أي شرط صحتها في الابتداء " أن ينوي المأموم مع التكبير " للإحرام " الاقتداء " أو الائتمام " أو الجماعة " بالإمام الحاضر إما مأموما أو مؤتما به لأن التبعية عمل فافتقرت إلى نية إذ ليس للمرء إلا ما نوى ولا يكفي كما قال الأذرعي إطلاق نية الاقتداء من غير إضافة إلى الإمام .
واعتبر اقترانها بالتكبير كسائر ما يجب التعرض له من صفات صلاته وهذا في غير من أحرم منفردا ثم نوى متابعة الإمام فإنه جائز كما سيأتي .
فإن قيل الاكتفاء بنية الجماعة مشكل إذ ليس فيها ربط فعله بفعل غيره لأنها مشتركة بين الإمام والمأموم .
أجيب بأنها تتعين بالقرينة الحالية للاقتداء وللإمامة فإن أضاف الجماعة إلى ما قدرته في كلام المصنف زال الإشكال بالكلية . " .
والجمعة كغيرها " في اشتراط النية المذكورة " على الصحيح " فيشترط مقارنتها للتكبير لتعلق صلاته بصلاة الإمام فإن لم ينو ذلك انعقدت صلاته منفردا إلا في الجمعة ( 1 / 253 ) فلا تنعقد أصلا لاشتراط الجماعة فيها .
والثاني لا يشترط فيها ما ذكر لأنها لا تصح إلا جماعة فكان التصريح بنية الجمعة مغنيا عن التصريح بنية الجماعة . " .
فلو ترك هذه النية وتابعه في " جنس " الأفعال " أو تابعه وهو شاك في النية المذكورة نظرت فإن ركع معه أو سجد مثلا بعد انتظار كثير عرفا " بطلت صلاته على الصحيح " حتى لو عرض له الشك في التشهد الأخير لم يجز أن يوقف سلامه لأنه على سلامه وقف صلاته على صلاة غيره من غير رابط بينهما والثاني يقول المراد بالمتابعة هنا أن يأتي بالفعل بعد الفعل لا لأجله وإن تقدمه انتظار كثير له .
قال الشارح فلا نزاع في المعنى أي لأن القولين لم يتواردا على محل واحد .
وخرج بقوله تابعه ما لو وقعت المتابعة اتفاقا وبقولنا بعد انتظار كثير عرفا ما لو كان الانتظار يسيرا عرفا فإن ذلك لا يضر لأنه في الأول لا يسمى متابعة وفي الثانية مغتفر لقلته .
ولا يؤثر شكه فيما ذكر بعد السلام كما في التحقيق وغيره بخلاف الشك في أصل النية كما مر لأنه شك في الانعقاد بخلافه هنا .
ويستثنى مما علم من أن الشك لا يبطل الصلاة بغير متابعة ما لو عرض في الجمعة فيبطلها إذا طال زمنه لأن نية الجماعة فيها شرط .
تنبيه .
لو عبر المصنف بفعل بدل الأفعال لاستغنى عن التقدير المذكور .
وما ذكرته في مسألة الشك تبعا لشيخنا هو المعتمد وإن اقتضى قول العزيز وغيره أن الشك فيها كالشك في أصل النية أنها تبطل بالانتظار الطويل وإن لم يتابع وباليسير مع المتابعة . " .
ولا يجب " على المأموم " تعيين الإمام " في النية باسمه كزيد أو عمرو بل تكفي نية الاقتداء بالإمام أو الحاضر أو نحو ذلك لأن مقصود الجماعة لا يختلف بالتعيين وعدمه بل قال الإمام وغيره الأولى أن لا يعينه في نيته لأنه ربما عينه فبان خلافه فتبطل صلاته كما قال .
فإن عينه .
ولم يشر إليه " وأخطأ " كأن نوى الاقتداء بزيد فبان عمرا أو اعتقد أنه الإمام فبان مأموما أو غير مصل " بطلت صلاته " أي لم تنعقد لربطه صلاته بمن لم ينو الاقتداء به كمن عين الميت في صلاته أو نوى العتق في كفارة ظهار وأخطأ فيهما .
وقول الإسنوي بطلانها بمجرد الاقتداء غير مستقيم بل تصح صلاته منفردا لأنه لا إمام له ثم إن تابعه المتابعة المبطلة بطلت مردود بأن فساد النية مفسد للصلاة كما لو اقتدى بمن شك في أنه مأموم وبأن ما يجب التعرض له فيها إذا عينه وأخطأ بطلت كما مر فإن علق القدوة بشخصه سواء أعبر عنه بمن في المحراب أم بزيد هذا أم بهذا الحاضر أم بهذا أم بالحاضر وظنه زيدا فبان عمرا لم يضر لأن الخطأ لم يقع في الشخص لعدم تأتيه فيه بل في الظن ولا عبرة بالظن البين خطؤه بخلاف ما لو نوى القدوة بالحاضر مثلا ولم يعلقها بشخصه لأن الحاضر صفة لزيد الذي ظنه وأخطأ فيه والخطأ في الموصوف يستلزم الخطأ في الصفة فبان أنه اقتدى بغير الحاضر . " .
