فرع وجد مصليا جالسا .
وشك هل هو في التشهد أو القيام لعجزه فهل له أن يقتدي به أو لا وكذا لو رآه في وقت الكسوف وشك في أنه كسوف أو غيره قال الزركشي المتجه عدم الصحة .
تنبيه .
الضمير في قول المصنف ولو أحس يعود على الإمام لتقدم ذكره ويحتمل عوده على المصلي للعلم به ليشمل المنفرد بل هو أولى بالانتظار من الإمام لاحتياجه إلى تحصيل الجماعة ولم ينصوا على حكمه وينبغي أن لا يشترط فيه عدم التطويل إذ ليس وراءه من يتضرر بتطويله .
والصلاة في المساجد الثلاثة وإن قلت الجماعة فيها أفضل منها في غيرها وإن كثرت بل قال المتولي الانفراد فيها أفضل من الجماعة في غيرها .
وقوله أحس هي اللغة المشهورة قال الله تعالى هل تحس منهم من أحد " وفي لغة غريبة بلا همز . " .
ويسن للمصلي " صلاة مكتوبة مؤداة " وحده وكذا جماعة في الأصح إعادتها " مرة فقط " مع جماعة يدركها " في الوقت ولو كان الوقت وقت كراهة أو كان إمام الثانية مفضولا لأنه A صلى الصبح فرأى رجلين لم يصليا معه فقال ما منعكما أن تصليا معنا قالا صلينا في رحالنا فقال إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصلياها معهم فإنها لكما نافلة وقال وقد جاء بعد صلاته العصر رجل إلى المسجد فقال من يتصدق على هذا فيصلي معه فصلى معه رجل رواهما الترمذي وحسنهما .
وقوله صليتما يصدق بالانفراد والجماعة ومقابل الأصح يقصره على الانفراد نظرا إلى أن المصلي في جماعة حصل فضيلة الجماعة فلا معنى للإعادة بخلاف المنفرد وجوابه منع ذلك .
تنبيه .
قول المصنف مع جماعة يفهم أنه لا يستحب أن يعيدها مع منفرد وليس مرادا بل يستحب إعادتها معه جزما ولو كان صلى أولا في جماعة وقد يستحب إعادتها منفردا فيما لو تلبس بفرض الوقت ثم تذكر أن عليه فائتة فإنه يتم صلاته ثم يصلي الفائتة ويستحب أن يعيد الحاضرة كما قاله القاضي حسين .
وخرج بالمكتوبة المنذورة إذ لا تسن فيها الجماعة كما مر .
وصلاة الجنازة إذ لا يتنفل بها كما سيأتي والنافلة التي لا تسن الجماعة فيها .
أما ما تسن فيها فالقياس كما في المهمات أنها كالفرض في سن الإعادة .
وأما صلاة الجمعة فلا تعاد لأنها لا تقام مرة بعد أخرى فإن فرض الجواز لعسر الاجتماع فالقياس كما في المهمات أنها كغيرها .
وكذا لو صلى بمكان ثم سافر إلى مكان آخر فوجدهم يصلونها كان الحكم كذلك ومحل سن الإعادة لمن لو اقتصر عليها لأجزأته بخلاف المتيمم لبرد أو لفقد ماء بمحل يغلب فيه وجود الماء .
واستثنى الأذرعي مسألتين أيضا إحداهما ما إذا كان الانفراد له أفضل كالعاري الثانية ما لو صلى معذور الظهر يوم الجمعة ثم أدرك معذورين يصلون الظهر قال فيحتمل أن لا يعيد ا . ه " .
والأولى في هذه الإعادة وإنما تستحب إذا كان الإمام ممن لا يكره الاقتداء به .
وما تقرر من أن الإعادة لا تستحب إلا مرة واحدة هو ما أشار إليه الإمام وقوة كلام غيره ترشد إليه ونص عليه الشافعي في مختصر المزني وهو المعتمد خلافا لبعض المتأخرين .
