حيث القصر والجمع المختص المسافر بجوازهما تخفيفا عليه لما يلحقه من مشقة السفر غالبا وذكر في هذا الباب الجمع بالمطر للمقيم .
والأصل في القصر قبل الإجماع قوله تعالى " وإذا ضربتم في الأرض " الآية قال يعلى بن أمية قلت لعمر إنما قال الله تعالى " إن خفتم " وقد أمن الناس فقال عجبت مما عجبت منه فسألت رسول الله A فقال صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته رواه مسلم .
والأصل في الجمع أخبار تأتي .
ولما كان القصر أهم هذه الأمور بدأ المصنف به كغيره فقال " إنما تقصر رباعية " فلا تقصر الصبح ولا المغرب بالإجماع لأن الصبح لو قصرت لم تكن شفعا فتخرج عن موضوعها والمغرب لا يمكن قصرها إلى ركعتين لأنها لا تكون إلا وترا ولا إلى ركعة لخروجها بذلك عن باقي الصلوات ولا بد أن تكون الرباعية مكتوبة فلا تقصر المنذورة كأن نذر أن يصلي أربع ركعات ولا النافلة كأن نوى أربع ركعات سنة الظهر القبلية مثلا لعدم وروده . " .
مؤداة في السفر " فلا تقصر الحضر في السفر كما سيأتي في كلامه .
وأما فائتة السفر في السفر فسيأتي في كلامه أيضا . " .
الطويل " فلا تقصر في ( 1 / 263 ) القصير أو المشكوك في طوله في الأمن بلا خلاف ولا في الخوف على الأصح ولا فرق في ذلك بين الصبح وغيرها .
وأما خبر مسلم فرض الله الصلاة على لسان نبيكم في الحضر أربعا وفي السفر ركعتين وفي الخوف ركعة فأجيب عنه بأنه يصلي في الخوف ركعة مع الإمام وينفرد بأخرى .
فإن قيل في رواية مسلم صل ما أدركت واقض ما سبقك . " .
المباح " أي الجائز لا مستوي الطرفين سواء أكان واجبا كسفر حج أو مندوبا كزيارة قبر النبي A أو مباحا كسفر تجارة أو مكروها كسفر منفرد فلا قصر في سفر المعصية كما سيأتي .
ولو خرج لجهة معينة تبعا لشخص لا يعلم سبب سفره أو لتنفيذ كتاب لا يعلم ما فيه فالمتجه كما قال الإسنوي إلحاقه بالمباح والإتمام جائز كما يعلم مما سيأتي فقد روى البيهقي بإسناد صحيح عن عائشة قالت يا رسول الله قصرت بفتح التاء وأتممت بضمها وأفطرت بفتحها وصمت بضمها قال أحسنت يا عائشة وأما خبر فرضت الصلاة ركعتين أي في السفر كما مر فمعناه لمن المراد الاقتصار عليهما جمعا بين الأدلة .
وما ضبطت به الحديث قاله بعض مشايخنا وقال بعضهم يجوز عكس الضبط المذكور إذ ليس في الحديث ما يدل على الأول .
ثم بين محترز قوله مؤداة فقال " لا فائتة الحضر " أي لا تقصر إذا قضيت في السفر لأنها ثبتت في ذمته تامة وكذا لا تقصر في السفر فائتة مشكوك في أنها فائتة سفر أو حضر احتياطا ولأن الأصل الإتمام . " .
ولو قضى فائتة السفر " الطويل المباح " فالأظهر قصره في السفر " الذي كذلك وإن كان غير سفر الفائتة " دون الحضر " نظرا إلى وجود السبب .
والثاني يقصر فيهما لأنه إنما يلزمه في القضاء ما كان يلزمه في الأداء .
والثالث يتم فيهما لأنها صلاة ردت إلى ركعتين فإذا فاتت أتى بالأربع كالجمعة .
والرابع إن قضاها في ذلك السفر قصر وإلا فلا .