ولا يشترط للإمام " في صحة الاقتداء في غير الجمعة " نية الإمامة " لاستقلاله " بل تستحب " ليحوز فضيلة الجماعة فإن لم ينو لم تحصل له إذ ليس للمرء من عمله إلا ما نوى وتصح نيته لها مع تحرمه وإن لم يكن إماما في الحال لأنه سيصير إماما وفاقا للجويني وخلافا للعمراني في عدم الصحة حينئذ .
وإذا نوى في أثناء الصلاة حاز الفضيلة من حين النية ولا تنعطف نيته على ما قبلها بخلاف ما لو نوى الصوم في النفل قبل الزوال فإنها تنعطف على ما قبلها لأن النهار لا ينبعض صوما وغيره بخلاف الصلاة فإنها تنبعض جماعة وغيرها .
أما في الجمعة فيشترط أن يأتي بها فيها فلو تركها لم تصح جمعته لعدم استقلاله فيها سواء أكان من الأربعين أم زائدا عليهم .
نعم إن لم يكن من أهل الوجوب ونوى غير الجمعة لم يشترط ما ذكر وظاهر أن الصلاة المعادة كالجمعة إذ لا تصح فرادى فلا بد من نية الإمام فيها . " .
فإن أخطأ " الإمام في غير الجمعة وما ألحق بها " في تعيين تابعه " الذي نوى الإمامة به " لم يضر " لأن غلطه في النية لا يزيد على تركها .
أما إذا نوى ذلك في الجمعة أو ما ألحق بها فيضر لأن ما يجب التعرض له يضر الخطأ فيه كما مر . " .
وتصح قدوة المؤدي بالقاضي والمفترض بالمتنفل وفي الظهر بالعصر وبالعكوس " أي القاضي بالمؤدي والمتنفل بالمفترض وفي العصر بالظهر إذ لا يتغير نظم الصلاة باختلاف النية .
واحتج الشافعي رضي الله تعالى عنه على اقتداء المفترض بالمتنفل بخبر الصحيحين أن معاذا كان يصلي مع النبي A عشاء الآخرة ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة وفي رواية للشافعي هي له تطوع ولهم مكتوبة ومع صحة ذلك ( 1 / 254 ) يسن تركه خروجا من الخلاف لكن محله في غير الصلاة المعادة أما فيها فيسن كفعل معاذ نبه على ذلك شيخي .
تنبيه .
تعبير المحرر بالجواز أولى من تعبير المصنف بالصحة لاستلزامه لها بخلاف العكس . " .
وكذا الظهر " ونحوه كالعصر " بالصبح والمغرب وهو " أي المقتدي حينئذ " كالمسبوق " يتم صلاته بعد سلام إمامه . " .
ولا تضر متابعة الإمام في القنوت " في الصبح " والجلوس الأخير في المغرب " كالمسبوق " وله فراقه " أي بالنية " إذا اشتغل بهما " بالقنوت والجلوس مراعاة لنظم صلاته والمتابعة أفضل من مفارقته كما في المجموع .
فإن قيل كيف يجوز للمأموم متابعة الإمام في القنوت مع أنه ليس مشروعا للمأموم فكيف يجوز له تطويل الركن القصير به أجيب بأن ذلك اغتفر له لأجل المتابعة .
فإن قيل قد مر أنه إذا اقتدى بمن يرى تطويل الاعتدال ليس له متابعته بل يسجد وينتظره أو يفارقه فهلا كان هنا كذلك أجيب بأن تطويل الاعتدال هنا يراه المأموم في الجملة وهناك لا يراه المأموم أصلا . " .
ويجوز الصبح خلف الظهر " وكذا كل صلاة هي أقصر من صلاة الإمام " في الأظهر " وقطع به كعكسه بجامع الاتفاق في النظم والثاني لا يجوز لأنه يحتاج إلى الخروج عن صلاة الإمام قبل فراغه .
ومحل الخلاف إذا لم يسبقه الإمام بقدر الزيادة فإن سبقه بها انتفى كما يؤخذ من التعليل . " .
فإذا قام " الإمام " للثالثة فإن شاء " المأموم " فارقه " بالنية " وسلم " لانقضاء صلاته " وإن شاء انتظره ليسلم معه " لغرض أداء السلام مع الجماعة . " .
قلت انتظاره أفضل والله أعلم " لما ذكر هذا إذا لم يخش خروج الوقت قبل تخلل إمامه وإلا فلا ينتظره ومحل الانتظار في الصبح كما صوره في الكتاب .
أما لو صلى المغرب خلف رباعية فقام إمامه إلى الرابعة فلا ينتظره على الأصح في التحقيق وغيره لأنه يحدث جلوس تشهد لم يفعله الإمام بخلافه في تلك فإنه وافقه فيه ثم استدام .