قال في المهمات وتصويرهم بأن الإعادة إنما تسن إذا حضر في الثانية من لم يحضر في الأولى وهو ظاهر وإلا لزم استغراق ذلك الوقت ا . ه " .
وقضية كلام المجموع وغيره عدم اعتبار ما ذكر وينتفي اللازم بما مر عن الإمام .
تنبيه .
مراد المصنف بالإعادة الإعادة اللغوية لا الاصطلاحية وهي التي سبقت بأداء مختل .
ومحل استحباب الإعادة إذا كان الوقت باقيا فأما بعد فواته فلا تسن قطعا قاله صاحب المعين تبعا لصاحب المذاكرة . " .
وفرضه " في الصورتين " الأولى في الجديد " للحديث السابق ولسقوط الخطاب بها والقديم ونص عليه في الإملاء أيضا أن الفرض إحداهما ويحتسب الله تعالى ما شاء منهما وقيل الفرض كلاهما والأولى مسقطة للحرج لا مانعة من ( 1 / 234 ) وقوع الثانية فرضا كصلاة الجنازة إذا صلت طائفة سقط الحرج عن الباقين فإذا صلت طائفة أخرى وقعت فرضا أيضا وهكذا فروض الكفاية كلها .
وقيل الفرض أكملها وإنما يكون فرضه الأولى إذا أغنت عن القضاء وإلا ففرضه الثانية المغنية عنه على المذهب . " .
والأصح " على الجديد " أنه ينوي بالثانية الفرض " ليحصل له ثواب الجماعة في فرض وقته حتى يكون كمن صلاها أولا في جماعة واستشكله الإمام بأنه كيف ينوي الفرضية مع القطع بأن الثانية ليست فرضا .
واستحباب التطويل في هذه الحالة لا يفهم من عبارة المصنف لأنها تصدق باستواء الطرفين فإن جهل حالهم أو اختلفوا لم يطول قال ابن الصلاح إلا إن قل من لم يرض كواحد أو اثنين ونحوهما لمرض ونحوه فإن كان ذلك مرة أو نحوها خفف وإن كثر حضوره طول مراعاة لحق الراضين ولا يفوت حقهم لهذا الفرد الملازم قال في المجموع وهو حسن متعين .
قال بل الوجه أنه ينوي الظهر أو العصر ولا يتعرض للفرضية ويكون ظهره نفلا كظهر الصبي .
وأجاب عنه السبكي بأن المراد أنه ينوي إعادة الصلاة المفروضة حتى لا تكون نفلا مبتدأ لإعادتها فرضا .
وقال الرازي ينوي ما هو فرض على المكلف لا الفرض عليه كما في صلاة الصبي .
ورجح في الروضة ما اختاره الإمام .
وجمع شيخي بين ما في الكتاب وما في الروضة بأن ما في الكتاب إنما هو لأجل محل الخلاف وهو هل فرضه الأولى أو الثانية أو يحتسب الله ما شاء منهما وما في الروضة على القول الصحيح وهو أن فرضه الأولى والثانية نفل فلا يشترط فيها نية الفرضية وهذا جمع حسن .
قال في الروضة ويستحب لمن صلى إذا رأى من يصلي تلك الفريضة وحده أن يصليها معه ليحصل له فضيلة الجماعة وهذا استدل عليه في المجموع بحديث الترمذي السابق .
قال المصنف في شرح الحديث المذكور فيه استحباب إعادة الصلاة في جماعة لمن صلاها في جماعة وإن كانت الثانية أقل من الأولى وأنه يستحب الشفاعة إلى من يصلي مع الحاضر ممن له عذر في عدم الصلاة معه وأن الجماعة تحصل بإمام ومأموم وأن المسجد المطروق لا يكره فيه جماعة بعد جماعة .
ولو تذكر على الجديد خللا في الأولى وجبت الإعادة كما نقله المصنف في رؤوس المسائل عن القاضي أبي الطيب وأقره معللا بأن الثانية تطوع محض .