وقد علم مما تقرر أن المراد من نفي الحصر للقصر في المقضية ما ذكر فيها من التفصيل على الراجح فيضم منه إلى المؤداة مقضية فائتة السفر فيه ولو سافر في أثناء الوقت ولو بعد مضي ما يسع تلك الصلاة قصر على النص فإن بقي ما يسع ركعة إلى أقل من أربع ركعات قصر أيضا إن قلنا إنها أداء وهو الأصح وإلا فلا .
تنبيه .
سيأتي في الجمع أنه لو نوى التأخير وبقي من الوقت ما لا يسع الصلاة بكمالها كما يؤخذ من كلام المجموع وحمل الشارح عبارة الروضة عليه أن الصلاة تصير قضاء ولا جمع وفرق بأن النية ضعيفة بخلاف ما لو أوقع ركعة في الوقت فإنها تكون أداء فيؤخذ من ذلك أن صورة هذه المسألة أنه أوقع ركعة في السفر وإلا فتكون مقضية حضر فلا تقصر .
وهذا ظاهر لمن تأمله وإن لم يذكره أحد فيما علمت وقد عرضت ذلك على شيخنا الشيخ ناصر الدين الطبلاوي فقبله واستحسنه . " .
ومن سافر من بلدة " لها سور " فأول سفره مجاوزة سورها " المختص بها وإن تعدد كما قاله الإمام وغيره أو كان داخله مزارع وخراب لأن ما في داخل السور معدود من نفس البلد محسوب من موضع الإقامة وإن كان لها بعض سور وهو صوب سفره اشترط مجاوزته . " .
فإن كان وراءه عمارة " كدور ملاصقة له عرفا " اشترط مجاوزتها " أيضا " في الأصح " لأنها من مواضع الإقامة المعدودة من توابع البلد فيثبت لها حكمه . " .
قلت الأصح لا يشترط " مجاوزتها " والله أعلم " لأن ذلك لا يعد من البلد ألا ترى أنه يقال سكن فلان خارج البلد ويؤيده قول الشيخ أبي حامد لا يجوز لمن في البلد أن يدفع زكاته لمن هو خارج السور لأنه نقل للزكاة .
وإطلاق الشيخين في الصوم اشتراط مفارقة العمران حيث قالا وإذا نوى ليلا ثم سافر فله الفطر إن فارق العمران قبل الفجر وإلا فلا يحمل على ما إذا سافر من بلد لا سور لها ليوافق ما هنا وهذا هو المعتمد وقيل يبقى على إطلاقه .
ويفرق بأنه ثم لم يأت للعبادة ببدل بخلافه هنا .
والسور وهو بالواو لا بالهمزة الخندق كما قاله الجيلي .
قال الأذرعي وهل للسور المنهدم حكم العامر فيه نظر ا . ه " .
والأقرب كما قال شيخنا أن له حكمه خلافا للدميري في قوله إنه كالعدم . " .
فإن لم يكن " لها " سور " مطلقا أو في صوب سفره أو لها سور غير مختص بها كأن جمع معها قرية أو أكثر ولو مع التقارب " فأوله " أي سفره " مجاوزة العمران " وإن تخلله نهر أو بستان أو خراب حتى لا يبقى بيت متصل ولا منفصل ليفارق محل الإقامة " لا " مجاوزة " الخراب " الذي هجر بالتحويط على العامر ( 1 / 264 ) أو زرع أو اندرس بأن ذهبت أصول حيطانه لأنه ليس محل إقامة بخلاف ما ليس كذلك فإنه يشترط مجاوزته كما صححه في المجموع وإن كان ظاهر عبارة المصنف خلافه تبعا للغزالي و البغوي . " .
و " لا مجاوزة " البساتين " والمزارع به وإن اتصلتا بما سافر منه أو كانتا محوطتين لأنهما لا يتخذان للإقامة .
وظاهر عبارة المصنف أنه لا فرق في البساتين بين أن يكون فيها قصور أو دور تسكن في بعض فصول السنة أو لا وهو كذلك كما قال في المجموع إنه الظاهر لأنها ليست من البلد وقال في المهمات إن الفتوى عليه أي وإن اشترط في الروضة مجاوزتها .
وأسقط المصنف في المحرر المزارع التي زدتها لأنها لا تفهم من البساتين بطريق الأولى . " .
