باب اختلاف المتبايعين وهلاك المبيع .
إذا اختلف المتبايعان في مقدار الثمن ولم تكن بينة تحالفا لما روى ابن عباس Bه أن رسول الله ( ص ) قال : [ لو أن الناس أعطوا بدعاويهم لادعى الناس من الناس دماء ناس وأموالهم لكن اليمين على المدعى عليه ] فجعل اليمين على المدعى عليه والبائع مدعى عليه بيع بألف والمشتري مدعى عليه بيع بألفين فوجب أن يكون على كل واحد منهما اليمين لأن كل واحد منهما مدعى عليه ولا بينة فتحالفا كما لو ادعى رجل على رجل دينارا وادعى الآخر على المدعى درهما .
فصل : قال الشافعي C في البيوع يبدأ بيمين البائع وقال في الصداق إذا اختلف الزوجان يبدأ بيمين الزوج كالمشتري وقال في الدعوى والبينات إن بدأ بالبائع خير المشتري وإن بدأ بالمشتري خير البائع وهذا يدل على أنه مخير بين أن يبدأ بالبائع وبين أن يبدأ بالمشتري فمن أصحابنا من قال فيها ثلاثة أقوال : أحدهما يبدأ بالمشتري لأن جنبته أقوى لأن المبيع على ملكه فكان بالبداية أولى والثاني يبدأ بمن شاء منهما لأنه لا مزية لأحدهما على الآخر في الدعوى فتساويا كما لو تداعيا شيئا في يديهما والثالث أن يبدأ بالبائع وهو الصحيح لما روى ابن مسعود Bه أن النبي ( ص ) قال : [ إذا اختلف البيعان فالقول ما قال البائع والمبتاع بالخيار ] فبدأ بالبائع ثم خير المبتاع ولأن جنيته أقوى لأنه إذا تحالفا رجع المبيع إليه فكانت البداية به أولى ومن أصحابنا من قال هي على قول واحد أنه يبدأ بالبائع ويخالف الزوج في الصداق لأن جنبته أقوى من جنبة الزوجة لأن البضع بعد التحالف على ملك الزوج فكان بالتقديم أولى وها هنا جنبة البائع أقوى لأن المبيع بعد التحالف على ملك موضع اجتهاد فقال إن حلف الحاكم البائع باجتهاده خير المشتري وإن حلف المشتري خير البائع .
فصل : ويجب أن يجمع كل واحد منهما في اليمين بين النفي والإثبات لأنه يدعي عقدا وينكر عقدا فوجب أن يحلف عليهما ويجب أن يقدم النفي على الإثبات وقال أبو سعيد الإصطخري : يقدم الإثبات على النفي كما قدمنا الإثبات على النفي في اللعان والمذهب الأول لأن الأصل في اليمين أن يبدأ بالنفي وهي يمين المدعي عليه فوجب أن يبدأ ههنا أيضا بالنفي ويخالف اللعان فإنه لا أصل له في البداية بالنفي وهل تجمع بين النفي والإثبات بيمين واحدة أم لا ؟ فيه وجهان : أحدهما يجمع بينهما بيمين واحدة وهو المنصوص في الأم لأنه أقرب إلى فصل القضاء فعلى هذا يحلف البائع إنه لم يبع بألف ولقد باع بألفين ويحلف المشتري ما إنه اشترى بألفين ولقد اشترى بألف فإن نكل المشتري قضى للبائع وإن حلف فقد تحالفا والثاني أن يفرد النفي بيمين والإثبات بيمين لأنه دعوى عقد وإنكار فافتقر إلى يمينين ولأنا إذا جمعنا بينهما بيمين واحدة حلفنا البائع على الإثبات قبل نكول المشتري عن يمين النفي وذلك لا يجوز فعلى هذا يحلف البائع أنه ما باع بألفين فإن نكل المشتري حلف البائع أنه باع بألفين وقضى له فإن حلف المشتري حلف البائع أنه باع بألفين ثم يحلف المشتري أنه ابتاع بألف فإن نكل قضى للبائع وإن حلف فقد تحالفا .
