" والنذر " بالمعجمة " كفرض " عيني " في الأظهر " لتعينه على الناذر فأشبه المكتوبة فليس له أن يجمعه مع فرض آخر مؤداة كانت أو مقضية بتيمم واحد . والثاني : لا لأنه واجب لعارض فلا يلحق بالفرض الأصلي فله ما ذكر .
ولو تعين على ذي حدث أكبر تعلم فاتحة أو حمل مصحف أو نحو ذلك كحائض انقطع حيضها وأراد الزوج وطأها وتيمم من ذكر لفريضة كان له أن يجمع ذلك معها خلافا لبعض المتأخرين من أنه كالمنذور . " .
والأصح صحة جنائز " أو جنازتين أو جنازة كما فهم بالأولى " مع فرض " بتيمم واحد وإن تعينت عليه بأن لم يحضر غيره لأنها ليست من جنس فرائض الأعيان فهي كالنفل في جواز الترك في الجملة وإنما تعين القيام ( 1 / 104 ) فيها مع القدرة لأن القيام قوامها لعدم الركوع والسجود فيها فتركه يمحق صورتها . والثاني : لا تصح لأنها فرض في الجملة والفرض بالفرض أشبه . والثالث : إن لم تتعين عليه صحت كالنفل وإن تعينت عليه فلا كالفرض .
تنبيه : .
قوله " مع فرض " مراده أنه إذا تيمم الفرض جاز له أن يصلي به ذلك الفرض ويصلي معه أيضا على جنائز . وتقدم أنه إذا تيمم لنافلة جاز له أن يصلي به الجنازة لأنها كالنفل كما مر وبعض المتأخرين فصل تفصيلا غريبا فقال : صلاة الجنازة رتبة متوسطة بين الفرائض والنوافل أي فيصلي بتيمم الفريضة الجنازة وبتيمم الجنازة النافلة ولا يصلي بتيمم النافلة الجنازة ولا بتيمم الجنازة الفريضة وهو ممنوع في الصورة الثالثة صحيح في الباقي . " .
و " الأصح وعبر في " الروضة " بالصحيح " أن من نسي إحدى الخمس " ولم يعلم عينها وجب عليه أن يصلي الخمس لتبرأ ذمته بيقين .
وإذا أراد صلاتهن بالتيمم " كفاه تيمم لهن " لأن المقصود بهن واحدة والباقي وسيلة .
ولو قدم لهن على تيمم لكان أولى لئلا يتوهم أنه إنما يكفيه تيمم إذا نوى به الخمس وليس مرادا بل المراد أنه إنما يتيمم تيمما واحدا للمنسية ويصلي به الخمس نبه على ذلك السبكي . وهو ظاهر إن علق لهن بتيمم فإن علق ب " كفاه " وهو أولى زال التوهم . والثاني : يجب خمس تيممات لوجوب الخمس .
ولو تردد هل ترك طواف فرض أو صلاة من الخمس صلى الخمس وطاف بتيمم واحد لما مر وقد علم من ذلك أن من نسي صلاة من الخمس أن ذمته لا تبرأ إلا بالجميع . وأغرب المزني فقال : ينوي الفائتة ويصلي أربع ركعات يجهر في الأوليين ويقعد في الثلاثة الأخيرة وحينئذ يكون آتيا بما عليه بيقين ويعذر في زيادة القعود وتردد النية للضرورة ويسجد للسهو لأجل ذلك ا . ه . وإنما قال يجهر في الأوليين لأن غالب الصلوات جهرية وغلطه الأصحاب في ذلك . " .
وإن نسي " منهن صلاتين وعلم كونهما " مختلفتين " كصبح وظهر سواء أعلم أنهما من يوم أو من يومين فإن شاء " صلى كل صلاة " منهن " بتيمم " فيصلي الخمس بخمس تيممات - وهذه طريقة ابن القاص - " وإن شاء تيمم مرتين وصلى بالأول " من التيممين " أربعا " .
وقوله : " ولاء " كالصبح والظهر والعصر والمغرب مثال لا شرط .