وما أفتى به الغزالي وترجاه السبكي من عدم وجوب الإعادة يحمل على أن الفرض إحداهما لا بعينها . " .
ولا رخصة في تركها " أي الجماعة " وإن قلنا " هي " سنة " لتأكدها " إلا بعذر " لخبر من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له أي كاملة إلا من عذر رواه ابن ماجة وصححه ابن حبان والحاكم على شرط الشيخين .
فإن قيل السنة يجوز تركها من غير عذر فكيف يقال لا رخصة في تركها وإن قلنا سنة إلا بعذر أجيب القصد تهوين أمر الجماعة مع العذر ولذلك فوائد منها أنا إذا قلنا سنة قوتل تاركها على وجه لا يأتي مع العذر بل لا يقاتل قطعا .
ومنها أنه لا ترد شهادة المداوم على تركها لعذر بخلاف المداوم على تركها بغير عذر .
ومنها أن الإمام إذا أمر الناس بالجماعة وجبت إلا عند قيام الرخصة فلا يجب عليهم طاعته لقيام العذر .
والرخصة بسكون الخاء ويجوز ضمها لغة التيسير والتسهيل واصطلاحا الحكم الثابت على خلاف الدليل لعذر . " .
عام كمطر " أو ثلج يبل الثوب ليلا كان أو نهارا لما رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة عن ابن أبي المليح عن أبيه قال كنا مع النبي A زمن الحديبية فأصابنا مطر لم يبل أسفل نعالنا فنادى منادي رسول الله A صلوا في رحالكم .
ويشترط حصول مشقة بالخروج مع المطر كما صرح به الرافعي في الكلام على المرض فلا يعذر بالخفيف ولا بالشديد إذا كان يمشي في كن .
ولو تقطر المطر من سقوف الأسواق كان عذرا في الجمعة والجماعات لأن الغالب فيه النجاسة كما في الكفاية عن القاضي حسين . " .
أو ريح عاصف " أي شديدة " بالليل " لما روي أن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أذن بالصلاة في ليلة ذات برد وريح فقال ألا صلوا في الرحال ثم قال إن رسول الله A كان يأمر المؤذن إذا كانت ليلة ذات برد ومطر ألا صلوا في رحالكم متفق عليه وفي رواية كان يأمر مناديه في الليلة الممطرة والليلة الباردة ذات الريح أن يقول ألا صلوا في رحالكم رواه الشافعي ولعظم المشقة فيه .
وقضية هذا أنه لا فرق بين أن تكون باردة أم لا وعبر في المهذب بالباردة وجمع الماوردي بينهما .
قال في المهمات والظاهر أن الريح الشديدة وحدها عذر بالليل .
وإنما عبر من عبر بالباردة لكونه الغالب وقد صرح باختياره الطبري في شرح التنبيه فقال المختار أن كلا من الظلمة والبرد والريح الشديدة عذر بالليل ا . ه وهذا هو الظاهر وخرج بذلك الريح ( 1 / 235 ) الخفيفة ليلا والشديدة نهارا .
نعم المتجه كما قال الإسنوي أن وقت الصبح كالليل لأن المشقة فيه أشد منها في المغرب .
والريح مؤنثة . " .
وكذا وحل " بفتح الحاء " شديد على الصحيح " ليلا كان أو نهارا لأنه أشق من المطر بخلاف الخفيف منه .
والشديد هو الذي لا يؤمن معه التلويث كما جزم به في الكفاية لكن ترك في المجموع والتحقيق التقييد بالشديد ومقتضاه أنه لا فرق بينه وبين الخفيف قال الأذرعي وهو الصحيح والأحاديث دالة عليه .
وجرى على التقييد ابن المقري في روضه تبعا لأصله وينبغي اعتماده .
فإن قيل حديث ابن حبان المتقدم أصابهم مطر لم يبل أسفل نعالهم ونادى منادي رسول الله A صلوا في رحالكم أجيب بأن النداء في الحديث كان للمطر كما مر والكلام في الوحل بلا مطر . " .
