيدا له أو أولادا ولهذا يجوز أن يبعث عبده ليأخذ له موضعا في الصف الأول فإذا حضر السيد تأخر العبد قاله ابن العماد .
ويجوز له أن يبعث من يقعد له في مكان ليقوم عنه إذا جاء هو ولو فرش لأحد ثوب أو نحوه فلغيره تنحيته والصلاة مكانه لا الجلوس عليه بغير رضا صاحبه ولا ( 1 / 294 ) بيده أو غيرها لئلا يدخل في ضمانه . " .
و " يسن " أن يتزين " حاضر الجمعة الذكر " بأحسن ثيابه وطيب " لحديث من اغتسل يوم الجمعة ولبس من أحسن ثيابه ومس من طيب إذا كان عنده ثم أتى الجمعة ولم يتخط أعناق الناس ثم صلى ما كتب الله له ثم أنصت إذا خرج إمامه حتى يفرغ من صلاته كان كفارة لما بينه وبين جمعته التي قبلها رواه ابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه وقال إنه صحيح على شرط مسلم .
وأفضل ثيابه البيض لخبر ألبسوا من ثيابكم البياض فإنها خير ثيابكم وكفنوا فيها موتاكم رواه الترمذي وغيره وصححوه .
ثم ما صبغ غزله قبل نسجه كالبرد لا ما صبغ منسوجا إذ يكره لبسه كما قاله البندنيجي وغيره ولم يلبسه A ولبس البرد روى البيهقي عن جابر أنه A كان له برد يلبسه في العيدين والجمعة .
وسيأتي حكم المعصفر والمزعفر أي في الباب الذي يلي هذا .
ويسن للإمام أن يزيد في حسن الهيئة والعمة والارتداء للاتباع ولأنه منظور إليه وترك لبس السواد له أولى من لبسه إلا إن خشي فتنة تترتب على تركه من سلطان أو غيره .
أما المرأة إذا أرادت حضور الجمعة فيكره لها التطيب والزينة وفاخر الثياب نعم يستحب لها قطع الرائحة الكريهة .
ومثل المرأة فيما ذكر الخثنى . " .
وإزالة الظفر " إن طال والشعر كذلك فينتف إبطه ويقص شاربه ويحلق عانته ويقوم مقام الحلق القص والنتف .
وأما المرأة فتنتف عانتها بل يجب عليها ذلك عند أمر الزوج لها به في الأصح فإن تفاحش وجب قطعا .
والعانة الشعر النابت حوالي ذكر الرجل وقبل المرأة وقيل ما حول الدبر .
قال المصنف والأولى حلق الجميع .
أما حلق الرأس فلا يندب إلا في نسك وفي المولود في سابع ولادته وفي الكافر إذا أسلم .
وأما في غير ذلك فهو مباح ولذلك قال المتولي ويتزين الذكر بحلق رأسه إن جرت عادته بذلك .
قال بعضهم وكذا لو لم تجر عادته وكان برأسه زهومة لا تزول إلا بالحلق .
ويسن دفن ما يزيله من شعر وظفر ودم .
والتوقيت في إزالة الشعر والظفر بالطول يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال وعن أنس أنه قال أقت لنا في ذلك أنه لا يترك أكثر من أربعين ليلة وسيأتي في باب الأضحية أن من أراد أن يضحي يكره له فعل ذلك في عشر ذي الحجة فهو مستثنى . " .
و " إزالة " الريح " الكريهة كالصنان لأنه يتأذى به فيزال بالماء أو غيره .
قال الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه من نظف ثوبه قل همه ومن طاب ريحه زاد عقله .
ويسن السواك .
ثم هذه الأمور لا تختص بالجمعة بل تستحب لكل حاضر يجمع كما نص عليه لكنها في الجمعة أشد استحبابا . " .
قلت وأن يقرأ الكهف يومها وليلتها " لقوله A من قرأ الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين رواه الحاكم وقال صحيح الإسناد .
وروى الدارمي والبيهقي من قرأها ليلة الجمعة أضاء له من النور ما بينه وبين البيت العتيق وفي بعض الطرق وغفر له إلى الجمعة الأخرى وفضل ثلاثة أيام وصلى عليه ألف ملك حتى يصبح وعوفي من الداء وذات الجنب والبرص والجذام وفتنة الدجال .