وقوله : " وبالثاني " من التيممين " أربعا ليس منها التي بدأ بها " شرط كالظهر والعصر والمغرب والعشاء فيبرأ بيقين لأن المنسيتين إما الصبح والظهر أو إحداهما مع إحدى الثلاث أو هما من الثلاث وعلى كل تقدير صلى كلا منهما بتيمم .
أما إذا كان منها التي بدأ بها كأن صلى الظهر والعصر والمغرب والصبح فلا يبرأ بيقين لجواز كون المنسيتين العشاء وواحدة غير الصبح فبالتيمم الأول تصح تلك الواحدة دون العشاء وبالثاني لم يصل العشاء وهذه طريقة ابن الحداد واستحسنها الأصحاب وفرعوا عليها ما زاد من المنسي . وفي ضبطها ثلاث عبارات : .
الأولى : ما ذكره المصنف ك " الحاوي الصغير " وهي أن يصلي بكل تيمم عدد غير المنسي وزيادة صلاة وبيانه في مثال المصنف أن غير المنسي ثلاثة لأن المنسي اثنتان ويزيد على الثلاثة واحدة ويصلي بكل تيمم أربعا .
الثانية : ما في " شرح الصغير " وهو أن يضرب المنسي في المنسي فيه وتزيد على الحاصل قدر المنسي ثم تضرب المنسي في نفسه وتسقط الحاصل من الجملة فالباقي عدد الصلوات وبيانه في مثال المصنف أن تضرب اثنين في خمسة يحصل عشرة تزيد على الحاصل اثنين ثم تضربهما فيهما يحصل أربعة تسقطها من الاثني عشر يبقى ثمانية . الثالثة : ما في " الشرح " و " الروضة " وهي أن يتيمم بعدد المنسي وتزيد على قدر المنسي فيه عددا لا ينقص عما يبقى من المنسي فيه بعد إسقاط المنسي وينقسم صحيحا على المنسي وبيانه في مثال المصنف أن المنسي صلاتان والمنسي فيه خمس تزيد عليها ثلاثا لأنها لا تنقص عما يبقى من الخمسة بعد إسقاط الاثنين بل تساويه .
وعلى العبارات كلها يشترط أن يترك في كل مرة ما بدأ به في المرة قبلها كما عرف . " .
أو " نسي صلاتين وعلم كونهما " متفقتين " ولم يعلم عينهما كظهرين " صلى الخمس مرتين بتيممين " فيصلي بكل تيمم الخمس ليخرج عن العهدة بيقين ولا يكونان ذلك إلا من يومين . وقيل : لا بد من عشر تيممات لكل صلاة تيمم فإن لم يعلم اتفاقهما ولا اختلافهما أخذ بالاتفاق احتياطا ولا يكفيه ما تقدم وهو ثمان صلوات لاحتمال أن الذي عليه صبحان أو عشاءان وقس ما زاد من المنسي على صلاتين على ذلك . وحاصله أنه يتيمم بعدد المنسي ويصلي بكل تيمم الخمس . ( 1 / 105 ) .
تنبيه : .
لو تذكر المنسية بعد ذلك لم تجب إعادتها كما صرح به الروياني ورجحه في " المجموع " من احتمالين ثانيهما تخريجه على ما لو ظن حدثا فتوضأ له ثم تيقنه ومقتضاه وجوب الإعادة وجزم به ابن الصلاح والمعتمد الأول . " .
ولا يتيمم لفرض قبل " دخول " وقت فعله " لقوله تعالى : ( إذا قمتم إلى الصلاة ) الآية والقيام إليها بعد دخول الوقت . خرج الوضوء بدليل فبقي التيمم ولأنها طهارة ضرورة فلا تباح إلا عند وقت الضرورة . وهو قبل الوقت غير مضرور إليها ولا بد من العلم بدخوله يقينا أو ظنا فلو تيمم شاكا فيه لم يصح وإن صادف الوقت كما في " زيادة الروضة " .
ويشترط أخذ التراب المقرون بالنية في الوقت أيضا فلو أخذه قبله ثم مسح به بعده لم يصح .
وشمل إطلاق الفرض الفائتة ووقتها بالتذكر لخبر الصحيحين : ( من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها ) ولو تذكر فائتة فتيمم لها ثم صلى به حاضرة أو عكسه أجزأه لأن التيمم قد صح لما قصده فصح أن يؤدى به غيره .