أو خاص كمرض " يشق المشي معه كمشقة المشي في المطر وإن لم يبلغ حدا يسقط القيام في الفريضة كما نقله الرافعي عن الإمام وأقره وجزم به في الروضة لأنه A لما مرض ترك الصلاة بالناس أياما كثيرة .
أما الخفيف كوجع ضرس وصداع يسير وحمى خفيفة فليس بعذر . " .
وحر وبرد شديدين " لأن المشقة فيهما كالمشقة في المطر .
وإطلاقه كأصله يقتضي أنه لا فرق بين الليل والنهار لكن اقتصر في الروضة في شدة الحر على الظهر وكذا أصلها في أول كلامه لكن كلامه بعد يقتضي عدم التقييد به وهذا هو الظاهر .
قال الأذرعي وصرح به بعضهم فقال ليلا أو نهارا ا . ه " .
وذكره هنا كالمحرر من الخاص وفي الروضة كالشرح من العام وجمع بين الكلامين بأنهما إن أحس بهما ضعيف الخلقة دون قويها فهما من الخاص وإن أحس بهما قويها فهما من العام إذ يحس بهما ضعيفها من باب أولى .
ومن الخاص شدة النعاس ولو في انتظار الجماعة ومن العام السموم وهو بفتح السين الريح الحارة والزلزلة وهي بفتح الزاي تحريك الأرض لمشقة الحركة فيهما ليلا كان أو نهارا . " .
وجوع وعطش ظاهرين " قال في الروضة والمطعوم حاضر .
قال ابن الرفعة تبعا لابن يونس أو ليس بحاضر أي وقرب حضوره ونفسه تتوق بالمثناة أي تشتاق إليه لخبر الصحيحين إذا وضع عشاء أحدكم وأقيمت الصلاة فابدءوا بالعشاء ولا يعجلن حتى يفرغ منه وقول المهمات الظاهر الاكتفاء بالتوقان وإن لم يكن به جوع ولا عطش فإن كثيرا من الفواكه والمشارب اللذيذة تتوق النفس إليها عند حضورها بلا جوع وعطش قال شيخنا مردود بأنه يبعد مفارقتهما للتوقان إذ التوقان إلى الشيء الاشتياق إليه لا الشوق فشهوة النفس لهذه المذكورات بدونهما لا تسمى توقانا وإنما تسماه إذا كانت بهما بل بشدتهما . " .
ومدافعة حدث " من بول أو غائط أو ريح لخبر مسلم لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافعه الأخبثان فيتخلف عن الجماعة ندبا ليتفرغ عن الحدث ويكسر شهوته في الجوع بأن يأكل لقيمات يكسر بها سورته .
لكن في شرح مسلم وغيره تصويب إكمال حاجته من الأكل قال وما تأوله بعض أصحابنا من أنه يأكل لقما تكسر سورة الجوع فليس بصحيح فلو خشي بتخلفه فوات الوقت صلى وجوبا مدافعا وجائعا وعطشانا ولا كراهة لحرمة الوقت . " .
وخوف ظالم على " معصوم من " نفس " أو عضو أو منفعة " أو مال " أو عرض أو حق له أو لمن يلزمه الذب عنه حتى على خبزه في التنور وطبيخه في القدر على النار ولا متعهد يخلفه .
قال الزركشي وهذا إذا لم يقصد بذلك إسقاط الجماعة وإلا فليس بعذر ولو وقع ذلك يوم الجمعة حرم عليه كالسفر يومها إذا قصد إسقاطها ولم يمكنه في طريقه وكذا التحية إذا دخل المسجد بقصدها في وقت الكراهة .
أما خوفه ممن يطالبه بحق هو ظالم في منعه فليس بعذر بل عليه الحضور وتوفية الحق . " .
و " خوف " ملازمة " أو حبس " غريم معسر " بإضافة غريم إلى معسر والمراد ملازمة غريمه وهو معسر .
