وما تنقطع به وما يتبعهما . " .
إذا خرج الإمام من صلاته " بحدث أو غيره " انقطعت القدوة " به لزوال الرابطة وحينئذ فيسجد لسهو نفسه ويقتدي بغيره وغيره به . " .
فإن لم يخرج " أي الإمام " وقطعها المأموم " بنية المفارقة بغير عذر " جاز " مع الكراهة لمفارقته للجماعة المطلوبة وجوبا أو ندبا مؤكدا بخلاف ما إذا فارقه لعذر فلا كراهة لعذره وصحت صلاته في الحالين لأنها إما سنة على قول فالسنن لا تلزم بالشروع إلا في الحج والعمرة أو فرض كفاية على الصحيح فكذلك إلا في الجهاد وصلاة الجنازة والحج والعمرة ولأن الفرقة الأولى فارقت النبي A في ذات الرقاع كما سيأتي وفي الصحيحين أن معاذا صلى بأصحابه العشاء فطول عليهم فانصرف رجل فصلى ثم أتى النبي A فأخبره بالقصة فغضب وأنكر على معاذ ولم ينكر على الرجل ولم يأمره بالإعادة .
قال المصنف كذا استدلوا به وهو استدلال ضعيف إذ ليس في الخبر أنه فارقه وبنى بل في رواية أنه سلم ثم استأنفها فهو إنما يدل على جواز الإبطال لعذر .
وأجيب بأن البيهقي قال إن هذه الرواية شاذة انفرد بها محمد بن عبادة عن سفيان ولم يذكرها أكثر أصحاب سفيان ثم بتقدير عدم الشذوذ أجيب بأن الخبر يدل على المدعى أيضا لأنه إذا دل على جواز إبطال أصل العبادة فعلى إبطال صفتها أولى .
واختلف في أي الصلاة كانت هذه القصة ففي رواية لأبي داود والنسائي أنها كانت في المغرب وفي رواية الصحيحين وغيرهما أن معاذا افتتح سورة البقرة وفي رواية للإمام أحمد أنها كانت في العشاء فقرأ " اقتربت الساعة " .
قال في المجموع فيجمع بين الروايات بأن تحمل على أنهما قضيتان لشخصين ولعل ذلك كان في ليلة واحدة فإن معاذا لا يفعله بعد النهي ويبعد أنه نسيه .
وجمع بعضهم بين روايتي القراءة بأنه قرأ بهذه في ركعة وبهذه في أخرى . " .
وفي قول " قديم " لا يجوز " أن يخرج من الجماعة لأنه التزم القدوة في كل صلاته وفيه إبطال للعمل وقد قال تعالى " ولا تبطلوا أعمالكم " " .
إلا بعذر " فتبطل الصلاة بدونه .
وضبط الإمام العذر بما " يرخص في ترك الجماعة " أي ابتداء وقال إنه أقرب معتبر وألحقوا به ما ذكره المصنف بقوله " ومن العذر تطويل الإمام " والمأموم لا يصبر على التطويل لضعف أو شغل لرواية الصحيحين في قصة معاذ أن الرجل قال يا رسول الله إن معاذا افتتح سورة البقرة ونحن أصحاب نواضح نعمل بأيدينا فتأخرت وصليت . " .
أو تركه سنة مقصودة كتشهد " أول وقنوت فله فراقه ليأتي بتلك السنة .
تنبيه .
لا يجوز قطع الجماعة في الركعة الأولى من الجمعة لما سيأتي بأن الجماعة في الركعة الأولى فيها شرط وأما في الثانية فليست بشرط فيها فيجوز الخروج فيها خلافا لما في الكفاية من عدم الجواز ولو تعطلت الجماعة بخروجه وقلنا بأنها فرض كفاية فينبغي كما قاله بعض المتأخرين عدم الخروج منها لأن فرض الكفاية إذا انحصر في شخص تعين ( 1 / 260 ) عليه .
ولو رأى المأموم الإمام متلبسا بما يبطل الصلاة ولو لم يعلم الإمام به كان رأى على ثوبه نجاسة غير معفو عنها أو رأى خفه تخرق وجب عليه مفارقته . " .
ولو أحرم منفردا ثم نوى القدوة في خلال " أي أثناء " صلاته " قبل الركوع أو بعده " جاز في الأظهر " لقصة أبي بكر المشهورة لما جاء النبي A والصحابة أخرجوا أنفسهم عن الاقتداء به واقتدوا بالنبي A ولأنه يجوز أن يصلي بعض الصلاة منفردا ثم يقتدي به جماعة فيصير إماما فكذا يجوز أن يكون مأموما بعد أن كان منفردا . " .