والقرية " فيما ذكر " كبلدة " والقريتان المتصلتان يشترط مجاوزتهما والمنفصلتان ولو يسيرا يكفي مجاوزة إحداهما . " .
وأول سفر ساكن الخيام " كالأعراب " مجاوزة الحلة " فقط وهي بكسر الحاء بيوت مجتمعة أو متفرقة بحيث يجتمع أهلها للسمر في ناد واحد ويستعير بعضهم من بعض ويدخل في مجاوزتها عرفا مرافقها كمطرح الرماد وملعب الصبيان والنادي ومعاطن الإبل لأنها معدودة من مواضع إقامتهم .
ويعتبر مع مجاوزة المرافق مجاوزة عرض الوادي إن سافر عرضه والهبوط إن كان في ربوة والصعود إن كان في وهدة هذا إن اعتدلت الثلاثة فإن أفرطت سعتها اكتفى بمجاوزة الحلة عرفا والحلتان كالقريتين .
وإن نزلوا على محتطب أو ماء فلا بد من مجاوزته إلا أن يتسع بحيث لا يختص بالنازلين وظاهر أن ساكن غير الأبنية والخيام كنازل بطريق خال عنهما رحله كالحلة فيما تقرر " .
فائدة : .
الخيمة أربعة أعواد تنصب وتسقف بشيء من نبات الأرض وجمعها خيم كتمرة وتمر وتجمع الخيم على خيام فهو جمع الجمع .
وأما ما يتخذ من شعر أو وبر أو نحوه فيقال له خباء وقد يطلق عليه خيمة تجوزا .
ويعتبر في سير البحر المتصل ساحله بالبلد جري السفينة أو الزورق إليها قاله البغوي وأقره عليه ابن الرفعة وغيره لكن في المجموع إذا صار خارج البلد ترخص وإن كان ظهره ملصقا بالسور وظاهر أن آخر عمران ما لا سور له كالسور فيحتمل أن يقال سير البحر يخالف سير البر أو يمنع أن آخر العمران كالسور .
ويحمل كلام البغوي على ما لا سور له وهذا هو الظاهر ويؤيد هذا أنه لو اتصلت قرية لا سور لها بأخرى كذلك كانتا كقرية بخلاف اتصال قرية لها سور بأخرى .
وبما تقرر علم أنه لا أثر لمجرد نية السفر لتعلق القصر في الآية بالضرب في الأرض ويخالف نية الإقامة كما سيأتي لأن الإقامة كالقنية في مال التجارة كذا فرق الرافعي تبعا لبعض المراوزة وقضيته كما قال الزركشي وغيره أنه لا يعتبر في نية الإقامة المكث وليس مرادا كما سيأتي فالمسألتان كما قال الجمهور مستويتان في أن مجرد النية لا يكفي فلا حاجة لفارق . " .
وإذا " فارق ما شرط مجاوزته ثم " رجع " إليه من دون مسافة القصر لحاجته كتطهر أو نوى الرجوع له وهو مستقل ماكث ولو بمكان لا يصلح للإقامة فإن كان وطنه صار مقيما بابتداء رجوعه أو نيته فلا يترخص في إقامته ولا رجوعه إلى أن يفارق وطنه تغليبا للوطن .
وحكى فيه في أصل الروضة وجها شاذا أنه يترخص إلى أن يصله ا . ه " .
والأول هو المعتمد وإن نازع فيه البلقيني و الأذرعي وغيرهما .
وإن لم يكن وطنه يترخص وإن دخله ولو كان دار إقامته لانتفاء الوطن فكانت كسائر المنازل فإن رجع من السفر الطويل " انتهى سفره ببلوغه ما شرط مجاوزته ابتداء " من سور أو غيره فيترخص إلى أن يصل إلى ذلك .
فإن قيل ينبغي أن لا ينتهي سفره إلا بدخوله العمران أو السور كما لا يصير مسافرا إلا بخروجه منه وفي نسخة من الروض ما يدل لذلك .