والمنذورة المتعلقة بوقت معين والجنازة ويدخل وقتها بانقضاء طهر الميت من غسل أو تيمم وإن لم يكفن لكن يكره التيمم لها قبل التكفين كما يؤخذ من كلام " المجموع " .
ولو مات شخص بعد أن تيمم لجنازة جاز له أن يصلى عليه بذلك التيمم لما مر .
ويدخل في الوقت ما تجمع فيه الثانية من وقت الأولى فلو تيمم للظهر فصلاها ثم تيمم للعصر ليجمعها معها صح فإن دخل وقت العصر قبل أن يصليها بطل الجمع لزوال التبعية . قال ابن المقري تبعا لأصله : وبطل التيمم لأنه وقع قبل الوقت ولم يذكره الرافعي بل كلامه يقتضي بقاءه .
وإن خرج الوقت حتى لو صلى به فريضة غيرها ونافلة صح قال الزركشي : وهو الصواب . والأولى ما جرى عليه ابن المقري لأن التيمم إنما صح تبعا على خلاف القياس وقد زالت التبعية بانحلال رابطة الجمع ولأن ذلك يستلزم أنه يستبيح بالتيمم غير ما نواه دون ما نواه وهو بعيد . ومقتضى هذا أنه لو لم يدخل وقت العصر ولكن بطل الجمع لطول الفصل مثلا أنه يبطل .
ولو تيمم مريد تأخر الظهر للعصر في وقت العصر صح أو في وقت الظهر صح أيضا لأنه وقتها بالأصالة بخلاف ما لو تيمم فيه للعصر لم يصح لأن وقتها لم يدخل .
ولو نوى مقصورة ثم أراد تامة أو نوى الصبح ثم أراد الظهر مثلا جاز كما في فتاوى البغوي .
ولو تيمم لمؤداة في أول وقتها وصلاها به في آخره أو بعده جاز .
ولو تيمم غير الخطيب للجمعة بعد دخول الوقت وقبل الخطبة وقال الترمذي : قضية إطلاقهم أنه لا يصح والظاهر أنه أخذه من قولهم : " ولا يتيمم لفرض قبل وقت فعله " ومقتضى ما تقدم - من أنه يصح تيممه قبل الستر وقبل الاجتهاد في القبلة - الصحة وهو الظاهر . وكذا لو تيمم الخطيب أو غيره قبل تمام الأربعين الذين تنعقد بهم الجمعة . وإنما لم يصح التيمم قبل زوال النجاسة عن البدن للتضمخ بها مع كون التيمم طهارة ضعيفة لا لكون زوالها شرطا للصلاة وإلا لم يصح التيمم قبل زوالها عن الثوب والمكان . " .
وكذا النفل المؤقت " كالرواتب مع الفرائض وغيرها لا يتيمم له قبل وقته " في الأصح " المنصوص لما ذكر في الفرض . وأوقات النفل المؤقت معروفة في أبوابها . ووقت صلاة الاستسقاء إن صليت جماعة فوقتها بالاجتماع وإلا فمن أراد صلاتها تيمم لها عند إرادة فعلها . ووقت التحية بدخول المسجد . والثاني : يصح ذلك قبل دخول الوقت لأن أمره أوسع ولهذا جاز الجمع بين نوافل بتيمم واحد . والتعبير بالأصح يقتضي قوة الخلاف والذي رجحه في أصل الروضة طريقة القطع بالمنع فقال : على المذهب وقيل : وجهان . واحترز بالمؤقت عن النوافل المطلقة فيتيمم لها متى شاء إلا في وقت الكراهة فلا يصح تيممه لها . قال الزركشي : وينبغي أن يكون هذا فيما إذا تيمم في وقتها ليصلي في وقتها فلو تيمم فيه ليصلي مطلقا وفي غيره فلا ينبغي منعه وهو مرادهم بلا شك . ويؤخذ منه ما قاله شيخنا : أنه لو تيمم في غير وقت الكراهة ليصلي به فيه لم يصح . قال بعض المتأخرين : ولك أن تقول أي وقت شاء فهو وقت المطلقة فساوت المؤقتة إذ لم يتيمم أيضا إلا في وقتها