وإن كان في ركعة أخرى " أي غير ركعة الإمام ولو متقدما عليه لكنه مكروه كما في المجموع عن النص واتفاق الأصحاب والسنة أن يقلب الفريضة نفلا ويسلم من ركعتين إذا وسع الوقت كما مر والثاني لا يجوز وتبطل به الصلاة وما ذكره من جريان القولين مطلقا وهو الراجح .
وقيل محلهما إذا اتفقا في الركعة الأولى أو ثانية وإن كان في كل ركعة بطلت قطعا .
وقيل إن دخل قبل ركوعه صحت قطعا والقولان فيمن دخل بعده .
وقيل إن دخل بعد ركوعه بطلت قطعا والقولان فيما قبله .
تنبيه .
إنما قيد المصنف المسألة بما إذا أحرم منفردا لأنه إذا افتتحها في جماعة فيجوز بلا خلاف كما قاله في المجموع ومثله بما إذا أحرم خلف جنب جاهلا ثم نقلها عند التبين إليه بطهره أو إلى غيره أو أحدث إمامه وجوزنا الاستخلاف فاستخلف .
ولو قام المسبوقون أو المقيمون خلف مسافر لم يجز أن يقتدي بعضهم ببعض على ما في الروضة في باب الجمعة من عدم جواز استخلاف المأمومين في الجمعة إذا تمت صلاة الإمام دونهم وكذا في غيرها في الأصح لأن الجماعة حصلت فإذا أتموها فرادى نالوا فضلها لكن مقتضى كلام أصلها هنا الجواز في غير الجمعة وهو المعتمد كما صححه في التحقيق وكذا في المجموع وقال اعتمده ولا تغتر بتصحيح الانتصار المنع .
وعده في المهمات تناقضا وجمع غيره بينهما بأن الأول من حيث الفضيلة والثاني من حيث جواز اقتداء المنفرد بدليل أنه في التحقيق بعد ذكره جواز اقتداء المنفرد قال واقتداء المسبوق بعد سلام إمامه كغيره ا . ه " .
وهو جمع متعين . " .
ثم " بعد اقتدائه به " يتبعه " وجوبا فيما هو فيه " قائما كان أو قاعدا " أو راكعا أو ساجدا وإن كان على غير نظم صلاته ولو لم يقتد به رعاية للمتابعة . " .
فإن فرغ الإمام أولا فهو كمسبوق " فيتم صلاته " أو " فرغ " هو " أولا " فإن شاء فارقه " بالنية " وإن شاء انتظره " في التشهد إن كان محل تشهد الإمام " ليسلم معه " وانتظاره أفضل على قياس ما مر في اقتداء الصبح بالظهر . " .
وما أدركه المسبوق " مع الإمام " فأول صلاته " وما يفعله بعد سلام إمامه آخرها لقوله A فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا متفق عليه وإتمام الشيء لا يكون إلا بعد أوله .
فإن قيل في رواية مسلم صل ما أدركت واقض ما سبقك .
أجيب بأن ذلك محمول على أصل الفعل كما في قوله تعالى " فإذا قضيتم مناسككم " وقوله تعالى " فإذا قضيت الصلاة " إذ الجمعة لا تقضى فلا يمكن حمل القضاء على الحقيقة الشرعية لأنه عبارة عن فعل الصلاة خارج وقتها . " .
فيعيد في الباقي القنوت " في محله إذا صلى مع الإمام الركعة الثانية من الصبح وقنت الإمام فيها وفعله مع الإمام مستحب للمتابعة . " .
ولو أدرك ركعة من المغرب " مع الإمام وأراد أن يتم صلاته " تشهد في ثانيته " ندبا لأنها محل تشهده الأول وتشهده مع الإمام للمتابعة وهذا إجماع منا ومن المخالف وهو حجة لنا على أن ما يدركه هو أول صلاته .
فإن قيل لو أدرك ركعتين مع الإمام من الرباعية وفاتته قراءة السورة فيهما فإنه يقرؤها في الأخيرتين .
أجيب بأنه إنما سن له ذلك لئلا تخلو صلاته منها كما سبق في صفة الصلاة . " .
وإن أدركه " أي المأموم الإمام " راكعا أدرك الركعة " لخبر من أدرك ركعة من الصلاة قبل أن يقيم الإمام صلبه فقد ( 1 / 261 ) أدركها رواه الدارقطني وصححه ابن حبان في كتابه المسمى وصف الصلاة بالسنة .