وفهم هذا من عبارته كما قال الولي العراقي قلق ومحل هذا إذا عسر عليه إثبات إعساره وإلا لم يعذر كما قاله في البسيط .
ولو كان الحاكم لا يسمع البينة إلا بعد الحبس فوجودها كالعدم هذا إذا لم يقبل قوله في الإعسار أما إذا قبل كأن لزمه الدين لا في مقابلة مال كصداق الزوجة فإنه لا يعذر وكذا إذا ادعى الإعسار وعلم المدعي بإعساره وطلب يمينه على عدم علمه فرد عليه اليمين فالمتجه أنه يكون عذرا .
والغريم مأخوذ من الغرام وهو الدوام قال تعالى " إن عذابها كان غراما " فأطلقوه هنا لدوام الطلب ويطلق لغة على المدين والدائن وهو المراد هنا . " .
و " خوف " عقوبة " كتعزير لله تعالى أو لآدمي وقود وحد قذف مما يقبل العفو " يرجى تركها ( 1 / 236 ) إن تغيب أياما " يسكن فيها غيظ المستحق بخلاف ما لا يقبله كحد الزنا وكذا ما يقبل إذا لم يرج الترك لو تغيب وقد خرج ذلك بقوله يرجى تركها .
واستشكل الإمام جواز التغيب لمن عليه قصاص فإن موجبه كبيرة والتخفيف ينافيه .
وأجاب بأن العفو مندوب إليه والتغيب طريقه قال الأذرعي والإشكال أقوى .
تنبيه .
قال بعضهم يستفاد من تقييد الشيخين رجاء العفو بتغيبه أياما أن القصاص لو كان لصبي لم يجز التغيب لأن العفو إنما يكون بعد البلوغ فيؤدي إلى أن يترك الجمعة سنين .
وقال الأذرعي قولهما أيام لم أره إلا في كلامهما و الشافعي والأصحاب أطلقوا ويظهر الضبط بأنه ما دام يرجو العفو يجوز له التغيب فإن يئس أو غلب على ظنه عدم العفو حرم التغيب ا . ه " .
وهذا هو الظاهر ولذلك ترك ابن المقري هذا التقييد . " .
وعري " وإن وجد ما يستر عورته لأن عليه مشقة في خروجه بغير لباس يليق به كذا علله في المجموع .
ويؤخذ منه أن من اعتاد الخروج مع ستر العورة فقط أنه لا يكون معذورا عند فقد الزائد عليه وهو كذلك وأن من وجد ما لا يليق به كالقباء للفقيه كالمعدوم قال في المهمات وبه صرح بعضهم . " .
وتأهب لسفر " مباح يريده " مع رفقة ترحل " ويخاف من التخلف للجماعة على نفسه أو ماله أو يستوحش فقط للمشقة في التخلف عنهم " وأكل ذي ريح كريه " كبصل أو فجل أو ثوم أو كراث نيء لخبر الصحيحين من أكل بصلا أو ثوما أو كراثا فلا يقربن مسجدنا وفي رواية المساجد فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم زاد البخاري .
قال جابر ما أراه إلا نيئة وزاد الطبراني أو فجلا .
هذا إن تعسر زوال ريحه بغسل ومعالجة بخلاف ما إذا لم يتعسر أما المطبوخ فلا يعذر به كما صرح به في المحرر لزوال ريحه .
وكأن المصنف استغنى عن التصريح به بقوله كريه ولو ذكره لكان أوضح وأحسن إذ لا بد فيه من رائحة كريهة لكنها اغتفرت لقلتها .
ويؤخذ مما ذكر أنه يعذر بالبخر والصنان المستحكم بطريق الأولى قاله في المهمات .
وتوقف في الجذام والبرص والمتجه كما قال الزركشي أنه يعذر بهما لأن التأذي بهما أشد منه بأكل الثوم ونحوه قال وقد نقل القاضي عياض عن العلماء أن المجذوم والأبرص يمنعان من المسجد ومن صلاة الجمعة ومن اختلاطهما بالناس ودخول المسجد للذي أكل ما سبق مكروه كما في آخر شروط الصلاة من الروضة خلافا لما صرح به ابن المنذر وأشار إليه غيره من التحريم .
