الأصل فيها قبل الإجماع قوله تعالى " وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة " الآية .
أمر بها في الخوف ففي الأمن أولى والأخبار كخبر الصحيحين صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة وفي رواية بخمس وعشرين درجة قال في المجموع ولا منافاة لأن القليل لا ينفي الكثير أو أنه أخبر أولا بالقليل ثم أعلمه الله تعالى بزيادة الفضل فأخبر بها أو أن ذلك يختلف باختلاف أحوال المصلين .
ومكث A مدة مقامه بمكة ثلاث عشرة سنة يصلي بغير جماعة لأن الصحابة رضي الله تعالى عنهم كانوا مقهورين يصلون في بيوتهم فلما هاجر إلى المدينة أقام الجماعة وواظب عليها وانعقد الإجماع عليها .
وفي الإحياء عن أبي سليمان الداراني أنه قال لا يفوت أحد صلاة الجماعة إلا بذنب أذنبه قال وكان السلف يعزون أنفسهم ثلاثة أيام إذا فاتتهم التكبيرة الأولى وسبعة أيام إذا فاتتهم الجماعة .
وأقلها إمام ومأموم وسيأتي ما يدل على ذلك في مسألة الإعادة وذكر في المجموع في باب هيئة الجمعة أن من صلى في عشرة آلاف له سبع وعشرون درجة ومن صلى مع اثنين له ذلك لكن درجات الاول أكمل . " .
هي " أي الجماعة " في الفرائض " أي المكتوبات " غير الجمعة سنة مؤكدة " ولو للنساء للأحاديث السالفة .
وأما الجمعة فالجماعة فيها فرض عين كما سيأتي في بابها إن شاء الله تعالى وقوله غير بالنصب بمعنى إلا أعربت إعراب المستثنى وأضيفت إليه كما هو مذكور في علم النحو . " .
وقيل " هي " فرض كفاية للرجال " لقوله A ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الجماعة إلا استحوذ عليهم الشيطان أي غلب فعليك بالجماعة فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية رواه أبو داود والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم . " .
فتجب بحيث يظهر الشعار " أي شعار الجماعة بإقامتها بمحل " في القرية " الصغيرة وفي الكبيرة والبلد بمحال يظهر بها الشعار ويسقط الطلب بطائفة وإن قلت فلو أطبقوا على إقامتها في البيوت ولم يظهر بها شعار لم يسقط الفرض . " .
فإن امتنعوا كلهم " من إقامتها على ما ذكر " قوتلوا " أي قاتلهم الإمام أو نائبه دون آحاد الناس وهكذا لو تركها أهل محلة في القرية الكبيرة أو البلد وعلى السنة لا يقاتلون على الأصح . " .
ولا يتأكد الندب للنساء تأكده للرجال في الأصح " لمزيتهم عليهن قال تعالى " وللرجال عليهن درجة " والثاني نعم لعموم الأدلة فيكره تركها للرجال دون النساء على الأول وليست في حقهن فرضا جزما . " .
قلت الأصح المنصوص أنها فرض كفاية " لرجال أحرار مقيمين لا عراة في أداء مكتوبة ( 1 / 230 ) لخبر أبي داود والنسائي السابق فلا تجب على النساء كما مر ومثلهن الخناثى ولا على من فيه رق لاشتغالهم بخدمة السادة ولا على المسافرين كما جزم به في التحقيق وإن نقل السبكي وغيره عن نص الأم أنها تجب عليهم أيضا ولا على العراة بل هي والانفراد في حقهم سواء إلا أن يكونوا عميا أو في ظلمة فتستحب لهم ولا في مقضية خلف مقضية من نوعها بل تسن أما مقضية خلف مؤداة أو بالعكس أو خلف مقضية ليست من نوعها فلا تسن ولا في منذورة بل ولا تسن .
وليست الجماعة فرض عين لخبر الصحيحين السابق أول الباب فإن المفاضلة تقتضي جواز الانفراد وأهل البوادي الساكنين بها كغيرهم بخلاف الناجعين لرعي ونحوه . " .
وقيل " هي " فرض عين " عند اجتماع هذه الشروط وليست بشرط في صحة الصلاة كما في المجموع " والله أعلم " لحديث " إن أثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا و " لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلا فيصلي بالناس ثم انطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار رواه الشيخان .