وظاهر كلام المصنف أنه يدرك الركعة سواء أتم الإمام الركعة فأتمها معه أم لا كأن أحدث في اعتداله وسواء أقصر المأموم في تحرمه حتى ركع الإمام ثم أحرم أم لا كما صرح به الإمام وغيره وهو كذلك .
وحكى ابن الرفعة عن بعض شروح المهذب أنه إذا قصر في التكبير حتى ركع الإمام لا يكون مدركا للركعة . " .
قلت بشرط أن يطمئن " يقينا " قبل ارتفاع الإمام عن أقل الركوع والله أعلم " كما ذكر الرافعي أن صاحب البيان صرح به وأن كلام كثير من النقلة أشعر به وهو الوجه ولم يتعرض له الأكثرون ا . ه " .
وفي الكفاية ظاهر كلام الأئمة أنه لا يشترط ا . ه " .
والوجه هو الأول لأن الركوع بدون الطمأنينة لا يعتد به فانتفاؤها كانتفائه وسيأتي في الجمعة أن من لحق الإمام المحدث راكعا لم تحسب ركعته على الصحيح ومثله من لحق الإمام في ركوع ركعة زائدة سهوا .
والمعتبر في صلاة الكسوف إدراك الركوع الأول دون الثاني فلو أدركه فيما بعد الركوع كاعتدال أو فيه ولم يطمئن قبل ارتفاع الإمام عن أقل الركوع أو اطمأن والإمام محدث أو في ركعة قام إليها سهوا أو في ركوع زائد كأن نسي تسبيح الركوع واعتدل ثم عاد إليه ظانا جوازه أو أدركه في الركوع الثاني من الكسوف لم تحسب له تلك الركعة .
ولو أتى المأموم مع الإمام الذي لم يحسب ركوعه بالركعة كاملة بأن أدرك معه قراءة الفاتحة حسبت له الركعة لأن الإمام لم يتحمل عنه شيئا .
نعم إن علم حدثه أو سهوه ونسي لزمه الإعادة لتقصيره كما علم مما مر . " .
ولو شك في إدراك حد الإجزاء " المعتبر قبل ارتفاع الإمام " لم تحسب ركعته في الأظهر " لأن الأصل عدم إدراكه والثاني تحسب لأن الأصل بقاء الإمام فيه .
ورجح الأول بأن الحكم بإدراك ما قبل الركوع به رخصة فلا يصار إليه إلا بيقين قاله الرافعي وغيره ويؤخذ منه أنه لا يكتفي بغلبة الظن وهو كذلك وإن نظر فيه الزركشي وما جزم به من كون الخلاف قولين خالفه في الروضة وصحح أنه وجهان وصوبه في المجموع مع تصحيحه طريقة القطع بالأول . " .
ويكبر " المسبوق الذي أدرك إمامه في الركوع " للإحرام " وجوبا كغيره قائما فإن وقع بعضه في غير القيام لم تنعقد صلاته فرضا قطعا ولا نفلا على الأصح . " .
ثم للركوع " ندبا لأنه محسوب له فندب له التكبير . " .
فإن نواهما " أي الإحرام والركوع " بتكبيرة لم تنعقد " صلاته للتشريك بين فرض وسنة مقصودة .
وادعى الإمام الإجماع عليه . " .
وقيل تنعقد نفلا " قال في المهذب كما لو أخرج خمسة دراهم ونوى بها الزكاة وصدقة التطوع أي فتقع صدقة التطوع بلا خلاف كما قال المصنف في شرحه ودفع القياس بأنه ليس فيه جامع معتبر بيانه كما قال شيخي بأن صدقة الفرض ليست شرطا في صحة صدقة النفل فإذا بطل الفرض صح النفل بخلاف تكبيرة الإحرام فإنها شرط في صحة تكبيرة الانتقال فلا جامع بينهما حينئذ . " .
فإن لم ينو بها شيئا لم تنعقد " صلاته " على الصحيح " المنصوص وقول الجمهور والثاني تنعقد فرضا كما صرح به في المجموع لأن قرينة الافتتاح تصرفها إليه و الأول يقول وقرينة الهوى تصرفها إليه فإذا تعارضت القرينتان فلا بد من قصد صارف .
فإن قيل تصحيح الأول مشكل كما قاله في المهمات لأنه إذا أتى بالنية المعتبرة مقارنة للتكبير لم يفته إلا كون التكبير للتحرم وقصد الأركان لا يشترط اتفاقا .