فصل : وإذا تحالفا وجب فسخ البيع لأنه لا يمكن إمضاء العقد مع التحالف وهل ينفسخ بنفس التحالف أم لا ؟ فيه وجهان : أحدهما أنه ينفسخ بنفس التحالف كما ينفسخ النكاح في اللعان بنفس التحالف ولأن بالتحالف صار الثمن مجهولا والبيع لا يثبت مع جهالة العوض فوجب أن ينفسخ والثاني أنه لا ينفسخ إلا بالفسخ بعد التحالف وهو المنصوص لأن العقد في الباطن صحيح لأنه وقع على ثمن معلوم فلا ينفسخ بتحالفهما ولأن البينة أقوى من اليمين ثم لو أقام كل واحد منهما بينة على ما يدعيه لم ينفسخ البيع فلأن لا ينفسخ باليمين أولى وفي الذي يفسخه وجهان : أحدهما أنه يفسخه الحاكم لأنه مجتهد فيه فافتقر إلى الحاكم كفسخ النكاح بالعيب والثاني أنه ينفسخ بالمتعاقدين لأنه فسخ لاستدراك الظلامة فصح من المتبايعين كالرد بالعيب .
فصل : وإذا فسخ أو انفسخ فهل ينفسخ ظاهرا وباطنا أم لا ؟ فيه ثلاثة أوجه : أحدهما ينفسخ ظاهرا وباطنا لأنه فسخ بالتحالف فوقع ظاهرا وباطنا كفسخ النكاح باللعان ولأنه فسخ بيع لاستدراك الظلامة فصح ظاهرا أو باطنا كالرد بالعيب والثاني أنه ينفسخ في الظاهر دون الباطن لأن سبب الفسخ هو الجهل بالثمن والثمن معلوم في الباطن مجهول في الظاهر فلما اختصت الجهالة بالظاهر دون الباطن اختص البطلان بالظاهر دون الباطن والثالث أنه إن كان البائع هو الظالم وقع الفسخ في الظاهر دون الباطن لأنه يمكنه أن يصدق المشتري ويأخذ منه الثمن ويسلم إليه المبيع فإذا لم يفعل كان ممتنعا من تسليم المبيع بظلم فلم ينفسخ البيع وإن كان البائع مظلوما انفسخ ظاهرا وباطنا لأنه تعذر عليه أخذ الثمن ووجد عين ماله فجاز له أن يفسخ ويأخذ عين ماله كما لو أفلس المشتري ووجد البائع عين ماله فإن قلنا إن الفسخ يقع في الظاهر والباطن عاد المبيع إلى ملك البائع وإلى تصرفه وإن قلنا إن الفسخ في الظاهر دون الباطن نظرت فإن كان البائع هو الظالم لم يجز له قبض المبيع والتصرف فيه بل يلزمه أن يأخذ ما أقر به المشتري من الثمن ويسلم المبيع إليه وإن كان مظلوما لم يجز له التصرف في المبيع بالوطء والهبة لأنه على ملك المشتري ولكن يستحق البائع الثمن في ذمة المشتري و لا يقدر على أخذه منه فيبيع من المبيع بقدر حقه كما تقول فيمن له على رجل دين لا يقدر على أخذه منه ووجد شيئا من ماله .
فصل : وإن اختلفا في الثمن بعد هلاك السلعة في يد المشتري تحالفا وفسخ البيع بينهما لأن التحالف يثبت لرفع الضرر واستدراك الظلامة وهذا المعنى موجود بعد هلاك السلعة فوجب أن يثبت التحالف فإذا تحالفا رجع بقيمته ومتى تعتبر قيمته فيه وجهان : أحدهما تجب قيمته يوم التلف والثاني تجب قيمته أكثر ما كانت من يوم القبض إلى يوم التلف وقد ذكرنا دليل الوجهين في هلاك السلعة في البيع الفاسد فإن زادت القيمة على ما ادعاه البائع من الثمن وجب ذلك وحكي عن أبي علي بن خيران أنه قال : ما زاد على الثمن لا يجب لأن البائع لا يدعيه فلم يجب كما لو أقر لرجل بما لا يدعيه والمذهب الأول لأنه بالفسخ سقط اعتبار السلعة فالقول قول المشتري لأنه غارم فكان القول قوله كالغاصب فإن تقايلا أو وجد بالمبيع عيبا فرده واختلفا في الثمن فقال البائع الثمن ألف وقال المشتري الثمن ألفان فالقول قول البائع لأن البيع قد انفسخ والمشتري مدع والبائع منكر فكان القول قوله .