وعبارة الشيخين لأنه أحدث تشهدا وعبارة ابن المقري أحدث جلوسا والمراد من العبارتين ما قلناه بأن يقال مراد الشيخين أحدث تشهدا مع جلوسه ومراد ابن المقري أحدث جلوس تشهد ويؤخذ من ذلك أنه لو ترك إمامه الجلوس والتشهد في تلك أنه يلزمه مفارقته وهو كذلك كما قال شيخي .
وتصح صلاة العشاء خلف من يصلي التراويح كما لو اقتدى في الظهر بالصبح فإذا سلم الإمام قام إلى باقي صلاته والأولى أن يتمها منفردا فإن اقتدى به ثانيا في ركعتين أخريين من التراويح جاز كمنفرد اقتدى في أثناء صلاته بغيره .
وتصح الصبح خلف من يصلي العيد والاستسقاء وعكسه لتوافقهما في نظم أفعالهما والأولى أن لا يوافقه في التكبير الزائد إن صلى الصبح خلف العيد أو الاستسقاء وفي تركه إن عكس اعتبارا بصلاته لا تضر موافقته في ذلك لأن الأذكار لا يضر فعلها وإن لم تندب ولا تركها وإن ندبت . " .
وإن " صلى الصبح خلف من يصلي غيرها " وأمكنه القنوت في الثانية " بأن وقف الإمام يسيرا " قنت " ندبا تحصيلا لسنة ليس فيها مخالفة الإمام . " .
وإلا " أي وإن لم يمكنه " تركه " خوفا من التخلف ولا يسجد للسهو لأن الإمام يحمله عنه . " .
وله فراقه " بالنية " ليقنت " تحصيلا للسنة وتكون مفارقته بعذر فتركه أفضل .
فإن لم ينو المفارقة وتخلف للقنوت وأدركه في السجدة الأولى لم يضر وقيل هو كما لو ترك الإمام التشهد الأول فقعد هو لأجله .
وفرق بأنهما هنا اشتركا في الرفع من الركوع فلم ينفرد المأموم به بخلاف الجلوس للتشهد ولا يشكل على الفرق ما لو جلس الإمام للاستراحة في ظنه لأن جلسة الاستراحة هنا غير مطلوبة فلا عبرة بوجودها .
والشرط الخامس من شروط الاقتداء توافق نظم الصلاتين في الأفعال الظاهرة كالركوع والسجود وإن اختلفا في عدد الركعات . " .
فإن اختلفا فعلهما " أي الصلاتين " كمكتوبة وكسوف أو " مكتوبة و " جنازة لم تصح " القدوة فيهما " على الصحيح " لتعذر المتابعة باختلاف فعلهما والثاني تصح لإمكانها في البعض .
ويراعى ( 1 / 255 ) ترتيب نفسه ولا يتابعه ففي الجنازة إذا كبر الإمام الثانية يخير بين أن يفارقه أو ينتظر سلامه ولا يتابعه في التكبير وفي الكسوف يتابعه في الركوع الأول ثم يرفع ويفارقه أو ينتظره راكعا إلى أن يركع ثانيا فيعتدل ويسجد معه ولا ينتظره بعد الرفع لما فيه من تطويل الركن القصير .
ومحل الأول إذا صلى الكسوف على الوجه الأكمل .
أما إذا فعلت ركعتين فقط كصلاة الصبح فتصح القدوة به ومحله أيضا في غير ثاني قيام ثانية الكسوف أما فيه فتصح لعدم المخالفة بعدها .
قال الإسنوي ولا إشكال إذا اقتدى به في التشهد قال ومنع الاقتداء بمن يصلي جنازة أو كسوفا مشكل بل ينبغي أن يصح لأن الاقتداء به في القيام لا مخالفة فيه ثم إذا انتهى إلى الأفعال المخالفة فإن فارقه استمرت الصحة وإلا بطلت كمن صلى في ثوب ترى عورته منه إذا ركع بل أولى فينبغي حمل كلامهم على ما ذكرناه .
وأجيب بأن المبطل لم يعرض بعد الانعقاد وهذا موجود عنده وهو اختلاف فعل الصلاتين الذي تتعذر معه المتابعة بعد الاقتداء .
قال البلقيني وسجود التلاوة والشكر كصلاة الجنازة والكسوف .
والشرط السادس من شروط الاقتداء موافقة الإمام في أفعال الصلاة فإن ترك الإمام فرضا لم يتابعه في تركه لأنه إن تعمده فصلاته باطلة وإلا ففعله غير معتد به أو ترك سنة أتى هو بها إن لم يفحش تخلفه لها كجلسة الاستراحة وقنوت يدرك معه السجدة الأولى كما مر لأن ذلك تخلف يسير .
أما إذا فحش التخلف لها كسجود التلاوة والتشهد الأول فلا يأتي بها لخبر إنما جعل الإمام ليؤتم به فلو اشتغل به بطلت صلاته لعدوله عن فرض المتابعة إلى سنة ويخالف سجود السهو والتسليمة الثانية لأنه يفعله بعد فراغ الإمام .
والشرط السابع من شروط الاقتداء المتابعة في أفعال الصلاة كما قال