أجيب بأن ما في المتن هو المنقول والفرق أن الأصل الإقامة فلا تنقطع إلا بتحقق السفر وتحققه بخروجه من ذلك والسفر على خلاف الأصل فانقطع بمجرد الوصول وإن لم يدخل فعلم أنه ينتهي بمجرد بلوغه مبتدأ سفره من وطنه وإن كان مارا به سفره كأن خرج منه ثم رجع من بعيد قاصدا المرور به من غير إقامة لا من بلد يقصده ولا بلد له فيها أهل وعشيرة لم ينو الإقامة بكل منهما فلا ينتهي سفره بوصوله إليهما بخلاف ما إذا نوى الإقامة بهما ينتهي سفره بذلك .
وينتهي أيضا بما ذكره بقوله " ولو نوى " المسافر المستقبل ولو محاربا " إقامة أربعة أيام " تامة بلياليها أو نوى الإقامة وأطلق " بموضع " عينه صالح للإقامة وكذا غير صالح كمفازة على الأصح " انقطع سفره بوصوله " أي بوصول ( 1 / 265 ) ذلك الموضع سواء أكان مقصده أم في طريقه أو نوى بموضع وصل إليه إقامة أربعة أيام انقطع سفره بالنية مع مكثه إن كان مستقلا .
ولو أقام أربعة أيام بلا نية انقطع سفره بتمامها لأن الله تعالى أباح القصر بشرط الضرب في الأرض والمقيم والعازم على الإقامة غير ضارب في الأرض والسنة بينت أن ما دون الأربع لا يقطع السفر ففي الصحيحين يقيم المهاجر بعد قضاء نسكه ثلاثا وكان يحرم على المهاجرين الإقامة بمكة ومساكنة الكفار فالترخص في الثلاث يدل على بقاء حكم السفر بخلاف الأربعة .
ومنع عمر أهل الذمة الإقامة في الحجاز ثم أذن للتاجر منهم أن يقيم ثلاثة أيام رواه مالك بإسناد صحيح .
وفي معنى الثلاث ما فوقها ودون الأربعة وألحق بإقامة الأربعة نية إقامتها .
أما لو نوى الإقامة وهو سائر فلا يؤثر لأن سبب القصر السفر وهو موجود حقيقة وكذا لو نواها غير المستقل كالعبد ولو مكثا . " .
ولا يحسب منها " أي الأربعة " يوما دخوله وخروجه " إذا دخل نهارا " على الصحيح " لأن في الأول الحط وفي الثاني الرحيل وهما من أشغال السفر والثاني يحسبان كما يحسب في مدة مسح الخف يوم الحدث ويوم النزع .
وفرق الأول بأن المسافر لا يستوعب النهار بالسير وإنما يسير في بعضه وهو في يومي الدخول والخروج سائر في بعض النهار بخلاف اللبث فإنه مستوعب للمدة .
وعلى القول بأنهما يحسبان إنما يحسبان بالتلفيق لا يومان كاملان فلو دخل زوال السبت ليخرج زوال الأربعاء أتم أو قبله قصر فإن دخل ليلا لم تحسب بقية الليلة ويحسب الغد ومقامه في هذه الحالة دون ما يقيمه لو دخل نهارا .
واختار السبكي مذهب الإمام أحمد أن الرخصة لا تتعلق بعدد الأيام بل بعدد الصلوات فيترخص بإحدى وعشرين صلاة مكتوبة لأنه المحقق من فعله A حين نزل بالأبطح وعلى الصحيح يمكنه أن يصلي ثلاثا وعشرين صلاة .
تنبيه .
عبر في الروضة بالأصح فاقتضى قوة الخلاف خلافا لتعبيره هنا بالصحيح لكنه قال في المجموع عن الأول وبهذا قطع الجمهور . " .
ولو أقام ببلده " مثلا " بنية أن يرحل إذا حصلت حاجة يتوقعها كل وقت " أو حبسه الريح بموضع في البحر " قصر ثمانية عشر يوما " غير يومي الدخول والخروج لأنه A أقامها بمكة عام الفتح لحرب هوازن يقصر الصلاة رواه أبو داود عن عمران بن حصين والترمذي وحسنه وإن كان في سنده ضعف لأن له شواهد تجبره كما قال الشهاب شيخ الإسلام ابن حجر .