والظاهر كما قال الأذرعي أن المبادرة إلى قراءتها أول النهار أولى مسارعة وأمنا من الإهمال وقيل قبل طلوع الشمس وقيل بعد العصر وفي الشامل الصغير عند الرواح إلى الجامع وعن الشافعي رضي الله تعالى عنه أنه قال وأحب الإستكثار في قراءة الكهف في ليلة الجمعة وجرى عليه الجرجاني ونقل الأذرعي عن الشافعي والأصحاب أنه يسن الإكثار من قراءتها في يومها وليلتها .
قال وقراءتها نهارا آكد .
والحكمة في قراءتها أن الساعة تقوم يوم الجمعة كما ثبت في صحيح مسلم والجمعة مشبهة بها لما فيها من اجتماع الخلق .
وفي الكهف ذكر أهوال القيامة وفي الدارمي أن النبي A قال اقرءوا سورة هود يوم الجمعة وفي الترمذي من قرأ " حم " الدخان ليلة الجمعة غفر له وفي تفسير الثعلبي عن ابن عباس أن النبي A قال من قرأ آل عمران يوم الجمعة صلى الله عليه وملائكته حتى تحجب الشمس أي تغيب .
وفي الطبراني من قرأها يوم الجمعة غربت الشمس بذنوبه . " .
ويكثر الدعاء " يومها وليلتها أما يومها فلرجاء أن يصادف ساعة الإجابة لأنه A ذكر الجمعة فقال فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله تعالى شيئا إلا أعطاه إياه وأشار بيده يقللها رواه الشيخان .
وسقط في بعض الروايات قائم يصلي ( 1 / 295 ) بالصلاة انتظارها وبالقيام الملازمة .
قال في الروضة والصواب في ساعة الإجابة ما ثبت في صحيح مسلم أن النبي A قال هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن يقضي الصلاة قال في المهمات وليس المراد أن ساعة الإجابة مستغرقة لما بين الجلوس وآخر الصلاة كما يشعر به ظاهر عبارته بل المراد أن تلك الساعة لا تخرج عن هذا الوقت فإنها لحظة لطيفة ففي الصحيحين عند ذكره إياها وأشار بيده يقللها وفي رواية مسلم وهي ساعة خفيفة قال في المجموع وأما خبر يوم الجمعة ثنتا عشر ساعة فيه ساعة لا يوجد فيها مسلم يسأل الله شيئا إلا أعطاها إياه فالتمسوها آخر ساعة بعد العصر فيحتمل أن هذه الساعة منتقلة تكون يوما في وقت ويوما في وقت آخر كما هو المختار في ليلة القدر وليس المراد أنها مستغرقة للوقت المذكور بل المراد أنها لا تخرج عنه لأنها لحظة لطيفة كما مر .
قال ابن يونس الطريق في إدراك ساعة الإجابة إذا قلنا إنها تنتقل أن يقوم جماعة يوم الجمعة فيحيي كل واحد منهم ساعة منه ويدعو بعضهم لبعض .
وأما ليلتها فلقول الشافعي رضي الله تعالى عنه بلغني أن الدعاء يستجاب في ليلة الجمعة وللقياس على يومها ويستحب كثرة الصدقة وفعل الخير في ويومها وليلتها . " .
و " يكثر " الصلاة على رسول الله A " في يومها وليلتها لخبر إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فأكثروا علي من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة علي رواه أبو داود وغيره بأسانيد صحيحة وخبر أكثروا علي من الصلاة ليلة الجمعة ويوم الجمعة فمن صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا رواه البيهقي بإسناد جيد .
وقال A أقربكم مني في الجنة أكثركم صلاة علي فأكثروا من الصلاة علي في الليلة الغراء واليوم الأزهر قال الشافعي الليلة الغراء ليلة الجمعة واليوم الأزهر يومها .
قال أبو طالب المكي وأقل ذلك ثلثمائة مرة .
وروى الدارقطني عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي A قال من صلى علي يوم الجمعة ثمانين مرة غفر له ذنوب ثمانين سنة .
قيل يا رسول الله كيف الصلاة عليك قال تقول اللهم صل على محمد عبدك ونبيك ورسولك النبي الأمي وتعقد واحدة .
قال الشيخ أبو عبد الله النعمان إنه حديث حسن " .