فصل : وإن مات المتبايعان فاختلف ورثتهما تحالفوا لأنه يمين في المال فقام الوارث فيها مقام الموروث كاليمين في دعوى المال وإن كان البيع بين وكيلين واختلفا في الثمن ففيه وجهان : أحدهما يتحالفان لأنهما عاقدان فتحالفا كالمالكين والثاني لا يتحالفان لأن اليمين تعرض حتى يخاف الظالم منهما فيرجع والوكيل إذا أقر ثم رجع لم يقبل رجوعه فلا تثبت اليمين في حقه .
فصل : وإن اختلف المتبايعان في قدر المبيع تحالفا لما ذكرنا في الثمن وإن اختلفا في عين المبيع يأن قال البائع بعتك هذا العبد بألف وقال المشتري بل اشتريت هذه الجارية بألف ففيه وجهان : أحدهما يتحالفان لأن كل واحد منهما يدعي عقدا ينكره الآخر فأشبه إذا اختلفا في قدر المبيع والثاني أنهما لايتحالفا بل يحلف البائع أنه ما باعه الجارية ويحلف المشتري أنه ما اشترى العبد وهو اختيار الشيخ أبي حامد الأسفرايني C لأنهما اختلفا في أصل العقد في العبد والجارية فكان القول فيه قول من ينكر كما لوادعى أحدهما على الآخر عبد والآخر جارية من غير عقد فإن أقام البائع بينة أنه باعه العبد وجب على المشتري الثمن فإن كان العبد في يده أقر في يده وإن كان في يد البائع ففيه وجهان : أحدهما يجبر المشتري على قبضه لأن البينة قد شهدت له بالملك والثاني لا يجبر لأن البينة شهدت له بما لا يدعيه فلم يسلم إليه فعلى هذا يسلم إلى الحاكم ليحفظه .
فصل : وإن اختلفا في شرط الخيار أو الأجل أو الرهن أو في قدرها تحالفا لما ذكرناه في الثمن فإن اختلفا في شرط يفسد البيع ففيه وجهان بناء على القولين في شرط الخيار في الكفالة : أحدهما أن القول قول من يدعي الصحة لأن الأصل عدم ما يفسد والثاني أن القول من يدعي الفساد لأن الأصل عدم العقد فكان القول قول من يدعي ذلك فإن اختلفا في الصرف بعد التفرق فقال أحدهما تفرقنا قبل القبض وقال الآخر تفرقنا بعد القبض ففيه وجهان : أحدهما أن القول قول من يدعي التفرق قبل القبض لأن الأصل عدم القبض والثاني أن القول قول من يدعي التفرق بعد القبض لأن الأصل صحة العقد وإن اختلفا بعد التفرق فقال أحدهما تفرقنا عن تراض وقال الآخر تفرقنا عن فسخ البيع ففيه وجهان : أحدهما أن القول قول من يدعي التراضي لأن الأصل عدم الفسخ وبقاء العقد والثاني أن القول قول من يدعي الفسخ لأن الأصل عدم اللزوم ومنع المشتري من التصرف فأما إذا اختلفنا في عيب المبيع ومثله يجوز أن يحدث فقال البائع عندك حدث العيب وقال المشتري بل حدث عندك فالقول قول البائع لأن الأصل عدم العيب فإن اختلفا في المردود بالعيب فقال المشتري هو المبيع وقال البائع الذي بعتك غير هذا فالقول قول البائع لأن الأصل سلامة المبيع وبقاء العقد فكان القول قوله فإن اشترى عبدين فتلف أحدهما ووجد بالآخر عيبا فرده وقلنا إنه يجوز أن يرد أحدهما واختلفا في قيمة التآلف ففيه قولان : أحدهما وهو الصحيح أن القول قول البائع لأنه ملك جميع الثمن فلا يزال ملكه إلا عن القدر الذي يقربه كالمشتري والشفيع إذا اختلفا في الثمن فإن القول قول المشتري لأنه ملك الشقص فلايزال إلا بما يقربه والثاني أن القول قول المشتري لأنه كالغارم فكان القول قوله فإن باعه عشرة أقفزة من صبرة وسلمها بالكيل فادعى المشتري أنها دون حقه ففيه قولان : أحدهما أن القول قول المشتري لأن الأصل أنه لم يقبض جميعه والثاني أن القول قول البائع لأن العادة فيمن يقبض حقه بالكيل أن يستوفي جميعه فجعل القول قول البائع .