وروي خمسة عشر و سبعة عشر و تسعة عشر و عشرين رواها أبو داود وغيره إلا تسعة عشر فالبخاري عن ابن عباس قال البيهقي وهي أصح الروايات .
وقد جمع الإمام وغيره بين الروايات ما عدا روايتي خمسة عشر وعشرين بأن راوي تسعة عشر عد يومي الدخول والخروج وراوي سبعة عشر لم يعدهما وراوي ثمانية عشر عد أحدهما فقط .
وأما رواية خمسة عشر فضعيفة ورواية عشرين وإن كانت صحيحة فشاذة كما قاله شيخ الإسلام المذكور آنفا .
قال شيخنا وهذا الجمع يشكل على قولهم يقصر ثمانية عشر غير يومي الدخول والخروج .
وقد يجمع بينهما ما عدا راويتي خمسة عشر وسبعة عشر بأن راوي العشرين عد اليومين وراوي ثمانية عشر لم يعدهما وراوي تسعة عشر عد أحدهما وبه يزول الإشكال ا . ه " .
وهذا جمع حسن .
فإن قيل لم قدم الشافعي رواية ثمانية عشر على تسعة عشر مع أنها أصح أجيب بأن خبر عمران لم يضطرب عليه وأما ابن عباس ففيه تسعة عشر وسبعة عشر . " .
وقيل " يقصر " أربعة " غير يومي الدخول والخروج لأن الترخص إذا امتنع بنية إقامتها فبإقامتها أولى لأن الفعل أبلغ من النية . " .
وفي قول " يقصر " أبدا " أي بحسب الحاجة لأن الظاهر أنه لو زادت حاجته A على الثمانية عشر لقصر في الزائد أيضا " وقيل الخلاف " المذكور وهو في الزائد على الأربعة المذكورة " في خائف القتال " والمقاتل " لا التاجر ونحوه " كالمتفقه فلا يقصران في الزائد عليها قطعا والفرق أن للحرب أثرا في تغيير صفة الصلاة .
وأجاب الأول بأن القتال ليس هو المرخص وإنما المرخص السفر والمقاتل وغيره فيه سواء ( 1 / 266 ) وعلى الأول لو فارق مكانه ثم ردته الريح إليه فأقام فيه استأنف المدة لأن إقامته فيه إقامة جديدة فلا تضم إلى الأولى بل تعتبر مدتها وحدها ذكره في المجموع وقال فيه لو خرجوا وأقاموا بمكان ينتظرون رفقتهم فإن نووا أنهم إن أتوا سافروا أجمعين وإلا رجعوا ولم يقصروا لعدم جزمهم بالسفر وإن نووا أنهم إن لم يأتوا سافروا وقصروا لجزمهم بالسفر .
وما رجحه من أن القصر إلى ثمانية عشر يوما يطرد في باقي الرخص كالجمع والفطر ويدل له تعبير الوجيز بالترخص وقال الزركشي الصواب أنه يباح له سائر الرخص لأن السفر منسحب عليه .
نعم يستثنى من ذلك توجه القبلة في النافلة لما عرف في بابها واستثنى بعضهم أيضا سقوط الفرض بالتيمم ولا حاجة إليه لأن العبرة أن يكون بموضع يغلب فيه فقد الماء إذ لا فرق بين أن يكون مسافرا أو مقيما كما علم من باب التيمم . " .
ولو علم " المسافر " بقاءها " أي حاجته " مدة طويلة " وهي الأربعة المذكورة وما زاد عليها كأن كان يعلم أنه لا يتنجز شغله إلا في خمسة أيام " فلا قصر " له " على المذهب " لأنه ساكن مطمئن بعيد عن هيئة المسافرين بخلاف المتوقع للحاجة في كل وقت ليرحل ووجه القصر القياس على عدم انعقاد الجمعة به .
تنبيه .
ظاهر كلامه أنه لا فرق في جريان الخلاف بين المحارب وغيره والمعروف في غير المحارب الجزم بالمنع وحكاية الخلاف فيه غلط كما قاله في الروضة . "