وأجيب بأنه بدليل السياق ورد في قوم منافقين يتخلفون عن الجماعة ولا يصلون وبأنه A لم يحرقهم وإنما هم بتحريقهم .
فإن قلت لو لم يجز تحريقهم لما هم به .
أجيب بلعله هم بالاجتهاد ثم نزل وحي بالمنع أو تغير الاجتهاد ذكره في المجموع .
وبما تقرر علم ما في كلام المصنف من الإجحاف . " .
و " الجماعة " في المسجد لغير المرأة " ومثلها الخنثى " أفضل " منها في غير المسجد كالبيت وجماعة المرأة والخنثى في البيت أفضل منها في المسجد لخبر الصحيحين صلوا أيها الناس في بيوتكم فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة أي فهي في المسجد أفضل لأن المسجد مشتمل على الشرف والطهارة وإظهار الشعائر وكثرة الجماعة وقال A لا تمنعوا نساءكم المساجد وبيوتهن خير لهن رواه أبو داود وصححه الحاكم على شرط الشيخين .
ومثل النساء الخناثى .
ويكره لذوات الهيئات حضور المسجد مع الرجال ويكره للزوج والسيد والولي تمكينهن منه لما في الصحيحين عن عائشة رضي الله تعالى عنها لو أن رسول الله A رأى ما أحدث النساء لمنعهن المسجد كما منعت نساء بني إسرائيل ولخوف الفتنة أما غيرهن فلا يكره لهن ذلك .
ويندب لمن ذكر إذا استأذنه أن يأذن لهن إذا أمن المفسدة لخبر مسلم إذا استأذنتكم نساؤكم بالليل إلى المسجد فأذنوا لهن .
فإن لم يكن لهن زوج أو سيد أو ولي ووجدت شروط الحضور حرم المنع .
قال في المجموع قال الشافعي والأصحاب ويؤمر الصبي بحضور المساجد وجماعات الصلاة ليعتادها وتحصل فضيلة الجماعة للشخص بصلاته في بيته أو نحوه بزوجة أو ولد أو رقيق أو غير ذلك وأقلها اثنان كما مر . " .
وما كثر جمعه " من المساجد كما قاله الماوردي " أفضل " مما قل جمعه منها وكذا ما كثر جمعه من البيوت أفضل مما قل جمعه منها أي فالصلاة في الجماعة الكثيرة أفضل من الصلاة في الجماعة القليلة فيما ذكر .
قال A صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل وما كان أكثر فهو أحب إلى الله تعالى رواه أبو داود وغيره وصححه ابن حبان وغيره .
وقضية كلام الماوردي أن قليل الجمع في المسجد أفضل من كثيره في البيت وهو كذلك وإن نازع في ذلك الأذرعي بالقاعدة المشهورة وهي أن المحافظة على الفضيلة المتعلقة بالعبادة أولى من المحافظة على الفضيلة المتعلقة بمكانها لأن أصل الجماعة وجد في المسجد منفردا .
نعم لو كان إذا ذهب إلى المسجد وترك أهل بيته لصلوا فرادى أو لتهاونوا أو بعضهم في الصلاة أو لو صلى في بيته لصلى جماعة وإذا صلى في المسجد صلى وحده فصلاته في بيته أفضل .
والصلاة في المساجد الثلاثة وإن قلت الجماعة فيها أفضل منها في غيرها وإن كثرت بل قال المتولي الانفراد فيها أفضل من الجماعة في غيرها .
قال الأذرعي وتنازع فيه القاعدة السابقة وربما يقال القاعدة المذكورة أغلبية .
وأفتى الغزالي أنه لو كان إذا صلى منفردا خشع ولو صلى في جماعة لم يخشع فالانفراد أفضل وتبعه ابن عبد السلام قال الزركشي ( 1 / 231 ) والصواب بل المختار خلاف ما قالاه وهو كما قال . " .
إلا لبدعة إمام " كمعتزلي وقدري ورافضي أو كان فاسقا غير مبتدع أو كان لا يعتقد وجوب بعض الأركان أو الشروط من حنفي أو غيره " أو تعطل مسجد قريب " أو بعيد " لغيبته " عنه لكونه إمامه أو يحضر الناس بحضوره فقليل الجمع أفضل من كثيره في ذلك بل الانفراد كذلك في الأولى كما قاله الروياني ونقله في أصل الروضة عن أبي إسحاق المروزي لكن في مسألة الحنفي فقط ومثلها البقية بل أولى لكن قال السبكي كلامهم يشعر بأن الصلاة مع هؤلاء أفضل من الانفراد .