فصل : إذا باعه سلعة بثمن في الذمة ثم اختلفا فقال البائع لا أسلم المبيع حتى أقبض الثمن وقال المشتري لا أسلم الثمن حتى أقبض المبيع فقد اختلف أصحابنا فيه فمنهم من قال فيه ثلاثة أقوال : أحدهما يجبر البائع على إحضار المبيع والمشتري على إحضار الثمن ثم يسلم إلى كل واحد منهما ما له دفعة واحدة لأن التسليم واجب على كل واحد منهما فإذا امتنعا أجبرا كما لو كان لأحدهما على الآخر دراهم وللآخر عليه دنانير والثاني لا يجبر واحد منهما بل يقال من يسلم منكما ما عليه أجبر الآخر على تسليم ما عليه لأن على كل واحد منهما حقا في مقابلة حق له فإذا تمانعا لم يجبر واحد منهما كما لو نكل المدعي عليه فردت اليمين على المدعي فنكل والثالث أنه يجبر البائع على تسليم المبيع ثم يجبر المشتري وهو الصحيح لأن حق المشتري متعلق بعين وحق البائع في الذمة فقدم ما تعلق بعين كأرش الجناية مع غيرها من الديون ولأن البائع يتصرف في الثمن في الذمة فوجب أن يجبر البائع على التسليم ليتصرف المشتري في المبيع ومن أصحابنا من قال المسألة على قول واحد وهو أن يجبر البائع على تسليم المبيع كما ذكرناه وما سواه من الأقوال ذكره الشافعي عن غيره ولم يختره فعلى هذا ينظر فيه فإن كان المشتري موسرا نظرت فإن كان ماله حاضرا أجبر على تسليمه في الحال وإن كان في داره أو دكانه حجر عليه في المبيع وفي سائر أمواله إلى أن يدفع الثمن لأنه إذا لم يحجر عليه لم نأمن أن يتصرف فيه فيضر بالبائع وإن كان غائبا منه على مسافة يقصر فيها الصلاة فللبائع أن يفسخ البيع ويرجع إلى عين ماله لأن عليه ضررا في تأخير الثمن فجاز له الرجوع إلى عين ماله كما لو أفلس المشتري وإن كان على مسافة لا تقصر فيها الصلاة ففيه وجهان : أحدهما ليس له أن يختار عين ماله لأنه في حكم الحاضر والثاني له أن يختار عين ماله لأنه يخاف عليه الهلاك فيما قرب كما يخاف عليه فيما بعد وإن كان المشتري معسرا ففيه وجهان : أحدهما تباع السلعة ويقضى دينه من ثمنها والمنصوص أنه يرجع إلى عين ماله لأنه تعذر الثمن بالإعسار فثبت له الرجوع إلى عين ماله كما لو أفلس بالثمن وإن كان الثمن معينا ففيه قولان : أحدهما يجبران والثاني لا يجبر واحد منهما ويقسط القول الثالث أنه يجبر البائع لأن الثمن المعين كالمبيع في تعلق الحق بالعين والمنع من التصرف فيه قبل القبض .
فصل : وإن باع من رجل عينا فأحضر المشتري نصف الثمن ففيه وجهان : أحدهما لا يجبر البائع على تسليم شيء من المبيع لأنه محبوس بدين فلا يسلم شيء منه بحضور بعد الدين كالرهن والثاني أنه يجبر على تسليم نصف المبيع لأن كل واحد منهما عوض عن الآخر وكل جزء من المبيع في مقابلة جزء من الثمن فإذا سلم بعض الثمن وجب تسليم ما في مقابلته ويخالف الرهن في الدين فإن الرهن ليس بعوض من الدين وإنما هو وثيقة به فجاز له حبسه إلى أن يستوفي جميع الدين وإن باع من اثنين عبدا بثمن فأحضر أحدهما نصف الثمن وجب تسليم حصته إليه لأنه أحضر جميع ما عليه من الثمن فوجب تسليم ما في مقابلته من المبيع كما لو اشترى عينا وأحضر ثمنها والله أعلم .