فائدة : .
قال الأصبهاني رأيت النبي A في المنام فقلت له يا رسول الله محمد بن إدريس الشافعي ابن عمك هل خصصته بشيء قال نعم سألت ربي D أن لا يحاسبه قلت بماذا يا رسول الله فقال إنه كان يصلي علي صلاة لم يصل علي مثلها فقلت وما تلك الصلاة يا رسول الله فقال كان يقول اللهم صل على محمد كلما ذكرك الذاكرون وصل على محمد وعلى آل محمد كلما غفل عن ذكره الغافلون ا . ه " .
ويسن أن لا يصل صلاة الجمعة بصلاة للاتباع رواه مسلم .
ويكفي الفصل بينهما بكلام أو تحول أو نحوه . " .
ويحرم على ذي الجمعة " أي من تلزمه ولمن يقعد معه كما سيأتي " التشاغل بالبيع وغيره " من سائر العقود والصنائع وغيرها مما فيه تشاغل عن السعي إلى الجمعة " بعد الشروع في الأذان بين يدي الخطيب " حال جلوسه على المنبر لقوله تعالى " إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع " فورد النص في البيع وقيس عليه غيره سواء أكان عقدا أم لا ولو تبايع اثنان أحدهما فرضه الجمعة دون الآخر أثما إثما جميعا وإن لم تفهمه عبارة المصنف لارتكاب الأول النهي وإعانة الثاني له عليه ونص عليه الشافعي وما نص عليه أيضا من أن الإثم خاص بالأول حمل على إثم التفويت أما إثم المعاونة فعلى الثاني .
قال الأذرعي وغيره ويستثنى من تحريم البيع ما لو احتاج إلى ماء طهارته أو ما يواري عورته أو ما يقوته عند الاضطرار .
وأشار المصنف بالتشاغل إلى جوازه وهو سائر قال في المجموع لأن المقصود أن لا يتأخر عن السعي إلى الجمعة لكن يكره البيع ونحوه من العقود في المسجد لأنه ينزه عن ذلك وبين يدي الخطيب إلى إنهاء الأذان الذي كان في زمن رسول الله A وأبي بكر وعمر كما مر . " .
فإن باع " من حرم عليه البيع " صح " بيعه وكذا سائر عقوده لأن النهي لمعنى خارج عن العقد فلم يمنع الصحة كالصلاة في الدار المغصوبة .
ولو عبر بقوله فإن عقد لشمل ما زدته . " .
ويكره " لمن ذكر التشاغل بما ذكر " قبل ( 1 / 296 ) الأذان " المذكور " بعد الزوال والله أعلم " لدخول وقت الوجوب فالتشاغل عنه كالإعراض .
والظاهر كما بحثه الإسنوي عدم الكراهة في بلد يؤخرون فيها كثيرا كمكة شرفها الله تعالى أما قبل الزوال فلا كراهة .
وهذا مع نفي التحريم بعده وقبل الأذان المذكور محمول كما قال ابن الرفعة على من لم يلزمه السعي حينئذ وإلا فيحرم ذلك .
تتمة اتفق الأصحاب على كراهة تشبيك الأصابع في طريقه إلى المسجد وفي المسجد يوم الجمعة وغيره وكذا سائر أنواع العبث ما دام في الصلاة أو منتظرها لأنه في صلاة وروى مسلم عن أبي هريرة Bه أن النبي A قال إن أحدكم في صلاة ما كان يعمد إلى الصلاة .
فإن قيل روى البخاري أنه A شبك بين أصابعه في المسجد بعد ما سلم من الصلاة عن ركعتين في قصة ذي اليدين وشبك في غيره .
أجيب بأن الكراهة إنما هي في حق المصلي وقاصد الصلاة وهذا كان منه A بعدها في اعتقادها .
ويسن إذا أتى المسجد أن يقدم رجله اليمنى في الدخول قائلا بسم الله اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك .
قال المزني ويصلي على النبي A ويقول اللهم اجعلني من أوجه من توجه إليك وأقرب من تقرب إليك وأنجح من دعاك وتضرع وأريح من طلب إليك وروى البيهقي إن لكم في كل جمعة حجة وعمرة فالحجة التجهيز إلى الجمعة والعمرة انتظار العصر بعد الجمعة . "