وبه جزم الدميري واعتمده شيخي ولتكثير الجماعات في المساجد في الثانية في المتن .
ويؤخذ من هذا التعليل أنه لا فرق في المسجد بين القريب والبعيد كما زدته ونبه عليه شيخنا .
ويستثنى أيضا صور قليل الجمع فيها أولى منها ما لو كان قليل الجمع يبادر إمامه بالصلاة في أول الوقت المحبوب فإن الصلاة معه أول الوقت أولى كما قاله في المجموع .
ومنها ما لو كان الإمام سريع القراءة والمأموم بطيئها لا يدرك معه الفاتحة قال الغزالي فالأولى أن يصلي خلف إمام بطيء القراءة .
ومنها ما لو كان قليل الجمع ليس في أرضه شبهة وكثير الجمع بخلافه لاستيلاء ظالم عليه فالسالم من ذلك أولى فإن استوى المسجدان في الجماعة فالأقرب مسافة لحرمة الجوار ثم انتفت فيه الشبهة من مال بانيه وواقفه ثم يتخير .
نعم إن سمع النداء مترتبا فينبغي كما قال الأذرعي أن يكون ذهابه إلى الأول أفضل لأن مؤذنه دعاه أولا . " .
وإدراك تكبيرة الإحرام " مع الإمام " فضيلة " لحديث رواه الترمذي عن أنس أن النبي A قال من صلى لله أربعين يوما في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتب له براءتان براءة من النار وبراءة من النفاق وهذا الحديث منقطع لكنه من الفضائل فيتسامح فيه وروي لكل شيء صفوة وصفوة الصلاة التكبيرة الأولى فحافظوا عليها رواه البزار من حديث أبي هريرة وأبي الدرداء مرفوعا . " .
وإنما تحصل بالاشتغال بالتحرم عقب تحرم إمامه " مع حضوره تكبيرة إحرامه لحديث الشيخين إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا والفاء للتعقيب فإبطاؤه بالمتابعة لوسوسة غير ظاهرة كما في المجموع عذر بلا خلاف ما لو أبطأ لغير وسوسة ولو لمصلحة الصلاة كالطهارة أو لم يحضر تكبيرة إحرام امامه أو لوسوسة ظاهرة وهذا موافق لقولهم إن الوسوسة في القراءة غير عذر في التخلف بتمام ركنين فعليين لطول زمنها . " .
وقيل " تحصل " بإدراك بعض القيام " لأنه محل التكبيرة الأولى . " .
وقيل بأول ركوع " لأن حكمه حكم قيامهما بدليل إدراك الركعة بإدراكه مع الإمام وهذان الوجهان فيمن لم يحضر إحرام الإمام فأما من حضره وأخر فقد فاتته فضيلة التكبيرة وإن أدرك الركعة حكاه في زيادة الروضة عن البسيط وأقره .
ولو خاف فوت التكبيرة لو لم يسرع لم يندب له الإسراع بل يمشي بسكينة كما لو لم يخف فوتها لخبر الصحيحين إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون وأتوها تمشون وعليكم السكينة والوقار فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا نعم لو ضاق الوقت وخشي فواته فليسرع كما لو خشي فوت الجمعة وكذا لو امتد الوقت وكانت لا تقوم إلا به ولو لم يسرع لتعطلت .
قاله الأذرعي أما لو خاف فوات الجماعة فالمنقول كما في المجموع وغيره أنه لا يسرع وإن كانت قضية كلام الرافعي وغيره أنه يسرع . " .
والأصح إدراك " فضيلة " الجماعة ما لم يسلم " الإمام وإن لم يقعد معه بأن انتهى سلامه عقب تحرمه وإن بدأ بالسلام قبله كما صرح به بعض المتأخرين لإدراكه ركنا معه لكنه دون فضل من يدركها من أولها ولأنه لم يدرك فضلها بذلك لمنع من الاقتداء لأنه يكون حينئذ زيادة بلا فائدة ولا يخفى أن محل ذلك كما قال الزركشي في غير الجمعة فإنها لا تدرك إلا بركعة كما سيأتي .
أما إذا سلم مع تحرمه بأن انتهى تحرم المأموم مع انتهاء سلام الإمام فلا تحصل له الجماعة بل تنعقد صلاته فرادى كما يؤخذ من كلام الإسنوي . "