فصل : إذا تلف المبيع في يد البائع قبل التسليم لم يخل إما أن يكون ثمرة أو غيرها فإن كان غير الثمرة نطرت فإن كان تلفه بآفة سماوية انفسخ البيع لأنه فات التسليم المستحق بالعقد فانفسخ البيع كما لو اصطرفا وتفرقا قبل القبض فإن كان المبيع عبدا فذهبت يده بآكلة فالمبتاع بالخيار بين أن يرد وبين أن يمسك فإن اختار الرد رجع بجميع الثمن وإن اختار الإمساك أمسك بجميع الثمن لأن الثمن لا ينقسم على الأعضاء فلم يسقط بتلفها شيء من الثمن وإن أتلفه أجنبي ففيه قولان : أحدهما أنه ينفسخ البيع لأنه فات التسليم المستحق بالعقد فانفسخ البيع كما لو تلف بآفة سماوية والثاني أن المشتري بالخيار بين أن يفسخ العقد ويرجع بالثمن وبين أن يقر البيع ويرجع عن الأجنبي بالقيمة لأن القيمة عوض عن المبيع فقامت مقامه في القبض فإن كان عبدا فقطع الأجنبي يده فهو بالخيار بين أن يفسخ ويرجع بالثمن وبين أن يجيزه ويرجع على الجاني بنصف قيمته فإن أتلفه البائع ففيه طريقان : قال أبو العباس فيه قولان كالأجنبي وقال أكثر أصحابنا ينفسخ قولا واحدا لأنه لا يمكن الرجوع على البائع بالقيمة لأن المبيع مضمون عليه بالثمن فلا يجوز أن يكون مضمونا عليه بالقيمة بخلاف الأجنبي فإن المبيع غير مضمون عليه بالثمن فجاز أن يضمنه بالقيمة فإن كان عبدا فقطع البائع يده ففيه وجهان : قال أبو العباس المبتاع بالخيار إن شاء فسخ البيع ورجع بالثمن وإن شاء أجازه ورجع على البائع بنصف القيمة وقال أكثر أصحابنا هو بالخيار إن شاء فسخ البيع وإن شاء أجازه ولا شيء له لأنه جزء من المبيع فلا يضمنه البائع بالقيمة قبل القبض كما لو ذهب بآكلة فإن أتلفه المشتري استقر عليه الثمن لأن الإتلاف كالقبض ولهذا لو أعتقه جعل إعتاقه كالقبض فكذلك إذا أتلفه فإن كان عبدا فقطع يده لم يجز له أن يفسخ لأنه نقص بفعله إن اندمل ثم تلف في يد البائع رجع البائع على المشتري بأرش النقص فيقوم مع اليد ويقوم بلا يد ثم يرجع بما نقص من الثمن ولا يرجع بما نقص من القيمة لأن المبيع مضمون على المشتري بالثمن فلا يجوز أن يرجع عليه بما نقص من القيمة وإن كان المبيع ثمرة فإن كان على الأرض فهو كغيره من الثمار وقد بيناه وإن كانت على الشجر نظرت فإن تلفت قبل التخلية فهي كغير الثمرة إذا هلك قبل أن يقبض وقد بيناه فإن تلفت بعد التخلية ففيه قولان : أحدهما أنها تتلف من ضمان المشتري لأن التخلية قبض يتعلق به جواز التصرف فدخل في ضمانه كالنقل فيما ينقل والثاني أنها تتلف من ضمان البائع لما روى جابر Bه أن النبي ( ص ) قال : [ إن بعت من أخيك تمرا فأصابته جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئا بم تأخذ مال أخيك بغير حق ] وروى جابر أيضا أن النبي ( ص ) أمر بوضع الجوائح فإن قلنا بهذا فاختلفا في الهالك فقال البائع الثلث وقال المشتري النصف فالقول قول البائع لأن الأصل عدم الهلاك وإن بلغت الثمار وقت الجداد فلم ينقل حتى هلكت كان هلاكها من ضمان المشتري لأنه وجب عليه النقل فلم يلزم البائع ضمانها والله أعلم