" وتندب " للمتيمم ولو محدثا حدثا أكبر " التسمية " أوله كالوضوء والغسل " ومسح وجهه ويديه بضربتين " لورودهما في الأخبار مع الاكتفاء بالضربة إذا حصل بها التعميم لحديث عمار السابق ولأن المقصود إنما هو إيصال التراب وقد حصل . " قلت : الأصح المنصوص وجوب ضربتين وإن أمكن بضربة بخرقة ونحوها " بأن يأخذ خرقة كبيرة فيضرب بها ثم يمسح ببعضها وجهه وببعضها يديه . " والله أعلم " لخبر الحاكم : ( التيمم ضربتان ضربة للوجه وضربة لليدين ) . وروى أبو داود : ( أنه A تيمم بضربتين مسح بإحداهما وجهه وبأخرى ذراعيه ) لكن الأول موقوف على ابن عمر والثاني فيه راو ليس بالقوي عند المحدثين ذكره في " المجموع " . ومع هذا صحح وجوب الضربتين وقال : إنه المعروف من مذهب الشافعي أي لأن الاستيعاب غالبا لا يتأتى بدونهما فأشبها ( 1 / 100 ) الأحجار الثلاثة في الاستنجاء ولأن الزيادة جائزة بالاتفاق بل قيل : يستحب ثلاث ضربات لكل عضو ضربة فلو جاز أيضا النقصان لم يبق للتقييد بالعدد فائدة . فإن قيل في حديث عمار أنه A قال له : ( إنما كان يكفيك أن تقول بيديك هكذا ) ثم ضرب بيديه الأرض ضربة واحدة ثم نفضهما ثم مسح الشمال على اليمين وظاهر كفيه ووجهه رواه الشيخان .
أجيب : بأن المراد بيان صورة الضرب للتعليم لا بيان جميع ما يحصل به التيمم . قال الزركشي : ولا يخفى ضعفه .
وتكره الزيادة - كما قاله المحاملي و ابن المقري - على مرتين أي إن حصل الاستيعاب بهما وإلا لم تكره بل تجب وظاهر عبارة المصنف أنه لو ضرب بنحو خرقة ضربة ومسح بها وجهه ويديه إلا جزءا منهما أو من أحدهما كأصبع ثم ضرب ضربة أخرى ومسح بها ذلك الجزء أنه يكفي لوجود الضربتين وظاهر الحديث المتقدم يخالفه ولا يتعين الضرب فلو وضع يديه على تراب ناعم وعلق بهما غبار كفى فسقط ما قيل إنه يشكل على وجوب ضربتين تصحيح جواز التمعك بالتراب . " .
ويقدم " ندبا " يمينه " على يساره " وأعلى وجهه " على أسفله كما في الوضوء . وقيل : يبدأ بأسفله ثم يستعلي . وفارق الوضوء لأن الماء ينحدر بطبعه فيعم الوجه والتراب لا يجري إلا بإمراره باليد فيبدأ بأسفل وجهه ليقل ما يحصل في أعلاه من الغبار فيكون أسلم لعينيه . وقال في " المجموع " : ظاهر عبارة الجمهور أنه لا استحباب في البداءة بشيء من الوجه دون شيء ا . ه . وأسقط المصنف من " المحرر " ذكر كيفية التيمم المشهورة من غير تنبيه عليها في " الدقائق " وهي كما في " المجموع " مستحبة وإن قال ابن الرفعة : إنها غير مستحبة لأنه لم يثبت فيها شيء لأن من حفظ شيئا حجة على من لم يحفظ . وصورتها أن يضع بطون أصابع اليسرى سوى الإبهام على ظهر أصابع اليمنى سوى الإبهام بحيث لا تخرج أنامل اليمنى عن مسبحة اليسرى ولا مسبحة اليمنى عن أنامل اليسرى ويمرها على ظهر كفه اليمنى فإذا بلغ الكوع ضم أطراف أصابعه إلى حرف الذراع ويمرها إلى المرفق ثم يدير بطن كفه إلى بطن الذراع فيمرها عليه رافعا إبهامه فإذا بلغ الكوع أمر إبهام اليسرى على إبهام اليمنى ثم يفعل باليسرى كذلك ثم يمسح إحدى الراحتين بالأخرى ويمر التراب على العضو كالوضوء وخروجا من خلاف من أوجبه . " ويخفف الغبار " من كفيه أو ما يقوم مقامهما إن كان كثيرا بالنفض أو النفخ بحيث يبقى قدر الحاجة لخبر عمار وغيره ولئلا تتشوه به خلقته . أما مسح التراب من أعضاء التيمم فالأحب أن لا يفعله حتى يفرغ من الصلاة كما نص عليه في " الأم " . " .
وموالاة التيمم كالوضوء " فيأتي فيه القولان لأن كلا منهما طهارة عن حدث . وإذا اعتبرنا هناك الجفاف اعتبرناه هنا أيضا بتقديره ماء .
وتسن الموالاة أيضا بين التيمم والصلاة خروجا من خلاف من أوجبها .