أجيب بأن محله إذا لم يوجد صارف ولو نوى أحدهما منهما لم تنعقد أيضا .
فإن نوى التحرم فقط أو الركوع فقط لم يخف الحكم قال في المحرر من الانعقاد في الأولى وعدمه في الثانية . " .
ولو أدركه " أي الإمام " في اعتداله فما بعده انتقل معه مكبرا " وإن لم يكن محسوبا له متابعة للإمام " والأصح أنه يوافقه " ندبا " في التشهد " والتحميد " والتسبيحات " أيضا والظاهر أنه يوافقه في إكمال التشهد والثاني لا يستحب ذلك لأنه غير محسوب له وقيل تجب موافقته في التشهد الأخير كما جزم به الماوردي في صفة الصلاة لأنه بالإحرام لزمه اتباعه . " .
و " الأصح " أن من أدركه " أي الإمام " في سجدة ( 1 / 262 ) من سجدتي الصلاة أو جلوس بينهما أو تشهد أول أو ثان " لم يكبر للانتقال إليها " أي السجدة ولا إلى ما ذكر معها لأن ذلك غير محسوب له ولا موافقة للإمام في الانتقال إليه بخلاف الركوع فإنه محسوب له وبخلاف ما إذا انتقل بعد ذلك مع الإمام من السجود أو غيره فإنه يكبر موافقة للإمام في الانتقال إليه والثاني يكبر كالركوع وقد تقدم الفرق .
تنبيه .
عبارة المصنف تشمل سجود التلاوة والسهو وخرج ذلك بتقييدي لعبارته تبعا للمحرر .
والأولى كما قال الأذرعي أنه يقال إنه يكبر في سجدة التلاوة لأنها محسوبة له أي إذا كان سمع قراءة آية السجدة .
وأما سجود السهو فينبني على الخلاف في أنه أيعيده في آخر صلاته أم لا إن قلنا بالأول وهو الصحيح لم يكبر وإلا كبر . " .
وإذا سلم الإمام قام المسبوق مكبرا " ندبا " إن كان " جلوسه مع الإمام " موضع جلوسه " لو كان منفردا بأن أدركه في ثانية المغرب أو ثالثة الرباعية لأنه يكبر له المنفرد وغيره بلا خلاف . " .
وإلا " أي وإن لم يكن موضع جلوسه بأن أدركه في الركعة الأخيرة من صبح أو غيره أو ثانية الرباعية " فلا " يكبر عند قيامه " في الأصح " لأنه ليس موضع تكبيره وليس فيه موافقة للإمام والثاني يكبر لئلا يخلو الانتقال عن ذكر .
والسنة للمسبوق أن يقوم عقب تسليمتي الإمام ويجوز أن يقوم عقب الأولى ولو مكث بعدهما في موضع جلوسه لم يضر أو في غيره بطلت صلاته إن كان متعمدا عالما كما قاله في المجموع نعم يغتفر قدر جلسة الاستراحة كما أشار إليه الأذرعي فإن كان ناسيا أو جاهلا لا تبطل صلاته ويسجد للسهو .
خاتمة الجماعة في صبح الجمعة ثم صبح غيرها ثم العشاء ثم العصر أفضل .
روى البيهقي في فضائل الأعمال إن أفضل الصلاة عند الله صلاة الصبح يوم الجمعة في جماعة وروى الترمذي من صلى العشاء في جماعة كان كقيام نصف ليلة ومن صلى العشاء والفجر في جماعة كان " له " كقيام ليلة وهو مبين لخبر مسلم من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما قام الليل كله قال الأذرعي وما ذكر ظاهر على المنصوص المشهور من أن الصلاة الوسطى هي الصبح أما إذا قلنا إنها العصر وهو الحق فيشبه أن تكون الجماعة فيها أفضل من غيرها لتأكدها وعظم خطرها والأوجه ما قالوه وإن قلنا إن الوسطى هي العصر لما في القيام للصبح من المشقة ويليها فيها العشاء بخلاف العصر .
قال الزركشي وسكتوا عن الجماعة في الظهر والمغرب فيحتمل التسوية بينهما ويحتمل تفضيل الظهر لأنها اختصت من بين سائر الصلوات ببدل وهو الجمعة ويحتمل تفضيل المغرب لأن الشرع لم يخفف فيها بالقصر ا . ه " .
والأوجه التسوية لتقابل فضيلتهما . "