وصرح ابن حبان في صحيحه بأن المعذور بأكل هذه الأشياء للتداوي يعذر في الحضور وإطلاق الحديث وكلام الأصحاب يقتضي أنه لا فرق بين المعذور وغيره والمعنى وهو التأذي يدل عليه وهذا هو الظاهر . " .
وحضور " نحو " قريب " كزوجة ورقيق وصديق وصهر " محتضر " أي حضره الموت وإن كان له متعهد لما روى البخاري عن ابن عمر Bهما أنه ترك الجمعة وحضر عند قريبه سعيد بن زيد أحد العشرة لما أخبر أن الموت قد نزل به ولأنه يتألم بغيبته عنه أكثر مما يتألم بذهاب المال .
وألحق المحب الطبري بمن ذكر الأستاذ وقال الإسنوي ويتجه إلى إلحاق العتيق والمعتق بهم أيضا . " .
أو " حضور " مريض بلا متعهد " له لئلا يضيع سواء أكان قريبا أم أجنبيا إذا خاف هلاكه إن غاب عنه وكذا لو خاف عليه ضررا ظاهرا على الأصح . " .
أو يأنس " القريب أو نحوه كما في المحرر " به " وإن اقتضت عبارته أن الأنس عذر في القريب والأجنبي ولو قال وحضور قريب محتضر أو كان يأنس به أو مريض بلا متعهد لكان أولى .
وقال الشارح إن قوله أو مريض عطف على محتضر فيفوت الأجنبي الذي لا متعهد له مع أنه يعذر لأجله ولو كان المتعهد مشتغلا بشراء الأدوية مثلا عن الخدمة فكما لو لم يكن متعهد .
تتمة بقي من الأعذار السمن المفرط كما ذكره ابن حبان في صحيحه وروى فيه خبرا وكونه منها كما نقل عن الذخائر وزفاف زوجة في الصلوات الليلية كما سيأتي إن شاء الله تعالى في القسم وغلبة النعاس والنوم إن انتظر الجماعة والبحث عن ضالة يرجوها والسعي في استرداد مغصوب له أو لغيره .
قال الإسنوي وإنما يتجه جعل هذه الأمور أعذارا لمن لا يتأتى له إقامة الجماعة في بيته وإلا لم يسقط عنه طلبها لكراهة الانفراد للرجل وإن قلنا إنها سنة .
قال في المجموع ومعنى كونها أعذارا سقوط الإثم على قول الفرض والكراهة على قول السنة لا حصول فضلها .
ويوافقه جواب الجمهور ( 1 / 237 ) عن خبر مسلم سأل أعمى النبي A أن يرخص له في الصلاة في بيته لكونه لا قائد له فرخص له فلما ولى دعاه فقال هل تسمع النداء فقال نعم قال فأجب بأنه سأل هل له رخصة في الصلاة ببيته منفردا تلحقه بفضيلة من صلى جماعة فقيل لا وجزم الروياني بأنه يكون محصلا للجماعة إذا صلى منفردا وكان قصده الجماعة لولا العذر ونقله في الكفاية وأقره في البحر عن القفال وارتضاه وجزم به الماوردي و الغزالي .
ويدل له خبر أبي موسى .
إذا مرض العبد أو سافر كتب له من العمل ما كان يعمله صحيحا مقيما رواه البخاري .
وقال الإسنوي وما في المجموع من عدم حصول فضلها مردود سببه الذهول عما سبق نقلا واستدلالا .
وحمل بعضهم كلام المجموع على متعاطي السبب كأكل بصل وثوم وكلام هؤلاء على غيره كمطر ومرض وجعل حصولها كحصولها لمن حضرها لا من كل وجه لا بل في أصلها لئلا ينافيه خبر الأعمى وهو جمع حسن . "