وتجب الموالاة بقسميها في تيمم دائم الحدث كما تجب في وضوئه تخفيفا للمانع لأن الحدث يتكرر وهو مستغن عنه بالموالاة . وهذه الصورة داخلة في عبارة المصنف فإنه شبه التيمم بالوضوء . " قلت : وكذا الغسل " أي تسن موالاته كالوضوء . " .
ويندب " أن لا يرفع اليد الماسحة عن عضو قبل تمامه مسحا خروجا من خلاف من أوجبه لأن الباقي بالماسحة يصير بالفصل مستعملا .
ورد : بأن المستعمل هو الباقي بالممسوحة وأما الباقي بالماسحة ففي حكم التراب الذي تضرب عليه اليد مرتين .
ويسن " تفريق أصابعه أولا " أي أول الضرب في الضربتين . أما في الأولى فلزيادة إثارة الغبار باختلاف مواقع الأصابع إذا تفرقت وأما في الثانية فليستغني بالواصل عن المسح بما على الكف .
فإن قيل : يلزم على التفريق في الأولى عدم صحة تيممه بمنع الغبار الحاصل فيها بين الأصابع وصول الغبار في الثانية . أجيب : بأنه لو اقتصر على التفريق في الأولى أجزأه لعدم وجوب ترتيب النقل كما مر فحصول التراب الثاني إن لم يزد الأول قوة لم ينقصه وأيضا الغبار على المحل لا يمنع المسح بدليل أن من غشيه غبار السفر لا يكلف نفضه للتيمم كما ذكره الرافعي . وقول البغوي : " يكلف نفض التراب " محمول على تراب يمنع وصول التراب إلى المحل كما قاله شيخنا : يندب تخليل أصابعه بعد مسح اليدين احتياطا .
ويجب أن لا يفرق أصابعه في الثانية لأن ما وصل إليه قبل مسح الوجه غير معتد به في حصول المسح .
ويندب مسح إحدى ( 1 / 101 ) الراحتين بالأخرى - كما مر - عند الفراغ من مسح الذراعين وإنما لم يجب لأن فرضهما تأدى بضربهما بعد مسح الوجه . وإنما جاز مسح الذراعين بترابهما لعدم انفصاله وللحاجة إذ لا يمكن مسح الذراع بكفها فصار كنقل الماء من بعض العضو إلى بعضه كما قاله في " المجموع " قال شيخنا : وينبغي أن يكون مراده بنقل الماء تقاذفه الذي يغلب كما عبر به الرافعي وهو مراده بلا شك . " .
ويجب نزع خاتمه في الثانية " ليصل التراب إلى محله ولا يكفي تحريكه " والله أعلم " وهذا بخلاف الوضوء لأن التراب كثيف لا يسري إلى ما تحت الخاتم بخلاف الماء . وأفهم أنه لا يجب في الأولى وهو كذلك بل هو مستحب ليكون مسح جميع الوجه باليد اتباعا للسنة .
وإيجاب النزع إنما هو عند المسح لا عند النقل وإن كان ظاهر عبارته الثاني . وإيجابه ليس لعينه بل لإيصال التراب إلى ما تحته لأنه لا يتأتى غالبا إلا بالنزع فإن فرض وصوله إلى ما تحته لوسعه مثلا لم يجب نزعه .
والخاتم بفتح التاء وكسرها قال تعالى : ( وخاتم النبيين ) قرئ بفتح التاء وكسرها .
ويقال فيه خاتام وخيتام وختم بفتح الأول والثاني وختام على وزن كتاب .
ويسن عدم تكرار المسح لأن المطلوب فيه تخفيف التراب وأن يأتي بالشهادتين عقبه وأن يستقبل القبلة كالوضوء فيهما .
ولو مسح وجهه بيده النجسة لم يجز كالمسح عليها كما لا يصح غسلها عن الحدث مع بقاء النجاسة ولأن التيمم لإباحة الصلاة ولا إباحة مع المانع فأشبه التيمم قبل الوقت وتقدم في آداب الخلاء وجوب تقديم الاستنجاء على التيمم ويجب أيضا تقديم إزالة نجس بباقي البدن كما صححه في " التحقيق " في باب الاستنجاء وهو المفتى به فإنه المنصوص في " الأم " .
ولو تنجس بدنه بعد أن تيمم لم يبطل تيممه . ويصح تيمم العريان ولو كان قادرا على السترة والتيمم قبل الاجتهاد في القبلة قال في " التحقيق " : كتيمم من عليه نجاسة ونقله في " الروضة " وغيرها عن الروياني وقضيته عدم الصحة ويفرق بينه وبين الصحة مع العري بأن الستر أخف من معرفة القبلة بدليل صحة الصلاة مع العري بلا إعادة بخلافها مع عدم معرفة القبلة هذا والأوجه الصحة كصحته قبل الستر .
ويفارق إزالة النجاسة أنه أخف منها ولهذا تصح صلاة من صلى أربع ركعات لأربع جهات بالاجتهاد بلا إعادة بخلاف إزالة النجاسة . والتشبيه المذكور لا يستلزم اتحاد المشبه والمشبه به في الترجيح